اللقاحات والأدوية البديلة وتوخّي الحذر: هكذا نجتاز موسم الإنفلونزا الحالي بسلام.›››
قال توماس إديسون في محادثة أجراها عام 1931 مع هنري فورد: “نبدو أشبه بمزارعين مستأجِرين يقطعون الأشجار حول سور منزلهم للحصول على الوقود، بينما ينبغي أن نستخدم مصادر الطاقة الطبيعية التي لا تنضب كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وموجات المد والجزر. أرى أن الطاقة الشمسية مصدر موثوق ويستحق الاعتماد عليه، فياله من مصدر للطاقة! أتمنى ألا ننتظر لحين نفاد النفط والفحم وأن نبدأ في الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة”.
وقد بدأنا في ذلك من خلال التعامل مع الخلايا الكهروضوئية المصنوعة من مواد تسمى أشباه الموصلات، وبشكل خاص مادة السيليكون، والتي تحول ضوء الشمس إلى طاقة.
يقلل ارتفاع درجة حرارة الكوكب من كفاءة تكنولوجيا الطاقة الشمسية.
ويُعزَى ذلك إلى انخفاض كفاءة الألواح الشمسية بنسبة 0.5 بالمائة عند كل ارتفاع في درجة الحرارة بقيمة 1 درجة مئوية، حيث يساهم ضوء الشمس الواقع على الخلية الشمسية في إثارة الإلكترونات إلى مستوى طاقة أعلى بسبب الشحنة التي تُنشِئُها، ولكن إذا كانت الخلية ساخنة منذ البداية تكون الإلكترونات في حالة استثارة أصلًا، ما يؤدي إلى إنتاج كهرباء أقل.
والآن، ماذا بعد؟
أصبحت تكنولوجيا الطاقة الشمسية اليوم أكثر كفاءة، لاسيما بعد بدأ الباحثون بتطوير العديد من المواد مُبتَكَرَة وتصنيع نماذج الخلايا الكهروضوئية متعددة الطبقات التي تساهم في امتصاص الضوء من أجزاء مختلفة من الطيف كالأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء. وطور الباحثون أيضًا تكنولوجيات متقدمة كمادة البيروفسكايت ذات التركيب البلوري الخاص والذي يتميز بكفاءة عالية في تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء.
ويــرى تــشينــيدو إيــكــومــا، أستــاذ الفــيــزيــاء بجامــعــة ليهــاي الأمــيــركــيــة، أنَّ المشــكــلــة تــكــمــن بصفــةٍ خــاصــةٍ فــي الظــروف المناخــيــة الأشــد حــرارة، إلــا إنَّهُ يــرى حــلــولــًا جــديــدة مــمــكــنــة.
وقــال تــشينــيدو، فــي مــقــابــلــةٍ مــع مجــلــة جــامــعــة خــلــيــفــة لــلــعــلــوم والــتــكــنــولــوجــيــا:
“تــبــدو الألــواح الشمــســيــة عُــرضــةً لــخــطــر فــقــدان كفــاءتــهــا فــي ظــل ارتفــاع درجــات الحــرارة عــلــى مســتــوى العــالــم، ويُــرجــع ذلــك إلــى الحــرارة المــفــرطــة الــتــي تُــفــقِــد الألــواح قُــدرَتــهــا عــلــى تــحــويــل ضــوء الشمــس إلــى كــهــربــاء.
ويــمــكــن أن يُــضــعِــف ذلــك مــن فــعــالــيــة الطــاقــة الشمــســيــة فــي المناطــق الــتــي تــشــهــد مــوجــات حــارة مــطــولــة، وهــو مــا يــدفــع البــاحــثــيــن إلــى ابــتــكــار مــوادٍ تُــؤدِّي أدَاءً فــعَّالــًا حــتَّى فــي الظــروف البــيــئــيــة القــاســيــة”.

ونتج عن بحث تشينيدو، الذي تم تمويله جزئيًا من وزارة الطاقة الأميركية، مادة كمية حققت معدلات كفاءة منقطعة النظير في الخلايا الشمسية ومن المتوقع أن تُسهِم في تطوير الجيل التالي من الخلايا الشمسية عالية الكفاءة.
وأضاف تشينيدو: “تتيح مادتنا الكمية المطورة حديثًا، والتي تتضمن حالات نطاق وسيطة، مستوى أعلى من امتصاص الفوتونات وإنتاج النواقل. ويساهم هذا الابتكار في تسهيل إنتاج أكثر من إلكترون واحد لكل فوتون، ما يدفع بذلك بالكفاءة الكمية إلى ما يتجاوز الحدود التقليدية بنسبة ارتفاع تصل إلى 190 بالمائة، محققًا قفزة كبيرة في تطبيقات الخلايا الكهروضوئية.
يحظى هذا الابتكار بأهمية خاصة لأنه يتضمن إمكانية تجاوز حد الكفاءة الإشعاعية والذي يمثل الحد الأقصى للكفاءة النظرية باستخدام خلية شمسية ذات تقاطع واحد في ظل ظروف قياسية بنسبة 100%. ويتعين لتحقيق ذلك أن تتجاوز الكفاءة الحد الأقصى لكفاءة تحويل طاقة الشمس والذي يبلغ حوالي 33,7 بالمئة.

ويُعزَى هذا الحد إلى عدم احتواء كافة أشعة الشمس على الطاقة الكافية التي يمكن تحويلها إلى كهرباء، إذ يرتد بعض هذه الأشعة من دون انعكاس، بينما يُفقَد البعض الآخر في صورة حرارة أو يتراجع إلى مستويات أدنى من الطاقة من دون استخدام. ولا تستطيع بعض الأشعة الاحتفاظ بالحالة الالكترونية المستثارة وتعجز عن العودة إلى أحوالها الأصلية قبل إمكانية استخدامها. ولا تمتلك بعض الفوتونات ببساطة الطاقة اللازمة لزيادة الإلكترونات.
تحديات وتطبيقات
لا يرى الفريق البحثي الذي يقوده تشينيدو أي عقبات هامة من شأنها الحيلولة دون تطبيق مادتهم الجديدة على أنظمة الطاقة الشمسية الحالية، إلا أن تشينيدو يشير إلى أن التوسع في إنتاج المادة إلى مستوى تجاري وتطبيقها في التكنولوجيات الجديدة يقتضي مزيدًا من البحث وتقليل التكلفة.
ويمكن للمادة التي ابتكرها تشينيدو أن تطرح حلولًا للدول التي تُصنَّف ضمن الأعلى في درجات الحرارة. وتشمل هذه الأماكن منطقة الشرق الأوسط التي تشهد استخدام الطاقة لغرض التبريد على نحو يفوق أي منطقة أخرى في العالم.
تحظى منطقة الشرق الأوسط بأكثر من 300 يوم مشمس سنويًا، ويتوقع بحسب تقديرات شركة “ريستاد إينرجي” لبحوث الطاقة أن تبلغ كمية الطاقة الشمسية الناتجة عن المنطقة 23 غيغاواط بنهاية عام 2024.
ويتوقع أيضًا أن تصل نسبة الطاقة الشمسية إلى ما يقرب من 50% من إمدادات الطاقة الإقليمية بالمنطقة بحلول عام 2025.
وقّعت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعهدًا خلال مؤتمر الأطراف “كوب 28” الذي استضافته دبي في عام 2023 بإضافة 62 غيغاواط من الطاقة المتجددة على مدار السنوات الخمس المقبلة، على أن تستأثر الطاقة الشمسية بنسبة 85% من هذه الإضافة.
الطاقة الشمسية في دولة الإمارات
تمتلك دولة الإمارات عددًا من مشروعات الطاقة الشمسية قيد التنفيذ وتستهدف زيادة إسهاماتها في الطاقة النظيفة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050.
يقع المشروع الأضخم ضمن أربعة مشروعات كبرى في منطقة الظفرة الواقعة على بعد حوالي 35 كيلومترًا من أبوظبي باتجاه الجنوب. وتغطي أكبر محطة على مستوى العالم لإنتاج الطاقة الشمسية في مكان واحد مساحة تتجاوز 20 كيلومترًا في الصحراء الممتدة ودخلت في طور التشغيل منذ يونيو 2023 وأُفتُتِحّت قبيل “كوب 2028”.
ويمكن للمحطة المزودة بما يقارب 4 ملايين لوح شمسي إنتاج كهرباء تكفي نحو 200,000 منزل وتوفير حوالي 2,4 مليون طن من الإنبعاثات الكربونية سنويًا، أي ما يعادل إزالة حوالي نصف مليون سيارة من على الطرق لمدة عام.
