تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
منذ ستة آلاف عام كانت الصحراء الكبرى في إفريقيا، والتي تُعد الآن أكبر صحراء على مستوى العالم، أرضًا عُشبية. حيث أدى اهتزاز محور الأرض إلى تحويل الصحراء الكبرى من بستان إلى منطقة رملية لا يُمكن لأي شيء تقريبًا أن ينمو فيها، مما شكل عملية زحف صحراوي طبيعية، وعلى النقيض مما يحدث الآن، إذ يجري تصحير مناطق كبيرة من كوكبنا بمعدل متسارع.
وفقًا للأمم المتحدة، فإن أكثر من 24 مليار طن من التربة الخصبة تختفي كل عام. وقد تآكلت بالفعل أكثر من 75% من مساحة الأراضي على الكوكب، حيث من الممكن أن ترتفع هذه النسبة إلى ما يتجاوز 90% بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن تتوسع عملية التصحر بسبب البشر على نحو كبير في المستقبل القريب، وذلك كنتيجة للتغير المناخي وتآكل التربة، كما ستتفاقم بسبب الرعي الجائر والزراعة غير المستدامة.
تتطلب الزراعة في المناطق القاحلة مكملات غذائية وتربة مستوردة ومياه مُعالَجَة لأغراض الري، الأمر الذي يزيد التكاليف ويؤثر سلباً على البيئة، حيث تعتبر حلقة سلبية من تعاقب الأسباب والنتائج- ذلك أن الطريقة التي نفعل بها الأشياء الآن تجعل الأمور أكثر سوءًا.
لا تتحول التربة إلى رمال لمجرد ارتفاع درجة الحرارة. تنزع قرون من رعي الحيوانات من على الأرض كسوتها الخضرية، كما يعمد السكان المحليون إلى إزالة الأراضي، من أجل المحاصيل التي تتطلب الزراعة الأحادية وأيضًا لغرض السكن. وعندما تتم إزالة الأشجار والخُضرة، تُزَال أيضًا قُدرة الأراضي على الاحتفاظ بالرطوبة وتركيبة تلك الأراضي، حيث أن التربة تتعرض للتجريف والإزالة، وما كانت يومًا ما أرضًا خصبة، تُصبح صحراء.
لكن هل يعتبر من المستحيل تقريبًا أن تتحول صحراء مرة أخرى إلى أرض صالحة للزراعة، أم أن ذلك ممكنًا؟
جوبي،الصين
تكافح الصين التصحر على مدى عقود، لكن تُعد صحراء “جوبي” الصحراء الأسرع نموًا في العالم، إذ تحول ما يقرب من 10,400 كيلومتر مربع من المروج سنويًا إلى أرض قاحلة.
في عام 1978، أطلقت الصين مبادرة “السور الأخضر العظيم”، والتي تُعد أكبر مشروع للتشجير وغرس الغابات الجديدة على مستوى العالم، إذ يهدف إلى زراعة 66 مليار شجرة، وذلك في سياق الجهد الرامي إلى مكافحة توسع صحراء “جوبي”. تمتد هذه الغابة من الأشجار لمسافة 4500 كيلومتر بهدف إيقاف انتشار الصحراء وصد العواصف الرملية وموازنة البصمة الكربونية الناتجة عن الصين.
وشأنه شأن أي مشروع لإعادة تشجير الغابات، فإن مشروع “السور الأخضر العظيم” يستخدم أنواع سريعة النمو من الأشجار كالحَور الرجراج والبتولا والحَور، وجميعها ليست أشجارًا أصيلة في الصين وتتطلب كميات كبيرة من الماء، ما قد يجعلها خيارًا أقل كفاءة للزراعة في بيئة صحراوية. وعلاوة على ذلك، فإن تلك الأنظمة البيئية ذات الزراعة الأحادية تتصف بالهشاشة. ففي عام 2000، قضى مرض واحد بمفرده على مليار شجرة حَور، فكان بمثابة انتكاسة أعادت المشروع 20 عامًا إلى الوراء.
ويتمثل الأسوأ من كل ما سبق في كون الأشجار التي تبقى على قيد الحياة تُلحق الضرر بالبيئة. فبينما تحتاج الأشجار إلى مياه كثيرة، تُحرَم النباتات التي تنمو أصلًا في البيئات الصحراوية الأشد صعوبة من المياه القليلة التي كانت تحصل عليها قبل ذلك، فتموت. وتفقد طبقات التربة العليا تماسكها الذي كانت جذور تلك النباتات تحفظه، فتنجرف، وتصبح العناصر الغذائية الموجودة في تربة المنطقة أقل من ذي قبل. ويتغير تركيب التربة، وتتضاءل قدرتها على الاحتفاظ بالماء، وتستمر مسيرة توسع الصحراء.
وعلى الرغم من ذلك، توجد قصص ناجحة ومشروعات جريئة جرى تخطيطها والبدء في تنفيذها.
