أرى النور

شهد هذا اليوم، من عام 1960 اختراع أول ليزر نشط على يد ثيودور مايمان، والذي غالبًا ما يُشار إليه بلقب “أبو الصناعة البصرية الكهربائية”، وكان آنذاك موظفًا بشركة “هيوز للطائرات”، وبعدها حاز على العديد من الجوائز، منها ترشيحان لجائزة نوبل.

يتحقق، ما بين الحين والآخر، إنجازٌ علميٌ له تأثير كبير ومتواصل لا يقتصر على التقدم العلمي، وإنما يمتد ليشمل الحياة اليومية أيضًا. ويُعَد اختراع الليزر (تضخيم الضوء بالانبعاث المحفز للإشعاع) أحد هذه الإنجازات البارزة التي تدعونا للاحتفال باليوم الدولي للضوء في 16 مايو من كل عام.

أصبحت الابتكارات العلمية ممكنة بسبب الضوء، ولا تقتصر هذه الابتكارات على أشعة الليزر.

تستند النظرية النسبية التي وضعها ألبيرت أينشتاين، وتحديدًا النسبية الخاصة، على فكرة أساسية تفيد بأن سرعة الضوء ثابتة لا تتغير وهي 300,000 كيلومتر في الثانية، سواءً كان مصدر الضوء ثابتًا أو متحركًا. وقد يبدو ذلك اكتشافًا بسيطًا وغير مبهر، إلا أنه غير فهم العالم للزمن والفضاء والطاقة والجاذبية.

تــؤثــر نــظــريــة الــنــســبــيــة بشــكــل كــبــيــر فــي حــيــاتــنــا الــيــومــيــة، فــعــلــى ســبــيــل الــمــثــال، يُــمــكــن مــن خــلال ســرعــة الــســقــوط لجــســمٍ مــا تــحــديــد قــيــمــة كــتــلــتــه. فــكــلــمــا كــان الــســقــوط أســرع، كــانــت كــتــلــة الــجــســم أكــبــر. وكــذلــك فــي كــل مــرة تــســتــخــدم فــيــهــا هــاتــفــك لــتــحــديــد الــاتــجــاهــات أو تــتــبــع الــطــرود أو إيــجــاد مــوقــع شــخــصٍ مــا، فــإنــك تــعــتــمــد فــي هــذه الــحــالــة عــلــى نــظــريــة الــنــســبــيــة لإيــنــشــتــايــن لــلــتــأكــد مــن صــحــة مــا تــتــبــعــه.

الصورة: Shutterstock

أدى هذا الاكتشاف أيضًا إلى تطوير تكنولوجيات مستخدمة عالميًا كمسرعات الجزيئات المستخدمة في المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات “سيرن” والتي تُحدِث تحولات جذرية في هذا الفرع من الفيزياء وتُسهم في تعميق فهمنا لخصائص المادة.

ووضعت نظرية أينشتاين أيضًا الأساس لعلم الإلكترونيات والمواد عالية السرعة وتُسهم في مجالات علمية عديدة كالفيزياء الفلكية وعلم الكونيات.

ساهم الضوء في تمكيننا من اكتشاف الكون وفهمه، وهو ما ساعدنا في نهاية الأمر على حماية أنفسنا من المخاطر.

نمتلك اليوم العديد من العلاجات التي تعتمد على الضوء كجراحات العين باستخدام الليزر والصور التي تنقذ الأرواح كالأشعة السينية والفحص بالأشعة المقطعية والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، وجميعها يستخدم الضوء لتصوير الأجزاء الداخلية من جسم الإنسان. وساهمت تكنولوجيات الاتصال عبر الألياف البصرية التي تستخدم الضوء، في تعزيز الطب عن بُعد ودعم إجراء الجراحات عن بُعد وإنقاذ الأرواح بشكل يومي.

الشرح: شعار “يونسكو” على واجهة مقره الرئيس في العاصمة الفرنسية، باريس الصورة: Shutterstock

وبالنظر إلى حياتنا اليومية، مكننا الضوء أيضًا من قتل البكتيريا والفيروسات على الأسطح وفي الماء، وهو ما أتاح استخدام المستشفيات وأجهزة تنقية الهواء وأنظمة تنقية المياه أثناء فترات تفشي الأوبئة العالمية، كما يُمَكِّننا أيضًا من استخدام إشارات المرور وأضواء الطوارئ التي تُسهِم في سلامة الطرق وتضمن سرعة الاستجابة للطوارئ أو الأزمات.

ولا يقتصر استخدام الضوء على قتل البكتيريا الموجودة على الأسطح وفي الطعام الذي نتناوله، وإنما تشمل الاستفادة من الضوء دعم حياة النباتات من خلال عملية البناء الضوئي، كما يلعب دورًا بارزًا في الإيقاع اليومي لدى الإنسان. إضافة لذلك، يساهم الضوء في تطوير تكنولوجيات مستدامة آمنة على البيئة تهدف إلى حماية كوكب الأرض من التلوث والتغير المناخي.

يُعَد أثر الضوء على العلم والتكنولوجيا واسعًا ودائمًا عبر مر العصور القديمة، بدءًا من الإغريق، وهم أول الشعوب التي درست طبيعة الضوء، وانتهاءً بأسرار الكون الأشد غموضًا. وقالت أودري أزولاي، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “الـيونسكو”: “سيكون كوكبنا، دون وجود الضوء، مكانًا باردًا ومظلمًا. أينما وُجِدَ الضوء، وُجِدَت الحياة. ومع ذلك، يمثل الضوء ما هو أكثر من ذلك بالنسبة للبشرية، حيث يسير جنبًا إلى جنب مع المعرفة لأنه العدسة التي نرى ونفهم العالم من خلالها”.

تقود منظمة اليونسكو الاحتفال باليوم الدولي للضوء إلى جانب لجنة تضم مجموعة من الممثلين المندوبين عن شركاء عالميين. وبدأ الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة في عام 2018، كامتداد للعام الدولي للضوء. ونشرت منظمة اليونسكو على موقعها الإلكتروني قائمة بالفعاليات الاحتفالية بهذا اليوم.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: تكنولوجيا الإضاءة تحت الماء تمكن الشعاب المرجانية من التعايش

رشة من السيستين تقلل كمية الزئبق في التونة

أخبار سارة لمحبي سمك التونة، توصل العلماء إلى طريقة سهلة لخفض مستويات الزئبق في سمك التونة المعلب بنسبة تصل إلى 35 بالمئة، وذلك عن طريق غمر التونة في حمض “السيستين” الأميني الذي يُعَد وحدة بناء البروتينات في الجسم.

تبين لباحثين من جامعة شالمر للتكنولوجيا والجامعة السويدية للعلوم الزراعية أنه عند نقع التونة في محلول مائي يحتوي على “السيستين” بنسبة 1.2 بالمائة، تنخفض مستويات الزئبق كثيرًا، ويحدث ذلك بصفة طبيعية خلال أسبوعين فقط من التخزين، ومن دون الحاجة إلى مواد كيميائية غريبة أو معالجة إضافية، مع بقاء مستوى الحموضة في حدوده الطبيعية.

واختبر الباحثون وسائل لتنظيف سائل النقع من الزئبق بعد ذلك، إلا إن العمل لا يزال جاريًا في هذا الشأن.

ويمكن لهذه الطريقة أن تقلل من مخاطر الزئبق من دون أن تغير مذاق التونة أو تركيب نسيجه.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: الأسماك الروبوتية تتغذى على المواد البلاستيكية الدقيقة

الثدييات الكبيرة ذات الأثر الكبير

تبيّن أن الحيتان تصنع أشياء كثيرة تفوق مجرد السباحة، حيث تساهم في الحفاظ على سلامة محيطاتنا في كل مرة تطرح فيها فضلاتها.

أظهرت نتائج دراسة جديدة منشورة في مجلة “ذا بيوفيزيسيست” أن فضلات الحيتان البالينية (الحيتان الحدباء والحيتان الزرقاء) مملوءة بالعناصر الغذائية التي تحتاجها الكائنات الحية في المحيطات كي تزدهر، حيث يحتوي على كميات وفيرة من الحديد اللازم لنمو النباتات صغيرة الحجم، والمعروفة باسم “العوالق النباتية”، والتي تُعَد قاعدة رئيسة في شبكة الغذاء البحرية في قيعان المحيطات.

لذلك، يعتبر وجود المزيد من الحديد في المحيطات دليلًا على توفر كميات كبيرة من الطعام للأسماك، وبالتالي، لكل كائن على هذا الكوكب.

لا تكتفِ الحيتان بإمداد المحيطات بالعناصر الغذائية فقط، وإنما تنظفها من السموم المُحتَمَلَة.

تحتوي فضلات الحيتان على النحاس وتحتوي أيضًا على مركبات خاصة تُقَيِّد النحاس وتمنعه من التحول إلى مادة سامة تضر بالكائنات البحرية.

كانت المحيطات تمتلك منظومة أفضل كثيرًا لإعادة تدوير العناصر الغذائية قبل انتشار صيد الحيتان لأغراض صناعية، والذي أدى إلى انخفاض شديد في أعداد الحيتان. وتشير هذه الدراسة الجديدة إلى أن مهندسي هذه المنظومة الطبيعية يمكنهم أن يساهموا في تعافي المحيطات.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: المحيطات الملوثة: فلندع النفايات تنظّف نفسها بنفسها

التمارين الرياضية ومسألة طول العمر

يوصي معظم الأطباء بممارسة الرياضة كوسيلة للمحافظة على صحة الجسم والعيش حياةً أطول، لكن كشفت دراسة جديدة نُشرت في المجلة العلمية “يوروبيان جورنال أوف إيبيديميولوجي“، المعنيّة بعلم الأوبئة، أن الرياضة ليست العامل الوحيد.

بينت الدراسة، والتي بحثت آثار النشاط البدني طويلة المدى في أوقات الفراغ على الوفيات والشيخوخة الحيوية، أن مخاطر الوفاة التي تواجه الأشخاص النشيطين بدنيًّا كانت أقل بقليلٍ فقط من المخاطر التي تواجه الأشخاص ذوي النشاط البدني المنخفض.

وحلّل الباحثون البيانات من الدراسة التي أجروها على توائم من فنلندا وتتبعوا من خلالها مستويات نشاطهم البدني على مدى خمس سنوات والنتائج المتعلّقة بالوفيات على مدى 30 عامًا.

وعلى الرغم من أن الدراسة كشفت أن معدل الوفيات كان أقل بقليل فقط بين المشاركين النشطين وغير النشطين، إلا أن هذه الفجوة امتدّت بمجرد أخذ أسلوب الحياة وعلم الوراثة في الاعتبار.

وتشير أحد أبرز النتائج إلى أن الأشخاص شديدي النشاط والأشخاص قليلي الحركة أظهروا علاماتٍ متسارعة للشيخوخة، على العكس من أولئك الذين مارسوا الرياضة بصورة معتدلة.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: تكنولوجيا أعلى… أداء أكثر سرعة وقوة وفعالية

مستشعر حيوي لمشكلات الأمعاء حول العالم

هناك العديد من البحوث المنشورة والبحوث التي لا تزال قيد الدراسة في الأحماض النووية الريبوزية الناقلة في مجال أمراض الجهاز الهضمي والأورام، حيث ركزت دراسة جديدة نُشرت في المجلة العلمية “جينز آند ديزيزز” على دور تلك الأحماض كمؤشرات حيوية في تشخيص أمراض الجهاز الهضمي الأخرى غير المرتبطة بالأورام وعلاجها.

يُعتبر الحمض النووي الريبوزي الناقل هو مصدر هذه الجزيئات الصغيرة، والذي يمثّل نوعًا من الحمض النووي الريبوزي الذي يساعد على بناء البروتينات، وعلى الرغم من أن هذه الجزيئات لا تصنع البروتينات بنفسها، إلا أنها تلعب أدوارًا مهمة في الخلية، حيث يمكنها المساعدة في التحكم في كيفية نمو الخلايا وتحديد متى يجب أن تموت الخلايا التالفة والمساعدة في تنظيم جهاز المناعة.

وقد تؤدّي إذا لم تعمل بشكل صحيح، إلى مشاكل مثل السرطان أو اضطرابات المناعة أو الأمراض التنكسية العصبية.

تبحث هذه الدراسة في دور هذه الجزيئات الصغيرة في أمراض الجهاز الهضمي، بما فيها مشاكل مثل سرطان المعدة والقولون وأمراض الكبد والتهاب البنكرياس، حيث وجد العلماء أنّها قد تساعد في الكشف المبكر عن هذه الأمراض ويمكن كذلك استخدامها للعلاج.

وقد تؤثر أيضًا على كيفية تطوّر هذه الأمراض من خلال التأثير على أنظمة التواصل الرئيسة بين الخلايا في الجسم.

يعتقد الباحثون أنّنا بحاجة إلى القيام بمزيد من البحوث، حيث كشفت إحصاءات دراسةٍ واسعة النطاق شملت جنسياتٍ متعددة في عام 2021 حول أمراض الجهاز الهضمي، أن 40% من سكان العالم يعانون من اضطرابات وظيفية في الجهاز الهضمي، وهو ما يؤثر على نوعية الحياة ويضع عبئًا كبيرًا على الرعاية الصحية.

إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: خطوةٌ إلى الأمام في استهداف الأورام