يقدم كل من الخشب والجاذبية والرمل وغيرهم حلولًا ممكنة›››
لا يخضع الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، للتملك الوطني بدعوى السيادة أو عن طريق استخدامها أو احتلالها أو بأي وسيلة أخرى، وذلك وفقاً معاهدة الفضاء الخارجي
في عام 2122،اكتشفت قاطرة فضائية مملوكة لشركة “ويلاند يوتاني” والتي تم تحويل مسارها بواسطة إشارة استغاثة، أصولًا يُحتمل أن تكون قيّمة على كوكب بعيد، إلا أن الشركة المنافسة “بلو سن” تقول إنها سجلت مطالبة بالملكية الفكرية على الموارد الحيوية للكوكب على الرغم من أنها لم ترسل فرقًا إليه مطلقًا.
من الأحق بالفوز في المحكمة؟ تدور أحداث هذا السيناريو في المستقبل البعيد، إلّا أن القانون الذي قد يستند إليه القرار متجذر في ماضينا.
| الأفراد في الفضاء
لدى جميع البلدان قوانين وقواعد وهيئات إدارية تحدد ما هو قانوني وما هو غير قانوني، والمهاجر إلى بلد جديد يتبع نظامًا قانونيًا جديدًا. ولكن ماذا عن الانتقال إلى كوكب أو محطة فضائية جديدة؟ لأي سلطة قضائية سيخضع منزلك الجديد؟ وهل سيخضع لأي سلطة يا تُرى؟
يمكن أن يكون القانون البحري أحد النماذج التي يمكن اتباعها، فعندما تكون السفينة في المياه الدولية، تنطبق عليها قوانين دولة التسجيل، فتتبع سفينة سياحية أمريكية في وسط المحيط الهادئ النظام القانوني الأمريكي، وفي حالة انجراف تلك السفينة إلى المياه الإقليمية لدولة أخرى، فإنها ستقع ضمن السلطة القضائية للدولة التي تتواجد فعليًا في إقليمها.
حاليًا، تُعتبر المركبة الفضائية امتدادًا لبلدها الأصلي. لذلك، ينطبق نموذج المياه البحرية الدولية أثناء ركوبك حافلة النقل الفضائية متوجهًا إلى منزلك الجديد على القمر، ولكن الأمور تصبح معقدة .عند الهبوط
وفقًا لمعاهدة عام 1967 بشأن المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى (المعروفة أكثر باسم معاهدة الفضاء الخارجي)، فإن “الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى لا تخضع للتملك الوطني بدعوى السيادة أو عن طريق الاستخدام أو الاحتلال أو بأي وسيلة أخرى.”
وبما أن الفضاء ليس ملكًا لأحد – لا يوجد قانون ينطبق بشكل عام على الجميع.
وفقًا لمبدأ “الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية”، يخضع الإنسان لقوانين وطنه حتى إذا كان خارج أراضيه. فعندما يتواجد شخص ما في بلد آخر، تحل قوانين ذلك البلد محل قوانين بلده الأصلي – ولكن عندما لا يكون في أي بلد، كما هو الحال على القمر، فإن قوانين بلده الأصلي تنطبق عليه، فيمكن أن يخضع شخصان على القمر لقوانين مختلفة.
وتنص اتفاقية المحطة الفضائية لعام 1998 على أنه “يجوز لكندا والدول الشريكة الأوروبية واليابان وروسيا والولايات المتحدة ممارسة الولاية القضائية الجنائية على الأفراد الموجودين في أي جسم طائر أو على متنه والذين هم من مواطنيهم”. تنطبق الولاية القضائية خارج كوكب الأرض.
كتب يون تشاو، رئيس قسم القانون في جامعة هونغ كونغ في مقال لمجلة سياسة الفضاء: “لا تدخل الأجسام والأفراد الموجودة داخل الأجسام الفضائية، والتي تُنقل من الأرض إلى الفضاء الخارجي، في فراغ قانوني أثناء إقامتهم، حيث يبقون على علاقة قانونية مؤكدة مع الأرض. ويتم الحفاظ على هذه العلاقة القانونية وربطها عن طريق التسجيل”.
