الحفاظ على ظلمة الليل

عندما يفكر معظم الناس في السماء الملوثة، فإنهم غالبًا ما يفكرون في الضباب الدخاني،

إلّا أن هناك مصدر آخر للتلوث يعطل أنماط الحياة البرية الطبيعية ويضر بنمو الإنسان ويساهم في زيادة مستوى ثاني أكسيد الكربون في الهواء ويحجب النجوم ليلًا.

إنه الضوء

الصورة: أبوستولوس كيريازيس، صحراء أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا.

تساهم مصابيح الشوارع ولافتات النيون وحتى المصباح الموجود على نافذتك في التلوث الضوئي. ولكن هناك أشياء يمكن للناس القيام بها كأفراد ومجتمعات لتجنب الآثار الضارة للتلوث الضوئي.

الشرح: تعد هذه الصورة المعروضة مثالًا حيًا على مقدار التلوث الضوئي الذي يكون واضحًا في السماء خلال الليل. المناطق المُضيئة أسفل الصورة تمثل إشعاعات الإضاءة الصادرة عن المدن، والتي يمكن رؤيتها من مسافات تصل إلى مئات الكيلومترات. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: أبوستولوس كيريازيس، صحراء أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة.

حتى وإن كنت لا تعيش في منطقة لديها قواعد للحماية من التلوث الضوئي، يمكنك القيام بدورك بالخطوات التالية:

الشرح: يُعتبر التقاط صورة كهذه أمرًا صعبًا على الرغم من أن القمر مشرق للغاية. يستخدم المصورون الفلكيون تقنيات متعددة لإنشاء صورة نهائية، مثل تقنية التكديس لتحسين التفاصيل وتقليل التشويش وتصحيح الانحراف، والتعرض المتعدد لالتقاط كلٍّ من الجانب المشرق والمظلم من القمر. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: داريا كاوا ميرزا، أربيل، العراق.

ستساهم هذه الخطوات في زيادة فرص الاستمتاع بمشاهدة سماء ليلية مليئة بالنجوم، تمامًا كما تظهرها بعض اللقطات هنا بعدسات أفضل المصورين الفلكيين الهواة في منطقة الشرق الأوسط:

الشرح: يُعتبر سديم السباغيتي بقايا نجم ميت انفجر قبل حوالي 40000 عام، وهو يمتد عبر سماء الليل بزاوية تقدر بحوالي 3.5 درجة ويظهر بحجم يعادل سبعة أقمار كاملة مجتمعة. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: مارون حبيب، لبنان.

الشرح: مع أن مجرة أندروميدا (إم 31) تُعتبر أقرب مجرة جارة لنا على نطاق الكون، إلا أن الضوء الذي شهدناه في هذه الصورة قد استغرق أكثر من 2.5 مليون سنة للوصول إلينا، مما يعني أن ما نراه هو تجسيدٌ لماضٍ بعيد. يعكس هذا الحدث جزءًا من تاريخ الكون، حيث يُظهر لنا الواقع البعيد لهذه المجرة. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: عبد الله الحربي، الكويت. حازت هذه الصورة على جائزة وكالة ناسا لأفضل صورة فلكية في العالم ليوم 22 مارس 2023.

الشرح: تعد منطقة (إن جي سي 2264) واحدة من الأماكن الفلكية الرائعة التي تضم العديد من التكوينات النجمية البارزة، مثل سديم فراء الثعلب وسديم المخروط ومجموعات شجرة عيد الميلاد وندفة الثلج. وما يميز هذه المنطقة هو احتوائها على تشكيلات سديمية متنوعة تشكلت بأشكال وأحجام مختلفة. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: أنس البني، صحراء أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة.

الشرح: لا تُنشأ جميع السدم بنفس الطريقة، بعضها ينبعث منه ضوء يمكن رؤيته بوضوح، في حين يتعذر رؤية البعض الآخر بسبب حجبهم من قبل سحب الغبار غير الشفافة. في هذه الحالة تحديدًا، تعوق سحب الغبار الكثيفة التي توجد في رأس الحصان وسديم اللهب رؤيتنا للغازات التي تكمن وراءها. ومع ذلك، تكمن قدرة عقلنا على تحديد الأشكال والهياكل الموجودة في هذه المنطقة وإطلاق تسميات تعبر عن تلك الأشكال والهياكل. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: وسام أيوب، صحراء أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة. حازت هذه الصورة على جائزة وكالة ناسا لأفضل صورة فلكية في العالم ليوم 3 نوفمبر 2021.

الشرح: تتضمن هذه الصورة المركبة لنواة درب التبانة العديد من السدم الجميلة، مثل سديم البحيرة والتريفيد على الجانب الأيسر، وسديم رو أوفيوتشي في كوكبة العقرب على الجانب الأيمن. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: عمرو عبد الوهاب، الصحراء البيضاء، جمهورية مصر العربية. حازت هذه الصورة على جائزة وكالة ناسا لأفضل صورة فلكية في العالم ليوم 10 مايو 2023.

الشرح: سديم (إم 78)، والذي يوجد في كوكبة “أوريون”، وهو عبارة عن سحابة كونية تتألف من الغاز المتوهج والغبار، وتعتبر موضعًا لولادة نجوم جديدة. عندما نلقي نظرة على هذا السديم، نشاهد الضوء الناتج عن هذه النجوم المتلألئة ينعكس على الغبار المحيط به. يمكن أن نصف هذه المنطقة بأنها مشابهة إلى حد ما حاضنة نجمية، حيث تبدأ النجوم رحلتها الأولى في الكون، وتنمو وتتطور تحت تأثير الجاذبية وعوامل أخرى. يمكنكم تنزيل هذه الصورة بدقة عالية من هنا. الصورة: أرون فيجاي وسهيل بن خالد، صحراء أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة.

ففي عام 2001، أصبحت مدينة فلاغستاف التابعة لولاية أريزونا، موطنًا للمرصد الفلكي لويل وتلسكوب بلوتو وهي أول مدينة تُصنّف كموقع عالمي لمشاهدة السماء المظلمة، فقد حددت المدينة الأمريكية عدة قواعد متقدمة بهدف منع الإضاءة غير الضرورية وللحفاظ على صفاء السماء ليلًا وخلوها من الإضاءة بالنسبة لمراقبي النجوم من عامة الناس، وعلماء الفلك المحترفين على حد سواء.

أصبحت جزيرة نيوي في المحيط الهادئ في عام 2020 أول دولة تُصنّف كموقع للسماء المظلمة، وفقًا للمعايير المحددة من قبل الجمعية الدولية للسماء المظلمة .

جدير بالذكر أن الجمعية ليست المؤسسة الوحيدة التي تروج لهذا المفهوم، فقد أصدرت القيادة العمانية في عام 2019 مرسومًا يقضي بتشكيل محمية الحجر الغربي جنوب غرب مسقط.

فن الذكاء الاصطناعي

إذا كنت نشطًا على وسائل التواصل الاجتماعي في الأشهر الأخيرة من عام 2022، فمن المرجح أنك لاحظت زيادة في استخدام أصدقائك للصور الرمزية (الأفاتار) التي تتمثل بأشكال وشخصيات مختلفة كالأنمي وشخصيات خيالية وأخرى من ألعاب الفيديو.

تعتمد هذه الصور الصادرة عن شركة “لينسا” على الذكاء الاصطناعي الذي يساهم في تحويل الصور الشخصية إلى فن وتحظى بإقبال كبير يتعدى حدود مؤثري التواصل الاجتماعي، حيث أثارت هذه التكنولوجيا موجة جديدة من النقاش حول دور الذكاء الاصطناعي في الفن والقضايا الأخلاقية التي تشمل العنصرية والصور المسروقة والانتقام الإباحي، إلا أن البعض يرى وجود مستقبل يعزز فيه الذكاء الاصطناعي دور الفنانين بدلًا من منافستهم.

ولم يكن تطبيق لينسا، الذي يقوم على نموذج “ستيبل ديفيوجن” للتعلم العميق في عرض الصور بأنماط مختلفة، أول تكنولوجيا للذكاء الاصطناعي التي تثير القلق عند الفنانين حول احتمالية استبدالهم بأجهزة الكمبيوتر.

في العام 2018، بيعت قطعة فنية رقمية تُدعى “إدموند دي بيلامي”، والتي تم إنشاؤها بواسطة خوارزمية تعلم الآلة، في المزاد الفني (كريستي) بمبلغ 432,500 دولار أمريكي،وهو مبلغ يفوق التقديرات المتوقعة بقيمة 10,000 دولار أمريكي، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر عند الفنانين المبدعين الذين يخشون فقدان وظائفهم وطبيعة الفن نفسه.

وحدث الأمر ذاته في سبتمبر 2022 عندما فاز جيسون ألين بالجائزة الأولى في الفئة الرقمية في المسابقة الفنية السنوية التي نظمها معرض ولاية كولورادو عن القطعة الفنية التي طورها باستخدام الذكاء الاصطناعي “ثياتر دوبيرا سبيسيال”، حيث اعتمد جيسون في إنشاء القطعة الفنية على برنامج (ميدجيرني) الذي يترجم النصوص إلى أعمال فنية رقمية. يذكر أن هذا البرنامج تم الاستفادة منه في إنتاج بعض الصور الموجودة في مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا).

CAPTION: “يساهم تدريب التطبيقات بمجموعة واسعة ومتنوعة من صور الأفراد من مختلف الأعراق في الحد من مستوى التحيز في الذكاء الاصطناعي”. – موتالي نكوندي، مؤسسة ورئيسة تنفيذية لشركة الذكاء الاصطناعي للأفراد.

من جهة أخرى، تُظهر لنا الصورتان أن الفن الصادر عن الكمبيوتر تضمن الكثير من المشاركات البشرية، وذلك على عكس الوصف الذي وصفته شركة كريستي للوحة “إدموند دي بيلامي” والمتمثل في أن هذه الصورة ليست نتاج العقل البشري.

وتعتبر الصورتين إنتاج الإنسان، حيث قامت مجموعة فنية باريسية تُسمى (أوبفياس) بإنشاء لوحة “إدموند دي بيلامي”، كما تم البدء باللوحتين على يد مجموعة من الأفراد الذين قاموا باختيارها وطباعتها والترويج لها، وهم أيضًا من طوروا الشفرات وأسسها وأضافوا عليها اللمسات الجمالية.


الإنسان مؤسس الشيفرات


ينبغي علينا أن نتذكر دائمًا بأن الإنسان هو مؤسس الذكاء الاصطناعي، وفقًا لما قاله زيف إبشتاين، طالب دكتوراه في فريق الديناميكيات الإنسانية التابعة للمختبر الإعلامي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ويركز على التكنولوجيات الناشئة.

وقال زيف في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “نتحدث عن الذكاء الاصطناعي كمبدع بحد ذاته وليس كأداة، وهذا ما يقلل من القيمة التي يضفيها الفنانون المبتكرون المنخرطين بتطوير العمل الفني القائم على الذكاء الاصطناعي”.

وأضاف: “قد تساهم نسبة الصفات والسلوكيات الإنسانية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي في إضعاف قدراتنا كبشر على حمل مسؤولية الأخطاء التي قد نقوم بها في الأنظمة التقنية الاجتماعية عندما يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بمخالفة أخلاقية. لذلك، ينبغي عدم التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي على أنها إسفنجة لامتصاص جميع الأخطاء وتحمل مسؤولية جميع الأخطاء التي يرتكبها الإنسان”.

وقال: “يجب أن نراعي طريقة الكلام حول الذكاء الاصطناعي والتصدي للمفاهيم المغلوطة المتعلقة به، سواء على مستوى الأفراد في المؤسسات أو في أجهزة الأندرويد”.


التحيزات والأفكار المتأصلة


يتمثل الخلل الذي لاحظه زيف في قيام بعض الأفراد ممن يرتدون الحجاب ومن الذين يتمتعون ببشرة داكنة اللون بالإبلاغ عن وجود بعض الثغرات في الصور الرمزية الصادرة عن تطبيق لينسا والمتعلقة بهم بشكل خاص، ظنًا منهم أنها لا تشبههم نوعًا ما. وقد ساهم ذلك في إيجاد مشكلات كبيرة تتمثل بالقضايا العنصرية والتمييز على أساس نوع الجنس.

وقالت موتالي نكوندي، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة الذكاء الاصطناعي للأفراد ومستشارة الأمم المتحدة في الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: “يمكن للتحيز الفني في الذكاء الاصطناعي أن يسبب أذى لمجتمع السود، وغيرهم من المجتمعات العرقية غير البيضاء بطريقتين”. وأضافت: “اعتمد تطبيق لينسا على الذكاء الاصطناعي لتطوير صور رمزية فنية للمستخدمين ومؤثرات جمالية للوجه صُنعت للنساء غير البيض ليظهرن بشكل أوروبي. وقد يبدو ذلك في ظاهره أمرًا حميدًا وغير ضار، لكن أظهرت البيانات وجود مجموعة من أنظمة التوصية الخوارزمية التي تُستخدم في نطاق مشاركة الصور على تطبيق الإنستغرام تساهم في زيادة الاضطرابات المتعلقة بالصحة النفسية لدى فئة الفتيات لأنها تسلط الضوء على أجساد النساء غير الصحية”.

وعلقت موتالي في حوارها مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “قد يكون ذلك صحيحًا بالنسبة للسيدات اللاتي لا تتمتعن بصفات أوروبية واللاتي يشاهدن الطريقة التي يتم فيها عدم تقدير مظهرهن الخارجي. وفي هذا السياق، يساهم هذا الأذى العرقي في رفع مستوى مبيعات مساحيق تفتيح البشرة التجميلية في مجموعة من الدول في قارتي آسيا وإفريقيا وفي دول منطقة الخليج، وهو ما يقود السيدات في تلك الدول إلى اتباع سلوكيات قد تؤذيهم.


بيعت قطعة فنية رقمية  تُدعى “إدموند دي بيلامي”، والتي تم إنشاؤها  بواسطة خوارزمية تعلم الآلة  في المزاد الفني (كريستي) بمبلغ 432,500 دولار أمريكي

وأضافت: “وتتعلق النقطة الثانية بموضوع خصوصية بيانات الأفراد الذين يستخدمون هذه التطبيقات للعمل. فعندما يقوم المستخدمون بتحميل الصور، فإنهم بذلك يمنحون الشركة بياناتهم الحيوية التي يمكن مشاركتها وبيعها لوسطاء البيانات الذين يستفيدون منها بدورهم في تطوير بعض التكنولوجيات التي تشمل التعرف إلى الوجوه. وتُستخدم أنظمة التعرف إلى الوجه في الغرب من قبل المؤسسات التي تعاني من مشكلات في تمييز الأفراد من ذوي البشرة الداكنة لتجنب الاعتقال الخاطئ للرجال السود”.

مرة أخرى: إلقاء اللوم على الإنسان في تحديد الشيفرات.


مجموعات البيانات الموسعة


ترى موتالي حلًا لذلك.

وقالت: “تتمثل الطريقة الأفضل في الحد من هذه التحيزات في توسيع نطاق تدريب مجموعات البيانات المستخدمة لتطوير كل تطبيق. فعلى صعيد إضفاء الطابع الأوروبي على الثقافة البصرية، يمكن تدريب هذه التطبيقات على مجموعات كبيرة ومتنوعة من الصور المتعلقة بالأفراد من جميع العرقيات المختلفة. وبذلك، ستتمكن السيدات العربيات اللاتي يستخدمن هذا التطبيق من رؤيى جمالهن الفريد الخاص بهن”.

فمن دون وجود مجموعات البيانات الموسعة ستعكس تطبيقات الذكاء الاصطناعي خطر التحيزات وستفاقم من حدتها.

ووفقًا لما قالته شركة تطبيق لينسا في صفحتها للأسئلة الأكثر تكرارًا: “تم تدريب نموذج ستيبل ديفيوجن على محتوى إنترنت خال من المؤثرات الفنية ليتمكن من عرض التحيزات التي يدمجها الأفراد مع الصور التي ينتجونها”.

ويعتبر المحتوى الخالي من المؤثرات الفنية المستخدم لتدريب النموذج مصدر قلق بالنسبة للفنانين الذين يخشون على وظائفهم ومورد رزقهم.


قلق الفنانين


يعد غريغ روتكوسكي واحدًا من الفنانين القلقين على مصدر رزقهم. وغريغ روتكوسكي هو الفنان البولندي صاحب الرسومات الخيالية المعروفة كالسحرة والعفاريت والشخصيات الغريبة في الألعاب كما في لعبة “دنجينز أند دراغونز أند ماجيك: ذا غاثرينغ”.

ويحظى أسلوبه بطلب كبير في شركة ستيبل ديفيوجن قبل تغيير النموذج لشيفراته في نوفمبر 2022 لتصعيب عملية نسخ أساليب بعض الفنانين.

وقال غريغ في تصريح له مع مجلة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن الأشخاص الذين يستخدمون اسمه كبدايه لتحفيز نظام ذكاء اصطناعي معين : “إنها تجربة جيدة، لكنها تبدو لي وللعديد من الفنانين الإبداعيين أنها تهدد وظائفنا”.


نتحدث عن الذكاء الاصطناعي كمبدع بحد ذاته وليس كأداة، وهذا ما يقلل من القيمة والمسؤولية  التي يضفيها الفنانون المبتكرون المنخرطين بتطوير العمل الفني القائم على الذكاء الاصطناعي

وتصدى الفنانون للمشكلة بموقع اسمه (هل تم تدريبي)، وهو موقع يتيح للأشخاص المبدعين البحث عن أمثلة لأعمالهم ضمن 5.8 مليار صورة تم جمعها من الإنترنت من برامج تشمل بنترست، بهدف تدريب برامج تتضمن ستيبل ديفيوجن وميدجيرني.

واستجابت بعض المجموعات من خلال حظر الفن القائم على الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المنصة الإلكترونية الترفيهية (نيو جراوندز) وشركة الإعلام البصري (غيتي إيميجيز) اللتان ركزتا على المخاوف المتعلقة بمزاعم حقوق النشر في المستقبل وضرورة تطوير القوانين لتواكب التقدم التكنولوجي.

وفي إطار أحدث المعلومات المتمحورة حول القوانين المواكبة للتطور التكنولوجي المتسارع، أعلنت المملكة المتحدة في نوفمبر 2022 عن وضع قوانين تجرم إنشاء الصور الإباحية وتوزيعها ومشاركة الصور المزيفة والتي يتم صنعها كشكل من أشكال الانتقام الإباحي الذي يستهدف الإضرار بالنساء بطريقة تتضمن تركيب صور وجوههن بشكل رقمي بأجساد أخرى غير أجسادهن.

وقامت ستيبل ديفيوجن أيضًا بتغيير شيفراتها لتصعيب عملية نسخ أساليبها، كما قامت بتغييرات تصعب من إنشاء المحتوى الإباحي. أما بالنسبة لنظامي الذكاء الاصطناعي (ميدجيرني ودال-إي 2)، فقد قاما في وقت سابق بحظر صناعة المحتويات الخاصة بالبالغين، في حين سمحت العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى بالقيام بتلك الانتهاكات.


أداة واعدة


لايزال بعض صانعي المحتوى متفائلين بخصوص الفن القائم على الذكاء الاصطناعي.

استعان أليكساندر ريبين بخوارزمية لتعلم الآلة يطلق عليها اسم “جي بي تي-3” وتهدف إلى التخلص من حالة التراجع الإبداعي خلال الأشهر الأولى من جائحة كوفيد-19.

وتتميز هذه الخوارزمية، وهي نموذج للغة مدربة بالذكاء الاصطناعي المفتوح مثل تشات جي بي تي الذي ظهر لاحقًا، بقدرتها على كتابة نصوص أصلية ومقالات وقصص خيالية ومواد إخبارية والنكت أيضًا، حيث ساهم أليكساندر بالعمل على الأداة إلى أن تعلم طريقة حثها على كتابة نوع معين من النصوص التي تُكتب على الملصقات المرافقة للقطع الفنية الموجودة على جدران المعارض الفنية.

وبحث أليكساندر بشكل موسع في النتائج إلى أن توصل إلى ما يروق له، ثم قام بعد ذلك بصناعة المحتوى الفني الذي يرغب به في العالم الفعلي، وهي قصة خيالية حول مجموعة فنية مجهولة الهوية تُعرف باسم (ذا بلنجرز) التي تتضمن محتوى فني باستخدام مكابس المرحاض. وجسد أليكساندر القصة بعد ذلك بشكل ملموس في العالم الفعلي وأصبحت جزءًا من سلسلة الذكاء الاصطناعي التي تحمل عنوان “إيه آي آم آي؟”.

العنوان: يتيح تدريب الذكاء الاصطناعي، الذي يشمل مليارات الصور، للأدوات إنتاج مجموعات كبيرة من الأنماط. لذلك، تظهر بعض المخاوف لدى الفنانين تجاه أعمالهم التي تم حذفها من شبكة الإنترنت دون موافقتهم، الأمر الذي قد يهدد مصدر رزقهم.

وبحث أليكساندر بشكل موسع في النتائج إلى أن توصل إلى ما يروق له، ثم قام بعد ذلك بصناعة المحتوى الفني الذي يرغب به في العالم الفعلي، وهي قصة خيالية حول مجموعة فنية مجهولة الهوية تُعرف باسم (ذا بلنجرز) التي تتضمن محتوى فني باستخدام مكابس المرحاض. وجسد أليكساندر القصة بعد ذلك بشكل ملموس في العالم الفعلي وأصبحت جزءًا من سلسلة الذكاء الاصطناعي التي تحمل عنوان “إيه آي آم آي؟”.

ونشرت شركة لينسا الصانعة للصور الرمزية القائمة على الذكاء الاصطناعي (الأفاتار) في تغريدة لها: “بما أن السينما لم تقتل المسرح وبرمجيات المحاسبة لم تقضي على مهنة المحاسبة، فإن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الفنانين وإنما سيصبح أداة مساعدة وداعمة لدورهم”.

ويستعين طالب الهندسة المعمارية، قاسم إقبال، على سبيل المثال ببرنامج ميدجيرني ليرى تصاميمه في صور.

وقال قاسم لمجلة “ماي موديرن ميت”: “يساهم برنامج ميدجيرني، الذي استخدمته بشكل أساسي لتحويل النص إلى صورة، في تحفيز عملية تحديد الأفكار وتلخيصها من خلال الكلمات، كما يساهم في تعليم آلية أن تكون دقيقًا وموجزًا”.

وأضاف قاسم: “ساعدني البرنامج في اختبار المفاهيم والأفكار والاتجاهات المتعلقة بالمشاريع، لكنه يجب أن لا يكون هو المنشئ الأساسي للأفكار”.


معاونون وليسوا منافسين


يتبنى البعض الآخر من الأفراد التكنولوجيا بدلًا من القلم والفرشاة لإنشاء فن بصري، ويعتمد هذا المجال الناشئ على استخدام مجموعة جديدة من المهارات القادرة على إخراج الصورة المرجوة من ضمن مجموعة النماذج، إلى جانب النص المصاغ بعناية.

ويمكن لأي شخص الاستفادة من هذه التكنولوجيا.

يعتبر شركة نايت كافيه، التي تأسست في العام 2019 وتمت تسميتها بذلك وفقًا للوحة الفنية التي رسمها فينسنت فان جوخ المعنونة بـمقهى الليل أو ما تعرف باللغة الإنجليزية بـ (ذا نايت كافيه)، واحدة من الأنظمة التي تتطلع إلى تحقيق الوعد التكنولوجي المتمثل بإنشاء الفن الديمقراطي، حيث صدر عنها:
“نطور الأدوات التي تتيح لأي شخص، بصرف النظر عن مستوى المهارات التي يتمتع بها، تجربة الشعور بالرضا والحماس لإنشاء فن متميز وفريد من نوعه، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم محاولة تكرار الفنانين”.

أما بخصوص الأفراد الذين يتساءلون عما إذا يمكن اعتبار ذلك فنًا أم لا، توجد هناك فرصة لاستثمار المهارات والأفكار والقدرات والجهود تتجاوز نطاق ضغط الأزرار وتساهم الاستفادة منها في مجال صنع أدوات الذكاء الاصطناعي.
وقد أمضى ألن، الفائز في معرض ولاية كولورادو، 80 ساعة في برنامج ميدجيرني يبحث في 900 صورة قبل أن يستقر على صورة واحدة ليطبعها على لوحة القماش.


 ينبغي علينا أن نتذكر دائمًا بأن الإنسان هو مؤسس الذكاء الاصطناعي  زيف إبشتاين، طالب دكتوراه في فريق الديناميكيات الإنسانية التابعة للمختبر الإعلامي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

واستغرق فنانون آخرون وقتًا أطول من ذلك في عملهم، حيث أمضوا وقتًا كبيرًا وبذلوا جهدًا عقليًا لتعلم التكنولوجيا وصنع الشفرات للنتائج التي يسعون إلى تحقيقها.

وقال جيك إلويس في الورقة البحثية المعنونة بـ “الذكاء الاصطناعي والفنون: ما دور تعلم الآلة في التأثير على العمل الفني”.

وذكر أيضًا: “تمكنت من فهم التكنولوجيا بطريقة تتيح لي الاستفادة منها واختراقها، لكني لا أكتب الخوارزميات بنفسي وكذلك تستغرق عملية البحث عن آلية استخدام نموذج واحد وضبطه بالطريقة التي أريدها أشهر عديدة. لذلك، لا يمكن التعامل مع تلك العمليات بشكل سهل”

وينطبق نفس الشيء أيضًا على التكنولوجيا ذاتها.

سيارتي الكهربائية تعاني من الوزن الزائد

تتزايد معدلات استخدام السيارات الكهربائية على مستوى العالم، وهو أمر رائع بالنسبة للبيئة، ولكن قد تواجه الهياكل الحالية لمواقف السيارات والطرق صعوبة في تحمّل وزن المركبات.

فوفقًا لموقع “سستاينبيليتي باي نامبرز“، يزن متوسط السيارة حوالي 1600 كيلوغرام، وعلى الرغم من أنها لا تُعتبر خفيفة، إلّا أن السيارات الكهربائية من نفس السعة تزن أكثر بكثير، حيث يزن الطراز 3 من سيارات تسلا على سبيل المثال 1830 كغ.

ولكن ما سبب هذا الفرق في الوزن؟ وهل هذا شيء جيد أم سيء؟

يكمن السر في البطارية، حيث تزن بطارية الطراز 3 من سيارات تسلا حوالي 489 كغ، بينما تزن بطارية السيارة العادية ما بين 11 و 25 كغ. تمتلك سيارات هذا الطراز من تسلا واحدة من أثقل بطاريات السيارات إلّا أنها أكثر سيارات تسلا مبيعًا أيضًا.

هناك إيجابيات لا غُبار عليها للمركبات الكهربائية ذات الوزن الثقيل، مثل انخفاض مركز الثقل وزيادة الاستقرار على الطريق والقدرة على التحكم، حيث يجعل هذا السيارة أكثر أمانًا وأقل عرضة للانقلاب أثناء وقوع حادث، فقد تسببت حوادث انقلاب السيارات في 21% من وفيات ركاب السيارات عام 2021.

يجعل كل من فوائد السلامة إلى جانب التحسين البيئي السيارة الكهربائية تبدو خيارًا رائعا، إذًا ما هو الجانب السلبي؟

الصورة Unsplash

قد يكون الجانب السلبي هو مرآب السيارات.

فقد تسبّب الحمل الزائد للمركبات على السطح في انهيار مرآب للسيارات عام 2023 في مدينة نيويورك، وقد تستمر هذه المشكلة في الظهور مع زيادة عدد المركبات الكهربائية على الطرق.

كان مرآب السيارات هذا يعاني من مشاكل هيكلية قبل الانهيار، لكن قد تضطر البلدان التي لديها بنى تحتية وقواعد قديمة إلى التصدي لهذه المخاطر.

صُمِّم الهيكل النموذجي لموقف السيارات ليدوم حتى 40 عامًا، ولكن سيواجه مرآب السيارات القديم صعوبة في تحمّل وزن مركبات أثقل بنسبة 30% مما تم بناؤه لتحمّله.

شهد متوسط وزن السيارة بشكل عام وليس فقط للمركبات الكهربائية، ارتفاعًا سنويًا منذ عام 1981 وفقًا لوكالة حماية البيئة، كما أن المشكلة لا تكمن فقط في مرآب السيارات، فالطرق معرضة أيضًا للخطر.

يشير تقرير البنية التحتية للجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين لعام 2021 إلى أن “43% من الطرق العامة في الولايات المتحدة في حالة سيئة أو متوسطة، كما أن الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات والحكومات المحلية ستحتاج إلى إعطاء الأولوية للاستثمارات الاستراتيجية المخصصة لتحسين الطرق والحفاظ عليها والتي تزيد من السلامة العامة في النظام الموجود لدينا، بالإضافة إلى التخطيط لطرق المستقبل، والتي سيتعيّن عليها وضع كل من المركبات المتصلة وذاتية القيادة في الاعتبار.”

فلا شك بأن لا أحد يريد الوقوع في حفرة بينما يقود سيارته الكهربائية الجديدة.

الصورة Unsplash

وفقًا لوزارة النقل الأمريكية، تُسبب زيادة الوزن المحوري من 8000 كيلوغرام إلى 9000 كيلوغرام (بشكل متزايد على الأرجح، بالتزامن مع ارتفاع نسبة استخدام الشاحنات الكبيرة الكهربائية)، أضرارًا أكبر بنسبة 50% على الرصيف.

ولكن ما هو الحل؟


يشير مقال نُشر عام 2024 في موقع “ستراكتشر ماغ” إلى الحاجة إلى تحسين البنية التحتية وفقًا للقانون لمواكبة الطلب المتزايد على المركبات الكهربائية، خاصة أنه يتم إنشاء محطات الشحن عادةً في مواقع قريبة من بعضها، وهذا يعني قيودًا إضافية وثابتة متعلقة بالوزن في الأماكن نفسها في المواقف.

ويخلص المقال إلى أنه “من الممكن أن يساهم خطر حدوث انهيار إنشائي كارثي في المستقبل في التأثير سلبًا على قدرة تكنولوجيا المركبات الكهربائية على البقاء كجزء من الجهود الوطنية للحد من انبعاثات الكربون، لذا يمتلك المهندسون والمقاولون فرصة للمساهمة في توفير بنية تحتية سليمة لتمكين تكنولوجيا المركبات الكهربائية من أن تكون جزءًا من مكافحة تغير المناخ.”

يقترح المهندسون الذين شاركوا في التأليف، غومبيرتز وهيغر بقيادة المدير جيمس ماكدونالد من سيمبسون، وهي شركة أمريكية للهندسة الإنشائية، خطة وقائية شاملة تشمل: مراقبة مواقف السيارات التي تقف فيها المركبات الكهربائية عادةً والسماح لأصحاب المركبات الكهربائية بإيقاف مركباتهم فقط في المناطق التي يمكنها التعامل مع الوزن الزائد بشكل أفضل، وفرض حد أقصى للوزن المسموح وتوزيع أماكن إيقاف السيارات الكهربائية في مناطق مختلفة.

ذكرت مجلة فوربس عام 2022 أن التدابير الوقائية أقل تكلفة بكثير من الإجراءات الاستجابية، حيث تتراوح تكلفة إعادة تعبيد ميل واحد من الطرق من 100 ألف دولار أمريكي إلى مليون دولار أمريكي.

الصحة في الفضاء

لطالما تكفّل أطباء متخصصون يُطلق عليهم “جراحو الطيران”، بتقديم الرعاية الصحية لرواد الفضاء، قبل وأثناء وبعد المهمة. وفي حين يوحي الاسم بإجراء عمليات جراحية في الهواء، إلا أنه مضلل إلى حد ما. ولكن قد يكون لجراحي الطيران من اسمهم نصيب، مع وجود مهمات فضائية أطول في الأفق.

يتنوع دور جراحي الطيران أو المتخصصين في طب الفضاء الجوي، إلّا أنهم مسؤولون بشكل أساسي عن رعاية الطواقم سواء كانوا يطيرون في الفضاء أو في الهواء.

ينص البروتوكول الحالي على تحقيق استقرار المريض وإعادته إلى الأرض للتدخل الطبي، ولكن هذا الحل لن ينفع في رحلة مدتها سبعة أشهر في المريخ، فهل حان الوقت لجراحي الطيران للانتقال بعملهم إلى مستويات أخرى بإجراء عملية جراحية فعلية؟

ولكن ما الخطأ الذي يمكن حدوثه؟ عند إجراء عملية جراحية، في الفضاء مع انعدام الجاذبية تقريبًا..

تكمن المشكلة في قلة المعرفة والخبرة، فحتى الآن لم تكن هناك سوى إجراءات بسيطة في الفضاء، بينما توجد الكثير من الأبحاث التي تركز على العوائق الطبية التي ستعترض مهمات الفضاء السحيق والقمر والمريخ القادمة.

منع فقدان الدم

الصورة Freepik
ماذا يحدث لجسم الإنسان في الفضاء؟

على سطح الأرض، نقضي أيامنا في المشي من غرفة إلى أخرى ومن منزل إلى سيارة ومن سيارة إلى مكتب، وفي الركض حول المكتب وممارسة الرياضة والقيام بالمهمات، حيث تتضمن كل خطوة من تلك الخطوات ثنيًا وتمديدًا للورك والركبة والكاحل، بما في ذلك 200 عضلة. Read more›››

تُعزز العضلات القوية صحة كثافة العظام، فكلما كانت العضلة أقوى، كلما زاد شدها للعظام المرتبطة بها مما يجعلها أقوى.

وهذا يعني أيضًا أنه كلما ضعفت العضلات، ضعفت العظام. لذا تخيل لو كنت تطفو طوال يومك ولا تستخدم أيًا من العضلات أو المفاصل التي صُمّم جسمك من أجلها. ماذا يمكن أن يحدث لتلك العضلات؟ وتلك العظام؟

وفقًا لوكالة ناسا، يمكن أن تؤدي الإقامة الطويلة في الفضاء إلى ضمور (فقدان) العضلات، وهي حالة يهدف رواد الفضاء إلى تجنبها من خلال تدريبات القوة المكثفة أثناء المهام على محطة الفضاء الدولية، يمكن لرواد الفضاء الذين يقومون بمهمة تتراوح مدتها من خمسة إلى 11 يومًا أن يفقدوا ما يصل إلى 20 بالمائة من كتلة عضلات الجسم، وفي حين أن المهمات قصيرة المدى لا تؤثر على فقدان كثافة العظام بشكل كبير، إلّا أن المهمات الأطول تفعل ذلك، وتصبح تلك التأثيرات ملحوظة للغاية عند العودة إلى الأرض.

يمكن أن يشكل الوزن الطبيعي الذي يتحمله الهيكل العظمي على الأرض صدمة للعظام الضعيفة ويُعرّضها لخطر أكبر للكسر وهشاشة العظام. ولا يزال عامل الخطر هذا يمثل عائقًا أمام الإقامة طويلة الأمد في الفضاء لرواد الفضاء، حيث يبلغ متوسط فقدان كثافة المعادن في العظام شهريًا ما بين 1 إلى 2 بالمائة. تقول منظمة الصحة العالمية أن تشخيص هشاشة العظام يعتمد على وجود عجز بنسبة 25 بالمائة في متوسط كثافة العظام لشخص يبلغ من العمر 30 عامًا، كما أن هشاشة العظام تُعتبر طريقًا لا رجعة فيها.

تدور محطة الفضاء الدولية حول الأرض على ارتفاع 400 كيلومتر من مستوى سطح البحر ويمكن الوصول إليها من أي مكان خلال فترة تتراوح ما بين أربع ساعات إلى عدة أيام. تُقدر ناسا المدة التي تستغرقها الرحلة إلى المريخ بحوالي سبعة أشهر. وهذا يعني أنه مع حلول الوقت الذي يصل فيه رواد الفضاء إلى المريخ، من المحتمل أن يكونوا قد فقدوا 20% من المعادن.

وعلى الرغم من كل هذا، يواجه جراحو الطيران ذلك من خلال تمارين القلب والأوعية الدموية الصارمة وتدريبات المقاومة لمدة تصل إلى ساعتين يوميًا، وبعد إقامة لمدة ستة أشهر في محطة الفضاء الدولية، يعود رواد الفضاء بأقل الخسائر.

يقول الدكتور سيرغي فاكر أراوخو من وكالة الفضاء الأوروبية أن آلات المقاومة الهيدروليكية للحفاظ على كتلة العضلات وقوتها تمكن رواد الفضاء من المشي بسرعة كبيرة بعد عودتهم إلى الأرض.

يقول فاكر أراوخو في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “يفقد جميعهم العظام، إلّا أن الكمية دائمًا ما تكون ضمن هامش أمان واسع جدًا يمكن تصنيفه على أنه كثافة معادن طبيعية للعظام البشرية، وبشكل عام، كل ما أحاول قوله هو أنه إذا نظرت إلى القواسم المشتركة حول كيفية علاج هذه الأشياء الثلاثة ألا وهي العظام والعضلات والقلب والأوعية الدموية، فستجد السر يكمن في التمارين الرياضية، فهي دواؤنا الرئيس ونحن نعاملها كذلك.”

“وهذا يعني أن ما نقوم به في الفضاء يستغرق مفعوله مدة ستة أشهر، كما أظهرت المهمة التي تستغرق عامًا واحدًا (على الجانب الروسي والأمريكي) أنها (تأثيرات الوقت في الجاذبية الضئيلة) أكثر وضوحًا، لكنها لا تزال ضمن حدودها في نطاقات يمكن التحكم بها.”‹‹‹ Read less

يجري حاليًا ابتكار حلول لمنع الدم أو السوائل الأخرى من التسرب خارج موضع الجراحة تحت ظروف الجاذبية الضئيلة.

اختُبر نظام إدارة السوائل الجراحية الذي طوره فريق الجراحة الفلكية في جامعة لويفيل في الولايات المتحدة في عام 2021 على متن رحلة لشركة “فيرجن غالاكتيك”. وتتناسب هذه التكنولوجيا على هيئة القبة، والتي يمولها برنامج ناسا للتحضير للمهمات الطويلة، مع الموقع الجراحي لاحتواء السوائل، وهي مزودة بنقاط محددة يمكن إدخال الأدوات الجراحية من خلالها دون خروج السوائل.

وشمل الاختبار الآلي بالكامل حقن سائل يشبه الدم في القبة والتلاعب بالضغط داخلها للسيطرة على النزيف، إلّا أن التكنولوجيا متعددة الجوانب، تضمنت اختبارات لقدراتها على الري والشفط و تفريغ السوائل من القبة، كما أن القبة لا تحافظ على السوائل بداخلها فحسب، بل تحمي الموقع الجراحي من الملوثات أيضًا.

وقال جورج بانتالوس، رئيس فريق الجراحة الفلكية بجامعة لويفيل، أن الجهاز يعمل كما هو متوقع. “كان هناك القليل من الاختلاف بشأن كيفية عمل الأشياء مقارنة مع وجود أثر الجاذبية على الأرض، إلّا أنها لم تكن لا لافتة للنظر بأي حال من الأحوال.”

ويعمل الفريق أيضًا على إيجاد طرق للسماح لغير الجراحين بإجراء عمليات جراحية طارئة بالإضافة إلى طابعة تعمل بتقنية ثلاثية الأبعاد توفر المساحة ويمكنها طباعة الأدوات الجراحية القابلة لإعادة التدوير.

الروبوتات الجراحية

تُعتبر العمليات الجراحية الروبوتية، طريقًا آخر يحتمل النجاح.

سيقوم الروبوت الجراحي (المساعد الآلي المصغر داخل الجسم الحي) الذي يتم تشغيله عن بعد، والذي أنشأه شين فاريتور من شركة “فيرتشوال إنسيجنز”، برحلة قصيرة إلى محطة الفضاء الدولية للاختبار في عام 2024.

سيُجري المساعد الآلي المصغر داخل الجسم الحي وظائف جراحية بسيطة داخل مقصورة صغيرة تحتوي على مواد مُصممة بالمحاكاة.

تحتوي العمليات الجراحية الروبوتية الأعضاء الداخلية وسوائل الجسم مع تقليل التلوث، كما أنها توفر إجراءات تحتاج تدخلًا جراحيًا أقل مع وقت تعافي أسرع، مما يعني انخفاض خطر الإصابة بالعدوى – وهو أمر مهم بشكل خاص بالنظر إلى التأثيرات الضارة للجاذبية الضئيلة على جهاز المناعة البشري.

الجاذبية الضئيلة والجروح

يبدو أيضًا أن الجاذبية الضئيلة لها تأثير على التئام الجروح، حيث تشير الأبحاث الحالية إلى تباطؤ النمو الخلوي وانخفاض ألياف الكولاجين، وتشير دراسة نُشرت عام 2022 في مجلة “نيتشر” إلى أن الوقت الذي يقضيه رواد الفضاء في الفضاء يؤدي إلى انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء لديهم وهي حالة تعرف باسم فقر الدم، وتلعب خلايا الدم الحمراء الغنية بالأكسجين دورًا أساسيًا في بناء الأنسجة اللازمة لشفاء الجروح.

كان يُعتقد في الأصل أن فقر الدم الفضائي ينجم عن التعرض الأولي للجاذبية الضئيلة، الناتج عن تحول سوائل الجسم إلى الأعلى. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث الإضافية أن فقر الدم موجود أثناء التعرض وبعده. ويجب أن يؤخذ هذا في الاعتبار أيضًا بالنسبة للرعاية اللاحقة للعمليات الجراحية في المهام طويلة المدى.

ليس هذا سوى عدد قليل من التحديات.

فهناك مشكلة تتعلق بمن سيُجري عمليات جراحية كهذه. لا يعد المسؤولون الطبيون المتواجدون على متن المركبة الفضائية أطباء، بل هم طاقم طيران خضع لـ 60 ساعة من التدريب الطبي، ويقوم جراحو الطيران الذين يراقبون صحة رواد الفضاء حاليًا بذلك من الأرض.

وعلى الرغم من أن جراحي الطيران لرواد الفضاء ليسوا على الأغلب رواد فضاء ولا حتى جراحين متخصصين بهذا الغرض، إلا أنك إن وضعت جراحة الطيران نصب عينيك، فأمامك شوط طويل لتقطعه. بالإضافة إلى شهادة يستغرق الحصول عليها أربع سنوات وأربع سنوات تقضيها في كلية الطب وثلاث سنوات في برنامج الإقامة، كما سيستغرق الأمر عامين آخرين من التخصص في طب الفضاء للوصول إلى وجهتك النهائية كما يقول جراح الطيران في ناسا، ريك شورينج، في مقابلته مع جامعة ستراثكلايد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، حيث يقول أن هذه الرحلة ستستغرق 13 عامًا كاملًا، بالإضافة إلى تدريب رواد الفضاء، إلّا أن هذا من شأنه أن يضعك في طليعة تطورات طب الفضاء.

العلاج

وعلى الرغم من أن العديد من هذه التطورات قيد التنفيذ، إلا أن الدكتور سيرغي فاكر أراوخو، أخصائي طب العناية المركزة وقائد فريق طب الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، يقول أنه ستكون هناك حدود لما يمكن القيام به، وهذا يعني أنه سيتوجب على رواد الفضاء قبول وجود مشكلات صحية لا يمكن معالجتها بشكل صحيح في الفضاء.

ولكن يمكننا على الرغم من ذلك، توقع بعض الظروف والاستعداد لها.

يعمل فريق فاكر أراوخو بشكل وثيق مع وكالة ناسا لإعداد مجموعة من الأدوات التي تعالج أكبر عدد ممكن من السيناريوهات الناشئة. ليس بالضرورة عمليات جراحية معقدة ولكن علاجًا للأمراض وإجراء للعمليات التي أُجريت على محطة الفضاء الدولية، كخياطة الجروح الصغيرة أو قلع الأسنان.

“تخيل أن يخترق نيزك صغير المركبة ثم يخترق صدر رائد فضاء على سبيل المثال، لكنك لا تملك الأدوات اللازمة للتعامل مع ذلك. يقول فاكر أراوخو: “سيكون من المؤسف أن يموت شخص لعدم توفر الأدوات اللازمة”.

قد تكون مهمة تحديد الأدوات التي يجب أخذها إلى الفضاء، لعبة تخمين عالية المخاطر.

“صحيح بأن هذا أمر محبط للغاية، ولكن يجب على المرء أن يكون واقعيًا أيضًا، فإذا لم يكن لديك كل ما تحتاجه لتقييم فرص حدوث ذلك الأمر، وإذا كانت احتمالية حدوثه منخفضة، فأنت بحاجة إلى المجازفة”، كما قال في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.

الصورة أبجد


ويقول أن رواد الفضاء يدركون جيدًا المخاطر، ولكن كطبيب، لا تزال هناك مخاوف أخلاقية بشأن إرسال أشخاص في مهمة دون تزويدهم بكل الوسائل الممكنة للحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

تختلف أساليب وكالة الفضاء الأوروبية عن تلك الخاصة بوكالة ناسا فيما يتعلق بكيفية بناء مجموعاتهما الطبية، إلّا أنهما متكاملان، كما تُواصل منظمات العمل على الجمع بينهما.

القاعدة هي كالتالي: لا يتعلق الأمر بما يحدث، بل بما يحتاجه الجسم لحل المشكلة.

“على سبيل المثال، إذا كنت أنزف، فإن ما أحتاج إليه هو إيقاف النزيف وأن أُزوَّد بالسوائل. ولكن إذا أُصبت بصدمة ناتجة عن عدوى أو مرض أو ما تُسمى بصدمة إنتانية، مما يعني أنني مصاب بعدوى لا يمكن السيطرة عليها تمامًا، فأنا أيضًا بحاجة إلى السوائل وسأحتاج كذلك إلى الأدوات نفسها لكلا الأمرين لمعرفة ماهية الحالة.

يقول فاكر أراوخو: “ما يعنيه كل هذا هو أنه عندما تكون في حالة طبية حرجة ويصبح النظام على شفا حفرة من الفشل، تُشخَّص حالات الفشل هذه بالأدوات نفسها تقريبًا، لذلك نحاول العثور على كل تلك القواسم المشتركة وبناء عدتنا بحيث يكون لدينا شيء على الأقل لمعالجة تلك القواسم المشتركة. لذا، فأنت لا تفكر فيما كان هذا نيزكًا صغيرًا يخترق الصدر، بل كل ما يجب أن تعرفه هو أنك ستحتاج إلى الأكسجين، في حال اضطربت وظيفة الرئة.”

ماذا نضع بعد في عين الاعتبار؟

شجع فاكر أراوخو حقيقة أن عدة أدوات وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة ناسا متطابقة بنسبة تصل إلى 90 بالمائة الآن، كما يتفقون على أنه ليس من الممكن في هذه المرحلة، إجراء عملية جراحية كبرى في الفضاء، بالإضافة إلى أن تحديات الجاذبية الصغرى لا تقع بالضرورة ضمن اهتماماتهم الرئيسة.

بالنسبة للعمليات الجراحية المفتوحة المعقدة، من الضروري وجود غرفة عمليات كاملة، مما يعني الحاجة إلى مساحة أكبر.

لكن هذا الفضاء سيتطلب أيضًا كمية من الأكسجين القابل للاشتعال مما قد يعرض الطاقم بأكمله للخطر.

ويجب أيضًا مراعاة إمكانيات التعقيم، التي يعتقد فاكر أراوخو أنها مصدر القلق الأكبر.

أنت أيضًا بحاجة إلى مهارة الجراح الفعلي الموجود على متن الطائرة، ولكن ماذا لو كان هذا الجراح هو المريض؟ وما هو نوع الطبيب الذي قد تُعيّنه كجراح؟ ماذا لو عينت طبيبًا باطنيًا في الميدان وكانت هناك مشكلة تتعلق بالصدمات النفسية؟ وأين هي المشكلة في حقيقة أن “الجراح” قضى العامين السابقين للمهمة في التدريب كرائد فضاء ولكن من دون أن يعالج المرضى – ما المخاطر التي تشكلها سنتين يقضيها بعيدًا كل البعد عن الممارسة؟

قائمة الأسئلة لا تنتهي، ويبدو أن الإجابة تكمن في الوقت والابتكار والكثير من المال.

عالم النحل قد يفتح آفاقًا علمية جديدة

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ومع تغير المناخ وتلوث الهواء والأوبئة، تعد المقاومة المتزايدة لمضادات الميكروبات واحدة من أكبر 10 تهديدات للصحة العامة على مستوى العالم. لكن الحل قد يكمن في نحلة عسل صغيرة.

مضادات الميكروبات هي أدوية تستخدم لعلاج الالتهابات وتجنبها. ربما يكون بعضها مألوفًا بالنسبة لك، كالمضادات الحيوية ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات، على سبيل المثال لا الحصر. وقد وُصِف بعضها بأنها الأدوية الأكثر فعالية على الإطلاق. يقترب المضاد الحيوي البنسلين من عيد ميلاده الخامس والتسعين في 28 سبتمبر، وفي عام 2021، أشارت التقديرات إلى أنه أنقذ حياة أكثر من 200 مليون شخص.

تكمن المشكلة في الإفراط في استخدام مضادات الميكروبات وإساءة استخدامها، فهذا يتسبب في تطوير البكتيريا والكائنات الحية الأخرى المسببة للأمراض لمقاومة تأثيراته، كما أن المناطق التي تنتشر فيها الميكروبات المقاوِمة معرضة للخطر أيضًا بسبب نقص المياه النظيفة والصرف الصحي العام. لذا لابد من فهم أين توجد المقاومة لمواجهة المشكلة.


وهنا يأتي دور صديقاتنا النحلات.

يتلامس النحل يوميًا مع المواد الطبيعية مثل الماء والتربة والهواء وحبوب اللقاح، وكلها تحمل أدلة على مقاومة مضادات الميكروبات، وقد كشفت دراسة أجريت عام 2023 أن نحل العسل، وبسبب عيشه في الأماكن نفسها التي يعيش فيها البشر، يُعد مؤشرًا فعالًا على ما إذا كانت المقاومة الميكروبية تؤثر على السكان، ومع توقع حدوث ما يقدر بنحو 10 ملايين حالة وفاة سنويًا بسبب مقاومة مضادات الميكروبات على مستوى العالم بحلول عام 2050، فمن الممكن أن تنقذ أجهزة المراقبة الحيوية الصغيرة هذه الكثير من الأرواح.

اختبر فريق من جامعة ماكواري في أستراليا 144 نحلة عسل أوروبية من 18 خلية، فأظهرت 83% منها نتائج إيجابية لواحد أو أكثر من أهداف مقاومة مضادات الميكروبات، بينما أظهرت 39 % منها إيجابية لهدفين أو أكثر.

يعني العمر القصير لنحلة العسل الذي يتراوح من أربعة إلى ثمانية أسابيع فقط ومنطقة البحث التي تبلغ 2.5 كيلومتر أن البيانات حديثة ومحلية، ومع وجود 700 ألف حالة وفاة سنويًا بسبب أمراض مقاوِمة للأدوية، فلابد للبيانات أن تكون دقيقة.

وفي حين يمكن العثور على نحل العسل في جُل دول العالم، يعترف الفريق بوجود عيوب في كل طريقة لرصد مضادات الميكروبات تقريبًا، وسيكون النظام العالمي للنتائج المشتركة للمراقبة أكثر فاعلية في مكافحة مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات. ومن شأن الاتساق في الأساليب أن يعزز الدقة أيضًا.

IMAGE: Pixabay

لا تقتصر مقاومة مضادات الميكروبات على البشر فحسب، فالنباتات والحيوانات معرضة للخطر أيضًا، لذلك من الضروري تحديد مصادر البكتيريا المقاوِمة، وتشير الدراسة إلى أنه “من المهم تحديد المصادر الرئيسة التي تُدخل البكتيريا المقاوِمة إلى البيئة المحيطة بالبشر، والتي تشمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي والصرف الصحي والمصادر الصناعية، وكذلك الزراعة وتربية الأحياء المائية”. ويشير الفريق أيضًا إلى قلة الأبحاث في هذا المجال بشكل ملحوظ.

يمكن للمعرفة فيما إذا كانت هذه البكتيريا قد التُقطت في الشاطئ أو المسبح المحلي أو من تناول الفواكه والخضروات المحلية أن تكون حافزًا للتدخلات المؤقتة.


يُذكر أن الفريق قد توصل إلى برنامج شامل وفعال يتضمن نظام مراقبة شامل وتحديدًا لمدى المقاومة وفهمًا للموقع الذي يتطلب المراقبة والطريقة الأكثر فعالية للرصد واختبارًا للكائنات الحية الدقيقة على المستوى الجيني.

نظرًا لضرورة أن يتفق الجميع على نظام مشترك، يحتاج العالم إلى التعامل مع مقاومة مضادات الميكروبات بشكل متسق ومضبوط، كما يحتاج إلى أن يمتد إلى المناطق التي تكون فيها البكتيريا المقاوِمة معرضة لخطر كبير لانتقال العدوى.

في الواقع، هناك طرق تنتظر منا أن نقطعها قبل أن نحصل على نظام متماسك لرصد واختبار مقاومة مضادات الميكروبات، إلّا أن نحل العسل، مع وجود أكثر من 3 مليارات مستعمرة له في الولايات المتحدة وحدها وزيادة في عدد السكان بنسبة 80% منذ الستينيات، يُعتبر موردًا موثوقًا ووفير.