ألوان الهيدروجين

يعتبر الهيدروجين غازًا غير مرئي لكن يتبع العديد من أشكاله نظام التسمية بالألوان لإتاحة القدرة على التمييز بينها، خاصة التي تعتمد منها على الجزيئات المستخدمة لإنتاج الهيدروجين كمصدر للطاقة.لا يوجد اتفاق عالمي على معنى ألوان الغاز، لذلك قد تتغير المفاهيم بين الدول مع مرور الوقت. وهنا، نعرض لكم دليلنا حول طريقة الفهم العامة لطيف ألوان الهيدروجين:

الرمادي
يمثل هذا اللون الشكل الأكثر شيوعًا في إنتاج الهيدروجين بنسبة تقارب 95%، ويتم إنتاج هذا النوع من المكون الرئيس للغاز الطبيعي (الميثان) من خلال عملية المعالجة بالبخار، حيث يتفاعل الغاز الطبيعي مع البخار في درجات حرارة مرتفعة وضغط عال جدًا لإنتاج غاز الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون الذي يُطلق في الجو بنسبة انبعاث عالمية تساوي 2%.

الأزرق

يتم إنتاج الهيدروجين الأزرق بنفس عملية المعالجة بالبخار التي يتم من خلالها إنتاج الهيدروجين الرمادي، لكن في هذه الحالة يتم التقاط الكربون الناتج وحفظه لتفادي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

الأسود و البنّي
يعتبر هذان الشكلان من غاز الهيدروجين من أكثر الأنواع التي تضر بالبيئة لأنها مصنوعة بواسطة الفحم الحجري الأسود والفحم البني، حيث ينتج عن عملية إنتاج الهيدروجين غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز أول أكسيد الكربون اللذان ينبعثان في الغلاف الجوي.

IMAGE: Unsplash

الأخضر
يتم إنتاج هذا النوع من الهيدروجين من خلال الاستفادة من فائض الطاقة الناتج عن مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح المستخدمة في فصل جزيئات الماء. الجدير بالذكر أنه لا ينتج عن الهيدروجين الأخضر أي انبعاثات ضارة للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإنما ينتج عنه الهيدروجين والأكسجين فقط.

الوردي ، البنفسجي أو الأحمر
تشير هذه الألوان إلى أنه تم إنتاج هذا النوع من الهيدروجين باستخدام الطاقة النووية كمصدر للطاقة لفصل جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين.

الفيروزي
يعتبر اللون الفيروزي أحدث ألوان الهيدروجين الناتج عن عملية تُسمى تحليل الميثان التي تساهم في تحليل الميثان إلى العناصر الأساسية المكونة له وهي الهيدروجين والكربون الصلب، والتي لا تزال تحت التجربة حتى الآن. وقد يتحول الكربون الفيروزي إلى هيدروجين منخفض أو عديم الانبعاثات في حال اعتمدت عملية التحليل على الطاقة المتجددة وتم استخدام الكربون أو حفظه بشكل دائم.

IMAGE: Unsplash

الأصفر
يمثل الهيدروجين الأصفر مصطلحًا جديدًا يعبر عن الهيدروجين الناتج عن التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة الشمسية فقط كمصدر للطاقة، كما يمثل حالة معينة من حالات الهيدروجين الأخضر.

الأبيض
يتكون هذا النوع من الهيدروجين غير الشائع بشكل طبيعي في الرواسب الجيولوجية الناتجة عن تفاعل الماء مع بعض معادن الصخور تحت ضغط ودرجات حرارة مرتفعة. ويُمكن إنتاج الهيدروجين الأبيض من خلال عملية تسمى التكسير، كما إطلاق نفس الاسم على الهيدروجين المنبعث كمنتج ثانوي للعمليات الصناعية.

متى سيتم إطلاق المركبات الكهربائية؟

في يوليو 2022، أفاد محللو وكالة بلومبرغ للأنباء أن الولايات المتحدة وصلت الآن إلى “نقطة التحول” لاعتماد عدد كبير من السكان السيارات الكهربائية. ووفقًا للتقرير، حققت الولايات المتحدة رقمًا معينًا يشير إلى التغير السريع في التكنولوجيات المفضلة لدى الأفراد، وهذا الرقم هو 5%. إضافة لذلك، شكلت مبيعات السيارات الكهربائية نسبة 5% من مبيعات السيارات الجديدة في عام 2022.

الصورة: شتر ستوك
التحديات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط في مجال اعتماد السيارات الكهربائية

افتتحت شركة “إم غلوري القابضة” المحلية في دولة الإمارات مصنعها لتصنيع السيارات الكهربائية في عام 2022 مع خطط لإنتاج 55000 سيارة كهربائية سنويًا لتلبية الطلب المتزايد على التنقل المستدام، على الرغم من العقبات العديدة التي ما تزال تقف في وجه الاستخدام واسع النطاق للمركبات الكهربائية.
Read more›››

يواجه مصنعو السيارات الكهربائية أيضًا التحدي المتمثل في مواكبة الطلب، ليس فقط على المركبات الكهربائية نفسها ولكن أيضًا على الأجزاء المكونة لها، حيث تعتبر قطع الغيار باهظة الثمن مقارنة بالمكونات اللازمة لمركبات الاحتراق الداخلي، ولا تُعتبر سلاسل التوريد متطورة كما يجب وما تزال تعوقها تداعيات جائحة كوفيد-19 على الخدمات اللوجستية في جميع أنحاء العالم. إذًا فالحل يكمن في الشراء المحلي لكن تحتاج الشركات والموردون إلى الوقت الكافي والاستثمار لإنشاء السوق المحلية وخدمتها، وفي القطاعات الصناعية الناشئة، لا يمكن اعتبار ذلك حلًا.

وتشمل قطع الغيار البطاريات والإطارات. وفي هذا الصدد، أعلنت المملكة العربية السعودية عن استثمار بقيمة 6 مليارات دولار أمريكي في مجمع تصنيع الألواح الفولاذية ومصنع بطاريات السيارات الكهربائية في عام 2022 للاستفادة من موقعها الجغرافي على مفترق طرق منتجي المعادن الضرورية، ألا وهي الليثيوم والكوبالت والمنغنيز والنيكل والغرافيت، إلّا أن هذا الاستثمار يتنبأ أيضًا بالحاجة إلى المزيد من البطاريات في سوق السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط أكثر من أي مكان آخر. ببساطة: الشمس وبطاريات السيارات ليسوا على وفاق، فالطقس الحار يعني ارتفاع درجات الحرارة تحت غطاء السيارة، مما يؤدي إلى تسريع عملية التآكل داخل البطارية، وفي السيارة الكهربائية المليئة بالبطاريات، يعد هذا بطبيعة الحال مصدر قلق أكبر بشكل كبير.

إضافة إلى إتلافها، تستنزف الحرارة البطاريات أيضًا، مما يعني استهلاكًا أعلى للطاقة ومسافات أقصر للسائقين، فقد وجدت دراسة أجرتها جمعية السيارات الأمريكية عام 2019 أن السيارة الكهربائية يمكن أن تستهلك طاقة أكبر مما يقلل المسافة التي يمكن أن تقطعها بنسبة تصل إلى 17%، إذا كانت درجة الحرارة أعلى من 35 درجة مئوية باستمرار ، وهو ما يحدث في نصف العام تقريبًا في منطقة الخليج.

يؤدي شحن السيارة الكهربائية إلى زيادة درجة الحرارة التي تتعرض لها البطارية، وبينما يساهم الشحن في المساء في تسهيل العملية على أنظمة التبريد، إلّا أنه يشكل ضغطًا على شبكات الطاقة.

جميعها أمور مترابطة!‹‹‹ Read less

تقول لورين ماكدونالد من شركة “إيفادوبشن” أن مبيعات السيارات الكهربائية في طريقها للتضاعف كل عامين، وتتوقع مجموعة تحليل القطاع وجود 40 مليون مركبة كهربائية في الشوارع الأمريكية بحلول عام 2030، كما تم تسجيل حوالي 276 مليون مركبة في عام 2020.

يرى القطاع الصناعي ضرورة انتشار السيارات الكهربائية، حيث يقول فوجاي تشاندلر، متخصص استراتيجي في الاستثمار في شركة مورغان ستانلي، قد تنمو حصة السيارات الكهربائية من مجموع مبيعات السيارات العالمية من حوالي 7% إلى ما يقارب الـ 90% بحلول عام 2050.

تتعدد أسباب حدوث هذا النمو، فقد يجبر تغير المناخ وعواقبه على سبيل المثال الناس على النظر في تأثيرهم البيئي، كما تعمل الحكومات في جميع أنحاء العالم على تطوير سياسات للحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وزيادة كفاءة استخدام الطاقة أينما كان ذلك ممكنًا. ومن ناحية أخرى، تقترن أسعار الوقود بحالة الاستقرار السياسي وتعتمد عليه بشكل كبير، خاصة في دول قارة أوروبا. ومع ذلك، لا تزال حكومات عدد من الدول مترددة في طرح الوقود الإلكتروني.

ويشير ناصر سالاري، خبير التسويق في جامعة باث سبا، إلى أنه على الرغم من انخفاض معدل نمو السيارات الكهربائية، فإن أحدث تقرير لوكالة الطاقة الدولية لعام 2020 يوضح أرقامًا واعدة في الأسواق الكبرى، حيث وصل المخزون العالمي من السيارات الكهربائية إلى 10 ملايين، بزيادة قدرها 43 بالمائة عن عام 2019. وفي هذا الصدد، تمتلك الصين أكبر أسطول يضم 4.5 مليون سيارة وحققت أوروبا أكبر زيادة سنوية لتصل إلى 3.2 مليون سيارة، كما سُجِّلت 67.100 سيارة كهربائية للركاب في المملكة المتحدة في عام 2020. ويؤكد سالاري أن هذا الأمر واعد، لكن لا يزال موضوع اعتماد السيارات الكهربائية في مراحله المبكرة.

الصورةأبجد

أجرى سالاري بحثًا في المملكة المتحدة يدرس فيه العوامل المؤدية إلى “انخفاض معدلات النمو”، حيث أجرى مقابلات مع 336 فردًا في المملكة المتحدة لتقييم مدى استعدادهم لشراء سيارة كهربائية. وكمعظم المحللين، يتوقع هو الآخر حدوث طفرة في السنوات المقبلة، لا سيما مع تأكيد حكومة المملكة المتحدة مجددًا التزامها بحظر السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل في عام 2030. وفي ظل ضغوط كهذه، سيطغى الطابع الكهربائي على السيارات الجديدة، لكن يبدو أن الناس ما يزالون مترددين في الدخول إلى عالم المستقبل الكهربائي.

الصورة: أبجد

يقول سالاري لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “توجد هناك أسباب مختلفة لذلك، فقد كان هذا هو الحال دائمًا بالنسبة للمنتجات الجديدة: كأول تلفزيون ملون والهاتف الذكي والكاميرات على سبيل المثال، حيث بدأت فئة صغيرة باعتماد هذه المنتجات، ومن ثم تبعتهم الأغلبية. وسيكون الأشخاص المتقبلون لهذه التكنولوجيا بشكل عام أكثر استعدادًا لاستخدام السيارة الكهربائية، حيث يعتبر مؤشر الجاهزية التكنولوجية دليلًا فعالًا في هذا السياق”.


طور المتخصصون مؤشر جاهزية التكنولوجيا في عام 2000، وهو مقياس يُستخدم على نطاق واسع لفهم سلوك درجة التقبل في اعتماد التكنولوجيات المبتكرة والمتزايدة، وأداة قوية للتنبؤ بذلك.

يقول سالاري: “تُظهر بياناتنا عدم وجود فرق بين رغبة كل من الرجال والنساء في شراء سيارة كهربائية أو دفع سعر أعلى للمنتج، ومع ذلك، فإن مؤشر جاهزية التكنولوجيا أعلى بين الرجال منه بين النساء، ويدل ذلك على أن الرجال بشكل عام أكثر استعدادًا لتبني التكنولوجيا الجديدة وامتلاك أغراض جديدة وفريدة من نوعها بشكل عام. ولم تكن هناك أيضًا أية فروق بين الفئات العمرية فيما يتعلق باستعدادهم للشراء، لكنني فوجئت برؤية اختلاف كبير في مدى الدور الذي لعبته حماية البيئة: فقد أعربت الفئة العمرية التي تزيد عن 50 عامًا عن مستويات أعلى من القيم المتعلقة بالاستدامة، مقارنة بالمجموعة التي تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عامًا. ”

الصورة: Unsplash
تقليل أوقات الشحن

يُعتبر وقت الشحن واحدًا من المشكلات المتعلقة بالمركبات الكهربائية، إلّا أن فريقًا في جامعة خليفة يعمل على تقليل هذا الوقت.
Read more›››

يقول فينود خادكيكار، الذي يقود المشروع الذي يموله برنامج “أسباير” في أبوظبي، يمر شحن المركبات الكهربائية عامةً بمرحلتين، فيتحول جهد التيار المتردد في المرحلة الأولى إلى جهد تيار مستمر، لكن يُعتبر جهد التيار المستمر هذا أعلى من جهد بطارية السيارة الكهربائية، ولهذا يستلزم وجود محول قدرة تيار مستمر إضافي لشحن البطارية. تستخدم معظم أجهزة الشحن التجارية الحالية على متن الطائرة محول تصنيع كامل الطاقة في مرحلة التيار المستمر، الأمر الذي يتطلب جهدًا أعلى وتصنيفًا لتيار لمحولات والصمامات الثنائية ويحد من سرعة الشحن، كما يعتمد حجم أي شاحن سيارة كهربائية وتكلفته وكفائته أيضًا، إلى حد كبير على تصنيف الجهاز وعدد مراحل تصنيع الطاقة.

يقترح فريق جامعة خليفة تصميمات جزئية تعتمد على تصنيع الطاقة في مرحلة التيار المستمر والتي تستخدم جزءًا صغيرًا من الطاقة.

“بناءً على هذا، يقل حجم محول التيار المستمر وتكون كفاءة الشاحن عالية (97-99% مع تحويل التوصيل الصعب)، كما يقل تصنيف الجهاز شبه الموصل بصورة كبيرة، مما يساعد على تحقيق كثافة أعلى من الطاقة (حيز أصغر/حجم صغير). يقول خادكيكار في هذا الصدد: “يتيح هذا للمستخدم استخدام الحيز نفسه لتصميم الشاحن للحصول على طاقة أعلى.”span class=”read box-out-readless”>‹‹‹ Read less

ومن المثير للاهتمام أن سالاري وجد أن معظم المستهلكين كانوا أكثر اهتمامًا بالأثر الاقتصادي لمشترياتهم بدلًا من الجانب البيئي: لقد اهتموا باستثماراتهم أكثر من اهتمامهم بمدى استدامتهم.

يضيف سالاري: “يُروَّج للسيارات الكهربائية على أنها صديقة للبيئة، وهي كذلك بالفعل، لكن ليس هذا السبب الذي يحفزهم على شرائها، والمحافظة على البيئة ليس له أي تأثير على شراء سيارة كهربائية وإنما فعاليتها الوظيفية هي التي تشكل أهمية كبيرة”.

ويعتقد العديد من الخبراء، من أمثال سالاري، أن الطلب على السيارات الكهربائية سيزداد عندما تصبح في متناول الجميع. ويتوقع مورغان ستانلي أن استمرار تحسين الأداء والتخفيضات في تكلفة البطاريات (التي تمثل حوالي 35% من إجمالي تكلفة السيارة الكهربائية) يمكن أن يخفض متوسط سعر السيارة الكهربائية إلى 18 ألف دولار بحلول عام 2025.

يقول سالاري أن الأمر يعتمد أيضًا على حوافز المستهلكين: “لا يبادر الناس بشراء السيارات الكهربائية لأنها مفيدة للبيئة، فهم مترددون لأنها باهظة الثمن ولكنهم يؤيدونها لأن تكاليف تشغيلها أرخص بكثير، ويُعتبر السائقون بشكل منتظم أكثر تقبل لاعتماد المركبات الكهربائية بسبب تكاليف الوقود، لذلك يعتمد الأمر كله على كيفية تسويقك لمنتجك، فإذا لم تفِ البيئة بالغرض، ركز في تسويقك على المزايا الاقتصادية”.

ستشهد أسعار المركبات الكهربائية انخفاضًا تدريجيًا مستقبلًا، وهذا هو الحال في الابتكارات الجديدة التي تتميز بارتفاع تكلفتها في بداية إطلاقها ولكن عندما يصبح استخدامها شائعًا تصبح أسعارها معقولة. ولتشجيع ذلك، نحتاج إلى وجود أفراد قادرين على اقتناء السيارات الكهربائية في المراحل المبكرة وإلى الحوافر المقدمة من حكومات الدول لتشجيع الأفراد على ذلك”.

ناصر سالاري،خبير التسويق في جامعة باث سبا

تعتبر الإعفاءات الضريبية وتحسين البنية التحتية هي السبيل للتقدم. وفي هذا الإطار، تستثمر المملكة المتحدة في جاهزية سياراتها الكهربائية: فجهزت أعمدة الإنارة في جميع أنحاء لندن بمستشعرات ونقاط شحن للمركبات الكهربائية لتقليل الانبعاثات والازدحام، كما توفر مواقف سيارات مجانية في العاصمة لسائقي المركبات الكهربائية. علاوة على ذلك، تأتي المنازل حديثة البناء مزودة بمحطات شحن للسيارات الكهربائية، والعديد منها مزود بألواح شمسية لتزويدها بالطاقة.

ومع حصول البنية التحتية للشحن على المزيد من الدعم، ازدادت قوة الإعانات والحوافز، وفرضت الحكومات المزيد من سياسات حظر البنزين، وسوف تستمر مبيعات السيارات الكهربائية في الارتفاع.

يقول سالاري لمجلة جامعة خليفة: “يمكن لهذا الأمر أن يتحقق، ليس بالطريقة التي نرجوها ولكنه في طور الحدوث.

ماذا بعد أن قمنا بالتقاط الكربون؟

تمكن العالم قبل الثورة الصناعية من التخلص من الكربون بشكل كامل بعد أن شكلت انبعاثات الكربون العالمية في العام 2022 أرقامًا قياسية ومخاطر كبيرة محتملة تتمثل في حفظ الكربون تحت الأرض ساهمت جميعها في تعزيز الابتكار في الشركات وإعادة الاستفادة من الكربون الذي تم التقاطه بطرق غير متوقعة.

ولعبت اتفاقية باريس في العام 2015 دورًا بارزًا في إلزام الدول في مختلف أنحاء العالم بالمشاركة في سباق الحياد الكربوني، حيث تعمل هذه الدول على تحقيق أهداف الطاقة المتجددة التي نصت عليها الاتفاقية للسيطرة على الغازات المسببة للاحتباس الحراري كالتقاط الكربون مثلًا.

هل هي طبيعية أم اصطناعية؟

يعتبر التقاط الكربون عملية استرجاع انبعاثات الكربون من الغلاف الجوي وحفظه، حيث يمكن أن تكون العملية طبيعية أو اصطناعية.

وتتم عملية جمع الكربون وحفظه بشكل طبيعي من خلال مجموعة من العناصر الموجودة في المنظومة البيئية في الكوكب. فعلى سبيل المثال، تتمتع الأشجار بآلية فعالة في التقاط الكربون وحفظه، حيث تقوم الأوراق بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عبر عملية تُعرف بالتمثيل الضوئي. ومن جهة أخرى، قد يتم إعادة إطلاق الكربون إلى الغلاف الجوي في حال قطع الأشجار وحرقها للحصول على الحطب.

تمثل محيطات العالم أكبر مصدر لعملية التقاط الكربون بشكل طبيعي، حيث تساهم المحيطات وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة بامتصاص حوالي 25% من مجموع انبعاث غازات الاحتباس الحراري و90% من فائض الحرارة التي تسببها تلك الانبعاثات.

يطلق على عملية التقاط الكربون الطبيعية اسم (دورة الكربون)، ولكن تكمن المشكلة في أنه يتعذر على المنظومة البيئية العالمية مواكبة انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري التي ينتجها الإنسان بشكل متزايد.

وهنا، تظهر الحاجة إلى عمليات التقاط الكربون الاصطناعية.

يهدف تصميم عمليات التقاط الكربون إلى إزالة الكربون من المخلفات الصناعية ومن الغلاف الجوي، وتحظى محطات التقاط الكربون بجدران ذات مراوح ضخمة تساهم في امتصاص الهواء وإزالة الكربون منه وتحويله إلى مادة سائلة ليتم حفظها تحت الأرض أو ضخها في آبار النفط لتسهيل عمليات التنقيب. وعلى الرغم من ذلك، توجد العديد من التحديات التي تواجه التقاط الكربون.

تتطلب محطات التقاط الكربون الكبيرة كمًا هائلًا من الطاقة التي تأتي على شكل مواد لبناء المرافق وإنتاج الطاقة اللازمة لتشغيلها. إضافة لذلك، يوجد هناك العديد من المخاطر التي تترتب على حفظ ثاني أكسيد الكربون تتمثل في تسربه من مناطق حفظه مسببًا التلوث لمصادر المياه وصولًا إلى سطح الأرض وبالتالي تلوث الهواء مرة أخرى.

الأسباب التي تدعو للقلق

يشكل الضغط الناجم عن ضخ الكربون تحت الأرض مصدر قلق كبير يتمثل في حدوث نشاط زلزالي ونشوب جدل حول احتمالية أن يساهم التقاط الكربون وحفظه في تعزيز استخدام الوقود الأحفوري. وذكر تقرير صادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي عام 2022: “يُستخدم الكربون الذي يتم تجميعه في استخراج النفط المحسن” و”لا يمكن اعتبار إنتاج النفط المحسن حلًا لمشكلة المناخ”.

إن الحد من استخدام النفط، يُعد واحدة من أكثر الطرق الشائعة المتبعة في سياق التقاط الكربون، ولكن تقوم بعض الشركات في الوقت الحالي بالابتكار في مجال إدارة الكربون بطرق جديدة متميزة.

تسعى العديد من الشركات الكبيرة إلى شراء مشاريع تعويض الكربون التي تهدف إلى الحد من الآثار الكربونية. ويمكن للأفراد أيضًا شراء تلك التعويضات، ومن الشركات التي قامت ببيع الأفراد تعويضات للآثار الكربونية شركة “كلايم ووركس” في سويسرا التي تركز على إزالة الكربون وتساهم في التقاط 900 طن من الكربون سنويًا. كما يمكن أيضًا أن يقوم الأفراد بتقديم ما يشترون من تعويضات كربونية كهدية خضراء باسم شخص آخر. تساهم شركة كلايم ووركس بإنتاج فقاعات ثاني أكسيد الكربون الموجودة في المشروبات الكربونية مثل كوكاكولا.

