هل يجب أن نكذب على المخلوقات الفضائية؟

في مجرة بعيدة جدًا،

تلتقط يد خضراء قرصًا من تحت الأنقاض المشتعلة لمركبة فضائية مجهولة سقطت بعد فشل محاولات الاتصال بها.


في الوقت الذي يعرف فيه البشر لوحة تحمل رسائل وصور تمثل الحياة البشرية تسمى “لوحة فوياجر الذهبية”، يصعب على كائن فضائي افتراضي يدعى “كاريكس” تحديد ماهية ما وجد، حيث يقوم بمسح بيانات القرص الذي وجده باستخدام الكمبيوتر الخاص بمركبته لتظهر أمامه على الشاشة صورة لرجال بشريين يركضون في مضمار للسباق، وصوت سيمفونية باخ براندنبورغ رقم 2 تملأ الأرجاء. ما هو شعور “كاريكس” حيال هذا الأمر يا تُرى؟

لا يهتم جون ترابهاغن، الأستاذ الفخري في جامعة تكساس في أوستن بالموسيقى المختارة لـلوحة الذهبية بقدر اهتمامه بالصور المختارة.

فقد كتب في مقال نُشر عام 2021 في مجلة “سياسة الفضاء”: “تنحاز سجلات “فوياجر” بشكل استثنائي إلى تقديم صورة للحياة على الأرض على أنها سلمية ومكرسة للفنون الرفيعة (كما حددتها النخب المثقفة الأمريكية) ومنخرطة في أنشطة نبيلة مثل استكشاف الفضاء، إنهم يعبرون سرًا عما أسميه “خيال ستار تريك” أو إطار أفكار مسافر محتمل بين النجوم على متن مركبة فضائية، فيما يتعلق باستكشاف الفضاء.” لا تمثل سجلات “فوياجر” البشرية أو الأرض بشكل صادق تمامًا، فالكذب بالإغفال هو شكل من أشكال الخداع.”

تحتوي سجلات فوياجر الذهبية، التي أُرسلت إلى الفضاء عام 1977 على أمل التواصل مع الحياة خارج كوكب الأرض، على مجموعة واسعة من المعلومات حول الحضارة الإنسانية والثقافة، بما في ذلك الموسيقى والصور والتحيات المنطوقة بعدة لغات.

يقول ترابهاغن أن هذا الأمر مشكوك فيه أخلاقيًا، فتعمدُنا نقل معلومات كاذبة عن أنفسنا أو عن كوكبنا، سيضلل الكائنات الفضائية المحتملة، ويمكن اعتبار ذلك انتهاكًا لمبدأ الصدق والنزاهة، كما يمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية على البشرية إذا اكتشفت الكائنات الفضائية الحقيقة وراء ما نظهره.

“ترسم الأقراص صورة وردية بشكل صريح (من منظور إنساني على الأقل) للحياة على الأرض – وهي صورة متحيزة بشكل كبير، فتكون المحتويات في أحسن الأحوال مضللة تمامًا، ويمكن تفسيرها في أسوأ الأحوال على أنها خادعة بشكل متعمد. هذا هو المكان الذي تصبح فيه مشكلة النهج الذي اتبعه الفريق الذي أنشأ السجلات كبيرة، حيث بإمكاني أن أتخيل ثلاثة سيناريوهات محتملة على الأقل: الجيد والسيئ والأسوأ.

السيناريو الجيد من وجهة نظر ترابهاغن، هو اللامبالاة: حيث يقول أنه من الممكن أن يستكشف “كاريكس” محتويات السجلات في مكان ما، ويبتسم ويكمل طريقه. “قد لا تجد المخلوقات الفضائية ذلك مهمًا بشكل خاص، فإذا كانت لديهم التكنولوجيا اللازمة للتنقل بين الأنظمة النجمية، قد ينظرون إلى فوياجر بنفس الطريقة التي ننظر بها إلى سد القندس – وهي تكنولوجيا مثيرة للاهتمام إلى حد ما، وإن كانت بسيطة لكن طورها كائن ذكي إلى حد ما ذو قدرات ذهنية وهندسية محدودة٫


إن أي إشارة نرسلها ستحتوي على معلومتين على الأقل في غاية الأهمية: أ- هؤلاء الأشخاص متخلفون من الناحية التكنولوجية، وب- يعيشون في ذلك المكان بالتحديد
– كيلي سميث


“ربما سينظرون قليلًا إلى المركبة الفضائية، ثم يهزون أكتافهم (أو أي شيء يملكونه) بعدها ويكملون طريقهم، كما أنه من الغرور الإنساني أن نظن بأن أفراد الحضارات غير البشرية مهتمون بالضرورة بالتحدث إلينا.

ومع ذلك، إذا عارضت المجتمعات الفضائية الإمبريالية أو العدوانية، فإن ترابهاغن يخشى أن ترسل السجلات رسالة واضحة للغاية: “هناك فريسة سهلة على ذلك الكوكب الموجود هنا بالمقارنة مع هذه النجوم النابضة الأربعة عشر”. ويذكرنا بأنه لا يوجد أي شيء في السجلات يشير إلى وجود قدرة عسكرية على كوكبنا، ناهيك عن القنابل النووية الحرارية.

وهنا يأتي الفارق الدقيق في مسألة ما إذا كان ينبغي لنا أن نكذب على الكائنات الفضائية أم لا، فهناك حجة مفادها هو أنه نظرًا لعدم وجود أي شيء في السجلات يشير إلى أننا نستطيع أو حتى ننوي الدفاع عن أنفسنا، فإن ذلك يمهد الطريق أمام استغلال الكائنات الفضائية، ولكن حتى التهديد بالغزو الفضائي لا يُقارن بنتيجة ترابهاغن “الأسوأ”.

“فلنفترض أن محتويات السجل أثارت اهتمام مسافرينا الفضائيين وقرروا زيارة هذا الكوكب الجميل الذي يستمع فيه الناس إلى الموسيقى الجيدة ويحيون بعضهم البعض بطرق سعيدة ويعيشون في سلام ووئام. ما الذي سيجدونه عند وصولهم؟ سيجدون بكل بساطة كل ما لم يُذكر في السجل: المعاناة والحرب والمرض والتلوث والاستغلال التي تتميز بها الحياة في مناطق مختلفة من كوكبنا.

ستجعل رسالة السجل الذهبي تبدو وكأنها كذبة كبيرة، ومن السهل إلى حد ما تخيل الصدمة الجماعية التي سيتعرض لها أولئك الفضائيون وهم يفكرون في نوايا المجتمع الذي من شأنه أن يرسل رسائل خادعة بشكل لا يُصدق عن نفسه.”

IMAGE: أبجد ديزاين

هل كان يجب علينا إرسال السجلات الذهبية في المقام الأول؟ من المؤكد أن ترابهاغن يعتقد أننا أنشأنا وأطلقنا إلى الفضاء رسالة خاطئة ومضللة حول الأشخاص الذين يرسلونها. السؤال هو كالتالي: إذا كنا نعتقد أننا يجب أن نتواصل مع الكائنات الفضائية، فمن الذي يجب أن يرسل الرسالة؟


لا تمثل سجلات ”فوياجر“ الأرض أو سكانها بشكل دقيق
– جون ترابهاغن


جمع كتاب كيلي سميث، الدكتور المشارك في جامعة كليمسون لعام 2020، بعنوان “القضايا الاجتماعية والمفاهيمية في علم الأحياء الفلكي”، مقالات تستكشف الأسئلة الأوسع في علم الأحياء الفلكي”.”

يقول سميث في الفصل الخاص به أن الجدل حول المحتوى الذي يجب أن تتضمنه الرسالة على وجه التحديد ليس مهمًا على الإطلاق بقدر ما تهم المخاطر التي قد تحملها أي رسالة تكشف موقع الأرض والحالة النسبية لتكنولوجيتنا.”

يقول سميث: “إن أي إشارة نرسلها ستحتوي على معلومتين على الأقل في غاية الأهمية: أ- هؤلاء الأشخاص متخلفون من الناحية التكنولوجية، وب- يعيشون في ذلك المكان بالتحديد”.

ربما لا ينبغي أن تقود محاولات التواصل مع الكائنات الفضائية علماء فلك أو مهندسين، بل علماء اجتماع متخصصون في التواصل بين الثقافات، أو لربما نحن بحاجة إلى دبلوماسيين فضائيين.

يقول سميث: “بما أننا لا نعرف شيئًا عن الكائنات الفضائية، فإن الأطراف على جانبي النقاش مجبرون على الاعتماد على تكهنات بشكل أو بآخر. وعلى الرغم من كل ما نعرفه، قد يكون لدى الكائنات الفضائية دوافع لم نواجهها من قبل. لا أزعم بأن مراسلة الكائنات الفضائية هي فكرة سيئة بشكل عام – فأنا شخصيًا أحب الضغط على زر الإرسال وإرسال إشارة إلى كل نظام قريب – ولكننا لم نفكر في الأمر بعناية بعد، وإلى أن نفعل ذلك يجب أن نتوخى الحيطة والحذر.”

من هو رائد الفضاء؟
من الأهمية وضع إطار تعريفي

مع اتساع آفاق الخيارات المتاحة أمام المسافرين المغامرين، أصبحت السياحة الفضائية واقعًا. (المزيد حول هذا هنا). لكن هل يؤهلك الانطلاق إلى الفضاء – أو إلى حافة الفضاء – لأن تكون “رائد فضاء”؟ وبعيدًا عن المعاني والدلالات، لِمَ قد يهمك هذا؟

يُعتبر قانون الفضاء معقدًا ومربكًا ويتطور باستمرار، ومع استمرار استكشاف الفضاء واستغلاله التجاري، ستظهر تحديات قانونية جديدة تتطلب أطرًا قانونية جديدة، ويُعتبر التعريف القانوني لرائد الفضاء أحد أكثر المواضيع أهمية.

ظاهريًا، يبدو ذلك موضوعًا للنقاش: فما أهمية اللقب الذي يُطلق عليك إذا ذهبت بشجاعة إلى مكان لم يذهب إليه أحد من قبل؟ إذا سار كل شيء كما هو مخطط له وعُدت إلى الأرض آمنًا وسليمًا، فلا يهم ذلك حقًا، ولكن ماذا لو حدث خطأ ما؟

تُعتبر جميع البلدان والجهات الفاعلة الأطراف في معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، أطرافًا في اتفاقية الإنقاذ التي “تدعو إلى تقديم كل مساعدة ممكنة لرواد الفضاء في حالة وقوع حادث أو محنة أو هبوط اضطراري، وتوفير المساعدة السريعة والآمنة لرواد الفضاء وعودة رواد الفضاء وعودة الأجسام المطلقة إلى الفضاء الخارجي.” لاحظ الاستخدام المحدد لمصطلح “رائد فضاء” هنا، فلا تمتد هذه الالتزامات القانونية إلى سائح الفضاء.

وفقًا للقانون الحالي، فإن لقب رائد الفضاء هو أكثر من مجرد تمييز: فهو وضع خاص ومحمي بموجب القانون الدولي، مما يضمن المساعدة في حالة الطوارئ.

الصورة: Unsplash

قد يأمل المرء في حالة الطوارئ، ألا تتحقق الدولة المستجيبة مما إذا كان الشخص من الناحية التقنية “رائد فضاء” قبل تقديم المساعدة، ولكن هذه نقطة مهمة من الناحية القانونية، ففي حين أنه يمكن مناقشة الكثير من الأمور افتراضيًا مع صعود المزيد من سائحي الفضاء ورجال الأعمال إلى الفضاء، يبرز سؤال وجيه: هل ستنفق دولة ما موارد لإنقاذ سائح فضائي من دولة أخرى دون التزام دولي مسبق؟

يمكن أن يقدم القانون البحري نموذجًا: فبموجب قانون الشحن الدولي، يجب على السفينة التي تكون في وضع يُمكّنها من تقديم المساعدة للأشخاص الذين يواجهون محنة في البحر أن تفعل ذلك. يأتي هذا من معاهدة قانون البحار، وهي اتفاقية للأمم المتحدة، ولا تحدد صياغتها بحارًا أو ملاحًا أو مرتادًا عاديًا للبحر – كما لم تذكر كون الشخص بحارًا ماهرًا أم لا وبدلًا من ذلك، فإن كونك “شخصًا” يكفي لضمان إنقاذك في البحر.

ماذا إذن عن رائد الفضاء؟

تُعتبر الشخصية متطلبًا لكل تعريف تقريبًا: يُعرّف ميريام ويبستر رائد الفضاء على أنه “الشخص الذي يسافر خارج الغلاف الجوي للأرض”، ويستخدم قاموس كامبريدج عبارة “الشخص الذي تلقّى تدريبًا على السفر في الفضاء الخارجي” كتعريف له، وتعتبر معاهدة الفضاء الخارجي رائد الفضاء “مبعوثًا للبشرية”.

تأسست معاهدة القمر في عام 1979، وهي اتفاقية تحكم أنشطة الدول على القمر والأجرام السماوية الأخرى، كما أنها معاهدة أخرى للأمم المتحدة، إلّا أن هذه المعاهدة ترفع الجهات الفاعلة التجارية إلى مرتبة “رائد فضاء”، ولكن نظرًا لعدم توقيع أي دولة تشارك في رحلات فضائية مأهولة ذاتية الإطلاق (الولايات المتحدة وروسيا والصين) عليها، فلا يُؤخذ بهذا التعريف في القانون الدولي ولا يمكن الاعتماد عليه في حالات الطوارئ بطبيعة الحال.

الصورة: Unsplash

تُعتبر إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية واحدة من ثلاث وكالات في الولايات المتحدة تتمتع بالسلطة التي تخوّلها من اعتبار الشخص رائد فضاء، مع اختلاف تعريف كل واحدة منها لرائد الفضاء، فإذا لم تتمكن دولة ما من اتخاذ قرار بشأن تعريف واحد لوكالاتها الفضائية، يمكننا تخيل مدى صعوبة التوصل إلى أي تعريف دولي.


أُنشئت معاهدة الفضاء الخارجي في عام 1967، عندما كان الفضاء تحت سيطرة الجهات الحكومية، وعلى الرغم من أن الفريق القانوني الذي كتب نص القانون في الغالب لم يكن يتخيل مدى انتشار المؤسسات غير الحكومية في الفضاء كما هو الحال في يومنا هذا، إلا أنه يحتوي على صياغة تتضمن الأفراد العاديين:

تتحمل الدول الأطراف في المعاهدة المسؤولية الدولية عن الأنشطة الوطنية في الفضاء الخارجي… سواء اضطلعت بهذه الأنشطة وكالات حكومية أو مؤسسات غير حكومية…”

توفر اتفاقية الإنقاذ نفسها بعض الضمانات لرائد الفضاء غير الرسمي:

“في حالة تلقي معلومات أو اكتشاف أن أفراد مركبة فضائية قد نزلوا في أعالي البحار أو في أي مكان آخر لا يخضع للولاية القضائية لأي دولة، يجب على الأطراف المتعاقدة التي يكون بوسعها أن تفعل ذلك، إذا لزم الأمر: تقديم المساعدة في عمليات البحث والإنقاذ لهؤلاء الأفراد لضمان إنقاذهم بسرعة.

مرة أخرى، نأمل جميعًا أن تهب البلدان والوكالات المعنية إلى مساعدة أي شخص في الفضاء أو بعد عودته إلى الأرض، في حالة حدوث حالة طوارئ، نصب أعيننا، إلّا أن مسألة وأهمية تطبيق هذه الحماية الدولية تظل مصدر قلق مُلح للمُشرّعين، ومع توجه المزيد من الكيانات التجارية إلى الفضاء، تظهر ثغرات في النص الحالي لقانون الفضاء الدولي

ولحسن الحظ، فإن قانون الفضاء لا يزال قائمًا: تعمل لجان الأمم المتحدة على وضع مبادئ توجيهية ومبادئ لاستكشاف واستخدام الموارد الفضائية، كما يساعد المعهد الدولي لقانون الفضاء المنظمات الدولية والمؤسسات الوطنية على التعاون لتطوير قانون الفضاء، ويقود الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية جهود التوعية المتعلقة بالفضاء في 75 دولة، بالإضافة إلى تخصيص 11 مجلة أكاديمية لقانون وسياسة الفضاء.

ولكن، إلى أن يصبح هناك إطار قانوني وتعريف جديدين، من الممتع للغاية الاعتقاد بأنه يمكن لأي شخص أن يكون رائد فضاء.

تذكرة إلى النجوم

شهدت السياحة إلى الفضاء إقبالًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من قبل عدد محدود من الأفراد المتخصصين، في حين نقف ثابتين على سطح الأرض. لكن تخيل أن تكون إجابة السؤال عن وجهتك القادمة لقضاء الإجازة هي “مدار الأرض المنخفض”.

شهدت السياحة إلى الفضاء إقبالًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من قبل عدد محدود من الأفراد المتخصصين، في حين نقف ثابتين على سطح الأرض. لكن تخيل أن تكون إجابة السؤال عن وجهتك القادمة لقضاء الإجازة هي “مدار الأرض المنخفض”.

يبدو ذلك خيالًا علميًا أو شيئًا قد يتحقق بعد سنوات طويلة، إلا أن السياحة في الفضاء ليست أمرًا جديدًا.

كان الروس أول من تمكن من تحقيق ذلك في العام 2001، حيث اصطحبوا معهم المليونير الأمريكي “دينيس تيتو” إلى محطة الفضاء الدولية لمدة أسبوع من خلال التعاون ما بين شركة سياحة الفضاء الأمريكية “سبيس آدفنتشرز” ووكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) لتحقيق ذلك.

ووفقًا لما قاله دينيس تيتولشبكة الأخبار (سي إن إن): “بلغت أسعار الرحلة والإقامة 20 مليون دولار أمريكي، وكانت الزيارة تستحق ذلك. شعرت بسعادة كبيرة جدًا، فقد كانت أجمل لحظة في حياتي حققت فيها هدفي في الحياة ولا شيء يمكن أن يضاهي هذا الشعور أبدًا”.

تعود نشأة المشروع بأكمله إلى حلم دام مدى الحياة وإلى حاجة روسكوسموس إلى ضخ الأموال، حيث أرسلت وكالة الفضاء الروسية 6 رحالة إلى الفضاء في العقد الأول من الألفية. وبعد أن قامت بزيادة عدد رواد الفضاء وزيادة فترة مهمات الاستكشاف على متن محطة الفضاء، تم إلغاء جميع الرحلات السياحية إلى الفضاء.

ذلك أن محطة الفضاء الدولية محجوزة بالكامل.

الصورة:آنا هازلت، مؤسسة ورئيسة شركة أزور إكس المصدر: أزور إكس

وفي هذا الصدد، قامت روسيا في العام 2018 بالانخراط مجددًا في رحلات الفضاء والنظر فيها مرة أخرى للتوصل إلى حل يتضمن زيارة اثنين من الرحالة المغامرين إلى محطة الفضاء الدولية.

أما وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، فلم تبد أي رغبة في اصطحاب المواطنين إلى الفضاء ووجهت أنظارها إلى تحسين محطة الفضاء الدولية. وفي العام 2020، منحت ناسا عقدًا لشركة أكسيوم، المتخصصة بتطوير البنية التحتية في الفضاء في الولايات المتحدة، بهدف تطوير وحدة سكنية صالحة للعيش يتبعها ثلاث وحدات إضافية. وعندما يتم إيقاف تشغيل المحطة، تنفصل هذه الوحدات عنها وتندمج مع بعضها لتشكل محطة فضائية جديدة منفصلة للزائرين. لكن لا تتمتع وكالات الفضاء الحكومية بهذه الامتيازات.

قالت آنا هازلت، مؤسسة ورئيسة شركة أزور إكس، وهي شركة استثمارية واستشارية تركز على الجهات التجارية الخاصة التي تهدف إلى اصطحاب عملائها إلى الفضاء: “نلاحظ وجود المزيد من الدول التي تسعى إلى تطوير برامجها الخاصة بالرحلات السياحية إلى الفضاء”.

تلعب الشركات الخاصة في هذا المجال دورًا هامًا من خلال إيجاد الفرص للأشخاص الذين لديهم الشجاعة والقدرة المادية على السفر إلى الفضاء.

وأشارت آنا إلى وجود مجموعة من الخيارات للسائحين المسافرين إلى الفضاء عن طريق الشركات الخاصة، حيث تتنوع تلك الخيارات ما بين الصعود على متن منطاد بطيء ومنخفض والصعود في رحلة قصيرة وسريعة على متن صاروخ والقيام بتجربة مدارية عن طريق زيارة محطة الفضاء الدولية.

وتعتبر الشركة الأمريكية (سبيس بيرسبيكتف) واحدة من العديد من الشركات التي توفر رحلات مريحة إلى الفضاء، حيث يصل ارتفاع المنطاد فيها إلى 700 قدم ويمكنه الطيران إلى ارتفاع 30 كيلو متر فوق سطح الأرض ويمضي المسافرون من خلاله ساعتين في الصعود إليه وساعتين للاستمتاع بمشاهدة الفضاء وساعتين للهبوط إلى الأرض. وقد تم تحديد موعد رحلته الأولى إلى الفضاء في نهاية العام 2024 بسعر 125,000 دولار أمريكي.

وتوفر الشركات الأخرى، كشركة (وورلد فيو) في ولاية أريزونا الأمريكية، رحلات إلى الفضاء عبر المنطاد بقيمة 50,000 دولار أمريكي، وتختلف التجارب عن بعضها اعتمادًا على التكلفة. وتؤكد آنا على أن المناطيد تساهم في استقطاب اهتمام المستهلك، وعلقت: “سيتم عقد العديد من الشراكات والتعاونات مع شركات الإعلام والضيافة والإنتاج الموسيقي لإقامة الفعاليات والأنشطة داخل هذه المناطيد الكبيرة على ارتفاعات عالية”.

CAPTION:تكشف وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات عن آليات لتطوير قطاع الفضاء. من اليسار إلى اليمين: معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم ومعالي عبدالله بن طوق، وزير الاقتصاد وفهد المهيري، الشريك الاستراتيجي في “أزور إكس” وإريك واغنر، مدير “بلو أوريجن” وبرينت شروود، نائب رئيس أول في “بلو أوريجن” وآنّا هازلت، مديرة “أزور إكس” وممثلة عن “بلو أوريجن” في منطقة الشرق الأوسط. الصورة وام

وعلى صعيد آخر، وفيما يتعلق قطاع سياحة الفضاء توجد رحلة إلى الفضاء بواسطة مركبة فضائية أو صاروخ فضائي، حيث يمكن للمسافرين عبرها الاستمتاع بانعدام الوزن لبضع دقائق قبل رجوعهم إلى كوكب الأرض. وتعد الرحلة شبه المدارية أسرع نوعًا ما مقارنة بغيرها من رحلات الفضاء، حيث ستؤثر بشكل كبير على محفظتك الاستثمارية، خاصة وأن تكلفة 11 دقيقة من هذه الرحلة تبلغ 450,000 دولار أمريكي.

توفر شركتا (فيرجين غلاكتك وبلو أوريجن) رحلات شبه مدارية سريعة، حيث واجهت فيرجين غلاكتك العديد من التحديات ليتسنى لها إرسال طائراتها إلى الفضاء وتمكنت بلو أوريجن من التقدم في هذا السباق ونقل 31 مسافرًا إلى الفضاء ما بين العامين 2021 و2022.

وهناك تجربة مدارية مطلقة تتمثل بالبقاء على متن محطة الفضاء الدولية، حيث تمكنت شركة (سبيس إكس) في العام 2022 من نقل ثلاثة سائحين إلى محطة الفضاء الدولية لمدة 10 أيام بسعر وصل إلى 55 مليون دولار أمريكي لكل سائح، شاملًا وجبات الطعام.

