تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
قد تتطلب وظيفتي اليومية التعامل مع أمور غير مرغوب فيها، حيث أسعى إلى تطوير هياكل أنسجة غير خلوية يمكن الاستفادة منها في إنتاج أنسجة اصطناعية حيوية. ويُقصد بمصطلح “غير خلوية” خلوّ تلك الأنسجة من الخلايا التي تعتبر وحدات بناء أساسية لهياكل الأنسجة.
لذلك، تتضمن هذه العلمية التخلص من الخلايا لنحصل على الهياكل ونقوم بعدها بزراعة الأنسجة الاصطناعية الحيوية. ويمكن تشبيه ذلك بالانتقال من الشقة وتفريغها من جميع قطع الأثاث باستثناء الجدران.
لا نقوم بذلك فقط من أجل المتعة، علمًا بأن الأمر ممتع بالنسبة لي، وإنما يمكننا أن نستفيد من هذه الهياكل الخالية من الخلايا بالعديد من الطرق تشمل زراعة الأعضاء واستخدامها كأجهزة لتخزين الطاقة. هل تعرف كم حجم دماغ الجمل وأعضائه الداخلية؟ تستطيع أعضاؤه الكبيرة استيعاب كميات كبيرة من الطاقة.
يرجع سبب اختيار الإبل على وجه الخصوص إلى أننا لا ننتج هذه الأنسجة من البشر، حيث قرر فريقي تطبيق فكرة إعادة استخدام مخلفات المسالخ كبديل لها، لا سيما أن معظم الحيوانات التي تُذبح في دولة الإمارات على الأقل، هي الأبقار والأغنام والماعز والجمال.

بيتر كوريدون
ولا يُعد استخدام مخلفات المسالخ لإنشاء منتجات ذات قيمة مضافة فكرة جديدة، فقد درست الكثير من البحوث عملية صنع المواد الحيوية والأسمدة والغاز الحيوي والأعلاف، لكننا من بين الأوائل الذين فكّروا في استخدام مخلفات الأغذية الزراعية هذه زراعة الأعضاء وفي نماذج استخراج الطاقة لا نقترح هنا القيام بعمليات الزرع المباشر، حيث لن يستفيد أحد من استخدام عيون الأغنام أو كليتها، كما لن تتسع جمجمتك لدماغ الجمل. لذلك، يمكننا الاستفادة من نفايات الحيوانات عن طريق تجزئة أعضائها لنصل للهياكل ومن ثم استخدامها في بناء أنسجة بشرية خاصة بالمريض.
تنتج المسالخ مليارات الأطنان من المخلّفات التي يجب التخلص منها أو إعادة تدويرها بتكلفة كبيرة غالبًا. ويمكن أن يساهم تحويل بعض هذه المخلفات إلى أنسجة وأعضاء اصطناعية حيوية لتمهيد الطريق أمام جهود القطاع الصناعي التي تدفع بدورها عجلة الاستدامة الاقتصادية الحيوية الدائرية وتدعم احتياجات الرعاية الصحية في آنٍ واحد. الجدير بالذكر أن عدد الأشخاص الذين ينتظرون القيام بعمليات زراعة للأعضاء يفوق عدد الأعضاء المتوفرة.
ليس من السهل صنع أعضاء قابلة للزرع باستخدام قطع حيوانية لأنه يجب مراعاة العديد من الأمور مثل محاكاة هياكل الأنسجة الأصلية والتوافق الحيوي وسلامة الزرع من الناحية الأخلاقية. لكن نظريًا، يجب أن أكون قادرًا على إزالة الخلايا من كلية الإبل وأخذ بعض الخلايا الجذعية الخاصة بك وزراعة وحدات الكلى الوظيفية الخاصة بك في هياكل أعضاء الإبل التي يمكن أن يتقبلها جسمك نتيجة التقدم في تكنولوجيات تعديل الجينات مثل “كريسبر”، وهو نظام تحرير جيني يُستخدم في البيولوجيا الجزيئية لتحرير الجينات وتعديلها. ولا تزال عمليات البحث والتطوير جارية في هذا الصدد.
ونقوم أيضًا في الوقت الحالي بتطوير فكرة أخرى هي حُزم بطاريات الأعضاء الحيوية.
لم يكن اقتراحي مصيبًا في استخدام أدمغة الجمل لتخزين البطاريات، حيث أننا نقوم باستخدام العظام في الواقع، كما قد يكون استخدام مسمى جمجمة الجمل أكثر دقة.
تمتلك أجهزة تخزين الطاقة قدرات أعلى بكثير من أنظمة البطاريات التقليدية، إضافة لمعدلات الشحن والتفريغ السريعة والمقاومات الداخلية المنخفضة، حيث يمكن أن تكون أنظمة تخزين طاقة رائعة، خاصة في الأجهزة الطبية القابلة للزرع كأجهزة تنظيم ضربات القلب أو الأعضاء المزروعة الذكية.
تُصنع هياكل أجهزة تخزين الطاقة من مواد كربونية مسامية نظرًا للمساحات العالية لسطحها وتوافرها وتوصيلها للكهرباء وتكلفتها المنخفضة، ويمكننا صنع هذه المواد الكربونية من منتجات المخلفات الحيوية للأغذية الزراعية، حيث تساهم بقايا عظام الحيوانات في صنع أقطابٍ كهربائية فعالة ويمكن أن يشكّل استخدام بقايا المسالخ مصدرًا متجددًا ومستدامًا للكربون في حال توافق ذلك مع مبدأ الأشخاص النباتيين.
ستواصل المسالخ إنتاج المخلفات الحيوية مع استمرار إقبال الأفراد على أكل اللحوم في جميع أنحاء العالم. ويستفيد بحثنا من هذا الأمر بطريقة إيجابية من خلال الاستفادة من كل جزءٍ من مخلفات الحيوانات.
بيتر كوريدون هو عضو في قسم الهندسة الطبية الحيوية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة خليفة وحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء الحيوية الطبية والتصوير الجزيئي الحيوي من كلية الطب بجامعة إنديانا.