قد تبتكر الطيور الكبيرة لتحصل على الغذاء

تُعرَف بعض الطيور كالغربان والببغاءات بأنها ذكية، ويُعتقد أن الأكبر منها كطيور النعام والإيمو والريا أقل ذكاء بسبب صغر الحجم النسبي لدماغها.

تُشير دراسة جديدة نُشرت في المجلة العلمية “سايِنتِفِك ريبورتس“، المعنيّة بالعلوم الطبيعية وعلم النفس والطب والهندسة، إلى أن هذه الطيور يمكن أن تتعلم من خلال الاستكشاف والتجربة والخطأ، فقد قدّمت هذه الدراسة أول دليل على الابتكار التقني في قديمات الفك، مشيرةً إلى احتمالية أن تكون الطيور قد طوّرت قدرتها على حل المشكلات في وقتٍ أبكر مما كنا نعتقد سابقًا.

درس الباحثون قدرة هذه الطيور على حل مشكلة البحث عن الطعام باستخدام لغز دائري،وهو عجلة يجب تدويرها للحصول على الطعام. وفي حين فهم طائرا الإيمو والريّا المهمة، لم ينجح النعام في ذلك، حتى إن إحدى طيور الريا اكتشفت حلًا بديلًا عن طريق إزالة المسمار للوصول إلى الطعام. جدير بالذكر أن هذه النتائج قد فتحت آفاقًا جديدة لدراسة إدراك الطيور وكيف تُطوّر الأنواع المختلفة سلوكيات مبتكرة.

إقرأ: كوفيد-19 لم يقف عائقًا أمام محبي الطيور

بؤبؤ عينك يتغيّر مع تنفسك

يتغيّر حجم بؤبؤ عينك بصورة منهجية خلال عملية التنفس، وذلك وفقًا لدراسة جديدة من معهد كارولينسكا، حيث تعني استجابة البؤبؤ المرتبطة بالتنفس أن البؤبؤ يكون في أصغر حجمٍ له في بداية كل شهيقٍ وفي أكبر حجمٍ له أثناء الزفير.

ربط العلماء سابقًا حجم البؤبؤ بتعرّضه للضوء وتركيزه على الأجسام والحالات العاطفية أو الإدراكية وقاموا من خلال هذه الدراسة، التي نُشرت في المجلة العلمية “جورنال أوف فيزيولوجي” المعنيّة بعلم وظائف الأعضاء، ببحث الظروف المختلفة للتنفس والإضاءة وحتى المشاركين الفاقدين لحاسة الشم، وأشار توافق النتائج التي توصلوا إليها إلى أن مسارات جذع الدماغ تحفّز استجابة البؤبؤ المرتبطة بالتنفس بغض النظر عن التأثيرات الخارجية.

يمكن أن يكون لهذه النتائج آثار على التفاعل بين الإنسان والكمبيوتر والبحوث الطبية التي تستخدم غالبًا ديناميكا البؤبؤ كمؤشرات على وظيفة الدماغ، إضافةً لدورها في تعزيز فهمنا للرؤية والنشاط العصبي.

إعرف أكثر

احموا أنفسكم

بفضل المجال المغناطيسي للأرض، فإن تعرضنا للإشعاع قد لا يشكل مصدر قلق بالنسبة لنا، ولكن بالنسبة لرواد الفضاء الذين يتجاوزون الطبقة الواقية لكوكب الأرض، فإن كريم الحماية من الشمس لن يكون كافيًا.

إلّا أن الفطريات التي عُثر عليها وهي تنمو في أعقاب حادثة تشيرنوبيل، قد تكون كذلك.

يعد فطر كلادوسبوريوم سبيروسبيرمم أحد هذه الأنواع الفطرية المحبة للإشعاع، والتي توجد على الأرض في الأماكن المتطرفة مثل بقايا محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا. في حين أن معظم النباتات تستمد الطاقة من الشمس في عملية البناء الضوئي، فإن هذا النوع من الفطريات يستمد طاقته من الإشعاع خلال عملية تسمى التصنيع الإشعاعي.

يعتقد الباحثون أن وجود كميات كبيرة من الميلانين في جدران خلايا هذه الفطريات قد يحمي الخلايا من التلف الإشعاعي، ويتم الآن استكشاف الميلانين كوسيلة تكنولوجية حيوية للحماية من الإشعاع.

بالنسبة للتطبيقات في الفضاء، يقدم الباحثون أساليب مختلفة:

تحث إيكاترينا داداتشوفا، دكتورة الصيدلة في جامعة ساسكاتشوان في كندا، رواد الفضاء على تناول المزيد من الفطر، ويفضل نيلز أفريش، مهندس البحوث في جامعة ستانفورد، زراعة طبقة سميكة من الفطريات على المركبات الفضائية وبيئات العيش المريخية أو القمرية المستقبلية. وهو ما يعتبره أمرًا ضروريًا، فمن أجل خفض التعرض للإشعاع والوصول إلى مستويات مشابهة للأرض، ستحتاج بيئة العيش على سطح المريخ إلى ما يقدر بـ “2.3 متر من الكتلة الحيوية الفطرية الميلانينية”.

تذكر: هذه الفطريات المحبة للإشعاع موجودة بالفعل في الفضاء، حيث كشفت دراسة للتلوث البيئي على متن محطة الفضاء الدولية عن وجود العديد من الأنواع الفطرية الموجودة على الأسطح وفي الهواء، بما في ذلك الفطور الرشاشية والبنيسيليوم وفطر الخميرة. وعلى الرغم من أن محطة الفضاء الدولية لا تزال تتمتع ببعض الحماية من الغلاف المغناطيسي للأرض، إلا أنها تتلقى مستويات مرتفعة من الإشعاع مقارنة بالأرض، كما يمكن لرواد الفضاء البقاء في المدار لمدة تصل إلى عام واحد فقط.

يمكن أكلها

تقول داداتشوفا في مقالتها المنشورة في مجلة الرأي الحالي في علم الأحياء المجهرية: “ظهرت الحياة على الأرض في وقت كان فيه الإشعاع الطبيعي أعلى بكثير، ولابد أن أشكال الحياة المبكرة تتمتع بمقاومة كبيرة للإشعاع، وعلى الرغم من أن مستويات الإشعاع الطبيعي الحالية أقل بكثير مما كانت عليه في الأيام الأولى على كوكب الأرض، إلا أن الحياة على الأرض لا تزال قائمة في مجال الإشعاع.”

تسلط داداتشوفا الضوء على موقع “أخدود إيفوليوشن” في إسرائيل، حيث يمثل منحدرا الأخدود اللذان يفصل بينهما 200 متر فقط من الأراضي العشبية المفتوحة، بيئات حيوية مختلفة تمامًا. ويتلقى المنحدر المواجه للجنوب إشعاعًا شمسيًا بنسبة 200-800 بالمائة أكثر من المنحدر المواجه للشمال، وهو معتدل وظلي.

كما يسكن المنحدر المواجه للجنوب العديد من أنواع الفطريات الميلانينية مثل الرشاشية السوداء، والتي تحتوي على “ثلاثة أضعاف الميلانين الموجود في الأنواع نفسها التي تسكن المنحدر المواجه للشمال

عُثر على أصباغ الميلانين في جميع الممالك البيولوجية مما يشير إلى أن هذه المركبات هي جزيئات قديمة ظهرت في وقت مبكر من مسار التطور. يدرس بحث داداتشوفا التأثيرات الواقية من الإشعاع للفطريات الميلانينية لدى المرضى الذين يخضعون للعلاج الإشعاعي لعلاج السرطان، ويشير إلى إمكانية حماية الأفراد في رحلات الفضاء الطويلة.

CAPTION: كلادوسبوريوم سبيروسبيرمم الصورة Shutterstock

وتقول داداتشوفا في حديثها عن الفئران التي غُذِّيت بالفطر الأسود فأصبحت محمية من جرعات عالية من الإشعاع الخارجي: “لا يمكن القول أنه يمكنك تناول الفطر والتمتع بالحماية إلى الأبد، غير أنك إذا واجهت تدفقًا إشعاعيًا أثناء وجود الميلانين الموجود في الفطر في جهازك الهضمي، فإن ذلك سيحميك من الجرعات العالية من الإشعاع، ولقد حصلنا مؤخرًا على الميلانين الفطري القابل للذوبان والذي يمكن إعطاؤه بعد التعرض للإشعاع للتخفيف من أضرار الإشعاع.”

أطعم فريق داداتشوفا الفئران التي تعرضت لجرعات عالية من إشعاع غاما، الألوميلانين القابل للذوبان، فوجدوا أن تأثيرات الإشعاع خفّت عندما أكلت الفئران الألوميلانين خلال 24 ساعة من التعرض للإشعاع.

تقول داداتشوفا: “بناءً على هذه النتائج، يمكن أن يكون الألوميلانين القابل للذوبان المشتق من مصدر فطري بمثابة إجراء مضاد غير مكلف ويسهل الحصول عليه وقابل للتطبيق عند التعرض العرضي للإشعاع . تُعتبر هذه خطوة مهمة في مسار هذا التحقيق فيما يخص الميلانين والإشعاع.”

زراعة الفطر

كان أفريش من جامعة ستانفورد جزءًا من فريق البحث لدراسة إمكانية زراعة فطر “كلادوسبوريوم سبيروسبيرمم” في الفضاء، حيث أرسل الفريق أطباق مختبرية محملة بالفطر إلى محطة الفضاء الدولية ووجهها بحيث تكون بعيدة عن الأرض لمقارنتها بعدد من الأطباق التي تحتوي على الفطر نفسه والتي بقيت على كوكب الأرض.

وجد الفريق أن الفطريات الموجودة على متن محطة الفضاء الدولية تتمتع بميزة النمو الميكروبي، والتي يمكن أن ترتبط بزيادة الإشعاع في الفضاء. قد يكون للكتلة الحيوية الفطرية الميلانينية خصائص الوقاية الإشعاعية، ويمكن حتى استخدامها كجهاز لتخزين الطاقة في المركبات الفضائية.

يقول أفريش: “إن حلول مشكلة التعرض للإشعاع أثناء السفر بين الكواكب مقيدة بكتلة الحمولة أكثر من أي عامل آخر في مجال السفر عبر الفضاء، فكونها كائنات حية، يمكن للفطريات الدقيقة أن تتكاثر ذاتيًا من كميات مجهرية، والتي يمكن أن تسمح بتوفير كبير في الوزن. وبالتالي، ستثبت التكنولوجيا الحيوية بأنها ثروة لا تُقدر بثمن لدعم الحياة وإدارة الموارد للمستكشفين في المهمات المستقبلية إلى القمر والمريخ وما هو أبعد من ذلك.”

زواجٌ محفوفٌ بالخداع

تستخدم العديد من الحيوانات عروضًا متقنة لجذب الشركاء مثل طيور الطاووس التي تتباهى بريشها والغزلان التي تربي قرونًا كبيرة، لكن تتّخذ إناث الذباب الراقص نهجًا مختلفًا قليلًا، فعلى الرغم من أنها تكبّر أجسادها وتُغمّق أجنحتها وينمو لها شعر إضافي لتبدو أكثر خصوبة مما هي عليه في الواقع، إلا أن كل ذلك مجرد وهم.

ويتطور الذكور من خلال تطوير القدرة على الرؤية بصورة أوضح لرؤية تلك الخدع على حقيقتها.

تشتهر الذبابة الراقصة، ويعبّر هذا الاسم عن سلوكها بشكل دقيق لما تقوم به من حركات مميزة تشبه الرقص، بأدائها لطقوس التزاوج المُتقنة. وقد تبدو حركة مجموعة كبيرة من هذه الحشرات الصغيرة عشوائية للعين المجردة، لكن تتبع عروضها الجوية نمطًا منظمًا، حيث تقوم الإناث بمناورات معقدة لجذب الشريك، في الوقت الذي يراقب فيه الذكر سماتها عن كثب لتقييم مدى لياقتهن للتكاثر.

ينجذب الذكور بشكل خاص إلى الإناث ذوات الأرجل السميكة والشعر الكثيف والبطن المنتفخ، مما يدل على وجود عدد كبير من البيض وفرص خصوبة أفضل، لكن تستعين الإناث بتكتيكات ذكية للمبالغة في مظهرهن، خاصة أنهن ماهرات في تلك الخدع.

يوضح أكسل ويبرغ، الباحث في جامعة ستوكهولم والمؤلف الرئيس في دراسة أُجريت عام 2024 حول العلاقة بين السمات الجسدية المتطوّرة لذكور وإناث الذباب الراقص، قائلًا: “تبتلع الإناث الهواء ليكبّرن حجم بطونهن ويبدين أكبر عندما يتجمعن، كما طوّرن خاصّية إنماء الشعر على أرجلهن وأجنحة أكبر وداكنة أكثر لتعزيز الوهم”.

تشمل عملية إيجاد الشريك، إلى جانب الخداع البصري، عنصرًا أساسيًا آخرًا وهو “الهدايا”، حيث يصطاد الذكور الفريسة ويلفونها في شرنقة حريرية ويقدمونها إلى الأنثى المختارة، وقد تكون هذه الهدية هي الطعام الوحيد الذي ستأكله في حياتها في أغلب الحالات، حيث لا تستطيع الإناث إطعام أنفسهن. تحدث طقوس التزاوج هذه مع العديد من الذكور، ويصبح بإمكان الأنثى أن تبيض بمجرد أن تأكل ما يكفي من “الهدايا” الغنية بالبروتين.

ومع ذلك، يبدو أن الخدع تأتي من الطرفين.

CAPTION: الذباب الراقص IMAGE: Shutterstock

يأكل بعض الذكور جزءًا من الهدية قبل لفها أو يقدّمون كرة من الحرير فارغة تخلو من الهدية، وفي هذه الحالة يتم رفضهم.
لكن قد تفقد حيلة الإناث فعاليتها على الرغم من قيام كلا الجنسين بالخدع.

وجد الباحثون في جامعة غوتنبرغ وجامعة ستوكهولم أن ذكور الذباب الراقص يطوّرون بصرهم، ما يسمح لهم بالتفريق بين الإناث الأكثر خصوبة واللواتي يقدّمن عرضًا للحصول على وجبة خفيفة.

يوجد ارتباطٌ بين الإناث ذوات البطون الكبيرة والسيقان السميكة ذات الشعر الكثيف، وبين الوحدات البصرية الأكبر في العين المركبة للذكور في بعض أنواع الذباب الرّاقص، حيث يشير هذا إلى أن الذكور قد تطوّروا بمرور الوقت لاكتشاف الإناث الأكثر خصوبة.


يمكن أن تطوّر الأنثى سمات جديدة تُصعّب من خلالها على الذكر تقدير حجمها، وقد تطوّر استراتيجيات جديدة تمامًا لاكتساب ميزة تطورية
أكسل ويبرغ، جامعة ستوكهولم


وفي هذا الصدد، يقول لوك بوسيير، عالم الأحياء التطوري بجامعة غوتنبرغ والمؤلف المشارك في الدراسة: “تم تفضيل ذكور الذباب من ذوي الوحدات البصرية الأكبر على مدى أجيالٍ في التزاوج، كما أن جيناتها تُوَّرث، ونعتبر هذا نظامًا تطوريًّا يتناوب فيه تطوّر السمات المختلفة بين ذكور الذباب وإناثها”.

كيف تواصل هذه الطقوس تأثيرها على تطور النوع؟

CAPTION: لوك بوسيير IMAGE: جامعة غوتنبرغ

يقول البحث الذي نشرته جامعة غوتنبرغ أنّه يُحتمل أن تكون الإناث قد طوّرت ميزاتٍ بمرور الوقت الذي أصبح الذكور خلاله أفضل في اكتشاف الحيل. وبالتالي، ما الذي سيحدث بعد ذلك مع استمرار تطوّر كل جنس ليتغلّب على الآخر؟

“يمكن أن تطوّر الأنثى سمات جديدة تُصعّب من خلالها على الذكر تقدير حجمها، وقد تطوّر استراتيجيات جديدة تمامًا لاكتساب ميزة تطورية، حيث نرى مثلًا أن أنواع الذباب التي يتميّز ذكورها بالوحدات البصرية الأكبر على الإطلاق، تُعرَف إناثها أيضًا بوحدات بصرية أكبر بعض الشيء، ولكن في الجانب السفلي من العين، وصحيحٌ أننّا لم نتمكّن بعدُ من تفسير هذه الظاهرة، لكننا نتوقع أنها قد تساعد الأنثى على رؤية الذكر وهو يقترب بسرعة أكبر ما يمكّنها من الاختيار بصورة أفضل، كما قال أكسل في حديثه مع فريق مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.

نُشرت الورقة البحثية في المجلة العلمية الدولية “أورغانِك إيفوليوشن”، المعنيّة بالظواهر التطورية.