في نهاية القرن العشرين، كانت الصحارى في الصين تتوسع بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10,400 كيلومتر مربع. وعلى الرغم من إخفاق مشروع السور الأخضر العظيم، إلا أن مساحة الصحارى كانت تنكمش في الصين بحلول عام 2018 بمعدل 2٫424 كيلومتر مربع سنويًا.
ويُمكن إرجاع الفضل في الكثير من هذا النجاح إلى فرق العمل التي عملت على إعادة تخضير صحرائي كوبوكي وأولان بوه.
كوبوكي، الصين
بعد ما يزيد عن ثلاثة عقود من الجهد والابتكار، عاد ثُلُث صحراء كوبوكي إلى اللون الأخضر.
وجرى استصلاح أكثر من 6250 كيلومتر مربع من صحراء كوبوكي، بحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2017.
أدت المعرفة المحلية والتقنية العصرية إلى استقرار الكُثبان الرملية المتحركة وتحويلها إلى كُثبان شبه ثابتة مُغطاة بمشروعات الهندسة الخضراء. وقد زُرِعَت مساحة تتجاوز 5000 كيلومتر مربع بالغابات من خلال برامج للغرس، وأُنشِأ حاجز يتكون مما يتجاوز 10 ملايين شجرة و4000 هكتار من الأعشاب لصد الرمال وحماية الغابات منها، كما زُرِعَت غابات أخرى بمحاذاة الحد الشمالي لصحراء كوبوكي، وأيضًا بمحاذاة الضفة الجنوبية للنهر الأصفر، وذلك للوقاية من الرمال: 350,000 هكتار من الغابات الواقية ضد الرمال ضمن حزام من الأشجار والأعشاب والحشائش يتجاوز طوله 242 كيلومترًا ويتراوح عرضه بين 5 أمتار و20 مترًا.
تعمل الأحزمة الواقية ضد الرياح ومصدات الرمال على خفض سرعة الرياح والحد من حركة الرمال. وكلما قلّت حركة الرمال، قلّت بالتبعية حركة الكُثبان الرملية، ويساعد كل ذلك في خفض أو حتى إيقاف الزحف الصحراوي الجائر. وقد اتضح أن تثبيت الكُثبان الرملية أمر سهل، إذ يجري تنسيق حزم من سيقان الصب والقش وساليكس ساموفيليا، وهي شُجيرة صحراوية يقع موطنها الأصلي في شرق آسيا، في شكل شبكة لغرض زيادة “خشونة” السطح وتقليل سرعة الرياح عبر الرمال، مما يؤدي بالتالي إلى تقليل حركة الرمال الناتجة عن الرياح.
يجري في هذه الشبكات تشجيع المزارعين على زراعة نبات عرق السوس لأنه يتميز بقدرته على تحمل ظروف الجفاف وانخفاض درجة الحرارة ليلًا، كما تساهم جذوره في المحافظة على التربة في مكانها وإعادة العناصر الغذائية إلى الأرض، مما يتيح زراعة المحاصيل الأخرى بجانبها. وبعد أربع سنوات، يمكن حصد الجذور وبيعها، كمكون هام من مكونات الطب الصيني التقليدي.
وتُستخدم النباتات الأخرى التي تتحمل الأملاح والقلويات لتقليل المحتوى الملحي في التربة وتحسين خصائصها: ومنها على سبيل المثال “العوسج”، وهي شُجيرة أخرى يقع موطنها الأصلي في الصين، ونبق البحر والزيتون البري والحَور الفُراتي، وجميعها تساعد في تجديد التربة الملحية- القلوية.
ولم تتحول صحراء كوبوكي إلى اللون الأخضر مُجدّدًا بين عشية وضُحاها. فقد مر حوالي ثلاثة عقود منذ بدء مشروع الترميم البيئي لصحراء كوبوكي في عام 1988.
أفريقيا، السور الأخضر العظيم
تشترك هذه المبادرة الأفريقية مع محاولة التشجير الصينية في نفس الاسم، إلا أن الأشجار تُعد جزءًا فقط من المعادلة في “مبادرة السور الأخضر العظيم” عبر منطقة “الساحل والصحراء”. وقد انضمت جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والسودان وتشاد والنيجر ونيجيريا ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا، والسنغال إلى جهود مكافحة تآكل الأراضي الزراعية واستعادة الحياة النباتية الأصلية.
تبنَّى الاتحاد الأفريقي هذا المشروع في عام 2007، حيث تصوره كطريقة لمكافحة تمدد الصحراء الكبرى. وتوسع المشروع ليشمل إنشاء “موزاييك للمناظر الطبيعية الخضراء والمُنتجة” عبر شمال أفريقيا، ويهدف إلى استعادة 250 مليون فدان بحلول عام 2030. وعلى الرغم من القضايا الأمنية والقلاقل السياسية، جرى غرس 12 مليون شجرة “أكاسيا” مقاومة للجفاف في السنغال واستعادة 15 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المُتآكلة في إثيوبيا واستعادة 5 مليون هكتار في كلٍ من نيجيريا والنيجر، كما جرى استصلاح 3 ملايين هكتار أخرى في بوركينا فاسو، من خلال ممارسات الزراعة المحلية.
هل يُمكننا تسريع العملية؟
أولان بوه، الصين
في عام 2018، حوّل فريق يي زيجيان من جامعة تشونغتشينغ جياوتونغ 650 هكتارًا من “صحراء أولان بوه” في منطقة منغوليا الداخلية الصينية من رمال إلى تُربة. ومن الجدير بالذكر أن يي زيجيان ليس عالمًا بيئيًا أو خبير بستنة، بل يعمل في قسم الميكانيك، ويقول أن طريقة، تُعرف باسم تحويل الصحراء إلى تربة، يُمكنها أن تجعل الطبقات السطحية من رمال الصحراء تلتصق ببعضها البعض، وذلك بتغيير خواصها الميكانيكية.
ويتأتى نجاح الفريق من تحسين التربة ذات الخصائص الميكانيكية الرديئة، كأن تكون جزيئات التربة لا تُظهر سلوكًا تماسكيًا.
تحويل المناطق القاحلة إلى مناطق زراعية – قد يكون الاقتصاد الحيوي المحلي الدائري هو الحل
تبدو مناطق شمال إفريقيا والشرق الأوسط والصين، للوهلة الأولى، ذات إمكانيات زراعية محدودة، حيث تعكس المساحات الشاسعة من الأراضي في هذه المناطق صورًا للأراضي القاحلة، لكن بدأت مبادرات الاقتصاد الحيوي في الوقت الراهن بالتطور والنهوض.
ويؤدي التغير المناخي والزراعة غير المستدامة وتدهور التربة إلى تسارع النمو المتواصل للأراضي الجافة في هذه المناطق، وهو ما سيؤثر في أكثر من110 مليون شخص بحلول عام 2100. غالبًا ما تكون القيمة الاقتصادية لهذه المناطق القاحلة وشبه القاحلة منخفضة وهي في أغلب الأحيان غير صالحة للسكن، ما يجعل استخدامها على نحو مفيد أمرًا أشبه بالتحدي.
Read more›››
وقد يتمثل الحل في اقتصاد حيوي محلي. ويشير لفظ “اقتصاد حيوي” إلى اقتصاد يعتمد على منتجات وخدمات وعمليات مشتقة من موارد حيوية من خلال المعالجة الفعالة للإمدادات الغذائية والمنتجات الثانوية الزراعية الصناعية والنفايات الحيوية لزيادة مستويات الأمن الغذائي واستصلاح التربة القاحلة. ولتحقيق الاقتصاد الحيوي المثالي يجب أن يكون دائريًا، ويعني ذلك أن تعود نفايات المنتجات الربحية إلى الأرض لإنتاج المزيد من المنتجات الربحية.
ويمكن للناس في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، من خلال التركيز على إنتاج الكتلة الحيوية المحلية، الاستفادة من الأمن الغذائي المتزايد وآثار التبريد واحتجاز الكربون وارتفاع الطلب على العمل والسيطرة على التلوث وتحقيق الراحة الذهنية من الوصول إلى المناطق الخضراء. وهذا ما يقوله الأستاذ الدكتور بليز تاردي، من جامعة خليفة، والذي تركز أبحاثه على دمج المناطق القاحلة في الاقتصاد الحيوي العالمي.
ويقول الأستاذ الدكتور بليز في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تكمن الإمكانيات التي يتمتع بها الاقتصاد الحيوي في المناطق القاحلة في العمليات الحيوية والنُظُم الحيوية التي تلبي احتياجات المجتمع من الماء والأراضي الزراعية والغذاء والطاقة والاحتياجات المادية الأخرى. ومن شأن الاستراتيجيات كالزراعة المائية والزراعة العمودية والمبادرات التكنولوجية الحيوية أن تقود هذه الدورة الخضراء”.
ويوجد، على الرغم من ذلك، تحد رئيس لتنفيذ ذلك يتمثل في ضعف جودة التربة في المناطق القاحلة، والتي تتراوح نوعيات تربتها بين المعتمدة على المعادن، كالرمال، إلى المواد العضوية الغنية ذات الميكروبات الدقيقة المتنوعة. وتتميز التربة الغنية بالغطاء النباتي بالتفاعلات التي تعود بالفائدة على جذور النباتات والميكروبات التي تعيش في التربة، وهو ما يُعَد عاملًا حيويَّا لتدوير العناصر الغذائية وتوليد المادة العضوية.
تُنتج الزراعة في أماكن مغلقة نفايات ليغنوسلولوزية، أو كتلة حيوية نباتية، وهي مُنتَج ثانوي هام يتم التخلص منه في بعض الأحيان. وفي ظل اقتصاد حيوي دائري، يمكن لهذه النفايات إحياء التربة بمزيج من المنتجات الثانوية الناتجة عن صناعة الحديد والصلب، على سبيل المثال، والتي تحتوي على المغذيات الدقيقة اللازمة لصحة التربة.
وأضاف الأستاذ الدكتور بليز: “تمتلك المنتجات الليغنوسلولوزية إمكانيات هائلة في إنتاج المواد المتقدمة، بدءًا من المواد الورقية المعاد تدويرها والأنسجة المستدامة إلى المواد المتقدمة كالبروتينات الاصطناعية. ويمكن للبيولوجيا الاصطناعية تحقيق المزيد من التوسع في نطاق المواد المُنتَجَة، ما يتيح تطبيقات متطورة في مجالات متنوعة”.
وقد تمثل الاستفادة من الفرص التي يتيحها إنشاء اقتصاد حيوي في المناطق القاحلة الحل الأمثل لتحقيق الاستدامة والمرونة في مواجهة التغير المناخي. وعلى الرغم من ذلك، يُعَد التعاون عاملًا مركزيًا لتحقيق النجاح. ويختتم الأستاذ الدكتور بليز بقوله: “يتعين على الدول، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، القيام بدور فعال”، مؤكدًا على ضرورة وجود حوار بنّاء ما بين السلطات المحلية والقطاعات الأكاديمية والصناعية والأفراد. ‹‹‹ Read less
وكتب يي زيجيان في صحيفة ذي إنوفيشن: “تستند طريقتنا إلى اكتشافين علميين، حيث يتمثل الاكتشاف الأول في تحديد ضيق المسافات بين الحُبيبيات الحالات الميكانيكية لأي مادة ذات شكل حُبيبي، أما الاكتشاف الثاني، فهو العلاقة بين الخواص الميكانيكية والسمات البيئية للتربة. وتتحول الرمال إلى “تربة” بفرض تضييق تكاملي في كافة الاتجاهات. تتحول الحالة المنفصلة الفردية للرمال إلى حالتين ميكانيكيتين للتربة هما، الحالة الانسيابية عندما تكون رطبة والحالة الصلبة عندما تكون جافة، وذلك بمزج الرمال بمادة ضاغطة”.
“مادة ضاغطة” للفريق؟ الصوديوم المُعدَّل أو كربوكسى ميثيل سليلوز أو صمغ السليلوز، وهو مُضَاف غذائي شائع يُستخدم لاضفاء سُمك وتوزان ويمنح الرمال القدرة على التحول بين الحالتين الميكانيكيتين في دورة لا نهائية، حيث يتيح التحول للرمال القدرة على الاحتفاظ بالمياه. أضف العناصر المُغذية للتربة، وستكون لديك تُربة فورية.
يعد تحويل الصحراء إلى تربة طريقة سهلة، إذ تجري عمليات تحويل لمادة السليلوز في الطبقة العليا من رمال الصحراء، بسمك حوالي 15 سنتيمترا، ثم تُضَاف مادة مُخصِّبة. وتُصبح التربة بعد ذلك جاهزة للزراعة. بل والأفضل من ذلك، فبمجرد أن تتحول الرمال إلى تربة، فإنها تبقى كذلك بشكل دائم.
ويقول يي زيجيان: “تُعَد العملية بأكملها بسيطة وسريعة، ويمكن تطبيقها في الاستخدامات ذات النطاق الأوسع”. وأضاف: “نتجت تجربة صحراء أولان بوه عن تكوين بيئة محلية متنوعة حيويًا. فبالإضافة إلى أنواع النباتات التي تنمو هناك بغزارة، باتت “أولان بوه” أيضًا موطنًا لأنواع مختلفة من الفئران والأرانب البرية والضفادع والديدان”.
باتت “صحراء أولان بوه” التي تبلغ مساحتها 650 فدّانًا من الرمال التي تحولت إلى تربة تضم الآن 70 نوعًا من النباتات المزدهرة، بما في ذلك عبَّاد الشمس والطماطم. وصار عائد الكتلة الحيوية لهذه النباتات أعلى بصفة عامة من نظيراتها المزروعة في التربة الطبيعية القريبة ذات الجذور الأكثر طولاً وكثافة. وعلاوة على ذلك، فإن هذا المشروع الاسترشادي قد أظهر أن الرمال التي تتحول إلى تربة تحظى بخواص تربة أفضل على نحوٍ متزايد في العامين الثاني والثالث بعد بدء الزراعة.
ويُجري فريق يي زيجيان تجارب على طريقته لتحويل الرمال إلى تربة في مناطق أخرى أيضًا، ومنها الصحراء الكبرى والشرق الأوسط والتبت وعدة شواطئ في الصين.
سيناء مصر
تتمتع شركة ذا ويذر ميكر الهندسية الهولندية، والتي يرأسها تييس فان دير هوفين، بخطة يستغرق تنفيذها 20 عامًا لتحويل “شبه جزيرة سيناء” من صحراء تربط مصر بقارة آسيا إلى جنة خضراء.
تبلغ مساحة “شبه جزيرة سيناء” 60,000 كيلومتر مربع، وهي مزيج من صحراء وجبال وأرض صخرية. ولم تكن سيناء على هذا النحو دومًا، حيث أن الرسومات داخل الكهوف بالمنطقة تُجسد أشجارًا ونباتات. وتشير الأبحاث الجيولوجية والأثرية أيضًا إلى أن سيناء كانت يومًا ما مُغطاة بالأعشاب والأشجار والبحيرات.
ويقول جون دي. ليو، زميل زائر لدى المعهد الهولندي للبيئة، واستشاري ضمن فريق سيناء، أن شبه جزيرة سيناء تبدو كقلب نابض عند مشاهدتها من الفضاء، وتتدفق منها شرايين وأوردة لتغذية الجسم، والمتمثل في الأراضي المحيطة.
ويقول ليو: “تعرضت البيئات الطبيعية المكشوفة في سيناء للغبار لفترة طويلة، إلى الحد الذي يجعل من الصعوبة بمكان تخيل أنها “أرض اللبن والعسل” التي ورد ذكرها في الإنجيل، إلا أن الصور المُلتقطة بالقمر الصناعي لسيناء تحكي قصة أخرى. ثمَّة أدلة من المقياس الزمني الجيولوجي والتطور والتاريخ البشري وجميعها منقوشة على التربة المكشوفة. ومن الممكن رؤية الأنهار تتدفق خلال سيناء عبر فترة نشوء طويلة. ولا تزال تحدث إلى اليوم العديد من الفيضانات المفاجئة بصفة دورية بسبب تدفق المطر في البحر بدلًا من سقوطه على الأراضي الزراعية.
لا تستطيع الأرض الاحتفاظ بالمياه من دون وجود الكساء الخضري والخواص الميكانيكية للتربة. ويمكن رؤية ذلك بسهولة في المناطق التي تشهد جفافًا ثم مطرًا غزيرًا، ذلك أن فترات القحط تؤدي إلى جفاف الأرض وقساوتها، الأمر الذي يؤثر في قدرة التربة على امتصاص مياه الأمطار. وما يُفاقِم المشكلة أن المياه عندما تهطل على الأراضي الزراعية التي لا تستطيع امتصاصها، فإنها تُزيل المزيد من التربة.
انتهى الأمر بالتربة في سيناء وقد استقرت في قاع “بحيرة البردويل”، والتي تقع في شمال شبه الجزيرة، وتتصل بالبحر المتوسط عن طريق خليجين صغيرين. ويقول ليو إن بحيرة البردويل لم تعد المسطَّح المائي الواسع الذي يبلغ عمقه 40 مترًا، كما كانت من قبل، فقد صار عُمق البحيرة الآن أقل من مترين، وصارت مياهها دافئة فائقة المُلوحة. لكن يقول فان دير هوفين: “هناك 2,5 مليار متر مكعب من الطمي قابعة في قاع البحيرة. إن هذا الاحتياطي من المواد الغنية بالعناصر المُغذية للتربة هو الحل لكافة المشاكل”.
كنز الاقتصاد الحيوي في دولة الإمارات
قد تمتلك دولة الإمارات كل ما تحتاجه لتحويل الصحراء إلى أراضٍ خضراء، وما يلزمنا في هذه الحالة الكتلة الحيوية.
تعتبر الكتلة الحيوية أي شيء حي أو سبق أن كان حيًا قادرًا على تكوين تربة خصبة في الرمال الصحراوية القاحلة. تزيد هذه المادة العضوية، عند إضافتها إلى التربة، من احتباس الماء وتوفر العناصر الغذائية اللازمة للحياة النباتية، ويشمل ذلك المجتمعات الميكروبية التي تحتاج إليها التربة الصحية.
Read more›››
تشمل أفكار إنتاج الكتلة الحيوية، في المناطق القاحلة في الوقت الحالي، الزراعة الرأسية وتربية الأحياء المائية (مزارع الأسماك) والاستراتيجيات البديلة (على سبيل المثال: مزارع الحشرات أو التخمير الدقيق أو مزارع الفطر)، وكل واحدة منها تُخلّف وراءها أشكالًا مختلفة من المواد العضوية، وعلى المدى الطويل، قد تكون النظم البيئية الساحلية الغنية في دولة الإمارات مفيدة أيضًا في إنتاج الكتلة الحيوية الخام.
يمكننا أيضًا الاستفادة من بقايا الكتلة الحيوية. عادة ما يتم إلقاء مصادر الكتلة الحيوية غير المُستفاد منها في الدولة في مكبات النفايات، وتشمل هذه نفايات تشذيب الأشجار ونفايات المطبخ ونفايات الاستهلاك. وقد بلغت نسبة الكتلة الحيوية المستوردة مقابل الكتلة الحيوية المصدرة في الإمارات 3.5 إلى 1 في عام 2020، وفي عام 2019، تم استيراد أكثر من 80% من المواد الغذائية المستهلكة. وتتراوح نسب الواردات الغذائية التي لا تُستهلك من 40 إلى 80%، الأمر الذي يمثل تدفقًا سنويًا كبيرًا للكتلة الحيوية. لذا، قد يشكل جمع الكتلة الحيوية الناتجة عن النفايات، ومعالجتها عبر البنى التحتية المتخصصة وإعادة توزيعها عبر استراتيجيات زراعية متعددة، خطوة أولى لزيادة الأنشطة الاقتصادية الحيوية، وهو ما من شأنه أن يولّد حلقة ردود فعل إيجابية تجاه الأمن الغذائي وإعادة تشجير المناطق الصحراوية وتقليل كمية الأسمدة والطين المستوردة كل عام.
يمكن أن يساهم الاقتصاد الحيوي الفعّال في المناطق القاحلة مثل دولة الإمارات، على الرغم من أنه تحديًا كبيرًا، في الحد من انبعاثات الكربون المرتبطة بالاستيراد وزيادة عمر النباتات والحيوانات وتحفيز احتباس المياه على المدى الطويل في التربة واحتجاز الكربون على المدى الطويل وبشكل واسع النطاق.
وتُعتبر إمكانية تثبيت الكربون هائلة، حيث يمكن تخزين ما يصل إلى 50 كيلوغرامًا من الكربون العضوي لكل متر مربع بشكل دائم، ويمكن أن تساهم الأرض بتخزين كمية أكبر من الكربون مما أنتجه البشر في عصر ما بعد الثورة الصناعية في ظل وجود 50 مليون كيلومتر مربع على الأقل من الأراضي شبه القاحلة في العالم.
ويُعتبر التحدي الأكبر لهذه الثورة الزراعية هو تأخر العوائد المالية. لذا، توجد حاجة ماسة لإنشاء رابطة دقيقة بين التخطيط التجاري والتطورات المستدامة التي تمتد لعقود، ويجب أن تشمل تعليمًا مناسبًا، كما أنه من الضروري تقدير التربة الصحية والأشجار كونها أصولًا طويلة الأمد.‹‹‹ Read less
وتتمثل الخطة بسيطة التكنولوجيا بعملية ردم البحيرة واستخدام الطمي كمُخصِّب، وتساهم زيادة كمية المادة العضوية في التربة في استرداد قدرتها على امتصاص المياه. وسيوفر ذلك أيضًا التربة الغنية بالعناصر الغذائية للنباتات التي ستُعيد تخضير الصحراء.
وتؤدي إزالة الطمي من البحيرة وتعميقها إلى الحصول على مياه أكثر برودة وأقل ملوحة، مما يحسن من مستوى جودة الماء ويستعيد الثروة السمكية. وستظل بحيرة البردويل بحيرة مالحة، بينما تحتاج النباتات الجديدة في الصحراء إلى مياه عذبة. فلنجرب ابتكارًا آخرًا بتكنولوجيا بسيطة، والذي يُطلق عليه اسم مُبتَكَر، وهو “آلة البيئة”.
وتعد مجموعة من براميل الماء البلاستيكية الشفافة المتصلة ببعضها البعض، والتي طوَّرها جون تود، مؤسس “معهد نيو ألكيمي”، وهو مجتمع بحثي يقع مقره في ولاية “ماساتشوستس” الأميركية، وهو مخصص للأبحاث المتعلقة بالمعيشة المستدامة.
وقال تود في مقابلة مع صحيفة ذا غارديان البريطانية: “تُعد آلة البيئة تكنولوجيا حيوية، حيث تقوم على الطاقة الشمسية، وتعكس التجربة الشاملة للحياة على الأرض على مدار الــ 3,5 مليار عام الأخيرة”.
ويُعد كل برميل بمثابة بحيرة مستقلة بذاتها، إذ تضم كافة الطحالب والأسماك والنباتات التي تتحمل الملح، والحشرات التي يحتاجها نظام بيئي بالغ الصغر. يتدفق الماء من برميل إلى التالي، ويخضع للترشيح كلما تدفق. وفي النظام المُخصَّص لسيناء، تدخل المياه المالحة القادمة من “بحيرة البردويل” إلى النظام، بينما تخرج منه المياه العذبة.
وتعتبر منظومة صغيرة، غير أن فريق سيناء يخطط لاستخدامها في شبكة، وعلى نطاق أكبر كثيرًا. ويعتقد أعضاء الفريق أن المنظومة ستستغرق فقط خمسة أعوام أو ما يقارب ذلك كي تبدأ نباتات إعادة التخضير في التأثير في المناخ المحلي.
“بينما تستعيد المناظر الطبيعية في سيناء خُضرتها وتحتفظ بالمزيد من الرطوبة، فمن المتوقع عودة دورة هيدرولوجية مستقرة، ما يحسن الظروف ويُهيئها للمزيد من إعادة التخضير والزراعة، وهو ما يؤدي بدوره إلى توسيع نطاق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مواجهة الضغط السكاني المتوقع”.
إذا كان أي برنامج لإعادة التخضير لا يمضي على نحو سريع إلا بقدر سرعة نمو النبات، فثمَّة طُرُق أسرع لجعل الصحارى خصبة مُجدَّدًا.
وبينما استخدم فريق “صحراء كوبوكي” نباتات لإعادة تزويد التربة بالعناصر الغذائية، فمن الممكن اتِّباع نهج أكثر سرعة.
دبي، الإمارات
أمضى “المركز الدولي للزراعة الحيوية”، والذي يقع مقره في دبي، ما يقرب من عامين في البحث في كيفية بقاء النباتات حية في نوع من النظم البيئية تنخفض فيها جودة الماء والتربة. وقد طور المركز طُرُقًا للبناء باستخدام المُمَارسات القديمة للزراعة في الصحراء.
وتتمثل إحدى هذه الطُّرُق في تحويل نفايات نخيل التمر إلى فحم حيوي، وهناك العديد من مزارع نخيل التمر في الإمارات، حيث يمكن حرق المُنتَج المُتبقي وتحويله إلى فحم، ليُضاف إلى التربة. وتتمخض هذه الطريقة عن الكربون، وهو عنصر بالغ الأهمية لحياة النبات.
وتتطلع ديزرت كونترول، وهي شركة ناشئة يقع مقرها في دبي، إلى الارتقاء بعملية إعادة التخضير، بحيث تستغرق ساعات بدلًا من سنوات. ويقول أعضاء فريق العمل أن إضافة “الطمي النانوي السائل” يمكنه أن يحول رمال الصحراء إلى تربة خصبة جاهزة لإلقاء البذور والزراعة في غضون حوالي 7 ساعات. تتقيد هذه العملية بمعدل نمو المحصول، إلا أن “الطمي النانوي السائل” يوضَع بشكل مُباشِر على الجزء العلوي من الرمال، ويستمر لمدة تصل إلى خمس سنوات.
أعطوني زراعة، أضمن لكم الحضارة
– من أقوال الوالد المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وبحسب ما ذكرت الشركة على موقعها الإلكتروني: “يُعد اختراعنا بمثابة طريقة جديدة للمزج بين الطمي والماء، بحيث يحيط بكل حبة رمل ويُغلِّفها على نحو مُتقَن عندما يجري توزيعه على التربة وينتشر في الرمال- في خطوة واحدة”. وأضاف الموقع: “عند استعمال الطمي النانوي السائل، تتحول الرمال إلى نسيج أشبه بالإسفنج، والذي يحتفظ بالرطوبة وبالعناصر الغذائية في التربة على نحو أفضل، مما يقلل للحاجة إلى كميات مياه أقل للري، كما ينال المحصول كميات أكبر من العناصر الغذائية وينمو على نحو أفضل”.
تعمل إضافة الطمي إلى الرمال على خلق المسام الدقيقة وزيادة التوتر السطحي، فتصبح التربة حينها أشبه بشبكة، حيث تحتجز الماء والعناصر الغذائية وتحول دون تسربهما من الجذور.
وتستخدم شركة ديك ريكساند في دبي طريقة “الرمل المسامي” والتي تعمل على نحو مُشابه، وتُساعد رمال الصحراء في الاحتفاظ بالماء حول الجذور، ولكنه مع ذلك يسمح للهواء بالتدفق بحرية. ويخلق التغير في التوتر السطحي بركة من الماء على السطح، والتي يُمكن امتصاصها ببطء بواسطة جذور النبات، بدلاً من اختفاءها، كما يجري مع الماء عندما يتدفق على الرمال العادية.
وتُساعد إضافة البكتريا والفطريات إلى الرواسب الصحراوية أيضًا في خلق شبكة أقوى من الماء والعناصر الغذائية لإعاشة النبات.
يمكننا إعادة تخضير الصحراء – ولكن هل يجب أن نقوم بذلك؟
استخدمت برامج التشجير في الهند شُجيرة “غاف عسيلي الأزهار” التوسعية لإعادة تخضير صحراء الهند الكبرى، والمعروفة أيضًا باسم صحراء ثار، كما غُرِسَ العديد من أشجار الحوَر والصفصاف في منطقة لداخ في الهند، والتي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية. وعلى الرغم من ذلك، فقد كانت لهذه التغيرات المتسارعة كُلفتها. ففي عام 2019، أهلكت أسراب الجراد المساحات الخضراء عبر الصحارى الأفريقية والآسيوية. وفي الهند، تعرضت 170.000 هكتار من المزارع للاجتياح، وأعلنت باكستان حالة طوارئ وطنية. ووصفت “منظمة الأغذية والزراعة” التابعة للأمم المتحدة الأمر بأنه فاجعة.
ويُلقي نيناد مونجي، وهو باحث في “المعهد الهندي للحياة البرية” بصفة مباشرة على “طول موسم سقوط الأمطار في الصحاري”. وقال نيناد: “نعلم أن تفشي الجراد يعقب سنوات جلبت فيها الأمطار الغزيرة المساحات الخضراء إلى الصحارى.
