يقدم كل من الخشب والجاذبية والرمل وغيرهم حلولًا ممكنة›››

.يشهد نصف الكرة الأرضية الشمالي ابتداءً من من شهر أكتوبر لغاية شهر فبراير انحفاضًا في درجات الحرارة وتغيّرات في الجو ويصيب فيروس الإنفلونزا الجميع كعصا التتابع التي يمررها المتسابقون لبعضهم البعض في سباق التتابع، مع الفارق أن هذا الفيروس هو العصا التي لا يرغب أحدٌ في إمساكها.
ويُتوَقّع أن يكون موسم الإنفلونزا الجاري واحدًا من أسوأ المواسم التي سجّلها التاريخ لهذا الفيروس، إلا أن الخبراء يؤكدون استعدادهم لمواجهته
يستعد سكان العالم لموسم الإنفلونزا السنوي من خلال تزويد أنفسهم بوسائل سهلة لرفع مستويات مناعتهم وأدوية للحد من أعراض الفيروس.
ويفضل آخرون علاج الأعراض بأدوية محلية.
كيف نعالج التهاب الحلق؟ فلنجرب العسل والشاي الدافئ أو شاي جذور العرق سوس أو خل التفاح المخمر. وماذا عن احتقان الأنف؟ فلنجرب علاجه بالكمادات الدافئة أو شاي الكركم مع الزنجبيل أو خل التفاح المخمر. وماذا عن السعال؟ يمكننا أن نحاربه بالنعناع أو جهاز الترطيب أو خل التفاح المخمر أيضًا.
“يُعَد الجهاز المناعي جهازًا للاستشعار، لذا، فهو يتناغم فعليًا مع ما نفعله خلال حياتنا اليومية”.
– جينا ماتشوتشي، أخصائية علم المناعة بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة
ثمة العديد من الوسائل التي يمكنها أن تُشعِرنا بتحسن مؤقت، ولكن ما هي الوسائل التي تجعلنا نتحسن على نحو أسرع أو تساعدنا في تجنب الإنفلونزا تمامًا؟
يمثل اللقاح السنوي للإنفلونزا بداية جيدة، ولكن هل نحن بحاجة إليه إذا كنا قد حصلنا عليه العام الماضي؟
بحسب مستشفى كليفلاند كلينك، فإن الإجابة نعم.
فقد ذكر الموقع الإلكتروني الخاص بالمستشفى: “يطوّر العلماء لقاحات جديدة تحمي ضد سلالات الإنفلونزا الجديدة المُرجح أن تصيبنا بالإعياء هذا العام، وتتضاءل مناعتنا مع الزمن أيضًا، وعليه، يُعَد اللقاح السنوي الوسيلة الأمثل لوقايتنا.
ولا يقتصر استعمال هذا اللقاح على الفئات الأكثر عُرضَة لخطر الإصابة بالإنفلونزا، كالمسنين أو الذين يُعانون من نقص المناعة، وإنما هي للجميع. وأضاف الموقع: “يمكن أن يصيب الفيروس أكثر الأفراد صحة، وإذا كان من النوع الخطير، فيمكنه أن يستدعي حاجة الحصول على علاجٍ في المستشفى، بل وحتى الوفاة”.
يُفضَّل أن تقي نفسك والمحيطين بك، ولكن إذا صادف وأُصِبت بفيروس الإنفلونزا، فيمكنك أن تتناول قرصين من “بانادول دايتايمز” وهو مسكّن البانادول الخاص بساعات النهار، والذي يعالج احتقان الأنف والعطس وآلام الجسم وإفراز الدموع من مقلة العينين، أو يمكنك اتّباع نصائح الخبراء.
حيث يقول الخبراء أن الدواء الأفضل يتمثل في الراحة واتّباع ما تمليه علينا أجسامنا.
استضافت حلقة عام 2024 من المدونة الصوتية: “زو ساينس آند نيوتريشن بودكاست“، جينا ماتشوتشي، أخصائية علم المناعة بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة، والتي قالت: “تتواصل أجسامنا معنا دائمًا”.
وأوضحت جينا: “تُثبط الخلايا المناعية الإفرازات الكيميائية النشطة في مخك لتغيير سلوكياتك، وهو ما يسمى سلوكيات المرض، ويُعزى ذلك لعدم رغبتها بانخراطك في حياتك اليومية وأنت حامل للعدوى، فهي لا تريدك أن تنزل إلى الشارع أو تذهب إلى المكتب أو تتحدث مع الناس، لأنك بذلك ستنشر العدوى، ثم ستستهلك الطاقة التي يُفترض على جسمك أن يستخدمها في التعافي مجدَّدًا”.
وتكمن المشكلة في صعوبة إبطاء انتشار العدوى، لذا، نعتمد دائمًا على الأدوية التي تخفّف الأعراض.

تشعر أجسادنا بالإجهاد عندما نُصاب بالإنفلونزا لأنها تريدنا أن نوقف أنشطتنا اليومية كي نحافظ على طاقتنا لتنشيط التجاوب المناعي لمحاربة العدوى. وفي هذا الصدد، قالت جينا: “تشبه العملية زرًا تضغط عليه عملية الأيض لينتج عن ذلك شعور الجسم بالإجهاد ليحافظ على الطاقة ويوفّرها لتستخدمها الخلايا المناعية”.
يتسبب تجاهل احتياج أجسامنا للراحة غالبًا في بقاء الأعراض لفترات أطول مما نتوقع.
ولكن تتمثل الطريقة الأفضل لمكافحة الإنفلونزا في استباقها.
ولا يعني ذلك تعزيز أجهزتنا المناعية أو احتساء مشروبات الطاقة التي تحتوي على فيتامين سي أثناء موسم الإنفلونزا، فذلك لن يساعدنا، ولكن ما سيساعدنا هو الاعتناء بأجهزتنا المناعية على مدار العام.
تعتقد جينا أننا بحاجة إلى التفكير في أجهزتنا المناعية على نحو مختلف. وقالت في السياق: “يُعَد الجهاز المناعي جهازًا للاستشعار، لذا، فهو يتناغم فعليًا مع ما نفعله خلال حياتنا اليومية”.
قد يحتوي المنتج على كمية معينة من فيتامين سي، ما يمكّنهم من استخدام عباراتٍ كتعزيز المناعة على العبوة، ولكنه لن يشكّل حصنًا منيعًا ضد الأمراض.
– جينا ماتشوتشي، أخصائية علم المناعة بجامعة ساسكس في المملكة المتحدة
وتتنوع أنماط الخلايا المناعية، كما أنّها ليست مسؤولة عن مكافحة الإنفلونزا أو نوبات البرد فقط، حيث يملك كل نوع من أنواع هذه الخلايا وظيفته الخاصة.
إذا انكسرت عظمة في جسم الإنسان، على سبيل المثال، يحدث غالبًا تلف في النسيج، وعند اكتشاف هذا التلف، يجلب النسيج الخلايا المناعية إلى موقع الإصابة لبدء عملية الالتئام.
تؤكد جينا أن الخلايا المناعية ترصد السرطان أيضًا، وأضافت قائلة: “توجد في الجسم خلايا معينة تراقبه طوال الوقت، باحثةً عن السرطان أو عن خلايا سرطانية محتملة، فتُخلّص الجسم منها قبل أن تسبب له مشكلة”.
وقد أظهرت دراسة في عام 2024 لباحثين في جامعة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية أن ممارسة التمارين الرياضية لمدة 15 دقيقة يوميًا يمكنها تعزيز مستوى الخلايا القاتلة (المناعية) الطبيعية، وهي خلايا الدم البيضاء التي تحارب الخلايا المصابة بالعدوى والخلايا السرطانية، كما أنّها تسمى طبيعية لأنها لا تحتاج تعرّضًا مسبقًا للعامل المسبب للمرض كي تدمره.
نميل كثيرًا في هذا الوقت من العام إلى تعزيز مناعتنا وتزويد أنفسنا بجرعات من فيتامين سي، في حين يحتاج الجهاز المناعي إلى عناية دائمة.
يُعَد الأمر في غاية البساطة، فلا يتطلّب منّا سوى أن نخلّص أجسامنا مما نُدخِله إليها، فمنذ أن عرف الإنسان الأطعمة سريعة التحضير، بات يتناول منها كميات تفوق قدرة أجهزة جسمه على التجاوب معها جيدًا.
ويشمل ذلك الأطعمة المصنّعة للغاية والتي تبيّن أنها تحفز التجاوبات الالتهابية.
وتؤكد كلية هارفارد للصحة العامة أن “الأنظمة الغذائية المحدودة في تنوعها والأقل في عناصرها الغذائية، كتلك التي تتكون بصفة رئيسة من أطعمة المصنّعة للغاية وتفتقر إلى الأطعمة المصنّعة بنسبة ضئيلة يمكنها أن تؤثر سلبًا في صحة الجهاز المناعي”.

تسهم الأنظمة الغذائية الغنيّة بالألياف والأطعمة المستمدة من النباتات، التي تشمل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات، في تنشيط نمو الميكروبات المفيدة وتغذيتها، وتقوم بعض هذه الميكروبات بتحويل الألياف إلى أحماض دهنية ذات سلسلة قصيرة، والتي تبيّن أنها تحسن نشاط الخلايا المناعية.
ويحصل الجسم مع نظام غذائي كهذا على فيتامينات كافية لكل مرحلة من مراحل التجاوب المناعي في الجسم، كما تُعَد المغذيات الدقيقة كفيتامين سي وفيتامين دي والزنك والسيلينيوم والحديد والبروتينات، ضرورية لنمو الخلايا المناعية وأدائها لوظائفها.
ويمكن للمكملات الغذائية أن تساعد في هذا الشأن، ولكن لا ينطبق ذلك على تناول جرعات زائدة من عناصر مثل فيتامين سي.
تتسم طبيعة الجسم بالتعقيد، إلا أن الاعتناء به أمر بسيط، حيث ينصحنا الأطبّاء والعلماء بتناول طعامٍ جيد وممارسة التمرينات الرياضية والحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة طوال العام كي لا ينال منّا موسم الإنفلونزا.