يقدم كل من الخشب والجاذبية والرمل وغيرهم حلولًا ممكنة›››
عملية التنظيف
يعتبر فحص مياه الصرف الصحي للكشف عن المواد الدوائيةأمرًً ضروريًا إذا أردنا ريّ محاصيلنا بشكل مستدام ترجمة: مريم ماضي 1 مايو 2025
يتزايد الطلب على الغذاء بالتزامن مع ارتفاع عدد سكان العالم ويتطلب ذلك ممارسات زراعية مستدامة والتي تشمل إدارة المياه، وتمثل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي الصناعية والخاصة بالمناطق الحضرية حلًا عمليًا للريّ، ولكن تُصاحب هذه الممارسة تحدياتٍ بيئية كبيرة على الرغم من تخفيفها من الأعباء البيئية والاقتصادية للزراعة.
تُسمى المياه، التي يتم استخدامها في المنازل والمؤسسات التجارية والعمليات الصناعية، مياه الصرف الصحي ولا تُعتبر بالضرورة مياهًا نظيفة أو مثالية للري الزراعي، إلّا أن 65% من الأراضي المرويّة حول العالم تعتمد على مياه الصرف الصحي، وتقع 82% من هذه الأراضي في المناطق التي لا تتجاوز فيها نسبة مياه الصرف الصحي التي يتم معالجتها الـ 75%.
يمكن أن تتلوث مياه الصرف الصحي بالمعادن الثقيلة أو الأصباغ من التطبيقات الصناعية على سبيل المثال، ولكن تزداد المخاوف الناتجة عن التلوث بسبب المواد الدوائية الموجودة في كل من مياه الصرف الصحي المعالَجة وغير المعالَجة. تُعرف المواد الدوائية بثباتها في البيئة وامتلاكها آثارًا بعيدة المدى تشمل إمكانية التأثير على سلامة التربة وامتصاص النباتات للعناصر الغذائية وتطوير مقاومة مضادة للميكروبات في السلسلة الغذائية الأوسع.
تدخل المواد الدوائية إلى البيئة غالبًا من خلال مياه الصرف الصحي المعالَجة لأن مرافق المعالجة غير مجهزة لإزالة هذه المواد، ويتم إفراز الأدوية التي لا يمتصها جسم الإنسان بالكامل لينتهي بها الأمر في أنظمة الصرف الصحي، حيث يؤدي التخلص غير السليم من الأدوية كسكبها في الحوض ورميها داخل المرحاض أو حتى في سلة المهملات إلى حدوث مشكلة أكبر.
وجد الباحثون في كلية دارتموث الطبية بالولايات المتحدة أن الإطلاق المتواصل للمخلفات الدوائية في المسطحات المائية أثر بشكل ملحوظ على الحياة المائية، خاصة على عملية التكاثر الحيوي الناتج عن هرمون الاستروجين في ذكور أسماك الميداكا اليابانية والتي أدت إلى تحول المزيد من ذكور الأسماك إلى إناث وزادت معدل الوفيات. ومن جهة أخرى، وجدت بحوث أخرى زيادةً في انتشار سرطان الثدي والخصية في المناطق التي تكون فيها مياه الشرب ملوثة بالمخلّفات الدوائية.
يمكن القول أن محطات معالجة مياه الصرف الصحي ليست مصممة لإزالة كافة الملوثات البيئية، لكن يمكن إدخال عمليات معالجة جديدة لمكافحة تأثير المواد الدوائية. ويُعتبر الحد من التلوث عند المصدر أحد الخيارات والبرامج المسؤولة لحل هذه المشكلة، كما يُتوقع أن يقلل التخلص السليم من الأدوية والتعليم العام بشأن هذه الخطوة من حجم الأدوية التي تدخل إلى الممرات المائية من البداية. وتشير الدراسات الاستقصائية التي أجرتها جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا إلى استعداد الجمهور الأمريكي لدعم هذه المبادرات، لكن لا تزال هناك حاجة لإزالة تلك الأدوية التي تخللت إلى نظام المياه.
لحسن الحظ، هناك طرق متاحة.
تُعتبر المعالجة اللاهوائية لمياه الصرف أكثر التكنولوجيات فعالية من حيث التكلفة لمعالجة النفايات السائلة الملوثة عضويًا بسبب الاستخدام الصناعي، ووفقًا لباحثين من معهد كالينغا للتكنولوجيا الصناعية في الهند، تُهضم المواد القابلة للتحلل وتتحول إلى غاز حيوي ورواسب، بحيث يصبح من الممكن إزالتها بعد ذلك.
تستعين عمليات الأكسدة المتقدمة بالأوزون لإزالة المضادات الحيوية والأسيتامينوفين (الباراسيتامول) والهرمونات من مياه الصرف الصحي وتعتمد على التحفيز الضوئي لإزالة البنسلين ويمكن أن تعمل بالطاقة الشمسية، كما يمكن لتقنيات إزالة التحويل الكهروكيميائي تحويل الجزيئات الدوائية إلى مركبات قابلة للتحلل الحيوي.
تشير تقديرات الأطلس العالمي للتصحر إلى أن 18% فقط من الأراضي المزروعة يتم ريّها، لكن تساهم هذه الأراضي المرويّة في إنتاج 40% من إجمالي الغذاء.
وتشمل الطريقة الثانية لإزالة المضادات الحيوية أغشية مركّبة مصنوعة من مواد نانوية ثنائية الأبعاد والمكسينات التي تعتبر عائلة من المواد ثنائية الأبعاد يمكن استخدامها كصفائح مرصوصة فوق بعضها البعض في أغشية رقيقة مرنة ومستقرة، وقد صمم باحثون من جامعة خليفة أغشية للتصدي لمشكلة إزالة الأدوية من مياه الصرف الصحي في المستشفيات.
قال شادي حسن، الكاتب الرئيس للدراسة في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “ارتبط الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية بشكل كبير بمشكلة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أو ما تُسمى بـ “البكتيريا المقاومة”.
يشهد عدد تكنولوجيات المعالجة باستخدام الطحالب ارتفاعًا متزايدًا، حيث تُستخدم الطحالب الدقيقة لإزالة العناصر الغذائية الزائدة عن الحاجة من مياه الصرف الصحي مثل النيتروجين والفوسفور والكربون كعملية تطهير طبيعية، حيث تمتص الكتلة الحيوية للطحالب العناصر الغذائية ليتم حصادها والاستفادة منها كسماد حيوي. إضافة لذلك، أظهرت الدراسات أن الطحالب قادرة على امتصاص الأدوية القابلة للذوبان في الدهون، ما قد يجعلها بديلًا مناسبًا للاستخدام في إزالة بعض الأدوية مثل الهرمونات الاصطناعية من مياه الصرف الصحي.
أخيرًا، يمكن أن تمتلك تكنولوجيا النانو إمكانات كبيرة في مجال امتصاص الملوثات من مياه الصرف الصحي، فقد استُخدمت الجزيئات النانوية لكلٍّ من الفضة وثاني أكسيد التيتانيوم لتطهير المركّبات العضوية وتنظيفها، كما يمكن استخدام الجزيئات النانوية للحديد لإزالة المعادن الثقيلة. ويمكن أن تساهم تكنولوجيات النانو في زيادة كفاءة عملية معالجة مياه الصرف الصحي الصناعية وفعاليتها وأمنها على البيئة وفي التقليل من تكلفتها أيضًا.
إقرأ المزيد حول هذا الموضوع: منهجيتان واعدتان لمعالجة مياه الصرف
احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا