من مخلفات إلى مواد قيّمة

قد تتطلب وظيفتي اليومية التعامل مع أمور غير مرغوب فيها، حيث أسعى إلى تطوير  هياكل أنسجة غير خلوية يمكن الاستفادة منها في إنتاج أنسجة اصطناعية حيوية. ويُقصد بمصطلح “غير خلوية” خلوّ تلك الأنسجة من الخلايا التي تعتبر وحدات بناء أساسية لهياكل الأنسجة.

لذلك، تتضمن هذه العلمية التخلص من الخلايا لنحصل على الهياكل ونقوم بعدها بزراعة الأنسجة الاصطناعية الحيوية. ويمكن تشبيه ذلك بالانتقال من الشقة وتفريغها من جميع قطع الأثاث باستثناء الجدران.

لا نقوم بذلك فقط من أجل المتعة، علمًا بأن الأمر ممتع بالنسبة لي، وإنما يمكننا أن نستفيد من هذه الهياكل الخالية من الخلايا بالعديد من الطرق تشمل زراعة الأعضاء واستخدامها كأجهزة لتخزين الطاقة. هل تعرف كم حجم دماغ الجمل وأعضائه الداخلية؟ تستطيع أعضاؤه الكبيرة استيعاب كميات كبيرة من الطاقة.

يرجع سبب اختيار الإبل على وجه الخصوص إلى أننا لا ننتج هذه الأنسجة من البشر، حيث قرر فريقي تطبيق فكرة إعادة استخدام مخلفات المسالخ كبديل لها، لا سيما أن معظم الحيوانات التي تُذبح في دولة الإمارات على الأقل، هي الأبقار والأغنام والماعز والجمال.

بيتر كوريدون

 

ولا يُعد استخدام مخلفات المسالخ لإنشاء منتجات ذات قيمة مضافة فكرة جديدة، فقد درست الكثير من البحوث عملية صنع المواد الحيوية والأسمدة والغاز الحيوي والأعلاف، لكننا من بين الأوائل الذين فكّروا في استخدام مخلفات الأغذية الزراعية هذه زراعة الأعضاء وفي نماذج استخراج الطاقة لا نقترح هنا القيام بعمليات الزرع المباشر، حيث لن يستفيد أحد من استخدام عيون الأغنام أو كليتها، كما لن تتسع جمجمتك لدماغ الجمل. لذلك، يمكننا الاستفادة من نفايات الحيوانات عن طريق تجزئة أعضائها لنصل للهياكل ومن ثم استخدامها في بناء أنسجة بشرية خاصة بالمريض.

تنتج المسالخ مليارات الأطنان من المخلّفات التي يجب التخلص منها أو إعادة تدويرها بتكلفة كبيرة غالبًا. ويمكن أن يساهم تحويل بعض هذه المخلفات إلى أنسجة وأعضاء اصطناعية حيوية لتمهيد الطريق أمام جهود القطاع الصناعي التي تدفع بدورها عجلة الاستدامة الاقتصادية الحيوية الدائرية وتدعم احتياجات الرعاية الصحية في آنٍ واحد. الجدير بالذكر أن عدد الأشخاص الذين ينتظرون القيام بعمليات زراعة للأعضاء يفوق عدد الأعضاء المتوفرة.

ليس من السهل صنع أعضاء قابلة للزرع باستخدام قطع حيوانية لأنه يجب مراعاة العديد من الأمور مثل محاكاة هياكل الأنسجة الأصلية والتوافق الحيوي وسلامة الزرع من الناحية الأخلاقية. لكن نظريًا، يجب أن أكون قادرًا على إزالة الخلايا من كلية الإبل وأخذ بعض الخلايا الجذعية الخاصة بك وزراعة وحدات الكلى الوظيفية الخاصة بك في هياكل أعضاء الإبل التي يمكن أن يتقبلها جسمك نتيجة التقدم في تكنولوجيات تعديل الجينات مثل “كريسبر”، وهو نظام تحرير جيني يُستخدم في البيولوجيا الجزيئية لتحرير الجينات وتعديلها. ولا تزال عمليات البحث والتطوير جارية في هذا الصدد.

ونقوم أيضًا في الوقت الحالي بتطوير فكرة أخرى هي حُزم بطاريات الأعضاء الحيوية.

لم يكن اقتراحي مصيبًا في استخدام أدمغة الجمل لتخزين البطاريات، حيث أننا نقوم باستخدام العظام في الواقع، كما قد يكون استخدام مسمى جمجمة الجمل أكثر دقة.

تمتلك أجهزة تخزين الطاقة قدرات أعلى بكثير من أنظمة البطاريات التقليدية، إضافة لمعدلات الشحن والتفريغ السريعة والمقاومات الداخلية المنخفضة، حيث يمكن أن تكون أنظمة تخزين طاقة رائعة، خاصة في الأجهزة الطبية القابلة للزرع كأجهزة تنظيم ضربات القلب أو الأعضاء المزروعة الذكية.

تُصنع هياكل أجهزة تخزين الطاقة من مواد كربونية مسامية نظرًا للمساحات العالية لسطحها وتوافرها وتوصيلها للكهرباء وتكلفتها المنخفضة، ويمكننا صنع هذه المواد الكربونية من منتجات المخلفات الحيوية للأغذية الزراعية، حيث تساهم بقايا عظام الحيوانات في صنع أقطابٍ كهربائية فعالة ويمكن أن يشكّل استخدام بقايا المسالخ مصدرًا متجددًا ومستدامًا للكربون في حال توافق ذلك مع مبدأ الأشخاص النباتيين.

ستواصل المسالخ إنتاج المخلفات الحيوية مع استمرار إقبال الأفراد على أكل اللحوم  في جميع أنحاء العالم. ويستفيد بحثنا من هذا الأمر بطريقة إيجابية من خلال الاستفادة من كل جزءٍ من مخلفات الحيوانات.

بيتر كوريدون هو عضو في قسم الهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة خليفة وحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء الحيوية الطبية والتصوير الجزيئي الحيوي من كلية الطب بجامعة إنديانا.

تكنولوجيا الإضاءة تحت الماء تمكن الشعاب المرجانية من التعايش

<طور الباحثون في جامعة ولاية أوهايو وجامعة هاواي إضاءة ذاتية قابلة للبرمجة تحت الماء وتساهم في جذب الكائنات البحرية الصغيرة التي تعد مصدر غذاء هام للشعاب المرجانية.

وأطلق الباحثون على الإضاءة الجديدة اسم “مصفوفة الضوء لتعزيز مصدر الغذاء تحت الماء”. وقد نجحت الإضاءة بشكل كبير في تحسين مستويات توفير مصدر الغذاء، وفقًا لنتائج اختبارات أُجرِيَت على نوعين من الشعاب الأصلية في هاواي، ما أدى إلى ارتفاع معدلات إطعام كلٍ من الشعاب السليمة والتي تعرضت للتبييض .

تواجه الشعاب المرجانية أخطارًا متزايدة نتيجة التغير المناخي، كما يؤدي الإجهاد الحراري إلى إضعاف قدرتها على البقاء. ويمكن للضوء أن يحسن مستويات مرونة الشعاب المرجانية ويعزز جهود استعادتها، وذلك بتزويدها بمصدر غذائي مستقر. ونُشِرَت نتائج الدراسة في مجلة “ليمنولوجي أند أوشيانوغرافي: ميثودز“، المتخصصة في العلوم المائية.

الشمبانزي يُجيد تواصله مع البشر عند حاجة الفرد

يمتلك الشمبانزي قدرة تتيح له معرفة ما قد لا يعرفه الإنسان ويُغير في تواصله بناءً على ذلك، وذلك وفقًا “لنتائج دراسة جديدة منشورة في مجلة الأكاديمية الأميركية الوطنية للعلوم “بي إن إي إس

أجرى باحثون من جامعة جون هوبكنز دراسة تضمنت جلوس ذكور الشمبانزي في مواجهة أحد الأشخاص، ويقوم شخص آخر بوضع جائزة أسفل أحد الكؤوس الثلاثة، حيث يتمكن الشمبانزي دائمًا من رؤية مكان وجود الجائزة ولم يتمكن الإنسان من معرفة ذلك.

عندما أدرك الشمبانزي أن الشخص الذي واجهه لم يعلم، أشار بكل وضوح إلى الكأس الصحيح. يشير هذا السلوك إلى أن الشمبانزي يحظى بفهم أساسي لما لا يدركه الآخرون ويمكن أن يستفيد من ذلك في مساعدة الإنسان وتوجيه بعض التفاعلات. وتتعارض هذه النتائج مع المعتقدات القديمة التي كانت تعتبر صحيحة منذ زمن طويل وهي أن الحيوانات، كالقرود، لا يمكنها التواصل بالطريقة التي يمتلكها البشرة، حيث توضح هذه الدراسة أن الشمبانزي يمتلك إدراك اجتماعي متطور وأكثر مرونة مما كان يُعتَقَد سابقًا.

أهمية تتبع المصدر

تضم المياه المتجمدة المحيطة بقارة أنتاركتيكا شريطًا بحريًا يبلغ طوله 10 كيلومترات، لونه بني مائل إلى الحُمرة ويطفو بامتداده سرب هائل يتكون من ملايين الأطنان من الكريل، وهو أحد الكائنات الحية القشرية يشبه الجمبري ويتغذى على العوالق النباتية. وتشير تقديرات الصندوق العالمي للطبيعة إلى أنه يتجاوز عدد الكريل ما مجموعه 700 تريليون تعيش في نطاق تمتد مساحته إلى 32 مليون كيلومتر مربع داخل القارة القطبية الجنوبية. ولكن برغم ارتفاع العدد، إلا إنه ليس كافيًا لحماية الكريل من المخاطر.

ويُعَد الكريل في القارة القطبية الجنوبية ضحية أخرى من ضحايا التأثيرات الناجمة عن الاحتباس الحراري في المحيطات وفقدان الجليد البحري، كما يواجه الكريل مزيدًا من المخاطر ناتجة عن حموضة المحيطات وصناعة صيده.

برزت صناعة صيد الكريل كقطاع اقتصادي حيوي، خاصة في إنتاج مكملات أوميغا-3 الغذائية وإطعام الأحياء المائية. ويتميز الكريل بأنه غذاء هام لعدد كبير من الأحياء المائية في القارة القطبية الجنوبية تشمل الأسماك والحيتان والفقمات والبطاريق، الأمر الذي يؤكد الحاجة لتطبيق مجموعة من إجراءات التتبع الفعالة لممارسات الصيد.

ويمكن أن تساهم إجراءات التتبع في ضمان الاستدامة والسلامة البيئية في المياه القطبية الجنوبية. ويعتبر تطبيق أنظمة قوية لتتبع صيد الكريل أمرًا ضروريًا لتعزيز الامتثال لمناهج الحفاظ على البيئة التي وضعتها المؤسسات الدولية كهيئة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا ومجلس الإشراف البحري.


يمكننا على هذا النحو أن نتتبع أصل الزيت المستخرج من الكريل الذي صدناه في أنتاركتيكا

 اكير بيومارين –


ووفقًا لما ذكرته شركة “أكير بيومارين” المتخصصة في صيد الكريل على موقعها الشبكي: “يجري صيد الكريل لأغراض تجارية في أنتاركتيكا، خاصة في “المنطقة 44″ التي يتم تنظيمها من قبل هيئة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا. وتصيد كافة شركات صيد الكريل مجتمعًة نسبة 0.3 بالمئة فقط من الكتلة الحيوية للكريل في المنطقة 48”.

