اللقاحات والأدوية البديلة وتوخّي الحذر: هكذا نجتاز موسم الإنفلونزا الحالي بسلام.›››
انتشرت مجموعة خطيرة من الطحالب في شواطئ الخليج العربي خلال الفترة بين عامي 2008 و2009 تُعرف باسم “كوكلودينيم بوليكريكوديس”التي اتسمت بحجمها الكبير إلى درجة جعلتها تشكل تهديدًا لملايين المقيمين ولبيئة المجاري المائية نفسها، وحتى للأمن الوطني.
ويؤكد شادي أمين، أستاذ مشارك في البيولوجيا بجامعة نيويورك أبوظبي، والذي يدرس هذه الظاهرة في دولة الإمارات وفي خليج المكسيك، أن الطحالب ليست سيئة بطبيعتها.
وقال شادي في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تعد الطحالب في واقع الأمر جيدة وهامة في أغلب الأوقات ومن دونها لن تكون هناك حياة على الأرض، إذ تُنتج الأكسجين الذي نتنفسه ويتغذى عليها السمك الذي نأكله. توجد مجموعات من الطحالب الجيدة في المحيطات المفتوحة، فإذا ذهبت إلى شمال المحيط الهادي، على سبيل المثال، ستجد هناك مجموعة من الطحالب المعروفة التي تنمو في فصل الربيع وتُثري الشبكة الغذائية للحيتان، لهذا السبب يمكن مشاهدة العديد من الحيتان وهي تتغذى”.
ولكن ماذا عن الطحالب السيئة التي تستمد غذائها من المياه الدافئة ومخلفات الأنشطة البشرية كالبناء والزراعة؟ يمكنها أن تسبب كوارث.
صحة الإنسان
قد يتضرر الإنسان بسبب ظاهرة المد الأحمر حتى لو لم يكن موجودًا داخل المياه.
يقول شادي أن الطحالب يمكن أن تفرز سمومًا تؤثر في السلسلة الغذائية، حيث يتعرض الإنسان الذي يستهلك الأسماك التي تتغذى على هذه الطحالب لأخطار صحية كبيرة. وأضاف: “يمكن أن يستنشق الإنسان هذه السموم أثناء سيره على الشاطئ، لا سيما في المناطق التي تشهد حركة أمواج قوية والتي تنتشر فيها السموم بالهواء الجوي على شكل رذاذ.”

متى لا يكون المد الأحمر أحمر اللون؟
تُسمى الطحالب الضارة غالبًا بالمد الأحمر، ولكن قد تظهر بألوان أخرى أيضًا. Read more›››
‹‹‹ Read less
لا يعتبر المشي على الشاطئ الأمر الوحيد الذي يمكن أن يعرض الأفراد لهذه المخاطر، حيث أظهرت دراسة في الولايات المتحدة الأميركية ارتفاعًا في عدد الزيارات إلى المستشفيات نتيجة حالات ضيق التنفس أثناء فترات المد الأحمر.
وقد تكون بعض أنواع الطحالب غير سامة، لكنها قد تفرز مواد مهيجة يمكنها التأثير في البشرة والعينين، ومثال ذلك ما حصل في عام 2018 عندما أغلقت السلطات في أبوظبي شاطئ السعديات الذي يرتاده العديد من السكان المحليين والسياح ومنعت السباحة فيه.
الضرر بالنظام البيئي
تتأثر الأسماك والحيوانات البحرية كذلك بالطحالب، حيث تقوم الطحالب باستهلاك الأكسجين الموجود في المياه ويؤدي ذلك إلى اختناق الكائنات البحرية الأخرى.
يمكن أن تتعرض الحيوانات البحرية الموجودة البعيد من المنطقة منخفضة الأكسجين للإصابة أو القتل كما هو الحال كالإنسان، إذا قامت بأكل الأسماك والكائنات البحرية الأخرى الملوثة بسموم الطحالب.
قد تكون النتائج كارثية.
أدت الطحالب الضارة التي انتشرت في شواطئ دولة الإمارات بين عامي 2008 و2009، على سبيل المثال، إلى هلاك آلاف الأطنان من الأسماك وألحقت الضرر بالشعاب المرجانية، بحسب الباحثين الذين درسوا الواقعة.
ووصلت موجة المد الأحمر إلى شواطئ ولاية فلوريدا الأميركية في عام 2018 وتركت فيها كائنات بحرية متعفنة تشمل الأسماك وثعابين البحر وخنازير البحر والسلاحف وقرش الحوت الذي بلغ طوله حوالي 8 أمتار.
