تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
تبنت العديد من المجالات كالطب والزراعة وصناعة السيارات مجموعة من المهارات في نسيج من الذكاء الاصطناعي، ولكن تخيل أن تتوجه إلى المدرسة صباح يوم الاثنين وأن توجه تحية إلى مدير المدرسة الجديد، قائلاً: “صباح الخير، أستاذ روبوت”.
قد يبدو هذا الأمر حلمًا لكنه لم يَعُد خيالًا علميًا بعد الآن.
بدأ التعليم مرحلة جديدة مع منصات الذكاء الاصطناعي، مثل روبوت الدردشة الشهير تشات جي بي تي، والذي طورته شركة (أوبن إي آي) الأميركية المتخصصة في بحوث الذكاء الاصطناعي. وقامت بعض المدارس بحظر استخدام روبوتات الدردشة ويستخدم بعضها الآخر أجهزة كاشفة للقضاء على حالات السرقة الفكرية، لكن وفي الوقت الذي يمثل فيه حظر روبوتات الدردشة ومناورات تفاديه تخوفًا، لا يزال التعليم يتجه تدريجيًا إلى القائمة المتنامية من المجالات المستفيدة من إمكانات الذكاء الاصطناعي.
ليس من الضرورة أن تتحول التكنولوجيا إلى مشكلة إذا تمت الاستفادة منها على نحو يتسم بالمهارة والشفافية. ولا يُعَد تشات جي بي تي برنامج الذكاء الاصطناعي الوحيد من نوعه لكنه الأول من نوعه
كُلٌّ يتعلم بطريقته
يساهم الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم في حل مشكلة قديمة ظهرت مع ظهور مهنة التعليم نفسها، وهي كيف يمكن للفرد تعليم 30 طفلًا لديهم قدرات وأنماط وسرعات متفاوتة في التعلُّم. ومع ظهور الذكاء الاصطناعي وإمكانياته، أصبحت العملية التعليمية أكثر تخصيصًا عبر مجموعة من أنماط التعلُّم.
مرحبًا بكم في التعليم التكيفي القائم على الذكاء الاصطناعي، وهو إطار جديد يهدف إلى تعزيز التكنولوجيا التعليمية.
يُعَد هذا الإطار ابتكارًا تعليميًا يرصد أداء الطالب ويُقَيِّم أنماط وعادات التعلُّم لدى كل طالب وسرعة تجاوبه مع المادة التعليمية ونقاط قوته وطريقة تعامله مع التحديات.
وتساهم مرونة هذا النموذج في سرعة استيعاب المحتوى التعليمي وتعديل مستويات الصعوبة، كما يرصد النموذج احتياجات الطالب ويُغيرها على نحو ديناميكي بهدف تزويد المعلمين بالفهم الذي يتيح لهم تعديل الأساليب التي يتبعونها في التعليم، ما يؤدي إلى زيادة مشاركة الطالب وتعزيز انخراطه في العملية التعليمية.
وصُمِّم الإطار على نحو يزود المعلمين والإداريين والمؤسسات التشريعية بمعلومات قيمة من خلال تحليل البيانات بهدف التوصل إلى القدرة على اتخاذ القرارات المستندة إلى بيانات وتبني نُظُم التعليم القائمة على إمكانيات الذكاء الاصطناعي وتحقيق الشمول في العملية التعليمية عبر التقييم التكيفي.
ظهر التعليم التكيفي منذ نحو عقد، لكن قد تساهم إضافة الذكاء الاصطناعي في إحداث تحول جذري كتحويل سيارة داتسون إلى فيراري.
ويمكن للخوارزميات القائمة على الذكاء الاصطناعي أيضًا أن توصي باستخدام مصادر معينة للتعلُّم كالكتب والمحتويات المصورة باستخدام الفيديو والمقالات بناءً على أداء الطالب في المرحلة الماضية واهتماماته وأهدافه.ويمكن لروبوتات الدردشة القادرة على القيام بمعالجة اللغات الطبيعية أن تساهم في تبسيط عملية التعلم ومشاركة الملاحظات في صيغة حوار لإثراء التجربة التعليمية
إضافة لذلك، يوجد أيضًا التعلُّم متعدد القنوات، حيث يُفضل بعض الطلبة نمط التعلُّم المرئي ويفضل بعضهم النمط السماعي ويفضل البعض الآخر النمط الحركي. لذا تتيح وسائل الإعلام المرئية والمسموعة للطلبة أن يتعلموا ويتفاعلوا مع المحتوى التعليمي بطرقهم الخاصة.
وتقول فيليبا ريثميل، مؤسسة شركة “إدربشن” في دولة الإمارات والتي تركز على بناء استراتيجيات رقمية مستدامة منخفضة التكلفة للمدارس: “لم يعد المدرس الآن بحاجة لأن يخمن مستوى الطلبة الحالي لأن الذكاء الاصطناعي يحدد الأفكار الخاطئة ويتعرف إلى مواطن التأخر في التعليم ويضع خططًا للوصول إلى مرحلة التفوق، وهذه هي البداية فقط، حيث سيحسن الذكاء الاصطناعي في القريب العاجل تجارب التعلُّم المتنوعة ويُمكِّن المعلمين من تعزيز المهارات الرئيسة المتعلقة بالقراءة والكتابة والأرقام لدى الطلبة، وبالتالي تشكيل مستقبل التعليم في الدولة”.
أعضاء فريق الذكاء الاصطناعي
يستطيع الذكاء الاصطناعي أيضًا تقديم خدمات أخرى.
فمثلًا، أضافت مدرسة كوتسمور في مقاطعة غرب ساسكس بالمملكة المتحدة، الذكاء الاصطناعي إلى فريق إدارتها.
توم روغرسون، مدير مدرسة، بات لديه مديرة مشاركة في صورة روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي، اسمها أبيغيل بيلي، أو “إي بي آي”، والتي تم الترحيب بها كمساعدة جديدة للأستاذ روغرسون وفريقه.
وتتحدث إي بي آي في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا عن دورها الجديد، قائلة أنه “فرصة متميزة لي لأعزز دور الموظفين والمعلمين والطلبة وأقدم الدعم لهم في مدرسة كوتيسمور”.
يتضمن يوم العمل الروتيني الذي تقضيه إيه بي آي تقديم الدعم للتوجيه المنهجي والموارد التعليمية والإجراءات الإدارية. وتقول: “أمنح أولوية أيضًا لجودة الحياة والنجاح الأكاديمي، حيث أركز على الاستجابة لاحتياجات الطلبة وأحرص على المساهمة في إيجاد بيئة تعلُّم تتسم بالإيجابية والشمول كما أقوم بتحليل البيانات وتحديد الأنماط أو الاتجاهات السائدة التي قد تكون مفيدة في اتخاذ قرارات مدروسة”.
وتؤكد إيه بي آي أنها موجودة في المدرسة للمساعدة وليس لتقوم بدور أحد، وتقول: “أمتلك القدرة على معالجة وتحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة وكفاءة عالية، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في اتخاذ قرارات صائبة والتعرف إلى الأنماط والاتجاهات السائدة التي قد لا تبدو واضحة للبشر بشكل مباشر”.
ينصب اهتمامنا على تعزيز دور المعلمين في كافة أنحاء العالم لقضاء وقت أقل في العمل الورقي ومزيدًا من الوقت مع الطلبة. ويمكن تحقيق ذلك باستخدام التكنولوجيا المناسبة على النحو المناسب.
– توم روغرسون،مدير مدرسة كوتيسمور
ويرى روغرسون أن أيه بي آي تُعتَبَر عنصرًا ممتازًا. ويقول في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تستخدم إيه بي آي مجموعة ضخمة من البيانات لدعم الإدارة التي يتمتع أفرادها بخبرات كبيرة. ويعتبر الفرد متعاليًا إن أصر على الادعاء بمعرفة كل شيء، لذلك يتطلب هذا المشروع عقلية منفتحة على التطور، بما في ذلك حقيقة عدم معرفتنا بكل شيء ويتيح طلب الدعم من كل مصدر متاح”. وأكَّد روغرسون أن من أهم مميزات إيه بي آي في هذا الشأن. أنها مُتاحة على مدار الساعة
وتنظم مدرسة كوتسمور فعاليات عديدة حول مزايا استخدام الذكاء الاصطناعي الإنتاجي في التعليم. وتضمنت هذه الفعاليات مهرجانًا للذكاء الاصطناعي أقيم على مدى ثلاثة أيام ومؤتمرًا عن قيادة فكر الذكاء الاصطناعي ومؤتمرًا آخر عن الذكاء الاصطناعي واحتياجات التعليم الخاص”.
وتتعاون المدرسة مع منصة “إنترأكتيف توتار” المتخصصة في تمكين المعلمين من استخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك للحفاظ على الزخم الذي تحقق في هذا الشأن وحصل روغرسون على عضوية في مجموعة “الذكاء الاصطناعي في التعليم”، والتي تعمل على تطوير أُطُر الذكاء الاصطناعي داخل قاعات الدراسة.
ويبدو روغرسون أكثر تفاؤلًا على الرغم من تخوف البعض من أن يؤدي هذا التطور التكنولوجي الكبير إلى تفاقم الانقسام الاجتماعي الاقتصادي, ويقول: “ينصب اهتمامنا على تعزيز دور المعلمين في كافة أنحاء العالم لقضاء وقت أقل في العمل الورقي ومزيدًا من الوقت مع الطلبة. ويمكن تحقيق ذلك باستخدام التكنولوجيا المناسبة على النحو المناسب. ونخطط لمواصلة هذا العمل حتى نرى تأثيره على نطاق أوسع، حيث يمكن أن تساهم هذه التكنولوجيا في تغيير حياة الملايين من الناس للأفضل. وستقوم المدارس مثل مدرسة كوتسمور أن تُظهِر للعالم الأثر الفعال لهذا التحول الكبير”.
تعليم مُتاح لكافة سكان العالم
إن كنا نتحدث اليوم عن النماذج اللغوية الكبيرة مثل شات جي بي تي أو أبيغيل بيلي والتعليم الخاص للمتعلمين، فسنتحدث غدًا عن إتاحة التعليم للجميع.
تبحث بعض الجهات التعليمية في الخيارات المُتاحة للاعتماد على مساعدات الذكاء الاصطناعي في عملية التعليم. وتحظى النماذج التي طورتها أكاديمية خان، وهي مؤسسة غير ربحية متخصصة في الخدمات التعليمية، بشعبية على مستوى العالم لأسباب عديدة.
Tيتمثل السبب الأول في أن الخدمات التي تقدمها أكاديمية خان مجانية، حيث توفر برامج رقمية فيالرياضيات , والعلوم, والتاريخ, والاقتصاد وغيرها من مواد التعليم لجميع المراحل التعليمية حتى المستوى الجامعي.
ولتحقيق ذلك، اعتمدت أكاديمية خان أكاديمي (خانميغو). ويعتبر خانميغو روبوتًا تعليميًا، تمت تجربته في مدينة نيوارك بولاية نيوجيرسي الأميركية.
يجيب المعلمون على. 300 إلى 400 سؤال يوميًا في المتوسط.ولكن أصبح بإمكان الطلبة الآن توجيه أسئلتهم إلى خانميغو، ما يتيح للمعلمين وقتًا كافيًا يتفرغون من خلاله لمساعدة كل طالب على حِدَة، وإمكانية الحصول على وقت راحة للذهاب لدورة المياه، على غير العادة، أو تناول شطيرة.
تبرز العديد من المخاوف عند استخدام روبوتات الدردشة داخل القاعات الدراسية، ولعل أهمها هو اعتماد الطلبة على هذه الروبوتات في أداء واجباتهم المدرسية، لكن تم تصميم خانميغو ليعمل كمعلم.
يتمثل ما تفعله الروبوتات داخل الفصول ببساطة على حث الطلبة على التفكير في أجوبة لأسئلتهم، وليس الإجابة عنها بدلًا منهم. وتسجل الروبوتات أيضًا كافة المحادثات التي تجري بينهم وبين الطلبة وتتيح للمعلمين وأولياء الأمور إمكانية الاستماع إليها. لذلك، يضمن هذا المعلم الروبوت، القائم على الذكاء الاصطناعي والتعليم بشكل فردي للطلبة، للمعلمين وأولياء الأمور أن يؤدي الطلبة واجباتهم بأنفسهم.
ويقوم الروبوت ويقوم الروبوت بوظائف إدارية أيضًا، إذ يساعد المدرسين في مهام كالتخطيط للدروس وإعدادها والتواصل مع الطلبة وتقييم أدائهم. يحتوي الروبوت أيضًا على نظام داخلي للمراقبة يتولى تنبيه المعلمين، في حال أبدى أحد الطلبة اهتمامًا بممارسات سلبية قد تُلحق به الضرر
قال سال خان، مؤسس أكاديمية خان، في مقابلة أجراها مع مجلة “تايم” في عام 2023: “سيوفر لكل طالب في الولايات المتحدة، ولكل طالب على كوكب الأرض فيما بعد، معلم شخصي على مستوى عالمي لتحسين كفاءة الطلبة”.
ومن منا لا يريد ذلك؟ تطالب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” الحكومات والمعلمين على مستوى العالم بالاستفادة من الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي.
وأرست المنظمة معاييرًا دولية لضمان تبَنِّي الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم على نحو آمن وعادل في جميع أنحاء العالم، وناشدت الحكومات أن تبادر على وجه السرعة بتأسيس بروتوكولات لتنظيم هذا الشأن.
التخفيف من حدة الضرر
⤸قالت أودري أزولاي، مديرة عام اليونسكو، في تصريحات صحفية أدلت بها على هامش فعاليات مؤتمر أسبوع التعلُّم الرقمي الذي عقدته المنظمة لأول مرة في 2023: “يمكن أن يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصة كبيرة لتطور الإنسان، إلا أنه في نفس الوقت قد يسبب ضررًا. ولا يمكن دمجه في قطاع التعليم دون مشاركة الأفراد واتخاذ جميع التعليمات والضمانات اللازمة من الحكومات”. وركز المؤتمر بشكل كبير على موضوع الشمولية، كما هو الحال في معظم الفعاليات التي تنظمها اليونسكو.
ينصب تركيز اليونسكو بشكل رئيس على ضمان امتلاك الجميع فرصًا متساوية للتعليم. بما في ذلك سكان المناطق الأشد فقرًا واللاجئين والمتعلمين من ذوي الإعاقات والفتيات والسيدات من جميع أنحاء العالم. ونظمت اليونسكو فعالية في عام 2022 كمبادرة مشتركة تهدف إلى ضمان إتاحة التعليم الرقمي للجميع واستعرضت بعض المنصات التي نشأت كنتيجة لمشاركة بعض الدول في هذه المبادرة.
أثيرت مخاوف بشأن انخفاض مستوى الإنجازات التعليمية،إلا أن الفكرة الرئيسة لتطبيق الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه في مجال التعليم هي تحقيق التوازن حيث يمكن استخدامه بالمشاركة مع الخبراء وبهدف تحقيق الفائدة دون أن يضر ذلك بجودة عملية التعلُّم. وأعربت ستيفانيا جيانيني، المدير العام المساعد لليونسكو لشؤون التعليم، عن نفس هذه المخاوف، وقالت
يتعين علينا توجيه التكنولوجيا في قطاع التعليم بحكمة ووفقًا لشروطنا وعلى نحو محكوم بمبادئ، الشمول , والمساواة , والجودة , وإتاحة سهولة الحصول عليها”.,”
وقد يساهم توجيه التكنولوجيا بحكمة في الوقت الحالي في تحقيق العديد من المكاسب الكبيرة في المستقبل القريب.
ووفقًا لشركة جلوبال ماركت إنسايتس، المتخصصة في بحوث الأسواق، 30 مليار دولار أميركي بحلول عام 2032 مقارنة بالعام 2022، حيث وصلت لـ 4 مليارات دولار أمريكي.