اللقاحات والأدوية البديلة وتوخّي الحذر: هكذا نجتاز موسم الإنفلونزا الحالي بسلام.›››
تشتهر دولة الإمارات بمشاريعها الهندسية الطموحة والتي تشمل خمس مجموعات من الجزر الاصطناعية، لكن قد تصبح هذه الجزر قريبًا عرضة لارتفاع منسوب مياه البحر الناجم عن تغير المناخ. لذا، تعمل دولة الإمارات حاليًا على تعزيز هذه المساحات من اليابسة واتّخاذ المزيد من الإجراءات أيضًا.
تستعين البحوث التي تجري حاليًا في دولة الإمارات بيانات الاستشعار عن بعد وتوقعات ارتفاع مستوى سطح البحر لغاية عام 2100 والنماذج الهيدروديناميكية الساحلية لتقييم تأثير ارتفاع مستوى البحار على طول سواحل البلاد. وأظهرت نتائج هذه البحوث أن التضاريس المنخفضة والمنحدرة في البلاد معرضة بشكل خاص لارتفاعٍ في مستوى سطح البحر.
وقالت مريم راشد الشحي التي تبحث في الشعاب المرجانية وإصلاحها في جامعة خليفة: “تتيح لنا هذه النماذج محاكاة تأثيرات ارتفاع منسوب مياه البحر في ظل سيناريوهات مختلفة والحصول على معلومات مفصلة حول ديناميكا المد والجزر وسلوك الأمواج والفيضانات المحتملة”.
وقد حددت الفرق البحثية مجالين مهمين ينطويان على مخاطر هما، الإزاحة وعدم الاستقرار الاقتصادي بسبب الفيضانات والتعرية والأنظمة والمجتمعات البيئية في المناطق المنخفضة، التي تشمل الموائل الطبيعية والمناطق المتقدمة في المناطق الساحلية منخفضة الارتفاع.
أضافت مريم في حديثها مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تواجه هذه المناطق مخاطر عالية تتمثل في فقدان المواطن الطبيعية التي تعيش فيها الكائنات الحية وزيادة وتيرة الفيضانات والتدهور البيئي، حيث تواجه الشعاب المرجانية التي تعتمد على ظروف مائية مستقرة على سبيل المثال، ضغوطًا نتيجةً لارتفاع مستويات سطح البحر والزيادات المحتملة في التعكر والترسيب بسبب تآكل السواحل، كما يمثّل تسرب المياه المالحة مصدر قلق آخر، حيث يمكن أن يضر بإمدادات المياه العذبة والإنتاجية الزراعية في المناطق الساحلية، ما يؤدي إلى آثار اجتماعية واقتصادية ذات نطاق أوسع”.

لماذا يتسبب تغيّر المناخ في ارتفاع مستويات سطح البحر؟
ترتفع درجة حرارة المحيطات نتيجةً لارتفاع درجة الحرارة العالمية، ما يتسبّب في تمدد مياه البحر لتشغل نتيجة لذلك مساحة أكبر في حوض المحيط ويتسبّب في ارتفاع منسوب المياه. وتتمثّل الآلية الثانية في ذوبان الجليد على الأرض (في المناطق القطبية والجبال)، فيؤدي بعد ذلك إلى إضافة المزيد من المياه إلى المحيط. – الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة
وقد تم إنشاء حواجز الأمواج على طول سواحل رأس الخيمة والفجيرة للتصدي لهذه الأخطار، كما ألزمت أبوظبي ببناء جدران بحرية تحسبًا للتطورات القادمة على السواحل.
ولكن ستُستخدَم أساليب مستدامة في هذه العملية.
تشمل هذه الطرق أشجار القرم التي تساهم في امتصاص الكربون وحماية السواحل أيضًا.
تعمل الكتلة الحيوية التي تمتلكها أشجار القرم الكثيفة وأنظمة جذورها المتشابكة على تحمل الأمواج القوية كتلك الناتجة عن الأعاصير والتكيف مع التربة الساحلية الفقيرة بالأكسجين، كما تمتلك قدرة فائقة على احتجاز الرواسب القادمة من الأنهار والمحيطات، وهي ميزة تمثل نقطة قوة وضعفٍ في آنٍ واحد، حيث يساهم تراكم الرواسب حول جذورها في بناء الأرض لكن في نفس الوقت يُعرّض انقطاع إمدادات الرواسب النباتاتَ للخطر.
أفاد موقع “أرابيان جلف بيزنس إنسايت” في عام 2023، أن هيئة البيئة في أبوظبي بدأت بالشراكة مع شركة التكنولوجيا البيئية “دندرا”، في مشروع لزراعة 27 مليون شجرة قرم في أبوظبي بحلول عام 2030، وذلك كجزء من هدف دولة الإمارات المتمثل في زراعة 100 مليون شجرة قرم في الفترة الزمنية ذاتها.
تقول مريم: “تستخدم دولة الإمارات الشعاب المرجانية الاصطناعية و”الشواطئ الحية”، والتي تجمع بين النباتات والرمل والعناصر الطبيعية الأخرى لإنشاء شواطئ أكثر مرونة وأمانًا على البيئة، وقد استثمرت الدولة في التكنولوجيات المتطوّرة لتعزيز فعالية هذه المساعي، كما دعمت العديد من المشاريع في عملية ابتكار حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي للرصد الفوري والاستجابات التكيفية”.
تتواصل الجهود التعاونية الأخرى بهدف التصدي للتحدي المتمثل في ارتفاع منسوب مياه البحر، حيث قامت جامعة خليفة مؤخرًا بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة وغيرها من الجامعات والمؤسسات لإعداد تقرير وطني حول تأثير التغير المناخي على البيئة.
تواجه هذ المناطق مخاطر فقدان المواطن البيئية وزيادة تواتر حدوث الفيضانات والدمار البيئي
– مريم راشد الشحي، أستاذة مساعدة في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة خليفة
وتتولى شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ التي تقودها الوزارة مسؤولية الجمع بين الجامعات والمؤسسات البحثية والهيئات الحكومية لتسهيل التعاون في تبادل البيانات والمبادرات البحثية وتطوير السياسات التي تركز على مواجهة التحديات المناخية مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، كما تقود ديانا فرانسيس من جامعة خليفة المجموعة التابعة للشبكة المعنية ببيانات المناخ والنمذجة.
ويعتبر ذلك جزءًا بسيطًا من أوجه التعاون محليًا وإقليميًا.
أضافت مريم: “تقوم دولة الإمارات، من خلال تعزيز الدفاعات الطبيعية، بتحسين مستوى قدرتها على المرونة في مواجهة ارتفاع مستويات سطح البحر والظروف الجوية الشديدة، وهو ما يتماشى مع الجهود الإقليمية الأوسع للاستعداد لآثار تغيّر المناخ، كما يساهم تركيز الدولة على استعادة أشجار القرم والأعشاب البحرية والشعاب المرجانية في تعزيز التنوع الحيوي ويدعم النظم البيئية البحرية التي تضطلع بأهمية كبيرة لمصايد الأسماك والسياحة والتوازن البيئي، وهو ما يتماشى مع الأولويات الإقليمية للحفاظ على الموائل الطبيعية. وقد قدّمت الممارسات المستدامة لدولة الإمارات مثالًا يُحتَذى به إقليميًا، حيث شجعت بذلك الدول المجاورة على تبني مناهج مماثلة”.
إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: المزارع الرأسية والشعب المرجانية المصنوعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد تصبح جزءًا من خطة دولة الإمارات لتحقيق الأمن الغذائي