وأكدت آنّا على أنه يومًا ما سيكون هناك المزيد من الخيارات للسفر إلى الفضاء بأسعار معقولة للأفراد ذوي الدخل المحدود، ولا يعني ذلك زيارة فندق جيف بيزوس في مدار الكرة الأرضية المنخفض لكن سيتمكن المسافرون من الاستمتاع بتجربة السفر للفضاء إلى حد ما. فإذا أردت أن تحظى بلقب رائد فضاء، يجب عليك أن تقطع مسافات طويلة.

ويحظى بلقب رائد فضاء كل من قطع خط كارمان، وهو حد معتمد دوليًا يفصل ما بين الغلاف الجوي للكرة الأرضية والفضاء الخارجي، ويصل ارتفاعه إلى 100 كيلو متر عن مستوى سطح البحر ويعتبر نقطة البداية إلى الفضاء.

ووفقًا لوجهات نظرك الشخصية، سواء أنفقت القليل من المال أو ثروة كبيرة للسفر إلى الفضاء سيلازمك لقب رائد فضاء في سيرتك الذاتية. وإذا كان الوصول لخط كارمان يتطلب منك أكثر من قدرتك الاقتصادية، ستضطر لاختيار رحلات أخرى متاحة لنسبة 1% من سكان الكرة الأرضية.

وتركز وسائل الإعلام على أبرز الشركات في مجال سياحة الفضاء كشركة بلو أوريجن وسبيس بيرسبيكتيف، في الوقت الذي تقوم به شركة أزور إكس بتحسين عمليات التطوير التجاري.

CAPTION:مركبة “نيو شيبرد” في موقع الإطلاق الأول (إل إس-1) شمال مدينة فان هورن في ولاية تكساس. وتسعى شركة “أزور إكس” إلى إنشاء موقع إطلاق ثانٍ في دولة الإمارات. لصورة بلو أوريجن

وأضافت آنًا: “تتحمل الشركة مسؤولية أي شيء يتعلق بتطوير السياسات والاستراتيجيات وفقًا لاستراتيجيات السوق وتنفيذها ومسؤولية التطوير التجاري والمبيعات، حيث نعتبر الذراع الأساسي لعملائنا وشركائنا من خلال مجموعة الأنشطة التجارية التي نقوم بها ونقدمها لعدد كبير من شركات الفضاء والأقمار الصناعية”.

فإن كنت تسعى لتأسيس منصة إطلاق في دولة ما، فإن الشركة قد تساهم بدور بارز في مراقبة المهمة.

CAPTION: جيف بيزوس، مؤسس شركة “بلو أوريجن”، يقف أمام مركبة السياحة الفضائية، نيو شيبرد، التي تم صنعها في الشركة.
الصورة: Getty Images

وتعتبر دولة الإمارات خير مثال على ذلك، حيث تقوم حاليًا شركة أزور إكس في دبي بالتعاون مع شركة بلو أوريجن، التي يملكها جيف بيزوس، ودولة الإمارات بتعزيز مستويات الشراكة بينهم في مجال سياحة الفضاء، لا سيما أن التخطيط والإعداد اللوجستي لا يزال في مراحله الأولى.

وعلى الرغم من آنّا لم تكن قادرة على توفير معلومات قطعية حول هذه الشراكة، تمكنت مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا من الحصول على نظرة خاطفة حول هذا الموضوع.


وتطمح آنّا بأن تساهم جميع خيارات سياحة الفضاء التي تم ذكرها سابقًا في تعزيز برنامج السياحة في الفضاء في دولة الإمارات وجعله أكثر شمولية، وقالت: “أتطلع لرؤية البرنامج الذي سيشكل امتدادًا للسياحة في دبي وجميع الرفاهيات التي تعزز مكانة دولة الإمارات.

ستختلف الطموحات عن تلك التي اعتدنا عليها في هذا العالم، حيث ستتنوع الرفاهية ما بين الإقامات الفارهة ومراكز تدريب رواد الفضاء إلى مكان يمكن لعائلة سائح الفضاء وأصدقائه زيارته والحصول على جزء من التجربة.

ومع اقتراب تاريخ إيقاف تشغيل محطة الفضاء الدولية، والمقرر في العام 2030، تسعى الشركات الخاصة لإنشاء مساكن جديدة في مدار الأرض المنخفض للسياح الفضائيين. وأشارت آنا إلى ضرورة خفض التكلفة في هذا المجال، نظرًا لزيادة عدد الأماكن والوجهات وارتفاع حجم النمو في القطاع.

وأعرب الدكتور محمد المعري، مدير مركز الفضاء وعلوم الكواكب في جامعة خليفة، عن تفاؤله حيال مستقبل صناعة السياحة الفضائية، قائلًا: “لاحظنا، من خلال مشاريع أخرى عبر التاريخ، انخفاض التكلفة بشكل ملحوظ نتيجة تزايد الطلب في السوق والذي يعزز روح المنافسة. وعندما نمعن النظر في تاريخ الرحلات التجارية، سنجد أن التنافس في إرضاء العملاء سيؤدي إلى انخفاض التكلفة. وفي هذا الإطار، نسعى لأن يحظى قطاع سياحة الفضاء بالاهتمام الكافي ليتسنى لنا الحصول على المزيد من الخيارات المناسبة اقتصاديًا”.

تشير التقديرات في مجلة “فيوتشر ماركت إنسايتس” إلى أن سوق سياحة الفضاء سيصل إلى 683.5 مليون دولار أمريكي في نهاية العام 2023 و13.2 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2033.

ركائز الاستدامة

ساهمت المواد البوليمرية، منذ اكتشافها في أوائل القرن العشرين، في التأثير في العديد من جوانب الحياة وقد يكون البلاستيك البوليمر الأكثر انتشارًا في حياتنا اليومية.

يتم إنتاج المواد البلاستيكية، على الرغم من قيمتها العالية، بكميات تفوق ما يتم تدويره ليشكل ذلك تحديًا بيئيًا كبيرًا. وتشير الإحصاءات إلى أنه يُعاد تدوير 9% فقط من مجموع الإمدادات العالمية للبلاستيك. ويتخلص الأفراد من المواد البلاستيكية إما بحرقها أو إلقائها في مكبات النفايات، الأمر الذي يسبب التلوث. وتوجد أيضًا كميات كبيرة من النفايات البلاستيكية في البحار والتي تشكل منظرًا مزعجًا للعين وتسبب الضرر للكائنات الحية البحرية والمنظومة المائية بشكل عام.

طور الأستاذ الدكتور شارماركي محمد، بالتعاون مع فريقه البحثي من مركز كيمياء المواد المتقدمة في جامعة خليفة، طريقة جديدة لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية تعتمد على المزج ما بين القوة الميكانيكية (كجزء من الكيمياء الميكانيكية) والضوء والمحفزات.

ما يميّز هذه التكنولوجيا بشكل ملحوظ هو عدم اعتمادها على أي مواد كيميائية ضارة أو مسببة للتآكل.

شارماركي محمد،جامعة خليفة

يُعرف عن الطرق الميكانيكية أنها وسيلة تساهم في الحد من كمية المواد البلاستيكية قبيل عملية التدوير، لكن لا يمكن تطبيق تلك الطرق في عملية تقسيم المواد البوليمرية في النفايات البلاستيكية.
لذلك، يسعى الباحثون إلى الكشف عن طرق جديدة لإعادة التدوير بتكلفة منخفضة باستخدام مجموعة من المحفزات.


وفي هذا الصدد، قال شارماركي: “قررنا تطوير الأدوات الميكانيكية الكيميائية الجديدة على الرغم من التحدي البيئي الكبير الذي تفرضه النفايات البلاستيكية، خاصة أن معظم الباحثين في العالم يسعون إلى التركيز على القوة الميكانيكية كوسيلة لتطوير مواد كيميائية جديدة، بمعنى أنهم يطوّرون أدوات معقدة من هياكل بسيطة. لذلك، قررنا الاستفادة من نفس المبادئ والقوة الميكانيكية والضوء والمحفزات لتفكيك مواد النفايات البوليمرية المعقدة إلى وحدات أصغر يمكن إعادة تدويره لاحقًا”.

وأضاف شارماركي: “تعتبر الطاقة الشمسية مسؤولة عن عملية التحلل الضوئي للمواد البلاستيكية في البيئة، خاصة في منطقة الأشعة فوق البنفسجية من الطيف الكهرومغناطيسي. وندرك كذلك أن بعض المحفزات الحيوية (مثل الإنزيمات) تتكيف مع استخدام الجزيئات العضوية الكبيرة مثل البلاستيك كمصدر للوقود. ويعني ذلك أننا نستمد الدروس من الطبيعة خلال محاولاتنا لتطوير بروتوكول على نطاق المختبر يقوم على الأساليب المجربة والمختبَرة في مجال تحويل النفايات البلاستيكية إلى مواد كيميائية عالية القيمة”.

وقال: “في ظل إعلان دولة الإمارات أن عام 2023 هو عام الاستدامة، قرر فريقنا البحثي تولي هذه الجهود الكبيرة في مجال هو الأصعب من نوعه، حيث ستحفزنا هذه التحديات لحل المشكلات البيئية التي تفرضها النفايات البلاستيكية”.

ووفقًا لما قاله شارماركي في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، يتم إنتاج حوالي 380 مليون طن متري من البلاستيك كل عام ويُعاد تدوير حوالي 9% منها فقط، مضيفًا أن معالجة بعض المواد البلاستيكية تتم بالاستعانة بمواد كيميائية شديدة كالأحماض، ولكن بشكل عام يتم حرق معظم البلاستيك.

“تُطلق عملية الاحتراق ثاني أكسيد الكربون فتتسبب في زيادة نسبة الانبعاثات الكربونية عالميًا، كما لا يمكن إعادة استخدام البلاستيك بعد حرقه. وفي هذا الإطار، يسعى فريقنا إلى الاستفادة من البلاستيك بعد استخدامه من قبل المستهلك بهدف الوصول إلى طرق ميكانيكية جديدة منخفضة التكلفة قادرة على تفكيك هذه البوليمرات إلى الأجزاء المكونة لها.”

ويمكن بعد ذلك إعادة استخدام هذه الأجزاء لصنع منتجات بلاستيكية وكيميائية جديدة لأغراض الاستفادة منها.

ويقوم فريق شارماركي في الوقت الحالي بمشروع بحثي يمتد لثلاث سنوات بهدف دراسة عملية تتكون من ثلاثة أجزاء لإعادة تدوير البلاستيك. ويتلقى هذا البحث الدعم من مركز كيمياء المواد المتقدمة ويُموَّل من قبل مؤسسة “أسباير””، التي تعتبر دعامة بارزة في مجال إدارة برامج التكنولوجيا في مجلس أبحاث التكنولوجية المتقدمة في أبوظبي، من خلال جائزة “أسباير” للتميز البحثي.

يتضمن الجزء الأول الكيمياء الميكانيكية والتي تعتمد على استخدام الطاقة الميكانيكية لتحفيز عملية تقسيم المادة البوليمرية إلى أجزاء في النفايات البلاستيكية.

“نستعين بالمطاحن الكروية على وجه الخصوص لتفتيت البوليمرات في وجود مواد كيميائية خاصة نطورها في مختبرنا، ويؤدي ذلك إلى تحلل البوليمر وإطلاق العناصر الأساسية المكونة له والتي تُعرف باسم المونومرات. وتشير النتائج الأولية في مختبرنا إلى إمكانية إجراء هذه العملية في ظل الظروف المحيطة في الحالة الصلبة بإنتاجية تصل إلى حوالي 70% أو أعلى من ذلك. وما يميّز هذه التكنولوجيا بشكل ملحوظ هو عدم اعتمادها على أي مواد كيميائية ضارة أو مسببة للتآكل، الأمر الذي يعد في غاية الأهمية لأنه يجعل العملية بكاملها أكثر أمانًا على البيئة مقارنة بحرق النفايات البلاستيكية أو دفنها.”

نسعى إلى البحث بصورة مبتكرة وننظر إلى المشكلة من منظور غير تقليدي باستخدام نهج التحفيز الميكانيكي

زينب محمد سعيد،جامعة خليفة


وتتمثل الخطوة التالية في اختبار تأثير الضوء على العملية، وبعدها القيام بتجارب مع المحفزات غير العضوية (كالأملاح المعدنية) أو الإنزيمات لتقسيم المواد البلاستيكية.

“سنتمكن من تجميع هذه العمليات مع بعضها لإنشاء بروتوكول التحلل الضوئي والميكانيكي الإنزيمي في حال تمكنا من فهم كل منها على حدة، حيث سيُنفَّذ هذا البروتوكول بشكل تسلسلي كجزء من عملية تصنيع بالدفعات، تمامًا كما هو الحال في الأحزمة الناقلة في المصنع. ونهدف على المدى الطويل إلى استخدام هذه العملية في التخلص من النفايات البلاستيكية بعد الاستهلاك وإنتاج وحدات البناء الكيميائية للنفايات البلاستيكية بكفاءة.”

وفي هذا السياق، أشار شارماركي إلى أن عملية تقسيم البلاستيك إلى أجزاء بالتأثير عليه بقوة ميكانيكية قد تختلف باختلاف أنواعه، مما يزيد من صعوبة العملية ولكن أكد على أن النتائج الأولية للدراسة مبشرة

وأعربت زينب محمد سعيد، طالبة دكتوراه تركز على هذا المشروع البحثي، عن حماسها تجاه هذا النهج غير التقليدي لحل مشكلة طويلة الأمد.

وقالت زينب: “يعود مجال تحلل البوليمر إلى العديد من العقود الماضية، حيث حاول الأفراد التوصل إلى طرق مختلفة لمعالجة المشكلة باستخدام خبراتهم. وفي الوقت الحاضر، نسعى إلى البحث بصورة مبتكرة وننظر إلى المشكلة من منظور غير تقليدي باستخدام نهج التحفيز الميكانيكي. يمكن القول بأن هذا البحث صعب ولكنه في نفس الوقت يحفزنا لإيجاد الحلول وللتعرف إلى النتائج التي سنحصل عليها”.

وتشمل تحديات هذا البحث إنشاء أوعية قادرة على حمل المادة وفي نفس الوقت تتيح دخول الضوء بطول موجي معين، إضافة لارتفاع تكلفة الإنزيمات التي تقوم بتفكيك المواد البلاستيكية.

ومن جهة أخرى، يكمن هدف هذه الدراسة في رفع مستوى هذه التكنولوجيا إلى المستويات التي يتطلبها القطاع الصناعي، ويحتاج ذلك بعض الوقت ليتحقق.

وقال شارماركي: “يمكننا حاليًا إنتاج ما يصل إلى غرام أو غرامين، الأمر الذي يعتبر مناسبًا للتطبيق وتسجيل براءات الاختراع.”

يذكر أن مركز كيمياء المواد المتقدمة، والذي أنشِئ في العام 2022، يضم الخبرات من مختلف التخصصات لمواجهة المشاكل البيئية الكبرى. قال شارماركي: “تتوافق أساليب مركز كيمياء المواد المتقدمة في معالجة النفايات البلاستيكية مع طموحات دولة الإمارات الرامية إلى الانتقال للاقتصاد الدائري المستدام وتحقيق الحياد الكربوني”.

التبريد باستخدام أشعة الشمس

تُعَد أسباب التغير المناخي حديث الساعة، وتتعدد تلك الأسباب لتشمل ناتج الكربون ومخلفات المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد واستهلاك الطاقة وغيرها. ولكن تُمثل حرارة الشمس وما يترتب عليها من متطلبات التبريد في دولة الإمارات التي ترتفع فيها درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية في فصل الصيف، مُعضلة بيئية. أمّا الآن، تساعد التكنولوجيا دولة الإمارات على الاستفادة من أكثر من 4400 ساعة سنويًا من أشعة الشمس في سمائها لقلب الموازين لصالح كوكب الأرض.

أعلنت شركة “جري” العالمية رائدة خدمات التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، والمعروفة في السوق باستثماراتها في البحث والتطوير، خلال مشاركتها في فعاليات مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي استضافته دبي مؤخرًا، عن إطلاق تكنولوجيتها التي تعمل بالطاقة الشمسية في الإمارات من خلال شريكها التجاري، “نيا”. تتميز تكنولوجيا التبريد متغير التدفق هذه بسرعة استجابتها وقابليتها للتكيف، كما أنها تستهلك كميات من الطاقة أقل من تلك التي تستهلكها مكيفات الهواء التقليدية.

قال عماد حسينو، رئيس فريق التدفئة والتهوية وتكييف الهواء لدى “نيا“: “تسعى نيا إلى إشراك أهم صنّاع القرار المعنيين بتمكين التغير المستدام للمجتمعات في الإمارات، وذلك من خلال التشجيع على استخدام مكيفات الهواء التي تعمل بالطاقة الشمسية.”

تأسست “جري” عام 1991 ويقع مقرها الرئيس في الصين، كما أنها تُعَد واحدة من أكبر الشركات المُصنعة لحلول التدفئة والتهوية وتكييف الهواء على مستوى العالم.

فاز هذا النظام المُبتَكَر لتكييف الهواء بجوائز متعددة، ومنها الجائزة البريطانية لصناعة التبريد “آر إيه سي” والجائزة الدولية للابتكار في الجودة والميدالية الذهبية في تحدي جنيف الدولي للاختراعات والجائزة الذهبية لبراءات الاختراع الصينية.

وتبدو وحدات هذا النظام كوحدات الأنظمة التقليدية لتكييف الهواء، إلا أنها تحتوي بداخلها على مجموعة كاملة من المزايا التي تعمل على خفض الكربون.

العنوان:عماد حسينو، رئيس فريق التدفئة والتهوية وتكييف الهواء لدى “نيا”IMAGE: نيا

تستفيد الوحدات من الطاقة الشمسية المباشرة وتستخدمها من دون الحاجة إلى عاكس شمسي، ما يوفر الطاقة التي تُهدر عادةً أثناء عملية النقل والتي تتراوح نسبتها من 15 إلى 22% .

وتنتقل الطاقة عادًة من الألواح الشمسية خلال عاكس ومحول يُخرجها في صورة تكييف هواء، إلا أن التكنولوجيا التي طورتها “جري” يمكنها قبول طاقة التيار المستمر بصفة مباشرة من الألواح الشمسية بنسبة كفاءة في استهلاك الطاقة تبلغ 99%.

ما الذي يعنيه هذا الرقم الكبير يا تُرى؟

يُفقَد قدر مُعيَّن من الطاقة على هيئة حرارة في كل عملية تحويل للطاقة. وتقول شركة “جري” أن تكنولوجيا التبريد متغير التدفق التي طورتها في نظام مكيفات الهواء لا تتطلب وجود عاكس، يعني هذا بأن المكيف يعمل بطاقته القصوى وبأقل تأثير ممكن على البيئة.

يتميز التبريد متغير التدفق بكونه أحد الأشكال اللازمة ومتعددة الأوجه لتكنولوجيا التبريد، بالإضافة إلى اعتباره موصلًا جيدًا إلى حد كبير ويوفّر مستويات مختلفة لتدفق الهواء البارد إلى المساحات الفردية، كما يُغني عن الحاجة إلى عاكس، ما يعني تقليل المواد (ومن ثمَّ التكلفة) ليضمن كفاءة أعلى وينجح في مهمته التي تتمثل في انعدام كل من الانبعاثات الكربونية وفواتير كهرباء والطاقة المُهدَرَة.

ويُعتبر ذلك إنجازًا كبيرًا في منطقة يستأثر فيها التبريد بنسبة تتراوح من 80 إلى 85% من متوسط الطاقة المُستَهلَكَة في المبنى.

تناسب هذه التصاميم كلًا من المواقع السكنية والتجارية، كما تتميز بتركيب بسيط وتوفيري للطاقة بنسبة تصل إلى 20% بالمقارنة مع الوحدات الأخرى، ويمكن تركيب الوحدات على السطح أو في الطابق الأرضي.

ولا تتطلب أنظمة التبريد متغير التدفق العادية محولًا فحسب، بل تتطلب إنسانًا لإدارتها، إلّا أن النظم التي طورتها “جري” تستخدم الذكاء الاصطناعي كي تؤدي عملها.

وعلق عماد مضيفًا: “يدمج (النظام) التكنولوجيات المتطورة للمراقبة والتحكم، بما في ذلك نظام “جري” لإدارة معلومات الطاقة للمراقبة الفورية لتدفق الطاقة وخوارزمية مُطوَّرَة ذاتيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة.”

فإذا كنت قلِقًا بشأن مراقبة تدفق الطاقة، كل ما عليك فعله هو التحقّق من هاتفك. لا مفر من التحديات التي عادةً ما تُصاحب إطلاق تكنولوجيا جديدة في منطقة جديدة، فهذا ما حدث مع دولة الإمارات.

تُخضِع هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) أنظمة التبريد متغير التدفق التي تستخدم الطاقة الشمسية لعمليات اعتماد صارمة، وخاصةً في فئة العاكسات.

IMAGE: نيا

قال عماد في تصريحات أدلى بها لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تتضمن هذه العملية تقديم شهادات اختبار شاملة تُظهِر أداء النظام ومدى امتثاله لمعايير السلامة.” وأضاف: “يتمثل التحدي الرئيس في الوفاء بالمعيار العالي للاستدامة والذي تفرضه السلطات المعنية والحصول على الموافقات اللازمة من السلطات التنظيمية.

ومن الجدير بالذكر أن ديوا توفّر الآن هذا النظام على موقعها على الإنترنت.

يبدو كل هذا إيجابيًا، ولكن ماذا سيحدث عندما تغرب الشمس بينما الجو لا يزال حارًا بحيث يصعُب إيقاف تشغيل مكيفات الهواء؟

يحتوي النظام على اتصال مختلط يتغذّى على الطاقة الشمسية خلال ساعات النهار، ويعتمد تلقائيًا على شبكة الطاقة بمجرد غروب الشمس.

ولكن إذا كنت تفضل الاستمرار في استخدام الطاقة الشمسية خلال ساعات غروب الشمس، تقدم لك “جري” أيضًا قدرات متفاوتة لحلول التخزين لتعبئة تلك الطاقة وتخزينها لاستخدامها في يوم ممطر، ويعني ذلك المرونة للاحتفاظ بالتبريد المستدام على مدار الساعة.

وبينما ترتفع درجة حرارة الكوكب، بات التبريد ضرورة سواءً في الإمارات أو في كافة أنحاء العالم.

يتطرق تحالف التبريد التابع للأمم المتحدة، إلى مسألة توفير التبريد المستدام الذي يُعَد ضروريًا وقد اجتمع أعضاء التحالف في الدنمارك في عام 2019 لمناقشة الحماية البيئية في ظل الحرارة المتصاعدة.

قالت راتشيل كايت، الرئيسة التنفيذية لمنظمة الطاقة المستدامة للجميع التابعة للأمم المتحدة، في خبر صحفي صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة: “بات التبريد ضرورة وليس رفاهيةً في عالم ترتفع فيه درجات الحرارة باستمرار، حيث يحتاج مئات الملايين من البشر المعرّضين للخطر في يومنا هذا بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، للحماية ويتعين علينا حمايتهم على نحو يضمن أيضًا حماية الكوكب من الانبعاثات الكربونية المتزايدة.”

وقد حددت الإمارات لنفسها هدفًا طموحًا يتمثل في تقليل انبعاثاتها الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050 كما هو موضح في استراتيجيتها للطاقة النظيفة لعام 2050.

ويُقدَّر حجم انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ستساعد منظومة التبريد متغير التدفق من “جري” على منعه، بنحو 11,130 كيلوجرام سنويًا لكل منزل عادي.