الإلكترونات الراقصة

ظن العلماء لسنوات أن دوران الإلكترونات حول محورها هو المسؤول عن السلوك الكمّي والغريب لبعض المواد، إلا إن دراسة جديدة شارك فيها باحثون من كافة أنحاء العالم توضح أننا كنا نركز على النوع الخاطئ من الحركة، حيث أن الأمر لا يتعلق بالدوران حول المحور بل بالحركة المدارية حول النواة. فالإلكترونات التي تدور بسرعة في مدارات حول الذرات هي المحركات الحقيقية لهذه التأثيرات.

تبين للباحثين عند دراسة بلورة غير متناظرة تسمى “سي أو إس آي” أن هذه الحركات المدارية تنتج أنماطًا من الدوامات على سطح البلورة تُعرَف بـــ “قوس فيرمي” وهي تغير اتجاهها بحسب اتجاه البلورة، يمينًا ويسارًا.

تُعَد هذه النتائج هامة لأنها تفتح الباب أمام فرع جديد من التكنولوجيا يُعرَف بالإلكترونات المدارية.

وبدلًا من التركيز على الإلكترونات التي تدور حول نفسها، فقد نصنع أجهزة يومًا ما تقوم على آلية تحرك الإلكترونات في مدارات، وهو ما قد يعني أجهزة كمبيوتر أسرع وأكثر اتزانًا وفعالية في استهلاك الطاقة.

وتُعَد النتائج أيضًا خطوة هامة في علوم المواد الكمية، إذ توضح أن شكل وتناسق المادة يمكنهما توجيه تدفق المعلومات.

نُشِرَت هذه الدراسة في مجلة “أدفانسد ماتيريالز” المتخصصة في مجال المواد المتقدمة.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: رؤية الفضاء بشكل ثنائي الأبعاد

النباتات الرقمية

يسعى الباحثون إلى دمج الإلكترونيات في النباتات عبر تزويدها بمستشعرات أو إدخال مكونات إلكترونية في أجزائها

توجد ظاهرة بشرية نفسية تُعرف باسم “العَمَى تجاه النبات“، وتُستَخدَم لوصف شعور بعض الأفراد في تجاهل النباتات واعتبارها خلفيات غير هامة. وتعَد هذه الظاهرة سمة تطورية مفيدة حالت دون إرباك العقل بالحجم الكبير من المسطحات الخضراء المحيطة بنا. ولكن، يتعين التغلب على إهمال النباتات في ظل توجهنا إلى الاعتماد على العالم الطبيعي لإيجاد حلول لمشاكلنا المعاصرة.

تقول آنا ماري بابا، الباحثة في جامعة خليفة أنه توجد حاجة مُلِحَّة إلى مجموعة التدابير التي تهدف إلى تحسين إنتاجية النبات ومحتواها الغذائي، كما يوجد احتياج آخر إلى فهم جوهري لتطور النبات وطريقة تأقلمه مع الضغوط البيئية:

وقالت آنا- ماريا: “تتضرر النباتات على نحو متزايد مع التغيرات المناخية التي يتسبب بها البشر”. وقد يقدم النوع التقليدي من البحوث في علوم النباتات حلولًا لهذه المشاكل لكن قد تؤثر سلبيًا على النباتات، وبالتالي قد تسبب اضطرابًا في طريقة اتصال خلايا النبات ببعضها البعض.

يعمل تركيب النبات كنموذج طبيعي، حيث تقوم فيه آلية التجاوب البيوكيميائي بدور المحفز لعملية البلمرة”. وأضافت: “النباتات آلات متجددة كبيرة الحجم وعالية الأداء تمثل مصدرًا غير مستَغَل لإنتاج المواد والإلكترونيات وتكنولوجيا الطاقة المتقدمة

– إليــنـا ستـافرينـيدو

فما هو الحل المحتمل الذي تقدمه آنا- ماريا؟ تقول آنا- ماريا: “يمكن استشعار النبات في الزمن الفعلي دون ترك أي أضرار بوضع مستشعرات إما على سطح النبات أو بداخله. ويتيح كل دمج النباتات مع المواد الإلكترونية إمكانية المزج بين الإشارات الكهربائية والعمليات الكيميائية التي تقوم بها النباتات”.

وتُطلِق آنا- ماريا على هذه الفكرة التكنولوجية المستقبلية اسم “النباتات الإلكترونية”، كما تستخدم في بحثها بوليمرات مقترنة مع بعضها، وهي نوع من أشباه الموصلات العضوية، لتطوير أجهزة إلكترونية تهدف إلى تعزيز الربط بين الحيوي وغير الحيوي.

تشير البحوث الحديثة إلى استخدام مواد إلكترونية عضوية في الاستشعار الأيوني البيولوجي والمضخات الأيونية ومحولات إشارات النشاط العصبي في البشر

تتكامل هذه المواد بشكل أكثر سلاسة مع الأنظمة البيولوجية المعقدة وتتيح تحويل الإشارات في الأنشطة البيولوجية على نحو أكثر كفاءة. وفي حالة النباتات الإلكترونية، يمكن أن تكون هذه المواد “قابلة للارتداء”، وبالتالي وضعها على أسطح أوراق وسيقان النباتات أو زرعها على سبيل المثال.

وتُعَد البوليمرات المتراصة موصلات مختلطة. وتستخدم الأنظمة الإلكترونية المحيطة بنا في حياتنا اليومية الإلكترونات باعتبارها الناقل الرئيس للشحنات، بينما تستخدم الأنظمة البيولوجية الأيونات.

ويمكن للبوليمرات المتراصة استخدام كلٍ منهما، ما يجعلها مثالية للربط المباشر مع الأنظمة البيولوجية. وتقول آنا- ماريا أن دمج البوليمرات المرنة بدلًا من المعادن الفلزية في الهياكل البيولوجية الرقيقة يتسم بالسهولة وتعددية الاستعمالات، وهما ميزتان واضحتان إلى جانب باقي المزايا الأخرى مقارنة بالأنظمة الإلكترونية التقليدية.

وتوضح آنا- ماريا بقولها: “تتيح الإلكترونيات الحيوية المدمجة في النباتات، كما يحدث في أجهزة الإلكترونيات الحيوية التقليدية، إجراء اتصالات ثنائية الاتجاه من خلال مستشعرات يمكنها ترجمة الإشارات الحيوية الصادرة من النباتات إلى أجهزة قارئة ومُشغِّلات إلكترونية قادرة على تعديل وظائفها البيولوجية”

وأضافت: “يساعد الدمج بين النواقل الأيونية والإلكترونية في تحويل الإشارات، ليس بغرض الاستشعار فقط، وإنما أيضًا لتحويل الإشارات الإلكترونية إلى مواد كيميائية محدَّدَة. ويمكن أن يكون هذا التحويل تدبيرًا رئيسًا لتحسين الزراعة المستدامة، والتي تُعَد بدورها الركن الأساسي للثورة الزراعية متسارعة النمو التي نشهدها الآن”.

طاقة الزهور

يركز البحث الذي تُجريه آنا- ماريا على تطوير مواد المحاليل الهلامية المائية من تلك البوليمرات التي يمكنها مضاعفة بَذر النبات والنمو في بيئات غير مواتية، إلا أن هذا ليس هو الطريق الوحيد المتاح أمام تكنولوجيا النباتات الإلكترونية.

وفي هذا الإطار، قام فريق من الباحثين في جامعة لينكوبينغ السويدية بالتركيز على النباتات الزراعة وتطوير جزيء يمكن امتصاصه وبلمرته داخل النبات لإنشاء خيوط طويلة توصل الكهرباء في كافة أجزاء النبات. وعلى غرار صبغ زهرة من خلال حقنها بمحلول يحتوي على مادة غذائية ملونة، حلَّلَ الباحثون جزيئًا يسمى (إي تي إي- إس) إلى محلول تم ضخه عبر الجهاز الدوري في وردة. وقد تمت بلمرة جزيء (إي تي إي- إس) في كافة أجزاء هذه الشبكة، فحولها إلى شبكة إلكترونية.

ولــم يـكــن أعــضــاء الــفــريــق الــبــحــثــي يـحــاولــون اســتــشــعــار أي شــيء عــبــر هــذه الــوردة، وإنــمــا كــانــوا يــريــدون تــحــويــلــهــا إلــى جــهــاز لــتــخــزيــن الــطــاقــة بــكــمــيــات كــبــيــرة، وهــو نــظــام ســريــع الــشــحــن يــســاهــم بــتــخــزيــن الــطــاقــة وقــد يــكــون بــطــاريــات الــمــســتــقــبــل.

وكــتــبــت إلــيــنــا ســتــافــريــنــيــدو، الــبــاحــثــة الــرئــيــســة ضــمــن الــفــريــق الــبــحــثــي، فــي مــجــلــة أبــلايــد فــيــزيــكــال ســايــنــســيــز: “يــعــمــل تــركــيــب الــنــبــات كــنــمــوذج طــبــيــعــي، حــيــث تــقــوم فــيــه آلــيــة الــتــجــاوب الــبــيــوكــيــمــيــائــي بــدور الــمــحــفِّــز لــعــمــلــيــة الــبــلــمــرة”.
وأضــافــت: “الــنــبــاتــات آلــات مــتــجــددة كــبــيــرة الــحــجــم وعــالــيــة الــأداء، تــمــثــل مــصــدرًا غــيــر مــســتَــغَــل لإنتــاج الــمــواد والــإلــكــتــرونــيــات وتــكــنــولــوجــيــا الــطــاقــة الــمــتــقــدمــة”.

يــغــطــي هــذا الــبــحــث أيــضــًا إمــكــانــيــة تــولــيــد الــكــهــربــاء مــن عــمــلــيــة الــبــنــاء الــضــوئــي.

حيث تستخدم النباتات ضوء الشمس أثناء عملية البناء الضوئي لتجزئة ذرات الماء إلى هيدروجين وأكسجين. وتُستَخدَم الإلكترونات الناتجة عن هذا الفصل في دمجها مع الكربون لإنتاج السكر، إلا أن الباحثين في جامعة جورجيا طوروا طريقة لقطع هذا المسار، باحتجاز الإلكترونات قبل أن تتحول إلى جزيئات السكر.

أشرفت راماراجا راماسامي على الفريق البحثي في مجال التحكم في البروتينات الموجودة داخل الأغشية المسؤولة عن احتجاز وتخزين الطاقة من ضوء الشمس أثناء عملية البناء الضوئي والمعروفة باسم التايلاكويدات. وتوضع التايلاكويدات بعد تعديلها في أنابيب نانوية كربونية، والتي تعمل كموصلات كهربية تنقل الإلكترونات من خلايا النبات بمحاذاة الأسلاك.

واكتشف فريق من الباحثين في جامعة كمبردج شيئًا مماثلًا يتيح، من خلال استخدام التنظير الطيفي للامتصاص العابر فائق السرعة (الليزر المتسارع)، رصد أعضاء الفريق الإلكترونات وهي تتحرك طوال عملية البناء الضوئي. واستطاع أعضاء الفريق أن يحددوا ما وصفوه بــ “المسارات التسريبية“: الإلكترونات كانت تتسرب من الخلايا التي تبدأ فيها عملية البناء الضوئي. وقد يعد تجميع هذه الإلكترونات وسيلة لتوليد الطاقة المتجددة من مصدر لإنتاج الطاقة بشكل ذاتي وفي نفس الوقت قادر على احتجاز الكربون، ليكون بذلك مصدرًا فعليًا من الطاقة المستدامة.

الصورة: إنفاتو إليمنتس
كنزٌ في جذع النخلة

بقلم: سوزان كاندي لامبيرت

يشكل النسغ في نخيل التمر عنصرًا هامًا في مجال الأمن الغذائي Read more›››

يُعتبر النسغ المستخرج من نخيل التمور مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية لدى سكان منطقة شمال إفريقيا لاسيما في الفترة ما قبل صيامهم وبعده.

وفي هذا الإطار، تعاون الدكتور فوزي بنات وفريق من الباحثين من جامعة خليفة مع آخرين من جامعة الإمارات لجلب هذه الفوائد الغذائية للدولة ومناطق أخرى من العالم.

:لكن واجه الباحثون مجموعة من التحديات التي كان لابد من التغلب عليها قبل أن يصل نسغ نخيل التمور إلى رفوف المتاجر، وتتمثل بالتالي:

أولًا، ينتج عن عملية استخراج نسغ النخيل قتل العديد من أشجار النخيل التي تعتبر مهمة من الناحية الثقافية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.

ثانيًا، يتحول نسغ نخيل التمر إلى كحول بسرعة كبيرة، ما يجعله غير مناسب للأسواق الإسلامية.

وقد تمكّن الفريق من ابتكار حل للمشكلة الثانية، وهو إضافة مادة كيميائية إلى النسغ ليمنعه من التخمّر، فيما يقوم الفريق في الوقت الحالي بإيجاد حلول للمشكلة الأولى.

يسعى الدكتور فوزي إلى ضمان عدم إضرار عملية جمع النسغ بأشجار النخيل، حيث أصبح الباحثون اليوم ملمين بالأوقات المناسبة للقيام بذلك خلال اليوم وعدد المرات اللازمة، كما يقوم الباحثون أيضًا بتحسين عملية جمع النسغ من خلال التعرف على مدى عمق الحفر في جذع النخلة والأجزاء التي يمكن حفرها.

وهنا يكمن السؤال الأهم: كيف يبدو مذاقه؟ يجيب الدكتور فوزي على هذا السؤال بأن مذاقه حلوٌ ولذيذٌ جدًا.
‹‹‹ Read less

واستطاع أعضاء الفريق أن يحددوا ما وصفوه بــ “المسارات التسريبية“: الإلكترونات كانت تتسرب من الخلايا التي تبدأ فيها عملية البناء الضوئي. وقد يعد تجميع هذه الإلكترونات وسيلة لتوليد الطاقة المتجددة من مصدر لإنتاج الطاقة بشكل ذاتي وفي نفس الوقت قادر على احتجاز الكربون، ليكون بذلك مصدرًا فعليًا من الطاقة المستدامة.

وقد تطورت عملية البناء الضوئي بتطور النبات عبر ملايين السنوات، إلا أنها من الممكن دومًا أن تتطور إلى الأفضل.

وصف مايكل سترانو نفسه أنه من الأشخاص المهتمين بتحسين إنتاج النباتات في معهد ماساتشوستس للتقنية. وفي عام 2014، نجح فريقه في إدخال ماكينات نانوية إلى هياكل الكلوروفيل في أحد النباتات. وقبل أن يتحقق هذا الفتح العلمي (الفعلي)، لم تكن ثمَّة وسيلة لاختراق جدار خلايا التركيبات التي تستخدمها النباتات لإجراء عملية البناء الضوئي. وقام أعضاء فريق مايكل بطلاء ماكيناتهم النانوية بجزيئات مشحونة كهربائيَّا، والتي امتصتها هياكل الكلوروفيل.

لم يكن أعضاء الفريق يفعلون ذلك لمجرد التأكد من قدرتهم. تستخدم هياكل الكلوروفيل صبغة الكلوروفيل التي تمتص الضوئين الأزرق والأحمر لتصنع اللون الأخضر للنبات. وإذا أمكن “إعادة توصيل الأسلاك في” هياكل الكلوروفيل لامتصاص نطاق أوسع من الأطوال الموجية للضوء، نظريَّا، يمكن أن ترتفع إنتاجيتها. وقد أنتجت النباتات النانوية الإلكترونية التي طورها فريق مايكل طاقة أعلى بنسبة 30% من ضوء الشمس بالمقارنة مع نظيراتها.

إذا تم الدمج ما بين هذه التكنولوجيا، والتقنيات الأخرى المتخصصة بتطوير النباتات في مجال جمع الإلكترونات، ستتوفر لدينا محطات طاقة فعلية لإنتاج الطاقة يمكن الوصول لتلبية كامل احتياجاتنا من الطاقة.

إطعام العالم

قد يؤدي التفاعل ما بين المناهج النانوية الإلكترونية والنباتات النشطة كهربائيَّا، والتي تُطلِق عليها آنا- ماريا وصف “النباتات المهجنة الحيوية”، إلى ظهور نتائج بالغة الأهمية في الزراعة، حيث يجعل من النباتات أنظمة متطورة تقنيَّا للتصدي للضغوط البيئية والتأقلم معها على نحو يتجاوز قدرتها الطبيعية بشكل يتجاوز قدرتها الطبيعية، إضافة إلى التكامل على نحو أفضل مع النُّظُم البيئية الحضرية المعاصرة.

وقالت آنا- ماريا: “تُعَد البحوث الراهنة في هذا المجال بداية الطريق، على الرغم من التطورات الهائلة في مجالات الأنظمة الإلكترونية الحيوية وعلوم المواد، وبصفة رئيسة لأغراض التطبيقات البشرية”. وقد ركَّزَ البحث السابق الذي أجرته آنا- ماريا على تطوير الأنظمة الإلكترونية الحيوية لغرض التطبيقات المختبرية في مجال تصميم الأدوية والأجهزة التي يُطلَق عليها وصف “رقائق الأغشية” والتي تستخدم الأقطاب الكهربية للبوليمرات الموصلة للكهرباء وأجهزة الترانزيستور للتفاعل مع أغشية الخلايا البشرية.

وأضافت آنا- ماريا: “يمكن الاستفادة من عدد قليل من النباتات، بالنظر إلى التطورات التي تحققت في الأنظمة الإلكترونية الحيوية وعلوم المواد والبيولوجيا التركيبية والأنظمة الذكية، كمؤشرات نموذجية لفهم الأُسُس وتعزيز الكفاءة وربطها بالإنتاجية على نطاق كبير”.

قالت آنا- ماريا: “يمكن أن تشكل التكنولوجيا المدمجة مع النباتات، على الرغم من أنها قد تبدو خيالًا علميًا، مستقبلًا زراعيًا واعدًا، كما قد تشكل أيضًا مستقبل النُّظُم البيئية الحضرية العصرية كبث الضوء وتوليد أو تخزين الطاقة واستشعار النباتات المهجنة الحيوية والاتصال بها”. واختتمت بقولها: “نحتاج إلى الاستفادة من إمكانيات النبات في حال أردنا تحقيق الهدف المتمثل في الأمن الغذائي المستدام بحلول عام 2030”.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: حيوان برمائي يساعدنا في القضاء على العطش

كلُّ إنجاز مهم ولو كان بسيطًا

تتمايل الأمواج الهادئة عبر المسبح الذي يبلغ طوله 25 مترًا، في وقتٍ مبكرٍ من المساء في مسبح حرم مدرسة الراحة الدولية في مدينة خليفة، وكأنها تستعد لاستقبال حصة يوم الإثنين الخاصة بتدريب طلبة السباحة من أكاديمية السباحة العربية وبرنامج أهداف الإمارات.

تختلف هذه الحصة عن التدريبات السريعة التي جرت في وقت سابق هذا اليوم.

العنوان: Courtesy of UAE Year of Community website

حيث يغوص المشاركون هنا في أكثر من مجرد مسبح لأنهم يواجهون تحدياتٍ جسدية و تأخر معرفي واضطرابات عصبية. لذلك، فإنهم يكتسبون من خلال هذه السباحة الثقة ويساهمون في تطوير التنسيق الحركي ويبنون مساراتٍ جديدة في الدماغ.

تعمل أكاديمية السباحة العربية في حرميّ مدرسة الراحة منذ 12 عامًا وتعمل جنبًا إلى جنب مع أكاديمية وولفي لركوب الدراجات وأكاديمية ألعاب القوى وباس أبوظبي لتعزيز الرياضة والشمولية في المجتمع من خلال ارتباطها ببرنامج أهداف الإمارات لتمكين أصحاب الهمم.

يتراوح عمر السبّاحين في المسبح في حصة اليوم من 7 إلى 37 عامًا، حيث صُمِّم البرنامج ليستمتعوا بالمياه ويتعلّموا أيضًا السباحة وحماية أنفسهم وإنقاذها.

أنايا هي فتاة صغيرة مصابة بالشلل الدماغي وجديدة في البرنامج، وتقوم اليوم بحصتها التدريبية الثالثة، وهي قادرة على الركل في الماء بقدمها اليمنى، ما يمثّل أمرًا لم تكن قادرة على القيام به قبل بضعة أسابيع فقط.

يمثّل الشلل الدماغي حالةً عصبية تؤثر على حركة الشخص، وهو ناتج عن تلف أجزاء مسؤولة عن الحركة في الدماغ، قبل الولادة عادةً. ويُعتبر التحدي الرئيس الذي يواجهه الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة، هو التحكم في حركة العضلات.

تستطيع أنايا المشي بالاستعانة بشخصٍ آخر، ويُعتبر التحرّك في الماء طريقة مثاليةً لها لاكتساب القوة وتطوير قدرتها على التحكم في العضلات. حيث يقلل الماء وزن الجسم بنسبة 90%، ما يلغي التأثير على مفاصلها حتى تتمكن من الحصول على هذه الفوائد دون الضغط على جسدها.

توفّر زيادة معدل ضربات القلب لياقة بدنية ودوران وقدرة على التحمل بشكل عام، كما هو الحال مع معظم الألعاب الرياضية، كما يعزّز مرونة أطفالٍ مثل أنايا.

يتمتع السباحون الآخرون في البرنامج بفوائد مماثلة، ثم تتفاوت استفادة البعض بناءً على ظروفهم.

مدربوا برنامج أهداف الإمارات لتمكين أصحاب الهمم في حرم مدرسة الراحة الدولية في مدينة خليفة

من اليسار إلى اليمين في الخلف: داني ديلا تور وداميكا كوندارامغي وهيلين ويلسون من اليسار إلى اليمين في الوسط: هاشينتارا شاميني محمد ومالشي واتودورا ودونابيل ماكوسي ومارييكريس بوردالي وروزاريو أورتيغا من اليسار إلى اليمين في الأمام: إبراهيم عكاني وويليام ويلسون وكيلي دونغمو ونينيا مانلابيغ

يعاني العديد من الطلبة في تجمّع اليوم من اضطراب طيف التوحد الذي يُعتبر جزءٌ كبير منه حسيًّا، ويعني هذا أن أولئك الموجودين على الطيف يعانون من مضاعفات في المعالجة الحسية، فقد تبدو لهم الضوضاء أعلى ويشعروا بأن القوام أكثر شدة أو خشونة، كما أنّها تمثّل عبئًا كبيرًا على أدمغتهم التي ستعالجها، ويمكن أن تؤدي إلى شعورهم بعدم الراحة. ويُعتبر الطيف واسعًا، ما يعني أنّ انزعاج بعضهم قد يكون خفيفًا، لكن قد يشعر آخرون بأن الإزعاج لا يطاق.

وفقًا لهيلين ويلسون، مالكة أكاديمية السباحة العربية وعضوة في برنامج الأهداف الإماراتية، يمكن أن يكون المسبح مكانًا مهدّئًا للغاية لتهدئة الحمل الزائد الحسي. حيث يسهم تموّج الماء الخفيف والطريقة الناعمة التي يحيط بها بالجسم والصمت الذي يوفره عندما يغمر الماء الأذنين، في أن يجعل الماء مكانًا مثاليًا ومريحًا للشخص المصاب بالتوحد.

تبدو العملية مهدّئة، لكن يرتبط الماء بمخاطر أيضًا.

يُعتبر الغرق السبب الرئيس لوفاة الأطفال المصابين بالتوحد، وفقًا لجمعية التوحد في فلوريدا. ذلك أنّهم غالبًا ما يتجوّلون ويتهربون من مقدمي الرعاية، ولا يدركون الخطر في معظم الأحيان، ما يجعل الأطفال المصابين بالتوحد أكثر عرضة للغرق بـ 160 مرة، من أولئك الذين ليسوا في الطيف، لذلك من الضروري أن يتعلموا السباحة.

وهذا هو بالضبط ما يقدّمه لهم هذا البرنامج.

يبلغ مالك من العمر 22 عامًا، ولديه اضطراب طيف التوحد ويتعلم من خلال تكرار تعليمات المدرب لفظيًا. يمكنه السباحة ويعمل اليوم على تطوير أسلوبه بالتعاون مع مدربه رايان، وهو طالب من الصف العاشر، والذي يسبح مع فريق الراحة كوبرا الأساسي، حيث يوضح ريان التقنية ويشجع مالك على إكمال السباحة.

تقول والدة مالك في حديثها مع فريق مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، إنه سجّل أهدافًا منذ عام 2018. “تعلم السباحة وتنافس في الترياتلون والدوثلون، كما أنّهم فازوا بالميدالية البرونزية والفضية والذهبية وهو يتحرّق شوقًا لحصته التدريبية، فهو يحب التنشئة الاجتماعية كما أنّ المدربين مذهلون”.

يبلغ رافائيل 37 عامًا ولديه أيضًا اضطراب طيف التوحد، ويتميّز بموهبته في السباحة وهو هنا من أجل الفوائد الصحية، حيث يسبح مدربه بجانبه فقط لتشجيعه على الاستمرار.

مدربوا برنامج أهداف الإمارات في حرم مدرسة الراحة الدولية في مدينة خليفة

من اليسار إلى اليمين:تيجيست وآنا ليه وتشاندريكا وهيلين وديبي وبيريرا وإيفو (طلبة حرم الراحة غاردنز) وسيلوس

قد يمثّل التواصل تحديًا لآدم، المصاب بالتوحد والتي تُعتبر لغته محدودة، لذلك يساعده شخصان بجانبه على التقدم. ويقول المدرب داني ديلا توري وهايدن، وهو طالب متطوع آخر في فريق الراحة كوبرا، إنه غالبًا ما يفهم طريقة تفكير آدم ويستجيب لسلوكه ولغة جسده، ما يمكّن هايدن من إرشاده بطريقة يتعلّم من خلالها في كثير من الأحيان، والتي تميل إلى أن تكون جسدية أكثر من لفظية.

تقول غريس، المعلمة المرافقة لآدم، إن هذا البرنامج مثاليٌ له.

وتضيف في السياق: “أرى أن أنشطة السباحة مفيدة جدًا لآدم، فضلًا عن تمكينها له من التواصل والتفاعل مع الآخرين”. وهي تشعر أن البرنامج يمنح عقله النشط قسطًا من الراحة.

هيليودور، صبي يبلغ من العمر 10 سنوات مصاب بمتلازمة داون، ويعمل على تحسين حركات ذراعه وركلاته. كيان، مصاب أيضًا بالتوحد، لكن يهدّئه الماء ويعمل مع عصي المسابح لدعم جسده عندما يتعلم الركل. أما محمد، فهو على أتم الاستعداد لإظهار مهاراته كلّما رأى كاميرا أمامه.

يتطلّب كل شخص من أصحاب الهمم احتياجاتٍ مختلفة، حيث يُعتبر طيف التوحد واسعًا، لذلك يحتاج البعض إلى الحد الأدنى من المساعدة، في حين يمتلك البعض الآخر قدراتٍ لغوية بسيطة مثل آدم الذي يستجيب بصورة أفضل عندما يستعرض شخصٌ الفعل بدلًا من إعطائه توجيهات لفظية.

هذا ما تقدمه برامج مثل هذه، تدريبٌ متخصص لمساعدة كل سبّاحٍ على النجاح، مهما كان معنى النجاح في نظره.


عندما أسمع عن النجاحات أو أقرأ رسالة من أحد الوالدين أو مراجعةً شاركوها، يذكّرني ذلك بمدى تقدير الناس لعملنا هذا

،هيلين ويلسون – مالكة أكاديمية السباحة العربية


تشمل الفوائد الأخرى لأعضاء البرنامج زيادة القوة الأساسية وتحسين المهارات الحركية والحركية الدقيقة وتقوية العضلات بسبب مقاومة الماء، لكن ويلسون يقول إن الجانب الاجتماعي والمتعلّق بتعزيز الثقة لا يقل أهمية.

“أُعدّ البرنامج على مراحل، حيث يبدؤون في المرحلة الأولى، وهي تدريب كلّ واحدٍ من قِبل مدربٍ خاصٍّ به، ثم ينتقلون بعد تجاوز هذه المرحلة، إلى حصّة تدريبية مزدوج يشارك فيها معهم شخصٌ آخر، وبمجرد أن تزيد ثقتهم، يشاركون في حصة جماعية، ما يجعل الرحلة تشمل جزءًا كبيرًا من التطوّر الاجتماعي والمهام القابلة للتحقيق”.

بمجرد أن يتجاوز السبّاحون هذه المراحل، سيملكون خيار الانتقال إلى برامج سباقات الأكواثون والترياثلون في حرم الراحة غاردنز الذي تديره ديبي شريبر، إذا كان هذا جزءًا من خططهم وخطط عائلاتهم المستقبلية.

تحضر آن، والدة رافائيل، الحصص التدريبية مع ابنها الذي يتمتع بهدوء المسبح، وتقول إن الفوائد التي يحصل عليها كثيرة.

“يُعتبر المسبح مهدّئًا له، كما تتعدّد فوائده لتشمل الجانب المتعلّق بالجهاز التنفسي وصحته”.

ينظر الآباء والأمهات بنظرةٍ إيجابية وداعمة للبرنامج، ويدركون فوائده العديدة لأطفالهم.

CAPTION: جائزة صناعة الرياضة

فاز برنامج أهداف الإمارات لتمكين أصحاب الهمم في عام 2025، بالميدالية الذهبية لأفضل مبادرة شاملة في حفل توزيع جوائز صناعة الرياضة في الشرق الأوسط.

ويقول ويلسون في حديثه مع فريق مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في هذا الصدد: “عندما أسمع عن النجاحات أو أقرأ رسالة من أحد الوالدين أو مراجعةً شاركوها، يذكّرني ذلك بمدى تقدير الناس لعملنا هذا، حيث من المدهش أن ترى كيف يمكن أن تُحدِث 45 دقيقة فقط من وقتك أثرًا فعًالًا يشمل فرحة الأطفال وعائلاتهم، ما يجعل الأمر يستحق العناء.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: التمارين الرياضية ومسألة طول العمر

سر الشيخوخة يَكمُن في الأمعاء

تُقَدَّر القيمة الإجمالية لسوق منتجات مكافحة الشيخوخة، على تنوعها من الكريمات المضادة للتجاعيد إلى أقنعة ترطيب البشرة بالكولاجين، بنحو 52.44 مليار دولار، ولكن هل تعلم أن السر لا يَكمُن في كريم مدهش أو حبة سحرية، وإنما في أمعائك؟

أوضحت ورقة بحثية منشورة في مجلة “إكسبلوراتوري ريسيرش أند هايبوثيسيس إن ميديسين” أن تريليونات الجراثيم التي تعيش في الجهاز الهضمي قد تلعب دورًا هامًا في وتيرة التقدم في العمر.

تجمع الورقة البحثية بين البحوث الناشئة التي تُلقِي باللوم في التسبب بالشيخوخة على عاملين رئيسين، وهما: تَلَف الحمض النووي وقِصَر الجسيمات الطرفية (الأجزاء الأخيرة الواقعة في أطراف الكروموسومات والتي تَقصُر عند التقدم في العمر) كعامل أول، بينما يتمثل العامل الثاني في صحة الأمعاء. عندما يحدث خلل في التوازن بين بكتيريا الأمعاء، وهي حالة تُعرَف باختلال الميكروبيوم، تتسبب البكتيريا في الإجهاد التأكسدي والالتهاب اللذَين يؤثران بدورهما في الحامض النووي ويُسَرِّعان عملية شيخوخة الخلايا.

ويلاحظ الباحثون أن أولئك الذين يعيشون 100 عام فأكثر يتمتعون بتوازن بكتيري جيد في أمعائهم، وهو ما يربط بين الحياة الطويلة الصحية وسلامة الأحشاء.

تذكر في المرة القادمة التي تقرر فيها شراء كريم باهظ الثمن على نحو مفرط لمقاومة الشيخوخة أن ما تحتاجه فعلًا لمقاومتها هو مراقبة ما تأكله، فقد يكون هو السبب الرئيس.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: الطريق إلى الأمعاء

ما لا تعرفه عن ألوان القطط!

أفادت تقديراتالمؤسسة العالمية للحيوانات” أن عدد القطط المنزلية في العالم يبلغ 373 مليون قط، وأن 80 بالمئة من القطط ذات اللون البرتقالي ذكور. ويعرف العلماء منذ سنوات أن اللون البرتقالي في فراء القطط يقترن بالكروموسوم “إكس”، ولكنهم لا يعرفون سبب ذلك، إلا أن أعضاء فريق من الباحثين في “جامعة كيوشو” يؤكدون أن السبب يتلخص في جزء ضئيل مفقود من الحمض النووي.

تبين للفريق أن هناك جزءًا مفقود يتمثل في نص ضئيل محذوف يتكون من 5,100 حرف من الحروف المكونة للحمض النووي، والتي تتراوح أعدادها عادةً بين 2.5 إلى 2.8 مليار حرف. ولا تتجاوز نسبة هذا الجزء المفقود في خِضَم البحر الهائل لحروف الحمض النووي سوى 0.0002%، إلا أن هذه النسبة – على ضآلتها – يمكنها إحداث فارق هائل وتوجد فقط في القطط ذات الألوان البرتقالية وألوان صدفة السلحفاة ومتعددة الألوان (كاليكو).

ويحدث ذلك بسبب تأثير التغير الجيني على إنتاج الأصباغ، إذ يثبط إنتاج مادة “الميلانين” الصبغية، وهي الجينات التي عادةً تصبغ فراء القطط باللون الأسود أو البني وتزيد إنتاج صبغة “الفيوميلانين” التي بدورها تُنتِج الصبغة البرتقالية اللون.

يوجد كروموسوم واحد نشط في كل خلية، على الرغم من أن القطط الإناث تمتلك اثنين من الكروموسوم “إكس”، حيث تحصل على كروموسوم واحد من كل من الوالدين، لكن الجين المسؤول عن هذا اللون يعتمد على هذا الكروموسوم، وهو ما يؤدي إلى تداخل الألوان التي تَرِثُها، برتقالية وغير برتقالية، وبالتالي تكون قطط السلحفاة وقطط كاليكو إناثًا دائمًا تقريبًا.

إذا ورث قط ذكر اللون البرتقالي من الجين، فإن لونه يصبح برتقاليًا. ولكن تحتاج أنثى القط، ليصبح لونها برتقاليًا بالكامل، أن تَرِث ذلك الجين البرتقالي بالكامل من كلا والديها، وهو احتمال نسبة حدوثه ضئيلة جدًا، الأمر الذي يفسر سبب أن 80 بالمئة من كافة القطط برتقالية اللون ذكور.

ويضيف هذا البحث الجديد الجين “إي آر إتش جي إي بي 36” إلى قائمة الجينات التي تؤثر في ألوان الحيوانات ويحل لغزًا ظل قائمًا لفترة طويلة بشأن ألوان القطط.

نُشِرَ هذا البحث في مجلة “كارانت بيولوجي“.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: الشمبانزي يُجيد تواصله مع البشر عند حاجة الفرد