يقدم كل من الخشب والجاذبية والرمل وغيرهم حلولًا ممكنة›››

سمعنا الكثير من الأفراد في بداية جائحة كوفيد-19، من بينهم بيل غيتس، يقولون “ألم أقل لكم؟”. ففي العام 2015، حذر بيل غيتس من حدوث جائحة وأن العالم غير مستعد لذلك.
يقول بيل غيتس في كتابه الذي يحمل اسم “كيف نمنع الجائحة المقبلة”، والذي أصدره بعد مرور سبع سنين من تنبؤاته وبعد عامين على ظهور الجائحة: “تعتبر الأمراض المعدية أمرًا حتميًا لكن انتشار الجوائح اختياري”. ويدعو ذلك للوهلة الأولى إلى التفاؤل، ولكن كيف يمكن أن نحتوي تفشي الأمراض المعدية في عالم متداخل ومترابط بشكل منطقي وأخلاقي؟
يوافق الخبراء بيل غيتس في آرائه.
وفقًا للجنة المستقلة المعنية بالتأهب لمواجهة الأوبئة والاستجابة لها في منظمة الصحة العالمية، تعتبر جائحة كوفيد-19 دليلًا على مدى الضعف الذي يشهده عالمنا، حيث صرحت اللجنة في تقرير لها صدر في 2021:
“كشف تفحصنا الدقيق في الأدلة عن وجود إخفاقات وفجوات في الاستجابة للجائحة على المستويين المحلي والدولي يجب تصحيحها، حيث لم تنجح مؤسسات القطاعين العام والخاص في حماية السكان من الجائحة المدمرة. وإذا لم يحدث أي تغيير، لن يتمكنوا من منع انتشار جائحة أخرى مستقبلًا. لذلك، توصي اللجنة بإجراء تحول جذري لنظام جديد يتمتع بكامل الجاهزية للجائحة وإن لم ننجح بالعمل على هذا الهدف بشكل جاد، سنحكم على العالم بحدوث كوارث متتالية”.
لم تنجح مؤسسات القطاعين العام والخاص في حماية السكان من الجائحة المدمرة.
– الجنة المستقلة المعنية بالتأهب لمواجهة الأوبئة والاستجابة لها في منظمة الصحة العالمية
قال بيل غيتس في كتابه: “لا أحد يريد أن يمر في هذه التجربة مرة أخرى ولا ينبغي علينا ذلك. وسيكون فيروس كوفيد-19 الجائحة الأخيرة في العالم، إذا قمنا باستثمارات هامة تحقق الفائدة للجميع”.
وتشمل الاستثمارات الهامة توفير أدوات أفضل كاللقاحات وتحسين رصد الأمراض وتقوية الأنظمة الصحية. ودعا بيل غيتس إلى تأسيس فريق استجابة عالمي للأوبئة والتعبئة والذي يمكنه السيطرة على انتشار الأمراض المعدية بسرعة فائقة وكفاءة عالية.
يعتبر البعض أن هذه الاستثمارات في طور التحضير، فمثلًا، يساهم رصد مياه الصرف في تتبع انتشار الأوبئة في المجتمع وأثبتت تكنولوجيا لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال (إم آر إن إيه) فعاليتها بنجاح، كما ساهمت الأدوات الصحية الممكن ارتداؤها وخدمات الرعاية الصحية عن بعد في تغيير طريقة التفاعل مع أنظمة الرعاية الصحية.
تحتاج الاستثمارات الأخرى إلى مزيد من الجهود. وفي هذا السياق، يدعو بيل غيتس إلى توفير البيانات في الوقت الفعلي وعدم تجاهل قوانين حماية البيانات وتردّي الأنظمة والاعتبارات الأخلاقية. إضافة لذلك، ينبغي تنفيذ مجموعة التغييرات في جميع أنحاء العالم ولا يقتصر ذلك على الدول القادرة اقتصاديًا.
تستحق مطالب بيل غيتس المتمثلة برصد الأمراض والاستجابة لها الإشادة والتقدير، لكن تنسيق الجهود العالمية في الوقت الحالي هو أمر غير واقعي. وبما أن الجوائح تتخطى حدود الدول، تحتاج الدول للعمل والتعاون مع بعضها في الاستثمارات الجماعية ووضع استراتيجيات اتصال فعالة، حيث أثبتت جائحة كوفيد-19 أن بعض الأماكن تفتقد للجاهزية في التصدي للجوائح نتيجة العديد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأشار الدكتور إيشاني كاندبال، خبير اقتصادي أول في فريق البحث والتطوير التابع للبنك الدولي، إلى ضرورة حشد الجهود للاستعداد للجائحة وتركيزها على العلاقة التي تربط ما بين التفاوتات الصحية والضعف الاقتصادي والاجتماعي واسع النطاق.
وكتب إيشاني في مقالته الدورية التي نشرها في العام 2022 في المجلة الطبية البريطانية: “أكدت جائحة كوفيد-19 على أن التخطيط للتأهب للجائحة لا يمكن فصله عن مسألة تحقيق المساواة. ويتطلب التصدي لهذين التحديين المزدوجين الاستثمار والإرادة السياسية، وكانت الفجوات في قدرات الدول على تمويل الخدمات الصحية كبيرة للغاية قبل الجائحة واتسعت وازداد حجمها عند ظهور الجائحة، الأمر الذي شكل بعض التصدعات التي تهدد الأمن الصحي للجميع. وفي هذا الصدد، يعتبر وضع المساواة الصحية على رأس خطط التأهب للجوائح هو الأمر الأمثل والقرار الأذكى على الإطلاق”.