وفقًا للشركة، يُساهم التقاط الكربون في تخفيف انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة للاحتباس الحراري بنسبة80% مقارنة بالوقود التقليدي. وبذلك، عقدت شركة تويلف مذكرة تفاهم مع مجموعة ألاسكا الجوية ومايكروسوفت للتعاون في اختبار الوقود على طائرة تجارية.

الانطلاق في هذا المجال

قال نيكولاس فلاندرز، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تويلف خلال إعلان الشراكة: “يمكننا الآن، من خلال إنتاج هذا النوع من وقود الطائرات الناتج عن ثاني أكسيد الكربون، إغلاق دورة الكربون بشكل سريع وفعال وإتاحة الفرصة أمام الأعمال التجارية للاستفادة من هذه الانبعاثات بشكل مستدام لتشغيل رحلات الطيران”. ويذكر أنه لم يتم الإعلان عن تاريخ اختبار عمليات الطيران التجارية، كما ذكرت مجموعة عمل النقل الجوي في تقرير لها أن قطاع الطيران يستفيد من انبعاثات الكربون بنسبة 12% دونًا عن غيره من قطاعات النقل الأخرى.

وقد يقوم بعض المسافرين عبر رحلات الطيران التجارية الخضراء بغسيل الملابس بطريقة آمنة على البيئة باستخدام كبسولات غسيل الملابس المصنوعة من الكربون الذي تم جمعه من الغلاف الجوي.

وبدأت شركة يونيليفر، التي تساهم في إنتاج أكثر من 400 علامة تجارية خاصة بالمنتجات المنزلية تشمل أومو ودوف وبين آند جيريز، بالتزام يستمر لعقود لخفض آثارها البيئية إلى النصف بحلول العام 2030، حيث كان الوقود الأحفوري أحد المكونات المستخدمة في صناعة كبسولات مسحوق الغسيل أومو (برسيل)، لكن أطلقت يونيليفر في يوم الأرض العالمي 2021 كبسولات لغسيل الملابس ولفترة محدودة تقوم على الكربون بدلًا من الوقود الأحفوري. وبذلك، ساهمت يونيليفر من خلال هذه العملية الجديدة بتقليل كثافة الكربون بنسبة 82%، كما تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني في خط الإنتاج بحلول العام 2039.

يذكر أنه على الرغم من كميات الكربون الكبيرة التي تتم إزالتها وطرق حفظها والأساليب المبتكرة في إعادة استخدام الكربون، يظل موضوع الحياد الكربوني هدفًا صعب التحقيق. وتشير تقديرات المعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه 2021 إلى أنه للوصول لأهداف منتصف القرن، يجب زيادة عدد مرافق التقاط الكربون ومضاعفتها بمقدار 100 مرة، حيث يبلغ عددها في الوقت الحالي 27 مرفقًا.

تطوير اقتصاد الهيدروجين

يعتبر الهيدروجين البديل الأمثل للطاقة. لكن هل وصلنا للمرحلة التي يمكن أن يتحقق فيها ذلك؟

تمت صياغة هذا المصطلح من قبل جون بوكريس في العام 1970 خلال كلمته التي ألقاها في مركز جنرال موتورز التقني ليشير إلى البنية التحتية التي تساهم في توفير طاقة الهيدروجين للقطاعات الاقتصادية التي يصعب عليها التخلص من الكربون كقطاع تكرير النفط وصناعة الفولاذ والإسمنت، إضافة لتزويد وسائل النقل الأرضية والجوية بالوقود.

وتكمن أهمية الهيدروجين كطريقة للتخلص من الكربون في تلك القطاعات الصناعية في أنه طاقة متجددة ولا يشكل ضغطًا على شبكات الكهرباء ويمكن إنتاجه وحفظه في الأوقات التي تتوفر فيها كميات كبيرة من الطاقة المتجددة، كما يمكن الاستفادة منه بسهولة حتى في حال وصول الطلب على الطاقة ذروته. ويتميز الهيدروجين بقدرته على الحد من التلوث لأنه عندما يحترق ينتج عنه حرارة وماء فقط ويمكن إنتاجه محليًا من مجموعة من المواد، كما يمكن أن يساهم في توفير الوظائف لـ 30 مليون فرد بمجموع إيرادات يصل إلى 2.5 ترليون دولار أمريكي في السنة بحلول العام 2050، وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن شركة الاستشارات في الإدارة العالمية “ماكنزي

الصورة Unsplash
الحل يكمن في مراكز إنتاج الهيدروجين

قال ستيف غريفيث، نائب الرئيس الأول للبحث والتطوير في جامعة خليفة، يمكن أن يُعتبر إنشاء واحات الهيدروجين، والتي تسمى أيضًا بالمراكز أو المجموعات أو الوديان، الجانب الأكثر أهمية في الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في دولة الإمارات.
Read more›››

“تسمح المجموعات بالتوفيق بين إنتاج الهيدروجين النظيف مع المشترين الصناعيين للهيدروجين مع الحد الأدنى من الحاجة لتخزين الهيدروجين ونقله، وكلاهما يمكن أن يزيد بشكل كبير من تكلفة الهيدروجين المرتبطة بمصاريف النقل. ويمكن نشر التكنولوجيات التي أثبتت فعاليتها في مجموعات، في الوقت الذي يواصل فيه البحث والتطوير جهوده لتحسين التكنولوجيات في سلسلة الهيدروجين.”

ويتوقع ستيف أن أفضل القطاعات الصناعية التي ستعتمد على الهيدروجين النظيف في دولة الإمارات بحلول العام 2030 هي قطاع تكرير النفط والمواد الكيميائية والحديد والصلب والألومنيوم.
وقال: “سيُساهم البحث والتطوير المتواصل في تمكين الهيدروجين ليصبح قابلًا للاستخدام التجاري واسع النطاق، خاصة كوقود مستدام للطيران ووقود للشحن البحري، بحلول عام 2030”.

وأكد على الدور المحوري لعمليات البحث والتطوير في جامعة خليفة والذي يتمثل في دعم تصدير الهيدروجين إلى الخارج عن طريق الأمونيا وغيره من الأساليب الحديثة والمبتكرة.

قال ستيف: “لقد أنشأنا مركز الابتكار والبحوث في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين في جامعة خليفة لتحقيق مثل هذه الابتكارات التي تخدم المستقبل، ونتابع أيضًا إجراء البحوث المتقدمة في الهيدروجين ونواصل دعم التطوير وتنفيذ المشاريع مع الشركاء مثل شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” وشركة حديد الإمارات أركان”. ‹‹‹ Read less

ولكن لم يحدث أي شيء، خلال الخمس سنوات الأخيرة، للمضي بهذه التكنولوجيا إلى مكانها الذي نطمح له كلاعب أساسي في عملية تحول الطاقة في العالم.

وفي هذا الصدد، قالت لورديس فيرغا، مديرة مركز الابتكار والبحوث في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين في جامعة خليفة: “تم إنتاج الهيدروجين منذ فترة طويلة للاستفادة منه في محطات تكرير النفط وفي الأسمدة، وقد تطورت هذه التكنولوجيا لتساهم في تحسين فعالية تلك الصناعات. وفي الوقت الحاضر، يختلف الاهتمام في طريقة الاستفادة من الهيدروجين والتي تتمثل في كونها تكنولوجيا لحفظ الطاقة لأمد طويل إلى جانب الطاقة المتجددة واستخدامها في التخلص من الكربون في القطاعات التي يصعب فيها إزالة الكربون. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الهيدروجين منخفض الكربون أو الهيدروجين الأخضر، وهنا تتضح أهمية الحاجة إلى تحسين هذه التكنولوجيا للحد من تكاليفها”.

وتسعى الشركات والمؤسسات في مختلف دول العالم إلى تحقيق هدف اتفاق باريس في الحد من ارتفاع درجة الحرارة عالميًا 1.5 درجة سلسيوسية، حيث اتجهت الأنظار مجددًا إلى اقتصاد الهيدروجين لإيجاد الحلول لهذه المشكلات التي تحول دون تقدم اقتصاد الهيدروجين. لذلك، يجب إيجاد طريقة معتمدة لتحقيق التوازن ما بين التكلفة الاقتصادية المعقولة وإمكانية الوصول لانبعاثات قليلة الأثر في الاحتباس الحراري.

يعتبر الهيدروجين عاملًا هامًا في العديد من الاستراتيجيات التي وضعتها 75 دولة كحد أدنى في سعيها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050 وفقًا للورقة البحثية التي أجراها باحثون من الأكاديمية البولندية للعلوم.

إضافة لذلك، قامت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بتحديد الهيدروجين كواحدة من ست طرق تكنولوجية قادرة على تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050.

قصة تطور كبيرة

أبدت العديد من الدول اهتمامًا بالهيدروجين، حيث قدمت لجنة من مجلس العموم البريطاني تقريرًا في ديسمبر 2022 يتمحور حول مستقبل الهيدروجين في المملكة المتحدة وخلُص التقرير إلى أن الهيدروجين قد لا يكون الحل السحري لمشكلات الطاقة في المملكة المتحدة، إلا أنه قد يساهم بدور رئيس في القطاعات الاقتصادية، ليصبح قصة تطور كبيرة خلال الثلاثين عامًا القادمة.

وتعتبر المجالات الأنسب للاستفادة من الهيدروجين هي المجالات التي يصعب تأمينها بالكهرباء كتلك التي تتضمن أجزاء من شبكة السكك الحديدية ووسائل النقل الثقيلة والمجالات التي لا تتطلب شبكات واسعة النطاق لإعادة تعبئة الوقود كخدمات الحافلات المحلية. ووفقًا لما ذكرته لورديس، تكمن فائدة الهيدروجين لخدمات الحافلات في أن هذه المركبات يمكن تشغيلها لفترات أطول من المركبات التي تعتمد على البطاريات الكهربائية.

وتشمل القطاعات التي قد تستفيد من الهيدروجين بشكل كبير، بعيدًا عن المجالات التقليدية كمصافي تكرير النفط والمواد الكيميائية والأسمدة) الصناعات التعدينية والإسمنت ووسائل النقل الثقيل. وقالت لورديس: “يمكن الاستفادة من الهيدروجين في القطاعات التي تقوم على الطاقة الحرارية والطاقة الكهربائية في الأسواق ذات الإمكانات الكبيرة ليحل محل الغاز الطبيعي”. ومن جهة أخرى، يمكن الاستفادة من الهيدروجين الأخضر المدمج مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج وقود اصطناعي كالميثان والميثانول المعروفَين باسم الميثان الكهربائي والميثانول الكهربائي.

أعلنت الولايات المتحدة في العام 2021 عن أن أول برنامج لمبادرتها “الطاقة الأرضية”، التي يهدف إلى تسريع عمليات التطوير في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، حيث ستكز على الهيدروجين. ويتمثل الهدف من حقن الهيدروجين في الحد من تكلفة الهيدروجين بنسبة 80% لتصبح 1 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد خلال مدة عقد واحد.

الصورة Freepik/Unsplash
هدية من البحر

يُعتبر الهيدروجين المستدام الشكل “الأنظف” للهيدروجين، حيث نحصل عليه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة عند تقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين دون أي انبعاثات غازات دفيئة. قال مجموعة من الباحثين الأستراليين في بداية عام 2023 أنهم صنعوه من مياه البحر دون الحاجة إلى القيام بعمليات معالجة مسبقة مرتفعة التكاليف أو مواد محفزة. Read more›››

قال شيزانغ تشياو من جامعة أديلايد عبر غرفة الأخبار بالجامعة: “قسمنا مياه البحر الطبيعية إلى أكسجين وهيدروجين بكفاءة تُقارب 100% لإنتاج الهيدروجين المستدام عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام محفز منخفض التكلفة ومحلل كهربائي تجاري”.

قال شيزانغ أن الفريق استخدم مياه البحر كمادة خام دون الحاجة إلى أي عمليات معالجة مسبقة كالتناضح العكسي والتنقية وعمليات التحويل القلوي.
وأشار الفريق إلى مياه البحر في ورقته البحثية التي نُشرت في مجلة “نيشتر إنيرجي”، باعتبارها “موردًا لا ينضب تقريبًا” لإنتاج الهيدروجين.

يعمل باحثون من جامعة خليفة، بقيادة فيصل المرزوقي وتيجون زانغ، أيضًا على تقنيات لتوليد الهيدروجين من مياه الصرف الصناعية الملوَّثة بالمعادن الثقيلة ومياه الصرف الناتجة عن استخدام المغاسل الصناعية والتجميلية ومياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية.

ويلفت فيصل المزروعي النظر إلى أن هذه هي مجرد بداية.
ويقول: “لا يزال هذا البحث في مراحله الاستهلالية. وقد يستغرق الأمر وقتًا يتراوح من 5 إلى 10 سنوات، في حال توافرت الموارد الكافية لهذا المجال”. ‹‹‹ Read less

تعد التكلفة، كغيرها من الأمور الأخرى، عاملًا هامًا.

تعتمد التكلفة المالية والكربون الذي يتم إنتاجه على آلية إنتاج الهيدروجين (شاهد الرسم البياني في مقال “ألوان الهيدروجين”)، حيث تعتبر أنواع الهيدروجين الأخضر أعلى تكلفة، لذلك فهي تمثل نسبة صغيرة من مجموعة الهيدروجين الذي يتم إنتاجه. ويتم إنتاج معظم الهيدروجين اليوم من خلال الاستعانة بالوقود الأحفوري، الميثان، المسبب لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 2% من مجموع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. وحسب تنبؤات الوكالة الدولية للطاقة، سيظل الوقود الأحفوري المصدر الأساسي للهيدروجين في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان لغاية العام 2050.

وفي هذا الإطار، ترى لورديس أنه مع تقدم التكنولوجيات وانخفاض التكاليف ستنتقل القطاعات من الهيدروجين الرمادي إلى الهيدروجين الأزرق من الهيدروجين الأزرق إلى الهيدروجين الأخضر وانخفاض التكاليف مع تقدم التكنولوجيا.

أهداف دولة الإمارات

يؤدي الوقود الأحفوري دورًا مهمًا في أهداف دولة الإمارات التي تم الإعلان عنها في يناير 2022 بهدف مراقبة 25% من سوق الهيدروجين العالمي باستخدام الغاز الطبيعي الناتج عن التقاط ثاني أكسيد الكربون (الهيدروجين الأزرق) والهيدروجين الأخضر. وتسعى مبادرة قيادة الإمارات في مجال الهيدروجين إلى التعاون في مجال البحث والتطوير في مختلف الصناعات، وذلك وفقًا لوكالة أنباء الإمارات، التي تعتبر الوكالة الرسمية للأخبار المحلية في الدولة. وتشمل الأسواق المستهدفة كلًا من اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والهند، كما انضمت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، وهي واحدة من أكبر الشركات في دولة الإمارات، إلى هذه المبادرة في سبتمبر 2022.

من جانبه، قال معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات: “ترى دولة الإمارات الهيدروجين كوقود واعد مستقبلًا في مجال تحقيق الحياد الكربوني، ويتجسد ذلك في المبادرة الاستراتيجية لعام 2050. وستساهم الشراكات في هذا الجانب في تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجدد”.

وحسب استراتيجية الطاقة 2050 التي وضعتها وزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات، والتي تم تحديثها في يوليو 2023، تسعى الدولة إلى ما يلي:

  • تطوير سلسلة إمدادات مرنة للهيدروجين لدعم نمو الصناعة المحلية
  • تعزيز دور دولة الإمارات كمنتجة وموردة عالمية رائدة للهيدروجين منخفض الكربون
  • تعزيز الابتكار في المناطق الصناعية في الدولة.
  • تطوير اقتصاد الهيدروجين وتطبيقه على أكمل وجه، حيث ستعزز السياسات الواضحة دور المستثمرين، مما ينعكس على القطاع ككل

وصرح سعادة المهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة والبترول في دولة الإمارات، لوكالة رويترز أن دولة الإمارات تهدف إلى إنتاج 1.4 مليون طن من الهيدروجين سنويًا بحلول العام 2031.

ويتوقع أن تنتج شركة مصدر المتخصصة بالطاقة 1 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول العام 2031. وتمثل كمية الهيدروجين المتبقية 0.4 مليون طن هيدروجين أزرق، والذي سيتم إنتاجه باستخدام الغاز الطبيعي المكون نتيجة التقاط ثاني أكسيد الكربون وحفظه.

IMAGE: Unsplash
إزالة الكربون من محركات الديزل

تطلق الصناعات الثقيلة حوالي 6 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي حوالي سدس إجمالي الإنتاج العالمي، إلّا أن محرك الديزل والهيدروجين من أستراليا الملقب بـ “الطفل رقم اثنين”، يمكن أن يساعد في خفض هذا الرقم. Read more›››

وأكد المهندسون في جامعة نيو ساوث ويلز على أنهم قاموا بتعديل محرك ديزل تقليدي ليعمل بالهيدروجين وكمية صغيرة من الديزل، مما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تزيد عن 85%.

وصرح شون كوك لموقع بي بي سي بأن الحل يكمن في إدخال الهيدروجين إلى خليط الوقود في اللحظة المناسبة، وإلا فإنه سيساهم في التسبب بصنع مادة متفجرة تقوم بحرق النظام بأكمله.

وقال الفريق أنه يمكن تحديث شاحنات ومعدات الديزل في قطاعات كالتعدين والزراعة باستخدام هذه التكنولوجيا بسرعة نسبية.
‹‹‹ Read less

وأشار سعادة المهندس شريف العلماء خلال حديثه مع وكالة رويترز إلى أن أهداف العام 2031 تتكون من واحتين للهيدروجين أو مناطق إنتاج الهيدروجين تقعان في منطقتي الرويس ومدينة خليفة الصناعية (كيزاد)، كما سيتوفر خمس مناطق بحلول العام 2050. ويأتي ذلك في إطار المقترحات التي عقبت مبادرة باريس للابتكار في الهيدروجين النظيف والرامية إلى تعزيز مناطق إنتاج الهيدروجين.

وتنسجم أهداف دولة الإمارات في إنتاج الهيدروجين، القائم على الوقود الأحفوري، مع التطورات المرجوة في مجال الهيدروجين منخفض الكربون. ويطمح داريل ويلسون، المدير التنفيذي لمجلس الهيدروجين في بلجيكا، إلى أن يرى ذلك في جميع أنحاء العالم.

وفي هذا السياق قال داريل: “يمكن القول أن الهيدروجين منخفض الكربون هو الهيدروجين المشتق من الوقود الأحفوري القائم على التقاط الكربون وحفظه، ويتميز هذا النوع من الهيدروجين بانخفاض تكلفته الاقتصادية وسرعة الحصول عليه وسهولة التوسع به مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة في العديد من المناطق كمنطقة شمال إفريقيا”. يذكر أن داريل يمتلك مجموعة من الشركات تتألف من 132 شركة في مجالات الطاقة والنقل والصناعة والاستثمار وتركز جميعها على بناء اقتصاد الهيدروجين.

بناء البنية التحتية

وفقًا لداريل، لا تزال البنية التحتية لاقتصاد الهيدروجين في مراحلها الأولى، مضيفًا أن الاضطرابات في أسواق الطاقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا أدت إلى تسريع الترابط الإقليمي من شمال إفريقيا إلى أوروبا.

وقال في حواره مع المجلة: “تم اقتراح إنشاء خطوط أنابيب بدعم من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى إنشاء خطوط أخرى عبر شبه الجزيرة الإيبيرية وشمالًا عبر إيطاليا. ويجري في الوقت الراهن تطوير البنية التحتية للمحطة البحرية، لأننا نسعى إلى نقل كميات كبيرة من الهيدروجين ومشتقاته من مصادره في أستراليا إلى اليابان وكوريا.”

ترى لورديس فيغا أن التغييرات تأتي غالبًا نتيجة لتسارع الوعي بالحاجة إلى مصادر طاقة مستقلة يمكن إنتاجها بشكل مستدام بالاستعانة بالموارد المحلية.

وأشار المدير التنفيذي في مجلس الهيدروجين، داريل ويلسون، إلى أن البنية التحتية ستكون مماثلة لما استخدمه قطاع صناعة الطاقة في السابق، على الرغم من أن المواد قد تكون جديدة، ويعتبر ذلك أمرًا جيدًا”.

يجب أن تُطبَّق السياسات على مستوى عالمي لتطوير اقتصاد الهيدروجين وتطبيقه على أكمل وجه، حيث ستعزز السياسات الواضحة دور المستثمرين، مما ينعكس على القطاع ككل

لورديس فيغا


“سيساهم كل من الأمونيا والكيروسين الإلكتروني والميثانول بدور الناقلات في التجارة البحرية. ومن الناحية التقنية، يوجد العديد من النقاط المشتركة ما بين كل من تطوير خطوط الغاز الطبيعي ونقل الغاز الطبيعي السائل المبرد وتطوير نقل البضائع عن طريق البحر. ويعتبر نطاق الاستفادة من الهيدروجين موضوعًا جديدًا لكن الهندسة الأساسية والتقنيات المستخدمة في هذا السياق أمرًا ليس جديدًا في هذا القطاع الصناعي”.
وأعربت لورديس عن وجهة نظر عديدة الجوانب في هذا الشأن.

وقالت: “يُعد الهيدروجين والغاز الطبيعي مادتين أساسيتين في القطاعات الصناعية، إلّا أنهما لا يتشابهان في التكنولوجيات والبنية التحتية اللازمة لإنتاجهما ولا حتى النقل والتخزين”.

وتلعب الحكومات دورًا بارزًا في تطوير مستقبل الهيدروجين، حسب ما يراه داريل، حيث قال: “يمكن لحكومات الدول تطوير مستقبل الهيدروجين عن طريق تمويل تكاليف التقنيات المستدامة خلال عملية التحول وتوفير نظام سياسي واضح ومستقر لدعم قرارات الاستثمار طويلة الأجل وتطوير منصات المعايير القابلة للتداول.”

وأكدت لورديس على أن التطوير يتجاوز قرارات الدول منفردة، وقالت: “يجب أن تُطبَّق السياسات على مستوى عالمي لتطوير اقتصاد الهيدروجين وتطبيقه على أكمل وجه، حيث ستعزز السياسات الواضحة دور المستثمرين، مما ينعكس على القطاع ككل.”

وعلق داريل مضيفًا: “قد لا يكون الأمر واضحًا بالنسبة للسكان عندما نصل إلى مستقبل الهيدروجين، حيث سيقودون الحافلات التي تعمل بوقود الهيدروجين متجاهلين البنية التحتية التي تدعمها، لكنهم سيحققون فائدة الاستقرار طويل الأمد في التكاليف وأمن في الإمدادات من مصادر الطاقة المتجددة المحلية، وذلك على عكس موقفنا المتردد حيال مواردنا الحالية المعتمدة على طاقة الوقود الأحفوري”.