الصورة : Shutterstock

تأتي المجاهر الإلكترونية في طليعة الابتكارات البارزة في العلوم والهندسة والطب، حيث يستخدمها علماء المواد والكيمياء الحيوية والفيزيائيون والكيميائيون والمهندسون لمعالجة المشكلات العلمية الأساسية والقضايا التكنولوجية.

لا تُعتبر المجاهر الإلكترونية ابتكارًا جديدًا، فقد طور كل من إرنست روسكا وماكس نول من جامعة برلين، أول مجهر إلكتروني ناقل في عام 1931، ثم طور مانفريد فون أردين من مختبر أبحاث فيزياء الإلكترون في هلسنكي أول مجهر إلكتروني ماسح في عام 1937.

تُستخدم كل من أداتي المجهر الإلكتروني الماسح والمجهر الإلكتروني الناقل على نطاق واسع اليوم في أبحاث العلوم والهندسة والطب. ووفقًا لاسمها، تعتمد المجاهر الإلكترونية على الإلكترونات في التصوير بدلًا من الضوء الذي يستخدمه المجهر الضوئي التقليدي.

تتميز المجاهر الإلكترونية بقدرتها على تجاوز العقبات التي تواجهها المجاهر الضوئية لأن الإلكترونات تمتلك أطوالًا موجية أقصر من الضوء المرئي، ما يتيح لها رؤية الأجسام المجهرية والأجسام الذرية. ويتم تزويد المجهر الإلكتروني الماسح عادةً بأعمدة أيونية تساهم في تحديد نطاق حجم المواد، الأمر الذي يسهل عملية التصوير ثلاثي الأبعاد للبنية والهيكل والتركيب باستخدام الإلكترونات الثانوية والإلكترونات المتعرّجة المرتدة والأشعة السينية الفلورية.

دالافير أنجوم

أستاذ مساعد في الفيزياء في جامعة خليفة.

تُمكّننا مجسات المجهر الإلكتروني الناقل من استكشاف كيمياء المواد بدقة على المستوى الذري، ما يعني أن المجاهر الإلكترونية تتيح لنا رؤية الأشياء بدقة النانومتر وأدق من ذلك للتمكن من تحديد المواد وخصائص الهيكل والخصائص الكيميائية والفيزيائية.

تساهم المجاهر الإلكترونية أيضًا في تعزيز تصوير المواد عبر مختلف التطبيقات كالهندسة والرعاية الصحية وتحليل المواد الذي يشمل المواد ثنائية الأبعاد وتكنولوجيا البطاريات والتنقيب عن النفط والغاز وجزيئات الغبار بين الكواكب والفيروسات، بما في ذلك فيروس كوفيد-19.

تُصور الأجهزة الحديثة للمجهر الإلكتروني الناقل أيضًا المجالات المغناطيسية في المواد على المستوى النانومتري، حيث تحتوي المواد المغناطيسية ذات الطبقات على تطبيقات للإلكترونيات الدورانية والحوسبة الكمية للحصول على فهم أعمق للدوران الذاتي للإلكترونات والعزم المغناطيسي المرتبط بها.

تعتمد الجهود البحثية في المواد ثنائية الأبعاد اعتمادًا كبيرًا على البيانات التي نحصل عليها باستخدام المجاهر الإلكترونية، حيث تساهم المجاهر الإلكترونية في تحديد خصائص هيكل المواد ثنائية الأبعاد وخصائصها بدقة ذرية المستوى.

يمكننا فحص خصائص المواد الضوئية والإلكترونية والكهروضوئية والمغناطيسية والحديدية باستخدام المجاهر الإلكترونية، حيث تُعد المجاهر الإلكترونية ضرورية للحصول على معلومات حول دمج أنواع مختلفة من المواد ثنائية الأبعاد مع بعضها البعض أو مع المواد السائبة أيضًا. إضافة لذلك، يساهم تصوير البلازمونات السطحية في الهياكل المعدنية بالقرب من ترددات الأشعة تحت الحمراء، في تطوير مواد يمكن استخدامها في تطبيقات للأجيال القادمة من الاتصالات اللاسلكية كالجيل السادس وما يليه.

توفر المجاهر الإلكترونية الماسحة المجهزة بشعاع أيوني مركّز مع المجاهر الإلكترونية الناقلة أيضًا فرصًا ممتازة لتحديد خصائص المواد بهدف تحليل النطاق الكلي إلى الجزئي للمعادن وأشباه الموصلات والمواد الناعمة مثل أغشية البوليمر والمواد الحيوية، ويمكن دراسة بنية المواد والبنية البلورية والتركيب العنصري في بعدين أو ثلاثة أبعاد في كل حالة على حِدة، مع دقة ليس لها مثيل من ناحية كلٍّ من المكان والطاقة.

يُطلَق على استخدام المجهر الإلكتروني لفحص المواد عند درجات الحرارة فائقة البرودة، اسم المجهر الإلكتروني فائق البرودة، والذي يتيح لنا تحليل المواد الحيوية واللينة في حالتها المجمدة الأصلية وتشمل هذه المواد البكتيريا والخلايا والفيروسات.

أصبح المجهر الإلكتروني فائق البرودة واحدًا من أكثر التكنولوجيات استخدامًا على نطاق واسع، وهو جزء لا يتجزأ من جهود اكتشاف الأدوية في يومنا هذا. ويُمكّن هذا المجهر الإلكتروني فائق البرودة للأجزاء الخلوية الرقيقة والشفافة والمجمدة في آن واحد، الباحثين من تصور البروتينات بدقة النانومتر داخل الخلايا. وقد أثبت تطوير لقاح كوفيد-19 أهمية هذه الطريقة ومن المتوقع أيضًا أن يزداد دوره أهمية في تطبيقات المواد الدوائية.

تدعم المجاهر الإلكترونية الاكتشافات في العلوم التجريبية والهندسة والطب بشكل كبير، ويساهم استخدامها في تعزيز الجيل التالي من التكنولوجيات اللاسلكية المستقبلية وأجهزة الأنظمة الذكية وسبائك المعادن الخفيفة والمواد المتعلقة بالطاقة وتطوير اللقاحات.

انضم لقائمتنا البريدية

احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا