يقدم كل من الخشب والجاذبية والرمل وغيرهم حلولًا ممكنة›››
يُعَد الهدف الثاني من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ألا وهو: القضاء على الجوع هدفًا طموحًا. ويعني ذلك بالنسبة للأمم المتحدة “القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين جودة الغذاء والتشجيع على الزراعة المستدامة”، ولكن تحقيق هذا الهدف بات أكثر صعوبة في ظل التغير المناخي الهائل الذي نواجهه.
قال إريك مورشي، أستاذ في علم وظائف أعضاء النبات التطبيقي بجامعة نوتينغهام: “سيحتاج 9.7 مليون نسمة إلى الحصول على الغذاء على نحو مستدام بحلول عام 2050، استنادًا إلى التوقعات المتعلقة بنمو سكان العالم. وسيثري النمو الاقتصادي هؤلاء السكان، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى زيادة الاستهلاك الإجمالي للغذاء”.
ووفقًا للأمم المتحدة، يشهد عدد البشر الذين يواجهون الجوع وانعدام الأمن الغذائي ارتفاعًا منذ عام 2015، في ظل توقعات بأن يبلغ عدد الذين يواجهون الجوع 670 مليون نسمة بحلول عام 2030
وقد أدت جائحة كوفيد-19 والنزاعات والتغير المناخي وتزايد ظاهرة انعدام المساواة إلى تفاقم هذا الوضع.
قال مارتن باري، أستاذ فخري بجامعة لانكستر: “يمثل الحفاظ على الأمن الغذائي وضمانه تحديًا رئيسًا يواجه البشر الذين يعتمدون على الركائز الأساسية ألا وهي الإنتاجية الزراعية وسهولة الحصول عليها واستخدامها واستقرارها، وتعتمد ركيزة إنتاجية المحاصيل على المزارعين في إنتاج الكتلة الحيوية الكافية لإطعام الماشية، بالإضافة إلى توفير المواد الخام اللازمة لدعم الاقتصاد الحيوي. وبحلول عام 2050، سيحتاج العالم إلى مضاعفة إنتاج الكتلة الحيوية الزراعية، وسيتعين تحقيق ذلك باستخدام أراضٍ وموارد أقل من أي وقتٍ مضى”.
أضاف مارتن: “سيعجز العالم بشكل كبير عن تلبية متطلبات الإنتاجية المستقبلية، في ظل المعدل الحالي لتحسن إنتاجية الكتلة الحيوية، ومن الممكن أن يتعرض التقدم للمزيد من العراقيل المتمثلة في تعقيد مشكلة التغير المناخي والتحديات السياسية والاجتماعية الاقتصادية”.
تواجه الزراعة التي تراعي المستقبل تحديات عديدة، وتُعَد الأرض والتربة السليمة والماء عوامل رئيسة لإنتاج الغذاء، حيث تُحتِّم علينا ندرتهم استخدامهم وإدارتهم على نحو مستدام، ولكن حتى الممارسات الزراعية المسؤولة والمستدامة لن تنجح في إطعامنا في المستقبل إذا حُمّلت المحاصيل أكثر من طاقتها المتعلقة بقدرتها على تحمل الحرارة.
إذا لم يكن بإمكانك تحمل الحرارة…
قال فيليب ناكري، الباحث ومدير المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الزراعية، أن درجة الحرارة المتزايدة بسبب التغير المناخي ترتبط غالبًا ارتباطًا عكسيًا مع الإنتاجية والمحاصيل الزراعية وتؤدي إلى موجات حر أكثر تكرارًا وقوة ومن شأنها أن تؤثر سلبًا على كافة أنواع المحاصيل:
قال فيليب: “يتم تحديد الإجهاد الحراري بناءً على درجة الحرارة التي تعوق أداء النباتات لوظائفها على نحو مثالي وقدرتها على المحافظة على الاستقرار الداخلي عند مواجهة التغيرات، ما يؤدي إلى خفض معدل نموها وإنتاجيتها وجودتها.
أشار ويليام كلاين أيضًا إلى الضرر الذي يمكن للحرارة أن تسببه للمحاصيل الزراعية في مقال لصندوق النقد الدولي:
قال إريك مورشي، أستاذ في علم وظائف أعضاء النبات التطبيقي بجامعة نوتينغهام: “سيحتاج 9.7 مليون نسمة إلى الحصول على الغذاء على نحو مستدام بحلول عام 2050، استنادًا إلى التوقعات المتعلقة بنمو سكان العالم. وسيثري النمو الاقتصادي هؤلاء السكان، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى زيادة الاستهلاك الإجمالي للغذاء”.
ووفقًا للأمم المتحدة، يشهد عدد البشر الذين يواجهون الجوع وانعدام الأمن الغذائي ارتفاعًا منذ عام 2015، في ظل توقعات بأن يبلغ عدد الذين يواجهون الجوع 670 مليون نسمة بحلول عام 2030
وقد أدت جائحة كوفيد-19 والنزاعات والتغير المناخي وتزايد ظاهرة انعدام المساواة إلى تفاقم هذا الوضع.
قال مارتن باري، أستاذ فخري بجامعة لانكستر: “يمثل الحفاظ على الأمن الغذائي وضمانه تحديًا رئيسًا يواجه البشر الذين يعتمدون على الركائز الأساسية ألا وهي الإنتاجية الزراعية وسهولة الحصول عليها واستخدامها واستقرارها، وتعتمد ركيزة إنتاجية المحاصيل على المزارعين في إنتاج الكتلة الحيوية الكافية لإطعام الماشية، بالإضافة إلى توفير المواد الخام اللازمة لدعم الاقتصاد الحيوي. وبحلول عام 2050، سيحتاج العالم إلى مضاعفة إنتاج الكتلة الحيوية الزراعية، وسيتعين تحقيق ذلك باستخدام أراضٍ وموارد أقل من أي وقتٍ مضى”.
أضاف مارتن: “سيعجز العالم بشكل كبير عن تلبية متطلبات الإنتاجية المستقبلية، في ظل المعدل الحالي لتحسن إنتاجية الكتلة الحيوية، ومن الممكن أن يتعرض التقدم للمزيد من العراقيل المتمثلة في تعقيد مشكلة التغير المناخي والتحديات السياسية والاجتماعية الاقتصادية”.
تواجه الزراعة التي تراعي المستقبل تحديات عديدة، وتُعَد الأرض والتربة السليمة والماء عوامل رئيسة لإنتاج الغذاء، حيث تُحتِّم علينا ندرتهم استخدامهم وإدارتهم على نحو مستدام، ولكن حتى الممارسات الزراعية المسؤولة والمستدامة لن تنجح في إطعامنا في المستقبل إذا حُمّلت المحاصيل أكثر من طاقتها المتعلقة بقدرتها على تحمل الحرارة.
سيصعب إيجاد ولو قطرة ماء واحدة للشرب
تتأثر ندرة الماء بدرجات الحرارة المتزايدة بعدة طرق.
قال فيليب ناكري، الباحث ومدير المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الزراعية: “يتزايد التزامن بين فترات الجفاف والموجات الحارة المتزايدة في المناطق المنتجة للمحاصيل الرئيسة، ويمكن أن يؤدي تناقص وفرة الماء إلى تبعات هامة على استراتيجيات تحمُّل الحرارة”. وأضاف: “نعلم أن نقص المياه هو الضغط غير الحيوي الذي يسبب أكبر التأثيرات السلبية في إنتاجية المحاصيل”.
تشتهر منطقة الشرق الأوسط بحرارتها وجفافها، ويتساقط المطر في هذه المنطقة على فترات متباعدة وعلى نحو متفاوت، كما تستثمر الإمارات كميات هائلة من الوقت والجهد والمال في تلقيح السحب لزيادة معدل هطول الأمطار، ومن المرجح أن يستمر هذا التوجه عبر المنطقة وحول العالم في ظل تسبب التغير المناخي في فترات أطول من الجفاف وأنماط جوية يصعب توقعها بشكل أكبر.
