يُعدّ القياس الدقيق للكميات الفيزيائية مثل الزمن والطاقة والمجالات الكهربائية والمغناطيسية عاملًا محوريًا للعلوم والتكنولوجيا الحديثة، بدءًا من فحوصات تصوير الدماغ وانتهاءً بملاحة المركبات الفضائية. ففي المستشفيات على سبيل المثال، تعتمد أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي في المستشفيات على رصد المجالات المغناطيسية، بينما يُسهم الاستشعار الدقيق للتسارعات في مجالات مثل التعدين أو استكشاف الفضاء في تحسين القدرة على التنقل وفهم البيئات غير المألوفة.
فيكتور مونتينيغرو
يحمل فيكتور مونتينيجرو، من جامعة خليفة، درجة الدكتوراه في الفيزياء. وبعيدًا عن عمله الأكاديمي، يمارس الدكتور فيكتور عزف الغيتار كهواية ولديه اهتمام بالتصوير الفوتوغرافي والقراءة في مجالات متنوعة.
واليوم، تدفع موجة جديدة من الأدوات فائقة الحساسية، وهي المستشعرات الكمية، هذه القدرات إلى آفاق أبعد. وبفضل الخصائص الغريبة ولكنها قوية لعلم الفيزياء الكمية، يمكن لهذه المستشعرات أن ترصد تغيرات دقيقة جدًا في البيئة المحيطة بدقة غير مسبوقة. ونتيجة لذلك، أصبحت هذه المستشعرات محورًا رئيسًا في البحوث العلمية الحديثة.
تتمثل أبسط نقطة انطلاق للمستشعرات الكمية في قياس كمية مجهولة واحدة فقط، كالمجال المغناطيسي أو الزمن، مع الافتراض أن جميع العوامل الأخرى معروفة وتحت السيطرة. ولا يقتصر هذا التنظيم المثالي على الشكل فحسب، بل يتيح للأجهزة الكمّية دفع حدود الدقة إلى أقصاها. إلا أن الواقع بعيد عن هذا السيناريو المثالي، حيث توجد هناك ، في العديد من الحالات العملية، العديد من العوامل المجهولة في نفس الوقت. ويعد هذا التحدي الأكثر صعوبة، ويسمى الاستشعار الكمي متعدد المعايير، الذي يزيد من صعوبة الأمور، سواء في تصميم المستشعرات الكمية نفسها أو في تقييم أدائها ومدى فاعليتها.
يستخدم العلماء أداة رياضية فعالة تسمى “مصفوفة معلومات فيشر”، وهي طريقة لقياس كمية المعلومات المفيدة التي يجمعها المستشعر الكمّي. وبشكلٍ عام، كلما كانت قيمة معلومات فيشر أكبر، زادت دقة تقدير المتغير المعني. ولكن توجد هناك مشكلة، حيث يمكن في بعض الأحيان أن تصبح هذه المصفوفة مفردة، ما يعني أنه لا يمكن استخدامها لتقدير المعايير على الإطلاق، وهذا يجعل عملية القياس مستحيلة. يحدث هذا التعطل للعديد من الأسباب منها، اختيار قياسات غير مناسبة أو أن المعايير التي ظننا أنها مستقلة في الحقيقة مرتبطة ومتشابكة داخل النظام الكمّي.
يتيح هذا النهج الجديد، على عكس طرق الاستشعار التقليدية التي تتمثل بطرح نفس السؤال مرارًا وتكرارًا
قام فريقي في كلية الحوسبة وعلوم الرياضيات بجامعة خليفة، بالتعاون مع باحثين من جامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية في الصين، بالتصدي لهذه المشكلة في مجال الاستشعار الكمي: ماذا نفعل عندما تتعطل مصفوفة المعلومات؟ ما هو الحل الذي توصلنا إليه؟ توصلنا لفكرة بسيطة لكنها فعالة، وهي أن نقيس النظام عدة مرات متتالية، بدلاً من قياسه مرة واحدة فقط.
تُعرَف هذه الفكرة باسم استراتيجية القياس المتسلسل، وهي لا تتطلب سوى تتبع آلية تغير النتائج خطوة بخطوة، وتعمل حتى عند مراقبة جزء صغير فقط من النظام. ويتيح هذا النهج الجديد، على عكس طرق الاستشعار التقليدية التي تتمثل بطرح نفس السؤال مرارًا وتكرارًا، طرح أسئلة مختلفة بشكل متسلسل، ما يمكّن من تعلّم أكثر من آلية استجابة النظام مع مرور الوقت.
يعتمد كل قياس على القياس السابق له، لذلك تبدأ الروابط الخفية بين النتائج في الظهور، حيث تساهم هذه الترابطات في فك تشابك المتغيرات المجهولة وحل مشكلة تفرد مصفوفة المعلومات، وكل ذلك دون إضافة تعقيدات كبيرة. ووفقًا لذلك، تعتبر هذه الاستراتيجية جديدة وغير تقليدية تفتح الباب أمام استشعار كمي أكثر ذكاءً وكفاءة.
اختبر الفريق هذه الاستراتيجية على نظامين كميين مختلفين لإثبات مدى فعالية هذه الاستراتيجية من الناحية العلمية. وظهرت النتائج بعد ذلك بشكل، حيث يعمل هذا النهج الاستشعاري التسلسلي عبر مجموعة واسعة من الأنظمة مع الحفاظ على متطلبات تجريبية منخفضة، ومع ذلك فإنه يُقدم تقديرات عالية الدقة.
يمكن قراءة البحث عبر هذا الرابط.