CREDIT: Unsplash

تمكن العالم قبل الثورة الصناعية من التخلص من الكربون بشكل كامل بعد أن شكلت انبعاثات الكربون العالمية في العام 2022 أرقامًا قياسية ومخاطر كبيرة محتملة تتمثل في حفظ الكربون تحت الأرض ساهمت جميعها في تعزيز الابتكار في الشركات وإعادة الاستفادة من الكربون الذي تم التقاطه بطرق غير متوقعة.

ولعبت اتفاقية باريس في العام 2015 دورًا بارزًا في إلزام الدول في مختلف أنحاء العالم بالمشاركة في سباق الحياد الكربوني، حيث تعمل هذه الدول على تحقيق أهداف الطاقة المتجددة التي نصت عليها الاتفاقية للسيطرة على الغازات المسببة للاحتباس الحراري كالتقاط الكربون مثلًا.

هل هي طبيعية أم اصطناعية؟

يعتبر التقاط الكربون عملية استرجاع انبعاثات الكربون من الغلاف الجوي وحفظه، حيث يمكن أن تكون العملية طبيعية أو اصطناعية.

وتتم عملية جمع الكربون وحفظه بشكل طبيعي من خلال مجموعة من العناصر الموجودة في المنظومة البيئية في الكوكب. فعلى سبيل المثال، تتمتع الأشجار بآلية فعالة في التقاط الكربون وحفظه، حيث تقوم الأوراق بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عبر عملية تُعرف بالتمثيل الضوئي. ومن جهة أخرى، قد يتم إعادة إطلاق الكربون إلى الغلاف الجوي في حال قطع الأشجار وحرقها للحصول على الحطب.

تمثل محيطات العالم أكبر مصدر لعملية التقاط الكربون بشكل طبيعي، حيث تساهم المحيطات وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة بامتصاص حوالي 25% من مجموع انبعاث غازات الاحتباس الحراري و90% من فائض الحرارة التي تسببها تلك الانبعاثات.

يطلق على عملية التقاط الكربون الطبيعية اسم (دورة الكربون)، ولكن تكمن المشكلة في أنه يتعذر على المنظومة البيئية العالمية مواكبة انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري التي ينتجها الإنسان بشكل متزايد.

وهنا، تظهر الحاجة إلى عمليات التقاط الكربون الاصطناعية.

يهدف تصميم عمليات التقاط الكربون إلى إزالة الكربون من المخلفات الصناعية ومن الغلاف الجوي، وتحظى محطات التقاط الكربون بجدران ذات مراوح ضخمة تساهم في امتصاص الهواء وإزالة الكربون منه وتحويله إلى مادة سائلة ليتم حفظها تحت الأرض أو ضخها في آبار النفط لتسهيل عمليات التنقيب. وعلى الرغم من ذلك، توجد العديد من التحديات التي تواجه التقاط الكربون.

تتطلب محطات التقاط الكربون الكبيرة كمًا هائلًا من الطاقة التي تأتي على شكل مواد لبناء المرافق وإنتاج الطاقة اللازمة لتشغيلها. إضافة لذلك، يوجد هناك العديد من المخاطر التي تترتب على حفظ ثاني أكسيد الكربون تتمثل في تسربه من مناطق حفظه مسببًا التلوث لمصادر المياه وصولًا إلى سطح الأرض وبالتالي تلوث الهواء مرة أخرى.

الأسباب التي تدعو للقلق

يشكل الضغط الناجم عن ضخ الكربون تحت الأرض مصدر قلق كبير يتمثل في حدوث نشاط زلزالي ونشوب جدل حول احتمالية أن يساهم التقاط الكربون وحفظه في تعزيز استخدام الوقود الأحفوري. وذكر تقرير صادر عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي عام 2022: “يُستخدم الكربون الذي يتم تجميعه في استخراج النفط المحسن” و”لا يمكن اعتبار إنتاج النفط المحسن حلًا لمشكلة المناخ”.

