اللقاحات والأدوية البديلة وتوخّي الحذر: هكذا نجتاز موسم الإنفلونزا الحالي بسلام.›››
تتشكّل الكثبان الرملية عندما تهب الرياح وتتجمّع الرمال، لتُشكّل أكوامًا يعتمد شكلها على سرعة الرياح واتجاهها، حيث يطير الرمل الذي يقع في الجانب المواجه للرياح من الكثبان الرملية وينزلق إلى أسفل الجانب المحمي منها، فتتحرك الكثبان ببطء مثل لعبة التدبيح التي يحني فيها اللاعب ظهره ليقفز لاعبٌ آخر فوقه.
تُعتبر هذه الحركة تدريجية وبطيئة للغاية، حيث تتحرك حبة من الرمل في كل مرة وتتراكم بمرور الوقت، ويمكن لتغيّر المناخ أن يغيّر سرعتها وشكلها واتجاهها.
يعتبر زحف الكثبان الرملية، القادمة من الصحراء إلى المدن التي يعيش فيها الإنسان، أمرًا منتشرًا في جميع أنحاء العالم، حيث تهدد الأراضي الزراعية والبنية التحتية، ولكن يختلف معدل تحرك الكثبان الرملية بناءً على سرعة الرياح وتضاريس المنطقة.
يقول أندرياس باس، أستاذ في علم تشكّل الأرض المعني بالرياح في كِنغز كوليج في لندن: “تُمثّل الكثبان الرملية في المناطق القاحلة تضاريس متحركة وواضحة تتطلب استراتيجيات للتكيّف معها والتخفيف منها لمنعها من المساس بالبنية التحتية البشرية والموارد الاقتصادية، كما تقوم بدورٍ هامٍّ في التحكّم في التصحر وانبعاثات الغبار في الغلاف الجوي، حيث تغطي الكثبان الرملية والبحار الرملية ما نسبته 20% من المناطق القاحلة في العالم، ويسهم كلٌّ من تشكّلها ونمطها بشكل كبير في التعريف بالظروف البيئية لسطح كوكب الأرض والأجسام الكوكبية الأخرى أيضًا”.
ركّزت أحدث بحوث أندرياس بشكل مباشر على الرمال الأرضية، فقد قام هو وزميلته في كلية كِنغز كوليج في لندن، لوسي ديلوبيل بدراسة كيفيّة تغير شكل الكثبان الصحراوية المتنقّلة وهجرتها وسرعتها واتجاهها بحلول عام 2100 في جميع أنحاء العالم، نتيجة للتغيّرات في أنماط الرياح، حيث يقول الباحثون أن مناخ الرياح المتغيّر يحظى بدورٍ رئيسٍ في هذا التغيّر، ما يعني أن تغيّر المناخ هو العامل الأساسي في حدوثه.
أضاف أندرياس قائلًا في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “فوجِئنا بالعثور على العديد من الزيادات المستقبلية المهمة إقليميًا في الانجراف الرملي المحتمل والتغيّرات في نظام الرياح التي يمكن أن تؤثر على هجرة الكثبان الصحراوية وشكلها، وقد افترضنا سابقًا أن الاحتباس الحراري يؤدي إلى اختلافات أقل في درجات الحرارة حول العالم (بسبب ارتفاع درجات حرارة المناطق القطبية)، وأن هذه الاختلافات الأقل في درجات الحرارة ستُنتِج رياحًا أضعف، كما وجدنا أن توسع أنظمة الرياح الموسمية على وجه الخصوص في اتجاه القطبين سيكون له تأثير كبير على الكثبان الرملية في أماكن مثل عُمان وموريتانيا”.
يشير أندرياس إلى أنه في حين يُعتبر من غير المرجح أن تغير معظم الكثبان الرملية في جميع أنحاء العالم شكلها بسبب التغيرات في الرياح، ستغيّر حوالي 10% منها اتجاه حركتها نتيجة لها، ومن المرجح أن تغيّر بعض حقول الكثبان الرملية اتجاه حركتها.
يقول أندرياس: “وجدنا أنه من المتوقع أن تشهد 73% من مناطق الكثبان الصحراوية الحالية تغييرات كبيرة في احتمالات انجراف الرمال، أو ما يمكننا وصفه بالكمية الإجمالية للرمال التي تنقلها الرياح، حيث سيشهد حوالي ثلث مناطق الكثبان الصحراوية زيادة في هذه الاحتمالات، في حين سيشهد الثلثان الآخران انخفاضًا فيها”.

ربيعٌ أطول وليالٍ أدفأ
شَهِدت المناطق القاحلة وشبه القاحلة في شمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا توسّعًا، وقد زاد انتشارها نتيجةً للنمو السكاني السريع وارتفاع درجة حرارة المناخ، وفقًا لدراسة نشرها الباحثان ديانا فرانسيس وريكاردو فونسيكا من جامعة خليفة، في المجلة العلمية “ساينتِفِك ريبورتس”.
