فوز فريق إماراتي في تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي

فاز فريق إماراتي ضمن أربعة فائزين في النسخة الثانية من تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي الذي أقيم في أبوظبي.

استعان فريق دولة الإمارات، والذي يمثل شركة تكنولوجيا الزراعة “ريفولتيك” في دبي، بالحقول الكهرومغناطيسية بهدف تسريع عمليات تجميد الطعام والحفاظ على صلاحيته لمدة تصل إلى 50 عامًا.

ومن الشركات الفائزة الأخرى إلى جانب ريفولتيك:

  • شركة أكواجرين: تتميز بتقنية مبتكرة لتحسين التربة وتتكون من نفايات عضوية قادرة على امتصاص 30 ضعف حجمها في المياه لتزويد المحاصيل الزراعية بالعناصر الغذائية اللازمة والحد من استخدام الأسمدة غير العضوية.
  • ساستينابل بلانيت: طورت هذه الشركة زراعة البروتينات النباتية التي يمكن أن تنمو في المياه المالحة حيث تعتمد على كميات مياه أقل بـ 20 ضعف الكمية التي تحتاجها البروتينات المعزولة.
  • “أوربيسك”: تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للحد من هدر الطعام وبالتالي التقليل من استهلاك المياه والحد من انبعاثات غاز الكربون.

وقد أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في أبوظبي تحدي تكنولوجيا الغذاء بهدف تشجيع إنتاج الغذاء المستدام وإيجاد الحلول لهدر الغذاء.

حصل الفائزون في تحدي تكنولوجيا الغذاء 2022 على جائزة قدرها 2 مليون دولار أمريكي واشتملت الجائزة أيضًا على تقديم الحوافز للمشاريع الناشئة وبرامج الإرشاد، كما تلقت هذه النسخة من المسابقة ما يقارب 700 طلب مشاركة في التحدي من 79 دولة في العالم.

ومن الفائزين بالجائزة من نجح بإمكانية تحويل مشروعه إلى واقع.

وفي النسخة الأولى من هذا التحدي، فاز رايان ليفرز من شركة مزارع البحر الأحمر في السعودية، وهي شركة تساهم في تطوير التكنولوجيات المستدامة لزراعة النباتات في البيئات القاسية كالمناطق الصحراوية.

وفي مقابلة مع تحدي تكنولوجيا الغذاء للأشخاص الذين يرغبون بالمشاركة في المسابقة مستقبلًا، قال رايان: “احرص على تخصيص الوقت الكافي للاستثمار في تحدي تكنولوجيا الغذاء لأنه في النهاية استثمار في مشروعك التجاري، حيث يمكن أن تطور تطبيقًا جديدًا أو تشارك بشكل كبير في الجلسات الإرشادية”.

تشهد مشكلة الأمن الغذائي العالمية تزايدًا كبيرًا، حيث يتوقع برنامج الأغذية العالمي معاناة 345.2 مليون فرد في العالم من انعدام الأمن الغذائي في العام 2023، أي ضعف العدد الذي شهده العام 2020.

تشكيل الأمطار

تعتمد ليندا زو، وهي باحثة من دولة الإمارات، على تكنولوجيا النانو لتطوير مواد جديدة واستخدامها في تلقيح السحب. وتُعرف عملية تلقيح السحب بأنها تكنولوجيا تغيير الطقس تساهم في تعزيز إنتاجية السحب للأمطار. وتحدثت الدكتور ليندا مؤخرًا إلى مجلة جامعة خليفة “ساينس آند تكنولوجي ريفيو” حول مشروعها البحثي ومستقبل تكنولوجيا تلقيح السحب.

المصدر: جامعة خليفة
ليندا زو

ليندا زو، أستاذة في قسم هندسة البنية التحتية المدنية والبيئية في جامعة خليفة ورئيسة مختبر النانو والمياه. تم تعديل هذه المقابلة للتوضيح.

س: هل لك أن تشرحي لنا أساسيات تكنولوجيا تلقيح السحب وما يجب أن يعرفه الأفراد في هذا المجال؟

ج: عندما تصدر الشمس أشعتها تتبخر المياه على سطح الأرض ويرتفع البخار إلى أعلى إلى أن يتكاثف ويتحول إلى مطر أو ثلج.

ويتكاثف بخار الماء بوجود جسيمات صغيرة كالأنوية مكونًا أجزاء صغيرة من الرذاذ الذي يلتصق برذاذ آخر مشكلًا رذاذًا أكبر، ويستمر حجم الرذاذ بالنمو، حيث يكون حجم قطرات الماء عند وصولها إلى الجزء السفلي من الغلاف الجوي كبيرًا وثقيلًا جدًا تتساقط على شكل أمطار. وللأسف، لا يمكن الحصول على هذا النوع من الأنوية بشكل مستمر في الغلاف الجوي لعدم توفرها بشكل كبير، حيث أنها جسيمات تتكون بشكل طبيعي نتيجة رماد البراكين وجسيمات الغبار ، لكن لا يضمن ذلك توفرها وقت الحاجة إليها.

تحدث عملية تلقيح السحب عند نشر مواد اصطناعية عبر طائرات تحلق عند قاعدة السحب ومن ثم إطلاق المواد لتقوم التيارات الهوائية العالية بحملها وإدخالها في السحابة لبدء عمليات التكاثف وتحويل بخار الماء إلى قطرات بشكل اصطناعي.

س: ما مدى أهمية هذه التكنولوجيا للعالم؟

ج: قامت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بدراسة استقصائية خرجت من خلالها بتقرير يبين أن أكثر من 45 دولة تمارس نوعًا من أنواع تكنولوجيات تغيير الطقس، وتعتبر تكنولوجيا تلقيح السحب إحدى أهم تلك التكنولوجيات، بما في ذلك التقدم في المواد المستخدمة لتلقيح السحب والتي قد تساهم في مواجهة مشكلة نقص المياه عالميًا.

س: هل تسُتخدم تقنية تلقيح السحب بشكل أساسي في الدول الصحراوية فقط أم على نطاق واسع من الدول؟

ج: تعتمد تقنية تلقيح السحب بشكل كبير على التكنولوجيا، فهي تحتاج لسرب طائرات. وتعتبر دول كالولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وبعض الدول الأوروبية من الدول التي تعتمد هذه التقنية بشكل ملحوظ في مجال حماية المزروعات من التلف، وتستخدم روسيا هذه التقنية في الحد من تساقط البرد، أما الصين فتعاني من وجود مناطق جافة وتلجأ لهذه التقنية لحل المشكلة. وبما أن هذه العملية العلمية لم تشهد أية ابتكار وتطوير منذ عشرات السنين، فإن دولة الإمارات تساهم في الوقت الحالي في دفع عجلة الابتكار في هذا المجال من خلال برنامجها (برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار).

الرسومات: أنس البني، مجلة جامعة خليفة
الذكاء الاصطناعي في مجال التنبؤ الفوري بالمناخ

تساهم تقنية تلقيح السحب بزيادة معدلات الأمطار في منطقة ما، إلا أن معرفة الوقت المناسب والظروف الملائمة لتطبيق هذه التقنية تعد من الأمور الصعبة. Read more›››

ويرى الباحثون الذين حصلوا مؤخرًا على منحة مالية بقيمة 1.5 مليون دولار أمريكي من المركز الوطني للأرصاد في دولة الإمارات أنه يمكنهم التنبؤ بالظروف الملائمة لعملية تلقيح السحب باللجوء للذكاء الاصطناعي.

حصل لوكا ديللي موناشي، نائب مدير مركز الظروف الجوية الصعبة والمياه في المنطقة الغربية في معهد سكريبس لعلوم المحيطات التابع لجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، في شهر مارس الماضي على منحة مالية لمدة ثلاث سنوات من برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار لمشروعه الذي طوره بالاستعانة بنظام مختلط لتعلم الآلة يساهم في تعزيز عملية التنبؤ الفوري للقيام بعملية الاستمطار.

يتمحور دور عملية التنبؤ الفوري في علم الأرصاد الجوية حول التنبؤ بظروف الطقس والحالة الجوية في الوقت الحاضر أو في المستقبل القريب جدًا. وفي هذا الصدد، قام كل من الأستاذ إرنيستو دامياني والأستاذة الدكتورة ليندا زو والأستاذ حسام الحمادي، وجميعهم من جامعة خليفة، بجمع البيانات لتطوير نموذج أولي لنظام قائم على الذكاء الاصطناعي بهدف دمج البيانات والتنبؤ الفوري بالظروف الجوية.

وأكدت مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، علياء المزروعي، على أن هذا المشروع مكمل لدور المؤسسة المتمثل بتطوير تكنولوجيا الاستمطار وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز رئيس وبارز في بحوث الاستمطار ودعم العالم في التصدي للتحديات التي يفرضها نقص المياه النظيفة. ‹‹‹ Read less

س: يقودنا ذلك إلى السؤال التالي، ما المشكلات والقيود التي يسعى مشروعك لحلها؟

ج: تعتمد تقنية تلقيح السحب بشكل كبير يعتمد نوع المواد المتبعة في جميع أنحاء العالم على نسبة الرطوبة النسبية في الغلاف الجوي، ما يعني أن تلك المواد تنشط في ظروف عالية الرطوبة ولا فائدة من تلك المواد إن لم تتوفر الرطوبة. ولأنني أبحث في علوم التفاعلات بين المواد ونسبة الرطوبة في الغلاف الجوي، أجد أن هناك مجال للتحسين.

س: وهل يرتكز مشروعك على تغيير المواد المستخدمة في عمليات تلقيح السحب؟

ج: نعم، يتضمن مشروعي البحثي ثلاث أفكار بحثت فيها بشكل متعمق وتحققت من صحتها. تكمن الفكرة الأولى في تغيير سطح المادة لتصبح أكثر تفاعلية لتتمكن من تأدية وظيفتها في نسب رطوبة منخفضة نسبيًا، فبدلًا من 75% أو أعلى يمكن أن نستخدمها اليوم في درجة رطوبة 65%.

ولتحقيق ذلك، استعنا بتكنولوجيا النانو لهندسة مادة تنشط في نسب رطوبة واسعة النطاق لأن طبيعة المادة المسامية تسهل سيلان الماء مشكلة بذلك قطرات أكبر حجمًا، الأمر الذي سيساهم في نجاح هذه العملية.

ثانيًا، تم ابتكار نمط حيوي مائي وغير مائي في المادة لتعزيز التفاعل مع بخار الماء. وثالثًا، تم تطوير مادة نانوية مسامية ثلاثية الأبعاد لتعزيز نمو الأنوية الجليدية وبالتالي تحسين عملية تلقيح السحب في السحب الباردة.

س: قد تكون مواد تلقيح السحب القائمة على التكنولوجيات القديمة ضارة بالبيئة، هل هذه مشكلة أخرى تسعين لحلها؟

ج: توجد أنواع مختلفة من مواد تلقيح السحب المستخدمة، حيث يتم استخدام العديد من أشكال الجسيمات الملحية للسحب الدافئة وآثارها البيئية لا تشكل ضررًا، لكن بالنسبة ليوديد الفضة الذي يُستخدم للسحب الباردة والجليد وصنع الثلج قد يساهم في ظهور بعض الآثار السامة. لذلك، لم أقم باستخدام يوديد الفضة في مشروعي البحثي لأني أسعى إلى تصميم مواد جديدة بعيدًة عن المواد التي يمكن أن تسبب أضرارًا.

ذات صلة: Climate change promises uncharted waters for scientists studying atmospheric rivers

س: استعنت بمواد تقوم على فكرة التكيف الطبيعي عند الكائنات الحيوية، ما أهمية الاستعانة بالطبيعة لحل المشكلات؟

ج: شهدت الطبيعة تطورًا خلال ملايين السنين وكل نظام حيوي متطور اليوم ما هو إلا نتيجة هذا التطور، حيث تساهم أدوات التحليل الحديثة في تمكين الباحثين من دراسة تفاصيل علم الأحياء على المستوى الكيميائي الحيوي وتعزيز فهمهم لآلية العمل، كما ساهمت المعرفة المكتسبة حديثًا في تعزيز قدرتنا على محاكاة الآلية الحيوية في مجال تصميم مواد نانوية. وبالرغم من عدم مقدرتنا على تكرار تلك الآليات بشكل تام، يمكننا في هذا الإطار أن نستمد الأفكار ونتعلم المبادئ.

يتم توزيع المواد من قبل طائرات، ويمكن أيضًا توزيعها من مناطيد وطائرات بدون طيار.  المصدر: برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار
ما بعد عمليات الاستمطار

بدأت عمليات الاستمطار في دولة الإمارات في التسعينات، حيث تم تطويرها بالتعاون مع مؤسسات دولية كوكالة الفضاء الأمريكية ناسا والمركز الوطني للبحوث الجوية. Read more›››

ووفقًا لبرنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، تحظى دولة الإمارات اليوم بأكثر من 60 محطة جوية وخمس طائرات متخصصة في مجال تلقيح السحب وشبكة رادارات متكاملة.
تشمل فوائد بحوث تلقيح السحب أيضًا زيادة مستوى فهم الفيزياء الدقيقة للسحب وديناميكياتها والديناميكيات الحرارية، وهي سلسلة فيزيائية من الأحداث التي تؤدي إلى تشكل السحب وهطول الأمطار، إضافة لفهم آلية تفاعل أنوية تكاثف السحب والأنوية الجليدية مع السحب.

ساهمت البحوث في الحصول على مواد تلقيح السحب المحسنة وأساليب مطورة، إضافة لتعزيز دور علماء الأرصاد في التنبؤ بالأحوال الجوية الراهنة والمستقبلية. ‹‹‹ Read less

س: ما هي أكبر التحديات في مجال تلقيح السحب؟

ج: تكمن إحدى المشكلات الرئيسة في مجال تلقيح السحب في العمليات التي تُنفذ جميعها في ظروف مناخية مفتوحة والتي لا يمكن التحكم التحكم فيها في إطار نظام مغلق.

ثانيًا، تختلف طبيعة السحب عن بعضها كما أنها جميعها متنوعة ولا يمكن التنبؤ بها، مما يصعّب تقييم الآثار الناجمة عن تلقيح السحب، لكن في حال تزايد فعالية المواد المستخدمة تكون احتمالية النجاح أكبر بغض النظر عن الظروف التي تشهدها السحب.

س: تركز بعض بحوثك على الجليد والثلج بدلًا من المطر، كيف تختلف هذه المنهجيات عن بعضها؟

ج: تختلف هذه المنهجيات في بعض المناطق وتتشابه في مناطق أخرى، حيث تصل درجة حرارة السحب التي تتشكل على بعد آلاف الأمتار عن سطح الأرض إلى ما دون الصفر ويكون الهطول في تلك الارتفاعات جليدًا، وعند سقوط الجليد في مناطق باردة فإنه يتحول إلى ثلج وإذا سقط في مناطق حارة كدولة الإمارات فإنه يذوب مشكلًا مطرًا.

وتتوفر العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها في مجال السحب التي تصل درجة حرارتها إلى ما دون الصفر والتي لها ظروف مختلفة، فعندما تتبخر المياه تدخل إلى السحب الباردة وتملأها بمعدل رطوبة نسبي يزيد عن 100%، وفي نفس الوقت تحافظ على حالتها كبخار ماء شديد البرودة. وفي هذه المرحلة، إذا التقى البخار شديد البرودة بنواة جليدية مناسبة تتكون حينها بلورات الجليد وتنمو بشكل سريع لتكون كتلة جليدية كبيرة.

وبحثت أيضًا في مجال تطوير هذا النوع من الأنوية الجليدية التي غالبًا ما تتكون من يوديد الفضة، وقد يرجع ذلك إلى الفرضية التي تقر بوجود شبه بين طبيعة هيكل الأنوية الجليدية البلورية والجليد، حيث يصعد البلور الجليدي فوق بعضه البعض نظرًا لتطابق أطرها البلورية المتشابكة. وبذلك، تختلف آلياتها بشكل كبير عن الرذاذ.

تحدثنا سابقًا حول يوديد الفضة ومشكلاته وعدم توفر الكثير من البدائل، لكن قمت بتصميم مادة بديلة قادرة على تكوين ثلج اصطناعي في منتجعات التزلج ويمكن الاستفادة منها في التجارب المتعلقة بالغرف السحابية.

س: هل يمكن أن تصفي لنا المادة؟?

ج: تتميز مادة تلقيح السحب الجديدة بشكلها الصدفي وتتكون نواتها من كلوريد الصوديوم ومغطاة بجسيمات التيتانيا النانوية، حيث يساهم هذا التركيب في توفير الأثر التبادلي خلال التكاثف في مستويات رطوبة أقل نسبيًا وتشكيل رذاذ أكبر حجمًا، وهما فائدتان هامتان لزيادة احتمالية سقوط الأمطار.

يعتمد شكل الهطول، سواء على شكل أمطار أو ثلوج، على درجة حرارة الهواء. المصدر: Shutterstock

س: هل سيُستخدم هذا النوع من التكنولوجيا للتحكم في الأحوال الجوية غير المرغوب بها كالحد من البَرَد مثلًا؟

ج: نعم، ذلك هو الحال في بعض الدول الأوروبية لحماية القطاع الزراعي من الظروف الجوية السيئة كالبَرَد والصقيع.

س: في رأيك، ما هو الأثر الذي ستتركه تكنولوجيا تلقيح السحب على تغير المناخ؟

ج: هذا سؤال مهم جدًا، تقع عملية تلقيح السحب ضمن النطاق الأوسع لاستراتيجيات تغير المناخ، فإذا حصلنا على أمطار كثيرة من خلال تلقيح السحب، سيساهم ذلك في تبريد الجو وسد النقص في خزانات المياه الجوفية وسيقل الطلب على أجهزة تكييف الهواء وعلى عمليات التحلية، وهي آثار إيجابية وفعالة بشكل كبير.

س: ما هي المرحلة القادمة؟ ما هو التطوير المقبل؟

ج: تتمحور الخطوة التالية في تطوير الإنتاج الذي من شأنه توفير المزيد من مواد تلقيح السحب. وبعيدًا عن الطائرات، يمكن إطلاق المواد عبر وسائل عديدة تشمل البالونات والطائرات بدون طيار، كما يمكن الاستفادة منها في تطبيقات جمع المياه السطحية كشبكات جمع المياه.

س: هل هناك معلومات أخرى لم نغطيها وتودين ذكرها؟

ج: أثمن دور برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار الذي وفر لنا الدعم المالي اللازم للمشروع البحثي الذي ستعم فائدته على الجميع. من ناحية أخرى، نسعى إلى تحويل المواد الجديدة إلى منتج على نطاق تجاري واسع ليشمل أكبر قدر ممكن من التطبيقات، وقد بدأنا العمل على ذلك ويحتاج لدعم القطاعين الحكومي والصناعي في هذا الجانب لأنه إذا نجحت هذه التكنولوجيا على المستوى التجاري ستستفيد منها العديد من الدول.

الملح والبحر والشمس: مستقبل تحلية المياه الواعد

يعتبر توفر مصدر المياه في حال كنت تائهًا في الصحراء أمرًا رئيسًا لبقائك على قيد الحياة، لكن يصعب توفر ذلك في الأراضي الصحراوية التي تفتقر لهطول الأمطار كما تفتقر لموارد المياه التي تشمل الأنهار والبحيرات والتي تمكن الأفراد قاطني تلك المناطق من العيش فيها، خاصة وأن كل ما تمتلكه المناطق الصحراوية هو خطوط ساحلية تتيح إمكانية الحصول على كميات كبيرة من مياه البحر المالحة.

تحلية المياه:

تعد عملية تحلية المياه طريقة فعالة للحصول على مياه نقية، حيث تشكل المياه في الكرة الأرضية نسبة 70% لكن تشكل نسبة المياه الصالحة للشرب 1% فقط، والحل هنا هو فصل الملح عن المياه.

تاريخ قاس من المخلفات

“يعتبر توفر المياه عبر التاريخ أمرًا أساسيًا لتقدم الحضارات الإنسانية وازدهارها منذ بداية عصر بلاد ما بين النهرين إلى الوقت الحاضر الذي يشهد تطورًا متسارعًا في المدن في منطقة الشرق الأوسط”. Read more›››

تسبب الهدر في استخدام المياه وسوء الإدارة والتحديات البيئية في نفاد وتراجع مصادر المياه النظيفة الذي انعكس بشكل” سلبي على صحة الإنسان وظروف المعيشة وعملية التقدم الاجتماعي والاقتصادي”.

توم بانكراتز, محرر مجلة “ووتر ديسالينيشن ريبورت”‹‹‹ Read less

وفي دولة الإمارات، تعتبر المياه الجوفية مالحة أيضًا وقد تصل ملوحتها في بعض الأحيان إلى 8 أضعاف ملوحة مياه البحر، لكن يمكن الاستفادة من هذه المياه في ريّ النباتات الملحية كأشجار النخيل وغير ذلك مما يحتاج إلى مياه معالجة بالتحلية.

تتصدر منطقة الشرق الأوسط الطليعة في مجال الاستدامة لأن حكومات الدول هناك تركز على مواجهة شح المياه منذ البداية، ويأتي التطور في مجال حفظ المياه واستدامتها في المنطقة نتيجة لمنهجية متعددة الأبعاد تتطلب إعادة النظر في تخطيط المدن والاستخدام الفعال للمياه والحلول المبتكرة لتوفير مياه نظيفة.

الحل المثالي

تتوفر محطات تحلية المياه بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط، ووفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية فإن 70% من محطات التحلية في العالم تقع في هذه المنطقة ومعظمها في السعودية والإمارات والكويت والبحرين، حيث تعاني هذه الدول من نقص في المياه النقية لكنها غنية بالنفط وبالتالي يمكن الاستفادة من التقنيات التي تعتمد على الطاقة في إنتاج مياه نظيفة.

ولأن النفط لن يدوم لوقت طويل والعالم اليوم يعاني من آثار الاحتباس الحراري وتغير المناخ نتيجة الاعتماد على الوقود الأحفوري في التطبيقات التي تشمل تحلية المياه في المناطق الصحراوية، فقد كان لا بد من إعادة تجديد مصادر الطاقة. وفي هذا الإطار، تتمتع منطقة الشرق الأوسط بمصادر وفيرة للطاقة المتجددة البديلة كالشمس.

ذات صلة: Desalination has social benefits – and costs, too

ولكن، ما هي آلية عمل تقنية تحلية المياه؟

تعد تقنية الضغط الأسموزي العكسي من أشهر الطرق التي تتيح مرور كميات كبيرة من مياه البحر من خلال أغشية شبه منفذة لفصل الملح عن المياه، حيث تمثل هذه الأغشية مصفاة دقيقة تساهم في التقاط الملح والشوائب الأخرى.

ومع أن هذه الطريقة تعتبر فعالة في مجال تحلية المياه، إلا أنها تعتمد على ضغط مائي عال وتتطلب عمليات ضخ قوية ومعالجة مسبقة ذات تكلفة اقتصادية مرتفعة. ففي المنطقة الشرقية في السعودية على سبيل المثال، تحتاج مياه البحر أولًا لتنقيتها من الزيوت والشحوم وقناديل البحر.

الصورة: Shutterstock
ماذا نفعل بالمحلول الملحي؟

يتكون المحلول الملحي من نسبة تركيز عالية من الأملاح الذائبة في الماء وهي ناتج ثانوي عن العديد من العمليات الصناعية التي تشمل عملية تحلية المياه وأسهل طريقة للتخلص من هذا المحلول الملحي هي إرجاعه إلى المحيط، لكن سيؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة ملوحة مياه البحر وزيادة نسبة القلوية فيها، الأمر الذي يشكل خطرًا بيئيًا كبيرًا.
Read more›››

وتوجد طريقة أخرى شائعة للتخلص من المحلول الملحي وهي الاستعانة ببرك التبخير التي تتبخر من خلالها المياه وتُجمع الأملاح ليتم الاستفادة منها في عمليات أخرى، ولكن كل من هاتين الطريقتين غير آمنتين على البيئة بشكل تام، وفي نفس الوقت قد يكون المحلول الملحي غير المعالج سامًا وضارًا إذا لم يتم التخلص منه بالطرق المناسبة.

وفي هذا الإطار، قام فريق بحثي تعاوني يضم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في دولة الإمارات بتصميم نموذج البلور الشمسي الذي يعتمد على الطاقة الشمسية كمصدر رئيس للطاقة يساهم في رفع درجة حرارة المحلول الملحي وتبخره، وهي فكرة مشابهة لمبدأ عمل برك التبخير باستثناء أن النموذج المطور يقوم بجمع البخار المتكاثف والحصول على مياه نقية.

يبدو ذلك الحل مناسبًا للحد من خسارة المياه، لكن يمكن أن تؤثر زيادة كميات الملح في المياه على أداء المواد في البلور. لذلك، قرر الفريق البحثي تصميم جهاز جديد يقوم على الفصل بين سطح التبخر وسطح امتصاص أشعة الشمس بواسطة صفيحة من الألمنيوم ذات توصيل حراري عال. وبذلك، تقوم جدران القاعدة والجدران الداخلية بامتصاص الطاقة الشمسية، بينما تقوم الجدران الخارجية بعمليات التبخير والتكاثف.

وأكد الفريق البحثي على أن التوصيل الحراري المرتفع الذي يتميز به فاصل الألومنيوم يساهم بشكل فعال في إيصال الحرارة التي تنتج في قاعدة الجهاز إلى الجدران لتتم عملية التبخر. ويرى الباحثون أن هذه الطريقة تعتبر بسيطة لكنها تمثل استراتيجية واعدة قادرة على توفير حل مستدام وبتكلفة اقتصادية مناسبة لمعالجة المحاليل الملحية الصناعية، خاصة في التطبيقات الصغيرة ومتوسطة الحجم.‹‹‹ Read less

مياه البحر

تتميز عملية التحلية بأنها تتطلب كميات كبيرة من الطاقة. ووفقًا لريتشارد مولر، أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا، نحتاج لتحلية متر مكعب من مياه البحر لكل كليو واط أو أكثر من الطاقة في الساعة.

ذات صلة: Khalifa University is a hub for desalination research

ويؤكد كورادو سوماريفا، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة مستشاري المياه والطاقة المستدامة في منطقة الشرق الأوسط، على أن قطاع تحلية المياه قد شهد ثورة خلال السنوات الخمس الماضية ويرى أنه بالإمكان تعزيزه بالطاقة المتجددة وبشكل خاص الطاقة الشمسية.

تراجعت تكلفة عمليات التحلية بالطريقة الإسموزية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بسبب تبسيط الإجراءات وانخفاض تكلفة الكهرباء. وعلى اعتبار أن الطاقة الشمسية أقل تكلفة من الطاقة الكهربائية، فإن الانتقال لمصادر الطاقة المتجددة هو أمر حتمي.

وفي سياق متصل، قال توم بانكراتز، محرر مجلة “ووتر ديسالينيشن ريبورت” الأمريكية: “تعتبر عملية تحلية المياه من العمليات التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة مقارنة بغيرها من عمليات معالجة المياه، وهناك اهتمام متزايد في مجال استخدام الطاقة المتجددة بهدف الحد من تكاليف تشغيل المحطات وآثارها البيئية. وفي منطقة الشرق الأوسط حيث تحلية المياه هي المصدر الرئيس لإنتاج المياه، تعد الطاقة المتجددة أقل تكلفة من الطاقة المعتمدة على الوقود الأحفوري على الرغم من وفرته.

وأضاف: “نظريًا، يمكن الاستفادة من أي شكل من أشكال الطاقة المتجددة في عملية تحلية المياه، لكن تشكل الطاقة الشمسية محط الاهتمام الأكبر، إضافة إلى أن المناطق الصحراوية التي تحتاج لتحلية المياه تحظى بكيمات كبيرة من أشعة الشمس”.

الرسومات:أنس البني، مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.
المُقطِّرات الشمسية: الحل التقليدي

تعتبر الطرق التقليدية في بعض الأحيان الطرق الأفضل. Read more›››

تعد المقطرات الشمسية التكنولوجيا الأقدم من نوعها في مجال تحلية المياه، فهي أجهزة بسيطة تستفيد من أشعة الشمس لتنقية المياه.

يتم وضع المياه المالحة في قاع المقطر وتوضع فوقها قطعة من الزجاج أو البلاستيك ذات زاوية منحرفة، حيث تساهم أشعة الشمس في تبخر المياه الذي يتكاثف على السطح الذي يعلوه ثم يتساقط ليتجمع في حوض منفصل، وتبقى الشوائب والأملاح في قاعدة المقطر والمياه التي في الحوض هي مياه نقية ونظيفة صالحة للشرب.

فإذا احتجت لمصدر مياه نظيف، يمكنك صنع المقطرات الشمسية بواسطة صفيحة من البلاستيك (1) يمكنك من خلالها تشكيل حفرة في الأرض وكوب لجمع المياه النظيفة (2) وصفيحة بلاستيكية أخرى (3) توضع في الأعلى يتم تثبيتها بحصى للحصول على سطح مائل لتكاثف البخار.‹‹‹ Read less

وقال كورادو: “تشهد منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي تزايدًا في محطات الطاقة الشمسية لإنتاج المياه النظيفة في المناطق القاحلة.

وتصل أسعار الطاقة لمدة ست ساعات في اليوم كحد أدنى إلى (1) سنت أمريكي للكيلو واط في الساعة، حيث يتم إرسال تلك الطاقة إلى مختلف المرافق من المحطات الكهروضوئية لأن كمية الطاقة الكهربائية التي يتم إنتاجها من قبل هذه المحطات تفوق طلب الشبكات في ساعات معينة خلال اليوم، كما تتيح المحطات الكهروضوئية الفرصة لتشغيل محطات التحلية لتشكل بذلك مولدات للمياه النظيفة وأجهزة امتصاص وتخزين في شبكات الطاقة

الموازنة الصعبة

لا يعتبر انتقال الطاقة الكهربائية من محطات توليد الطاقة إلى منازلنا وشركاتنا أمرًا سهلًا، حيث تواجه مشغلات الشبكات العديد من المهام الصعبة التي تكمن في الموازنة بين كميات الكهرباء التي تغذي الشبكة وكميات الكهرباء التي تُستهلك في المحافظة على استقرار تشغيل النظام، كما تشكل مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تغذي الشبكة تحديًا آخرًا لتحقيق التوازن.

ويشير توم إلى أنه ليس من الصدفة تنفيذ محطات التحلية التي تقوم على الطاقة المتجددة في السعودية ودولة الإمارات اللتين تمتلكان أهم وأكبر محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

وقال توم: “من غير المجدي بناء محطة كبيرة للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح على مقربة من محطة لتحلية المياه على الساحل، ويفضل من الناحية الاقتصادية والعملية بناء محطات الطاقة المتجددة على بعد مسافات كبيرة داخل حدود الدولة وتزويد شبكة الكهرباء بالطاقة ليتم توزيعها لمحطات تحلية المياه والمرافق الأخرى”.

وأضاف توم: “وتضمن هذه المنهجية موقع محطات التحلية ومحطات الطاقة الذي يتميز بتكلفة اقتصادية مناسبة، وتساهم أيضًا في الحد من الحاجة للبطاريات الكبيرة المستخدمة في حفظ الطاقة خلال الليل أو ظروف عدم توفر الرياح”.

بطارية مبتكرة

يرى كورادو أنه يمكن لمحطات تحلية المياه التي تقوم على الطاقة الشمسية أن تؤدي دور نظام حفظ الطاقة الكهربائية من خلال الاستفادة من الكهرباء الزائدة عن الحاجة التي تنتجها المحطات الكهروضوئية، بدلًا من تشغيل محطات الوقود الأحفوري بشكل مستمر، في مجال تحلية المياه. وقد يكون ربط محطات التحلية بشبكة الطاقة المتجددة حلًا لمشكلتين تواجهان المنطقة هما، حفظ الطاقة المتجددة ونقص مياه الشرب.

قال كورادو: “إذا انتقل القطاع الصناعي من المفهوم التقليدي لإنتاج المياه الذي يفرضه نقص المياه، يمكن توظيف محطات التحلية بأسلوب مستدام ومرن لإنتاج المياه عندما يكون هناك فائض طاقة ناتج عن المحطات الكهروضوئية في الشبكة وتقليص عمليات التحلية عندما تصل الشبكة لوضع الذروة”.

نظريًا، يمكن الاستفادة من أي شكل من أشكال الطاقة المتجددة في عملية تحلية المياه، لكن تشكل الطاقة الشمسية محط الاهتمام الأكبر.

توم بانكراتز, محرر مجلة “ووتر ديسالينيشن ريبورت” الأمريكية

تعليق: قد تمثل محطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية نظامًا لحفظ الطاقة الشمسية. IMAGE:أنس البني، مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.

إضافة لذلك، لا يتطلب إنتاج المياه في حال توفر طاقة فائضة في محطات الطاقة وتقليص إنتاجها في حال وصول الشبكة إلى الذروة تغييرات جذرية في البنية التحتية، ولكن يتطلب زيادة في سعة التخزين لمياه الشرب الناتج عن ذلك. ويشير كورادو في هذا السياق إلى أن سعة تخزين المياه تعد جزءًا من التطوير الاستراتيجي في المنطقة.

قال كورادو: “من المهم أن يبدأ صناع القرار بالنظر إلى عملية تحلية المياه ليس كوسيلة لإنتاج الماء فقط وإنما مخزن للطاقة ونظام حفظ غير مباشر”.

إضافة إلى الميزة التي تحظى بها محطات التحلية في منطقة الخليج والعالم في مجال التحديث والتطوير الذكي لعمليات التشغيل التي لا تتطلب طاقة بشكل كامل.

تحسينات متواصلة

يعد استخدام الطاقة المتجددة في مجال تحلية المياه فكرة ليست جديدة، حيث صدر قرار في منتصف التسعينات حول محطات معالجة المياه التقليدية في الولايات المتحدة والتي قامت بإدراج الطاقة الشمسية في مجال معالجة المياه كمحطة ماساتشوستس في العام 2009.

الصورة: أنس البني، مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.
إدارة الموارد

ساهم سوء إدارة المياه في السابق والممارسات الزراعية غير المستدامة في منطقة الشرق الأوسط في تفاقم مشكلة التصحر ونقص المياه التي أصبحت مشكلة كبيرة في بعض الدول كالأردن واليمن. Read more›››

وقد رفعت زيادة مستويات الزراعة والصناعة والتوسع العمراني والنمو السكاني من نسبة الطلب على المياه، كما ساهم تغير المناخ في الحد من موارد المياه يومًا بعد يوم.

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن لكل درجة سلسيوسية واحدة من الاحتباس الحراري يشهد ما نسبته 7% من العالم جفاف 20% من مصادر المياه الناتجة عن الطاقة المتجددة، حيث يؤدي تعاقب فترات الجفاف وحاجة المحاصيل المتزايدة للمياه خلال ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الضغط على المياه وبالتالي تضاؤل مواردها.

وفي سياق مشروع المياه والتركيز على مستقبل محطات التحلية في منطقة الشرق الأوسط، يتم التشجيع على اكتشاف أشكال الطاقة والمياه البديلة والمحادثات المتمحورة حول المياه النظيفة.‹‹‹ Read less

يمكن لتحلية المياه أن توفر كميات كافية من المياه عند الحاجة والذي يعزز بدوره الأمن المائي للدول، وتدعم استقرار الأقاليم من خلال تفادي النزاعات على مصادر المياه، ما يعني أن هناك مجموعة من الفرص أمام المجتمعات للاستفادة من تكنولوجيات تحلية المياه.

ويساهم العديد من الباحثين، على الرغم من التحديات، في العمل على تحسين عمليات التحلية لإتاحة وصولها لأكبر عدد ممكن من السكان ومواجهة مشكلة تغير المناخ دون آثار سلبية. وفي هذا الصدد، وضع “التحالف العالمي لتحلية المياه النظيفة” هدفًا لـ 20% من محطات تحلية المياه الجديدة وهو أن يتم تزويدها بالطاقة المتجددة ما بين الأعوام 2020 و2025. وفي الوقت الحالي، تشكل الحصة العالمية للطاقة المتجددة المستخدمة في تحلية المياه نسبة 1%.

ويؤكد كورادو على أن التحدي الرئيس للوصول لتحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة هو تحويل أصول تحلية المياه الحرارية التقليدية

وقال: “امتدت الصلاحية الاقتصادية لهذه المحطات لعقود عديدة، إضافة لاستهلاكها الكبير للطاقة. وفي نفس الوقت، تعتبر تحلية المياه تكنولوجيا سريعة التطور”.

لم تجر أية تطورات رئيسة في هذه التكنولوجيا مؤخرًا، لكن تشهد عمليات التحلية تحسينات بمعدل ثابت التي تعزز العمليات وتزيد فعاليتها بشكل دائم.

منهجية متطورة

يتجه الشركاء في قطاع صناعة تحلية المياه نحو الطاقة المتجددة.

تهدف هيئة كهرباء ومياه دبي على سبيل المثال إلى تزويد محطات التحلية بالطاقة الشمسية بحلول العام 2030، كما تشجع الهيئة على رفع مستوى فعالية الطاقة المتجددة ودمجها في عمليات إنتاج المياه بشكل واسع النطاق.

وفي ميناء أوغستا في أستراليا، تعتمد إحدى محطات التحلية على الطاقة الشمسية لتوفير مياه الشرب في مزارع الطماطم. وفي غرب أستراليا، يتوجب على جميع محطات التحلية الحديثة استخدام الطاقة المتجددة.

تعليق: مثلث تحلية المياه: عند خروج النفط، هل يمكن إدخال الطاقة الشمسية الصورة:أنس البني، مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.

قال توم: “تحظى جميع مشغلات محطات تحلية مياه البحر الأسترالية بعقود مع مزودي الطاقة المتجددة الذين يساهمون في تزويد الطاقة في الشبكة المحلية بكمية مساوية لتلك التي تتطلبها محطات تحلية المياه مقابل تكلفة معينة”.

ومن ناحية أخرى، يتم تزويد مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في السعودية بمحطات لتحلية مياه البحر الأحمر تقوم على الطاقة الشمسية. وفي دولة الإمارات، تساهم محطة مصدر في غنتوت بإنتاج مياه معالجة بالتحلية بالاستعانة بالطاقة الشمسية وتقوم شركة “مسكارا لتحلية المياه بالطاقة المتجددة” التي طورت المحطة بتطوير مشاريع أخرى مشابهة في موريشيوس والرأس الأخضر وجنوب إفريقيا والمغرب وفانواتا.

مشاريع أخرى

شهدت بعض المناطق العديد من المشاريع التجريبية محدودة النطاق كمنطقة الشرق الأوسط وإسبانيا والهند، حيث جمعت التجارب ما بين الطاقة الشمسية المركزة وتحلية مياه البحر. وأشار توم إلى أن هناك مجموعة من المشاريع البحثية في الوقت الحالي تركز على استخدام أشكال أخرى من الطاقة المتجددة تشكل طاقة الأمواج ومصادر الطاقة الجوفية الحرارية والكتل الحيوية، إضافة لأشكال الطاقة التي تحتوي على أجزاء ملحية وكيميائية ومستويات مختلفة من الضغط.

وأضاف توم: “تحظى هذه التكنولوجيا بمستقبل واعد يتحقق في الوقت الحالي، حيث أثبتت تحلية المياه التي تقوم على الطاقة المتجددة فعاليتها في محطات دول مجلس التعاون الخليجي وفي جميع أنحاء العالم وعلى المستوى المحلي، كما يوجد المئات من محطات تحلية المياه الصغيرة التي تعتمد على الطاقة المتجددة والتي لا تزال قيد الإنشاء في الدول النامية التي تضم كينيا ومدغشقر وموزمبيق ونيجيريا”.

وستواصل تكنولوجيا تحلية المياه بتوفير المياه النظيفة للمدن المتعطشة للمياه طالما يواجه كوكب الأرض مستقبلًا مجهولًا بالنسبة للمياه.ولأن الطاقة المتجددة تشهد إقبالًا متزايدًا في الوقت الحالي وتكاليف التكنولوجيا آخذة بالانخفاض، ستصبح الطاقة المتجددة الخيار الاقتصادي الأنسب والحل الأمثل للحفاظ على البيئة.

أثبتت تحلية المياه التي تقوم على الطاقة المتجددة فعاليتها في محطات دول مجلس التعاون الخليجي وفي جميع أنحاء العالم

توم بانكراتز

وذلك ليس أمرًا سيئًا بشكل عام.

توفر طريقة تحلية المياه كميات كافية من المياه حسب الحاجة، الأمر الذي يعزز مفهوم أمن المياه في الدولة ويساهم في دعم الاستقرار إقليميًا من خلال تفادي أية صراعات على مصادر المياه والذي يعني توفير عدد كبير من الفرص التي تعود بالفائدة على المجتمع من خلال تكنولوجيات تحلية المياه.

يعتبر توفير فرص العمل المحلية والمتمثلة بعمليات إنشاء وتشغيل محطات التحلية أحد تلك الفوائد، كما تتيح تكنولوجيا تحلية المياه فرص التعليم والعمل في المجتمعات الفقيرة من خلال الحصول على المياه بشكل سهل ومنخفض التكلفة خاصة للسيدات اللاتي اعتدن على إحضار المياه وحملها من أماكن بعيدة الأمر الذي يستهلك الوقت والجهد.

التخطيط المدني في عصر الجوائح

جائحة كوفيد-19 ليست الوباء الأول في العالم الذي فرض مجموعة من التغيرات على طريقة عيشنا، حيث ساهمت العديد من الأمراض المعدية في السابق في تحويل آليات التخطيط العمراني.

فقد شهدت دول أوروبا بعد انتشار وباء الطاعون في القرن الرابع عشر تحويل مجموعة من الساحات العامة الضيقة إلى ساحات كبيرة واسعة مدمجة مع الطبيعة، وشهدت لندن في القرن التاسع عشر بعد تفشي مرض الكوليرا في جميع أنحائها إجراء بعض التحسينات على البنية التحتية المتعلقة بإدارة المياه، كما قام السكان في مختلف أرجاء العالم بتجنب طرق المواصلات العامة الضيقة بعد انتشار الإنفلونزا الإسبانية ولجأوا إلى الاستعانة بالطرق غير المزدحمة.

نشأت الممارسات المتبعة في التصميم الهندسي والعمراني الشائعة في يومنا هذا عن ممارسات مماثلة تم اتخاذها على مر التاريخ لحماية صحة السكان وضمان حياة نظيفة خالية من الأمراض. وفي هذا الصدد، اتجهت أنظار الباحثين إلى التركيز على السكان وحمايتهم من الأوبئة.

يجب على المدن أن تدرك آلية الموازنة ما بين المتطلبات المتعارضة المرتبطة بالتباعد الاجتماعي والمحافظة على الاقتصاد وضمان جودة الحياة للأفراد

– خالد العوضي

ويوضح فريق بحثي من جامعة خليفة أن عنصري سهولة الوصول وإمكانية المشي لدى سكان المناطق الحضرية هما في غاية الأهمية للتصدي للجوائح، حيث نشر الفريق نتائج الدراسة في المجلة الدولية الرائدة “ساستينبل سيتيز آند سوسايتي” التي ذكر فيها أنه يمكن تحقيق عنصري سهولة الوصول وإمكانية المشي لدى سكان المناطق الحضرية إذا تم الدمج المناسب ما بين الهيكل والتصميم.

وأكد الدكتور خالد العوضي، الأستاذ المشارك في قسم هندسة البنية التحتية المدنية، على أن الجوائح القادمة مستقبلًا قد تفرض مزيدًا من الإغلاقات التامة وهنا تظهر الحاجة الماسة للمساحات المفتوحة الكبيرة.

وقال الدكتور خالد: “يجب على المدن أن تدرك آلية الموازنة ما بين المتطلبات المتعارضة المرتبطة بالتباعد الاجتماعي والمحافظة على الاقتصاد وضمان جودة الحياة للأفراد، لأنها ساهمت جميعها في الحد من التركيز على الكثافة السكانية. وفي هذا السياق، نرى أنه لابد من تحقيق التوازن في مستويات الكثافة السكانية من خلال تصميم المناطق السكنية من خلال تحقيق التوازن بين القضايا البيئية وجودة حياة الأفراد”.

تأثير غربي كبير

تقتصر الجهود المبذولة لإعادة تحديث طرق المشاة وتطويرها على مراكز المدن فقط على الرغم من أن أغلبية السكان لا يزالون يفضلون الإقامة في المناطق السكنية المحيطة. ففي دول مجلس التعاون الخليجي، وفي دولة الإمارات على وجه الخصوص يعتبر التوسع العمراني في المناطق المحيطة بمراكز المدن أمرًا سائدًا، حيث تشكل نسبة العمران في تلك المناطق السكنية في أبوظبي أكثر من 50% وفي دبي تصل النسبة إلى 40%.

وأشار الباحثون إلى ضرورة إعادة النظر في تصميم المناطق السكنية المحيطة بالمدن الرئيسة بدلًا من تجاهلها، لاعتبارها مؤشرات رئيسة للتطوير الحضري. وتتضمن دراسة الفريق رسم الخرائط المورفولوجية وتحليل منظومة الطرق الحضرية بهدف تطوير المناطق الحضرية مستقبلًا، حيث ركز الباحثون على الأحياء السكنية في أبوظبي ودبي من خلال دراسة المخططات الهيكلية والعمرانية في المدينتين المتشابهتين لنماذج الأحياء السكنية الشائعة في المدن الغربية.

أضاف الدكتور خالد: “تحظى المدينتان بسجل كبير في مجال دعوة الشركات الاستشارية وتوظيفها والمهندسين المعماريين الأجانب الذين حصلوا جميعاً على تدريبهم في دول غربية. ولهذا، نجد أن الشبكات والمخططات الهندسية التي تشكل مجموعة متنوعة من الأحياء في أبوظبي ودبي هي نفسها المطبقة في تخطيط المدن في جميع أنحاء العالم.”

نجد أن الشبكات والمخططات الهندسية التي تشكل مجموعة متنوعة من الأحياء في أبوظبي ودبي هي نفسها المطبقة في تخطيط المدن في جميع أنحاء العالم

– خالد العوضي

كانت المساكن المنفصلة التي تكفي أسرة واحدة تشهد استحسانًا كبيرًا من قبل السكان وكانت تمثل الشكل الأساسي للضواحي في جميع أنحاء العالم ورمزًا للحلم الأمريكي، وفي بعض الأحيان كانت تلقى الذم كبيئة يرثى لها. لكن فريق جامعة خليفة يرى بأنه لا ينبغي تصور الضواحي على أنها تجمعات سكنية مترامية الأطراف ومنخفضة الكثافة فقط.

وقال الدكتور خالد: “لا يمكن التغاضي عن إمكانية تصميم المناطق العمرانية في أشكال مختلفة ومستويات كثافة متفاوتة، فعلى سبيل المثال يمكن تصميم المناطق السكنية الجديدة بخصائص معينة كتصميم أنظمة الطرق بأسلوب متداخل بدلًا من شبكات الطرق المجزأة والعشوائية، كما تلعب سهولة الوصول للمكان في المناطق السكنية دورًا محوريًا في المناطق الحضرية المنظمة لأن السكان يفضلون المشي وركوب الدراجات الهوائية في المنطقة السكنية المحلية التي تتميز بسهولة الوصول وقصر المسافات من نقطة لأخرى”.

زيادة سهولة الحركة والوصول

يعتبر عنصرا إمكانية الحركة وإمكانية الوصول أمرين متلازمين، حيث يمكن تعريف إمكانية الحركة ببعد المسافة التي يمكن أن يقطعها الفرد في وقت معين، أما إمكانية الوصول فتعني مدى سهولة وصول الفرد للمكان. وقد تمكن الباحثون من إثبات أن عنصر إمكانية الوصول له دور كبير في التأثير على نوعية العيش الحضري وتوزيع الكثافة السكانية والصحة العامة وإمكانية الحركة والتنقل.

وتوصل الباحثون، عند مقارنة أبوظبي ودبي، إلى أن الوصول إلى دبي أكثر سهولة بشكل عام نتيجة ربط شبكات الطرق مع الطرقات الضيقة بين المباني.

وقال الدكتور خالد: “يعتبر المشي داخل الأحياء السكنية للأغراض الترفيهية واللياقة البدنية وغيرها أمرًا ضروريًا لا يمكن الاستغناء عنه في فترة ما بعد الجائحة. وقد أثارت جائحة كوفيد-19 بعض المواضيع القديمة من جديد والتي تتعلق بالتخطيط الحضري، حيث أن هناك إجماع بشأن الحاجة إلى وجود أحياء سكنية يمكن المشي فيها في المدن في فترة ما بعد الجائحة، كما يطمح الأفراد إلى سهولة الوصول إلى الأماكن المفتوحة والحدائق العامة والوجهات الأخرى لتلبية احتياجاتهم اليومية.

وبذلك، يمكن القول بأن إعادة تصميم الضواحي بالاستعانة ببنية تحتية مناسبة يسهل استفادة قاطني المنطقة منها والوصول إليها، له أثر فعال في توفير خيار سكني ملائم للسكان في فترة ما بعد الجائحة”.

بشكل مباشر من الغلاف الجوي

يتسم المناخ في أحد المناطق الواقعة في كوكب صحراوي تابع لمجرة بعيدة جدًا بارتفاع درجة الحرارة والجفاف وخلوه من أية مسطحات مائية، فهو عالم متعطش للمياه وبمعزل عن بقية الكواكب تتم إضاءته بنجمين ثنائيين فقط.

يوجد سببان للبدء بتقديم وصف حول “تاتواين” وهما، أن هذا الكوكب الصحراوي ظهر في سلسلة حرب النجوم التي استعرضت تكنولوجيات أصبحت حقيقة واقعة في يومنا هذا، كما أنه بإمكاننا اختبار الأماكن الحقيقية على أرض الواقع والتي كانت مصدر إلهام لهذه المشاهد الخيالية.

سنتحدث الآن عن الزراعة الرطبة.

تعتبر أجهزة التبخير، أو ما يعرف بأبراج التبخير كما ورد في سلسلة حرب النجوم، هي أجهزة تستخدم لإضفاء الرطوبة في المزارع التابعة لكوكب “تاتواين”، حيث تقوم هذه الأجهزة بالتقاط الماء من الغلاف الجوي. وتتصف هذه الأجهزة بأنها اسطوانية طويلة موضوعة على المسطح الأرضي وتعتمد على المكثفات المبردة، حيث تقوم بسحب المياه التي تحيطها من الغلاف الجوي ليتم بعد ذلك ضخ المياه في حوض كبير لتخزينها. ويمكن لهذه الأجهزة جمع 1.5 لتر من المياه يوميًا حتى وإن كانت الرطوبة النسبية في الغلاف الجوي تساوي 1.5%. ويعد ذلك فكرة قيمة، حيث أصبحت تلك الفكرة اليوم حقيقة بفضل التكنولوجيات الحديثة والمواد المتقدمة الذي ظهرت لجمع الماء من الغلاف الجوي.

ويمثل ذلك مفهومًا أساسيًا بسيطًا، فإذا أخذت كأس ماء شديد البرودة وخرجت به في يوم شديد الحرارة ستلاحظ حينها قطرات الماء قد تشكلت على السطح الخارجي للكأس. فإذا رفعت درجة حرارة الهواء ستفقد المياه قدرتها على المحافظة على شكلها الفيزيائي وستتبخر وتتكاثف.

تشكيل الأمطار بدلًا من انتظارها

عند حصولنا على مياه الشرب النظيفة من صنابير المياه في البيوت، فإننا نتصور أن المياه متوفرة بكميات كبيرة وبشكل دائم، إلا أن المياه النظيفة في حقيقة الأمر هي نادرة جدًا، حيث تشكل نسبة المياه الصالحة للشرب في جميع أنحاء العالم 3% ويتم تخزين ما مقداره ثلثي مجموع المياه في الكرة الأرضية وبعضها الآخر متجمد في الأنهار الجليدية أو غير صالح للاستخدام البشري.

الصورة: الذكاء الاصطناعي؛ مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا
لا تأكل هذا المغلف

نلاحظ جميعنا عند شراء سلعة معينة وجود عبوة صغيرة تحتوي على حبيبات السيليكا الهلامية والموضوعة داخل السلعة بهدف امتصاص الرطوبة. Read more›››

تعتبر مادة السيليكا مادة متوفرة تجاريًا وغير مرتفعة الثمن ومجففة بشكل عالي الفعالية.

يمكن استخدام مادة السيليكا أيضًا في عمليات إنتاج المياه من خلال منهجية التكثيف التقليدية.

وتعتبر السيليكا الهلامية واحدة من أكثر المواد المستخدمة شيوعًا في مجال جمع الرطوبة. وفي هذا الإطار، قامت الأستاذة ليزا كلاين، أستاذة علوم وهندسة المواد في جامعة روتجرز ، ببحث لدراسة المادة واستخدمت مجموعة من أنماط السيليكا لتسهيل تشكل قطرات الماء.

وأجرت ليزا سلسلة من التجارب لتكاثف بخار الماء في نمط السيليكا الهلامية المائية. وعلى الرغم من النمط المائي لمادة السيليكا الهلامية، فإن المادة الهلامية نفسها غير مائية، لذلك فإن قطرات الماء تنزلق إلى الأسفل وتتجمع في وعاء بدلًا من امتصاصها في المادة الهلامية. ‹‹‹ Read less

ونتيجة لذلك، يفتقر أكثر من مليون فرد في العالم للوصول للمياه النظيفة طيلة أيام السنة. ويمكن لظاهرة الاحتباس الحراري أن تساهم في تذويب تلك الأنهار الجليدية، لكن يواصل سكان الأرض إطلاقهم لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى حدوث تغييرات في الأنماط المناخية والمياه وبالتالي الحد من وفرة المياه لجميع الأفراد في جميع أنحاء العالم. ووفقًا للصندوق العالمي للأحياء البرية فإنه بحلول العام 2025 سيشهد ثلثا سكان العالم نقصًا حادًا في المياه.

وتم تطوير التكنولوجيات التي تشمل تنقية المياه وتحلية المياه والتنقية باستخدام الطاقة الشمسية بهدف الاستفادة من مياه البحر المالحة ومن مياه الصرف، لكن تعتبر هذه التكنولوجيات صالحة فقط في المناطق الساحلية نظرًا لاعتمادها على مصادر مياه أرضية. ومن جهة أخرى، تعد المياه في الغلاف الجوي متوفرة في كل مكان، حيث تساهم دورة المياه العالمية في توفير مصدر مياه مستدام، إضافة إلى أنها مصدر لمياه نظيفة بنسبة 10% من مجموع المياه النظيفة في البحيرات على كوكب الأرض.

يحتوي الغلاف الجوي عند درجة حرارة 40 درجة سلسيوسية على نسبة 100% من الرطوبة، أي ما يقارب 51 مليلتر من المياه لكل متر مكعب من الهواء. وعندما تكون درجة الحرارة في الهواء 10 درجات سلسيوسية، فإن الهواء في هذه الحالة يحتوي على 9.3 مليلتر. وإذا زادت درجات الحرارة أكثر من ذلك فإنه يمكن الحصول على كميات كبيرة من المياه في منطقة شبه الجزيرة العربية التي تتسم بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة.

وتساهم التكنولوجيات المتوفرة في التقاط الضباب وجمع قطرات الندى التي تتكاثف خلال فترات الليل، لكن سحب المياه بشكل مباشر من الغلاف الجوي دون استهلاك كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية هو أمر لا يزال قيد التطوير. وفي هذا الإطار، يقول روزو وانغ، الأستاذ في جامعة شنغهاي جياو تونغ، أن عملية جميع المياه من الغلاف الجوي هي عملية متاحة في كل مكان ويمكن التعاون في تنفيذها بسهولة بالاستعانة بمصدر طاقة بهدف الاستفادة منها في تلبية الحاجات المحلية.

وكتب الأستاذ روزو في المجلة العلمية “جول” أن المشكلة تكمن في قلة وفرة الأنظمة التجارية المتخصصة بجمع المياه.

ولكن، متى ستصبح هذه الأنظمة متوفرة؟

ويضيف الأستاذ روزو: “يجب على أية تكنولوجيا قابلة للتطبيق في مجال جمع المياه من الغلاف الجوي أن تستوفي خمسة معايير رئيسة وهي، أن تكون فعالة وغير مكلفة من الناحية الاقتصادية وقابلة للتطوير ويمكن الاستفادة منها على نطاق واسع وأن يمكن الاعتماد عليها لتشغيلها على مدار عام كامل أو كحد أدنى في فترة الرياح الموسمية”.

لا تتوفر هذه المعايير الخمسة في أي من المولدات التجارية لجمع المياه من الغلاف الجوي، ويعزي الأستاذ روزو ذلك إلى عدم كفاء الطاقة في العمليات.

لذلك، تعتبر أجهزة جمع الرطوبة مثالية عندما تتميز بارتفاع معدل امتصاص المياه ومعدل طاقة منخفض وسرعة في دورة عمليات التقاط الرطوبة وإطلاقها واستقرار عال وتكلفة منخفضة،حيث من الممكن تحقيق هذه الشروط الكثيرة من خلال الاستفادة من التطور في مجال علوم المواد.

يعد تطبيق الزراعة الرطبة على نطاق واسع من الخيال العلمي في الوقت الحاضر، لكنها قد تساهم مستقبلًا في توفير المياه النظيفة للمدن في المناطق الصحراوية. المصدر: الذكاء الاصطناعي؛ مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

العيش في عالم مادي

تعتمد عملية جمع المياه من الغلاف الجوي على أجهزة مجمعات الرطوبة التي تلتقط البخار من الهواء من خلال الامتصاص، حيث تلتصق جزيئات الماء بسطح المادة من خلال تفاعلات كيميائية وفيزيائية.

يركز الباحثون على المواد التي تشمل الهيدروجل والزيوليت والمواد المسامية المشابهة لما في هذه الصورة. الصورة: الذكاء الاصطناعي; مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

ففي الامتصاص الكيميائي، يقوم السطح بامتصاص الماء من خلال روابط كيميائية قوية، وتتطلب عملية اطلاق الماء مصدر كبير من الطاقة.

أما عملية الامتصاص الفيزيائي، فتتطلب وجود المسامات على السطح لتتجمع عليها جزيئات الماء. أما بالنسبة لموضوع الطاقة، تتطلب عملية الامتصاص الفيزيائي معدلًا أقل من الذي تتطلبه عملية الامتصاص الكيميائي لإنتاج المياه النظيفة.

وبما أن المواد المسامية تساهم في التقاط المياه من الغلاف الجوي، فلا بد لها من توفر مسام فعال ومتكامل، فلا يمكنك أن تضع قطعة من الإسفنج في منطقة صحراوية وتتوقع من المياه أن تتجمع فيها.

ويمكن للهياكل العضوية المعدنية، وهي شبكة من المواد العضوية والمعدنية، التقاط بخار الماء بكل سهولة وإطلاقه باستخدام الطاقة التي تحصل عليها من أشعة الشمس.

مجموعة الخيارات لإنتاج المياه النظيفة

إن الهياكل العضوية المعدنية ليست المادة الوحيدة المستخدمة في جمع المياه، فهناك أيضًا مادة الهيدروجيل ومادة الزيوليت. تعمل الهياكل العضوية المعدنية بشكل فعال في المناطق ذات نسب الرطوبة المنخفضة، إلا أن عدد المسام فيها محدود، فإذا امتلأت مسامات الجهاز لابد من إفراغه لإعادة استخدامه.

الصورة: الذكاء الاصطناعي; مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا
الجمع بين كل من الضباب والزراعة الرطبة

تحظى دولة الإمارات بجميع العناصر الضرورية لتشكل الضباب كدولة ذات ظروف مناخية صحراوية جافة تقع إلى جانب الخليج العربي حيث الهواء الرطب الذي يحمله نسيم البحر إلى اليابسة ليتم تبريده خلال الليل على سطح تلك اليابسة الصحراوية.
Read more›››

ويجد جزءًا من الضباب طريقه مع الكثبان الرملية في ساعات الصباح الباكرة ويمكن التقاطه عن طريق تكنولوجيات زراعة الضباب المنتشرة. وفي نفس الوقت، تساهم الرطوبة التي تجتاح المنطقة خلال أشهر الحر في تعزيز عملية إنتاج المياه من الغلاف الجوي.

وقد يساهم الجمع بين المنهجيتين في الحد من الاعتماد على عمليات تحلية المياه وتوفير المياه النظيفة لعدد كبير من المزارع في المناطق الصحراوية.
‹‹‹ Read less

وعلى العكس من ذلك، يمكن لمواد الهيدروجيل أن تتمدد لتحميل المزيد من المياه. وتتميز مواد الهيدروجيل بأنها مواد ناعمة ومرنة ودقيقة يمكنها صنع ما يزيد على 90% من العدسات اللاصقة التي يتم وصفها في الولايات المتحدة. وتعتبر مادة الهيدروجيل بوليمرية ثلاثية الأبعاد يمكنها امتصاص كميات كبيرة من الماء مع المحافظة على هيكلها.

وتتكون مواد الهيدروجيل ثلاثية الأبعاد من بوليمرات مائية قادرة على امتصاص الماء مع المحافظة على هيكلها ومرونتها وديناميكيتها، كما تتسم بأنها قابلة للتحلل البيولوجي والأهم من ذلك أيضًا أنها قادرة على احتواء والاحتفاظ بكميات كبيرة من الماء.

دعونا نستخدم مواد الهيدروجيل فقط، بالرغم من أنها ليست الأفضل في المناطق ذات معدلات الرطوبة المنخفضة، فهي فعالة فقط في المناطق شديدة الرطوبة.

ووفقًا لذلك، قد لا تكون مواد الهيدروجيل ملائمة للاستخدام في المناطق الصحراوية في منطقة الشرق الأوسط، لكنها مناسبة للاستخدام في
مجموعة من المناطق ذات نسب رطوبة عالية والتي تعاني من نقص في المياه النظيفة كمدينة ليما في البيرو.

ففي جنوب ليما، توجد قرية اسمها بوجاما التي تصل فيها نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي إلى 98% ويغلب على مناخها الطابع الصحراوي ويعيش سكانها في ظروف صعبة نتيجة لشح مصادر المياه النظيفة.

قام باحثون من جامعة الهندسة والتكنولوجيا في ليما بتطوير أجهزة لجمع الرطوبة وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب للسكان وتتكون هذه الأجهزة من مصاف ومكثفات وساهمت في إنتاج 96 لترًا من المياه في اليوم الواحد في العام 2013.

وبذلك، نلاحظ أنهم تمكنوا من التوصل لأحد الحلول التي تعالج ندرة المياه النظيفة، ولا يعني ذلك عدم إمكانية الاستفادة من مواد الهيدروجيل في بوجاما.

أما مواد الزيوليت فتعتبر “مصاف جزيئية” نظرًا لقدرتها على انتقاء الجزيئيات بعناية وفقًا لحجمها، وهي مواد سهلة التصنيع وتحظى بمساحة سطح داخلي كبير مليء بالمسامات التي تساهم بامتصاص الكميات الدقيقة من المياه الموجودة في الغلاف الجوي في المناطق الصحراوية، كما تعتبر مواد الزيوليت واحدة من المواد منافسة للمواد التي تعمل بفعالية في المناطق ذات معدلات رطوبة منخفضة.

شارفت المياه على النفاذ وندرك بأن عملية تحلية المياه ليست الحل الأفضل، فالمياه ليست مياه الشرب فقط، وإنما جميع المياه المستخدمة في الصناعة والزراعة.

مايكل روتمان , الرئيس التنفيذي المشارك في “ووترجن”

تعد الدول ذات المناخات الصحراوية أكثر الدول المستفيدة من تقنية جمع المياه من الغلاف الجوي. الصورة: الذكاء الاصطناعي، مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

يمكن لمادة الزيوليت جمع بخار الماء طيلة فترات الليل، كما يمكنها جمع الحرارة من الشمس للاستفادة منها في الحصول على المياه الصالحة للاستخدام البشري. وإذا قمنا بمقارنة الزيوليت بالهياكل العضوية المعدنية ومادة الهيدروجيل، تعتبر سعة المياه في مواد الزيوليت قليلة نسبيًا وإنتاج المياه يتطلب استهلاك كميات كبيرة من الطاقة حتى وإن تم إمدادها بالطاقة الشمسية، الأمر الذي يجعل مواد الزيوليت الخيار الأقل فعالية.

وفي هذا الصدد، من المهم الأخذ بعين الاعتبار اختلاف التكنولوجيات والمنهجيات في المناطق التي تعاني من مشكلة نقص المياه النظيفة وتغير المناخ الذي يزيد من الأمر سوءَا فيها.

تفاقم المشكلة

قال مايكل روتمان الرئيس التنفيذي المشارك في “ووترجن”، وهي شركة تساهم في إنتاج مياه الشرب من الغلاف الجوي ومقرها في إسرائيل “التي يشبه مناخها إلى حد كبير المناخ في دولة الإمارات”. وتعتمد شركة ووترجن على نظام يتكون من مكثفات بوليمرية غير ضارة ومصاف لالتقاط المياه المحيطة بنا من الغلاف الجوي.

يقول مايكل: “يمكن لعملية الامتصاص إنتاج كميات كبيرة من المياه، ويعتمد ذلك على توفر مصدرًا للطاقة أكثر من الاعتماد على المكثفات، وتجري في الوقت الحالي عمليات التطوير على الهياكل العضوية المعدنية لتقوم بالتقاط المياه من الغلاف الجوي دون الحاجة لكميات كبيرة من الطاقة، لكن يجب التركيز على الجزء المعدني من الهياكل العضوية المعدنية”.

تتوفر مياه الغلاف الجوي في كل مكان، لكن يكمن السر في إيجاد الطرق الاقتصادية والتي لا تستهلك طاقة كبيرة لجمعها. .الصورة: الذكاء الاصطناعي، مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

يشير مايكل إلى التشابه في آلية العمل ما بين أنظمة تبريد الهواء ونظام شركة ووترجن للتكثيف، حيث تقوم أنظمة تبريد الهواء بسحب الهواء الدافئ من الغلاف الجوي وتبريده وينتج عن تلك العملية ماء. وتم صنع المادة التي تساهم في تغيير درجة الحرارة في المكيفات من المعدن الذي يخرج بدوره مع الماء الناتج من المكيف.

ويضيف مايكل: “لهذا السبب لا يمكنك أن تشرب الماء الناتج عن المكيف، على الرغم من أن أنظمة التكييف تساهم في إنتاج أطنان من المياه لكن هذه المياه ملوثة بالمعادن الثقيلة. وفي هذا الإطار، تقوم أنظمة ووترجن باستخدام بوليمرات غير ضارة تعمل كتكنولوجيا لتغيير درجات الحرارة وبالتالي إنتاج مياه صالحة للشرب بشكل فوري، كما نقوم في الشركة بإضافة بعض المعادن لتحسين جودة المياه”.

لم يهدف تأسيس شركة ووترجن إلى حماية العالم من مشكلة المياه، وإنما تأسست بهدف جعل أجهزة إزالة الرطوبة أكثر فعالية دون استهلاك كبير للطاقة.

وصرح مايكل ميريلاشفيلي، رجل أعمال إسرائيلي من ولاية جورجيا والرئيس الحالي لشركة ووترجن، أنهم بالبداية أضاعوا فرصة الاستفادة من هذه التكنولوجيا وأدرك في الوقت الحالي أهمية هذه البوليمرات عالية الفعالية وأنه يمكن استخدامها في إيجاد الحلول لأكبر المشاكل العالمية، حيث أمضى مايكل السنوات الخمس الأخيرة ومن خلال شركته في التركيز على إنتاج المياه من الغلاف الجوي لتلبية متطلبات جميع الأفراد.

وقد نجح نظامهم في المناطق التي تشهد ارتفاعات في نسب الرطوبة والتي تشمل دولًا مثل كولومبيا وجنوب أفريقيا، كما نجح النظام أيضًا في المناطق شديدة الجفاف كولاية أريزونا في الولايات المتحدة والتي تشهد معدل رطوبة نسبي يصل إلى 38.5%.

يؤكد مايكل روتمان على المستقبل القادم سيشهد إقبالًا كبيرًا في مجال إنتاج المياه من الغلاف الجوي.

ذات صلة: Solar-powered plants could help achieve global water security 

قد تتمكن قارورة مياه كهذه من توفير مياه الشرب لعائلة واحد يومًا ما. الصورة: الذكاء الاصطناعي، جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

وقال: “شارفت المياه على النفاذ وندرك بأن عملية تحلية المياه ليست الحل الأفضل. فالمياه ليست مياه الشرب فقط، وإنما جميع المياه المستخدمة في الصناعة والزراعة، حيث تستهلك عملية صنع بنطال جينز 160 لتر من المياه و60 لترًا لصناعة رغيف خبز، وجميع هذه المياه المستخدمة في تلك العمليات يمكن استبدالها بمياه مستخلصة من الغلاف الجوي ونحن على مقربة من هذا الحل بمدة تقل عن 10 سنوات لأن تكنولوجياتنا المتقدمة فعالة وقادرة على إثبات فعاليتها في كل مكان”.

وفي سياق الحديث عن توفير المياه لكل الأماكن، لا بد من التفكير في إمكانية النقل. يبدأ مورد المياه التقليدي بمحطة مركزية كبيرة توزع المياه إلى السكان. وإذا كان الجهاز صغير الحجم، فإنه من الممكن دمجه مع المنزل لسد الفجوات في إمدادات المياه.

وإذا كان حجم الجهاز أصغر يمكن نقله إلى جميع المناطق غير الصالحة للسكن والتي تشمل المناطق الصحراوية  والقطبية وكوكب المريخ.

عودة للحلول الواقعية

ساهمت المعاهد البحثية في منطقة الشرق الأوسط في استثمار هذا النوع الجديد من التكنولوجيا. فقد قامت السعودية ممثلة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا بتمويل العديد من المشاريع الواعدة في الولايات المتحدة، وتشمل مشاريع تم تصميمها على يد عمر ياغي وفريقه، وهو رائد في مجال الهياكل العضوية المعدنية .

وقامت مدينة مصدر، المدينة المتخصصة ببحوث الاستدامة والابتكار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، باعتماد هذه التكنولوجيا من خلال مشروع يموله القطاع الصناعي وتشارك فيه جامعة خليفة من خلال بحوثها. .

قال سامويل ماو، مدير معهد مصدر في جامعة خليفة: “يعتبر استخراج المياه من الغلاف الجوي طريقة واعدة للتغلب على مشكلة نقص المياه النظيفة التي أصبحت تحديًا عالميًا، وذلك من خلال الاستعانة بتكنولوجيات مبتكرة متخصصة بإنتاج المياه من الغلاف الجوي. ويقوم فريق جامعة خليفة البحثي في معهد مصدر بتقييم شامل لمختلف الطرق التكنولوجية المتخصصة بإنتاج المياه من الغلاف الجوي وتطوير التكنولوجيات المتقدمة التي تمكن من عملية استخلاص المياه من الهواء دون هدر للطاقة وبتكلفة اقتصادية مناسبة.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني معظم سكان كوكب الأرض من ظروف تهدد بنقص المياه، لا سيما مع تزايد الطلب عليها بشكل كبير وثبات مصدر الإمداد.

وتؤكد وكالة الأمم المتحدة على أن الحصول على مياه نظيفة وخدمات الصرف الصحي هما جوهر عملية التطوير المستدام وضمان تحقيق ذلك يتطلب مزيدًا من الابتكار. وقد يكون الحل هو استخلاص المياه من الغلاف الجوي، وهو في متناول أيدينا.