إن الحد من استخدام النفط، يُعد واحدة من أكثر الطرق الشائعة المتبعة في سياق التقاط الكربون، ولكن تقوم بعض الشركات في الوقت الحالي بالابتكار في مجال إدارة الكربون بطرق جديدة متميزة.

تسعى العديد من الشركات الكبيرة إلى شراء مشاريع تعويض الكربون التي تهدف إلى الحد من الآثار الكربونية. ويمكن للأفراد أيضًا شراء تلك التعويضات، ومن الشركات التي قامت ببيع الأفراد تعويضات للآثار الكربونية شركة “كلايم ووركس” في سويسرا التي تركز على إزالة الكربون وتساهم في التقاط 900 طن من الكربون سنويًا. كما يمكن أيضًا أن يقوم الأفراد بتقديم ما يشترون من تعويضات كربونية كهدية خضراء باسم شخص آخر. تساهم شركة كلايم ووركس بإنتاج فقاعات ثاني أكسيد الكربون الموجودة في المشروبات الكربونية مثل كوكاكولا.

وفقًا للشركة، يُساهم التقاط الكربون في تخفيف انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة للاحتباس الحراري بنسبة80% مقارنة بالوقود التقليدي. وبذلك، عقدت شركة تويلف مذكرة تفاهم مع مجموعة ألاسكا الجوية ومايكروسوفت للتعاون في اختبار الوقود على طائرة تجارية.

الانطلاق في هذا المجال

قال نيكولاس فلاندرز، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تويلف خلال إعلان الشراكة: “يمكننا الآن، من خلال إنتاج هذا النوع من وقود الطائرات الناتج عن ثاني أكسيد الكربون، إغلاق دورة الكربون بشكل سريع وفعال وإتاحة الفرصة أمام الأعمال التجارية للاستفادة من هذه الانبعاثات بشكل مستدام لتشغيل رحلات الطيران”. ويذكر أنه لم يتم الإعلان عن تاريخ اختبار عمليات الطيران التجارية، كما ذكرت مجموعة عمل النقل الجوي في تقرير لها أن قطاع الطيران يستفيد من انبعاثات الكربون بنسبة 12% دونًا عن غيره من قطاعات النقل الأخرى.

وقد يقوم بعض المسافرين عبر رحلات الطيران التجارية الخضراء بغسيل الملابس بطريقة آمنة على البيئة باستخدام كبسولات غسيل الملابس المصنوعة من الكربون الذي تم جمعه من الغلاف الجوي.

وبدأت شركة يونيليفر، التي تساهم في إنتاج أكثر من 400 علامة تجارية خاصة بالمنتجات المنزلية تشمل أومو ودوف وبين آند جيريز، بالتزام يستمر لعقود لخفض آثارها البيئية إلى النصف بحلول العام 2030، حيث كان الوقود الأحفوري أحد المكونات المستخدمة في صناعة كبسولات مسحوق الغسيل أومو (برسيل)، لكن أطلقت يونيليفر في يوم الأرض العالمي 2021 كبسولات لغسيل الملابس ولفترة محدودة تقوم على الكربون بدلًا من الوقود الأحفوري. وبذلك، ساهمت يونيليفر من خلال هذه العملية الجديدة بتقليل كثافة الكربون بنسبة 82%، كما تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني في خط الإنتاج بحلول العام 2039.

يذكر أنه على الرغم من كميات الكربون الكبيرة التي تتم إزالتها وطرق حفظها والأساليب المبتكرة في إعادة استخدام الكربون، يظل موضوع الحياد الكربوني هدفًا صعب التحقيق. وتشير تقديرات المعهد العالمي لاحتجاز الكربون وتخزينه 2021 إلى أنه للوصول لأهداف منتصف القرن، يجب زيادة عدد مرافق التقاط الكربون ومضاعفتها بمقدار 100 مرة، حيث يبلغ عددها في الوقت الحالي 27 مرفقًا.

انضم لقائمتنا البريدية

احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا