بناء مواد خرسانية أفضل

يحظى قطاع الطيران، من بين مختلف القطاعات الهامة، باهتمام كبير في مجال إنتاج الكربون. ولكن سنركز هنا على ما هو تحت الطائرات من أبنية وجسور وشوارع وسدود والطرق المصنوعة جميعها من المواد الخرسانية.

تشكل نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج عن مواد البناء 8% من مجموع الانبعاثات الكربونية في العالم، في حين وصلت نسبة انبعاثات الكربون الناتجة عن قطاع الطيران 2.5%، وقد تتفاوت التقديرات٫.

تحدث انبعاثات المواد الخرسانية عند تسخين الحجر الجيري (كربونات الكالسيوم) مع الطين لدرجة حرارة 1,400 سلسيوسية في أفران متخصصة لإنتاج الإسمنت، وهو المكون الأساسي في مواد البناء. وتساهم عملية التسخين في دمج كربونات الكالسيوم مع سيليكات الكالسيوم والذي يعرف في القطاع الصناعي باسم الحصى.

الحصى هي المادة الرابطة التي تمنح الخرسانة خصائصها الهيكلية، ولكن تساهم هذه العملية بإنتاج ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة، حيث تتراوح كميات ثاني أكسيد الكربون الناتجة ما بين 650 كيلوغرام و900 كيلوغرام يتم إطلاقها إلى الغلاف الجوي عند إنتاج طن واحد من الإسمنت.

IMAGE: Unsplash
حفظ الكربون في الخرسانة

قد تكون الطريقة الأفضل لحفظ الكربون على بعد خطوات من رصيفك. Read more›››

قامت شركتان وهما، هيرلوم كاربون تكنولوجيز وكاربونكيور ، في بداية العام 2023 باختبار يهدف إلى دمج ثاني أكسيد الكربون مع الخرسانة المصبوبة حديثًا. وقد وكان هذا الاختبار بسيطًا، حيث اعتمد على الاستعانة بما يقارب 37 كيلوغرام من الكربون، إلا أن هذه العملية أكدت إمكانية مساهمة قطاع صناعة الخرسانة في الحد من الآثار الكربونية الناتجة عنه.

وقالت أنو خان من المؤسسة البيئية (كاربون 180) في حديث لها مع صحيفة واشنطن بوست: “تعتبر تلك العملية فعالة في إطار منظومة إزالة الكربون واسعة النطاق، لا سيما أن إيجاد طريقة لحفظ الكربون بشكل دائم يشكل تحديًا كبيرًا”.‹‹‹ Read less

IMAGE: Unsplash
قد يصبح الخشب الخرسانة الجديدة

في سباق المواد الإنشائية الأكثر استدامة، تعود الأخشاب إلى الظهور من جديد. Read more›››

لا نقصد هنا الخشب التقليدي، وإنما الخشب الضخم المصمم بأسلوب هندسي من طبقات الخشب المرتبطة ببعضها، والتي أصبحت تعتبر أكثر أمنًا على البيئة وبديل للفولاذ والخرسانة.

يشير أنصار هذه التكنولوجيا إلى جماليتها ومتانتها الهيكلية وسهولة بنائها، إضافة إلى أنها منخفضة الأثر الكربوني.

وقال أنتوني وود، مدير الأبنية المرتفعة والعمران العمودي في معهد إلينوي للتكنولوجيا ورئيس مجلس الأبنية المرتفعة والمساكن الحضرية، لموقع BBC.com: “تشكل كمية الطاقة اللازمة لإنتاج الخشب الضخم جزءًا بسيطًا من حجم الطاقة اللازمة لإنتاج نفس المواد من الفولاذ والخرسانة.

هناك فائدة أخرى أيضًا.

وأضاف أنتوني: “تساهم هذه الأخشاب خلال عملية نموها بامتصاص الكربون من الغلاف الجوي”.‹‹‹ Read less

ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة، ارتفعت معدلات إنتاج الإسمنت بنسبة تقارب 1.5% في السنة من العام 2015 لغاية 2021 ويُتوقع أن يشهد إنتاج الإسمنت ارتفاعًا عالميًا في الطلب عليه. ولتحقيق أهداف الحياد الكربوني، ترى الوكالة الدولية للطاقة ضرورة انخفاض إنتاج الإسمنت بنسبة سنوية تساوي 3% بحلول العام 2030.

مادة مبتكرة

توجد مجموعة من الاستراتيجيات التي تساهم في الحد من تلك الانبعاثات تتضمن تحسين كفاءة الطاقة والاعتماد على وقود منخفض الكربون وزيادة فعالية العمليات لإنتاج كميات أقل من النفايات والتحول إلى تقنيات البناء التي تشمل الوحدات الإسمنتية مسبقة الصنع التي تقلل الاعتماد على الخرسانة.

وهناك استراتيجية أكثر فعالية هي، استخدام مواد مبتكرة لصناعة خرسانة أفضل.

ومن المواد المبتكرة التي تبشر بمستقبل واعد في صناعة المواد الخرسانية هي الغرافين. تتكون مادة الغرافين من طبقة واحدة من ذرات الكربون التي تشكل شبكة سداسية الشكل، وتتميز بمرونتها وخفة وزنها وصلابتها ومقاومتها العالية، حيث أنها تحظى بفعالية بمقدار 200 ضعف فعالية الفولاذ ووزن أخف من الألومنيوم بمقدار 5 مرات.

يقوم الغرافين بنقل هذه الخصائص إلى المواد الخرسانية عند إضافته إليها، ويساهم في التقليل من كمية الحصى المُنتِج لثاني أكسيد الكربون دون التأثير على أدائه.

وفي هذا الصدد، توصل فريق من جامعة إكستر في المملكة المتحدة من خلال ورقة بحثية نشرها في العام 2018 إلى أن المادة الخرسانية المصممة بهندسة نانوية أظهرت مجموعة من الخصائص المعززة مقارنة بالخرسانة التقليدية، وتشمل هذه الخصائص زيادة وصلت إلى 146% في القوة الضاغطة ونسبة 79.5% في قوة الانثناء.

وأشار الباحثون أيضًا إلى وجود انخفاض في نفاذية المياه بنسبة 400%، الأمر الذي يدل على أن هذه المادة المركبة قد تكون الأمثل في مجال إنشاء الهياكل في المناطق المعرضة للفيضانات.

ولايزال هناك المزيد!

ذكرت مونيكا كراسيون، وهي واحدة من المشاركين في كتابة الورقة البحثية في 2018: “يمكننا من خلال الاستعانة بمادة الغرافين الحد من كميات المواد اللازمة لصناعة الخرسانة بنسبة 50%، مما سيؤدي إلى انخفاض ملحوظ بانبعاثات الكربون بمقدار 446 كيلوغرام لكل طن”.

ومؤخرًا، خلص فريق يضم باحثين من جامعات فرنسية وبولندية في عام 2021، إلى حقيقة أن دمج المواد الغرافينية في المواد الخرسانية يضفي عليها خصائص ووظائف جديدة تتيح إمكانية بناء المنشآت الذكية ومتعددة المهام. ويمكن للغرافين، إذا تم الاستفادة منه كمادة استشعارية، أن يعزز عمليات رصد الأبنية لحمايتها من أي أضرار.

تخطي العقبات

وعلى الرغم من أن فريق جامعة إكستر كان متفائلًا بشأن قدرات مادة الغرافين، إلا أنه واجه بعض العقبات التي حالت دون تحقيق عمليات التنفيذ على نطاق واسع ولاحظ أن إضافة المادة إلى الإسمنت الجاف أمر مكلف ومعقد وصعب التنفيذ على نطاق واسع.

وتقوم “فيرست غرافين”، الشركة التي أنشئت بدعم من جامعة أديلايد في أستراليا، بإيجاد الحلول لهذه التحديات المحددة في بحث العام 2018.

وقال مايكل بيل، المدير الإداري والرئيس التنفيذي لشركة غرافين فيرست، لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “نقوم في الوقت الحالي بتطوير التجارب على نطاق تجاري لتحسين الإسمنت والخرسانة وفي نفس الوقت نساهم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.

ويُتوقع أن تُظهر هذه التجارب نسبة الانخفاض في كميات الحصى ومقدار الزيادة في الفعالية التي قد تساهم في الحصول على ألواح من الإسمنت أقل سمكًا، إضافة لتوفير معلومات حول حجم الانخفاض في كميات ثاني أكسيد الكربون.

وتعاونت فيرست غرافين أيضًا مع جامعة ولونغونغ في أستراليا وسلطة المياه الأسترالية بهدف بحث تأثير استخدام المواد الغرافينية المعززة على إطالة عمر أنابيب مياه الصرف، حيث نشروا نتائج هذه الدراسة في العام 2022.

وأضاف مايكل: “أثبتت التجارب فعالية الغرافين وإمكاناته المتميزة ومقاومته المحسَّنة للتآكل الناتج عن الكبريتات والكلوريد”.

التحديات في منطقة الشرق الأوسط

تسعى جامعة خليفة في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات، إلى البحث عن طرق جديدة لتحسين أداء الخرسانة بواسطة مادة الغرافين التي أثبتت فعاليتها في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من الظروف الجوية القاسية المتمثلة بالرطوبة العالية وارتفاع درجات الحرارة والملوحة، وفقًا لما قاله حسان عرفات، مدير أول لمركز البحوث والابتكارات في الغرافين والمواد ثنائية الأبعاد في جامعة خليفة.

IMAGE: Unsplash
الرومان قاموا بذلك بشكل أفضل

قد تتعرض الخرسانة الحديثة للانهيار خلال 50 عامًا أو أقل، في حين أن البناء بالخرسانة الرومانية دام لآلاف السنين في مناطق مناخية وزلزالية متنوعة. Read more›››

وتوجد بعض الأمثلة على الأبنية الرومانية التي لا تزال صامدة على الرغم من اتصالها المباشر بمياه البحر المسببة للتآكل.

وفي هذا الصدد، قام فريق بحثي ضم أعضاءً من الولايات المتحدة وإيطاليا وسويسرا، بأخذ عينات من الموقع الأثري الإيطالي (بريفيرنوم) وتوصلوا إلى أن القطع بيضاء التي تمثل أحجارًا جيرية، والتي تم استبعادها في السابق نتيجة الخلط السيئ أو استخدام مواد بناء غير جيدة، تمنح مواد البناء القدرة إصلاح الشقوق والتصدعات.

وتشير النتائج إلى أن استخدام الجير الحي، بدلًا من الجير المطفأ المستخدم بشكل شائع اليوم، مع عملية ذات درجات حرارة مرتفعة تسمى “الخلط الساخن”، يساهم في إنتاج القطع الجيرية ومادة خرسانية أكثر ديمومة.

ولاختبار نظرياتهم، صنع الباحثون عينتين من مادة الخرسانة، تتكون الأولى من الخلطة الرومانية وتتكون الثانية من الخلطة المستخدمة في الوقت الحاضر، حيث أحدث الفريق بعض التصدعات والشقوق في العينتين بشكل متعمد ليلاحظوا بعد مرور أسبوعين مرور المياه عبر الخرسانة الحديثة وعدم قدرتها على المرور من خلال الخرسانة الرومانية.

ولاحظ الباحثون تفكك قطع الجير عند تعرضها للمياه مسببة الشقوق، لكنها تتبلور من جديد لتحافظ على هياكل البناء مع مرور الوقت، كما توصلوا أيضًا إلى أن اعتماد الطريقة الرومانية في الإنشاءات الحديثة قد ينتج عنه الحصول على أبنية مرنة ومستدامة تساهم في الحد من الآثار الكربونية الناتجة عن صناعة الخرسانة في جميع أنحاء العالم.”‹‹‹ Read less

وقال الدكتور حسان في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “يعرف عن مادة الغرافين أنها مادة مضادة للماء بشكل كبير، أي أنها طاردة للمياه ولا تتأثر بالبيئات عالية الرطوبة. وتساهم هذه الخاصية في جعل الغرافين مادة واعدة تحسن من قدرة الخرسانة على التحمل في البيئات عالية الرطوبة، حيث أثبتت البحوث أن الخرسانة المعززة بالغرافين تتميز بارتفاع مستوى مقاومة امتصاص المياه، الأمر الذي يحد من احتمالية تآكل الفولاذ في الخرسانة”.

وتعتبر درجات الحرارة عاملًا هامًا في هذا السياق، حيث يمكن للخرسانة التي تُصب بالأيام الحارة أن تتقلص وتتصدع. ويشير الدكتور حسان عرفات إلى دراسات نُشرت في مجلة “كونستراكشن آند بيلدنغ متيريالز” التي صدرت في العام 2019 ومجلة “كومبوزيتس بارت بي: إنجنييرنغ” الصادرة عام 2020، والتي تؤكد قدرة الغرافين على تحسين أداء الخرسانة في درجات الحرارة المرتفعة.

وأضاف الدكتور حسان: “توجد فوائد محتملة عديدة لاستخدام الغرافين في الخرسانة وهو ما يؤثر بشكل كبير على العديد من القطاعات الصناعية. ونواصل علميات التطوير البحثي في هذا المجال ونتطلع لمعرفة أي الصناعات التي ستعتمد هذه التكنولوجيا للاستفادة من خصائصها الفريدة من نوعها”.

ويرى الدكتور حسان وجود احتمالية للاستفادة من هذه التكنولوجيا في القطاعات الصناعية التالية:

قطاع الطيران: “يمكن استخدام الخرسانة المعززة بالغرافين لإنشاء هياكل خفيفة الوزن ومستدامة للمركبات الفضائية والأقمار الصناعية وغيرها من تطبيقات الطيران والفضاء”.

قطاع الطاقة: “يتيح استخدام الغرافين في هذا المجال تطوير بنية تحتية أكثر فعالية ومستدامة قادرة على تحمل الظروف البيئية القاسية”.

البنية التحتية: “يساهم استخدام الغرافين في هذا المجال في تحسين فعالية الطرق والجسور والأنفاق وتعزيز استدامتها وعمرها الافتراضي”.

وأكد على ضرورة الحاجة إلى المزيد من البحوث في هذا الجانب، حيث قال: “لا تزال هناك بعض التحديات التي يجب التصدي لها في مجال استخدام الغرافين كمادة إضافية معززة، وتشمل هذه التحديات كلفة الإنتاج ومدى سمية الغرافين والحاجة لضبط كمية الغرافين المستخدمة في الخليط للحصول على الأداء المطلوب. وتعتمد هذه الجوانب على المنطقة وظروفها المحلية وطبيعة الخلطات الخرسانية المستخدمة”.

وأضاف: “يقوم مركزنا البحثي حاليًا بالبحث في القدرات الكاملة لهذه المواد وتطوير تطبيقات جديدة ذات أثر فعال داخل دولة الإمارات وخارجها”.

إجراء البحوث الطبية

يساهم جيل من الأدوية تسمى الأجسام المضادة وحيدة المنشأ، في تغيير طبيعة علاج الأمراض من خلال استهداف العوامل المسببة للمرض وتحفيز الخلايا المناعية. وفي هذا السياق، قد يكشف إرسال بروتينات أساسية معدّلة وراثيًا إلى الفضاء لإجراء المزيد من البحوث، عن طرق لجعل الأدوية أكثر تركيزًا وأسهل في الإدارة.

تُمثّل الأجسام المضادة وحيدة المنشأ حوالي ثلث العلاجات المعتمدة على البروتين، وغالبًا ما تُستخدم لعلاج السرطان والالتهابات، وتُعرف بقدرتها على استهداف بروتين معين لمسببات الأمراض ومنعه من غزو المزيد من الخلايا. ويعني ذلك أن العلاج مصمم بشكل خاص لذلك المرض، إلّا أن المشكلة تكمن في حاجة المرضى إلى الحصول على هذه الأدوية بكميات كبيرة على مدى فترات طويلة من الزمن.

يُعتبر حجم “البروتينات” صغيرًا جدًا حيث لا يمكن دراستها تحت المجهر. لذلك، يساهم تحويلها إلى بلورات في تعزيز فهم الباحثين لبنيتها ثلاثية الأبعاد على نحو أفضل، كما يكشف تركيبها عن كيفية عمل البروتين وكيف يؤثر في سيناريوهات الأمراض، وبالتالي سنتمكن بعد فهم ذلك من تطوير أدوية تتشابك مع البروتين وتحارب المرض.

تُعتبر البروتينات في حد ذاتها أهدافًا دوائية، فضلًا عن أنها فئة مهمة من العلاجات، كما تحتاج شركات تصميم الأدوية إلى هياكل بروتينية عالية الدقة لتصميم الأدوية المناسبة.

وهنا، يأتي دور الجاذبية الصغرى.

يمكن أن تمنع جاذبية الأرض نمو البلورات ونوعيتها من خلال التأثير على كيفية وضع الجزيئات نفسها على السطح الخارجي للبلورة، وهذا يجعل الفضاء بيئة مثالية لهذا النوع من البحوث.

عملية متداخلة

قام ديفيد شيهان، وهو أستاذ الكيمياء الحيوية في قسم الكيمياء في جامعة خليفة، بعمليات بلورة البروتينات لمدة 12 عامًا. ويتوقع أن يتم نقل بروتيناته، الموجودة في اليابان حاليًا، إلى محطة الفضاء الدولية في شهر فبراير من عام 2024.

العنوان: أستاذ الكيمياء الحيوية في قسم الكيمياء في جامعة خليفة

قد يبدو تحويل البروتينات إلى بلورات وكأنه خدعة سحرية، إلا أن العملية معقدة للغاية، ويمكن أن تُعزى العديد من الانتصارات في عمليات البلورة الناجحة إلى عامل الوقت والصبر والحظ.

ووفقًا لديفيد، يتم تنقية البروتين يُنقّى وفصله عن أي شيء قد يمنع التبلور كالمواد الدهنية في الخلايا، كما يتم الحفاظ على مستوى الرقم الهيدروجيني لبيئة نمو مثالية، ويمكن إضافة الملح لزيادة القوة الأيونية و تركيز المحلول.

تُضاف مرسبات أخرى مثل البولي إيثيلين غلايكول أو المذيبات العضوية، والتي تقلل من ذوبان البروتين. ومن ثم، يتم التلاعب بالظروف بعدة طرق، مثل ضبط درجة الحرارة أو التعرض للجاذبية.

يُشكل دمج المواد الكيميائية المضافة ودرجة الحموضة، مع بعضها، حالة. وتنتج البلورات عن معظم البروتينات في حالات قليلة جدًا، لذلك يُعتبر من الضروري فحص آلاف الحالات للعثور على كمية البروتين القليلة التي ستنتج بلورات قابلة للاستخدام.

د. ديفيد شيهان، أستاذ الكيمياء الحيوية في قسم الكيمياء ،جامعة خليفة

الفكرة الرئيسة هنا تكمن في عملية في الانتظار، حيث يمكن أن تتشكل البلورات خلال أسبوع أو عام وقد لا تتشكل على الإطلاق. أضاف ديفيد أن الباحثين يقضون معظم وقتهم في المراقبة وانتظار الحصول على بلورة، إلّا أن معظمهم لن يراها: “عندما تظهر البلورة وإن ظهرت، فهذا يعني بأنك حصلت على مشروع.”

وفي دراسته، استجابت البلورات جيدًا لإضافة الجسيمات النانوية وحصل الفريق البحثي على 15 بلورة من لوحة مكونة من 16 بروتينًا تمت دراسته، علمًا بأن معظم هذه الأنواع من التجارب قد تنتهي عادةً بالحصول على بلورة واحدة أو اثنتين من بين آلاف التجارب.

وقال لمجلة جامعة خليفة: “وجدنا صيغة واحدة تتميز بفعالية أفضل من غيرها، واستعنا بتلك الجسيمات النانوية في حوالي 200 حالة.”

أكد ديفيد أن ذلك يُعد أمرًا غير مسبوق وأنه كان يتوقع هذا الإنجاز المتميز. ورأى ديفيد أن فريقه كان جديرًا بالحصول على فرصة المشاركة بالمهمة الفضائية والتي تتضمن نقل عينات البروتين إلى اليابان ليتم فحصها وإرسالها بعد ذلك إلى محطة الفضاء الدولية في العام 2024.

CAPTION: بلورات من بروتين الفيورين نمت على الأرض IMAGE: جامعة خليفة

رحلة إلى الفضاء

يتمتع المشروع بتاريخ حافل. طوّر ديفيد أول بلورة بروتينية مشبعة بالجسيمات النانوية منذ أكثر من عقد من الزمن نتيجة لفكرة كانت قيد الدراسة وثلاجة مليئة بالبروتينات المتاحة وطالب يبحث عن مشروع وصديق قادر على الوصول إلى المسرع الدوراني التزامني أو السنكروترون، وهو آلة تستخدم الكهرباء لإنشاء حزم أشعة سينية مكثفة لدراسة الخواص الكيميائية والهيكلية للمادة.

أجرى الطالب تجربة باستخدام جسيمين نانويين، مختلفين عن اللذيْن استخدمهما في المشروع الأخير، وقال في هذا الصدد: “تطورت البلورات بسرعة كبيرة وبشكل أكبر حجمًا بوجود جسيم نانوي، حيث نجح ذلك مع كلا الجسيمين النانويين.”

تمت محاذاة النجوم (البلورات بالأحرى) في خط مستقيم ليقوم كل من ديفيد وطالبه بنقل البروتينات إلى صديق متخصص في علم البلورات في دبلن، الذي قرر نقلها إلى المسرع الدوراني التزامني (السنكروترون) في باريس.

يبلغ حجم المسرع الدوراني التزامني حجم ملعب كرة قدم تقريبًا، ويُعد وسيلة مثالية لتحديد التركيب الذري ثلاثي الأبعاد للبروتين. قال ديفيد في هذا السياق: “تشمل هذه الطريقة تبلور البروتين وإجراء تحليل شامل باستخدام طريقة تسمى البلورات بالأشعة السينية”.

هنا، يُرسَل شعاع الأشعة السينية من خلال البلورة، ويتفاعل الشعاع مع الذرات الموجودة في شبكة البلورة التي تتبعثر لتشكل نمطًا. وبعد تسجيل النمط، ينتج عن عملية تدوير البروتين صورًا متعددة من خلال جمع المزيد من الأنماط لتتكون لدينا خريطة بيانية، ثم يقوم الباحثون بتحليل البيانات وإنشاء هيكل ثلاثي الأبعاد.

التركيز على البروتينات

لكن لماذا نركز بشدة على البروتينات؟ لِمَ لا نستعيض بجزيئات أخرى؟

Proteins تضطلع البروتينات بدور أساسي في معظم الأنظمة الحيوية، كما أنها مسؤولة عن معظم الوظائف الخلوية، كشكل الخلايا وتصميمها الداخلي وإنتاجها وتنظيفها وصيانتها العامة وتواصلها أيضًا، وهذا ما يجعلها العنصر النشط في الخلية. ووفقًا لديفيد، فإن ذلك يجعلهم محط اهتمام لتطوير الأدوية المستهدفة.

يعتمد أكثر من 130 علاج على البروتين في السوق، وتهدف الخطوة التالية إلى تحسينها.

تتطلب الأدوية الحالية لأمراض كالسرطان على سبيل المثال من المرضى، تناولها لفترات طويلة. حيث يضطر المرضى إلى الجلوس في العيادة لساعات في كل مرة، للحصول على الأدوية عبر الوريد لضمان حصولهم على التركيز الصحيح من العلاج. يمكن أن تستمر هذه العلاجات لعدة أشهر أو سنوات. تخيل لو كان بإمكانهم بدلًا من كل ذلك، الحصول على حقنة بسيطة في العيادة، وهذا بالضبط ما تعمل عليه شركة الأدوية العملاقة ميرك.

CAPTION: صورة لتركيب الفيورين تم الحصول عليها باستخدام الفحص المجهري الإلكتروني فائق البرودة للبلورات IMAGE: جامعة خليفة

يعتمد هذا النوع من تطوير الأدوية على بحوث كتلك التي قام بها ديفيد وفريقه.

يُعد بروتين الفورين مثلًا، وهو البروتين الموجود في اليابان حاليًا، هدفًا محتملًا للأدوية المضادة للفيروسات لعلاج فيروس الكوفيد-19.

قد يعني ذلك مشروعًا تجاريًا، بالإضافة إلى كونه مساهمة في العلوم ومكافحة الأمراض وتحسين رعاية المرضى.

قال ديفيد: “يمكن أن يكون هذا مشروعًا كبيرًا جدًا، يمكنني تصور خيارين للتسويق، أحدهما هو تسويق هذه الشاشة كشاشة متبلورة والآخر هو شركة ناشئة تقدم هذه الفكرة كخدمة.”

يزيد معدل النجاح الحالي للفريق عن 90%، الأمر الذي يحمل آمالًا واعدة.

جدير بالذكر أن ديفيد وسلمى سلطانة سيد، واحدة من الباحثين في فريقه، سجلا براءة اختراع لشاشتهما في الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات وبراءة اختراع لا تزال قيد الإجراء في أوروبا، كما أنهم يبحثون في إمكانية إنشاء شركة ناشئة تسمى “بروسكرينيكس”.

يُتوقع أن تصل القيمة السوقية العالمية للعلاجات البروتينية إلى 566.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، مقارنة بقيمة بلغ قدرها 283.64 مليار دولار أمريكي في عام 2020، وفقًا لشركة “ألايد ماركت ريسيرتش”.

رقمنة التاريخ

تشهد حياة القبائل البدوية تحولات كبيرة وانتقال نوعي من أفراد رحل إلى سكان يتمتعون بحياة مدنية مريحة ذات تكنولوجيا حديثة، لكن قد يحمل هذا التحول معه نسيان العادات القديمة بأكملها.

إذا لم يحرص السكان على ممارسة تلك العادات، فلا بد من الحفاظ عليها بأساليب أخرى.

يحرص الأرشيف والمكتبة الوطنية في دولة الإمارات على جمع السجلات المتعلقة بالحياة في المنطقة منذ العام 1968. واليوم، تحتفظ هذه المؤسسة بأكثر من 5 ملايين وثيقة تاريخية من بينها 800 تسجيل صوتي ومرئي لرواة القصص الإماراتيين وكبار السن تتضمن اللهجات والأغاني والحكايات الشعبية، إضافة لمجموعة من الصور الفوتوغرافية والمخطوطات والتاريخ المدون.

العنوان: التقطت هذه الصورة التي تظهر فيها سيدة بدوية تقريبًا في الفترة ما بين 1900-1920 في سهل الراحة في مصر.  المصدر: مكتبة الكونغرس الامريكي

ويكمن التحدي في الوقت الحاضر في رقمنة جميع السجلات والوثائق للحفاظ عليها لأطول وقت ممكن، حيث توفر الرقمنة عملية تخزين آمنة لجميع المحتوى الثقافي، كما توفرها على نطاق أوسع. وفي هذا الإطار، ينبغي على نظام الحفظ بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أن يكون أكثر من مجرد مستودع للوثائق، فهو يتطلب القيام بوظائف بحثية متكاملة ذات أنظمة بيانات تعريفية منظمة بشكل كبير قابلة للتشغيل مع الأنظمة الأخرى بهدف تحديث البيانات مستقبلًا وتسهيل عملية وصول أمناء الأرشيف والأشخاص المهتمين لتلك المصادر.

تعتبر عملية الرقمنة أمرًا أساسيًا في الإدارة الحديثة للمقتنيات التراثية، حيث يمكن أن تكون العملية بسيطة كالتصوير الفوتوغرافي أو المسح الضوئي لوثيقة يتم حفظها فيما بعد كصورة رقمية، إلا أن الجزء الصعب هو الهيكلية المعلوماتية،

حيث تظهر الحاجة إلى التخطيط الدقيق في عملية تطوير البيانات التعريفية التي ستوجه تلك الهيكلية، وإذا لم يتم تصنيف الأصول بالشكل المناسب، لن تتمكن أذكى عمليات البحث في العالم من إعادتها.

التحقق من التحيز في الذكاء الاصطناعي


قد يخدم الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة في تحديد الأصول التراثية الرقمية وتصنيفها، لكن يجب أولًا معرفة مدى التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يؤثر في البيانات التي تم جمعها. ويعتبر الفهم الدقيق لمصطلح “الذكاء الثقافي” أمرًا في غاية الأهمية في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي بهدف تفادي التحيز في تحديد الصور لبعض الخصائص الديموغرافية وضمان وضع التصنيفات والمسميات المناسبة والمعقولة.

وفي هذا الصدد، يستعين أثول ياتيس، الأستاذ في العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة خليفة، بأمثلة من أرشفة الحرب العالمية الثانية، حيث يقول:

“”خلال الحرب العالمية الثانية، كان هناك طائرة أمريكية ومنشأة تقع في الشارقة في دولة الإمارات لكن هذه الحقيقة غير معروفة من قبل، حيث كان التأكيد على التحيز موجودًا في الأرشيف الذي وجدت فيه صورة لطائرة في الشارقة عليها ملصق تصنيفي بأنها طائرة في مصر وقد تم إيجاد ذلك في النصب التذكاري للحرب الأسترالية الذي كان يحظى بنظام يساهم في إخبار أمين الأرشيف بالقضية، كما توجد أمثلة أخرى لصور تم تصنيفها لأماكن عربية في منطقة الشرق الأوسط في حين أنها لإمارة الشارقة”.

CAPTION: جنود أمريكيون يعملون على متن طائرة في الشارقة خلال الحرب العالمية الثانية. وسبق أن تم تعريف الصورة بشكل خاطئ على أنها التقطت في مصر IMAGE: مكتبة الكونجرس الأمريكي

الجدير بالذكر أن جميع هذه الأرشفة والتصنيفات هي قابلة للتطوير، وتتطلب أنظمة المكتبات الرقمية أن تتسع لتشمل أصولًا إضافية. فبعيدًا عن حجم الأصول، يجب أن يكون النظام قادرًا على التعامل مع مختلف أشكال المحتوى وعدد المستخدمين للنظام في وقت معين والطرق المتنوعة التي يمكن من خلالها الحصول على المحتوى. لذلك، يجب أن يكون النظام مرنًا وسهل التحكم.

وعند السؤال عن مدى صعوبة إنشاء نظام معلوماتي قادر على حفظ البيانات وأرشفتها وتسهيل البحث عن مئات الآلاف من الصور والحصول عليها، أجاب الدكتور إبراهيم الفضل بثلاث كلمات: “استخدم تقنية السحب”.

ويعتبر الدكتور إبراهيم الفضل أستاذًا في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر، وقد عمل سابقًا في شركة (آي بي إم) كعالم بحثي أول قبل أن يتوجه للعمل في القطاع الأكاديمي.

قال الدكتور إبراهيم: “تعد البحوث في مجال حفظ الإعلام الرقمي والأرشفة والفهرسة والبحث عنه أمرًا ليس جديدًا، لكن أصبح العمل البحثي اليوم اتجاهًا سائدًا بعد ظهور خدمات شبكة الإنترنت وأصبح الذكاء الاصطناعي يقوم بدور كبير في استرجاع الإعلام الرقمي وفقًا لاستفسارات المستخدم المعقدة”.

تعد البحوث في مجال حفظ الإعلام الرقمي والأرشفة والفهرسة والبحث عنه أمرًا ليس جديدًا، لكن أصبح العمل البحثي اليوم اتجاهًا سائدًا بعد ظهور خدمات شبكة الإنترنت.

إبراهيم الفضل

على سبيل المثال، عندما نخزّن صور هواتفنا الذكية على السحب، يتم تخزينها وفهرستها واسترجاعها وفقًا لأساليب تعتمد على تلك الأبحاث المبتكرة. ويلعب الذكاء الاصطناعي الآن دورًا أكبر في استرجاع الوسائط الرقمية بناءً على استفسارات المستخدم المعقدة.

تطور المكتبات في المنطقة


ارتقت المكتبات في مختلف أنحاء المنطقة إلى مستوى التحدي المتمثل برقمنة الموروثات الثقافية لتلك الدول.

احتوت مكتبة قطر الرقمية في العام 2021 على مليوني صفحة تضم ثقافة الدولة وإرثها التاريخي، حيث تشتمل كل صفحة على تقرير تاريخي ورسالة تاريخية وخريطة وصور فوتوغرافية أو تسجيل صوتي وشرحه باللغتين العربية والإنجليزية.

ويعتبر “فن جميل” مشروعًا لحفظ الإرث الثقافي ولدعم الشركات المبدعة التي تركز على التراث المحلي في منطقة العلا في السعودية، كما يساهم المشروع في تدريب المصورين على التصوير المتقدم، وهو تقنية التصوير ثلاثي الأبعاد، وريادة الجهود في مجال تسجيل التراث الأثري الغني في المنطقة والاحتفاظ به، خاصة الفن الصخري.

وامتدت جهود مشروع فن جميل إلى خارج نطاق السعودية، حيث استعانت بتقنيات التوثيق الرقمي لتسجيل ما يثبت التراث الثقافي اليزيدي في العراق، فيما اعتمد فريق المشروع خلال عمله في مدينة سنجار على تقنيتي التصوير الجوي والتصوير الجوي المتقدم ثلاثي الأبعاد بهدف إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للمواقع التي دمرتها الصراعات.

وعلى صعيد آخر، يسعى برنامج تدريب إلكتروني في عُمان إلى إيجاد جيل عُماني شاب هاوٍ للاحتفاظ بالتراث الرقمي ورفد الطلبة والخريجين الجدد في جميع التخصصات بالمهارات والأدوات الرقمية اللازمة للمحافظة على تاريخهم.

التقطت صورة الكعبة المشرفة والحرم المكي من مكان مرتفع شرق المسجد الحرام في الفترة ما بين 1886-1889. المصدر: مكتبة قطر الرقمية

تسلمت المكتبة الوطنية في إسرائيل منحة بوثائق للمجتمع البدوي في شبه جزيرة سيناء يتجاوز عمرها 50 عامًا، وتمثل هذه المنحة مشروع الدكتور كلينتون بيلي، الكاتب والباحث في منطقة الشرق الأوسط والتاريخ الإسلامي، الذي أمضى حياته في تسجيل وتوثيق المواد وجمعها منذ آخر جيل القبائل البدوية إلى أن وصل الجيل المعاصر لما قبل الحداثة بهدف الحصول على التراث القديم بطريقة النقل الشفوي. إضافة لذلك، قام الدكتور كلينتون بالبحث في جميع أنحاء صحراء سيناء والنقب للتحدث إلى أفراد القبائل البدوية هناك وجمع المعلومات عنهم والقصص التاريخية.

التعاون مع دولة الإمارات


يتعاون الأشخاص المسؤولون عن الأرشفة، والذين انضموا لفريق عمل الدكتور كلينتون بيلي في أرشفة الثقافة البدوية، مع العاملين في الأرشيف في دولة الإمارات في تدوين أكثر من 350 ساعة من المقابلات متنوعة اللهجات العربية المحكية من قبل السكان البدو.

وأوضح الدكتور صموئيل ثروب، المتخصص بأرشفة المجموعة المتعلقة بالإسلام والشرق الأوسط في المكتبة الوطنية في إسرائيل، أنه على الرغم من التحديات التقنية التي واجهته خلال حفظ التسجيلات وفهرستها إلا أنها كانت بسيطة مقارنة بالنسخ الدقيق للمحتوى، حيث قال: “قمنا برقمنة جميع التسجيلات وفهرستها لتصبح قابلة للبحث بشكل كامل مع وصف غني للعناوين والأسماء الكاملة للأشخاص الذين تمت مقابلتهم وروابطهم القبلية”.

وأضاف: “تمثل الخطوة القادمة مرحلة التدوين والفهرسة الفعالة والتي لا تعتبر تحديًا لأن التحدي يكمن في طريقة توفير المدونات وجعلها قابلة للبحث. وبما أن تدوين جميع هذه اللهجات وترجمتها هو أمر في غاية الصعوبة، ساهم التعاون مع متخصصين في الأرشيف والمكتبة الوطنية في دولة الإمارات في حل ذلك، كما يمكننا التعلم من خبراتهم الواضحة في العمل الذي قاموا به في أرشفة تسجيلات نادرة وقيّمة للغة العربية”.

قمنا برقمنة جميع التسجيلات وفهرستها لتصبح قابلة للبحث بشكل كامل مع وصف غني للعناوين والأسماء الكاملة للأشخاص الذين تمت مقابلتهم وروابطهم القبلية

صموئيل ثروب

أما الجانب الآخر من عملية الأرشفة فيكمن في إمكانية الوصول للمعرفة ونشرها، وفقًا لما قاله صموئيل: “المكتبة هي تفكير متطلع إلى المستقبل”.

وقال: “تعتبر مجموعة مقتنياتنا الواسعة متوفرة وسهلة الوصول من قبل الجميع في مختلف أنحاء العالم، وقد لا ندرك الأسباب التي تستدعي الأشخاص الحصول على المعلومات لكن ذلك ليس ضروريًا لأننا لا نجمع المعلومات للوقت الحاضر فقط وإنما نجمعها للمستقبل، فمن واجبنا الاحتفاظ بالثقافة وحمايتها وتسجيلها”.

استعادة حالة الصور القديمة وتحسينها


أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في طريقة تصنيف الصور وأرشفتها وطريقة استعادتها للحالة الأصلية وتنظيفها من خلال الاستفادة من خوارزميات متطورة تتيح تحليل الصور القديمة وتحسين جودتها حتى لو كانت مهترئة منذ عقود.

ويمكن الاستفادة من تقنيات تعلم الآلة من خلال نماذج التدريب لقواعد بيانات كبيرة لصور ذات جودة عالية بهدف تعلم الأنماط والخصائص التي يمكن استخدامها في استعادة حالة الصور القديمة وتحسينها. ويمكن أيضًا الاستفادة من نماذج الذكاء الاصطناعي، من خلال تحليل الفروقات بين الصور القديمة والحديثة، تحديد الطريقة الأفضل لاستعادة الصور القديمة لحالتها الأصلية.

تعتبر الشبكات العصبية واحدة من هذه التقنيات، حيث تم تصميم هذه الشبكات بطريقة تحاكي نظام عقل الإنسان ووظائفه وتتيح التعلم والتكيف مع مختلف أشكال الصور. ويمكن لهذه الشبكات أن تتعلم آلية تحديد الأنماط والخصائص الخاصة بالصور عالية الجودة كموازنة حدة الصورة وإضاءتها وتطبيق هذه الخصائص على الصور القديمة والتالفة.

وبهذه الطريقة، يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحسين الصور وتنظيفها عبر التخلص من العيوب. ومن ناحية أخرى، يمكن لمحرري الصور الاستفادة من هذه التقنيات وخبراتهم في تحسين الجودة العامة للصور القديمة ودرجة الوضوح للحفاظ عليها مستقبلًا.

التراث الحديث

تشهد الأساليب التقليدية بعض التحديات، خاصة بعد دخول التكنولوجيا، لكن تمكن أفراد القبائل البدوية والسكان الرحل من التكيف مع التكنولوجيا الحديثة وفي نفس الوقت المحافظة على عادات أجدادهم التي تتنوع ما بين رعاية القطيع والصيد والإبحار والرياضة.

وهنا نشاهد أربعة أساليب تؤثر فيها التكنولوجيا.

الهواتف الخلوية والاتصالات الحديثة


“صرحت ليلى أبو لغد حول زيارتها للقبائل البدوية الموجودة على امتداد الحافة الشمالية للصحراء الغربية المصرية في العام 1984: “قبل أن أقوم ببحثي عند القبائل البدوية المصرية، كنت أتصور أن البدو هم أفراد متجولون في الصحراء يعيشون في خيم ويرعون الحيوانات، لكن وجدت أن الأشخاص الذين قاموا بوصف جمالية الحياة في الصحراء يقطنون في منازل ويرتدون ساعات اليد والأحذية البلاستيك ويستمعون إلى الراديو وأجهزة تشغيل الموسيقى ويتنقلون بشاحنات تويوتا الصغيرة”.

ساهم انخفاض تكلفة الألواح الشمسية في الحفاظ على التكلفة المنخفضة للهواتف الخلوية التي تمثل وسيلة للتواصل بين السكان البدو الصورة: Shutterstock

عملت ليلى أبو لغد، الأستاذة في العلوم الاجتماعية في جامعة كولومبيا، في العام 1984 على شهادة الدكتوراه في جامعة هارفارد، وقد عاشت مع أفراد قبيلة “أولاد علي” ووثقت خبراتها في العيش مع النساء البدويات والبحث في أشعارهن والقصص التي يروينها، وقالت أن معظم التغييرات الأكثر وضوحًا في أسلوب حياتهم لا تشير إلى تفكك ثقافتهم أو مجتمعهم.

بعد 39 سنة، زارت فاطمة الكالين مرسى مطروح في مصر، وتوصلت إلى نتيجة مشابهة. لاحظت الباحثة في كلية البنات في جامعة عين شمس في مصر أن معظم البدو الذين قابلتهم يمتلكون هاتفًا خلويًا وحساب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يحظى أكثر من ثلاثة أرباع السكان الذين أجريت عليهم الدراسة بأجهزة خلوية ويقضون وقتًا كبيرًا باستخدام الإنترنت. وتتوزع الأجهزة الخلوية بين الرجال والسيدات بشكل متساو مقارنة بشاحنات تويوتا الصغيرة التي كان يمتلكها الرجال أكثر من السيدات.

وساهم انتشار تكنولوجيا الاتصالات بتكلفة منخفضة في تحديث أسلوب حياة العديد من السكان البدو، ويُقصد بالتكلفة المنخفضة شحن الهواتف ليس من خلال محطات الكهرباء وإنما من الألواح الشمسية ذات التكلفة المنخفضة.

وبعيدًا عن الإنترنت، توجد هناك العديد من الفوائد التي يمكن جنيها من الثورة الخلوية. فمثلًا، تساهم مشاركة المعلومات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي غير الرسمية، والتي تتعلق بسعر الإنتاج وأنماط المناخ والرعي، في تعزيز دور أفراد القبائل البدوية في مضاعفة الإنتاج والأرباح والحد من الأخطار، وذلك وفقًا لما قاله مارك هاي، وهو كاتب مستقل يركز على المجتمعات البدوية وثقافتها.

قال مارك: “لجأت الحكومة الكينية خلال فترة الجفاف الكبيرة التي أصابت البلاد في العام 2010 إلى استخدام هذه الشبكات لمساعدة أفراد قبائل الماساي في تفادي حدوث الكوارث. ويوجد مشروع كيني آخر يتمثل بإتاحة الفرصة أمام حاملي الهواتف المتحركة للوصول إلى مئات المحامين المتطوعين للدفاع عن حقوقهم بأراضيهم من خلال الاستعانة بأدوات قانونية لم يكن ممكنًا الوصول إليها بالنسبة للعديد منهم”.

وأضاف: “تم جلب الألواح الشمسية إلى منغوليا بهدف شحن الهواتف، الأمر الذي منح السكان البدو إمكانية الوصول إلى الطاقة الشمسية الفعالة بسعر منخفض لإضاءة منازلهم في الأرياف، وبالتالي تقليل الحاجة لإشعال الشموع من أجل الحصول على الضوء. وأدى ذلك إلى الحد من خطر انتشار الأمراض المرتبطة بالتعرض للدخان وتمديد أوقات العمل، ويرجع ذلك كله إلى انتشار الهواتف الخلوية”.

مشروع كيني آخر يتمثل بإتاحة الفرصة أمام حاملي الهواتف المتحركة للوصول إلى مئات المحامين المتطوعين للدفاع عن حقوقهم بأراضيهم من خلال الاستعانة بأدوات قانونية لم يكن ممكنًا الوصول إليها بالنسبة للعديد منهم”

مارك هاي

القوارب البحرية


تشهد المركبة البحرية العربية التقليدية، التي تعتبر رمزًا لعصر الاستكشاف الذهبي وصيد الأسماك والغوص للبحث عن اللؤلؤ، إعادة إحياء جذري جديد.

القوارب البحرية (أو ما تعرف محليًا باسم قوارب الداو) هي قوارب أو سفن تقليدية كانت تستخدم في الإبحار في البحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا. IMAGE: Shutterstock

قد تبدو المركبات البحرية المستخدمة هذه الأيام كالسفن التي ربطت دول منطقة الخليج العربي بالعالم عبر القرون، وساهم التطور في المواد إلى بناء هذه السفن في الوقت الحاضر من الألياف الزجاجية بدلًا من الخشب. وقد أصبح إنتاج القارب الحديث المصنوع من الألياف الزجاجية ضعف إنتاج القوارب الخشبية التقليدية، كما أنها تتطلب نصف الصيانة التي تحتاجها القوارب الخشبية. إضافة لذلك، تحتاج القوارب الخشبية للصيانة بشكل دوري مرة كل ثلاثة أشهر، في حين يمكن للقارب المصنوع من الألياف الزجاجية الإبحار لمسافات أطول بكثير دون الحاجة للصيانة.

وحلت عملية التصفيح مكان استخدام زيت كبد سمك القرش وحلت مادة الإيبوكسي محل القطن، وأما الأعمدة فتتم صناعتها من الألياف الكربونية. لذلك، يمكن القول أن جميع المواد المستخدمة في مجال صناعة السفن والقوارب أصبحت أخف وزنًا وأكثر فاعلية من السابق، كما أصبحت الملاحة اللاسلكية والقائمة على الأقمار الصناعية هي معايير أساسية لبحارة القوارب الحديثة.

روبوتات سباقات الهجن


تعتبر سباقات الهجن من أهم أنواع الرياضات في جميع أنحاء دول منطقة الخليج، وقد أصبح اليوم التحكم بالجمل وضبط حركته في المسار يتم من خلال روبوت مخصص للقيام بهذه المهمة.

اعتمدت سباقات الهجن في كل من دولة الإمارات وقطر على استخدام روبوتات الهجن أكثر من اعتمادها على الإنسان منذ العام 2005، نظرًا لخفة وزن هذه الروبوتات وعدم إمكانية تعرضها للإصابات حال سقوطها.

بدأ التطوير في هذا المجال في أوائل العام 2000 من خلال الشركة السويسرية (كي تيم) التي صممت روبوتًا على شكل دمية حتى لا يتسبب بخوف الجمال، كما تحتاج هذه الروبوتات إلى أن تتحمل درجات الحرارة المرتفعة في الصحراء وتتكيف مع رحلة القيادة السريعة وغير المنتظمة. وتم إدخال هذا النوع من الروبوتات في هذه الرياضة لكنها عادت بنتائج سلبية أبرزها أنها مكلفة اقتصاديًا وثقيلة نسبيًا، حيث يتراوح وزنها من 16 إلى 18 كيلوغرام.

يعود ظهور سباقات الجمال، وهي رياضة تُمارس في المهرجانات وغيرها من المناسبات الاجتماعية، إلى القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية. IMAGE: Shutterstock

ساهم فريق من النادي العلمي القطري في تحسين النموذج من خلال الاستعانة بإطارات ألمنيوم لحماية صندوق الدائرة الكهربائية، وتم تصغير حجم النموذج ليصبح بحجم كتاب كبير. ويحتوي الروبوت على مروحة دوارة تتحكم بحركة الذراع الوحيد في الروبوت. يعتبر النموذج بسيطًا لأنه يقوم بشكل أساسي على المثقاب الكهربائي مع استبدال أداة الثقب الصغيرة بالسوط المستخدم في ركوب الخيل. يذكر أنه يتم التحكم بالروبوت عن بعد عن طريق المدرب أو المسؤول عن الجمل.

وتتميز هذه الروبوتات بقدرتها على تزويد المدربين بالمعلومات من خلال قياس الإشارات البيولوجية وإرسالها بشكل فوري طيلة فترة السباق.

وفي السياق، شغل إحسان معروف منصب رئيس لتكنولوجيا المعلومات والروبوتات في أكاديمية قطر للروبوتات والابتكارات في العام 2005، حيث قام فريقه بمهمة تطوير روبوتات الهجن وتوصلوا إلى أن تكنولوجيا سباقات الجمال لا تتطلب التعقيد.

قال إحسان معروف: “يحتاج مالكو الجمال روبوتات بسيطة وسهلة وليس من الضروري أن تتمتع بذكاء فائق ومواصفات عالية، فالنموذج الأخير لأكاديمية قطر للروبوتات والابتكارات هو تصغير لتصميم شركة (كي تيم) وإعادة استخدام مفتاح سيارة إلكتروني قديم بهدف التحكم عن بعد. إضافة لذلك، يبلغ وزن الروبوت الذي طورناه 2 كيلوغرام”.

“يمكن لأي فني كهربائي أن يصنع ذلك، حيث قامت منهجيتنا هنا على الهندسة المبنية على التبسيط وفهم التقاليد المحلية. ومن جهة أخرى، تم نسخ تصميمنا في جميع أنحاء دول منطقة الخليج. كان مشروعًا متميزًا، فلم نتوقع أن يحظى بكل بهذا الاهتمام”

استخدام الطائرات بدون طيار للصيد (وليست طائرات بدون طيار)


كان بعض أفراد القبائل البدوية في شبه الجزيرة العربية يمارسون رياضة الصيد بالصقور منذ آلاف السنين كنوع مهم من أنواع الصيد في الأراضي شحيحة الموارد. وعلى الرغم من أن الموارد متوفرة بشكل كبير في دولة الإمارات اليوم، لا تزال هذه الرياضة محافظة على شعبيتها.

تحتاج الصقور إلى بعض التدريبات لتقوم بالصيد مع الإنسان، حيث يجب تعليمهم على الطيران لارتفاعات عالية والانقضاض على الفريسة، ويعتبر ذلك تحديًا بالنسبة للإنسان. لذلك، اتجهت أنظار الصقارين في الوقت الحاضر إلى الطائرات بدون طيار.

يمكن اعتبار الطائرة بدون طيار الأفضل أنها الأفضل إذا تمكنت من محاكاة سرعة الطائر وأنماط الطيران، كما يجب أن تكون متعددة الاستخدامات”.

بول بوسيا

يعتبر الصيد بالصقور شكلًا من أشكال الصيد الذي يعتمد على استخدام الطيور الجارحة. IMAGE: Shutterstock

تتميز الطائرات بدون طيار الحديثة بسهولة طيرانها والتحكم بها بفضل نظام الاستقرار المتقدم وتكنولوجيا تحديد المواقع العالمي، كما تتمتع بفعالية عالية تمكنها من تحمل أثر الصقر الذي يستولي على الفريسة.

تحتاج الطائرة بدون طيار إلى بطارية تكفي للقيام بالعديد من التمارين ولتحقيق الاستقرار اللازم للتدريب في ظل ظروف الرياح المتنوعة، فقط لا غير.

وفي هذا الصدد، يوصي بول بوسيا، الذي يتخصص في اختبار الطائرات بدون طيار، باتّباع أسلوب البساطة في تصميم الطائرات بدون طيار المستخدمة للصيد كما هو الحال تمامًا في تصميم روبوتات الهجن.

قال بول: “استخدم صناع المركبات الجوية ذاتية التحكم العديد من الحيل لصناعة طائرات بدون طيار تستخدم للصيد، حيث لجأوا إلى اعتماد شكل شبيه بالطيور واعتمد بعضهم على استخدام الأجنحة وتصاميم مروحية مزدوجة على شكل الحرف V. ويمكن اعتبار الطائرة بدون طيار الأفضل أنها الأفضل إذا تمكنت من محاكاة سرعة الطائر وأنماط الطيران، كما يجب أن تكون متعددة الاستخدامات”.

من جهته، عارض نك فوكس من شركة (وينغبيت المحدودة) جميع ما سبق، واقترح بدلًا من ذلك تدريب الصقور على الالتقاط بالفريسة بمساعدة الطائرات بدون طيار، وصنعت شركة وينغبيت طائرات بدون طيار يمكن للصقر الإمساك بها، لا سيما وأنها تشبه الطيور الحقيقية. لاقى التصميم الذي قام به نك فوكس نجاحًا كبيرًا في منطقة الشرق الأوسط الذي يشهد نقصًا في توفر الفرائس المناسبة للصيد، ويعتبر طير الحبارى من أكثر الطيور عراقة في هذه اللعبة في المنطقة ولكن تشهد أعداده انخفاضًا ملحوظًا.

وقال نك فوكس: “تمثلت النتيجة النهائية بعدم وجود أي شيء ليصطادوه، حيث تم تصميم نموذجنا المسمى بـ (ربارى) كفريسة لصقور الصيد بشكل خاص. وخلال سنوات من التجارب، تبينت لنا الحاجة إلى فريسة تبدو تمامًا كفريسة حقيقية ذات نفس السلوكيات وتتمتع بخصائص أدائية مشابهة في الطيران وقابلة للتحكم في جميع الأوقات ويمكنها الطيران إلى ارتفاعات عالية وبشكل حرّ في السماء، إضافة لإمكانية الإمساك بها بشكل آمن وقدرتها على تحمل الهجمات المتكررة عليها وإنتاجها بكميات كبيرة بتكلفة اقتصادية معقولة”.

يبدو أنها مهمة في غاية الصعوبة!

ويشبه نموذج الربارى شكل طير الحبارى، كما أنه يطير بنفس الأسلوب ومصنوع من مادة البوليبروبيلين المتمدد ولديه أجنحة رفرافة تتميز بالمرونة ويمكن استبدال بعض أجزائه في حال تلفها. من الناحية التقنية، لا يمكن اعتبار هذا النموذج طائرة بدون طيار وإنما يمكن القول أنه طائرة مروحية تقوم على التحكم عن بعد، لأن المستخدمين هم من يتحكمون بطيرانها من خلال العين وليس من خلال البيانات التي يحصلون عليها من كاميرات الطائرات بدون طيار. ويعتبر هذا النوع من التصاميم شائعًا بين الصقارين في منطقة الشرق الأوسط.

اتجه بيتر بيرغ، الصقار المقيم في دبي، اتجاهًا مختلفًا، حيث ركز على تطوير طائرة بدون طيار تتخطى حدود الصقور من ناحية السرعة وخفة الحركة وأن تتمكن طيوره من الإمساك بها. فنموذج بيتر لا يشبه الصقر لكنه بلا شك طائرة بدون طيار. ويساهم نموذج بيتر الذي يُطلق عليه اسم (بيرغ وينغ) بتمكين الصقارين من تحليل بيانات الطيران التي يمكن الاستفادة منها في مجالات تحسين تدريباتهم.

نهدف من خلال هذا المشروع إلى الاستفادة من علاقات التعاون بين كل من جامعة خليفة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى لتطوير روبوت طائر الحبارى القادر على التنقل بحرية في مواطن الطائر للقيام بملاحظات سلوكية ومهام تفاعلية تتعلق بالحفاظ على طيور الحبارى”.

لاكمال سينيرفيراتني

يذكر أن نموذج بيرغ وينغ يعمل بمحرك واحد يشبه الموجودة في قاذفة القنابل، ويتميز بثلاث خصائص هي، إمكانية الإطلاق خلال وجود الرياح والرجوع إلى المكان الأصلي وخاصية التحليق. وفيما عدا ذلك يمكن تحقيقه بين كل من المدرب والصقر.

يمكن القول بأن مجال الاستفادة من التكنولوجيا لم يقتصر على تدريب الصقور فحسب، حيث يسعى باحثون من جامعة خليفة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى في أبوظبي إلى استخدام الروبوتات للحفاظ على طيور الحبارى التي تُستخدم في تدريب الصقور والمعرضة للخطر نتيجة الصيد غير القانوني.

وتتمحور الفكرة الأساسية حول الاستفادة من التكنولوجيا لدراسة الطيور في البراري.

قال لاكمال سينيرفيراتني، مدير مركز الأنظمة الروبوتية ذاتية التحكم، في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “نهدف من خلال هذا المشروع إلى الاستفادة من علاقات التعاون بين كل من جامعة خليفة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى لتطوير روبوت طائر الحبارى القادر على التنقل بحرية في مواطن الطائر للقيام بملاحظات سلوكية ومهام تفاعلية تتعلق بالحفاظ على طيور الحبارى”.

الأمن السيبراني

أدى انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد إلى تعطيل كافة جوانب الحياة، حيث سارعت العديد من الشركات التجارية الخاصة ومؤسسات القطاع الحكومي إلى تمكين القوى العاملة من العمل عن بعد. ونتيجة لوجود الشبكات الممتدة وعدم توفر الأمن الإلكتروني، تواجه الشبكات زيادة كبيرة في الهجمات السيبرانية.

وقد تحدثنا مع سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي ، رئيس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات حول هذه القضايا وغيرها.

س: كيف أصبحت الشركات معرضة للخطر بسبب الزيادة السريعة في القوى العاملة عن بُعد، وما هي أكبر المشكلات التي تواجهها الشركات؟ وكيف يتأثر ذلك بزيادة التسوق عن بعد وخدمات العملاء الأخرى؟

ج: قبل انتشار الجائحة، لم تكن الشركات تمارس العمل عن بُعد. لذلك، لم يتم تصميم تدابير وممارسات الأمن السيبراني لحماية المؤسسات في حال استخدام الشبكات عن بعد على نطاق واسع.

إضافة لذلك، لم يتم تدريب الموظفين وتزويدهم بأفضل الممارسات والمبادئ التوجيهية اللازمة حول كيفية ممارسة أساليب الوقاية السيبرانية المناسبة أثناء العمل عن بُعد. ولهذا، عندما انتشرت الجائحة، بدأت نسبة عالية من الموظفين العمل عن بعد ولم تكن بيانات المؤسسات محمية بشكل كاف، مما أدى إلى حدوث انتهاكات أمنية وتسريب البيانات، سواء عن قصد أو عن غير قصد.

إضافة لذلك، لم يتم تدريب الموظفين وتزويدهم بأفضل الممارسات والمبادئ التوجيهية اللازمة حول كيفية ممارسة أساليب الوقاية السيبرانية المناسبة أثناء العمل عن بُعد. ولهذا، عندما انتشرت الجائحة، بدأت نسبة عالية من الموظفين العمل عن بعد ولم تكن بيانات المؤسسات محمية بشكل كاف، مما أدى إلى حدوث انتهاكات أمنية وتسريب البيانات، سواء عن قصد أو عن غير قصد.

مصطلحات الأمن السيبراني

الإعدادات الخاطئة للأمن: تعتبر الإعدادات الخاطئة للأمن نوعًا من الثغرات الأمنية التي تحدث عندما لا يتم ضبط إعدادات النظام بشكل صحيح لحمايته من الوصول غير القانوني وانتهاك البيانات، ويمكن أن يحدث ذلك عندما لا يتم تنفيذ إعدادات الأمان وتهيئتها بالشكل اللازم وعدم تحديثها للإصدار الأحدث. إقرأ المزيد›››

عمليات الاحتيال: يقصد بالاحتيال هنا هو الاحتيال عبر الإنترنت؛ حيث يحاول المحتالون خداع الفرد لمشاركة معلوماته الهامة مثل كلمات المرور وأرقام بطاقات الائتمان أو البيانات الشخصية الأخرى. وعادة ما يفعلون ذلك من خلال التظاهر بأنهم جهة جديرة بالثقة، مثل البنوك والمؤسسات الحكومية ومواقع الإنترنت الكبيرة، ويقومون بإرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة أو رسائل نصية ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تبدو أنها صحيحة بهدف إجراء الاحتيال من خلال إغواء المستخدم بالنقر على رابط أو تنزيل ملف مرفق يحتوي على برامج ضارة أو ملء نموذج يطلب معلوماتك الشخصية. وبمجرد وصول المحتالين إلى البيانات الهامة، يمكنهم استخدامها لسرقة الهوية الشخصية وسرقة الأموال من الحساب المصرفي أو تنفيذ أي أنشطة إجرامية أخرى.

هجمات برامج الفدية: تعد هجمات برامج الفدية نوعاً من الهجمات الإلكترونية الضارة؛ حيث يتمكن الشخص المتطفل من الوصول إلى جهاز الكمبيوتر والشبكة الخاصة بالضحية ويقوم بتشفير ملفات وبيانات الضحية، مما يجعل الوصول إليها غير ممكن، ثم يطلب بعد ذلك دفع فدية من الضحية مقابل مفتاح فك التشفير الذي سيفتح الملفات.
‹‹‹ Read less

س: ما هي عمليات الاحتيال والهجمات الإلكترونية الأكثر شيوعاً؟
ج: تعد هجمات تصيد المعلومات من خلال رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الصوتية خطرًا شائعاً اليوم، لأنه يتم تنفيذها بشكل سهل وغالباً ما يتم استخدامها مقترنةً بطرق أخرى في هجوم مدمج على المستخدمين المستهدفين.

تمثل الإعدادات الخاطئة للنظام تهديدًا آخر من خلال حدوث خطأ واحد في إعدادات مزود الخدمة السحابية الرئيس؛ حيث تم الكشف عن بيانات مزعومة من أكثر من 65,000 منشأة في 111 دولة، كما أثرت سلسلة من تسريبات البيانات الأخرى على 150,000 شركة في 123 دولة.

وتعتبر أيضًا برامج فيروسات الفدية مشكلة أخرى. ونلتزم في دولة الإمارات بحشد جميع الجهود لمكافحة هذا التهديد؛ حيث قامت الدولة بدور رئيس مشارك في لجنة مشاركة المعلومات في المبادرة الدولية الثانية لمكافحة برامج الفدية التي عقدت مؤخرًا في البيت الأبيض في نوفمبر 2022.


س: تهدد الهجمات السيبرانية الشركات بفقدان البيانات والأموال. لكن هل من المحتمل أن يؤثر هذا النوع من الضرر الذي يلحق بالصناعات الخاصة على الأمن الوطني؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف؟

ج: يعتبر القطاع المالي جزءاً حيوياً من البنية التحتية الحيوية في أي دولة لأنه العمود الفقري لاستدامة اقتصادنا. من جهة أخرى، يؤكد الاعتماد المتزايد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في القطاع المالي، والتي تشمل الخدمات المصرفية والتداول عبر الإنترنت وظهور العملات المشفرة والمحافظ الإلكترونية والتجارة الإلكترونية اليوم، على وجود بنية تحتية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فعالة ونزيهة ومرنة، الأمر الذي يعزز دعم القطاع المالي ويحافظ على ديمومته.

س: ما الذي يجب أن تفعله الحكومات بشكل أفضل لدعم التحسينات في أمن القطاع الخاص وردع الجرائم السيبرانية؟ هل هناك أي مبادرات إماراتية يمكنك مناقشتها؟

ج: استراتيجيتنا هي إشراك القطاع الخاص بشكل مباشر من خلال جعله جزءاً من المعادلة.

بدأت في العام الماضي بإصدار دعوة للشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف الاستفادة من خبراتهم في إيجاد الحلول للمشاكل اليومية التي نواجهها، فهم لديهم الحلول وقادرين على مساعدتنا في حل مشاكلنا.

بدأنا مؤخرًا في إشراك الخبراء بشكل مباشر بعد أن قمنا بعقد العديد من مذكرات التفاهم مع شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرائدة. فعلى سبيل المثال، تمكنا من عقد أول اجتماع لرؤساء أمن المعلومات سيسكو سيركل في معرض جيتكس جلوبال 2022، والذي شهد أيضاً إنشاء مؤسسة شهادة أمن المعلومات في دولة الإمارات.

س: بعيدًا عن الأمن السيبراني، ما هي المخاطر الناشئة الأخرى التي تقومون برصدها؟

ج: نرصد الأمن السيبراني وخصوصية البيانات والمخاطر التشغيلية والحوكمة والامتثال، حيث نقوم بكل ما يؤدي إلى حماية البيانات والاستخدام الآمن لهذه البيانات من أجل تمكين الأعمال التجارية وحماية الأرواح.

س: ما هي النصيحة التي تقدمها لأي خريج جديد يطمح بالحصول على وظيفة في مجال الأمن السيبراني؟

ج: ينبغي على من يطمح بدراسة الأمن السيبراني أن يكون ملماً بكافة جوانب الوظيفة وأن يرتكز دائما على المبادئ الأساسية، لأن هذه هي المهارات التي ستعتمد عليها في مواجهة تحديات الأمن السيبراني. فلا توجد طرق مختصرة لذلك، وإنما عليك أن تشمر عن ساعديك وتبدأ بالعمل.

س: كيف يمكن لمؤسسة ما تقييم بنيتها التحتية الحيوية وتأمين أصولها الأكثر حيوية؟

ج: يجب على المؤسسة جمع جميع رؤساء أقسامها وتفويضهم مسؤولية التصدي لهذه المخاطر في أقسامهم، وذلك من أجل بناء سجل مخاطر مكتمل للأعمال.

س: آبل أم مايكروسوفت؟ ولماذا؟
ج: آبل، لأنها ستصبح لاعبًا أساسيًا في مجال الأمن السيبراني في المستقبل؛ فهم رواد في مجال المنتجات الاستهلاكية، وهذه المنتجات الاستهلاكية المتمثلة بإنترنت الأشياء ستمثل أكبر المخاوف مستقبلًا. فهم لا يوفرون المعلومات الضرورية في متناول يدك فحسب، بل إنهم أيضاً سيمثلون أكبر مجموعة من الأجهزة التي تجمع معلوماتك. وقد تكون هذه أكبر أزمة للأمن السيبراني نحتاج إلى معالجتها في المستقبل من أجل حماية بيانات الأشخاص.

س: هل توجد خطورة في استخدام برمجيات مفتوحة المصدر، وما هي الخطوات التي يمكننا اتخاذها لتقليل المخاطر؟
ج: هناك دائمًا فوائد للمخاطر، سواء كنا نستخدم برمجيات مفتوحة المصدر أو برمجيات ذات ملكية مسجلة. ولكن، السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكننا بناء برمجيات تستند إلى المخاطر لمواجهة هذه المخاطر وبناء نظام دفاع متعدد المستويات يرتكز على مبدأ انعدام الثقة؟

س: كيف ترى تطور التكنولوجيا في السنوات الخمس إلى العشر القادمة؟
ج: سيصبح الأمر شخصياً أكثر فأكثر لأننا ننتقل بين عوالم ومجالات متعددة في رحلتنا لتحقيق ميتافيرس المستقبل.

ج:ما هو الرد الأخلاقي على برامج الفدية؟ هل تتحمل الحكومة مسؤولية حماية الشركات والمواطنين من هجمات برامج الفدية؟ إذا كان الأمر كذلك، فكيف؟


ج:لا يجوز الاستسلام لتهديدات المحتالين ودفع الفدية، ولا يجوز أن أتخلى عن مسؤوليتي طالما أنا المسؤول، حيث سيساهم دفع الفدية في منحهم الفرصة للمواصلة في عمليات الاحتيال. لذلك لن نمنحهم الفرصة على الإطلاق ولن ندفع لهم.

س:هل هناك أي شيء لم نسأل عنه وتود التحدث عنه؟
ج: لم تعد السماء هي حدودنا بعد الآن، بل الفضاء وأمن الفضاء. سنتحدث عن هذا الموضوع في المرة القادمة.