تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
في عالم يفتقر إلى المواد الغذائية الغنية بالعناصر الهامة، تُعَد الزراعة المائية فكرة ناجحة.
ليس الأمر جديدًا، حيث يستزرع البشر المأكولات البحرية منذ آلاف السنين. وفي السنوات الأخيرة، توسعت الزراعة المائية إلى أحواض على الأرض وبدأ المزارعون يربون فيها الأسماك والمأكولات البحرية الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، تشغل تلك الأحواض على نحوٍ متزايد حيزًا كبيرًا من الأرض وتؤدي إلى تفاقم الصراع على المياه والموارد النادرة الأخرى.
أدى ذلك إلى تفكير المزارعين في الاستفادة من البحر الذي يتميز بالحيز الوفير والمياه والعناصر الغذائية الأخرى المجانية، إلا أن الزراعة البحرية، وهي فئة جزئية متفرعة من الزراعة المائية في البحار المفتوحة، تشكل تحديات إضافية.

تراث إماراتي
قد تساهم الروبوتات في نقل تقنيات الصيد الإماراتية التقليدية إلى المستقبل. اقرأ المزيد›››
قال الأستاذ الدكتور لاكمال سينيفيراتني أنه يمكن الاستفادة من الروبوتات، والتي يقوم بتطويرها هو وفريقه البحثي في جامعة خليفة، في مجال تنظيف وإصلاح الحظرة، وهي فخ لصيد السمك يوضع على الشاطئ في وضع عمودي، والقرقور، وهو أيضًا من معدات الصيد البحري التقليدية والمنسوجة من سعف النخيل بشكل نصف دائري. ‹‹‹ اقرأ أقل
تعتمد تربية الأحياء البحرية التقليدية على عمل يدوي كثيف لتنظيف البيئة وإصلاحها ورصد الأحوال وفحص الشبكات ورعاية النباتات والحيوانات التي يجري تربيتها كي تُطرَح للبيع في الأسواق البشرية. ويُعد هذا النوع من العمل اليدوي باهظ الكُلفة، إذ يتطلب غواصين تجاريين مُدرَّبين قادرين على تحمل ما هو فوق طاقتهم بشكل متواصل في ظل توسع عمليات الزراعة المائية. ويمكن أيضًا أن تشكل تربية الأحياء البحرية خطرًا كبيرًا على حياة أولئك الغواصين، خاصةً أن المزارع تتحرك وتنتقل إلى مياه أشد عمقًا وخطورة.
ويمكن أن تشكل تربية الأحياء البحرية أيضًا تهديدًا للبيئة وتنشر الأمراض والمضادات الحيوية والطفيليات أو تسمح للسمك المُستَزرَع بالهرب والتأثير سلبًا على أنواع الكائنات البحرية الأصلية.
وتعتقد إيليني كيلاسيدي، وهي باحثة أولى في “سينتف”، والتي تُعَد واحدة من أكبر المؤسسات البحثية المستقلة في أوروبا، يمكن أن تكون الروبوتات حلًا مشتركًا لجميع القضايا.
لكن، قد يكون وضع الروبوت في المياه المفتوحة تحديًا أكبر من وضعه على الأرض.
وتعلق إيليني أنه من المهم ألَّا تسبب الأنظمة ذاتية التحكم ضررّا للسمك المُستَزرَع.
وترى إيليني أن هذا الأمر يُعَد اعتبارًا أخلاقيًا واقتصاديًا، حيث قالت: “يتمثل الاعتبار الأخلاقي في عدم التسبب في ضرر لأي كائن حي”. وأضافت: “أما الجانب الاقتصادي، فيتمثل في أن السمك هو ربح هذا القطاع الصناعي”.
السمك السعيد

تحظى إيليني وفريقها البحثي بإمكانية الوصول إلى مزارع الأسماك على نطاق صناعي والاستفادة من القصوى من مرافقها البحثية لبحث آلية تأثير الروبوتات في الأسماك باستخدام معدات مصممة أصلًا لصناعة النفط والغاز. ويقوم أعضاء الفريق باختبار النُّظُم لرصد كيفية أدائها لوظائفها ومشاهدة طريقة تفاعل السمك مع الألوان والأصوات والأضواء المختلفة، على سبيل المثال. ويتمثل الهدف من هذه البحوث هو معرفة العوامل التي تؤثر في حالة السمك وضمان توافر مخزون من الأسماك السليمة وبالتالي تحقيق أرباح أفضل.
وقالت إيليني: “يوجد تحد آخر يواجهه الباحثون وهو صُنع المركبات التي يمكن تشغيلها عن بُعد”.
وأشارت إلى أن البشر يقومون في الوقت الراهن بالعديد من مهام الزراعة المائية على السطح باستخدام آلات يجري تشغيلها عن بُعد”.
وأضافت: “تكمن مهمتنا في إيقاف الاعتماد على البشر لتمكين الأنظمة الروبوتية البحرية من تشغيل نفسها وفهم بيئات تلك الروبوتات والتأكد من عدم اصطدامها بالمباني”.
“مجال هام”

تُعَد الأنظمة المائية ذاتية التشغيل قضية يعمل عليها الأستاذ دكتور لاكمال سينيفيراتني، مدير مركز الروبوتات والأنظمة ذاتية التحكم في جامعة خليفة، وهو متفائل حيال نتائج عمله.

وقال الدكتور لاكمال: “تعتبر الروبوتات التي تعمل تحت الماء مجال في غاية الأهمية”. وأشار إلى أن الماء يستأثر بنسبة 70% من مساحة الأرض، إلا أن البشر لم يكتشفوا سوى 5 بالمائة فقط من ذلك.
ويعمل الدكتور لاكمال وفريقه أيضًا على روبوتات زراعية برية، “كالكلاب” التي يمكنها أن تخطو بخفة بين صفوف المحاصيل و”الأيدي” التي يمكنها أن تلتقط الفاكهة الناضجة برفق والروبوتات التي تسير على سكك حديدية والتي تتنقل إلى أعلى وأسفل في الحقول لمراقبة النباتات بشكل منفصل لرصد علامات إصابتها بالأمراض ومدى جاهزية المحصول للحصاد.
ولكن تفرض زراعة المحيطات مجموعة مختلفة من التحديات على الأنظمة ذاتية التحكم.
وأعرب الدكتور لاكمال عن قلقه حيال تلك التحديات، وهو نفس القلق الذي تشعر به إيليني، وقال: “المشكلة ليست في أن الزراعة المائية تجري في مياه بالغة العمق، ولكن في (الحفاظ على) الملاحة والتحكم”.
لا تعمل أنظمة التموضع العالمي تحت سطح الماء ويتعين أن تكون الروبوتات قادرة على الملاحة في خِضَم التيارات والأمواج من دون أن تسبب في الضرر لبعضها البعض أو للمباني الخاصة بالمزارع المائية.
وأضاف الدكتور لاكمال: “تُعَد الكاميرات التي تلتقط الصور والأنظمة الذكية التي تعزز وضوح تلك الصور وتحللها من الأهمية بمكان للتعامل مع هذه الظروف”.
البحث في الطبيعة

لا تعتبر القدرة على رؤية البيئة البحرية في الأعماق إلا جزءًا من المشكلة التي تواجه الروبوتات المتخصصة في تربية الأحياء المائية، حيث تمثل المشكلة الأخرى القدرة على التحكم بالآلات. لذا، يسعى الباحثون إلى البحث في أشكال الحياة المتأقلمة في البيئات البحرية. وبرغم من أن المحاكاة الحيوية ليست مُصمَّمَة للزراعة المائية على وجه التحديد، إلا أنها قادرة على إثبات فائدتها للزراعة في المحيطات. ومن ضمن الأفكار في هذا الشأن:

فرص وتحديات الزراعة المائية
بينما ينمو عدد سكان العالم ويفرض التغير المناخي مزيدًا من الضغوط على الزراعة الأرضية التقليدية، يمكن للزراعة المائية المستدامة أن تقوم بدور رئيس، بحسب رأي الدكتور نافيد نابي، وهو أستاذ مساعد في جامعة تشانديغار. Read more›››
وقال نافيد: “إذا كان الأمن الغذائي بمثابة مسألة تثير قلق حقيقي في الوقت الراهن، فقد لعبت الزراعة المائية دورًا رئيسًا في التخفيف من حدة هذه الأزمة، إذ توفر حوالي 178 مليون طن من الغذاء، أي ما يعادل 20,2 كيلوغرام للفرد مخصصة للاستهلاك الآدمي”. وأضاف: “لا تضيف الزراعة المائية مرونة إلى النظام الغذائي العالمي من خلال تحسين مستوى الكفاءة في استخدام الموارد فحسب، وإنما من خلال تنويع النباتات المُستَزرَعَة أيضًا”.
ويحذر نافيد من أن السمك المُستَزرِع يشكل تحديات للبيئة تتضمن هروب السمك وهو ما يضر بالأنواع الأصلية وانتشار الأمراض والطفيليات.
وتوجد مشاكل أخرى تتعلق بالإثراء الغذائي، وتعني أن تُصبح المياه محمَّلة بكميات زائدة عن الحاجة من العناصر الغذائية، وهو ما يؤدي إلى ازدهار الطحالب المُميتة والمضادات الحيوية في البيئة من خلال الطعام غير المستَهلَك أو مخلفات السمك، والمخاطر المقترنة بالطفيليات.
>‹‹‹ اقرأ أقل
وقد طرح فريق من جامعتي هارفارد وساوث كارولينا الروبوت ذي الزعانف في عام 2021، حيث يستخدم هذا الروبوت أربعة زعانف قابلة للتحكم بشكل مستقل.
وفي عام 2023، نشر فريق من جامعة جيجيانغ بالصين نتائج روبوت قراد البحر، الذي صمموه على غرار قراد البحر، وهو كائن بحري من القشريات الصغيرة المعروف بقدراته على الهروب من الحيوانات المفترسة بالقفزات السريعة المتلاحقة. ويقول أعضاء الفريق أن الروبوت الذي صمموه كان قادرًا على القفز خارج الماء والهبوط على منصة أرضية صغيرة وبث البيانات، ثم القفز مجدَّدًا إلى الماء مرة أخرى.
وفي جامعة خليفة، سنجد أن باحثيها لديهم أفكار أخرى في هذا الصدد.
وقال فيديريكو ريندا، والذي يرأس الفريق البحثي: “بالنظر إلى الكائنات المائية، فسنجد أن حيوانات عديدة قد طورت أجسام مرنة أو لينة تمامًا لتحسين قدراتها على السباحة وقابليتها للتأقلم مع العالم المعقد تحت الماء”. وأضاف: “يستطيع الأخطبوط، على سبيل المثال، ضغط جسمه للاختباء في فتحات صغيرة للهروب أو لاصطياد فرائسه، بينما طور قنديل البحر استراتيجية التحرك الأكثر كفاءة على الإطلاق. ويستمد فريقي البحثي فكرته من المخلوقات اللينة لبناء روبوتات جديدة تحت الماء تمتلك القدرة على محاكاة هذه الوظائف مع الفهم المبادئ الفيزيائية الحاكمة لها في الوقت نفسه”.
ويحاكي أحد تصاميم جامعة خليفة سوطيات الخلايا الأحادية، وهي تركيبات على شكل أسواط تحرك لبكتيريا خلال السائل لحل مشكلة أخرى مع الروبوتات تحت الماء وهي أن العديد منها مقيَّد بأربطة. وبينما تتيح هذه الأربطة للآلات إمكانية تشغيلها من السطح، يمكن أيضًا جعلها متشابكة مع بعضها البعض.
قال فيديريكو: “طورنا مؤخرًا روبوت تحت الماء غير مقيَّد وعلى غرار الكائنات الدقيقة ذات الأسواط، ويتميز بقدرته على التحرك بكفاءة وأمان في نطاق قريب من مستوطنات الكائنات الحساسة تحت الماء”. وأضاف: “علاوة على ذلك، يمكن استخدام كل سوط كذراع قابضة لتقوم بالدوران والدفع إلى الأمام وأداء الوظائف المتكررة والمتعددة، وهو ما يمكنه أن يؤدي إلى تبسيط كبير في تنفيذ العمليات تحت الماء”.
وقامت جامعة خليفة بإنشاء حوض يضم أمواجًا اصطناعية تحاكي التيارات الطبيعية بهدف اختبار قدرة الروبوتات على الملاحة في المياه المتقلبة. واستخدم أسامة خطيب من جامعة ستانفورد مؤخرًا هذا الحوض في تشغيل أوشن وان، وهو روبوت شبيه بالإنسان مُصمَّم لأداء تلك المهام كرصد الشعاب المرجانية ومناطق النفط البحرية من خلال تحركاته.
تطمح إيليني بمشاهدة الروبوتات وهي تحل محل الغواصين البشريين، لكن في نفس الوقت يمتلك الدكتور لاكمال رؤية مختلفة، حيث يتوقع أن تتيح الروبوتات للغواصين البشر إمكانية الغوص لمسافات أطول كثيرًا.
وقال الدكتور لاكمال: “نرى الروبوتات وهي تساعد الغواصين، بدلًا من أن تحل محلهم”.