صُمِّمَت هذه التدابير للحيلولة دون حدوث الصيد المفرط وتقليل الأثر البيئي الناجم عن الصيد إلى أدنى حدٍ ممكن. ويتعين على المؤسسات المعنية ضمان أسس صيد الكريل وتحمل مسؤولية ذلك والالتزام بالحصص والمناطق المحمية من خلال تتبع مصدره ومساره وطرق معالجته، ما يقلل من خطر التوازن البيئي.

وأضافت شركة “أكير بيومارين” على موقعها الشبكي: “يعتبر من المهم جدًا معرفة المصادر التي تأتي منها السلع المتداولة عالميًا. تقوم سفن صيد الكريل التابعة لنا بتسجيل الموقع المحدد لكل عملية صيد والتي تقترن بكل كمية زيت كريل يجري إنتاجها من حصيلة هذه العملية. ويمكننا على هذا النحو أن نتتبع أصل الزيت المستخرج من الكريل الذي صدناه في أنتاركتيكا”.

وتوجد شركة أخرى لصيد الكريل، وهي شركة “ريمفروست” والتي تصيده لإنتاج مكملات أوميغا-3. وتسجل الشركة بيانات عمليات الصيد التي تُجريها إلكترونيًا بواسطة قمر صناعي بصفة يومية وترسلها إلى كلٍ من السلطات النرويجية (وفقًا للمتطلبات النرويجية المفروضة على شركة نرويجية) وهيئة حفظ الموارد البحرية الحية في أنتاركتيكا. وذكرت الشركة: “نعلم دومًا في الزمن الفعلي كمية الكريل التي صدناها ومكان وتوقيت الصيد. يمكن تتبع آثار كافة منتجاتنا والوصول إلى إحداثيات نظام التموضع العالمي لموقع الصيد وتحديد الوقت الذي جرى فيه بدقة”.

وكتب فرانسيسكو ألدون، الرئيس التنفيذي لشركة مارين تراست: “يعتبر التتبع حلًا، وتعتبر التكنولوجيات مهمة”. وأضاف: “ويشكل توحيد المقاييس عنصرًا أساسياً في البيانات”.

الروبوتات المائية

في عالم يفتقر إلى المواد الغذائية الغنية بالعناصر الهامة، تُعَد الزراعة المائية فكرة ناجحة.

ليس الأمر جديدًا، حيث يستزرع البشر المأكولات البحرية منذ آلاف السنين. وفي السنوات الأخيرة، توسعت الزراعة المائية إلى أحواض على الأرض وبدأ المزارعون يربون فيها الأسماك والمأكولات البحرية الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، تشغل تلك الأحواض على نحوٍ متزايد حيزًا كبيرًا من الأرض وتؤدي إلى تفاقم الصراع على المياه والموارد النادرة الأخرى.

أدى ذلك إلى تفكير المزارعين في الاستفادة من البحر الذي يتميز بالحيز الوفير والمياه والعناصر الغذائية الأخرى المجانية، إلا أن الزراعة البحرية، وهي فئة جزئية متفرعة من الزراعة المائية في البحار المفتوحة، تشكل تحديات إضافية.

تراث إماراتي

قد تساهم الروبوتات في نقل تقنيات الصيد الإماراتية التقليدية إلى المستقبل. اقرأ المزيد›››

قال الأستاذ الدكتور لاكمال سينيفيراتني أنه يمكن الاستفادة من الروبوتات، والتي يقوم بتطويرها هو وفريقه البحثي في جامعة خليفة، في مجال تنظيف وإصلاح الحظرة، وهي فخ لصيد السمك يوضع على الشاطئ في وضع عمودي، والقرقور، وهو أيضًا من معدات الصيد البحري التقليدية والمنسوجة من سعف النخيل بشكل نصف دائري. ‹‹‹ اقرأ أقل

تعتمد تربية الأحياء البحرية التقليدية على عمل يدوي كثيف لتنظيف البيئة وإصلاحها ورصد الأحوال وفحص الشبكات ورعاية النباتات والحيوانات التي يجري تربيتها كي تُطرَح للبيع في الأسواق البشرية. ويُعد هذا النوع من العمل اليدوي باهظ الكُلفة، إذ يتطلب غواصين تجاريين مُدرَّبين قادرين على تحمل ما هو فوق طاقتهم بشكل متواصل في ظل توسع عمليات الزراعة المائية. ويمكن أيضًا أن تشكل تربية الأحياء البحرية خطرًا كبيرًا على حياة أولئك الغواصين، خاصةً أن المزارع تتحرك وتنتقل إلى مياه أشد عمقًا وخطورة.

ويمكن أن تشكل تربية الأحياء البحرية أيضًا تهديدًا للبيئة وتنشر الأمراض والمضادات الحيوية والطفيليات أو تسمح للسمك المُستَزرَع بالهرب والتأثير سلبًا على أنواع الكائنات البحرية الأصلية.

وتعتقد إيليني كيلاسيدي، وهي باحثة أولى في “سينتف”، والتي تُعَد واحدة من أكبر المؤسسات البحثية المستقلة في أوروبا، يمكن أن تكون الروبوتات حلًا مشتركًا لجميع القضايا.
لكن، قد يكون وضع الروبوت في المياه المفتوحة تحديًا أكبر من وضعه على الأرض.

وتعلق إيليني أنه من المهم ألَّا تسبب الأنظمة ذاتية التحكم ضررّا للسمك المُستَزرَع.

وترى إيليني أن هذا الأمر يُعَد اعتبارًا أخلاقيًا واقتصاديًا، حيث قالت: “يتمثل الاعتبار الأخلاقي في عدم التسبب في ضرر لأي كائن حي”. وأضافت: “أما الجانب الاقتصادي، فيتمثل في أن السمك هو ربح هذا القطاع الصناعي”.

السمك السعيد

تحظى إيليني وفريقها البحثي بإمكانية الوصول إلى مزارع الأسماك على نطاق صناعي والاستفادة من القصوى من مرافقها البحثية لبحث آلية تأثير الروبوتات في الأسماك باستخدام معدات مصممة أصلًا لصناعة النفط والغاز. ويقوم أعضاء الفريق باختبار النُّظُم لرصد كيفية أدائها لوظائفها ومشاهدة طريقة تفاعل السمك مع الألوان والأصوات والأضواء المختلفة، على سبيل المثال. ويتمثل الهدف من هذه البحوث هو معرفة العوامل التي تؤثر في حالة السمك وضمان توافر مخزون من الأسماك السليمة وبالتالي تحقيق أرباح أفضل.

وقالت إيليني: “يوجد تحد آخر يواجهه الباحثون وهو صُنع المركبات التي يمكن تشغيلها عن بُعد”.
وأشارت إلى أن البشر يقومون في الوقت الراهن بالعديد من مهام الزراعة المائية على السطح باستخدام آلات يجري تشغيلها عن بُعد”.

وأضافت: “تكمن مهمتنا في إيقاف الاعتماد على البشر لتمكين الأنظمة الروبوتية البحرية من تشغيل نفسها وفهم بيئات تلك الروبوتات والتأكد من عدم اصطدامها بالمباني”.

“مجال هام”

تُعَد الأنظمة المائية ذاتية التشغيل قضية يعمل عليها الأستاذ دكتور لاكمال سينيفيراتني، مدير مركز الروبوتات والأنظمة ذاتية التحكم في جامعة خليفة، وهو متفائل حيال نتائج عمله.

CAPTION: الروبوتات المائية من جامعة خليفة

وقال الدكتور لاكمال: “تعتبر الروبوتات التي تعمل تحت الماء مجال في غاية الأهمية”. وأشار إلى أن الماء يستأثر بنسبة 70% من مساحة الأرض، إلا أن البشر لم يكتشفوا سوى 5 بالمائة فقط من ذلك.