تتطلب اتفاقية تسجيل الأجسام المُرسلة في الفضاء الخارجي من الكيانات تسجيل الأجسام الفضائية والحفاظ على ذلك التسجيل. تمامًا كما ينص القانون البحري، ولكنه هذه المرة في الفضاء الواسع بدلًا من أن يكون بين أمواج البحر. وفقًا لتشاو، سواء كان الجسم الفضائي حكوميًا أو غير حكومي فلا أهمية لذلك: فإذا أطلقت شركة أمريكية مركبة فضائية، فهي مركبة فضائية أمريكية وأي شخص على متنها يخضع للقانون الأمريكي.
ذهب حتى الآن أقل من 700 شخص إلى الفضاء، وخطط الجميع للعودة، ولكن ما الذي سيحكم أولئك الذين يختارون البقاء هناك؟
| المستوطنات البشرية خارج كوكب الأرض
تعمل إدارة الفضاء الوطنية الصينية على تطوير برنامجها الفضائي بسرعة، بما في ذلك الهبوط الناجح لمركبة متجولة على الجانب البعيد من القمر في عام 2019، وعلى المريخ في عام 2021. وقد أعربت عن اهتمامها بإنشاء قاعدة قمرية مأهولة وخطط لإرسال بعثات مأهولة بحلول عام .2030
لا يخضع الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، للتملك الوطني بدعوى السيادة
تتمتع وكالة الفضاء الاتحادية الروسية بتاريخ طويل في استكشاف الفضاء، وقد أعربت عن اهتمامها بإنشاء قاعدة قمرية بالتعاون مع دول أخرى.وتخطط ناسا لإرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2024 في إطار برنامج “أرتيمس”، مع خطط لاستكشاف الفضاء واستيطانه على المدى الطويل. وتهدف دولة الإمارات خلال الأعوام المائة المقبلة إلى إقامة مستوطنة بشرية على المريخ.علمتنا الاستكشافات التاريخية على الأرض أن من يصل أولًا يحق له المطالبة بالأرض.
ولكن هل يمكن أو يجب أن ينطبق هذا على الفضاء الخارجي؟
في الغالب، يُعد استكشاف الفضاء الحالي جهدًا تعاونيًا دوليًا، ذلك لأن تحديات استكشاف الفضاء واستخدامه هائلة ولا يمكن لأي دولة أن تحققها بمفردها، ولكن من خلال العمل معًا، تستطيع البلدان تجميع مواردها وتبادل الخبرات ونشر مخاطر وتكاليف استكشاف الفضاء. تُعتبر محطة الفضاء الدولية، مثالًا رئيسًا للتعاون الدولي الناجح في مجال الفضاء، وهو أمر يصعب تحقيقه إن لم يكن مستحيلًا، إذا لم تتم إدارته من خلال شراكة بين خمس وكالات فضائية: ناسا ومؤسسة روسكوزموس الحكومية للأنشطة الفضائية ووكالة الفضاء الأوروبية وكالة استكشاف الفضاء اليابانية ووكالة الفضاء الكندية.
يعد استكشاف الفضاء جهدًا عالميًا بطبيعته، وإن استمرت روح التعاون هذه، فإن معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 قد تكون كافية لحماية مصالح البشرية في الفضاء. وبما أنه لا يجوز لأحد أن يدعي ملكية أي جرم سماوي، فإن كل شيء في الفضاء يصبح تراثًا مشتركًا للبشرية.
يؤمن كاي أوي شروغل، رئيس المعهد الدولي لقانون الفضاء والمستشار الخاص للشؤون السياسية لوكالة الفضاء الأوروبية، بأن ذلك قد يكون كافيًا، ويقول لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا:
“التراث المشترك هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذنا، حيث يمكننا أن نتعلم من تجاربنا هنا على الأرض كتجربة القارة القطبية الجنوبية أو التعدين في أعماق البحار، ونطور مبادئ التراث المشترك للفضاء.”

اقترح الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في عام 1960، تطبيق مبادئ معاهدة أنتاركتيكا لعام 1959 على الفضاء الخارجي. ويدرك المُوقعون على معاهدة أنتاركتيكا (الذين كانوا 12 دولة فقط في عام 1959، ثم وقعت 17 دولة أخرى بحلول عام 2010) أنه “من مصلحة البشرية جمعاء أن يستمر استخدام القارة القطبية الجنوبية للأغراض السلمية بشكل حصري، ويجب ألا تصبح ميدانًا أو موضوعًا للخلاف الدولي.”
ليس من الغريب أن نلاحظ العديد من التداخلات بين معاهدة أنتاركتيكا ومعاهدة الفضاء الخارجي: فكلتاهما بيئتان نائيتان ومتطرفتان تحتويان على موارد يُحتمل أن تكون قيّمة، ويرغب الكثير من الناس في استكشافها واستغلالها وربما تقديم مطالبات إقليمية فيها.
في حين أن عدد الدول التي وقعت على معاهدة أنتاركتيكا 50 دولة فقط، يبلغ عدد الأطراف في معاهدة الفضاء الخارجي 112 دولة، بالإضافة إلى 23 دولة أخرى وقعتها ولكن لم تصدق عليها. قد يكون هذا أمرًا مشجعًا لأولئك الذين يتبنون نظرة شروغل العالمية للتفاؤل والتراث المشترك، إلّا أنه من الممكن أن يكون هناك سبب أكثر ارتباطًا بالأرض: فقد بدأت معاهدة الفضاء الخارجي كمعاهدة حظر التجارب النووية المحدودة عام 1963، والتي حظرت تجارب الأسلحة النووية أو التفجيرات تحت الماء وفي الغلاف الجوي أو في الفضاء الخارجي. ووقعت على تلك الاتفاقية مائة وستة وعشرون دولة.
وبالرغم من ذلك، وكما أشار شروغل لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “لم نر أي شخص يخرق معاهدة القارة القطبية الجنوبية، ولم نر أي شخص يخرق قانون الفضاء”.
تهدف دولة الإمارات خلال الأعوام المائة المقبلة إلى إقامة مستوطنة بشرية على المريخ
أما بالنسبة للمطالبة بالأرض، فإن مثال القارة القطبية الجنوبية يرجع علينا بالفائدة مرة أخرى، فأثناء مناقشات معاهدة أنتاركتيكا، أرادت العديد من الدول المطالبة بجزء من القارة بحكم وصول مواطنيها إلى هناك أولًا، مع تداخل بعض المطالبات. قد يوفر القمر والمريخ مساحة أكبر للتقسيم، إلّا أنّه ومثلما تقرر، لا يمكن لأي دولة المطالبة بالسيادة على أي جزء من القارة القطبية الجنوبية، كما يجب أن تصمد معاهدة الفضاء الخارجي.
ويوافق تشاو على ذلك قائلًا: “بعد مرور أكثر من خمسين عامٍ منذ دخول معاهدة الفضاء الخارجي حيز التنفيذ، يمكننا الآن أن نعتبر أن مبدأ عدم التخصيص قد نجح في ضمان التطوير الآمن والمنظم للأنشطة الفضائية”.
| الأنشطة الفضائية التجارية
يؤدي الاستخدام التجاري المتزايد للفضاء إلى تحديات قانونية جديدة، لا سيما في مجالات الملكية الفكرية واستخدام الموارد الفضائية، حيث تلعب الشركات الخاصة مثل “سبيس إكس” و”بلو أوريجين” دورًا متزايد الأهمية في استكشاف الفضاء، مما يستدعي الحاجة المتزايدة لتنظيم أنشطتها، ويشمل ذلك القضايا المتعلقة بالمسؤولية والملكية الفكرية واستخدام الموارد الفضائية. ومع بدء الشركات الخاصة في استغلال موارد مثل المياه والمعادن الموجودة على القمر والأجرام السماوية الأخرى، فسوف يتطلب الأمر وضع أطر قانونية واضحة لتنظيم هذه الأنشطة.
يرى تشاو من جامعة هونج كونج أن حماية الملكية الفكرية تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التنمية المستدامة للاستغلال التجاري للفضاء.
يقول تشاو: ” شهد قطاع الفضاء على مدى العقود القليلة الماضية، سرعة متزايدة في الاستخدام التجاري، ونظرًا لتقدم تكنولوجيا الفضاء والانخفاض التدريجي في تكلفة استكشافه، تبحث المؤسسات الخاصة عن فرص جديدة للمشاركة في تطوير الاستخدام التجاري للفضاء، إلّا أن السياسات والمعاهدات الحالية لا تأخذ بعين الاعتبار الملكية الفكرية الدولية.”

“ونظرًا لاعتماد استكشاف الفضاء على التكنولوجيا بشكل كبير، الأمر الذي يتطلب بالتأكيد حماية حقوق الملكية الفكرية، فإن التوسع في الاستخدام التجاري للفضاء يعزز هذا الطلب بشكل أكبر.
وقد تتراجع المؤسسات الخاصة عن الاستثمار وبالتالي المشاركة بنشاط في الأنشطة الفضائية التجارية نظرًا لغياب أساس قانوني واضح ودائم يحمي الملكية الفكرية في قانون الفضاء.”
ويضيف تشاو: “لا يمكن فصل الاستخدام التجاري للفضاء عن حماية الملكية الفكرية على الرغم من أن الطابع العمومي لقانون الفضاء الخارجي يبدو وكأنه يتعارض مع الطابع الخاص لقانون الملكية الفكرية.”
ويتعلق قانون الملكية الفكرية في جوهره بإنشاء وحماية الإبداعات الفكرية، مثل الاختراعات والتصاميم وبراءات الاختراع والعلامات التجارية، حيث يقدم قانون الملكية الفكرية حوافز اقتصادية لأنه يسمح للناس بالاستفادة من المعلومات والسلع الفكرية التي ينشئونها، وحماية أفكارهم ومنع النسخ.
أما بالنسبة للشركات التي تتقدم في إطار غير واضح، فإن معاهدة الفضاء الخارجي تقف لها بالمرصاد.
يقول تشاو: “تنص المادة الثانية من معاهدة الفضاء الخارجي أيضًا على أنه لا يمكن الاستيلاء على الفضاء الخارجي عن طريق الاستخدام، لذلك من وجهة نظر قانونية، لن يكون الاستخدام العلمي أو الاستخدام التجاري للفضاء الخارجي كافيًا على الإطلاق لإقرار المطالبة بالسيادة الإقليمية، فمثلًا، يشكل الهبوط على القمر “استخدامًا” للفضاء الخارجي، لكنه لا يشكل ولا يمكن أبدًا أن يشكل “استيلاءً وطنيًا” يؤدي إلى السيادة الإقليمية، حيث كان الغرض الرئيس من المادة الثانية هو حماية الفضاء الخارجي من الصراع المحتمل الذي قد يكون ناجمًا عن طموحات إقليمية أو استعمارية.”
ورغم بحث تشاو عن المزيد من التوضيح بشأن المستقبل، فإنه ليس قلقًا للغاية بشأن تلك المؤسسات الخاصة التي تتقدم الآن: “عمومًا، ينبغي لنظام الملكية الفكرية الموجود بين أيدينا الآن أن يكون كافيًا”.
| مخلفات فضائية
تتزايد كمية المخلفات الفضائية بشكل سريع مع استمرار إرسال الأجسام إلى الفضاء، وعلى الرغم من أن هذه المخلفات تشكل خطرًا كبيرًا على البعثات الفضائية المأهولة وغير المأهولة، إلّا أنّه لا يوجد حاليًا إطار قانوني دولي شامل لتنظيم إزالتها.
يشير تشاو من جامعة هونغ كونغ إلى معاهدة الفضاء الخارجي:
“تجعل المادة السادسة الدول مسؤولة دوليًا عن أنشطتها الوطنية في الفضاء، بينما تجعل المادة السابعة الدول مسؤولة دوليًا عن إطلاقها للأجسام الفضائية في الفضاء الخارجي والأضرار الناجمة عنها.
يبدو الأمر بسيطًا على حد وصف كايتلين جونسون، مؤلفة تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية حول قضايا الإدارة الرئيسة في الفضاء، حيث تعتبر أن الحد من المخلفات الفضائية أحد أفضل المجالات تطورًا في قانون الفضاء.
وكتبت: “تمثل المخلفات الفضائية مشكلة متنامية في كل عملية إطلاق تقريبًا، ويعترف العديد من خبراء الفضاء بأن البيئة الفضائية قد تتضرر بشكل دائم مع غياب قواعد سلوك أو مهمات لإزالة المخلفات. هناك العديد من الآليات الدولية والسياسات الوطنية والجهود من طرف القطاع الصناعي للحد من إنشاء وانتشار المخلفات الفضائية، إلّا أنه على الرغم من هذا التقدم، لا يوجد سوى القليل من القواعد الدولية.”
لم نر أي شخص يخرق معاهدة القارة القطبية الجنوبية، ولم نر أي شخص يخرق قانون الفضاء
– كاي أوي شروغل
ويضيف جونسون أن العدد القليل الموجود بالفعل قد عفا عليه الزمن بالنسبة للتكنولوجيا الحديثة وانتشار الأقمار الصناعية التجارية، ويشير إلى الحادث الوشيك الذي حدث مؤخرًا بين قمر صناعي لمراقبة الأرض تابع لوكالة الفضاء الأوروبية وأحد الأقمار الصناعية الأولى لشركة “سبيس إكس” في خطتها لتوفير الإنترنت واسع النطاق، حيث تتبعت القوات الجوية الأمريكية القمرين الصناعيين، مشيرة إلى احتمال اصطدام نسبته 1 في 1000، وفي النهاية، اختارت وكالة الفضاء الأوروبية مناورة قمرها الصناعي بعيدًا عن المسار المداري لشركة “سبيس إكس”.”
