الغلاف: يترجم الدكتور رايان ليفرز بحثه في الزراعة المستدامة واستخدام المياه لمشروع تجاري. المصدر : مزارع البحر الأحمر

بدأ رايان ليفرز وشريكه مارك تستر بمشروع “مزارع البحر الأحمر” بهدف إيجاد أفضل الطرق التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي والمائي في المجتمعات الصحراوية، وفي نفس الوقت الكشف عن طرق حديثة لتوفير الطاقة والحد من انبعاثات غاز الكربون.

رايان هو باحث من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية وهو صاحب مشروع زراعي تكنولوجي فريد من نوعه يعتمد على أشعة الشمس ومياه البحر لإنتاج المحاصيل الزراعية في البيئات القاسية التي يصعب فيها نمو النباتات، وقد نشأ في مزرعة للألبان في ولاية داكوتا الجنوبية في الغرب الأوسط من الولايات المتحدة، حيث تعلم هناك أن “الطبيعة الأم” متقلبة ويمكنها أن تنتج المحاصيل أو تتلفها.

قال رايان: “يعد تفقد حالة الطقس صباحًا ومساءً جزءًا أساسيًا من حياتي اليومية، وكان السؤال الذي يتبادر لذهني دائمًا متى ستمطر؟”.

وخلال دراسته للزراعة المستدامة واستخدام المياه، اطلع على الموضوعات ذات الأهمية الكبيرة والمتعلقة بالمناخات القاسية والصعبة في منطقة الشرق الأوسط حيث الإجابة عن السؤال “متى ستمطر؟” هي “لن يحدث ذلك أبدًا”.

وأضاف رايان: “عندما يعتمد محصولك على تقلبات الطبيعة سينجم عن ذلك العديد من المخاطر واحتمالية الفشل، حيث يمثل البَرَد والجفاف والحشرات والأعشاب الضارة والفيضانات والصقيع جزءًا صغيرًا من مجموعة التحديات التي تواجه نجاح الحقول المفتوحة في الغرب الأوسط من الولايات المتحدة. وفي شبه الجزيرة العربية، يمكن الإضافة لتلك القائمة العواصف الرملية ودرجات الحرارة المرتفعة ورداءة التربة وزيادة نسب الرطوبة”.

وأضاف أيضًا: “نقوم بالتصدي لهذه التحديات من خلال وضع جميع المحاصيل في بيئات داخلية محمية ومحكمة، كما نقوم بذلك بطريقة تتسم بالفعالية في استخدام المياه والطاقة بالاستعانة بأجهزة استشعار وقاعدة بيانات كبيرة للحصول على أفضل النتائج التي تخدم كوكبنا ومحاصيلنا ومجتمعاتنا والقطاعات الرئيسة”.

و تعتمد معظم البيوت البلاستيكية التقليدية على طاقة الشبكات والمياه النظيفة لري النباتات والحفاظ على درجة حرارة معتدلة داخلها، لكن بالنسبة لرايان وفريقه البحثي فقد استفادوا من المصادر المتوفرة في الصحراء والتي تشمل الشمس والمياه المالحة لتقليل نسبة التكاليف اللازمة لعمليات التشغيل وإنتاج المحاصيل بشكل قريب من الأسواق التي يخدمونها، الأمر الذي ينتج عنه تحقيق الأمن الغذائي المحلي والحد من تكاليف وتحديات شحن المنتجات لمسافات طويلة.

IMAGES: Red Sea Farms

وتقوم مزارع البحر الأحمر في السعودية على الطاقة الشمسية والمياه المالحة لري المحاصيل والحفاظ على مستوى درجات حرارة معتدلة داخل البيوت البلاستيكية، حيث يتم اختيار النباتات وفقًا لتحملها للمياه المالحة. أما بالنسبة لأنظمة التبريد، فيؤخذ بعين الاعتبار عملية اختيار المواد والتصميم الهندسي الذكي وأنظمة التحكم الذكية التي تساهم جميعها في تجنب الآثار الضارة للمياه المالحة.

وقال رايان: “بالنسبة للطماطم، يساهم وجود القليل من الملح في عمليات ري الطماطم في رفع مستوى الخصائص الفيزيائية التي تشمل مقياس “بريكس” الذي يُستخدم لقياس مستوى السكر والفيتامينات والمعادن، حيث لاحظنا أن الطماطم التي رويت بمياه مالحة تتمتع بمذاق متميز وفترة صلاحية أطول”.

تستهلك مزارع البحر الأحمر مياه نظيفة بنسبة 95% أقل من البيوت البلاستيكية التقليدية في المناطق الصحراوية.

تستهلك مزارع البحر الأحمر طاقة بنسبة 90% أقل من البيوت البلاستيكية التقليدية.

يبلغ عدد المواقع التي تنتشر فيها هذه التكنولوجيا في السعودية 3 مواقع.

عدد الدول ذات المشاريع الفعالة


ويرى رايان أن منهجيته فعالة خاصة في أعقاب جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى ضعف في سلاسل التوريد التقليدية.

وأضاف: “في إطار جائحة كوفيد-19، يتعين علينا قدر الإمكان النظر في إنتاج المحاصيل قصيرة الأجل محليًا، والسؤال هنا هو كيف نحقق ذلك؟ تساهم تكنولوجياتنا في توفير فرص نمو هذه المحاصيل محليًا ومرونة في مواجهة سلاسل التوريد المتقطعة.

إضافة لذلك، زيادة الوعي لدى المستهلك الذي يتمثل بزيادة الطلب على الأغذية الصحية المحلية. وستعود هذه الأنظمة الزراعية التي تعمل بتكنولوجياتنا بمستقبل واعد على مجتمعاتنا المحلية التي تستفيد من هذه التكنولوجيات”.

ما هي المجتمعات التي ستستفيد من هذه التكنولوجيات؟ يمكن استخدام واحدة أو أكثر من تكنولوجيات مزارع البحر الأحمر في أي مكان، إلا أنها تناسب بشكل خاص المجتمعات ذات البيئات القاسية عالميًا.

قال رايان: “تشمل البيئات القاسية المناطق الصحراوية والجُزر والمناطق التي تزخر بالموارد الشمسية والبيئات الساحلية والمناطق التي تعاني من نسب مرتفعة من الرطوبة”.

وأضاف: “تشهد مزارع البحر الأحمر مستقبلًا متطورًا، حيث نسعى لمتابعة الفرص التي تمنحنا التطور محليًا داخل السعودية وإقليميًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعالميًا في أمريكا الشمالية كأول خطوة لنا في هذا المجال، كما نسعى إلى التوسع في نشر تكنولوجياتنا المبتكرة المتعلقة بالأنظمة الزراعية من السعودية إلى البيئات القاسية في جميع أنحاء العالم”.

وعلق رايان في ختام حديثه قائلًا: “أود أن أشير إلى ملاحظة شخصية وهي أني أتطلع مستقبلًا لليوم الذي أنظر فيه إلى الوراء لأدرك ما قام به فريق مزارع البحر الأحمر لتحقيق مفهوم الأمن الغذائي وآلية إدارته للمشروع الذي يحسن حياة الأفراد ويحمي الكوكب الذي نعيش عليه نحن والأجيال القادمة”.

انضم لقائمتنا البريدية

احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا