رحلة البحث عن الميتافيرس

لا أعتبر مكتبي الأكثر تحفيزًا، فهو ليس غرفة هادئة تطل على البحر وتعزز لديّ التفكير الإبداعي للوصول إلى مستوى الإنتاجية الذي أريده، لكنه ليس سيئًا أيضًا. ليت ارتداء نظارة الواقع الافتراضي كان مقبولًا اجتماعيًا، فأطل على مدينة مستقبلية أو منطقة استوائية بينما أنجز عملي على أتم وجه. أريد أن أتظاهر بأنني أحلق بين النجوم على متن مركبة فضائية أثناء الرد على رسائل البريد الإلكتروني وكتابة مقالاتي.

أخبرتني جايمي غيلبين، مديرة التسويق في أداة لإدارة وسائل التواصل الاجتماعي “سبراوت سوشال”، أن ما أريده هو الميتافيرس. تُعتبر “سبراوت” واحدة من عدة شركات تعطي الموظفين أولوية العمل عن بعد.

وتقول جايمي في هذا الصدد: “قد يبدو الذهاب إلى العمل في الميتافيرس بعيد المنال ولكنه قد يأتي بطريقة مبتكرة لانخراط العاملين في مكان عمل افتراضي، فمن الممكن أن تواجه مشكلة تسرب الرمال إلى لوحة المفاتيح إذا كان الشاطئ هو مكان العمل التي تحلم به، ولكن الميتافيرس يمكّنك من العمل أينما تريد دون أن تقيّدك المساحة، بحيث يُمكّنك السماح لنفسك بالعمل في بيئة تحفيزية من تحقيق نتائج مذهلة.”

كنت أفكر في الواقع الافتراضي فهو سهل وبسيط، فهل جايمي محقة في قولها أن الحل يكمن في الميتافيرس؟ وما هو الميتافيرس؟

كتب محللون لشركة ماكينزي في مقال فكري عام 2022، “إذا سبق أن بحثت في جوجل على مصطلح “ميتافيرس”، فاعلم أنك لست وحدك.”
من لم يسمع من قبل عن الميتافيرس؟

يقول كوهاريسون تيري، مؤلف كتاب”دليل الميتافيرس: الابتكار من أجل التحول الجذري القادم للإنترنت”: “يعتبر الميتافيرس المصطلح الرائج في عام 2022 مثلما كانت الرموز غير القابلة للاستبدال المصطلح الرائج في عام 2021. يعد الميتافيرس مكانًا خياليًا تم تخيله قبل وجود التكنولوجيا الاستهلاكية الحالية التي أحرزت تقدمًا حقيقيًا، حيث يقوم آلاف الأشخاص بتطوير الميتافيرس في كل ثانية من كل يوم ولم يتم إكماله بشكل نهائي بعد.”

تقاعد هربرت ديكسون جونيور من المحكمة العليا في العاصمة الأمريكية واشنطن عام 2014، وكان يشرف قبل تقاعده على النموذج الأولي الأحدث لقاعة المحكمة، والذي يحتوي على شاشات تلفزيون عالية الوضوح وغيرها من الأجهزة. كما أنه يشارك بانتظام في المجلة العلمية الخاصة بالقُضاة “أميريكن بار أسوسيايشن” حيث كتب فيها عام 2023: “يُعتبر الميتافيرس فكرة سريعة التطور، حيث يمكن تشبيه الميتافيرس في عام 2023 بالرحلة الجوية والفضائية لمن عاشوا في عصر العربات والخيول، كما نشهد كل عام تطورات تكنولوجية جديدة قد تبدو خيالًا علميًا.”


“الميتافيرس يمكّنك من العمل أينما تريد دون أن تقيّدك المساحة”

جايمي غيلبين، مديرة التسويق في”سبراوت سوشال”

“يُشار إلى الميتافيرس باسم الإنترنت ثلاثي الأبعاد ومستقبل الإنترنت، ولكن يتضمن وصفي للميتافيرس المستقبلي عالمًا رقميًا (قد يتكون من صور حقيقية أو خيالية) تدخله صورتك الرمزية للتفاعل مع الصور الرمزية الأخرى.”

لا أريد تمثيلًا لنفسي على الإنترنت، أريد فقط أن أتظاهر بأني أعمل في مكان محفز وهادئ. وإذا وددت البقاء في مكان العمل الرقمي الجميل الخاص بي، فسأحتاج إلى صورة رمزية للتعاون مع زملائي، فهم بحاجة إلى كائن مرئي في بيئتهم الرقمية يمكنهم تسميته “جايد”، وسأحتاج إلى صورهم الرمزية أيضًا. أعلم أن هناك منصات اجتماعات قائمة على الإنترنت تُمكّنني من تغيير الخلفية التي أستخدمها والتظاهر بأني في مكان جميل ومميز ولكني أريد الحصول على التجربة كاملة.

تقول ماريابينا ترونفيو، الأستاذة المشاركة في الاقتصاد وإدارة الأعمال بجامعة نابولي، “يُعرّف الميتافيرس أنه واقع جماعيٍ موازٍ وتفاعلي تم إنشاؤه من خلال تجميع عوالم افتراضية بحيث يمكن أن يستخدم الناس فيه الصور الرمزية الشخصية للعمل واللعب والتواصل مع بعضهم البعض.”

وأوضحت ماريابينا في ورقتها البحثية التي نُشرت عام 2022 في المجلة العلمية “فيرتشوال ووردلز” المعنية بالواقع الافتراضي المعزز والمختلط، أن التكنولوجيات الافتراضية تعزز الانسجام في واقع شخصية الصور الرمزية والمستخدمين: “يمكن للمستخدمين في هذه العوالم الرقمية التفاعل بسلاسة مع الكائنات الافتراضية والوكلاء الأذكياء، والتواصل بحرية مع بعضهم البعض، حيث يمكن تجربة العوالم الافتراضية، والتي يمكن أن تتخذ أشكالًا مختلفة، في وقت واحد من قبل عدد غير محدود من المستخدمين، مما يخلق بيئة متجانسة بشكل دائم.”

تعجبني مفاهيم الإصرار والتركيز حسب تعريف ماريابينا.

يسلط المقال الفكري لماكينزي الضوء أيضًا على أن الميتافيرس قد يحمل معان مختلفة باختلاف الأشخاص:

“يعتبره البعض ملعبًا رقميًا للأصدقاء، فيما ينظر إليه آخرون على أن لديه القدرة لتوفير مساحة تجارية للشركات والعملاء ونعتقد أن كلا التفسيرين صحيح، حيث نرى أن أفضل وصف للميتافيرس هو تطور الإنترنت اليوم والذي أصبح تجربة نتعمّق فيها وليس تجربة ننظر إليها عن بعد فقط.”

ووفقًا للتعريف العملي الخاص بالمجموعة الاستشارية: “يُعتبر الميتافيرس المساحة الرقمية الناشئة التي تعمل بتقنية الأبعاد الثلاثية وتستخدم الواقع الافتراضي والواقع المعزز وغيرها من التكنولوجيات المتقدمة للإنترنت وأشباه الموصلات للسماح للناس بالحصول على تجارب شخصية وتجارية واقعية عبر الإنترنت.”

نقاط الدخول

يقول القاضي السابق هربرت: “للوصول إلى الميتافيرس، يحتاج المستخدم إلى جهاز كمبيوتر مبرمج للولوج إلى البيئة التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر وشاشة مثبتة على الرأس أو نظارات تُمكّن من رؤية البيئة الافتراضية وسماعة ومستشعرات وأجهزة تحكم تتبع اليد والجسم وتكشف عن الحركة لتوفير حاسة اللمس والشعور أثناء التنقّل داخل البيئة.”

ويركز تعريف الدكتور إرنستو دامياني، المدير الأول لمعهد الروبوتات والأنظمة الذكية ومدير مركز الأنظمة الفيزيائية الإلكترونية بجامعة خليفة، للميتافيرس على أنه التكنولوجيا اللازمة للوصول إلى الميتافيرس: “يُعد الميتافيرس مساحة افتراضية رقمية تُمكّن البشر الذين يرتدون واجهات لمسية (مثل الخوذات والقفازات والأقنعة) من الدخول والتجول من خلال إبراز وجودهم باستخدام صورهم الرمزية، فيجمع الميتافيرس بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز وتكنولوجيا الاتصالات متعددة الأطراف والتي تتميز بقصر فترة الانتظار لتمكين الأشخاص من الحصول على تجارب تفاعلية واقعية من خلال صورهم الرمزية.”

الصورة: أبجد

أمتلك نظارات الواقع الافتراضي وأستخدمها في الغالب للألعاب، حيث يمنحني الواقع الافتراضي فرصة للهروب من العالم الحقيقي وتخيّل أهدافي المتعلقة ببيئة العمل الهادئة والمحفزة، ولكن ذلك ليس الميزة الوحيدة للميتافيرس، كما أنه ليس عمليًا عندما يتعلق الأمر بممارسة حياتك اليومية، وهنا يأتي دور الواقع المعزز.

تحب ليزلي شانون جزئية الواقع المعزز في الأشياء، حيث ألّفت كتاب “الحقائق المترابطة: كيف سيغير الميتافيرس علاقتنا بالتكنولوجيا إلى الأبد.”، فهي ترى أن الميتافيرس تجربة رقمية تجمع بين الأشخاص والأماكن والمعلومات بشكل فوري، جزئيًا أو كليًا، بطريقة تتجاوز ما هو ممكن في العالم الحقيقي وحده، وتريد ليزلي أن يحل الميتافيرس مشاكلنا وأن يكون مفيدًا أيضًا، وليس مجرد وسيلة للترفيه.

“تكمن المشكلة في كون الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر قد أبلت بلاءً حسنًا جدًا فيما يتعلق بحل مشكلة تقديم المعلومات والترفيه في الزمان والمكان المناسبيْن، حيث أننا لا نمانع من أن ندفع أثمان باهظة للتواصل مع الأفراد والمحيط المادي من حولنا، وهي تكلفة أصبحنا ندفعها بلا تفكير في يومنا هذا للحصول على هذه الراحة الفريدة. فقد تتذكر حادثة لم يمض على حدوثها أكثر من أسبوع أدى فيها النظر إلى الشاشة، بدلًا من الوجود المادي الحسي مع من هم حولك، إلى إيجاد موقف سبب لك الإحراج أو كاد أن يُعرّضك للخطر، إذًا نحن جميعًا شركاء في هذه الجريمة.”

تتسائل ليزلي إن كان العالم الرقمي التفاعلي يوفر الحل؟ وتجيب بالنفي، لكنها تستطرد بقولها: “إذاوضعنا مجموعة من التجارب المادية بنسبة 100% على أقصى اليسار، ومجموعة التجارب الرقمية بنسبة 100% على أقصى اليمين، لابد أن يلتقيا في مرحلة ما يكون فيها التواصل ماديًا بنسبة 50% ورقميًا بنسبة 50%، حيث تتغير نسب اندماج نوعَي التواصل تدريجيًا في كل من الجهتين.”

تقول ليزلي أن هذا المزيج الرقمي والمادي من التواصل هو الذي يستحق اهتمامنا، وتسميه بـ “الوقائع المترابطة”.

الصورةأبجد
إنشاء الميتافيرسيتي

كتابة: سوزان كوندي لامبرت

تعتقد جامعة خليفة بأن الميتافيرس سيشكل منعطفًا مهمًا في الطريقة التي سيتعلم بها الطلبة في المستقبل.

وهو ما دفع الجامعة في العام 2023 للتعاون مع كل من ميكروسوفت الإمارات و”هيفولس” للابتكار لتنظيم مسابقة للهاكاثون في مجال الميتافيرسيتي، حيث دعت فرق طلابية لإنشاء فصول دراسية تعتمد على تقنيات الميتافيرس تقوم بإزالة الحواجز المادية وتوفير تجربة تعليمية شاملة ومبتكرة يسهل الحصول عليها وتوفر بيئة جذابة وتعاونية للمتعلمين.

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور عارف سلطان الحمادي، رئيس تحرير مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “سيكون لدينا يومًا ما جامعة متكاملة في بيئة الميتافيرس، حيث يحصل الطلبة فيها على أفضل تعليم في العالم أينما كانوا.”” Read more›››

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور عارف سلطان الحمادي، رئيس تحرير مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “سيكون لدينا يومًا ما جامعة متكاملة في بيئة الميتافيرس، حيث يحصل الطلبة فيها على أفضل تعليم في العالم أينما كانوا.”

ويقول إن كليات الطب بدأت بالفعل بالاستفادة من وجود شاشات تفاعلية ثنائية الأبعاد لتقليل العدد المطلوب من الجثث لتدريس علم التشريح، مما قد يستدعي وجود تحول نوعي إلى الشاشات ثلاثية الأبعاد لتحقيق تطور ملموس في هذا المجال.

ومع ذلك، يعتقد الدكتور عارف أنه مع تطوير النماذج المستخدمة، سيتمكن الطلبة في النهاية من الحصول على كثير من مزايا التجربة التعليمية الشخصية في باستخدام الميتافيرس.

من جهته، يرى الدكتور هادي أطرق، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر بجامعة خليفة، أنه يمكن الحصول على نتائج واعدة خاصة في استخدام الصور الرمزية (أفاتار) لتقليل العبء على المعلمين من أداء المهام الثانوية مثل تشغيل البرامج التعليمية. ويقول: “سيبقى التحدي في كيفية جعل الطلبة يتفاعلون مع المعلم بدلًا من الهواتف”.

ويعتقد الدكتور عارف أن الأمر سيتطلب شجاعة لأخذ هذه الأفكار وإنشاء تجربة تفاعلية متكاملة عبر الإنترنت، مما يشير إلى أن “الميتافيرسيتي” المحتملة يمكن أن تبدأ ببرنامج أكاديمي واحد فقط لإثبات هذا المفهوم. ويقول إن جامعة خليفة تطمح لأن تكون في مقدمة تصور ذلك المستقبل. ‹‹‹ Read less

“يصوّر مفهوم الميتافيرس عالمًا يمكننا الحصول من خلاله على محتوى واقعي ومدهش ومناسب نحصل عليه حاليًا عبر الشاشات، لكنه يُدمَج بصريًا مع عالمنا المادي بطريقة تسهل حياتنا بدلًا من إبعادنا عنها، حيث يتخيل مفهوم الميتافيرس هذه الجوانب الرقمية والمادية التي تُدمج مع بعضها البعض على نطاق متدرج بشكل متواصل لنتعمق معًا في عالم رقمي أو نقضي وقتًا طويلًا في عالم مادي.

“سيكون هذا الميتافيرس الخاص بالحقائق المترابطة، مكانًا نجمع فيه المعلومات الرقمية أو الترفيهية من عالم الإنترنت مع محيطنا الفعلي حتى نتمكن من أن نكون أسعد وأكثر كفاءة ووعيًا وعلى قدر أكبر من المعرفة مما نحن عليه اليوم. قد يكون مستشعر الفرن الذي يتصل بنظاراتي للواقع المعزز، مثالًا بسيطًا على هذا المستقبل المحسّن، فيقوم بعرض درجة حرارته الحالية أمامي في تراكب رقمي مرئي عندما أطيل النظر إلى فرني لأكثر من ثانية أو ثانيتين في حالة التشغيل، وهو ما سيساعدني عندما أكون في الجهة الأخرى من المطبخ.”

وإذا كان النظام الذي نتحدث عنه هو شاشة عرض ثابتة بشكل دائم أمامي، فلا شك بأنني أريده، حيث أنني أرتدي نظارات على أي حال وسيكون مفيدًا جدًا أن تظهر علامات صغيرة فوق رؤوس الأفراد في الحياة الواقعية لتذكيري بأسمائهم والتعرف على وجوههم في أرض الواقع الافتراضي، أو أن تظهر خريطة مصغرة في إحدى زوايا مجال رؤيتي لكي لا أضيع مرة أخرى أبدًا، على غرار ألعاب الفيديو.

لا تُعد شاشة العرض الأمامية جديدة على الإطلاق، حيث يعود تاريخها في مجال الطيران إلى نهاية الحرب العالمية الثانية عندما تم تركيب أنظمة بدائية في عدد قليل من الطائرات العسكرية، وتتميز الخوذة الحديثة للطيار المقاتل بغطاء مثير للإعجاب، تشبه ما استخدمه الرجل الحديدي في الفيلم الشهير، ومع أن الرجل الحديدي من عالم الخيال، إلا أن كثيرًا من التكنولوجيات برزت من عقول المبدعين والروائيين بما في ذلك مصطلح “الميتافيرس”.

يقول ماثيو بول، مؤلف كتاب “ميتافيرس وكيف سيُحدث ثورة في كل شيء”: “صاغ المؤلف نيل ستيفنسون مصطلح “ميتافيرس” في روايته عام 1992 “تحطم الثلج”، ولم يقدم كتابه أي تعريف محدد للميتافيرس، على الرغم من كل الضجة التي أثارها، لكنه وصف عالمًا افتراضيًا ثابتًا وصل إلى كل جزء من حياة البشر وتفاعل معه وأثر عليه تقريبًا.”

إنه الإصرار مرة أخرى.

مع عدم اهتمامي بفكرة الشيء “الذي يؤثر على كل جزء من حياة البشر تقريبًا”.

الجميع في كل مكان وفي آنٍ واحد؟

يقول “واغنر جيمز أو” في كتابه: “يُعد الميتافيرس عالمًا افتراضيًا واسعًا وتفاعليًا يسمح لملايين الأشخاص باستخدامه في وقت واحد من خلال صور رمزية قابلة للتخصيص بدرجة كبيرة وأدوات تصميم تجربة قوية مدمجة مع العالم غير المتصل بالإنترنت من خلال اقتصاده الافتراضي وتكنولوجياته الخارجية، ومع ذلك، فإن الميتافيرس ليس للجميع:

“لربما رأيت إصرار العديد من خبراء التكنولوجيا عبر وسائل الإعلام المختلفة على أننا سنكون جميعًا قريبًا في الميتافيرس، ولكنني أستطيع أن أخبرك من تجربة مؤلمة ولكن ممتعة أيضًا، أنه من غير المرجح أن يكون ذلك هو الحال على الإطلاق، ويُحتمل ألّا ترتدي سماعة رأس الواقع الافتراضي بشكل منتظم أيضًا، لكن يمكننا القول بأن واحدًا على الأقل من بين كل أربعة أشخاص لديهم اتصال بالإنترنت سيكون جزءًا من الميتافيرس في مرحلة ما. حسب أحد التقديرات الأكثر تحفظًا، حيث يستخدم أكثر من نصف مليار شخص في جميع أنحاء العالم شكلًا واحدًا أو أكثر من منصات الميتافيرس، مثل “ماين كرافت: و”روبلوكس” و”فورتنايت” و”الفي آر تشات” و”سِكند لايف”. ويمثل هذا حوالي 1 من بين كل 10 مستخدمين للإنترنت في جميع أنحاء الكوكب والذي يبلغ عددهم 5 مليار مستخدم.”

وتشكل الألعاب معظم أمثلة واغنر، حيث تُعتبر شركات الألعاب هي الرائدة في مجال الميتافيرس والمعروفة بأنهم أول مستخدميه وأنهم من بنى النموذج الأولي له. تقدم ماين كرافت و فورتنايت عوالم افتراضية يلتقي فيها اللاعبون كصور رمزية للعب الألعاب والدردشة، كما أنها توفر أنظمة دفع بالإضافة إلى ممتكلات داخل اللعبة تنتقل مع اللاعبين عبر الأنظمة الأساسية: من الكمبيوتر الشخصي إلى وحدة التحكم إلى الهاتف المحمول، وهي أيضًا مساحات اجتماعية يتعرف فيها اللاعبون على أشخاص جدد ويُنشئون فيها مجتمعات عبر الإنترنت

الصورة أبجد

يقول إيان خان، مؤلف كتاب “الميتافيرس للمبتدئين”: “يرتبط هذا الابتكار في عالم الألعاب ارتباطًا وثيقًا بالعديد من التعاريف العملية التي وجدتها لمفهوم الميتافيرس، حيث يشير الميتافيرس في الواقع إلى عوالم الإنترنت القائمة على الواقع الافتراضي ويشير أيضًا إلى أن العديد من هذه العوالم هي بيئات ألعاب وألعاب عبر الإنترنت وأماكن افتراضية عبر الإنترنت يمكنك القيام فيها بأنشطة أخرى مثل مقابلة أشخاص أو تعلم أشياء جديدة أو مجرد قضاء الوقت، وتستمر أنواع العوالم الافتراضية التي يمكن العثور عليها في الميتافيرس في التوسع ومن المرجح أن تستمر في التطور أيضًا.”

ومع ذلك، يعتقد العديد من الخبراء الذين وجدتهم بأنه ليس لدينا ميتافيرس حتى الآن.

يقول ديكسون “إن الميتافيرس غير موجود بعد، لكن نطاقه المنشود مقيد فقط بحدود الخيال البشري.”

تصف أكانشا ساكسينا، الأستاذة المساعدة في كلية تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بجامعة راشتريا راكشا، الميتافيرس بأنه “مفهوم“: “يمكن استيعابه على أنه عالم لا نهائي يمكن أن تتعاون فيه شرائح مختلفة من المجتمع يستمتعون فيه بآليات الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع الممتد والحياة على الإنترنت وغير ذلك الكثير.”

يبدو هذا شبيهًا بالعديد من الألعاب بالنسبة لي.

وقال الأستاذ الدكتور خالد صلاح، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في جامعة خليفة: “يُعد الميتافيرس عالمًا افتراضيًا تفاعليًا وثلاثي الأبعاد يمكن للناس من خلاله التفاعل عبر الصور الرمزية للتواصل كالعادة مع بعضهم البعض بشكل يومي وإطلاق العنان لإمكانات التواصل والتعامل وتجربة فرص جديدة عالمية.”

أدهشني استخدام أ. د. خالد لتعبير: “ميتافيرس” وليس “الميتافيرس”، فقد كان الشخص الوحيد من بين جميع الأشخاص الذين سألتهم والكتب التي قرأتها والمقالات البحثية التي استعنت بها، الذي أثار مسألة الميتافرسات المتعددة، فهل تمتلك كل منصة ألعاب أو كل لعبة فردية ميتافيرسًا خاصًا بها؟

وإذا كان لكل منصة ميتافيرس خاص بها، كيف يمكننا الانتقال من واحد لآخر بشكل سلس؟

ربما يمتلك مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، الإجابة على هذا التساؤل، فقد قال في بودكاست ليكس فريدمان أن الميتافيرس ليس بناءً لأماكن افتراضية متصلة: “بل هو المرحلة الزمنية التي نقوم فيها بأجزاء كبيرة من أنشطتنا الرقمية اليومية ونقضي فيها وقت الفراغ في بيئات تفاعلية ثلاثية الأبعاد باستخدام نظارات الواقع الافتراضي والواقع المعزز.”

كان اسم ميتا فيسبوك سابقًا، ولكنّها غيّرت اسمها عام 2021 لتسليط الضوء على توجهها الجديد، وقد أعلنت منذ ذلك الحين عن استثمار بقيمة 2.5 مليون دولار أمريكي لدعم البحث الأكاديمي المستقل في جميع أنحاء أوروبا فيما يتعلق بتكنولوجيات الميتافيرس لأن هذا “سيتطلب هذا تضافرًا وتعاونًا، نظرًا لعدم امتلاك أو تشغيل أي شركة للميتافيرس.”

يلخص تيري، مؤلف كتاب “دليل الميتافيرس” الأمر فيقول:

“سأخبركم بشكل واضح ما لا يمكن أن نعده ميتافيرس. لا يتكون الميتافيرس من تكنولوجيا واحدة وهو ليس مجرد مكان سنزوره في الواقع الافتراضي، كما أنه ليس شيئًا يمكن إنشاؤه والمطالبة به من قبل عمالقة التكنولوجيا مستقبلًا لأنه غير محدود وغير مملوك مثل الإنترنت. توجد جهات ساهمت في تشكيل الإنترنت أكثر من غيرها، كما أن هناك ابتكارات وجهت مسار الإنترنت وأثرت على تجربته، إلّا أن الإنترنت لم يظهر فجأة على الهيئة التي نعرفها الآن، بل كان شيئًا دائم التطور.”

ما نهاية ذلك؟

تقول ليزلي: “يمكن القول أن الميتافيرس في أوائل العشرينيات من القرن الحالي يشبه ما كان عليه الإنترنت في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث تحدث الكثير من الناس عنه وقام عدد قليل من الناس بتطويره لكن لم يتمكن أحد من تحديد طبيعته وقدراته التي يمكننا الاستفادة منها أو حتى ما إذا كان سيعتمد عليه كل واحد منا بعد توفره.”

يؤكد إيان، مؤلف كتاب “الميتافيرس للمبتدئين”، على أن الميتافيرس اليوم يقف في المكان الذي وقف فيه الإنترنت في التسعينيات من ناحية التطوير، حيث قال:

“تشكّلت المرحلة المبكرة من الإنترنت من خلال الأفكار والتكنولوجيات والطرق الجديدة للقيام بالأشياء، وتطور الإنترنت ليصبح كما نعرفه اليوم من خلال الاستثمارات والاستخدام المناسب. يوفر الميتافيرس اليوم منصة هامة للعديد من الأنشطة لكن لا يزال العديد منها في المراحل الأولى من التطوير. إضافة لذلك، ستساهم الاستثمارات والجهود المبذولة لتطوير الميتافيرس، خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة، في تحديد طبيعة الميتافيرس، حيث يرتبط في النهاية بالقيمة التي يوفرها.”


يصبح الميتافيرس أكثر واقعية في كل مرة نستبدل فيها عادة مادية حسية بأخرى رقمية.”

،كوهاريسون تيري مؤلف كتاب”دليل الميتافيرس: الابتكار من أجل التحول الجذري القادم للإنترنت،

وفقًا لماريابينا من جامعة نابولي:
“يكتنف الميتافيرس الغموض والشك كالعديد من الابتكارات، حيث يشكك فيه البعض ويرى بأنه أمر عابر، في الوقت الذي يعتقد فيه الكثيرون أنه سيكون ثوريًا ويحدث نقلة نوعية في طريقة عمل الناس وتسوقهم وتواصلهم ولعبهم، ولكن سواءً كان الميتافيرس ثورة تكنولوجية أم لا، لا يمكن أن ننكر أن الانتشار الكبير لهذه التكنولوجيا سيؤثر على كافّة جوانب الحياة والأعمال تقريبًا في العقد المقبل، ما يسمح بالتفاعل في المساحات الافتراضية والمعززة وفي مزيج من الاثنين معًا.”

سيساهم الميتافيرس، إذا ما تم تجهيزه بشكله النهائي أو فيما لو كان لا يزال في مراحله التطويرية، في إحداث تغيير كبير وجذري في جميع جوانب الحياة.

أعتقد، بعد كل ما قرأته ومن خلال ما استنتجته ممن قابلتهم، أنه لا يمكن صياغة مفهوم الميتافيرس باستخدام المصطلحات العلمية والتكنولوجية التقليدية التي نلجأ إليها عادة.

نشر شان بوري، رائد أعمال في مجال التكنولوجيا، تغريدة عام 2021 تلخص الأمر بشكل جيد:

“الميتافيرس هي اللحظة التي تكون فيها قيمة حياتنا الرقمية أكبر من قيمة حياتنا المادية.”

أو كما يقول تيري: “الميتافيرس ليس مجرد مكان سنزوره في الواقع الافتراضي وهو ليس وجهة، هو توجه نحو نمط حياة يمنح الأولوية للتوجه الرقمي ونتبناه ببطء عامًا بعد عام وتطبيقًا تلو الآخر، حيث يصبح الميتافيرس أكثر واقعية في كل مرة نستبدل فيها عادة مادية حسية بأخرى رقمية. ويتمثل مفهوم الميتافيرس، بالنسبة لنا كمواطنين رقميين معتمدين على الإنترنت، باستبدال الوقت في العالم الفعلي بوقت الاتصال بالإنترنت”.

وأنا لا أمانع ذلك.

تكنولوجيا أعلى… أداء أكثر سرعة وقوة وفعالية

شهدت الألعاب الأوليمبية الحديثة تغييرات عديدة، إلا أن التغييرين الأبرزَين يتمثلان في الأداء الرياضي والتطور التكنولوجيا.

تميزت دورة الألعاب الأوليمبية في عام 1896، على سبيل المثال، باستخدام ساعات الإيقاف لتسجيل بدء وانتهاء السباقات وتوقيت أداء الرياضيين، لكن تطور ذلك بعد سنوات بتغير التكنولوجيا.

ففي سباقات الركض مثلًا، يتم احتساب كل ملي ثانية وأصبحت إشارة الانطلاق اليوم إلكترونية، كما أصبحت السماعات المتصلة بها موزعة في مواقع تضمن عدم سماع أي عَدَّاء لطلقة البداية قبل زميله ولو بفارق ملي ثانية فقط.

ويُسَلَّط شعاع ليزر، عند خط نهاية السباق، على جهاز استشعار ضوئي يُسَمَّى خلية كهروضوئية أو عين كهربائية، وهو مُوجّه لاستقبال الشعاع. يتضمن النظام خليتين ضوئيتين موزعتين على ارتفاعين مختلفين لمنع القراءات الخاطئة الناجمة عن حركات الذراع. وترسل العين الكهربائية، عندما يَعبُر المتسابق خط النهاية ويقطع الشعاع، إشارة إلى لوحة التحكم بالوقت لتسجيل وقت المتسابق.

تشمل سباقات الماراثون مشاركة العديد من المنافسين، ولا يمكن لأي منهم البدء في السباق في نفس التوقيت. لذلك، يُعَد استخدام أجهزة التوقيت القابلة للارتداء والتي تُسَمَّى علامات التعريف التردد الراديوي، أمرًا في غاية الأهمية.

ويرتدي الرياضيون في بعض المسابقات أجهزة توقيت تسجل الأوقات الجزئية عند مرورهم، مما قد يوفر معلومات تساهم في تعزيز مستويات التدريب مستقبلًا.

وفي السياق، فقد شهد تدريب الرياضيين المتميزين تطورًا تكنولوجيًا أيضًا.

IMAGE: Unsplash

سجل الفائز في سباق السباحة لمسافة 100 متر للرجال بالدورة الأوليمبية عام 1932، زمنًا بلغ 85.2 ثانية، فيما فاز المتسابق في دورة عام 2016 بالوصول إلى الجدار قبل أكثر من 10 ثوان مسجلًا 47.58 ثانية.

ما الفرق؟

نعرف الكثير عن التكيف البشري والعلوم التي توضح طريقة عمل أجسادنا واستجابتها للتمارين المختلفة، حيث يتدرب الرياضيون اليوم على نحو مختلف لتحقيق أفضل أداء ممكن. ونعرف أيضًا أن العَدَّائين يحتاجون تدريبًا مختلفًا عما يحتاجه رياضيو التَّحَمُّل، وأصبح المتنافسون أسرع وأقوى لأنهم يتدربون بشكل خاص لرياضة معينة.

توجد هناك أيضًا إجراءات هندسية تساهم في تحسين العوامل الخارجية، وبالتالي قد تعزز الأداء.


وأضاف أندي: “لا يوجد رياضي طبيعي، ولتكون رياضيًا متميزًا عليك اتّباع نمط حياة غير طبيعي، ولا يمكن اعتبار ذلك أمرًا سيئًا”.

أندي مياه باحث إعلامي من جامعة سالفورد،

وتبدأ هذه الإجراءات بعلم المواد، وصولًا لأشياء كالاحتكاك والتشحيم.

ويعني الاحتكاك ملامسة الأجزاء لبعضها البعض بالفرك ويتسبب في تقرحات مؤلمة. ورغم ذلك، فيمكن للاحتكاك غير الكافي أن يقلل التوازن والسيطرة. لذا، تشتهر المواد مثل بولي رباعي فلورو الإيثيلين والمطاط السيليكوني بانخفاض مقاوماتها، ما يعني احتكاكًا أقل.

ويمكن للحرارة الناتجة عن الاحتكاك أن تسبب إصابة أيضًا. لذلك، تحتوي ملابس الرياضيين اليوم على ألياف تمتص الحرارة وتطردها وتحتفظ بدرجة الحرارة المثالية للبشرة، كما يتم تزويد بعض المواد بمشحمات لتقليل الاحتكاك والتعامل مع الرطوبة.

ويجب أن تتوفر العديد من المزايا في هذه المواد كالاستدامة والمرونة.

تساهم المواد الأخرى بتحسين قدرة الرياضيين من خلال إجراء تغييرات دقيقة على جوانب من أجسامهم.

تم تزويد بعض الأدوات، على سبيل المثال، بتكنولوجيا الضغط، والتي طُوِّرَت بالأساس للتحفيف من حدة المشاكل المتعلقة بالدورة الدموية لدى المرضى، لتساهم في رفع مستويات تدفق الدم، وبالتالي تحد من مستوى تعب العضلات. وقد تُصنَع الأدوات أيضًا من مواد ذات أغلفة تطرد المياه باستخدام تكنولوجيا النانو.

ويساهم الحذاء المزود بطبقات كربونية بتعزيز مستويات الطاقة لدى العدّاء.

ويرى البعض أن هذه الأنواع من المواد المعززة للأداء تتضمن مزايا غير عادلة، حيث يطلقون عليها “المنشطات التكنولوجية”.

فقد الدَّرّاج المرموق، لانس أرمسترونغ، سبعة انتصارات حققها في “دورة فرنسا الدولية” والميدالية البرونزية التي فاز بها في أولمبياد عام 2012، نتيجةً لتناوله الأدوية المحسنة للأداء.

لا تزال التكنولوجيا تؤثر على قدرة الرياضيين البدنية من خلال التحسينات التي تضيفها، على الرغم من عدم استخدامها لتحسين الأداء بشكل مباشر. وفي هذا الصدد، تتم مراقبة الرياضيين الأولمبيين من جانب وكالة عالمية للتأكد من عدم استخدامهم للأدوية المحسنة للأداء، لكن تعود الموافقة والرفض بشأن استخدام المعدات الرياضية إلى الهيئة التنظيمية الخاصة بكل رياضة. فعلى سبيل المثال، حظر الاتحاد الدولي للرياضات المائية ارتداء بدلات السباحة الكاملة بعد أن سجل السباحون الذين ارتدوا بدلات السباحة “إل زد آر ريسر-93” أرقامًا قياسية عالمية. ويرجع سبب الحظر إلى أن هذه النوعية من ملابس السباحة تقلل اهتزاز العضلات وتحس من ملمس الجلد.

تشمل دورة الألعاب الأولمبية الحالية في باريس استخدام عدد كبير من من الأدوات المحسنة لأداء الرياضيين، مثل حذاء الركض فائق الأداء من “نايكي” والذي يقال أنه حسّن الأداء أثناء الجري بنسبة 1.5 بالمئة.


الصورة: Unsplash

وقال أندي مياه، وهو باحث إعلامي من جامعة سالفورد: “يتميز أداء الرياضيين المتميزين بالدمج ما بين القدرة البيولوجية وتدريب تلك القدرة من خلال الوسائل التكنولوجية”.

ونشر أندي كتابًا حول هذا الموضوع في عام 2018، ويقوم بمساعدة الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات والحكومة البريطانية في الكشف عن تكنولوجيا المنشطات، حيث يعتبر أندي خبيرًا في هذا المجال وتتم استشارته في التكنولوجيات الجديدة. إضافًة لذلك، يعمل أندي كمستشار أكاديمي للاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية.

وأضاف أندي: “لا يوجد رياضي طبيعي، ولتكون رياضيًا متميزًا عليك اتّباع نمط حياة غير طبيعي، ولا يمكن اعتبار ذلك أمرًا سيئًا”.

قد يكون هذا الأمر صحيحًا، لكن هذا لا يجعله بالضرورة عادلًا. فإذا حظي كل فرد بإمكانية الوصول لكل شيء، يساهم ذلك في إيجاد منافسة عادلة لكن الحذاء الرياضي فائق الأداء من “نايك”، على سبيل المثال، لا يمكن ارتداؤه إلا من قبل الرياضيين الحاصلين على رعاية من شركة “نايك”.

تعتمد مسألة استخدام التكنولوجيا في الرياضة الأمر، كما هو الحال في معظم المجالات، على اتخاذ قرارات صحيحة وعادلة.

يتمثل شعار مكافحة المنشطات في عالم الرياضة بـ “اللعب النزيه”، لكن السؤال هنا يكمن في إمكانية تطبيق نفس ذلك الشعار في ظل هذه التطورات التكنولوجية.

تحسين مستوى التعليم بتكنولوجيات التعلّم

مع بدء العام الدراسي الجديد، لم يشعر الطفل جوني بصحة جيدة. لذلك، سارعت والدته بطلب إذن غيابه عن المدرسة في ذلك اليوم عبر تطبيق المدرسة، وسَيُسَجَّل هذا اليوم في كشف الحضور نهاية العام الدراسي. تلقّى جوني بعد ذلك، عن طريق البريد لإلكتروني الخاص بوالدته، العديد من رموز الدخول وكلمات المرور لمنصات التَّعَلُّم عبر الإنترنت، مثل “تيمز” و”كلاس بادليت” و”جوجل كلاس روم” و”مانيج باك”.

نظر جوني ووالدته إلى بعضهما متسائلان عمّا يجب أن يفعلاه وما هي المنصة الأهم والأجدر بالدخول إليها أولًا وطريقة ذلك. يقودنا ذلك إلى أن مفهوم المدرسة الجديدة أصبح يعني وجود تكنولوجيا جديدة!

أصبح جوني على مدار العام الدراسي مُلِمَّا بجميع الأنظمة التي تستعين بها المدرسة للتواصل مع التلاميذ ومشاركة الواجبات المدرسية وآلية استخدام كل معلم لها، لكن سيعود جوني ووالدته إلى نقطة البداية في حال تغيرت هذه الأنظمة في العام المقبل وأصبح كل معلم يستفيد منها في غرض مختلف عن الآخر.

يعتبر هذا السيناريو شائعًا للغاية لدى أولياء الأمور والتلاميذ هذه الأيام، في ظل سعي المدارس للتنقل بين التكنولوجيات المتاحة لها التي تعتبر عملية صعبة بالنسبة للأطفال وأولياء الأمور وحتى المعلمين، حيث يتطلب اعتماد هذه التكنولوجيات الكثير من التجارب ويحتمل العديد من الأخطاء.

وأشارت فيليبا ريثميل، مؤسِّسة “شركة إدرابشن” المتخصصة في تكنولوجيا التعليم بدبي، إلى أن المشكلة تتمثل في زيادة عدد الخيارات وعدم قيام المدراس بدمج التكنولوجيات ضمن استراتيجيتها الأساسية.

وهنا يأتي دور “إدرابشن“.

وقالت فيليبا في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “لم تكن تكنولوجيا التعليم وفهم طريقة إدارتنا لها جزءًا من هذه الاستراتيجية، حيث فاق تطور هذا القطاع مستوى قدرة المدارس على الاندماج. ونشهد اليوم الكثير من التطورات في هذا الصدد، ونمتلك العديد من التكنولوجيات القديمة التي تُقدَّر بالثروات لكننا لا نتستفيد منها”.


فيليبا ريثميل، مؤسِّسة “شركة إدرابشن”

تسعى شركة “إدرابشن” إلى ضمان اتّباع المدارس للقرارات الصحيحة فيما يتعلق باختيار التكنولوجيا واستخدامها على النحو السليم وتحقيق الاستفادة القصوى من الأدوات والمهارات، وقد يكون الأهم من ذلك ضمان سلامة التلاميذ. وأكدت فيليبا أيضًا على ضرورة إدراج الاستراتيجية الرقمية كعنصر جوهري في استراتيجيات المدارس بشكل عام، مشيرةً إلى أن إدرابشن تدعم دور المدارس لضمان استدامة هذه الاستراتيجيات الرقمية.

وتجري الأمور على نحو مشابه لذلك.

اجتمعت إدرابشن في أغسطس مع المدارس الشركاء، حيث ضمت الأهداف رؤية المدرسة وقيمها ومراجعة لتخزين البيانات وتقنية السُّحب والأمن الإلكتروني والتطبيقات الرئيسة وخطة لشراء الأجهزة وطرحها ووضع الميزانية، ويلي ذلك تنفيذ الاستراتيجية.

وجرى الاتفاق أيضًا على الحوكمة الكاملة، والتي تشمل سياسات التَّعَلُّم الرقمي والاستخدام المسؤول وأصول التدريس ومتطلبات البنية التحتية، إضافة إلى استراتيجيات تدريبية لضمان السلامة. وتركز أهداف المشروع على تحقيق التوافق بين الاستراتيجية والمناهج والخطط لضمان التطور المهني.

وتم طرح المشروع وجدولته ليشمل عملية تقوم من خلالها بتوضيح موضوع مختلف تركز عليه في كل شهر وزيارات شهرية للمدارس وتدريبات وورش وخطوات لتحديد مدة العام الدراسي، كما شمل المشروع أيضًا إجراء تغييرات وتعديلات بناءً على المراجعة الكاملة في نهاية العام إذا اقتضت الحاجة. وتمتد الاستراتيجية الرقمية بأكملها لمدة خمس سنوات.

وأشارت فيليبا، التي تواجه تحديات في القراءة، إلى أنها تركز بشكل كبير على ضرورة وصول المشروع وإتاحة المشاركة من قبل الجميع، لا سيما الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في القراءة والتعلم.

وقالت فيليبا: “كان من الصعب عليّ إكمال مهامي اليومية دون الأدوات الموجودة على جهازي التي تعزز أدائي بشكل يوم، لم أكن لأتمكن من كتابة كتابي لولا وجود هذه الأدوات الرقمية، ربما هذا هو سبب اهتمامي بها”.

تعاونت فيليبا مع المدربين لضمان أن التدريب المُقدم في المدارس مصمم خصيصًا ليكون شاملًا ومناسبًا للجميع ولضمان دعم المنظومة الرقمية للاحتياجات الخاصة وجعل التَّعَلُّم تجربة خاصة بكل بفرد. وترى فيليبا أن هناك طريقة سهلة لتمكين الجميع في التعليم.

الصورة Pixabay

وقالت فيليبا: “نسعى، في القريب العاجل، إلى التعاون مع شركة لديها نظام لإدارة التَّعَلُّم لنتمكن من مشاركة المحتوى والحصول على نموذج للاشتراك للمعلمين وأولياء الأمور على مستوى العالم. وسيكون هذا النموذج متعدد اللغات وسيدعم مجموعة من الخدمات للفهم الرقمي”.

تقوم فيليبا في الوقت الحالي بتصميم برنامج يسمى الجسر الرقمي للعمل مع أولياء الأمور بغرض سد الفجوة بينهم وبين أطفالهم الذين نشأوا في العصر الرقمي. وقالت فيليبا: “يُعَد انخراط أولياء الأمور سهلًا، وهذه هي مهمة الجسر الرقمي. ونقوم حاليًا بتنظيم ورش وسنتشارك قريبًا مع شركة أخرى لنشر محتويات قصيرة في المدارس لتوعية التلاميذ وأولياء أمورهم بشأن الأخطار المتعلقة بالإنترنت”.

وأكدت فيليبا أن جوهر اختصاص “إدرابشن” يكمن في التأكد من قدرة فريق العمل على دعم كل فرد. لذا، فقد أبرمت الشركة شراكة مع مايكروسوفت.

تطمح “إدرابشن”، في سياق خطط الشركة مستقبلًا، إلى إطلاق منصة للتعَلُّم عبر شبكة الإنترنت للمعلومات في غضون فترة تتراوح من 12 إلى 18 شهرًا من الآن، لنشر أفضل الممارسات وتبادل المناهج مع كلٍ من أولياء الأمور والتلاميذ. وتحظى الشركة بـ 20 مدرسة أخرى تتجه نحو الامتثال الرقمي على نحو آمن وفعال في أبوظبي ودبي، كما ينظم برنامج الجسر الرقمي ورشًا وفقًا للجدول المحدد.

وقالت فيليبا: “تتمحور كافة مشاريعنا حول تبادل المعرفة”.

تتوفر مجموعة كبيرة من التكنولوجيات في السوق وتواصل القائمة في ازديادها، حيث تتنوع تلك التكنولوجيات من أنظمة إدارة التَّعَلُّم إلى التطبيقات والألعاب.