أشار فيـــليـــب إلى أن أوروبا قد بــدأت بالفعـــل تقبــل ذلك، وقال في هــذا الصــدد: “تواجــه أوروبا بالفعـــل انخـــفـــاضًا في وفــرة الماء وارتفـــاعًا في تفـــاوت هطـــول الأمطـــار، سواءً فيما يتعلــق بحيـــز سقـــوط المطــر أو توقيـتـه، ما ينعكـــس في صـــورة زيــادة مخاطـــر الضغـــط المــائي على المحاصيــل والتأثيـر السلبـي على نحــو هائـــل في الزراعــة الأوروبـيـة”.
يُعَــــدُّ التحـــكُّمُ في الجوِّ المحلـــي أحدَ الحُلـــول، إلّا أن الباحثيــن يعملــون أيضًـــا على إيجـــاد طُـــــرقٍ لتحسيـن كيـفيــة امتصــاص التربـة للمــاء وتــنــقّله، وتقليـل عدد الثغـــور على أوراق النبـاتــات لِـتنظيــمِ عمــليــةِ فُقــدان المــاء.
ويشــرح فيــليــب بقوله: “أظـــهرت الدراســات الحديــثة أن الجــذور يــمكنـها أن تستشــعر مكونـات الرطوبــة وتوجــه عمليـــة نموهــا أو تموضــعها على نحو يعزز زيـــادة وفــرة الماء، وتوضـح الدراســات الأخــرى أن الـنبـــاتات ذات أنظمــة الجذور الضحــلة أكثر تحمُّــلًا للجفاف، ونعتقــد أن هذا يُعــزَى إلى كــون نظــام الجـــذور المــوزّع باتجـــاه أفــقـي هو أكثر أشكــال التـأقلـم كـفـــاءة للاحتـــفاظ بالمـــاء في البـيئـات التي يتسـاقــط فيـهـا المطــر علــى فتــرات متبـــاعدة.
كمــا توضــح هذه الأمثلــة مدى قـــــوة مناهج الاختلاف الطبيعي في التعــرف إلى عوامـل التنظيــم الجيــني الجديــدة وغير المتوقعـة لتحليـــل وربمــا تحســـين الأداء الهيـــدروليــكي للجــذور في ظــل الظــروف الزراعيـــة”.

وتُعَد الثغور مسامًا دقيقة توجد في الأوراق والسيقان، وهي تفتح وتغلق للتحكم في معدلات تبادل الغازات بين النباتات والغلاف الجوي، ولطالما تمحور الاهتمام حولها لتحسين مستوى احتمال الجفاف، في ظل بحث دراسات عديدة فيما يتعلق بالتفاوت الجيني الطبيعي أو التحكم في الجينات لتقليل كثافة الثغور وذلك في محاولة للحد من فقدان الماء، كما أن الثغور غالبًا ما تظل مفتوحة ليلًا لفترات أطول، كي تتيح فرصة الهروب لكميات أكبر من المياه بسبب بطئها في الاستجابة للتغيرات عند وجود الضوء. وقد أدخلت دراسة بحثية من جامعة غلاسجو قناة أيونية جديدة في ثغور أوراق نبات الخردل لتسريع استجابتها، وقد أنتجت هذه النباتات كتلة حيوية أكبر واحتفظت بالمزيد من المياه، خاصةً عند تقلب مستويات النموذجية للضوء عندما يتعلق الأمر بنمو النباتات في الأماكن المكشوفة.
وقد طوّر باحثون من جامعة مونبلييه هذه الفكرة لإجبار الثغور على الإغلاق ليلًا، وبالتالي تقليل فقدان المياه، ولأن التوقعات المناخية تتنبأ بمستويات متزايدة من تسرب المياه ليلًا مقارنة بالنهار، تُمكّن قدرة هذه النباتات على غلق ثغورها ليلًا من الاحتفاظ بالماء.
ولكن ثمَّة نباتات حول العالم لا تواجه مشكلة متعلقة بكمية المياه، وتعتمد مناطق عديدة على الماء الآسن في الري أو أنها تواجه مشكلة الملوحة المتزايدة في المياه الجوفية بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، كما تُشكل ملوحة التربة تهديدًا خطيرًا على إنتاجية المحاصيل، ويُعَد الوضع أسوأ في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، والتي عادًة ما تشهد أيضًا درجات حرارة أعلى، حيث ينتج عن هذا فقدان المزيد من المياه وتفاقم تأثيرات الملوحة.
ومن الممكن أن يكون التحول تجاه المحاصيل القادرة على التعامل مع الملوحة والاحتفاظ في الوقت نفسه بجودتها الغذائية حلَّا لهذه المناطق، وتعتقد جيسيكا ديفيز، من جامعة لانكستر بأن هذا ما سيحدث.
قالت جيسيكا: “تُشير التوقعات المتعلقة بالتغير المناخي إلى المزيد من التحديات التي تنتظر الزراعة المستقبلية نتيجة للأحوال الجوية القاسية والملوحة، وهذا يعني الحاجة إلى البحث في إمكانيات المحاصيل الملحية”.
يمكن للنباتات الملحية النمو في التربة الملحية حيث أنّها قد طورت خواصًا تمكّنها من تحمل الضغط الملحي.
وأضافت جيسيكا: “تتحمل الكينوا بصفة خاصة الظروف الملحية ولديها جودة غذائية عالية. وتُعَد أيضًا النبات الوحيد الذي يوفر كافة الأحماض الأمينية والكربوهيدرات والدهون الضرورية بنسب مثالية للتغذية البشرية والحيوانية. بالإضافة إلى أنه يمكن استخدام الكينوا للاحتفاظ بالمياه ومنح المحاصيل أداءًا وظيفيًا مزودجًا يساهم استخدام التربة بشكل مستدام أكثر”.
الزراعة الذكية أم الزراعة البسيطة؟
كتب جيفري كار لمجلة “ذي إيكونوميست” قائلًا أنه إذا كانت الزراعة ستواصل إطعام العالم، فيجب أن تكون أشبه بالتصنيع:
وقال جيفري: “أصبحت المزارع تشبه المصانع أكثر فأكثر: فهي تحتوي على عمليات خاضعة لتحكم وثيق للحصول على منتجات موثوقة ومحمية إلى أبعد حدٍ ممكن من تقلبات الطبيعة، وسترفع التحسينات التكنولوجية أرباح المزارعين بخفض التكلفة وزيادة الإنتاجية، الأمر الذي سيفيد المستهلكين أيضًا في صورة أسعار أقل. ولكن على الرغم من ذلك، قد تساعد هذه التحسينات على المدى الطويل في الإجابة على سؤال يزداد أهمية: كيف يمكن إطعام العالم في المستقبل من دون أن يشكّل ذلك ضغطًا لا يمكن تداركه على تربة الأرض ومحيطاتها؟”
يؤيد جيفري فكرة الزراعة الذكية، والتي تشير إلى إدارة المزارع باستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات العصرية لزيادة جودة المنتجات، وتتصل المستشعرات والبرمجيات والروبوتات بتحليلات متطورة للبيانات لتبسيط القرارات الاستراتيجية المتعلقة بكل نبات أو بالمزرعة ككل من دون أن يحتاج المُزارع حتى لأن تطأ قدماه الحقل.

الكينوا: هل هي محصول مستدام للمستقبل؟
تُعد الكينوا حبوبًا صالحة للأكل وتتوفر بعدة ألوان. تُزرَع الكينوا منذ نحو 5000 عام ويبدو أنها ستستمر لفترة أطول لأن العديد من الباحثين يرون الكينوا غذاء المستقبل. Read more›››
تقول جيسيكا ديفيز من جامعة لانكستر البريطانية: “تحظى الكينوا بجودة غذائية عالية، كما تُعتَبَر النبات الوحيد الذي يوفر كافة الأحماض الأمينية والكربوهيدرات والدهون بكميات مثالية لتغذية الإنسان والحيوان”.
ويتفق الخبراء على ضرورة التحول في قطاع الزراعة إلى إنتاج المحاصيل الأساسية التي توفر العناصر الغذائية الكافية والهامة لعدد سكان العالم المتزايد في ظل الأحوال المناخية الصعبة. وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تصبح التأثيرات السلبية الناجمة عن التغير المناخي على إنتاج الغذاء واضحة بشكل متزايد على مستوى العالم بحلول عام 2030″.
لم تنجح المحاصيل الأساسية كالقمح والذرة في تحمل الملوحة الزائدة ونقص المياه في المناطق النائية. ويمكن للمحاصيل الملحية، وهي نباتات تتحمل الملوحة، أن تمثل الحل الأمثل للاستدامة وزيادة الإنتاجية الزراعية في المناطق التي باتت زراعة الحاصلات التقليدية فيها صعبة أو غير مُجدية اقتصاديًا”.
وتقول جيسيكا: “يساهم التغير الجيني الكبير في هذه الأنواع من المحاصيل في تلبية متطلباتنا المتعلقة بإنتاجية المحاصيل مستقبلًا على مستوى العالم”. وأضافت جيسيكا: “علاوة على ذلك، تُعَد هذه المحاصيل ملائمة بصفة خاصة للمناطق التي تواجه ملوحة متزايدة في المياه الجوفية أو الحاجة إلى الري بمياه مالحة، وهما مشكلتان من شأنهما أن تخفّضا من عوائد معظم المحاصيل. إضافة لذلك، يمكن استخدام الكينوا لفصل الملح، ما يمنح المحصول مرونة مزدوجة في الأداء تتيح بدورها استخدامًا أكثر استدامة للتربة”.
يذكر أن المركز الدولي للزراعة الملحية في دولة الإمارات يقود برنامجًا عالميًا لزراعة الكينوا منذ عام 2007، يتم بموجبه إدخال هذا المحصول الجنوب أمريكي إلى الصحراء. ويتولى هذا البرنامج تقييم واختبار أداء أصناف الكينوا المزروعة في الظروف الصحراوية الصعبة للتأكد من إنتاجيتها، كما طور البرنامج خمسة أنواع جينية من الكينوا قادرة على تحمل الملوحة والحرارة والجفاف ويمكن اختبارها في مناطق بيئية زراعية أخرى. ‹‹‹ Read less
وقال جيفري: “شهد قطاع الزراعة تحولات لتحسين الإنتاجية في الماضي، بما في ذلك استخدام الآلات قبل الحرب العالمية الثانية وزراعة أصناف جديدة من المحاصيل بالإضافة إلى استخدام مواد كيميائية زراعية جديدة خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولكن من الجدير بالذكر أن إنتاج المحاصيل الهامة كالأرز والقمح في يومنا هذا، قد توقف عن الارتفاع في بعض الأجزاء من العالم التي تُزرَع فيها هذه الأصناف بكثافة، وهي ظاهرة تسمى استقرار الإنتاجية، حيث يقتضي تجاوز هذه الظاهرة استخدام تكنولوجيا محسنة”.
ويعتقد مارتن باري، أستاذ فخري بجامعة لانكستر، أن إحدى الطرق لتحقيق ذلك تتمثل في زيادة عمليات البناء الضوئي للمحاصيل الرئيسة كالقمح، حيث يُعَد البناء الضوئي مسؤولًا عن أكثر من 90% من كافة الكتل الحيوية على الأرض، ولكنه يغدو بلا فاعلية نسبيًا إذا تُرِك بمفرد،. ويُعزَى ذلك إلى طبيعة روبيسكو، وهو الإنزيم الذي يساعد في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى سكّر. يتفاعل إنزيم روبيسكو مع الأكسجين بدلًا من ثاني أكسيد الكربون في حوالي 20% من الوقت، ما يقلل معدل البناء الضوئي، ويعمل مارتن على تحسين خواص الإنزيم كعامل حفاز لزيادة معدلات البناء الضوئي، والتي تعني إنتاجية أفضل.
تعمل أماندا كافانا على نفس المفهوم مع جامعة إيسيكس ومعهد كارل آر. ووس للأحياء الجينومية، وتقول أماندا أن إنزيم روبيسكو يعاني صعوبة في التمييز بين ثاني أكسيد الكربون والأكسجين مع ارتفاع درجة الحرارة، وعندما يتفاعل إنزيم روبيسكو مع الأكسجين، يبدأ النبات في تنفيذ عملية تسمى التنفس الضوئي، وهي مرتفعة الكلفة وتقلل الإنتاجية إلى حدٍ كبير، ويركز البحث الذي تُجريه أماندا على التحكم جينيًا في عملية التنفس الضوئي هذه لمساعدة المحاصيل على تحمل الإجهاد الحراري والتخفيف من حدة الانخفاض في مستوى الإنتاجية.
وقد أثبتت أماندا صحة فكرتها في نبات التبغ، والذي يُعَد بمثابة مادة تجريبية شائعة، وذلك لسهولة العمل عليه وسرعة ظهور نتائجه. ويجري البحث حاليًا لاستخدام نفس التحكم الجيني في المحاصيل الغذائية كالبطاطس وفول الصويا.
وقال شانغتشيري ريمي، مؤسس شركة ماي فارمينغ دايز للتزويد بالخدمات الزراعية، أن الإمارات تخطط إلى الاعتماد في المستقبل على الزراعة التي تزخر بالتكنولوجيات المبتكرة والمحاصيل المتنوعة والقوة العاملة المتمتعة بالمهارة:
وقال شانغتشيري في منشور عبر منصة لينكد إن: “كان المشهد الزراعي في الإمارات مرادفًا على مدى قرون للنخيل ورقع واسعة من الرمال، وفي الوقت الذي لا تتغير فيه العلاقة الوطيدة بين التمر والتراث الإماراتي، فإن القصة تتغير، حيث شهد القطاع الزراعي بالإمارات نموًا مبهرًا خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2023 وحده، ساهم القطاع بمبلغ 3.5 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي، فقد أثر التركيز الاستراتيجي على التنوع والنطاق الواسع من المحاصيل والتكنولوجيات، على هذا النمو. هذا يعني بأن الرؤية المستقبلية واضحة: دولة الإمارات التي يقف فيها النخل شامخًا جنبًا إلى جنب مع البيوت البلاستيكية المليئة بمختلف أنواع الخضروات والمزارع السمكية التي تقع في الصحراء ومزارعين مَهَرة يحققون أكبر قدرٍ من الاستفادة من التكنولوجيا في زيادة الإنتاجية إلى أقصى حد ممكن”.
وعلى الرغم من الإمكانيات المحسَّنَة للتكنولوجيا، فإن فريقًا من الباحثين يشمل كين جيلر من جامعة فاخينينجن يشير إلى أن أنظمة الزراعة حول العالم تخضع لهيمنة المزارع العائلية الصغيرة، إذ يُصنَّف ما يزيد عن 70% من المزارع في الهند وأفريقيا كمزارع “فائقة الصغر”، حيث تقل مساحة المزرعة الواحدة منها عن 0.5 هكتار، وتقول كين أن الزراعة المستقبلية قد تتطلب عكس التوجه العالمي نحو التخصص المتزايد، والتوجه بدلًا من ذلك إلى الجمع بين نشاطي الزراعة وتربية الماشية في مزرعة واحدة خاصةً بسبب المرونة التي يتيحها هذا الخيار:
وقالت كين: “ستظل المزارع العائلية الصغيرة مصدرًا هامًا للغذاء والدخل وشبكةً للأمان الاجتماعي في غياب تأمين بديل لمصدر الرزق. ولكن يبدو المحرك الزراعي للنمو معطلًا، في ظل الإمكانيات المحدودة التي لا تتيح لهذه المزارع الصغيرة أن “تتوسع”.
وتراود ويليام كلاين، الباحث الأول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، الشكوك أيضًا فيما يتعلق بقدرة التطورات التكنولوجية على تقديم الحل الناجع للمشكلة:
قال ويليام: “ثمَّة من يجادلون بأن التغير التكنولوجي المتسارع سيرفع الإنتاجية الزراعية إلى حدٍ هائل بحلول نهاية هذا القرن وعلى نحو سيكون أكثر من كافٍ لتعويض وبسهولة أي خفض في الإنتاجية بسبب الاحتباس الحراري العالمي، ولكن التغير التكنولوجي دواء مزيف”.
يحارب المزارعون أو علماء النبات وأي طرف معني بعملية إنتاج غذاء يكفي عدد السكان المتزايد، تحديات صعبة ضمن عملية مواجهة التغير المناخي، وستحتاج الزراعة المستقبلية، وهي وسيلتنا الراهنة للتعامل الصحيح مع مشكلة نقص الغذاء، إلى إعادة تصور- وبشكل فوري.

قنديل البحر
تُعَد التغيرات التي تسبب الإنسان في حدوثها في المحيطات أمرًا سيئًا للحياة البحرية، إلا أنه يمكن لقنديل البحر الاستفادة منها لأنه يفضل العيش في المياه الأكثر دفئًا، لأنها تساعده على زيادة عملية الأيض والنمو والتكاثر بصورة أسرع والحياة لفترات أطول. ويتزايد وجود قناديل البحر مع استمرار ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات، حيث يتجاوز عددها 300 نوع. وتقوم بعض المجتمعات بأكل قناديل البحر، لكن مع توافر المزيد من الكائنات الحية، فإن السكان حول العالم يتجهون لأكلها أيضًا. وتُعَد قناديل البحر غنية بالعناصر الغذائية وتتمتع بمذاق وقوام مشابهين لمذاق وقوام المحار.
الحشرات
تعتبر العديد من أنواع الحشرات غنية بالبروتينات والفيتامينات والمعادن وتتوفر كميات كبيرة منها، لذلك يتم تناولها كغذاء في مختلف أنحاء العالم، كما تتطلب زراعتها مساحات قليلة من الأراضي. إضافة لذلك، يمكن إطعام هذه الحيوانات على فضلات الفواكه والخضراوات. ويتوفر دقيق الجراد الغني بالبروتينات تجاريًا، إلا أن عامل الشعور بالاشمئزاز من أكل الحشرات لا يزال يمثل عقبة صعبة لبعض المستهلكين.
أعشاب البحر
تعتقد جيسيكا دافيز، من جامعة لانكستر البريطانية، أن أعشاب البحر ستكون الغذاء الرئيس في المستقبل، حيث ستتفوق على السوشي في أهميتها.
وقالت جيسيكا: “تُستَخدَم أعشاب البحر للاستهلاك الآدمي المباشر كخضراوات، كما تُستَخدَم في المطابخ الآسيوية كمصدر لإكساب الطعام نكهة وكذلك قوامًا أشد كثافة”.
تحتوي الطحالب غالبًا على كميات وفيرة من المعادن والفيتامينات، ويمكن زراعتها على نحو سريع ولا تتطلب استخدام أراض زراعية إضافية، “إنها الأعشاب البحرية “.
وعلقت جيسيكا قائلة: “على الرغم من الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها أعشاب البحر، إلا أن دراستها تظل إلى حد كبير قاصرة على اعتبارها مجرد غذاء احتياطي ولا تزال الأدوات الجزيئية المُتاحة حاليًا لدراستها وربما تنظيم استخدامها كغذاء قليلة نسبيًا”. واختتمت بقولها: “سيكون الاستثمار في تحديد خصائصها البيولوجية وتكاثرها ونموها وتطويرها مفيدًا لتعزيز الاستفادة من إمكانياتها وجعل أنواع الأحياء المائية مصدرًا غذائيًا تنافسيًا”.