Read more›››
تبحث الدراسة في تغيّرات دوران الهواء في الغلاف الجوي وتأثيراتها على السحب والرطوبة والغبار والإشعاع عبر شمال أفريقيا وأفريقيا الاستوائية وجنوب أوروبا والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا.
حيث لاحظ الباحثون ارتفاع درجات الحرارة اليومية ليلًا بشكل أسرع من ارتفاعها أثناء النهار خاصةً في فصل الصيف، وذلك بسبب ارتفاع مستويات الرطوبة والغبار في الغلاف الجوي.
جديرٌ بالذكر أن مناطق الحمل الحراري اتجهت شرقًا في أفريقيا في فصل الشتاء، ما أدى إلى زيادة السحب المنخفضة في المناطق شبه الاستوائية وتوجّه المناطق المترِبة جنوبًا. لذا، تُشير التوقعات المناخية المستقبلية (2066-2100)، إلى أننا سنحظى بربيعٍ أطول وخريفٍ أقصر في المستقبل.
يُتوقع أن تتحرّك المناطق شبه الاستوائية المعروفة بضغطها الجوي المرتفع، والتي تقع فوق منطقة شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية باتجاه القطب بمقدار 1.5 درجة في خط العرض، وهو اتجاه ذو أهمية إحصائية بمعدل ثقة يصل إلى 95%، تماشيًا مع التوسع المتوقع لخلايا هادلي، التي تُعرَف بأنها مجموعة من العمليات الجوية التي تحدث في الغلاف الجوي ويصعد الهواء من خلالها في المناطق الاستوائية فينتج عنه هطول أمطار، ثم يهبط الهواء الجاف في المناطق المدارية ليتسبب في ظروفٍ جافة، وقد يتحول جنوب شبه الجزيرة العربية (المناطق شبه الاستوائية حاليًا)، مع توسّعها، إلى مناخ شبيه بالمناخ الاستوائي مع ارتفاع وتيرة هطول الأمطار سنويًا.
تُسلّط الدراسة الضوء على أهمية النماذج المناخية عالية الدقة المسؤولة عن الغبار والملوّثات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويشير الباحثون إلى ضرورة وجود نماذج كهذه للحصول على توقعات مناخية موثوقة ولدعم مبادرات التكيف مع تغيّر المناخ والتخفيف من آثاره، بما في ذلك تبنّي مصادر الطاقة المتجددة.‹‹‹ Read less
ستظل حركة الكثبان بطيئة للغاية وتدريجية لكن قد ينتج عنها مشاكل خطيرة في البنية التحتية والنظم البيئية الهشة المحيطة بمناطق الرمال مع مرور الوقت.
يضيف أندرياس: “تم تكييف تخطيط المستوطنات والبنية التحتية تاريخيًا في العديد من البلدان الصحراوية، مع أشكال الكثبان الرملية المحلية وحركتها. فعلى سبيل المثال، بُنيَت العديد من القرى والبنى التحتية وحتى المطارات في دولة الإمارات، بين الكثبان الرملية الطويلة التي تمتد من الغرب إلى الشرق، وإذا انفصلت الكثبان الطويلة إلى كثبان أصغر، فقد تنتقل أكثر باتجاه الجنوب، حيث سيؤدي ذلك إلى دفن تلك المناطق السكنية بالرمال. وفي أماكن أخرى مثل راجستان، قد تُهاجر الكثبان الرملية بشكل أسرع ويصعب التعامل معها بشكلٍ أكبر في الأماكن التي تجتاح فيها الكثبان الحقول الزراعية”.
لاحظ الباحثون الحاجة إلى أخذ التغيّرات في سلوك الكثبان الرملية في الاعتبار عند بذل الجهود المتعلقة بالتخطيط والإدارة، فقد تقل فعالية العوامل المخفّفة المصمّمة للحركة الحالية للرياح، مثل الأسوار الرملية والأحزمة الخضراء، من الناحية المحلية في ظل تغيّر اتجاه الرياح على سبيل المثال، وقد تصبح غير ضرورية أيضًا إذا تحوّلت الكثبان الرملية من نوعٍ مهاجر إلى نوعٍ ممتد، ما يستدعي الحاجة إلى نماذج أكثر دقة للتوصيات الخاصة بكل موقع.
يقول أندرياس: “شَهِد الكوكب العديد من التغييرات الهائلة في الصحاري وحقول الكثبان الرملية على مدى تاريخه الطويل، ولكن تُعتبر هذه المرةَ الأولى التي يبني فيها البشر منشآتٍ بين الكثبان الرملية، حيث تشير توقعاتنا المستندة إلى نموذج عالمي لتغيّر المناخ، إلى أن انجراف الرمال المحتمل في دولة الإمارات قد ينخفض إلى حدٍّ ما في المستقبل، ولكن هذه النماذج العالمية ليست ماهرة في تمثيل الظواهر المناخية المهمة إقليميًا مثل رياح الشمال، كما تتوقع دراساتٌ أخرى زيادة قوة الظواهر المناخية القاسية كهذه، وقد تؤدي رياح الشمال المستقبلية في تلك الحالة، إلى زيادة الغبار وتحريك المزيد من الرمال”.
إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: التخلص من الغبار