نيناد حاصل على درجة الدكتوراه من معهد الحياة البرية في الهند، ويعمل لدى “جامعة آرهوس”، بالدنمارك، والتي تُركز على استراتيجيات الإدارة البيئية للسيطرة على النباتات التوسعية واستعادة النُّظُم البيئية الأصلية.
وقال نيناد: “تبقى هذه الأنواع في سبات في السنوات الحارة، وتحتشد فقط عندما تتحول الصحراء إلى اللون الأخضر. ولنتخيل الآن أن معدلات سقوط الأمطار وعمليات إنتاج هذه الأنواع ترتفع كل عام. ولا تكتفي هذه الأنواع بالارتفاع فحسب، بل إنها مجاورة مكانيًا لأماكن الزراعة والغرس، فهي توفر موردًا سخيًا متجانسًا للجراد كي يعاود الظهور بصفة أكثر تكرارًا. فهل قمنا فعلًا بطهي الوصفة المثالية لهذه المأساة الخضراء؟”
سينتج عن إعادة تخضير الصحارى آثار عميقة على الكوكب، حيث أن النُّظُم البيئية الوظيفية المتنوعة حيويًا تعزل الكربون. وفي عالم يتطلع إلى التحول صوب مستقبل صفري الكربون، فإن احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون المتوافر في الغلاف الجوي في الحياة النباتية يبدو أنه المقترح النهائي لحبس الكربون. ولكن الصحارى أيضًا تضطلع بدور حاسم في استقرار مناخ الكوكب، ذلك أنها تعكس ما يصل إلى 30% من الإشعاع الشمسي وتُعيده إلى الفضاء في عملية تُعرف باسم البياض “البيدو”. وتظل نسبة الـ 70 المتبقية من الإشعاع الشمسي في مكانها لفترة قصيرة في صورة حرارة، إلا أن ثُلُثيها ينتشر في الفضاء، ذلك أن الهواء الجاف والسماء الصافية لا يستطيعان الاحتفاظ بهذا الإشعاع. وتُعد هذه بمثابة آلية رئيسة آخرى لتبريد الكوكب يمكنها أن تتأثر بزيادة المساحات الخضراء في الأراضي الصحراوية.
ويقول أعضاء الفريق الذي يقف وراء الخطة الجريئة لإعادة تخضير سيناء أن “شبه جزيرة سيناء” بعد إعادة تخضيرها يمكنها أن تُحدِث تغييرًا هائلًا في أنماط الجو عبر المنطقة برمتها. “في الوقت الراهن، تستقطب سيناء الجافة الحارة في فصل الصيف الرياح الشمالية الغربية المُحمًّلة بالرطوبة، والمتجهة من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندي، حيث تتسبب في اضطرابات جوية حادة. وعندما تُصبح سيناء أكثر برودة ورطوبة، فإنها ستعكس اتجاه هذه الرياح، وستوزع الهواء الرطب القادم من البحر المتوسط في نطاق أكثر محلية. وسيتمخض ذلك عن زيادة هائلة في سقوط المطر المناطق المحيطة، كالأجزاء الشرقية من مصر والأجزاء الغربية من المملكة العربية السعودية والأردن، والمناطق الأبعد منها”.
ويقر أعضاء الفريق بأن أي إجراء للإصلاح يتعين أن يُقَيِّم جدوى التغييرات التي تطرأ على النُّظُم البيئية بفعل الإنسان والتأثيرات (الإقليمية والعالمية) المقترنة بذلك”.
والسؤال هو: إذا أعدنا تخضير شبه جزيرة سيناء وصحراء كوبوكي والربع الخالي، ما تداعيات ذلك على المناطق الأخرى من العالم؟ وهل يمكننا أن نفعل ذلك من دون مُدخلات من جانب الناس الذين سيتأثرون بذلك من دون قصد؟ ففي خطة سيناء، على سبيل المثال، الرطوبة التي ستتوجه صوب المحيط الهندي، كان يتعين أن تسقط في صورة أمطار عبر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن إلى أي حد ستفتقد النُّظُم البيئية والمجتمعات المطر التي اعتادت سقوطه؟
فريق سيناء، لديه إجابة:
“لا أحد مثلنا يُدرك مدى الابتداع الذي تنطوي عليه عملية إعادة تخضير المناطق الصحراوية، ولكن بدلًا من ترك الغموض يُصيبنا بالشلل، فقد انضممنا إلى الأكاديميين وعلماء البيئة والمهندسين في كافة أنحاء الكرة الأرضية وتضافرت جهودنا جميعًا من أجل وضع تصور لمنهج شامل، طويل المدى وقائم على العلم لإعادة استقرار النظام البيئي المحلي وإعادته إلى حالته القديمة- منهج يتسم بالفاعلية الحيوية والتجديد”.
وكما قد تتوقعون، فإن ليو، الاستشاري في مشروع سيناء، لديه وجهة نظر مشابهة، ويقول: “ماذا إن كان ما نحتاجه على وجه التحديد هو التوازن بين هذه القدرة على إحداث التغيير على نطاق هائل وبين الوعي والمصالح المتبادلة”؟