وفي هذا الصدد، يكتب جونسون: “من الواضح أن الافتقار إلى القواعد والعمليات الدولية المتفق عليها لتنظيم الحركة في الفضاء الخارجي كان من الممكن أن يتسبب في حادث مدمر في البيئة الفضائية، حيث يعني الافتقار إلى لوائح دولية محددة ترك كيفية التعامل مع هذا الموضوع لمشغلي الأقمار الصناعية، ولكن في الحالات التي لا تعمل فيها الأقمار الصناعية ولا يمكن مناورتها لإبعادها عن الطريق، كل ما يمكن للمجتمع الدولي فعله هو الانتظار والمراقبة.”
ويوافق ب. ج. بلاونت، السكرتير التنفيذي للمعهد الدولي لقانون الفضاء ومحاضر القانون في جامعة كارديف، بشدة على أن أشد الشواغل إلحاحًا بالنسبة لصانعي السياسات هو سلامة العمليات في مدار الأرض.
وقال بلاونت لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “هناك علاقة وطيدة بين الازدحام المتزايد في أجزاء من الفضاء المداري للأرض في الوقت الحالي، وانتشار المخلفات الفضائية، حيث تُنسَّق العمليات الفضائية من خلال مجموعة متنوعة من الأطر المخصصة، إلّا أن زيادة المشغلين والأجسام تُحاصر هذه الأطر، وفي حين أن فهم كيفية عمل أنشطة الموارد في المستقبل يُعد أمرًا مهمًا، إلا أن الازدحام في المدار والحاجة إلى حركة المرور الفضائية يمثل مشكلة يواجهها قطاع الفضاء في يومنا هذا.”
وتقول جونسون أن عام 2019 شهد البداية الحقيقية للجهود الموحدة لتحسين تنسيق إدارة المخلفات الفضائية وتدابير إدارة حركة المرور الفضائية، وأضافت أن الأمر بدأ بالمؤتمر الدولي للملاحة الفضائية في عام 2019، حيث دعا مجتمع الفضاء الدولي بشكل جماعي إلى التعرف على الفضاء بشكل أفضل والحاجة إلى الحد من الحوادث التي تولد المخلفات في الفضاء، وفي وقت لاحق من ذلك العام، وافقت الدول الأعضاء الـ 92 في لجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية على 21 مبدأً توجيهيًا جديدًا لاستدامة الفضاء، وتُعتبر هذه المبادئ التوجيهية طوعية وغير ملزمة قانونيًا، إلّا أن جونسون تقول بأنها تمثل جهدًا موحدًا لتتبع جميع الأجسام الموجودة في الفضاء والحد من المخلفات. يشجع جزء من هذا المبدأ التوجيهي على زيادة التواصل بين البلدان والمؤسسات غير الحكومية، ومنصة معلومات الأمم المتحدة لإدارة حركة المرور الفضائية.
للمزيد حول المخلفات الفضائية، اطلع على مقالة “تنظيف فضائنا”
وقد شهد عام 2019 أيضًا تحديث المنظمة الدولية للمعايير وثيقتها الأساسية بشأن المبادئ التوجيهية للحد من المخلفات الفضائية، مما يجعل متطلبات الامتثال الخاصة بها أكثر صرامة. تعمل المنظمة على صياغة وتعزيز توحيد المعايير الدولية لمجالات السياسات بما في ذلك سلامة الأغذية والرعاية الصحية والزراعة والتكنولوجيا التجارية والفضاء.
ويتم قبول الامتثال لمعايير المنظمة الدولية للمعايير بشكل عام كأفضل الممارسات الصناعية، كما تشير جونسون إلى أن العديد من الدول تتبع الإرشادات وتقوم إما بكتابة المعايير مباشرة في سياساتها الوطنية أو استخدامها كأساس لصياغة سياسة خاصة.

يستغرق تطوير المبادئ التوجيهية والسياسات الدولية بعض الوقت، وفي هذا الإطار، تشعر جونسون بالقلق من احتمالية عدم بذل جهود حقيقية لحماية المجال الفضائي إلا بعد وقوع حادثة كبيرة تتسبب في وجود مخلفات. ولكنها على الرغم من ذلك تسلط الضوء على الإجماع القوي بين القطاع والمؤسسات متعددة الجنسيات على أن حماية البيئة الفضائية والتركيز على الجهود المبذولة للتخفيف من تكون المخلفات يجب أن يكون أولوية دولية.
| ما الذي ينتظرنا في المستقبل؟
قال تشاو لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “أُنشِئت معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 قبل عصر الاستخدام التجاري الفضاء، وهي تحتوي على مبادئ عامة فحسب، مما يستدعي الحاجة إلى مزيد من التوضيح حول تطبيق هذه المبادئ في حياتنا الحديثة مع نشأة الكثير من التطورات، كما أن هناك ثغرات في النظام القانوني الحالي وحاجة ملحة لأن يتفاوض المجتمع الدولي للتوصل إلى بعض الوثائق التي توجه الأنشطة الفضائية الجديدة.”
وسلط شروغل الضوء على الحاجة إلى تحديث وتطوير قانون الفضاء لسباق الفضاء الحديث، لكنه يظل متفائلًا بشأن المستقبل:
وقال في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “على الرغم من رغبة العديد من الدول الأعضاء (في معاهدة الفضاء الخارجي) في إكمال مسيرتها بشكل فردي، إلّا أننا شهدنا أيضًا على مدار الخمسين عامًا الماضية أو نحو ذلك احترامًا متزايدًا للقانون الدولي وسيادته. عادةً ما تسعى الدول لاغتنام فرصة أن تصبح الأولى في أي مجال متاح، فتحاول إيجاد ثغرات أو حتى استخدام القوة الغاشمة لتبلغ مبتغاها، ويتعين علينا أن نكون واقعيين في هذا الصدد. ولكن إذا نظرت إلى الأمر من الجانب التاريخي، فتجربة تطبيق قانون الفضاء واحترامه على وجه الخصوص، لم تكن سيئةً لهذه الدرجة.
إذًا كيف يبدو قانون الفضاء في القرن الحادي والعشرين؟
بالنسبة إلى تشاو، الخبير في قانون الملكية الفكرية، فإن الملكية الفكرية هي الشغل الشاغل للأوساط المعنية، ويسلط الضوء على التجارب العلمية التي تُجرى في الفضاء حيث لا يمكن لأي دولة أن تطالب بالسيادة، ويقول أننا سنحتاج إلى تحديد قواعد مطالبات الملكية الفكرية لحالات كهذه، وبالنسبة إليه، فإن السؤال المهم هو ما إذا كان النظام القانوني الوطني سينطبق في هذه المواقف.
لا يعرف شروغل ما يخبئه المستقبل لقانون الفضاء، لكنه يدرك العدد الهائل من القضايا التي يتعين حلها:
ويقول: “لقد توسع قانون الفضاء. وكان يهدف منذ البداية إلى توفير فهم لحالة الفضاء الخارجي وحالة الجهات المؤثرة في الفضاء الخارجي، الأمر الذي نجح في القيام به: فهي مساحة للاستخدام الحر وعدم التملك كما أن الدول مسؤولة ولا يمكن للجهات المؤثرة الخاصة أن تتصرف إلا إذا حصلت على إذن من تلك الدول. وعلى الرغم من أن هذا صحيح حتى يومنا هذا، إلّا أن توسيع قانون الفضاء يجب أن ينظم سلوك هذه الجهات المؤثرة الخاصة، فنحن بحاجة إلى أحكام لإدارة حركة المرور الفضائية لتجنب الحوادث والاصطدامات وتنظيف المخلفات الفضائية وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.
و لا يقف قانون الفضاء ساكنًا: فهناك لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية تعمل على وضع مبادئ توجيهية وقواعد لاستكشاف واستخدام الموارد الفضائية. ويساعد المعهد الدولي لقانون الفضاء المنظمات الدولية والمؤسسات الوطنية على التعاون لتطوير قانون الفضاء، كما يقود الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية جهود التوعية بمسائل الفضاء في 75 دولة، وهناك 11 مجلة أكاديمية مخصصة لقانون وسياسة الفضاء.
وبينما يعترف شروغل بأن التقدم بطيء، يضيف بأنهم يضيفون بعدًا جديدًا لقانون الفضاء.