إطلاق العنان لمجال الإنشاءات عبر الهياكل المصنوعة
بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد

يتطلب المنزل العادي، وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي،مدة تصل إلى 7 أشهر لإكماله، حيث يتضمن ذلك سلسلة من مراحل التطوير تشمل وضع الأساسات وتشييد الهياكل وتعبئة المواد العازلة وتركيب ألواح الجبس وتأسيس نظام السباكة وشبكة الكهرباء والذي يستدعي جميع ذلك وجود مجموعة متنوعة من الخبراء. لكن بدأت صناعة الإنشاءات اليوم تتجه نحو اتّباع تكنولوجيات الطباعة ثلاثية الأبعاد بشكل أكثر سلاسة واستدامة وبأسعار معقولة استجابةً للمتطلبات الديناميكية لمشتري المنازل الجدد.

أبدت اليابان سرعة كبيرة في بناء منزل خلال 24 ساعة، وستتم الاستفادة منه حاليًا كمساحة مكتبية. ويشير البناء السريع لذلك المنزل إلى إمكانات اليابان في بناء المنازل مستقبلًا في وقت قياسي، حيث أكدت اليابان مرة أخرى على إمكاناتها في هذا المجال بعد إنشاء فيلا كبيرة خلال 45 يومًا.


قد يساوي الوقت المال، وهذه الفكرة يتردد صداها بشكل كبير في عالم الهياكل المصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث تشير البيانات الصادرة عن شركة (سي أو بي أو دي)، المتخصصة بالطباعة ثلاثية الأبعاد، إلى وجود مزايا اقتصادية ناتجة عن انخفاض تكلفة إنشاء المنازل ثلاثية الأبعاد لما يصل إلى ما يقارب 45% أقل مقارنة بطرق البناء التقليدية، إضافة إلى ميزة التخصيص بما يرغب به أصحاب المنازل.

تتمثل الطابعات ثلاثية الأبعاد المخصصة لبناء المنازل بروبوتات ذات حجم كبير قادرة على توفير مواصفات متميزة وخاصة في أي تصميم يحلم به جميع مالكي المنازل. هل ترغب ببناء بيت شكله كروي؟ يمكن تحقيق ذلك على أرض الواقع من خلال تقنية الطباعة ثلاثة الأبعاد، حيث تتميز المنازل المصنوعة بهذه التقنية بالدعم المتكامل دون الحاجة للخرسانة أو أي دعم إضافي، مما يجعل هذه التكنولوجيا الخيار الأمثل للبيئة.

في العام 2022، أعلنت كل من شركة آيكون المتخصصة بتطوير تكنولوجيا البناء وشركة لينار، الرائدة في بناء المنازل في الولايات المتحدة، عن خطة تهدف إلى بناء حي كامل مكون من 100 منزل بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد تستخدم الطاقة الشمسية وتتراوح مساحاتها ما بين 1,524 و2112 قدم مربع وتمثل رؤية لمجتمع مستدام في المستقبل.

وفي هذا الإطار، تساهم مثل هذه المشاريع في تمهيد الطريق أمام إيجاد الحلول للعديد من المشكلات العالمية التي تشمل النقص الكبير والمتفشي في توفر الأماكن السكنية وقلة العمالة من ذوي المهارات وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية. وتوفر هذه الأبنية المصنوعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد والتي تتميز بالسرعة والأسعار الاقتصادية المعقولة، مأوى فوري للأفراد المتأثرين بأضرار الكوارث الطبيعية والأفراد المشردين بلا مساكن، حيث يشير التقرير الصادر عن “أربانيت” أن أكثر من 1.8 مليون فرد في العالم يفتقرون إلى المساكن الملائمة.

قال جيسون بالارد, الرئيس التنفيذي في آيكون، في حديثه مع مجلة ذا نيو يوركر: هنالك العديد من الأفراد المشردين من الطبقة العاملة الذين لا يمكنهم تأمين مسكن لهم في إحدى المدن الأمريكية التقليدية القديمة، كما أن عملية إنشاء المنازل نفسها غير مجدية وغير فعالة في استهلاك الطاقة وفي نطاق الضواحي كذلك الحال، فهي ليست أفضل. يُفترض أن نكون النسخة الأكثر تقدمًا في العالم ولكن لم نستوف حتى الآن الحاجات الأساسية بالشكل المطلوب”.


ويمتد نطاق الطباعة ثلاثية الأبعاد ليتعدى حدود توفير الفرص السكنية، حيث تقوم بعض الدول بالبحث عن إمكانية الاستفادة من الطباعة ثلاثية الأبعاد لبناء المكاتب ومحطات الحافلات والمراكز الدينية.

وفي سياق متصل، تم تكريم دولة الإمارات في العام 2020 بجائزة غينيس العالمية للأرقام القياسية لإنشاء أول مبنى تجاري بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ليمثل مؤسسة دبي للمستقبل، حيث تم بناؤها بشكل سريع خلال 17 يومًا مرورًا بعد ذلك بمرحلة التجهيزات الداخلية لتقف اليوم شاهدًا على البناء الفعال والسريع وبنسبة نفايات تصل إلى أقل من 60% من البناء التقليدي.

تحتضن دولة الإمارات أكبر مبنى في العالم مصنوع بالطباعة ثلاثية الأبعاد، وتهدف إلى تدشين أول مسجد متكامل مصنوع بالطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2025.

المزارع الرأسية والشعب المرجانية المصنوعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد
تصبح جزءًا من خطة دولة الإمارات لتحقيق الأمن الغذائي

يوجد العديد من الأسباب التي تحول دون تحقيق الأمن الغذائي في الدول منها، الفقر وارتفاع عدد السكان في الدول النامية والصراعات التي تؤثر في سلاسل التوريد وتغير المناخ وغيرها، إضافة إلى أن بعض الدول لا تمتلك المناخ المعتدل اللازم لزراعة النباتات الغذائية وتعتمد على مصادر خارجية.

وتعتبر دولة الإمارات واحدة من هذه الدول التي تستورد ما نسبته 90% من الموارد الغذائية، وهي في نفس الوقت لا تطمح في أن تؤثر مشكلة الاحتباس الحراري على الواردات التي تعتمد عليها.

تتضمن أهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 في دولة الإمارات التنويع في مصادر الغذاء الدولية من خلال التعاونات والتجارة لتحقيق الأمن الغذائي، ويعني ذلك تطوير الحلول المبتكرة

ونشرت صحيفة ذا ناشيونال في العام 2020 تقريرًا ينص على أن حكومة دولة الإمارات ساهمت في استثمار 100 مليون دولار أمريكي لإحضار أربع شركات زراعية تكنولوجية بهدف البحث عن آلية الاستفادة من التكنولوجيا في الدول التي تعاني من المناخات الحارة والجافة.


تمثل شركة “آيرو فارمز” في الولايات المتحدة واحدة من تلك الشركات. وقال مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، ديفيد روزنبيرغ لصحيفة ذا ناشيونال: “لا تسعى بعض دول العالم للحصول حتى على المركز الثاني، فهي تميل لتكون في المرتبة الخامسة أو السادسة، لكن يختلف الحال في دولة الإمارات التي تسعى دائمًا إلى الحصول على الأفضل والأكبر وتطوير الأحسن، وهو ما ساهم في جذبنا للتعاون معها”.

وفتحت شركة آيرو فارمز في العام 2023 أكبر مركز في العالم للبحث والتطوير في مجال الزراعة الرأسية، ويهدف المركز الذي افتتح في أبوظبي إلى المضي قدمًا في الزراعة الرأسية الداخلية والزراعة المستدامة في المناطق الجافة.

ومن جهة أخرى، لا تركز دولة الإمارات على التطوير الزراعي فقط، وإنما تهتم بالبحر وبشكل خاص الشعب المرجانية.

يهدف مشروع الشعاب المرجانية في دبي، الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، إلى تطوير شعاب مرجانية اصطناعية بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على امتداد يصل إلى 200 كيلومتر مربع.

وتكمن الأهداف الرئيسة من وراء ذلك في حماية السواحل من التجريف الناتج عن المواد النفطية وعمليات البناء وإنتاج المزيد من الأسماك وتعزيز السياحة البيئية والبحوث.

الشرح: الزراعة تحت الماء   الصورة: URB

ووفقًا لـ “يو آر بي”، الشركة المتخصصة ببناء المدن المستدامة ومكلفة بمهام مشروع دبي للشعاب المرجانية ومقرها دبي، يعتبر مشروع الشعاب المرجانية واحدًا من أكثر المنظومات البيئية تنوعًا على مستوى العالم .

خلاصة القول تفيد بأن الأمن الغذائي يتحقق من خلال زيادة الشعاب المرجانية التي تساهم في زيادة إنتاج الأسماك.

تعد الشعاب المرجانية والمناطق المحيطة بها ملاذًا لـ 25% من الحيوانات البحرية، لا سيما أن 94% من الحيوانات الموجودة على كوكب الأرض تعيش في البحار.
يذكر أن هذا المشروع يهدف إلى تعزيز قطاع السياحة من خلال توفير أماكن سياحية ومنتجعات بيئية، إضافة لمركز بحثي يتوسط المشروع وجميع ما يحتويه.