الرياضيات المريئية

يعد بلع الطعام والماء بالنسبة لمعظم البشر، أمرًا بديهيًا مثل التنفس، لأننا نعتبر القناة الهضمية المرنة التي تنقل الطعام من الفم إلى المعدة، أنّها من المسلَّمات.

تتحرّك القناة الهضمية، في الوضع المثالي، بحركة دودية (انقباضات متموجة سلسة) تدفع الطعام لأسفل دون عناء، لكن يختل النظام في بعض الأحيان فيواجه الطعام تشنجات في القناة الهضمية، فتضعف عملية الدفع أو تصبح قوية لدرجة تسبب الألم (مرئ المطرقة) أو تتوقف بصورة كاملة عن العمل (تعذر الارتخاء المريئي) عند العضلة السفلية العاصرة للمريء، والتي تعتبر البوابة المؤدية إلى المعدة.

ومع ذلك، ابتكر فريق من الباحثين من جامعة كيوشو نموذج محاكاة يحاكي طريقة عمل المريء عندما يعمل بشكل صحيح وما يحدث عندما لا يكون كذلك.

يعمل النموذج الرياضي كمريء افتراضي قادر على محاكاة الأنماط الطبيعية وغير الطبيعية عن طريق ضبط المؤشرات الافتراضية التي تمثل الأعصاب وردود فعل العضلات والتوقيت، ليشبه في دوره جهاز محاكاة طيران، خاصٍ بالمريء.

يقدم هذا المحاكي صورةً للأطباء والعلماء على سبب إمكانية حدوث خطأ في المريء، كما يسمح لهم باختبار الأفكار بأمانٍ واختبار الدور المحتمل الذي قد تلعبه التغيّرات الدقيقة في التسبّب باضطرابات في العالم الحقيقي.

ويهدف البحث إلى تحفيز عملية التشخيص وتحسين العلاجات لمن يعانون من اضطرابات البلع.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: تكنولوجيا دقيقة ورصد سريع للأجسام المضادة

محاربو الإنفلونزا

.يشهد نصف الكرة الأرضية الشمالي ابتداءً من من شهر أكتوبر لغاية شهر فبراير انحفاضًا في درجات الحرارة وتغيّرات في الجو ويصيب فيروس الإنفلونزا الجميع كعصا التتابع التي يمررها المتسابقون لبعضهم البعض في سباق التتابع، مع الفارق أن هذا الفيروس هو العصا التي لا يرغب أحدٌ في إمساكها.

ويُتوَقّع أن يكون موسم الإنفلونزا الجاري واحدًا من أسوأ المواسم التي سجّلها التاريخ لهذا الفيروس، إلا أن الخبراء يؤكدون استعدادهم لمواجهته

يستعد سكان العالم لموسم الإنفلونزا السنوي من خلال تزويد أنفسهم بوسائل سهلة لرفع مستويات مناعتهم وأدوية للحد من أعراض الفيروس.

ويفضل آخرون علاج الأعراض بأدوية محلية.

كيف نعالج التهاب الحلق؟ فلنجرب العسل والشاي الدافئ أو شاي جذور العرق سوس أو خل التفاح المخمر. وماذا عن احتقان الأنف؟ فلنجرب علاجه بالكمادات الدافئة أو شاي الكركم مع الزنجبيل أو خل التفاح المخمر. وماذا عن السعال؟ يمكننا أن نحاربه بالنعناع أو جهاز الترطيب أو خل التفاح المخمر أيضًا.


“يُعَد الجهاز المناعي جهازًا للاستشعار، لذا، فهو يتناغم فعليًا مع ما نفعله خلال حياتنا اليومية”.

جينا ماتشوتشي، أخصائية علم المناعة بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة


ثمة العديد من الوسائل التي يمكنها أن تُشعِرنا بتحسن مؤقت، ولكن ما هي الوسائل التي تجعلنا نتحسن على نحو أسرع أو تساعدنا في تجنب الإنفلونزا تمامًا؟

يمثل اللقاح السنوي للإنفلونزا بداية جيدة، ولكن هل نحن بحاجة إليه إذا كنا قد حصلنا عليه العام الماضي؟

بحسب مستشفى كليفلاند كلينك، فإن الإجابة نعم.

فقد ذكر الموقع الإلكتروني الخاص بالمستشفى: “يطوّر العلماء لقاحات جديدة تحمي ضد سلالات الإنفلونزا الجديدة المُرجح أن تصيبنا بالإعياء هذا العام، وتتضاءل مناعتنا مع الزمن أيضًا، وعليه، يُعَد اللقاح السنوي الوسيلة الأمثل لوقايتنا.

ولا يقتصر استعمال هذا اللقاح على الفئات الأكثر عُرضَة لخطر الإصابة بالإنفلونزا، كالمسنين أو الذين يُعانون من نقص المناعة، وإنما هي للجميع. وأضاف الموقع: “يمكن أن يصيب الفيروس أكثر الأفراد صحة، وإذا كان من النوع الخطير، فيمكنه أن يستدعي حاجة الحصول على علاجٍ في المستشفى، بل وحتى الوفاة”.

يُفضَّل أن تقي نفسك والمحيطين بك، ولكن إذا صادف وأُصِبت بفيروس الإنفلونزا، فيمكنك أن تتناول قرصين من “بانادول دايتايمز” وهو مسكّن البانادول الخاص بساعات النهار، والذي يعالج احتقان الأنف والعطس وآلام الجسم وإفراز الدموع من مقلة العينين، أو يمكنك اتّباع نصائح الخبراء.

حيث يقول الخبراء أن الدواء الأفضل يتمثل في الراحة واتّباع ما تمليه علينا أجسامنا.

استضافت حلقة عام 2024 من المدونة الصوتية: “زو ساينس آند نيوتريشن بودكاست“، جينا ماتشوتشي، أخصائية علم المناعة بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة، والتي قالت: “تتواصل أجسامنا معنا دائمًا”.

وأوضحت جينا: “تُثبط الخلايا المناعية الإفرازات الكيميائية النشطة في مخك لتغيير سلوكياتك، وهو ما يسمى سلوكيات المرض، ويُعزى ذلك لعدم رغبتها بانخراطك في حياتك اليومية وأنت حامل للعدوى، فهي لا تريدك أن تنزل إلى الشارع أو تذهب إلى المكتب أو تتحدث مع الناس، لأنك بذلك ستنشر العدوى، ثم ستستهلك الطاقة التي يُفترض على جسمك أن يستخدمها في التعافي مجدَّدًا”.

وتكمن المشكلة في صعوبة إبطاء انتشار العدوى، لذا، نعتمد دائمًا على الأدوية التي تخفّف الأعراض.


IMAGE: Pixabay-AI

تشعر أجسادنا بالإجهاد عندما نُصاب بالإنفلونزا لأنها تريدنا أن نوقف أنشطتنا اليومية كي نحافظ على طاقتنا لتنشيط التجاوب المناعي لمحاربة العدوى. وفي هذا الصدد، قالت جينا: “تشبه العملية زرًا تضغط عليه عملية الأيض لينتج عن ذلك شعور الجسم بالإجهاد ليحافظ على الطاقة ويوفّرها لتستخدمها الخلايا المناعية”.

يتسبب تجاهل احتياج أجسامنا للراحة غالبًا في بقاء الأعراض لفترات أطول مما نتوقع.

ولكن تتمثل الطريقة الأفضل لمكافحة الإنفلونزا في استباقها.

ولا يعني ذلك تعزيز أجهزتنا المناعية أو احتساء مشروبات الطاقة التي تحتوي على فيتامين سي أثناء موسم الإنفلونزا، فذلك لن يساعدنا، ولكن ما سيساعدنا هو الاعتناء بأجهزتنا المناعية على مدار العام.

تعتقد جينا أننا بحاجة إلى التفكير في أجهزتنا المناعية على نحو مختلف. وقالت في السياق: “يُعَد الجهاز المناعي جهازًا للاستشعار، لذا، فهو يتناغم فعليًا مع ما نفعله خلال حياتنا اليومية”.


قد يحتوي المنتج على كمية معينة من فيتامين سي، ما يمكّنهم من استخدام عباراتٍ كتعزيز المناعة على العبوة، ولكنه لن يشكّل حصنًا منيعًا ضد الأمراض.

جينا ماتشوتشي، أخصائية علم المناعة بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة


وتتنوع أنماط الخلايا المناعية، كما أنّها ليست مسؤولة عن مكافحة الإنفلونزا أو نوبات البرد فقط، حيث يملك كل نوع من أنواع هذه الخلايا وظيفته الخاصة.

إذا انكسرت عظمة في جسم الإنسان، على سبيل المثال، يحدث غالبًا تلف في النسيج، وعند اكتشاف هذا التلف، يجلب النسيج الخلايا المناعية إلى موقع الإصابة لبدء عملية الالتئام.

تؤكد جينا أن الخلايا المناعية ترصد السرطان أيضًا، وأضافت قائلة: “توجد في الجسم خلايا معينة تراقبه طوال الوقت، باحثةً عن السرطان أو عن خلايا سرطانية محتملة، فتُخلّص الجسم منها قبل أن تسبب له مشكلة”.

وقد أظهرت دراسة في عام 2024 لباحثين في جامعة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية أن ممارسة التمارين الرياضية لمدة 15 دقيقة يوميًا يمكنها تعزيز مستوى الخلايا القاتلة (المناعية) الطبيعية، وهي خلايا الدم البيضاء التي تحارب الخلايا المصابة بالعدوى والخلايا السرطانية، كما أنّها تسمى طبيعية لأنها لا تحتاج تعرّضًا مسبقًا للعامل المسبب للمرض كي تدمره.

نميل كثيرًا في هذا الوقت من العام إلى تعزيز مناعتنا وتزويد أنفسنا بجرعات من فيتامين سي، في حين يحتاج الجهاز المناعي إلى عناية دائمة.

يُعَد الأمر في غاية البساطة، فلا يتطلّب منّا سوى أن نخلّص أجسامنا مما نُدخِله إليها، فمنذ أن عرف الإنسان الأطعمة سريعة التحضير، بات يتناول منها كميات تفوق قدرة أجهزة جسمه على التجاوب معها جيدًا.
ويشمل ذلك الأطعمة المصنّعة للغاية والتي تبيّن أنها تحفز التجاوبات الالتهابية.

وتؤكد كلية هارفارد للصحة العامة أن “الأنظمة الغذائية المحدودة في تنوعها والأقل في عناصرها الغذائية، كتلك التي تتكون بصفة رئيسة من أطعمة المصنّعة للغاية وتفتقر إلى الأطعمة المصنّعة بنسبة ضئيلة يمكنها أن تؤثر سلبًا في صحة الجهاز المناعي”.

IMAGE: Pixabay

تسهم الأنظمة الغذائية الغنيّة بالألياف والأطعمة المستمدة من النباتات، التي تشمل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات، في تنشيط نمو الميكروبات المفيدة وتغذيتها، وتقوم بعض هذه الميكروبات بتحويل الألياف إلى أحماض دهنية ذات سلسلة قصيرة، والتي تبيّن أنها تحسن نشاط الخلايا المناعية.

ويحصل الجسم مع نظام غذائي كهذا على فيتامينات كافية لكل مرحلة من مراحل التجاوب المناعي في الجسم، كما تُعَد المغذيات الدقيقة كفيتامين سي وفيتامين دي والزنك والسيلينيوم والحديد والبروتينات، ضرورية لنمو الخلايا المناعية وأدائها لوظائفها.

ويمكن للمكملات الغذائية أن تساعد في هذا الشأن، ولكن لا ينطبق ذلك على تناول جرعات زائدة من عناصر مثل فيتامين سي.

تتسم طبيعة الجسم بالتعقيد، إلا أن الاعتناء به أمر بسيط، حيث ينصحنا الأطبّاء والعلماء بتناول طعامٍ جيد وممارسة التمرينات الرياضية والحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة طوال العام كي لا ينال منّا موسم الإنفلونزا.

حلٌّ سريع لشحن السيارات الكهربائية

تخيّلوا معي أن تكون بطارية سيارتك الكهربائية، غير مشحونة، ويكون طفلك بحاجةٍ إلى حفاظات والمتجر البقالة بعيد جدًا لتسير إليه سيرًا على الأقدام والطقس عاصف في الخارج، كما يبلغ معدل سرعة شحن سيارتك 22 كيلوواط، وهو معدل يعتبر سريعًا لكنّه ستستغرق ثمان ساعات لإعادة الشحن بالكامل

لا ينتظر معظم مالكي المركبات الكهربائية حتى تصبح البطارية فارغة لشحنها، لكن هذا السيناريو محتمل، كما تُعد محطات شحن هذه السيارات كبيرة وضخمة، لكنها قد لا تضطر أن تكون كذلك بعد اليوم.

أشارت دراسة جديدة نُشرت في المجلة العلمية “إكسبلور” التي تنشرها جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات والمعنيّة بعلوم الكمبيوتر والهندسة الكهربائية والإلكترونيات، إلى أن هناك طريقة أفضل، وهي استخدام مبدّل جسر إتش متتابع، يخلق منافذ متعددة للتيار المستمر دون الحاجة إلى بطاريات إضافية أو اللفائف الضخمة الخاصة بالمحولات المعزولة.

يكمن الحل في استخدام محول منخفض الجهد بين الوحدات يقوم بموازنة الطاقة بين منافذ الشحن.

ويعني ذلك أن كل منفذ شحن يمكن أن يعمل بصورةٍ مستقلة، مع محافظة الشبكة الكهربائية على استهلاك الطاقة بشكل نظيف وفعال.

وقد أظهر نموذج أولي للمختبر كفاءة بنسبة 95.3%، كما عالج مشكلة الطاقة الكهربائية التي تستهلكها المركبة أثناء الشحن واستمر في العمل بسلاسة حتى عندما انخفض جهد الشبكة.

يوفر هذا التصميم، مع تزايد مبيعات السيارات الكهربائية وتوسع محطات الشحن، بساطة أكبر وتكلفة اقتصادية أقل، كما يُسهّل دمج الطاقة المتجددة وأنظمة التخزين.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: سيارتي الكهربائية تعاني من الوزن الزائد

لون أحمر يُنذر بالخطر

انتشرت مجموعة خطيرة من الطحالب في شواطئ الخليج العربي خلال الفترة بين عامي 2008 و2009 تُعرف باسم “كوكلودينيم بوليكريكوديس”التي اتسمت بحجمها الكبير إلى درجة جعلتها تشكل تهديدًا لملايين المقيمين ولبيئة المجاري المائية نفسها، وحتى للأمن الوطني.

ويؤكد شادي أمين، أستاذ مشارك في البيولوجيا بجامعة نيويورك أبوظبي، والذي يدرس هذه الظاهرة في دولة الإمارات وفي خليج المكسيك، أن الطحالب ليست سيئة بطبيعتها.

وقال شادي في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تعد الطحالب في واقع الأمر جيدة وهامة في أغلب الأوقات ومن دونها لن تكون هناك حياة على الأرض، إذ تُنتج الأكسجين الذي نتنفسه ويتغذى عليها السمك الذي نأكله. توجد مجموعات من الطحالب الجيدة في المحيطات المفتوحة، فإذا ذهبت إلى شمال المحيط الهادي، على سبيل المثال، ستجد هناك مجموعة من الطحالب المعروفة التي تنمو في فصل الربيع وتُثري الشبكة الغذائية للحيتان، لهذا السبب يمكن مشاهدة العديد من الحيتان وهي تتغذى”.

ولكن ماذا عن الطحالب السيئة التي تستمد غذائها من المياه الدافئة ومخلفات الأنشطة البشرية كالبناء والزراعة؟ يمكنها أن تسبب كوارث.

صحة الإنسان

قد يتضرر الإنسان بسبب ظاهرة المد الأحمر حتى لو لم يكن موجودًا داخل المياه.

يقول شادي أن الطحالب يمكن أن تفرز سمومًا تؤثر في السلسلة الغذائية، حيث يتعرض الإنسان الذي يستهلك الأسماك التي تتغذى على هذه الطحالب لأخطار صحية كبيرة. وأضاف: “يمكن أن يستنشق الإنسان هذه السموم أثناء سيره على الشاطئ، لا سيما في المناطق التي تشهد حركة أمواج قوية والتي تنتشر فيها السموم بالهواء الجوي على شكل رذاذ.”

متى لا يكون المد الأحمر أحمر اللون؟

تُسمى الطحالب الضارة غالبًا بالمد الأحمر، ولكن قد تظهر بألوان أخرى أيضًا. Read more›››

قد يظهر بعض هذه الطحالب باللون البني والخمري والبرتقالي والأخضر والأصفر أو قد تظهر مصحوبة بالإضاءة الحيوية، وذلك حسب صبغة الخلايا والأحوال الجوية.
‹‹‹ Read less

لا يعتبر المشي على الشاطئ الأمر الوحيد الذي يمكن أن يعرض الأفراد لهذه المخاطر، حيث أظهرت دراسة في الولايات المتحدة الأميركية ارتفاعًا في عدد الزيارات إلى المستشفيات نتيجة حالات ضيق التنفس أثناء فترات المد الأحمر.

وقد تكون بعض أنواع الطحالب غير سامة، لكنها قد تفرز مواد مهيجة يمكنها التأثير في البشرة والعينين، ومثال ذلك ما حصل في عام 2018 عندما أغلقت السلطات في أبوظبي شاطئ السعديات الذي يرتاده العديد من السكان المحليين والسياح ومنعت السباحة فيه.

الضرر بالنظام البيئي

تتأثر الأسماك والحيوانات البحرية كذلك بالطحالب، حيث تقوم الطحالب باستهلاك الأكسجين الموجود في المياه ويؤدي ذلك إلى اختناق الكائنات البحرية الأخرى.

يمكن أن تتعرض الحيوانات البحرية الموجودة البعيد من المنطقة منخفضة الأكسجين للإصابة أو القتل كما هو الحال كالإنسان، إذا قامت بأكل الأسماك والكائنات البحرية الأخرى الملوثة بسموم الطحالب.

قد تكون النتائج كارثية.

أدت الطحالب الضارة التي انتشرت في شواطئ دولة الإمارات بين عامي 2008 و2009، على سبيل المثال، إلى هلاك آلاف الأطنان من الأسماك وألحقت الضرر بالشعاب المرجانية، بحسب الباحثين الذين درسوا الواقعة.

ووصلت موجة المد الأحمر إلى شواطئ ولاية فلوريدا الأميركية في عام 2018 وتركت فيها كائنات بحرية متعفنة تشمل الأسماك وثعابين البحر وخنازير البحر والسلاحف وقرش الحوت الذي بلغ طوله حوالي 8 أمتار.

ويمكن أن تُصاب خراف البحر، في فلوريدا، بنفس مشاكل التنفس التي تؤثر على الإنسان وقد تؤدي إلى موتها.

الاقتصاد والأمن الوطني

تتأثر الصناعات البشرية بذلك أيضًا وليس فقط قطاع صيد الأسماك الذي يعتمد على الثروة السمكية البحرية والأسماك المستزرعة في المحيطات.

انتشرت طحالب “كوكلودينيم بوليكريكويديس” في الساحل الجنوبي لكوريا في عام 1995، واستمرت هناك لمدة 8 أسابيع بمحاذاة الساحل بأكمله وأدت إلى خسائر اقتصادية بقيمة إجمالية بلغت 95 مليون دولار أميركي.

ويتأثر كذلك قطاع السياحة عندما تصبح الأماكن التي يُروج لها كوجهات للراحة والتمتع بالشمس والبحر غير آمنة وغير محببة للزائرين. وتسبب المد الأحمر الذي حدث في فلوريدا عام 2018 بخسائر بقيمة 2,7 مليون دولار، وفقًا لدراسة صادرة عن جامعة سنترال فلوريدا.

وتعتمد دولة الإمارات على محطات تحلية مياه البحر الممتدة بمحاذاة ساحلها لتزويد غالبية سكانها بالمياه النظيفة. لذلك، تواجه الدولة مخاطر إضافية إذا أجبرت الطحالب الضارة محطات التحلية على الإغلاق.

ضرب المد الأحمر منطقة الخليج العربي ما بين عامي 2008 و2009، والذي أجبر حكومات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على إصدار تعليمات بإغلاق محطات التحلية. يبلغ عدد هذه المحطات في دولة الإمارات 70 محطة وهي التي توفر للدولة غالبية احتياجاتها من مياه الشرب. وأثار ذلك اهتمام أثول ياتيس، الذي يتابع قضايا الأمن المدني كجزء من مهامه في جامعة خليفة.

“وقال أثول: “إذا أغلقت محطات التحلية في دولة الإمارات، ستتوقف إمدادات المياه بشكل كبير ولن يكون هناك سوى كمية محدودة من المياه المخزنة في شبكة توزيع المياه والتي ستكفيك لمدة يوم أو يومين. وبصفة عامة، فإن الماء الوحيد المتوفر هو الماء الموجود في شبكة توزيع المياه التي تنقلها من محطة التحلية إلى المنازل”.

وأضاف أثول: “لا يُستخدم الجزء الأكبر من الماء لأغراض الشرب ولكن لأغراض مثل ري الحدائق، إذا تمكنا من إرسال رسالة تقول: “لا تستخدم الماء لأي غرض آخر ولا تغسل سيارتك”، ستدوم هذه المياه لفترة أطول. لكن المشكلة هي طول الفترة التي تستغرقها تلك الرسالة للوصول”.

وأوضح أثول أن دولة الإمارات تتخذ تدابير للتخفيف من حدة الأمر، وقال: “أنشأت الحكومة شبكة مياه بفائض في الإنتاجية كشبكة كهرباء. فإذا توقف مفاعل براكة للطاقة للنووية عن العمل، يمكن الحصول على الكهرباء من مصادر أخرى. وينطبق الأمر نفسه على منظومة المياه”.

وأفاد أثول بأنه يوجد أيضًا مخازن استراتيجية للمياه، مشيرًا إلى طبقة مياه جوفية مستنفدة في منطقة “ليوا” تمت إعادة ملئها لتصبح خزانًا للمياه تحت الأرض. وقال أثول: “إذا حدثت مشكلات في شبكة التحلية، يمكن ضخ المياه في هذا الخزان لإمداد الشبكات”.

يعد هذا المورد محدودًا وتكلفته الاقتصادية مرتفعة، وتقدر خطة الإدارة المتكاملة لموارد أبوظبي المائية أن نقص إنتاج محطات التحلية أثناء المد الأحمر كلف الصناعة أكثر من 100,000 دولار أميركي (368,000 درهم) يوميًا.

مخاوف متعلقة بمنطقة الخليج

تواجه دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي مخاوف أخرى خاصة تتعلق بالطحالب الضارة.

وقال أثول: “يمكن لهذا المد الأحمر الطويل والبطيء أن يغلق أنظمة سحب المياه في محطات التحلية عبر مساحة كبيرة”.

وأشار أثول إلى أن التيارات في منطقة الخليج تتسم بالبطء، ما يعني أن المد الأحمر قد يستمر لفترة أطول

وتوصّـل شـادي أميـن مـن جامعـة نيـويـورك أبـوظبـي إلـى مـدى طـول فـتـرة استمـرار الطحـالـب الضـارة، حيـث رصـد فريـقـه “مجمـوعـة طحـالـب ضـارة” فـي الواجـهـة البحـريـة فـي منطقـة يـاس “يـاس بـاي” فـي أبـوظبـي لمـدة عـام تقريـبًا. ولا تـوجـد معلـومـات مؤكـدة بشـأن مصـدر هـذه الطحـالـب، ولـكـن يـرى شـادي أن هـذه الطحـالـب هـي مخلفـات ناتجـة عـن مشـروعات إنشـائيـة أو أنشطـة بشـريـة أخـرى.

ولاحـظ شـادي أيضًـا أن منطقـة الخلـيـج العربـي بصفـة عامـة تحتـوي علـى نسـبـة منخفـضـة مـن العناصـر الغـذائيـة.

وقـال: “أدركنـا ذلـك أخيـرًا. ويعنـي ذلـك عـدم وجـود قـدر كبيـر مـن الكتلـة الحيـويـة فـي المـاء بالنسبـة إلـى المناطـق التـي تحتـوي علـى العديـد مـن العناصـر الغـذائيـة. لـذا، عنـد حـدوث أي نـوع مـن الاضطـراب فـي تلـك المنظومـة، كجريـان الميـاه الناتجـة عـن مشـروع إنشـائـي أو أرض زراعـيـة أو ريـاح موسميـة، علـى سبيـل المثـال، أو أي أحـوال جويـة، فـقـد يؤدّي ذلـك إلـى ظهـور طحـالـب ضـارة علـى نحـو مفاجـئ. وتتسـم هـذه الأحـداث بعـدم إمكـانيـة توقّـعـهـا إلـى حـد كبـيـر”.

يواجـه الخلـيـج العربـي تحـديـات تصعّـب متابعـة ورصـد انتشـار الطحـالـب الضـارة.

وقـال شـادي: “تـعـد صـور الأقمار الصناعيـة مـن أسهـل الأشـيـاء التـي يستخـدمهـا النـاس، لأنهـا مجـانـيـة ومتوفرّة دومًـا، ولكـنـهـا للأسـف لا تعمـل علـى نحـو جيّـد هنـا بسـبب الضحالـة الشديـدة التـي يتسـم بـهـا الخلـيـج العربـي، وبصفـة خاصـة الساحـل الإماراتـي“.

وأضـاف شـادي: “تقـيـس الأقمار الصناعيـة الضـوء المنعكـس مـن الأرض. وعنـدمـا تحـاول أن تستكشـف بالتقريـب وجـود طحـالـب فـي جـزء معيّـن مـن المحيـط، فإنـك تقيـس الطـول الموجـي المنعكـس مـن المـاء وتـوجـد خوارزميـات يمكـنـهـا احتسـاب عـدد الطحـالـب الموجودـة.

وتتمثّـل المشكلـة فـي كـون الضـوء ينعكـس مـن قـاع البحـر أيضًـا فـي المناطـق الحـارّة، وهـو مـا يجعـل الأمـر أكثـر تعقـيـدًا فـي هـذه الحالـة، وهـذا هـو تحـديـدًا مـا نواجـهـه هنـا. لـذا، لا يعـد الاعتمـاد علـى الأقمار الصناعيـة هنـا خيـارًا مطروحًـا”.

مراقبة المياه

وذكر شادي أن فلوريدا تستثمر على نحو كبير في تعزيز دفاعاتها ضد المد الأحمر.

وقال: “نتعاون عن كثب مع خليج المكسيك وولاية فلوريدا، إذ لديهما برنامج ممول من الولاية يتضمن ذهاب المئات، إن لم يكن الآلاف، من موظفي الولاية بصفة يومية تقريبًا لتجميع مياه البحر. وإذا بلغت المياه حدًا معينًا يعرفونه مسبقًا، فيعني ذلك وجود طحالب. وعليه، يحذرون الجمهور ويتخذون الإجراءات اللازمة”

وأضاف شادي: “لا تمتلك دولة الإمارات هذه النوعيات من الموارد بعد، ولكننا نحقق تقدمًا في هذا الصدد”.
وتابع: “هذا هو ما نهدف إليه”.

وفي هذه الأثناء، أطلقت عُمان نموذجًا للتنبؤ في مطلع عام 2024 للمساعدة في التحذير من موجات المد الأحمر القادمة

ويقول جواد الخراز، رئيس قسم البحوث بمركز الشرق الأوسط لبحوث تحلية المياه في مسقط: “يعتبر نظام الإنذار المبكر ضروريًا في دول المنطقة، خاصة مع إمكانية أن يساهم التغير المناخي في زيادة تكرار المد الأحمر ومدى خطورته”.

ويؤكد جواد أن إجراء المزيد من البحوث يعد أمرًا أساسيًا لتقييم العلاقة بين موجات المد الأحمر والتغير المناخي وتحمض المحيطات وصحة البشر.

ويرى شادي أمين في نفس الوقت أنه يتعين علينا البحث عن حل المشكلة بأنفسنا. وقال شادي: “تحدث المشكلة بسبب الأنشطة البشرية المفرطة في السواحل وإلقاء النفايات في مياه البحر، ما يؤدي إلى حدوث هذه الموجات الضارة من المد الأحمر”.

أغشية بتحكم أفضل

كتابة: جيد ستيرلنغ

تبدو المستويات المرتفعة من العناصر الغذائية كميزة في أي نظام بيئي، ولكن إذا حصلت البيئة على كميات كبيرة من العناصر الغذائية، ينتج ما يُعرف بـ “التغذية الزائدة” والتي تعزز نمو الطحالب الضارة بشكل سريع ونقص نسبة الأكسجين في ماء البحر، وبالتالي قتل الأسماك والأعشاب البحرية.

وقال شادي حسن، مدير مركز الأغشية وتكنولوجيا المياه المتقدمة في جامعة خليفة: “يساهم تراكم العناصر الغذائية كالنيتروجين والفوسفور بكميات كبيرة ثم تصريفها في المياه السطحية والأنهار والمستودعات إلى تسريع حدوث التغذية الزائدة، وبالتالي التسبب في ضرر بالغ في النظام البيئي المائي”.

وأضاف: “نحتاج إلى التحكم في مستويات العناصر الغذائية وتطوير تكنولوجيات مبتكرة لمعالجة الماء والتخلص من المغذيات الزائدة”.

توجد هناك العديد من تكنولوجيات المعالجة لكن قد تؤدي الوسائل الكيميائية إلى منتجات ثانوية غير مرغوبة، بينما تستغرق المعالجات البيولوجية وقتًا أطول، فضلًا عن انعدام كفاءتها في استخدام النيتروجين، كما لا تتوافر وسيلة تتيح تنقية كاملة للماء.

وقد يتمثل الحل برغم ذلك في تكنولوجيا جديدة للأغشية، فقد طور شادي حسن وفريقه البحثي في جامعة خليفة غشاءً من حمض البوليلاكتيك ومادة نانوية لإزالة العناصر الغذائية من مياه الصرف.

ويعمل الغشاء من خلال الامتصاص، حيث استخدم الفريق البحثي مادة نانوية مهجنة تتكون من أنبوبة نانوية كربونية وأكسيد الكربون تم توظيفها وموجبة الشحنة ومتعددة الجدران لتخليص مياه الصرف من النيتروجين (كالأمونيا) والفوسفور، مع تحسين نفاذية الماء في الوقت نفسه. ويجري ترشيح العناصر الغذائية بتجميعها في مسام الأنابيب النانوية عند سطح الغشاء.

ويحتاج غشاء كهذا إلى إتاحة خاصية نفاذية الماء، لأنه كلما زاد امتصاص وتجميع العناصر الغذائية، نقصت كمية الماء التي تمر عبر الغشاء. ولكن على الرغم من ذلك، يتيح الغشاء الذي طوره الفريق البحثي تدفقًا عاليًا للمياه حتى أثناء عملية ترشيح المغذيات. تعزز الأنابيب النانوية الكربونية خاصية مقاومة الشد لدى الغشاء على نحو هائل، بينما يحسن أكسيد الغرافين التوازن الحراري ومقاومة الشد ويتيح خصائص مقاومة للبكتيريا. ويؤدي ذلك إلى دعم تدفق المياه ويزيد شراهة المنتج النهائي لها.

وتحظى تأثيرات أكسيد الغرافين والأنابيب النانوية الكربونية في عملية تنقية المياه بتوثيق جيد، إلا أن الدراسات محدودة فيما يتعلق بالمزج بينهما كمركب نانوي هجين.

وقال شادي: “توصلنا بعد مراجعة شاملة للمؤلفات العلمية والمنشورات البحثية إلى أن مجموعتنا البحثية هي الأولى التي تعلن عن تخليق تلك الأغشية المركبة المكونة من حمض البوليلاكتيك لتخليص مياه الصرف الاصطناعية والحقيقية من المغذيات”. وأفاد شادي في ختام حديثه بأن فريقه يبحث طرق التوسع في إنتاج هذه الأغشية من أجل استخدامها في تطبيقات أكبر

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: أعالي البحار