وسجلت كفاءة الألواح الشمسية أرقامًا قياسية في يناير 2020 بفضل تكنولوجيتها ثنائية الأوجه. ويُعَد يناير الشهر المثالي في دولة الإمارات للوصول بكفاءة الألواح الشمسية إلى الحد الأقصى، لأن متوسط درجة الحرارة في الدولة يبلغ 25 درجة مئوية في هذا الشهر، وهي الدرجة المثالية لإنتاج الطاقة الشمسية.
ويمكن أن تبلغ درجات الحرارة في الدولة خلال أشهر الصيف 50 درجة مئوية، وهو ما يقلل الكفاءة بنسبة تتراوح من 10 إلى 25%.
ويؤكد صمويل شينغ ماو، من جامعة خليفة، أن دولة الإمارات تعمل بشكل متواصل على تطوير الحلول المُبتَكَرَة للتصدي لمشكلة الحرارة.
“وقال صمويل: “يضم مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية مركزًا للابتكار والبحث والتطوير متخصصًا في اختبار وتطوير التكنولوجيات الشمسية الجديدة، بما في ذلك أنظمة التبريد المتطورة والمواد المعدلة للتأقلم مع مناخ الدولة. وينخرط المجمع في اختبار الألواح ثنائية الأوجه وتكنولوجيات التبريد المتطورة ودمج المواد ذات المراحل المتغيرة لتحسين مستويات الكفاءة في الأجواء شديدة الحرارة”.
ويشغل صمويل أيضًا منصب مدير معهد أسباير البحثي للطاقة المستدامة، والذي يقوم من خلاله باحثو جامعة خليفة بتطوير تكنولوجيات لتخزين الطاقة الشمسية والحرارية المكثفة. وقال صمويل: “طور باحثون من جامعة خليفة، في معهد أسباير أيضًا، تكنولوجيا التبريد السلبي من شأنها التخفيف من حدة الأحمال الحرارية للجيل التالي من الخلايا الشمسية”.
تشمل حلول تحسين مستويات الكفاءة أيضًا وحدات التخزين الحراري التي يمكن استخدامها أثناء فترات ذروة الطلب وتوصيل شبكات فرعية من الشبكة الرئيسة وإتاحة الفرصة لإدارة التوزيع على نحو أفضل.
توجد حقيقة مؤكدة في هذا السياق هي أنه مع مواصلة العالم مساره في تزايد ارتفاع درجات الحرارة، فلابد من مواصلة إجراء البحوث في مجال تكنولوجيات الطاقة الشمسية.
“واختتم صمويل تصريحاته لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا بقوله: “يُتوقع أن تؤدي التطورات المستمرة في علم المواد والإدارة الحرارية إلى المزيد من التحسن في أداء الألواح الشمسية وجعل الطاقة الشمسية خيارًا أكثر استدامة وقابلية للتطبيق حتى في الظروف المناخية القاسية”.
التطورات في الطاقة الشمسية بدولة الإمارات
يناير 2020
سجلت كفاءة الألواح الشمسية أرقامًا قياسية في يناير 2020 بفضل تكنولوجيتها ثنائية الأوجه.
يونيو 2023
تاريخ تشغيل أكبر محطة على مستوى العالم لإنتاج الطاقة الشمسية في مكان واحد، والتي تقع في منطقة الظفرة.
تغطي المحطة مساحة 20 كيلومترًا وتضم 4 ملايين لوح شمسي إنتاج كهرباء تكفي لتزويد نحو 200,000 منزل بالكهرباء وتوفير حوالي 2,4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا.
نوفمبر 2023
افتتاح محطة الظفرة قبيل بدء فعاليات “كوب 28” في دبي.
تطورات مستمرة
تواصل جامعة خليفة ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية تركيزهما على: تطوير أنظمة ومواد التبريد للتغلب على الحرارة الشديدة، والتخزين الحراري والتبريد السلبي والجيل التالي من تكنولوجيات الخلايا الشمسية.
2050
تهدف دولة الإمارات إلى زيادة حجم إسهاماتها في الطاقة النظيفة بقيمة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050، واعتبار الطاقة الشمسية ركيزة أساسية
مواضيع ذات صلة مجمعات الطاقة الشمسية تلقي بظلالها على الصحراء