الحشرات التي تتغذى على البلاستيك

تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 8.3 مليار طن من المواد البلاستيكية في كوكب الأرض ويشكل أكثر من 6.3 مليار من تلك المواد نفايات بلاستيكية، وتعتبر إعادة التدوير حلًا غير ممكنًا لجميع هذه المواد. وفي هذا الصدد، يبحث العلماء في مختلف أنحاء العالم في الحلول العضوية التي تتمثل في حشرة البق الجائعة والإنزيمات والبكتيريا الناتجة عنها.

أجرى الدكتور كريس رنكي وفريق من الباحثين من جامعة كوينزلاند في أستراليا دراسة في العام 2022 نُشرت في المجلة العلمية “ميكروبايل جينومكس“، وتتمحور هذه الورقة حول مشروعهم البحثي في الكشف عن نوع من أنواع الخنافس يُسمى زوفوباس موريو زوفوباس موريو

وتُعرف أيضًا هذه الحشرات باسم (الديدان الخارقة) وتتغذى على المواد المتحللة كأوراق الأشجار الميتة وجثث الحيوانات، كما يمكن أن تعيش من خلال الغذاء على البوليسترين وحده. ويمكن لمعظم هذه الديدان الخارقة أن تجتاز المرحلة الانتقالية لتصبح خنفساء بالغة من خلال نظام غذائي قائم على البوليمرات الاصطناعية المستخدمة بشكل خاص في صناعة ألواح التزلج والأكواب القابلة لإعادة الاستخدام.

وقال الدكتور كريس لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “لاحظنا أن الديدان الخارقة تقوم بتفتيت البوليسترين وابتلاعه، لتقوم بعد ذلك البكتيريا الموجودة في أمعاء الديدان بتذويب البلاستيك أكثر فأكثر، كما لاحظنا العديد من الإنزيمات المشفرة المرتبطة بتذويب البوليسترين في أمعاء البكتيريا”. إضافة لذلك، يسعى الفريق إلى البحث في عمليات تذويب مواد بلاستيكية حرارية أخرى تشمل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين.

وقد يتبادر إلى أذهاننا قيام بعض الجهات المحلية المسؤولة عن التخلص من النفايات بإنشاء مزرعة كبيرة للديدان لتقوم بمهام تحليل البوليسترين غير المرغوب به، لكن أوضح الدكتور كريس عبر إذاعة (إن بي آر) أنه من الأسهل والأفضل من الناحية الاقتصادية إعادة إنتاج الإنزيمات التي تتيح للخنافس تحليل مواد قطع غسالات الأواني ومواد التغليف على سبيل المثال. ويمكن رش مزيج الإنزيمات المصنعة على النفايات بعد تفتيتها وإضافة بعض الميكروبات عليها للحصول على مواد بلاستيكية حيوية.

ونوَّه الدكتور كريس إلى أن توفر الإنزيمات للاستخدام الصناعي سيتطلب بعض الوقت.

وأضاف: “ستتطلب العملية تمويلًا بحثيًا كبيرًا والعديد من السنوات لتحديد خصائص الإنزيمات التي تدخل في تحليل البوليسترين، ولكن في حال وجدنا إنزيمات أكثر فاعلية يمكننا توفير حل بيولوجي لتحليل النفايات البلاستيكية”.

وفي نفس الوقت، يشجع الدكتور كريس المستهلكين على تفادي استخدام البلاستيك قدر الإمكان، خاصة العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.

وصرح لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “إذا كان لابد من استخدام المواد البلاستيكية، يجب إعادة تدوير النفايات البلاستيكية. إضافة لذلك، يعتبر من الضرور ي حث المجالس المحلية على زيادة عمليات إعادة تدوير المواد البلاستيكية”.

اليرقات الجائعة

تبين أن هناك حشرات أخرى تتخذ من المواد البلاستيكية غذاءً لها غير حشرة الـزوفوباس موريو.

أجرى باحثون في بولندا دراسة على نوع من الخنافس يُسمى (تينيبريو موليتور)، حيث نشروا نتائج دراستهم البحثية في المجلة العلمية “بوليمرز“.

وقام الباحثون بتغذية الحشرة، التي تعرف باسم دودة الجريش الصفراء والتي تنتمي لفصيلة الخنافس، على رغوة البوليسترين (بي إس). ويشمل النظام الغذائي نوعين من البوليسترين هما، رغوة البولي يوريثين (بي يو 1) و(بي يو 2) التي تتضمن الإسفنج المستخدم في المطابخ والرغوة المواد العازلة التجارية، ورغوة البولي إيثيلين (بي إي) المستخدمة بشكل شائع في تغليف المواد.

وتوصل الباحثون إلى أن الاختلافات الجينية بين مجموعات ديدان الجريش الصفراء قد يتم تحديدها من خلال معدلات الاستهلاك المختلفة، حيث يمكن استهلاك كيلو غرام واحد من (بي إس) و(بي يو 1) و(بي يو 2) و(بي إي) خلال مدة 58 يومًا من قبل حشرة الزوفوباس موريو بأوزان مختلفة هي 40.5 كيلو غرام و46.0 كيلوغرام و36.5 كيلوغرام و30.9 كيلو غرام على التوالي.

من آفة إلى فرصة

وذكر الباحثون البولنديون أصنافًا أخرى من الحشرات التي تتغذى على البلاستيك تشمل حشرة جاليريا ميلونيلا، التي تعرف بدودة الشمع والتي تم اكتشاف رغبتها في تناول المواد البلاستيكية بشكل عرضي عندما قام الباحث بوضعها في كيس من البلاستيك ولاحظ لاحقًا وجود ثقوب في هذا الكيس. وقد تم تسليط الضوء على نتائج هذه الدراسة في دراسة حديثة أجريت بجامعة براندون في كندا.

وتتميز دودة الشمع، التي تهاجم خلايا النحل وتتغذى على الشمع، بقدرتها على هضم البولي إيثيلين، وهو نوع من البلاستيك موجود في أكياس التسوق، وإفراز مادة جليكول الإيثيلين التي تعتبر مادة كحولية تُستخدم كمضاد للتجميد.

وتضمنت الدراسة 60 دودة من ديدان الشمع قامت باستهلاك قطعة من البلاستيك بلغ طولها 30 سنتيمتر مربع في أقل من أسبوع، ونشر الباحثون نتائجهم البحثية في المجلة العلمية كرنت بيولوجي.

تمتلك ديدان الشمع قدرة كبيرة على استهلاك المواد البلاستيكية بمفردها، لكن قام الباحثون بإضافة بكتيريا معوية قادرة أيضًا على العيش على البولي إيثيلين لمدة عام كمصدر وحيد للغذاء. وبذلك، ساهم الجمع بين كل من ديدان الشمع والبكتيريا في تسريع التحلل الحيوي للمواد البلاستيكية، ولكن يؤكد الباحثون على أن ديدان الشمع والبكتيريا ليست الحل لمشكلة البلاستيك وأنه يجب التركيز على طرق ممكنة أخرى لإدارة النفايات البلاستيكية.

الدخول في عالم الميكروبات

ظهرت أنواع مختلفة من الكائنات الحية الدقيقة، ليست الحشرات وإنما الميكروبات، كحلول ممكنة لمشكلة النفايات البلاستيكية في العالم.

وفي هذا الإطار، اكتشف باحثون في العام 2016 في مكب للنفايات في اليابان بكتيريا تطورت بشكل طبيعي من خلال أكل البلاستيك، وقاموا بدراسة الإنزيم لمراقبة آلية تطورها والتعديل عليه ليتمكن من تحليل البولي إيثيلين تيريفثالات، وهو نوع من المواد البلاستيكية المستخدمة في صناعة عبوات المشروبات الغازية.

ومؤخرًا، توصل مجموعة من الباحثين في السويد إلى حقيقة أن الميكروبات في جميع أنحاء العالم تعيش على أكل النفايات البلاستيكية الموجودة في قمم الجمال وفي أعماق المحيطات والشواطئ الاستوائية البعيدة. ونشر الباحثون نتائج دراستهم، والتي تعد الأولى من نوعها في تقييم قدرة الميكروبات التي تتغذى على المواد البلاستيكية عالميًا، في المجلة الدولية “إم بيو“.

وتوصل الباحثون، بعد أن قاموا بفحص 200 مليون جين، إلى وجود 30,000 إنزيم قادر على تحليل 10 أنواع من البلاستيك.

ولاحظوا أن عدد الإنزيمات وأنواعها مطابقة لكميات البلاستيك وأنواعه، حيث وجدوا أن كائن دقيق واحد من كل أربعة كائنات دقيقة تم فحصها تمتلك إنزيمًا قادر على تحليل المواد البلاستيكية.

وعلق الباحث جان زريمك من جامعة تشالمرز في مجلة الـ “غارديان“: “لم نتوقع وجود هذا العدد الكبير من الإنزيمات في العديد من الميكروبات والبيئات المختلفة، وهذا اكتشاف متميز يوضح حجم المشكلة”.

يقول الدكتور ديفيد شيهان من جامعة خليفة: “تساهم الميكروبات بتطوير إنزيمات قادرة على تحليل المواد البلاستيكية خلال وقت قصير من تطورها. وإذا قمنا بتحديد مجموعة من هذه الإنزيمات، يمكن أن نستفيد من منهجيات هندسة الإنزيمات لتحسين نشاطها وتوسيع نطاقها وإنتاجها على صعيد تجاري كما هو الحال في إنتاج المنظفات البيولوجية”.

حشرة البق التي تتغذى على البلاستيك

تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 8.3 مليار طن من المواد البلاستيكية في كوكب الأرض ويشكل أكثر من 6.3 مليار من تلك المواد نفايات بلاستيكية، وتعتبر إعادة التدوير حلًا غير ممكنًا لجميع هذه المواد. وفي هذا الصدد، يبحث العلماء في مختلف أنحاء العالم في الحلول العضوية التي تتمثل في حشرة البق الجائعة والإنزيمات والبكتيريا الناتجة عنها.

أجرى الدكتور كريس رنكي وفريق من الباحثين من جامعة كوينزلاند في أستراليا دراسة في العام 2022 نُشرت في المجلة العلمية “ميكروبايل جينومكس“، وتتمحور هذه الورقة حول مشروعهم البحثي في الكشف عن نوع من أنواع الخنافس يُسمى زوفوباس موريو زوفوباس موريو

وتُعرف أيضًا هذه الحشرات باسم (الديدان الخارقة) وتتغذى على المواد المتحللة كأوراق الأشجار الميتة وجثث الحيوانات، كما يمكن أن تعيش من خلال الغذاء على البوليسترين وحده. ويمكن لمعظم هذه الديدان الخارقة أن تجتاز المرحلة الانتقالية لتصبح خنفساء بالغة من خلال نظام غذائي قائم على البوليمرات الاصطناعية المستخدمة بشكل خاص في صناعة ألواح التزلج والأكواب القابلة لإعادة الاستخدام.

وقال الدكتور كريس لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “لاحظنا أن الديدان الخارقة تقوم بتفتيت البوليسترين وابتلاعه، لتقوم بعد ذلك البكتيريا الموجودة في أمعاء الديدان بتذويب البلاستيك أكثر فأكثر، كما لاحظنا العديد من الإنزيمات المشفرة المرتبطة بتذويب البوليسترين في أمعاء البكتيريا”. إضافة لذلك، يسعى الفريق إلى البحث في عمليات تذويب مواد بلاستيكية حرارية أخرى تشمل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين.

وقد يتبادر إلى أذهاننا قيام بعض الجهات المحلية المسؤولة عن التخلص من النفايات بإنشاء مزرعة كبيرة للديدان لتقوم بمهام تحليل البوليسترين غير المرغوب به، لكن أوضح الدكتور كريس عبر إذاعة (إن بي آر) أنه من الأسهل والأفضل من الناحية الاقتصادية إعادة إنتاج الإنزيمات التي تتيح للخنافس تحليل مواد قطع غسالات الأواني ومواد التغليف على سبيل المثال. ويمكن رش مزيج الإنزيمات المصنعة على النفايات بعد تفتيتها وإضافة بعض الميكروبات عليها للحصول على مواد بلاستيكية حيوية.

ونوَّه الدكتور كريس إلى أن توفر الإنزيمات للاستخدام الصناعي سيتطلب بعض الوقت.

وأضاف: “ستتطلب العملية تمويلًا بحثيًا كبيرًا والعديد من السنوات لتحديد خصائص الإنزيمات التي تدخل في تحليل البوليسترين، ولكن في حال وجدنا إنزيمات أكثر فاعلية يمكننا توفير حل بيولوجي لتحليل النفايات البلاستيكية”.

وفي نفس الوقت، يشجع الدكتور كريس المستهلكين على تفادي استخدام البلاستيك قدر الإمكان، خاصة العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.

وصرح لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “إذا كان لابد من استخدام المواد البلاستيكية، يجب إعادة تدوير النفايات البلاستيكية. إضافة لذلك، يعتبر من الضرور ي حث المجالس المحلية على زيادة عمليات إعادة تدوير المواد البلاستيكية”.

اليرقات الجائعة

تبين أن هناك حشرات أخرى تتخذ من المواد البلاستيكية غذاءً لها غير حشرة الـزوفوباس موريو.

أجرى باحثون في بولندا دراسة على نوع من الخنافس يُسمى (تينيبريو موليتور)، حيث نشروا نتائج دراستهم البحثية في المجلة العلمية “بوليمرز“.

وقام الباحثون بتغذية الحشرة، التي تعرف باسم دودة الجريش الصفراء والتي تنتمي لفصيلة الخنافس، على رغوة البوليسترين (بي إس). ويشمل النظام الغذائي نوعين من البوليسترين هما، رغوة البولي يوريثين (بي يو 1) و(بي يو 2) التي تتضمن الإسفنج المستخدم في المطابخ والرغوة المواد العازلة التجارية، ورغوة البولي إيثيلين (بي إي) المستخدمة بشكل شائع في تغليف المواد.

وتوصل الباحثون إلى أن الاختلافات الجينية بين مجموعات ديدان الجريش الصفراء قد يتم تحديدها من خلال معدلات الاستهلاك المختلفة، حيث يمكن استهلاك كيلو غرام واحد من (بي إس) و(بي يو 1) و(بي يو 2) و(بي إي) خلال مدة 58 يومًا من قبل حشرة الزوفوباس موريو بأوزان مختلفة هي 40.5 كيلو غرام و46.0 كيلوغرام و36.5 كيلوغرام و30.9 كيلو غرام على التوالي.

من آفة إلى فرصة

وذكر الباحثون البولنديون أصنافًا أخرى من الحشرات التي تتغذى على البلاستيك تشمل حشرة جاليريا ميلونيلا، التي تعرف بدودة الشمع والتي تم اكتشاف رغبتها في تناول المواد البلاستيكية بشكل عرضي عندما قام الباحث بوضعها في كيس من البلاستيك ولاحظ لاحقًا وجود ثقوب في هذا الكيس. وقد تم تسليط الضوء على نتائج هذه الدراسة في دراسة حديثة أجريت بجامعة براندون في كندا.

وتتميز دودة الشمع، التي تهاجم خلايا النحل وتتغذى على الشمع، بقدرتها على هضم البولي إيثيلين، وهو نوع من البلاستيك موجود في أكياس التسوق، وإفراز مادة جليكول الإيثيلين التي تعتبر مادة كحولية تُستخدم كمضاد للتجميد.

وتضمنت الدراسة 60 دودة من ديدان الشمع قامت باستهلاك قطعة من البلاستيك بلغ طولها 30 سنتيمتر مربع في أقل من أسبوع، ونشر الباحثون نتائجهم البحثية في المجلة العلمية كرنت بيولوجي.

تمتلك ديدان الشمع قدرة كبيرة على استهلاك المواد البلاستيكية بمفردها، لكن قام الباحثون بإضافة بكتيريا معوية قادرة أيضًا على العيش على البولي إيثيلين لمدة عام كمصدر وحيد للغذاء. وبذلك، ساهم الجمع بين كل من ديدان الشمع والبكتيريا في تسريع التحلل الحيوي للمواد البلاستيكية، ولكن يؤكد الباحثون على أن ديدان الشمع والبكتيريا ليست الحل لمشكلة البلاستيك وأنه يجب التركيز على طرق ممكنة أخرى لإدارة النفايات البلاستيكية.

الدخول في عالم الميكروبات

ظهرت أنواع مختلفة من الكائنات الحية الدقيقة، ليست الحشرات وإنما الميكروبات، كحلول ممكنة لمشكلة النفايات البلاستيكية في العالم.

وفي هذا الإطار، اكتشف باحثون في العام 2016 في مكب للنفايات في اليابان بكتيريا تطورت بشكل طبيعي من خلال أكل البلاستيك، وقاموا بدراسة الإنزيم لمراقبة آلية تطورها والتعديل عليه ليتمكن من تحليل البولي إيثيلين تيريفثالات، وهو نوع من المواد البلاستيكية المستخدمة في صناعة عبوات المشروبات الغازية.

ومؤخرًا، توصل مجموعة من الباحثين في السويد إلى حقيقة أن الميكروبات في جميع أنحاء العالم تعيش على أكل النفايات البلاستيكية الموجودة في قمم الجمال وفي أعماق المحيطات والشواطئ الاستوائية البعيدة. ونشر الباحثون نتائج دراستهم، والتي تعد الأولى من نوعها في تقييم قدرة الميكروبات التي تتغذى على المواد البلاستيكية عالميًا، في المجلة الدولية “إم بيو“.

وتوصل الباحثون، بعد أن قاموا بفحص 200 مليون جين، إلى وجود 30,000 إنزيم قادر على تحليل 10 أنواع من البلاستيك.

ولاحظوا أن عدد الإنزيمات وأنواعها مطابقة لكميات البلاستيك وأنواعه، حيث وجدوا أن كائن دقيق واحد من كل أربعة كائنات دقيقة تم فحصها تمتلك إنزيمًا قادر على تحليل المواد البلاستيكية.

وعلق الباحث جان زريمك من جامعة تشالمرز في مجلة الـ “غارديان“: “لم نتوقع وجود هذا العدد الكبير من الإنزيمات في العديد من الميكروبات والبيئات المختلفة، وهذا اكتشاف متميز يوضح حجم المشكلة”.

يقول الدكتور ديفيد شيهان من جامعة خليفة: “تساهم الميكروبات بتطوير إنزيمات قادرة على تحليل المواد البلاستيكية خلال وقت قصير من تطورها. وإذا قمنا بتحديد مجموعة من هذه الإنزيمات، يمكن أن نستفيد من منهجيات هندسة الإنزيمات لتحسين نشاطها وتوسيع نطاقها وإنتاجها على صعيد تجاري كما هو الحال في إنتاج المنظفات البيولوجية”.

مستقبل أكثر استدامة يصلك حتى باب منزلك

هل تعلم ما هي آخر صيحة في قطاع الخدمات اللوجستية؟ إنها الاستدامة!

يتجه القطاع نحو الخدمات اللوجستية الصديقة للبيئة وتبني طرق للتقليل من التأثير البيئي والانبعاثات الكربونية للأنشطة اللوجستية، ونظرًا لأن 37% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية تأتي من قطاع النقل والخدمات اللوجستية، لذلك فإن النقل هو أسهل مكان للبدء.

تقول جاكلين بلومهوف، دكتورة في بحوث العمليات والخدمات اللوجستية في جامعة فاخينينجن بهولندا: “عندما يتعلق الأمر بالبيئة، فإن النقل هو الجانب الأبرز في سلاسل التوريد “تُعتبر وسيلة النقل أحد الخيارات الرئيسة في مجال النقل – الطائرة أو السفينة أو الشاحنة أو السكك الحديدية أو القارب المسطح أو خطوط الأنابيب – ولكل وسيلة خصائص مختلفة من حيث التكاليف ومدة التنقل وسهولة الوصول وأثرها البيئي.”

يقول نيكلاس سيم، أحد مرشحي الدكتوراه في جامعة لينكوبينج بالسويد، بأن المتخصصين في مجال الخدمات اللوجستية، لم يعطوا الأولوية للمخاوف البيئية لسنوات عديدة على الرغم من الزيادة المطردة في الاهتمام الأكاديمي بالأبحاث: “كانت الفرضية الأساسية للخدمات اللوجستية هي إدارة وتنظيم تدفق البضائع بطريقة فعالة من حيث استخدام الموارد، إلّا أنه ومع تطور الأهداف العالمية للأمم المتحدة للتنمية المستدامة والاهتمام البيئي الناشئ، أقر مشغلو الخدمات اللوجستية بزيادة الاهتمام العام بالمسائل البيئية، مما أدى إلى تغيير مفهوم الخدمات اللوجستية وإضافة بعد جديد، حيث بدأت منظمات سلسلة التوريد في تحمل المسؤولية عن ممارساتها اللوجستية وارتأت الحاجة إلى النظر في الآثار البيئية لممارساتها.

وفي حين أن إضفاء طابع الاستدامة على قطاع النقل لا ينحصر فقط في النقل المادي للبضائع – بل يتضمن كذلك جوانب أخرى مثل مواد التعبئة والتغليف الخضراء والتعبئة الموفرة للمساحة وتقليل عمليات الاسترجاع وعمليات التسليم الغير ناجحة وتحسين تخطيطات المستودعات – إلا أن النقل المادي للبضائع يمثل مصدر قلق كبير للشركات التي تتطلع إلى تقليل بصمتها الكربونية، فعلى سبيل المثال، طورت شركة “دي إتش إل” العملاقة للخدمات اللوجستية ما يعرف بـ “معدات الخدمات اللوجستية الخضراء”.

وقال محمد بن ثامر الكعبي، وزير المواصلات والاتصالات البحريني، للمنتدى الاقتصادي العالمي: “يطلب المستهلكون المعاصرون في مجتمع اليوم المعولم والمترابط سلعًا بأسعار معقولة ومتاحة بسهولة في أي لحظة، وهذا يعتمد على سلاسل التوريد الموثوقة والمرنة، إلّا أن سلاسل التوريد لا تكون جيدة إلا بقدر جودة أضعف حلقاتها – وكما أظهرت السنوات القليلة الماضية، غالبًا ما ينتهي الأمر بهذه الحلقة الضعيفة إلى كونها قطاع النقل.

مزاولة العمل

وفقًا للمركز التقني متعدد التخصصات للدراسات المعنية بتلوث الهواء، وهو منظمة فرنسية تقوم بجمع وتحليل ونشر المعلومات حول تغير المناخ، تتحمل الشاحنات الخفيفة مسؤولية 20% من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن وسائل النقل، وتساهم الشاحنات الثقيلة في تلك الانبعاثات بنسبة 22%.

خلال رحلة المنتج من المستودع إلى المستهلك، تُعرف الخطوة الأخيرة باسم “تسليم الميل الأخير”، وهي الجزء الأكثر تكلفة واستهلاكًا للوقت في العملية وتتضمن هذه الخطوة التسليم الفعلي للمنتج إلى المستلم، ويُعزى السبب في تصنيف هذه الخطوة على أنها نقطة ضعف إلى أن المرحلة النهائية للشحنة تعادةً تتطلب عدة محطات توقف ونسبة تسليم منخفضة.

يقول إمراه ديمير، دكتور الأبحاث التشغيلية في جامعة كارديف، أن الميل الأخير يمثل قوة متزايدة تعيد تشكيل شبكات التوريد حول العالم: “يرغب العملاء في تسليم المنتجات في الوقت المحدد، وهو ما قد يُمثل مهمة صعبة للغاية بالنسبة لمقدمي الخدمات اللوجستية بسبب التحديات التشغيلية المختلفة والتغيرات.”

ونظرًا لانتقال المستودعات بعيدًا عن مراكز المدن، فقد زادت المسافة المقطوعة لتسليم البضائع بشكل كبير. علاوة على أن معظم عمليات التسليم عبارة عن عمليات توصيل إلى المنزل، مما يزيد من عدد محطات التوقف لخدمة التوصيل. وفي هذا الإطار، تشجع خدمة نقطة الاستلام العملاء على استخدام حلول التنقل الصديقة للبيئة كالمشي أو وسائل النقل العام أو ركوب الدراجات، خاصة في المناطق الحضرية. ولكن ربما الأهم من ذلك هو زيادة وتيرة الطلب، فقد ازداد الإقبال على التسوق عبر الإنترنت، خاصة بفضل جائحة كوفيد-19 العالمية التي غيرت سلوكيات المستهلكين.

الصورةأبجد

يقول ديمير لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “في عام 2022، كان من المتوقع أن تتجاوز مبيعات التجارة الإلكترونية بالتجزئة 5.7 تريليون دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى مستويات جديدة في السنوات المقبلة.”

توصي معدات الخدمات اللوجستية المستدامة الخاصة بشركة “دي إتش إل” بتحسين المسار لتقليل الوقت والمسافة إلى الوجهات وخفض استهلاك الوقود وتقليل الانبعاثات والتكاليف، كما اقترحت تدريب سائقي التوصيل على القيادة البيئية – سلوكيات القيادة التي تقلل الانبعاثات واستهلاك الوقود – واستخدام الوقود المستدام أو المركبات الكهربائية.


لقد أصبح من الواضح أن الاعتماد على الكهرباء في النقل البري للبضائع هو الوسيلة المثلى للحد من انبعاثات الكربون. ويظل الاعتماد على الوقود الأحفوري واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه الخدمات اللوجستية، خاصة وأن الحلول الفعالة والمجدية اقتصاديًا لم يتم التوصل إليها بعد، إلّا أن العديد من الشركات أصبحت تستخدم المركبات الكهربائية والتي تستهلك نسبة أقل من تكاليف التشغيل، كما تتميز المركبات الكهربائية أيضًا بسهولة دمجها في شبكة سلسلة توريد أكبر متصلة بالسحابة مما يسمح للتكنولوجيات التي تعمل بالأنظمة الذكية بتبسيط العمليات.

ويعتقد ديمير أن المركبات الكهربائية هي الخيار الوحيد للسيارات المستخدمة في عمليات التوصيل.

يقول ديمير لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “بالنسبة للنقل الحضري في الميل الأخير، فإن السيارات الكهربائية هي التي تمثل المستقبل، إلّا أن التكنولوجيا لم تتوصل بعد إلى مركبات كهربائية يمكنها حمل البضائع الثقيلة، حيث يعد التخلص التدريجي من مركبات الشحن البري التي تعمل بالوقود الأحفوري خطوة أساسية لتقليل الانبعاثات ومكافحة تغير المناخ.”

ويشير إلى خطط المملكة المتحدة لحظر مبيعات شاحنات الديزل والبنزين الجديدة بحلول عام 2030 ومطالبة جميع الشاحنات الجديدة بأن تكون انبعاثاتها صفر تمامًا عند أنبوب العادم اعتبارًا من عام 2035 وحظر بيع جميع المركبات الثقيلة ذات الانبعاثات غير الصفرية بحلول عام 2040 والمركبات الثقيلة الأخف وزنًا اعتبارًا من عام 2035.

يقول ديمير: “إن التخلص التدريجي من مركبات الشحن البري التي تعمل بالوقود الأحفوري لن يؤدي إلى تقليل الانبعاثات فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى تحسين جودة الهواء وخلق فرص عمل جديدة في قطاع الطاقة الخضراء أو الصديقة للبيئة”.

ومع ذلك، فإن محدودية محطات إعادة الشحن الكهربائي وإعادة تعبئة الهيدروجين في المناطق الحضرية تمثل عيبًا مهمًا، ففي الوقت الحالي، يمكن للشاحنات الكهربائية الخفيفة السفر لمسافة حوالي 250 كيلومترًا قبل أن تحتاج إلى شحنها مرة أخرى، ومع تطور التكنولوجيا واستخدام المزيد من السيارات الكهربائية، ستنخفض سرعات الشحن وستتوفر المزيد من مراكز إعادة الشحن، ولكن في المراحل الأولى من هذا التحول، ما يزال من الصعب العثور على محطات إعادة الشحن.

تقول بلومهوف: “تُعتبر المركبات الكهربائية صديقة للبيئة نظرًا لأن محركاتها لا تنتج أي انبعاثات تقريبًا ويمكن التحكم في الانبعاثات في محطات الطاقة الكهربائية، وبسبب نطاقها المحدود، فهي أكثر ملاءمة للنقل في المدينة، كما يمكن إنشاء شبكة كثيفة لإعادة إمداد الطاقة للتعويض عن قصر المسافات التي تقطعها، ربما بالتزامن مع تبديل البطاريات أيضًا”.

يمكن أيضًا استخدام الإدارة الذكية للأسطول بشكل أفضل هنا، حيث يمكن للخوارزميات إعطاء الأولوية لإرسال أسطول صديق للبيئة، وتشجيع المستهلكين على اختيار طرق تسليم صديقة للبيئة للحصول على سلعهم في وقت أقرب.

الصورة تصاميم أبجد

أمضت أليكس فارغاس عام 2020 في العمل مع “كونيكتد بليسز كاتابلت”، وهي شركة لتسريع الابتكار في المملكة المتحدة. وهناك ركزت على الخدمات اللوجستية التعاونية المستدامة باستخدام خوارزميات التخطيط لإدارة لوجستيات الشحن بشكل أفضل بين الشركات: “ستؤدي الرحلات المحسنة للشاحنات من خلال التعاون إلى تقليل المسافة الإجمالية المقطوعة و انخفاض عدد الشاحنات على الطريق مع ما يترتب على ذلك من انخفاض في التكاليف البيئية والاجتماعية.

يمكن لهذه الخوارزميات والمنصة المرتبطة بها أن تساعد المتعاونين المحتملين على الثقة ببعضهم البعض ومشاركة البيانات وبناء نموذج عمل جديد يعتمد على الشبكات التعاونية.

يوضح فارغاس: “سيؤدي التعاون إلى تقليل عدد مركبات البضائع الثقيلة على الطرق السريعة وتقليل الانبعاثات وتقليل التشغيل الفارغ وتحديد الطرق والرحلات بحيث يمكن للمشغلين دمج حمولاتهم في رحلات المركبة الواحدة”.

وهنا يأتي دور “كاردينال”، وهي عبارة عن منصة لتحسين التسليم لأخصائيي الخدمات اللوجستية، كما توصي بتقليل عدد المركبات المستخدمة وعدد الكيلومترات المقطوعة، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين المسارات وتحميل الشاحنات بكامل طاقتها.

تسلط “كاردينال” الضوء أيضًا على الدور الذي يتعين على الشركات أن تلعبه في زيادة الوعي بالتكلفة البيئية لعمليات التسليم، ووجد استطلاع أجراه مجلس الشيوخ الفرنسي في مايو 2021 أن 93% من المشاركين شعروا بعدم كفاية المعلومات حول التأثير البيئي لتسليم مشترياتهم عبر الإنترنت، واعتقد أكثر من 85% منهم أن ذلك سيؤثر على اختيارهم لطريقة الاستلام.

يعتقد ديمير من جامعة كارديف أن هناك المزيد فيما يتعلق بتحسين المسار:

يقول ديمير في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “لطالما كان النهج التقليدي في تحسين المسار هو تقليل مسافة التنقل، إلّا أن جميع الأبحاث في مجال الخدمات اللوجستية المستدامة تظهر أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على استهلاك الوقود، فسرعة السيارة والازدحام وانحدار الطريق والحمولة وسلوك السائق كلها عوامل تؤثر على استهلاك الوقود إلى جانب المسافة، كما كان لهذه العوامل أثر حتى على شهادة الدكتوراه الخاصة بي عام 2012، والآن فقط نشهد أعدادًا متزايدة من البرامج التي تأخذ جميع العوامل في عين الاعتبار.

ووفقًا لتقرير “أي بي أم ريسرتش”، فإن 57%من المستهلكين على استعداد لتغيير عاداتهم الشرائية في التجارة الإلكترونية لتقليل تأثيرهم البيئي، كما وجدت دراسة أخرى أجراها موقع “يوني دايز” وهو موقع يوفر خصومات للطلبة في المملكة المتحدة، أن 80% من أبناء جيل ما بعد الألفية قد يفكرون في دفع المزيد مقابل المنتجات التي يتم تسليمها بشكل مستدام.

الصورةأبجد

ومع انتشار الوظائف المؤقتة أو ما يسمى باقتصاد العربة، ازدادت الاستعانة بالعامة بغية الحصول على المعلومات، للتقليل من الصعوبات التي تواجه تسليم الميل الأخير في المدن، حيث يمكن لشركات التوصيل المحلية غير المهنية التي تستخدم وسائل النقل الخاصة بها إجراء عمليات التسليم، ومع التكامل المستمر وتعزيز الأتمتة عبر القطاعات، أصبحت روبوتات التسليم والطائرات بدون طيار واقعًا نعيشه.

يقول ديمير: “يعد استخدام الطائرات بدون طيار وروبوتات التوصيل كمساعدين في تسليم الطرود خيارًا جديدًا للخدمة، كما رأينا في أمازون ويو بي إس وول مارت وعلي بابا وما إلى ذلك، فمن خلال عملهم المشترك كمساعدين، يمكن تنفيذ خدمات التوصيل بشكل صديق للبيئة وأكثر كفاءة، وعندما يُنشر عدد كاف من المساعدين، فمن شأن نظام التسليم التعاوني أن يقلل من استهلاك الطاقة المطلوبة وكمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة.

حتى ذلك الحين، يقول بلومهوف، أن أحد الجوانب المهمة في النقل المستدام هو اختيار الوقود. “يُعتبر البنزين الحديث أنظف مقارنة بالبنزين القديم حيث ركزنا على إزالة إضافات الرصاص، والآن يمكن بسهولة خلط الوقود الحيوي المعتمد على الذُرة أو النفايات العضوية مع البنزين المعروف، ولكن الاستخدام على نطاق أوسع يتطلب تكييف المحركات، وهو أمر مكلف للغاية.

عبر ديمير عن سعادته برؤية المركبات ذاتية القيادة التي أصبحت جزءًا من قطاع النقل فهذا يُعتبر خطوة كبيرة إلى الأمام، ويضيف: “تقلل المركبات ذاتية القيادة من الانبعاثات وملوثات الهواء وتحمي البيئة وتحسن حياة الناس، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام تكنولوجيا تجميع الشاحنات للتحكم في موضع كافة المركبات في المجموعة، مما يسمح للمجموعة بالعمل بشكل وثيق للغاية، فيقلل ذلك من مقاومة الرياح واستهلاك الوقود. سيصبح النقل في المستقبل سلسًا حيث تكون جميع الوسائط والمركبات ذاتية القيادة (شبه) متصلة بالكامل ومدمجة في شبكة واحدة لتبادل المعلومات.

“في دراسة بحثية مستمرة، قيّم مشروع “غيرو زيرو” جدوى اعتماد تكنولوجيات بديلة كتكنولوجيات المركبات منخفضة الكربون مثل السيارات الكهربائية والهيدروجين وأدوات التخطيط الديناميكي التي تعزز تخطيط وتنفيذ الرحلات التي تديرها شركات النقل بالشاحنات في كولومبيا، ويمكن لدراسات مماثلة خاصة بكل بلد أن تسلط الضوء على التحول إلى التكنولوجيات النظيفة باستخدام بيانات النقل الواقعية ومراعاة متطلبات البلد.”

تطورات في البحر

وتعني سلاسل التوريد المعولمة والمترابطة اليوم بأن نحو 80% إلى 90% من بضائع العالم تُنقل عن طريق البحر، وفي كل عام، تطلق سفن الحاويات التي تنقل هذه البضائع ما يصل إلى مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل 3% من جميع انبعاثات الغازات الدفيئة.

وتتوقع المفوضية الأوروبية أن تزيد هذه الانبعاثات إذا لم تُتخذ التدابير اللازمة. وقد قدمت المفوضية العديد من المقترحات التشريعية كجزء من حزمة “فيت فور 55”، والتي تهدف إلى تقليل صافي انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 55% على الأقل بحلول عام 2030. أحد هذه المقترحات هو دعم الطلب على الوقود البحري المتجدد والتي تنخفض نسبة الكربون فيه وتعزيز بدائل البنى التحتية للوقود.

الصورةأبجد
كيف سيؤثر انتقال الطاقة على الغاز والنفط؟

تلعب صناعة النفط والغاز دورًا رئيسًا في دفع النمو الاقتصادي والاجتماعي، ووفقًا لتوقعات شركة “بي بي للطاقة” لعام 2030، فإن نسبة استهلاك الطاقة الأولية في العالم سترتفع بنسبة 39% على مدى السنوات العشرين المقبلة. وقد دفعت المخاوف بشأن التأثير البيئي والوفرة في المستقبل، القطاع إلى خفض مستويات الكربون التي يتسبب في انبعاثها، إلّا أنه لم يتوفر سوى القليل من الأبحاث حول تأثير هذا التحول على سلسلة توريد النفط والغاز.
Read more›››

وقالت ماريسا دي بريتو في المؤتمر الآسيوي للاستدامة والطاقة والبيئة في عام 2013: “على الرغم من أن عملية التطور من الطاقة عالية الكربون إلى الطاقة منخفضة الكربون بطيئة للغاية حاليًا، إلا أنه يجب علينا تحديد كيفية تأثير التحول على سلسلة توريد النفط والغاز.”

درست دي بريتو، المحاضرة في إدارة سلسلة التوريد المستدامة والاقتصاد التداولي في جامعة بريدا للعلوم التطبيقية في هولندا، تأثير انتقال الطاقة على إدارة سلسلة التوريد المستدامة للنفط والغاز.

أشارت مراجعتها لتقارير الاستدامة للشركات العاملة في قطاع النفط والغاز إلى أن تحول الطاقة يمثل قضية تجتذب اهتمامًا كبيرًا، إلّا أنه وبالتزامن مع تحول اللاعبين في هذا المجال إلى شركات طاقة وليس فقط منتجي النفط والغاز، يتحول التركيز إلى البنية التحتية التي تدعم مصادر الطاقة البديلة أيضًا.

قالت دي بريتو: “إننا نشهد زيادة في الجهود التي تركز على تحسين كفاءة العمليات والمنتجات، الأمر الذي يمكن أن يساعد في معالجة قضايا الاستدامة، وخاصة فيما يتعلق بالحد من انبعاثات الكربون، ويُذكر أن حوالي 73% من الشركات التي نظرنا إليها قد ناقشت القضايا المتعلقة بإدارة سلسلة التوريد في تقاريرها، ومن بين هذه الشركات، كشفت 18 شركة أنها في مرحلة التخطيط و/أو البحث والتطوير لمصادر الطاقة البديلة ويجب القيام باستثمارات كبيرة في سلاسل التوريد الخاصة بها لتطوير البنية التحتية للإنتاج والخدمات اللوجستيات التي يمكنها توفير هذه الطاقة.”

“باعتباره أحد اللاعبين الرئيسين في قطاع الطاقة، سيتأثر قطاع النفط والغاز بانتقال الطاقة، حيث يمكنهم إما الاستمرار في القيام بما يجيدونه، ألا وهو التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما بينما يُعرّضون أعمالهم التجارية لخطر الإفلاس على المدى الطويل، أو الانخراط في ما يسمى بسباق الطاقة النظيفة للبقاء صامدين في مواجهة التغيرات في بيئة أعمالهم التجارية. ”

وما تزال النقاط التي ذكرتها دي بريتو بارزة بعد مرور ما يقرب من عقد من الزمن، فلا يزال قطاع النفط والغاز يواجه مطالب متزايدة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بالإضافة إلى التحدي الاستراتيجي المتمثل في تحقيق التوازن بين العائدات قصيرة الأجل وعملياتها طويلة الأجل، إلّا أنه يمكن لإعادة تصور سلاسل التوريد الحالية أن يبني شبكة مستدامة وفعالة لحركة منتجات الطاقة.
‹‹‹ Read less

بدأت شركة الشحن الدنماركية ”ميرسك” في التركيز على السفن المحايدة للكربون التي تعمل بالميثانول لتعويض 33 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث منها في عام 2020، كما تساعد الناقلات البحرية الكهربائية بالكامل، بالإضافة إلى أول ناقلة شحن كهربائية مستقلة في العالم، القطاع على الاستغناء عن الوقود الأحفوري، كما أطلقت شركة الكيماويات النرويجية “يارا” سفينة الشحن الكهربائية بالكامل والمستقلة بالكامل في عام 2021 للقيام بالرحلة التجريبية بين مدينتين على الساحل النرويجي.

ويقول المجلس الدولي للنقل النظيف أن الهيدروجين يمكن أن يزود 43% من الرحلات بين الولايات المتحدة والصين بالوقود دون أي تغييرات في سعة الوقود أو العمليات، وأن يزود 99% من الرحلات بالوقود مع إحداث تغييرات طفيفة.

بالنسبة لقطاع الشحن، لا يتعلق الأمر بالوقود الذي تستخدمه فحسب، بل بالوقود الذي توفره أيضًا.

حيث ستؤثر التغييرات في قطاع النفط والغاز مع استغناء العالم عن الوقود الأحفوري، بشكل مباشر على قطاع الشحن أيضًا: فتُشكل سلع الطاقة 36% من السلع التي تُنقل في هذا القطاع في يومنا هذا، وخاصة النفط والفحم والغاز. إذًا ما هي أكبر مشكلة تواجه قطاع الشحن البحري الآن؟ إن مستوى الانخفاض في شحنات النفط والغاز يفوق مستوى نمو نقل أنواع الوقود الجديدة، إلّا أنه لن يكون من الصعب على شركات الشحن توفير أشكال مختلفة من الطاقة، نظرًا للبنية التحتية القائمة والإلمام بالشحنة، وفي حين لم تُختبر أي سفن شحن بالهيدروجين، فلابد أن إعادة تجهيز السفن الحالية بخلايا وقود الهيدروجين سيكون سهلًا نسبيًا.

وإذا تمكنا من فهم نقل الهيدروجين، فإن شحنات الطاقة الحيوية والهيدروجين لديها القدرة على أن تكون عالية مثل شحنات الفحم والغاز، ولكن زيادات كهذه لا تزال لا تعوض الانخفاض الإجمالي في منتجات الطاقة المنقولة عن طريق البحر

عاليًا في السماء

وفقًا لمجموعة عمل النقل الجوي، يمثل النقل الجوي ككل 2.1% من انبعاثات الكربون العالمية، وينتج الشحن الجوي حوالي 10 أضعاف ثاني أكسيد الكربون الناتج عن النقل بالسفن.

يمتلك وقود الطائرات الذي تنتجه النفايات والمواد الأولية المستدامة الأخرى القدرة على تقليل هذه الانبعاثات بنسبة 80%، وتُعرف هذه الأنواع بوقود الطائرات المستدام، ويمكن أن يكون تطويرها هو المفتاح للرحلات الجوية المستدامة.

يقول الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن أكثر من 450 ألف رحلة جوية قد انطلقت إلى السماء باستخدام وقود الطائرات المستدام وأكثر من 50 شركة طيران تمتلك خبرة في استخدام هذا المنتج.

يمكن خلط وقود الطيران المستدام مع وقود الطيران السائل التقليدي، لكنه يُعرف أيضًا باسم الوقود المتسرب، حيث يمكن أن يحل محل الوقود التقليدي دون أي تغييرات في المحركات أو أنظمة الطائرات الحديثة. ومع ذلك، فإن وقود الطيران المستدام أكثر تكلفة، مما يحد من امتصاصه. اعتمدت شركتا “لوفتهانزا” للشحن والخطوط الجوية الفرنسية – “كيه إل إم مارتينير”، برامج وقود الطيران المستدام لأنشطة الشحن الجوي الخاصة بهما، لكن توسيع نطاق استخدامها إلى السوق العالمية يتطلب استثمارات كبيرة.

تُعتبر الطائرات التي تعمل بالبطارية خيارًا آخر، فالعمل على كهربة الشحن الجوي يُعد خطوة مهمة نظرًا لأن الرحلات الجوية التجارية الكهربائية لا تزال بعيدة المنال ،وصحيح أن الطائرات الكهربائية ذات السعة الأكبر تتطلب تطورات كبيرة في تكنولوجيا البطاريات، إلّا أنه يمكننا الاستفادة منها في الرحلات التي تقطع مسافات أقصر.

تخصص شركة “إفييشن”، وهي شركة تصنيع طائرات كهربائية، واحدة من من طائراتها للشحن، حيث يمكن استخدامها في الرحلات الأقصر وعلى الصعيد المحلي، إلى جانب أنواع الوقود المستخدمة، يمكن للتقدم في الذكاء الاصطناعي والرقمنة أن يدعم ويسرع الخدمات اللوجستية المعنية بالشحن الجوي المستدام، فعلى سبيل المثال، يمكن لتكنولوجيا البلوك تشين أن تساعد في تزويد الشركات “بالسمات البيئية التي يمكن تتبعها بالكامل من وقود الطائرات المستدام للمساعدة في إزالة الكربون من السفر الجوي” – وفقًا لـ“أفيليا” وهو حل للبلوك تشين مدعوم من قبل شركات “شل” و”أكسنتشر” و”أميكس جي بي تي”.

التقارير التي تفيد بانتهاء دور
الطاقة النووية مبالغ فيها

ستظل الطاقة النووية جزءًا لا يتجزأ من مجموعة مصادر الطاقة النظيفة حتى في الدول التي توقفت سابقًا عن الاستثمار في هذه التكنولوجيا، على الرغم من قيام بعض دول العالم بمحاربة ارتفاع تكاليف الطاقة ودرجات الحرارة العالمية.

ألغت اليابان، على سبيل المثال، دعمها للطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما عام 2011، عندما ضربها تسونامي وزلزال نتج عنهما فقدان الطاقة وفشل أنظمة التبريد في ثلاثة مفاعلات، إلّا أن البلاد أعلنت في عام 2022 أنها ستعيد تشغيل محطاتها القديمة وإطالة عمر المحطات إلى أكثر من ستين عامًا وبناء مفاعلات الجيل التالي.

يجب علينا إنتاج المزيد من الكهرباء، فنحن بحاجة إلى كهرباء نظيفة ونظام طاقة مستقر.

إليزابيث سفانتيسونوزيرة المالية في البرلمان السويدي

ومن جهة أخرى، تعيد دول أخرى الاستثمار في الطاقة النووية، حيث تستثمر العديد من الولايات الأمريكية التي تملك أهدافًا مناخية أكثر فعالية، ملايين الدولارات في قطاع الطاقة النووية.

يقول جو فيورداليسو، رئيس مجلس إدارة المرافق العامة في نيوجيرسي، في مقال بموقع “بيوتراستس: “على الرغم من أننا ننتقل بسرعة إلى استخدام الطاقة النظيفة، إلّا أن هذا سيستغرق بعض الوقت، فلا يمكننا بناء مصادر الطاقة المتجددة بالسرعة الكافية، ولا يزال الناس بحاجة إلى الطاقة، كما تُعتبر الأسلحة النووية جزءًا مؤقتًا مهمًا من هذا المزيج.”

يُذكر أن الولايات المتحدة شغّلت أول مفاعل جديد لها خلال 40 عامًا في جورجيا عام 2023.

وأعطى البرلمان السويدي الضوء الأخضر في يونيو الماضي لخطط بناء مفاعلات نووية جديدة، كما تخطط البلاد لبناء 10 محطات نووية في العشرين عامًا القادمة كجزء من هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2045، وقد صوتت البلاد قبل 40 عامًا لصالح التخلص التدريجي من الطاقة النووية.

من جانبها، قالت وزيرة المالية إليزابيث سفانتيسون في البرلمان لوكالة رويترز: “يساهم ذلك في إيجاد الظروف الملائمة للطاقة النووية، كما يجب علينا إنتاج المزيد من الكهرباء، فنحن بحاجة إلى كهرباء نظيفة ونظام طاقة مستقر.”

ووصل عدد المحطات النووية التي تعمل في حوالي 30 دولة 439، منذ شهر مايو من عام 2022، وحصلت الولايات المتحدة على أكبر عدد من الأصوات، والذي يُقَدَّر بـ92 صوتًا.

وتعتبر محطة براكة في دولة الإمارات واحدة من أحدث المحطات في العالم، والتي افتُتحت في عام 2020 وبدأت العمل عام 2021. وتحتوي محطة براكة على ثلاثة مفاعلات في المحطة قيد التشغيل، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المفاعل الرابع عام 2024.

وقال سعيد العامري، دكتور في قسم الهندسة الميكانيكية والنووية في جامعة خليفة: “تُعتبر الطاقة النووية مهمة جدًا في محفظة الطاقة، كما يعد شروع دولة الإمارات بالخطوة الأولى في البرنامج النووي أمرًا هامًا أيضًا في مجال أمن الطاقة في البلاد والحد من انبعاثات الكربون.”

يُعتبر من الضروري استخدام حلول مضمونة وذات تكلفة منخفضة لتحقيق الوصول الآمن إلى الكهرباء منخفضة الكربون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجميع

هنري بريستون، عضو في الجمعية النووية العالمية


وأعرب محمد إبراهيم الحمادي، رئيس المنظمة الدولية للمشغلين النوويين، عن حرصه على مستقبل التكنولوجيا في دولة الإمارات في افتتاح المفاعل الثالث في العام 2022 في محطة براكة، حيث قال: “تقوم محطة براكة بدور ريادي في قطاع الطاقة من خلال الحد من انبعاثات الكربون، كما تساهم في الإنتاج المستدام لكميات وفيرة من الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة”.

وعلق سعيد مضيفًا أن دولًا أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كالسعودية ومصر تستثمر في مجال الطاقة النووية، حيث بدأت مصر أعمال البناء في موقع الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في عام 2022.

وفي السياق، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2022 عن ستة مفاعلات جديدة سيتم تشغيلها بحلول العام 2050.

وأكد هنري بريستون، العضو في الجمعية النووية العالمية، أهمية العام 2050.

وقال لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “يتوقع أن يزيد الطلب على الكهرباء بنسبة 50% على الأقل بحلول عام 2050 في ظل تزايد عدد سكان العالم وبالتالي زيادة الحاجة لاستهلاك الكهرباء وسهولة الوصول إليها، لذلك يُعتبر من الضروري استخدام حلول مضمونة وذات تكلفة منخفضة لتحقيق الوصول الآمن إلى الكهرباء منخفضة الكربون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجميع.”

الاعتماد على الطاقة منخفضة الكربون

ووصفت وكالة الطاقة الدولية، وهي منظمة حكومية دولية مقرها باريس، في تقريرها الصادر في العام 2019، الطاقة النووية والطاقة المائية بأنها “العمود الفقري لإنتاج الطاقة منخفضة الكربون”، حيث تساهم في توفير 75% من الطاقة منخفضة الكربون في العالم.

وقال هنري أن ذلك أدى إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 70 غيغا طن على مدار 50 عامًا، حيث يعادل الغيغا طن الواحد حوالي ضعف كتلة جميع السكان على وجه الأرض، كما تعادل السبعون غيغا طن كمية الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة لمدة عامين تقريبًا.

ندرك أن الطاقة النووية بحد ذاتها طاقة نظيفة، كما أن تكلفة التشغيل ليست مرتفعة وتساهم بشكل متواصل في رفد الشبكات بالطاقة

سعيد العامري، جامعة خليفة

وأشار مكتب الطاقة النووية الأمريكي إلى أن المفاعلات لها آثار مادية ضئيلة وتحتاج إلى ما يقارب من ميل مربع لتشغيلها. وعلى صعيد آخر، أكد معهد الطاقة النووية أن مزرعة الرياح التي تنتج الكمية نفسها من الكهرباء تحتاج إلى مساحة أرض أكبر بمقدار 360 مرة، حيث تُعرف مزارع الطاقة الشمسية بأنها أصغر حجمًا، لذلك فهي تحتاج إلى مساحة أكبر بحوالي 75 مرة لإنتاج الكمية نفسها من الكهرباء.

ويعد استخدام الأراضي إحدى القضايا التي تناولتها الورقة البحثية “الفلسفة والتكنولوجيا” التي نشرها كل من سيمون فريدريش ومارتن بودري في العام 2022 والتي ركزت على أخلاقيات الطاقة النووية في حالات تغير المناخ. وخلص الباحثون إلى أنه وإن تم التركيز على قضايا مثل التخلص من النفايات واستنفاد احتياطيات اليورانيوم، لا تزال الحاجة إلى الاستثمارات في الطاقة النووية قائمة كجزء من تحقيق محفظة واسعة النطاق في مجال الطاقة، مما يساهم في الحد من مخاطر الفشل في إزالة الكربون”.

التطلع إلى المستقبل

تنبأ تقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2019 مخاطر الانخفاض الحاد في استخدام الطاقة النووية في الاقتصادات المتقدمة، وهناك بعض العيوب في هذه التكنولوجيا تتمثل بارتفاع تكلفة البناء وحاجتها للوقت الطويل لتنفيذ العمليات، كما تُعتبر الطاقة التي تنتجها مرتفعة التكلفة الاقتصادية بشكل كبير، حيث ارتفعت أسعارها بنسبة 40% لكل كيلوواط منذ عام 2011، في حين تواصل الطاقة الشمسية انخفاض أسعارها. وفي ظل وجود مشكلة التخلص من النفايات التي لا تزال عالقة، أكد هنري بريستون، من الجمعية النووية العالمية، تفاؤله في هذا الصدد.

قال هنري: “يتوقع أن تعمل المفاعلات المتوفرة في يومنا هذا لمدة تتراوح ما بين 60 إلى 80 عامًا، حيث ساهم بناء هذه المحطات وعمليات التشغيل القائمة فيها في إيجاد آلاف فرص العمل ذات الجودة العالية طويلة الأمد، إلى جانب توفير مجموعة كبيرة من المزايا الاجتماعية والاقتصادية التي تعزز الاقتصادات المحلية والإقليمية”.

وقال سعيد العامري في جامعة خليفة: “ندرك أن الطاقة النووية بحد ذاتها طاقة نظيفة، كما أن تكلفة التشغيل ليست مرتفعة وتساهم بشكل متواصل في رفد الشبكات بالطاقة”.

دولة الإمارات تسعى إلى بناء محطة فضاء تدور حول القمر

قال خبير في مجال الفضاء بجامعة خليفة بأن مشروع دولة الإمارات، التي تتمثل في مساهمتها بتوفير غرفة معادلة الضغط لمحطة “غيتواي” التي تدور حول القمر، تمثل إنجازًا هامًا للوطن.

قال محمد رامي المعرّي، مدير مركز علوم الفضاء والكواكب في جامعة خليفة: “يُعتبر مشروع “غيتواي” جزءًا أساسيًا من برنامج أرتيمس لأنه يمهّد الطريق أمام المزيد من عمليات استكشاف القمر من خلال تطوير وصيانة محطة فضائية مأهولة في مدار القمر. وتركز الشراكة الأخيرة لدولة الإمارات مع وكالة ناسا في هذا المشروع على عزيمة الدولة وإصرارها على تأدية دور محوري في قطاع الفضاء في السنوات القادمة.

يُتوقع أن تدور المحطة الفضائية “غيتواي” حول القمر، لتشكل مختبر علوم ومكان إقامة مؤقت لرواد الفضاء بينما يستكشفون القمر ويختبرون مواده. سيوفر مركز محمد بن راشد للفضاء غرفة معادلة الضغط التي ستسمح للأشخاص والإمدادات بالدخول والخروج من المحطة، كما يشمل المشروع إمكانية مشاركة رواد الفضاء الإماراتيين في البعثات المستقبلية المتوجهة إلى القمر.

أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في 7 يناير عن المشروع على موقع إكس (تويتر سابقًا)، فقال في التدوينة: “حضرت بصحبة أخي محمد بن راشد حفل إعلان دولة الإمارات انضمامها إلى مشروع بناء محطة الفضاء القمرية. مشاركة الدولة في هذا المشروع إلى جانب دول كبرى ومتقدمة، تجسد حرصها على تعزيز الشراكة مع العالم لخدمة العلم والبشرية وضمان تحقيق التقدم والازدهار للجميع.”

يُعد المشروع جزءًا من برنامج أرتيمس التابع لوكالة ناسا، والذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر بحلول عام 2024، إضافة إلى القيام بمهمة “نِكست فرونتيِر” التي تتمثل في إرسال مهمة بشرية إلى المريخ.


IMAGE: Pixabay

ويُعتبر مركز محمد بن راشد للفضاء آخر عضو انضم إلى الشراكة الدولية لمشروع “غيتواي” لاستكشاف القمر والتي تضم أيضًا وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية.

ومن المقرر أن تقوم “غيتواي” بدور نقطة لتوقف البعثات مستقبلًا في أعماق الكون، لا سيما أنها تمتلك حيزًا للرسو كجزء من غرفة معادلة الضغط التي سيوفرها مركز محمد بن راشد للفضاء للبعثات المتجهة إلى أعماق الفضاء.

وتساهم الاتفاقية في تعزيز الروابط العلمية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة.

وقالت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي والتي تترأس أيضًا مجلس الفضاء الوطني في الولايات المتحدة، في خبر صحفي: “سيعزز التعاون بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات رؤيتنا الجماعية للفضاء كما سيضمن إتاحة فرص عظيمة للجميع هنا على كوكب الأرض من خلال الجمع بين مواردنا وقدراتنا العلمية ومهاراتنا التقنية”.

تحرك برنامج الإمارات الوطني للفضاء بخطىً متسارعة منذ إطلاقه في عام 2017، وتشمل إنجازاته إرسال أول رائديْ فضاء إماراتيين إلى محطة الفضاء الدولية وأول مهمة سير له في الفضاء.

أقام هزاع المنصوري بالتعاون مع وكالة ناسا، لمدة ثمانية أيام على متن محطة الفضاء الدولية في عام 2019، وقضى سلطان النيادي في عام 2023 ستة أشهر على متن محطة الفضاء الدولية، كما قام بالعديد من التجارب العلمية وأصبح أول عربي يسير في الفضاء.

مرت أكثر من خمسة عقود منذ أن سار الإنسان على سطح القمر، ولكن برنامج الإمارات الوطني للفضاء يضع نصب عينيه التواجد هناك لإحياء عملية استكشاف القمر.

وتشمل الاتفاقية مع وكالة ناسا صلاحية دخول دولة الإمارات إلى المحطة الفضائية وإتاحة الفرصة لرواد الفضاء الإماراتيين للقيام ببعثات إلى القمر، إلى جانب توفيرها الطاقم وغرفة معادلة الضغط والخدمات الهندسية المستمرة لمحطة الفضاء الدولية.

يُذكر أن ناسا ستعقد يوم الأربعاء الموافق 31 من يناير، لقاءً مفتوحًا لمناقشة مشروع “غيتواي”، مع تنظيم عروض تقديمية وحلقات نقاشية.