تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››

يسبب إقبال سكان العالم العالم اليوم على أكل اللحوم العديد من المشكلات الأخلاقية والبيئية. لذلك، لجأ العلماء إلى البحث عن الحلول الممكنة والتي تمثلت باللحوم المزروعة في المختبرات.
خلال مؤتمر صحفي في العام 2013، تناول مارك بروست، المهندس في الطب الحيوي في جامعة ماستريخت في هولندا أول شطيرة برغر قام بتصنيعها مختبريًا بكلفة لما يقارب 330,000 دولار أمريكي. وقد ساهمت صناعة الغذاء خلال السنوات العشر الماضية بالعمل على التسويق التجاري لمنتجات اللحوم المزروعة في المختبر وإدراجها ضمن قوائم الطعام في المطاعم بأسعار تناسب مرتادي المطاعم، فيما ذكرت مجلة “نيتشر” أنه سيتم تطبيق ذلك في الولايات المتحدة نهاية العام 2023.
وفي وقت سابق، وافقت وزارة الزراعة في الولايات المتحدة مؤخرًا على بيع المستهلكين منتجات الدجاج المزروع في المختبر لشركتين هما، شركة “أبسايد فودز” و”غود ميت”، حيث تعتبر الولايات المتحدة ثاني دولة تسمح ببيع اللحوم المزروعة مختبريًا، فيما قامت شركة “غود ميت” منذ سنتين ببيع منتجاتها في سنغافورة، ويتوقع الخبراء أن تشهد هذه الصناعة ازدهارًا ملحوظًا.
ووفقًا لتقديرات شركة “بزنس واير”، سيشهد سوق اللحوم المزروعة في المختبر زيادة بمعدل نمو سنوي مركب يساوي 24.1% ما بين العامين 2025 و2035 ليكون في متناول 1.99 مليار مستهلك. إضافة لذلك، تسعى أكثر من 70 شركة حول العالم إلى زراعة اللحوم في المختبرات.
لكن، هل تعتبر اللحوم المصنوعة بهذه الطريقة لحومًا فعلية؟
تتم زراعة هذه اللحوم في المختبر باستخدام خلايا حيوانية توضع في أحواض المفاعلات الحيوية، والتي تشبه الخزانات، حيث تقوم بدورها بتوفير العناصر الغذائية اللازمة للتكاثر. ويتم بعد ذلك تغيير الوسط المحفز لنمو الخلايا الحيوانية سواء كان سائلًا أو صلبًا، لتتمكن الخلايا بعدها من التطور إلى المكونات الرئيسة للحم. وفي هذا الإطار، يمكن القول أن هذه الصناعة تتضمن زراعة الخلايا للحصول على اللحم وليس تربية الحيوانات للحصول عليه.
وقد يشهد التغيير في صناعة الغذاء ترحيبًا من قبل بعض الأفراد لأسباب وجيهة.
وحسب مؤشر “أور وورلد إن داتا”، يُقدر مجموع الحيوانات التي يتم ذبحها سنويًا للحصول على اللحوم 80 مليار حيوان، حيث ذكرت تقارير صادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية أنه تم في العام 2020 قتل مليار حيوان في كل ساعة بهدف الحصول على اللحوم في الولايات المتحدة وحدها.
من جهة أخرى، تساهم صناعة تربية المواشي في إطلاق ما يصل إلى 16.5% من غازات الاحتباس الحراري، وتتمثل تلك الغازات بغاز الميثان الذي يعتبر أكثر تأثيرًا من ثاني أكسيد الكربون بـ 25 ضعفًا وغاز أكسيد النيتروز الذي يؤثر في البيئة بمقدار 300 ضعف الأثر الكربوني. وتنتج هذه الغازات عن الأنشطة المتعلقة بإدارة تربية المواشي ومن وظائف الجهاز الهضمي في الحيوانات، حيث تعتبر نيوزيلندا أول دولة اقترحت فرض ضرائب على مربي الأبقار من المزارعين بسبب تجشؤ الأبقار المسبب لغازات الاحتباس الحراري.
توجد العديد من العوامل التي تؤيد زراعة اللحوم في المختبرات، منها الحد من أثر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ومساحات اليابسة التي تشغلها صناعة تربية الماشية، حيث تشغل زراعة الأبقار وحدها نسبة 60% من مساحة الأراضي الزراعية على مستوى العالم والتي تشمل مناطق الرعي والمساحات المستخدمة في زراعة الأعلاف.
وقال الخبير بدراسات المستقبل، جيمي متزل، خلال منتدى دبي للمستقبل 2022: “لا يمكن أن يواصل قطاع الزراعة مسيره بخطاه الراهنة، فإذا استمرت هذه الصناعة على الوتيرة ذاتها فإننا سنحتاج إلى مزيد من الأراضي الصالحة للزراعة بنسبة 70%. ليس لدينا الآن مساحات زراعية كافية، حيث أصبحت الأراضي الصالحة للزراعة غير صالحة بسبب تغير المناخ”.
وعلى الرغم من الدور الهام للحوم المصنوعة مختبريًا، إلا أنه هذه الصناعة تشهد مجموعة من التحديات.
يجب الأخذ بالاعتبار كمية الطاقة اللازمة لإنتاج اللحم المزروع بالمختبر، حيث ذكر مقال في مجلة “نيتشر” أن عملية زراعة اللحوم في المختبر تتطلب 60% طاقة لإنتاج كيلوغرام واحد، مقارنة بالطريقة التقليدية لإنتاج لحوم الأبقار، كما يمكن لمصادر الطاقة المتجددة الحد من كمية الطاقة اللازمة. ووفقًا لمجلة نيتشر” فقد يكون حجم الآثار الكربونية لعمليات زراعة اللحوم في المختبر أقل منها في حال إنتاجه بالطريقة التقليدية”.
إضافة لذلك، تعتبر تكلفة إنتاج اللحوم بهذه الطريقة مرتفعة بشكل ملحوظ بالنسبة للمستهلك، وعلى الرغم من أنها لا تصل لأن تكون مئات الآلاف من الدولارات كما كانت عليه في العام 2013، إلا أن تكلفة شطيرة واحدة من البرغر بـ 10 دولارات أمريكية يعتبر مرتفعًا مقارنة بشطائر البرغر التي تقدمها مطاعم ماكدونالدز على سبيل المثال، حيث يتوقع أن تنخفض الأسعار نتيجة قيام الباحثين بالبحث عن طرق بديلة لإنتاج اللحوم من خلال زراعتها في المختبر والتي أصبحت تنتشر في الأسواق بشكل أكبر.
وعلى صعيد آخر، قد لا يتقبل بعض المستهلكين من أفراد المجتمع فكرة تناول شيء مصنوع في المختبر، حيث تفيد الدراسة التي نشرتها مجلة “ساينس دايركت” في العام 2019، بإمكانية تأثر نظرة المستهلكين تجاه اللحوم المزروعة في المختبر بطريقة وصف علمية التصنيع وآلية التسويق لها. وذكر مقال نُشر في صحيفة “ذي غارديان” في العام 2023 أن أحد شركات إنتاج اللحوم المزروعة في المختبر المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ستبدأ ببيعها في المحلات التجارية بحلول العام 2028.
وتشكل نسبة مستهلكي المنتجات الحلال 25% من السوق العالمي، فهل يمكن اعتماد هذه اللحوم كمنتجات حلال أم أنه سيتم تجاهل جزء كبير من المستهلكين في السوق؟
يشير الموقع الإلكتروني “غود ميتس” إلى أهمية اعتماد هذا النوع من اللحوم كمنتج حلال واعتبار ذلك أولوية، حيث ذكر الموقع “نسعى في الوقت الحالي إلى البحث عن إمكانية إجراء اعتماد يدل على أن اللحوم المزروعة المختبر حلال وسنتعاون عن كثب مع الجهات الدينية للتباحث حول الطريقة الجديدة في إنتاج اللحوم مختبريًا دون الحاجة لذبح الحيوانات”.
يذكر أنه وفي العام 2023 شكلت دولة الإمارات جزءًا من تمويل شركة تجارية ناشئة تهدف إلى إنتاج اللحوم في المختبر، حيث بلغ مجموع تمويل الشركة الناشئة 105 مليون دولار أمريكي.