ويمكن أن تُصاب خراف البحر، في فلوريدا، بنفس مشاكل التنفس التي تؤثر على الإنسان وقد تؤدي إلى موتها.
الاقتصاد والأمن الوطني
تتأثر الصناعات البشرية بذلك أيضًا وليس فقط قطاع صيد الأسماك الذي يعتمد على الثروة السمكية البحرية والأسماك المستزرعة في المحيطات.
انتشرت طحالب “كوكلودينيم بوليكريكويديس” في الساحل الجنوبي لكوريا في عام 1995، واستمرت هناك لمدة 8 أسابيع بمحاذاة الساحل بأكمله وأدت إلى خسائر اقتصادية بقيمة إجمالية بلغت 95 مليون دولار أميركي.
ويتأثر كذلك قطاع السياحة عندما تصبح الأماكن التي يُروج لها كوجهات للراحة والتمتع بالشمس والبحر غير آمنة وغير محببة للزائرين. وتسبب المد الأحمر الذي حدث في فلوريدا عام 2018 بخسائر بقيمة 2,7 مليون دولار، وفقًا لدراسة صادرة عن جامعة سنترال فلوريدا.

وتعتمد دولة الإمارات على محطات تحلية مياه البحر الممتدة بمحاذاة ساحلها لتزويد غالبية سكانها بالمياه النظيفة. لذلك، تواجه الدولة مخاطر إضافية إذا أجبرت الطحالب الضارة محطات التحلية على الإغلاق.
ضرب المد الأحمر منطقة الخليج العربي ما بين عامي 2008 و2009، والذي أجبر حكومات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على إصدار تعليمات بإغلاق محطات التحلية. يبلغ عدد هذه المحطات في دولة الإمارات 70 محطة وهي التي توفر للدولة غالبية احتياجاتها من مياه الشرب. وأثار ذلك اهتمام أثول ياتيس، الذي يتابع قضايا الأمن المدني كجزء من مهامه في جامعة خليفة.
“وقال أثول: “إذا أغلقت محطات التحلية في دولة الإمارات، ستتوقف إمدادات المياه بشكل كبير ولن يكون هناك سوى كمية محدودة من المياه المخزنة في شبكة توزيع المياه والتي ستكفيك لمدة يوم أو يومين. وبصفة عامة، فإن الماء الوحيد المتوفر هو الماء الموجود في شبكة توزيع المياه التي تنقلها من محطة التحلية إلى المنازل”.
وأضاف أثول: “لا يُستخدم الجزء الأكبر من الماء لأغراض الشرب ولكن لأغراض مثل ري الحدائق، إذا تمكنا من إرسال رسالة تقول: “لا تستخدم الماء لأي غرض آخر ولا تغسل سيارتك”، ستدوم هذه المياه لفترة أطول. لكن المشكلة هي طول الفترة التي تستغرقها تلك الرسالة للوصول”.
وأوضح أثول أن دولة الإمارات تتخذ تدابير للتخفيف من حدة الأمر، وقال: “أنشأت الحكومة شبكة مياه بفائض في الإنتاجية كشبكة كهرباء. فإذا توقف مفاعل براكة للطاقة للنووية عن العمل، يمكن الحصول على الكهرباء من مصادر أخرى. وينطبق الأمر نفسه على منظومة المياه”.
وأفاد أثول بأنه يوجد أيضًا مخازن استراتيجية للمياه، مشيرًا إلى طبقة مياه جوفية مستنفدة في منطقة “ليوا” تمت إعادة ملئها لتصبح خزانًا للمياه تحت الأرض. وقال أثول: “إذا حدثت مشكلات في شبكة التحلية، يمكن ضخ المياه في هذا الخزان لإمداد الشبكات”.
يعد هذا المورد محدودًا وتكلفته الاقتصادية مرتفعة، وتقدر خطة الإدارة المتكاملة لموارد أبوظبي المائية أن نقص إنتاج محطات التحلية أثناء المد الأحمر كلف الصناعة أكثر من 100,000 دولار أميركي (368,000 درهم) يوميًا.
مخاوف متعلقة بمنطقة الخليج
تواجه دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي مخاوف أخرى خاصة تتعلق بالطحالب الضارة.
وقال أثول: “يمكن لهذا المد الأحمر الطويل والبطيء أن يغلق أنظمة سحب المياه في محطات التحلية عبر مساحة كبيرة”.
وأشار أثول إلى أن التيارات في منطقة الخليج تتسم بالبطء، ما يعني أن المد الأحمر قد يستمر لفترة أطول

وتوصّـل شـادي أميـن مـن جامعـة نيـويـورك أبـوظبـي إلـى مـدى طـول فـتـرة استمـرار الطحـالـب الضـارة، حيـث رصـد فريـقـه “مجمـوعـة طحـالـب ضـارة” فـي الواجـهـة البحـريـة فـي منطقـة يـاس “يـاس بـاي” فـي أبـوظبـي لمـدة عـام تقريـبًا. ولا تـوجـد معلـومـات مؤكـدة بشـأن مصـدر هـذه الطحـالـب، ولـكـن يـرى شـادي أن هـذه الطحـالـب هـي مخلفـات ناتجـة عـن مشـروعات إنشـائيـة أو أنشطـة بشـريـة أخـرى.
ولاحـظ شـادي أيضًـا أن منطقـة الخلـيـج العربـي بصفـة عامـة تحتـوي علـى نسـبـة منخفـضـة مـن العناصـر الغـذائيـة.
وقـال: “أدركنـا ذلـك أخيـرًا. ويعنـي ذلـك عـدم وجـود قـدر كبيـر مـن الكتلـة الحيـويـة فـي المـاء بالنسبـة إلـى المناطـق التـي تحتـوي علـى العديـد مـن العناصـر الغـذائيـة. لـذا، عنـد حـدوث أي نـوع مـن الاضطـراب فـي تلـك المنظومـة، كجريـان الميـاه الناتجـة عـن مشـروع إنشـائـي أو أرض زراعـيـة أو ريـاح موسميـة، علـى سبيـل المثـال، أو أي أحـوال جويـة، فـقـد يؤدّي ذلـك إلـى ظهـور طحـالـب ضـارة علـى نحـو مفاجـئ. وتتسـم هـذه الأحـداث بعـدم إمكـانيـة توقّـعـهـا إلـى حـد كبـيـر”.
يواجـه الخلـيـج العربـي تحـديـات تصعّـب متابعـة ورصـد انتشـار الطحـالـب الضـارة.
وقـال شـادي: “تـعـد صـور الأقمار الصناعيـة مـن أسهـل الأشـيـاء التـي يستخـدمهـا النـاس، لأنهـا مجـانـيـة ومتوفرّة دومًـا، ولكـنـهـا للأسـف لا تعمـل علـى نحـو جيّـد هنـا بسـبب الضحالـة الشديـدة التـي يتسـم بـهـا الخلـيـج العربـي، وبصفـة خاصـة الساحـل الإماراتـي“.
وأضـاف شـادي: “تقـيـس الأقمار الصناعيـة الضـوء المنعكـس مـن الأرض. وعنـدمـا تحـاول أن تستكشـف بالتقريـب وجـود طحـالـب فـي جـزء معيّـن مـن المحيـط، فإنـك تقيـس الطـول الموجـي المنعكـس مـن المـاء وتـوجـد خوارزميـات يمكـنـهـا احتسـاب عـدد الطحـالـب الموجودـة.
وتتمثّـل المشكلـة فـي كـون الضـوء ينعكـس مـن قـاع البحـر أيضًـا فـي المناطـق الحـارّة، وهـو مـا يجعـل الأمـر أكثـر تعقـيـدًا فـي هـذه الحالـة، وهـذا هـو تحـديـدًا مـا نواجـهـه هنـا. لـذا، لا يعـد الاعتمـاد علـى الأقمار الصناعيـة هنـا خيـارًا مطروحًـا”.
مراقبة المياه
وذكر شادي أن فلوريدا تستثمر على نحو كبير في تعزيز دفاعاتها ضد المد الأحمر.
وقال: “نتعاون عن كثب مع خليج المكسيك وولاية فلوريدا، إذ لديهما برنامج ممول من الولاية يتضمن ذهاب المئات، إن لم يكن الآلاف، من موظفي الولاية بصفة يومية تقريبًا لتجميع مياه البحر. وإذا بلغت المياه حدًا معينًا يعرفونه مسبقًا، فيعني ذلك وجود طحالب. وعليه، يحذرون الجمهور ويتخذون الإجراءات اللازمة”
وأضاف شادي: “لا تمتلك دولة الإمارات هذه النوعيات من الموارد بعد، ولكننا نحقق تقدمًا في هذا الصدد”.
وتابع: “هذا هو ما نهدف إليه”.
وفي هذه الأثناء، أطلقت عُمان نموذجًا للتنبؤ في مطلع عام 2024 للمساعدة في التحذير من موجات المد الأحمر القادمة
ويقول جواد الخراز، رئيس قسم البحوث بمركز الشرق الأوسط لبحوث تحلية المياه في مسقط: “يعتبر نظام الإنذار المبكر ضروريًا في دول المنطقة، خاصة مع إمكانية أن يساهم التغير المناخي في زيادة تكرار المد الأحمر ومدى خطورته”.
ويؤكد جواد أن إجراء المزيد من البحوث يعد أمرًا أساسيًا لتقييم العلاقة بين موجات المد الأحمر والتغير المناخي وتحمض المحيطات وصحة البشر.
ويرى شادي أمين في نفس الوقت أنه يتعين علينا البحث عن حل المشكلة بأنفسنا. وقال شادي: “تحدث المشكلة بسبب الأنشطة البشرية المفرطة في السواحل وإلقاء النفايات في مياه البحر، ما يؤدي إلى حدوث هذه الموجات الضارة من المد الأحمر”.
أغشية بتحكم أفضل
كتابة: جيد ستيرلنغ
تبدو المستويات المرتفعة من العناصر الغذائية كميزة في أي نظام بيئي، ولكن إذا حصلت البيئة على كميات كبيرة من العناصر الغذائية، ينتج ما يُعرف بـ “التغذية الزائدة” والتي تعزز نمو الطحالب الضارة بشكل سريع ونقص نسبة الأكسجين في ماء البحر، وبالتالي قتل الأسماك والأعشاب البحرية.
وقال شادي حسن، مدير مركز الأغشية وتكنولوجيا المياه المتقدمة في جامعة خليفة: “يساهم تراكم العناصر الغذائية كالنيتروجين والفوسفور بكميات كبيرة ثم تصريفها في المياه السطحية والأنهار والمستودعات إلى تسريع حدوث التغذية الزائدة، وبالتالي التسبب في ضرر بالغ في النظام البيئي المائي”.
وأضاف: “نحتاج إلى التحكم في مستويات العناصر الغذائية وتطوير تكنولوجيات مبتكرة لمعالجة الماء والتخلص من المغذيات الزائدة”.
توجد هناك العديد من تكنولوجيات المعالجة لكن قد تؤدي الوسائل الكيميائية إلى منتجات ثانوية غير مرغوبة، بينما تستغرق المعالجات البيولوجية وقتًا أطول، فضلًا عن انعدام كفاءتها في استخدام النيتروجين، كما لا تتوافر وسيلة تتيح تنقية كاملة للماء.
وقد يتمثل الحل برغم ذلك في تكنولوجيا جديدة للأغشية، فقد طور شادي حسن وفريقه البحثي في جامعة خليفة غشاءً من حمض البوليلاكتيك ومادة نانوية لإزالة العناصر الغذائية من مياه الصرف.
ويعمل الغشاء من خلال الامتصاص، حيث استخدم الفريق البحثي مادة نانوية مهجنة تتكون من أنبوبة نانوية كربونية وأكسيد الكربون تم توظيفها وموجبة الشحنة ومتعددة الجدران لتخليص مياه الصرف من النيتروجين (كالأمونيا) والفوسفور، مع تحسين نفاذية الماء في الوقت نفسه. ويجري ترشيح العناصر الغذائية بتجميعها في مسام الأنابيب النانوية عند سطح الغشاء.
ويحتاج غشاء كهذا إلى إتاحة خاصية نفاذية الماء، لأنه كلما زاد امتصاص وتجميع العناصر الغذائية، نقصت كمية الماء التي تمر عبر الغشاء. ولكن على الرغم من ذلك، يتيح الغشاء الذي طوره الفريق البحثي تدفقًا عاليًا للمياه حتى أثناء عملية ترشيح المغذيات. تعزز الأنابيب النانوية الكربونية خاصية مقاومة الشد لدى الغشاء على نحو هائل، بينما يحسن أكسيد الغرافين التوازن الحراري ومقاومة الشد ويتيح خصائص مقاومة للبكتيريا. ويؤدي ذلك إلى دعم تدفق المياه ويزيد شراهة المنتج النهائي لها.
وتحظى تأثيرات أكسيد الغرافين والأنابيب النانوية الكربونية في عملية تنقية المياه بتوثيق جيد، إلا أن الدراسات محدودة فيما يتعلق بالمزج بينهما كمركب نانوي هجين.
وقال شادي: “توصلنا بعد مراجعة شاملة للمؤلفات العلمية والمنشورات البحثية إلى أن مجموعتنا البحثية هي الأولى التي تعلن عن تخليق تلك الأغشية المركبة المكونة من حمض البوليلاكتيك لتخليص مياه الصرف الاصطناعية والحقيقية من المغذيات”. وأفاد شادي في ختام حديثه بأن فريقه يبحث طرق التوسع في إنتاج هذه الأغشية من أجل استخدامها في تطبيقات أكبر
إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: أعالي البحار