ويعمل الدكتور لاكمال وفريقه أيضًا على روبوتات زراعية برية، “كالكلاب” التي يمكنها أن تخطو بخفة بين صفوف المحاصيل و”الأيدي” التي يمكنها أن تلتقط الفاكهة الناضجة برفق والروبوتات التي تسير على سكك حديدية والتي تتنقل إلى أعلى وأسفل في الحقول لمراقبة النباتات بشكل منفصل لرصد علامات إصابتها بالأمراض ومدى جاهزية المحصول للحصاد.

ولكن تفرض زراعة المحيطات مجموعة مختلفة من التحديات على الأنظمة ذاتية التحكم.

وأعرب الدكتور لاكمال عن قلقه حيال تلك التحديات، وهو نفس القلق الذي تشعر به إيليني، وقال: “المشكلة ليست في أن الزراعة المائية تجري في مياه بالغة العمق، ولكن في (الحفاظ على) الملاحة والتحكم”.

لا تعمل أنظمة التموضع العالمي تحت سطح الماء ويتعين أن تكون الروبوتات قادرة على الملاحة في خِضَم التيارات والأمواج من دون أن تسبب في الضرر لبعضها البعض أو للمباني الخاصة بالمزارع المائية.

وأضاف الدكتور لاكمال: “تُعَد الكاميرات التي تلتقط الصور والأنظمة الذكية التي تعزز وضوح تلك الصور وتحللها من الأهمية بمكان للتعامل مع هذه الظروف”.

البحث في الطبيعة

لا تعتبر القدرة على رؤية البيئة البحرية في الأعماق إلا جزءًا من المشكلة التي تواجه الروبوتات المتخصصة في تربية الأحياء المائية، حيث تمثل المشكلة الأخرى القدرة على التحكم بالآلات. لذا، يسعى الباحثون إلى البحث في أشكال الحياة المتأقلمة في البيئات البحرية. وبرغم من أن المحاكاة الحيوية ليست مُصمَّمَة للزراعة المائية على وجه التحديد، إلا أنها قادرة على إثبات فائدتها للزراعة في المحيطات. ومن ضمن الأفكار في هذا الشأن:

فرص وتحديات الزراعة المائية

بينما ينمو عدد سكان العالم ويفرض التغير المناخي مزيدًا من الضغوط على الزراعة الأرضية التقليدية، يمكن للزراعة المائية المستدامة أن تقوم بدور رئيس، بحسب رأي الدكتور نافيد نابي، وهو أستاذ مساعد في جامعة تشانديغار. Read more›››

وقال نافيد: “إذا كان الأمن الغذائي بمثابة مسألة تثير قلق حقيقي في الوقت الراهن، فقد لعبت الزراعة المائية دورًا رئيسًا في التخفيف من حدة هذه الأزمة، إذ توفر حوالي 178 مليون طن من الغذاء، أي ما يعادل 20,2 كيلوغرام للفرد مخصصة للاستهلاك الآدمي”. وأضاف: “لا تضيف الزراعة المائية مرونة إلى النظام الغذائي العالمي من خلال تحسين مستوى الكفاءة في استخدام الموارد فحسب، وإنما من خلال تنويع النباتات المُستَزرَعَة أيضًا”.

ويحذر نافيد من أن السمك المُستَزرِع يشكل تحديات للبيئة تتضمن هروب السمك وهو ما يضر بالأنواع الأصلية وانتشار الأمراض والطفيليات.
وتوجد مشاكل أخرى تتعلق بالإثراء الغذائي، وتعني أن تُصبح المياه محمَّلة بكميات زائدة عن الحاجة من العناصر الغذائية، وهو ما يؤدي إلى ازدهار الطحالب المُميتة والمضادات الحيوية في البيئة من خلال الطعام غير المستَهلَك أو مخلفات السمك، والمخاطر المقترنة بالطفيليات.
>‹‹‹ اقرأ أقل

وقد طرح فريق من جامعتي هارفارد وساوث كارولينا الروبوت ذي الزعانف في عام 2021، حيث يستخدم هذا الروبوت أربعة زعانف قابلة للتحكم بشكل مستقل.

وفي عام 2023، نشر فريق من جامعة جيجيانغ بالصين نتائج روبوت قراد البحر، الذي صمموه على غرار قراد البحر، وهو كائن بحري من القشريات الصغيرة المعروف بقدراته على الهروب من الحيوانات المفترسة بالقفزات السريعة المتلاحقة. ويقول أعضاء الفريق أن الروبوت الذي صمموه كان قادرًا على القفز خارج الماء والهبوط على منصة أرضية صغيرة وبث البيانات، ثم القفز مجدَّدًا إلى الماء مرة أخرى.

وفي جامعة خليفة، سنجد أن باحثيها لديهم أفكار أخرى في هذا الصدد.

وقال فيديريكو ريندا، والذي يرأس الفريق البحثي: “بالنظر إلى الكائنات المائية، فسنجد أن حيوانات عديدة قد طورت أجسام مرنة أو لينة تمامًا لتحسين قدراتها على السباحة وقابليتها للتأقلم مع العالم المعقد تحت الماء”. وأضاف: “يستطيع الأخطبوط، على سبيل المثال، ضغط جسمه للاختباء في فتحات صغيرة للهروب أو لاصطياد فرائسه، بينما طور قنديل البحر استراتيجية التحرك الأكثر كفاءة على الإطلاق. ويستمد فريقي البحثي فكرته من المخلوقات اللينة لبناء روبوتات جديدة تحت الماء تمتلك القدرة على محاكاة هذه الوظائف مع الفهم المبادئ الفيزيائية الحاكمة لها في الوقت نفسه”.

ويحاكي أحد تصاميم جامعة خليفة سوطيات الخلايا الأحادية، وهي تركيبات على شكل أسواط تحرك لبكتيريا خلال السائل لحل مشكلة أخرى مع الروبوتات تحت الماء وهي أن العديد منها مقيَّد بأربطة. وبينما تتيح هذه الأربطة للآلات إمكانية تشغيلها من السطح، يمكن أيضًا جعلها متشابكة مع بعضها البعض.
قال فيديريكو: “طورنا مؤخرًا روبوت تحت الماء غير مقيَّد وعلى غرار الكائنات الدقيقة ذات الأسواط، ويتميز بقدرته على التحرك بكفاءة وأمان في نطاق قريب من مستوطنات الكائنات الحساسة تحت الماء”. وأضاف: “علاوة على ذلك، يمكن استخدام كل سوط كذراع قابضة لتقوم بالدوران والدفع إلى الأمام وأداء الوظائف المتكررة والمتعددة، وهو ما يمكنه أن يؤدي إلى تبسيط كبير في تنفيذ العمليات تحت الماء”.

وقامت جامعة خليفة بإنشاء حوض يضم أمواجًا اصطناعية تحاكي التيارات الطبيعية بهدف اختبار قدرة الروبوتات على الملاحة في المياه المتقلبة. واستخدم أسامة خطيب من جامعة ستانفورد مؤخرًا هذا الحوض في تشغيل أوشن وان، وهو روبوت شبيه بالإنسان مُصمَّم لأداء تلك المهام كرصد الشعاب المرجانية ومناطق النفط البحرية من خلال تحركاته.

تطمح إيليني بمشاهدة الروبوتات وهي تحل محل الغواصين البشريين، لكن في نفس الوقت يمتلك الدكتور لاكمال رؤية مختلفة، حيث يتوقع أن تتيح الروبوتات للغواصين البشر إمكانية الغوص لمسافات أطول كثيرًا.

وقال الدكتور لاكمال: “نرى الروبوتات وهي تساعد الغواصين، بدلًا من أن تحل محلهم”.