تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
تصدر أدوية سيماغلوتايد وتيرزيباتيد، والتي تشمل أوزمبيك ومونجارو، الأخبار عالميًا، حيث يسعى مستخدميها إلى فقدان الوزن ويسعى الباحثون إلى إيجاد استخدامات جديدة ممكنة لهذه الأدوية.
ووفقًا لأحد الخبراء في الطب، تعتبر هذه الأدوية حلًا للبدانة ومدخلًا لفهمها كمرض أكثر من أنها نتيجة ضعف أو نقص في الإرادة.
يعد لويس جي. أرون، أستاذًا في البحوث الأيضية ومديرًا لمركز التحكم الشامل بالوزن في كلية ويل كورنيل للطب في الولايات المتحدة، حيث أمضى وقتًا طويلًا من حياته المهنية لدراسة السمنة.
وقال لويس: “عالج العلماء داء السمنة على مدى 20 عامًا مضت في الحيوانات والبشر باستخدام عامل نمو الأعصاب الذي ساهم إعطاؤه للمريض بانخفاض الوزن. وتبين أن هذا العامل تسبب في تكون أجسام مضادة في بعض البشر، لذلك تم إيقاف البحث.
ويجري في الوقت الحالي تطوير مركبات قد كانت في السابق مخصصة لعلاج المرض العصبي (لو غيريغ)، حيث ساهم استخدامها من قبل المرضى بفقدان الوزن ولم يستعيدوه على مدى فترة طويلة”.
ووفقًا لما قاله لويس، يرجع ذلك إلى أن هذه المركبات أدت إلى تكون أعصاب طبيعية وسليمة في جزء من الدماغ يُعرف باسم تحت المهاد (هايبوثلاموس)، مسؤولة عن تنظيم وزن الجسم. ويرى الباحثون أن عامل نمو الأعصاب حفز الخلايا الجذعية لهذه الأعصاب في الجزء التالف من الدماغ وأدى إلى إعادة بناء روابط الاتصال.
| تلف في الدماغ
ويقول لويس إن عملية اكتساب الوزن وفقدانه هي في واقع الأمر انعكاس لتلف في المسارات الموجودة داخل المخ والمسؤولة عن تنظيم الوزن. وأضاف: “يمكن تفسير ذلك بأن الدماغ يصبح أقل استجابة للهرمونات التي تتحكم في وزن الجسم”.
وذكر لويس أن السمنة كانت في الماضي تمثل مشكلة جسدية وحاول آنذاك أن يقنع خبراء السكري بأن التركيز على فقدان الوزن سيخفف من أعراض هذا المرض، إلا أن خبراء السكري ركزوا على انخفاض مستويات السكر في الدم ولم ينظروا لجوانب أخرى كفقدان الوزن.
دواء مستوحى من وحش
يُصَنَّف أكثر من 3 مليار شخص (حوالي 40 بالمئة من سكان العالم) كأصحاب أوزان مفرطة أو بدينين. ومن المتوقع ارتفاع النسبة بحلول عام 2035 لتتجاوز 50 بالمئة.
وقد تتغير تلك المعدلات رغم ذلك، بفضل سحلية.
حسنًا، بفضل وحش، لدقة أكثر. Read more›››
يقع الموطن الأصلي لوحش “جيلا” (وتُعرَف أيضًا باسم الهيلة)، وهي سحلية سامة جسمها مغطى بحراشف خرزية الشكل، جنوبي غرب الولايات المتحدة.
لا تتسبب لدغة الوحش جيلا عادةً في موت البشر، إلا أنها يمكن أن تسلل لهم شعورًا بالحرقان وآلامًا مبرحة وعدم ارتياح لعدة ساعات، وهذا هو ما دفع العلماء إلى دراسة سمها.
ويؤكد رونالد جينر، خبير دراسة السموم لدى متحف التاريخ الطبيعي بالمملكة المتحدة، أن استخدام السم لتطوير دواء هو ممارسة قديمة.
وقال رونالد: “كان سكان الهند القديمة، على سبيل المثال، معرضين لسموم الأفاعي، والتي تقوم بوظائف بيولوجية. لذا، لم يكن الاهتمام يقتصر على تحييد أثار تلك السموم فحسب، بل وإنما كان يشمل أيضًا استخدامها في علاج حالات أخرى”.
يُستخدم عقار بريالت، على سبيل المثال، والمستمَد من سم الحلزون المخروطي، لعلاج الآلام الحادة المزمنة من دون الخصائص الأخرى المتوافرة في الأدوية الأخرى.
وتستطيع سحلية وحش جيلا الاستمرار من دون طعام لفترات طويلة، وهي خاصية درسها الباحثون فقادتهم إلى اكتشاف هرمون “إكسندين -4″، وهو مماثل لهرمون “جي إل بي-1” الموجود في البشر، حيث ينظم الشهية ومستويات السكر في الدم بإفراز الإنسولين وإبطاء عملية هضم الطعام.
واستطاع العلماء بفضل أوجه التشابه بين “إكسندين -4” وهرمون “جي إل بي-1″أن يطوروا دواءً لعلاج النوع الثاني من داء السكري، والذي يعاني منه 422 مليون شخص على مستوى العالم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
تُعزَى فاعلية هرمون جي إل بي- 1 في فقدان الوزن إلى جعل مستخدميه يشعرون بالامتلاء لفترات أطول وتقليل الشعور بالجوع وزيادة الشعور بالشبع.
ويُعَد العقار الأصلي المُستوحى من الوحش جيلا، والتي غالبًا ما تعيش لشهور من دون طعام، ليس بجديد أيضًا، فقد اعتمدته إدارة الغذاء والدواء الأميركية في عام 2005 لعلاج النوع الثاني من داء السكري، ويحمل اسم ” إكسيناتيد”، بينما يباع باسم “بييتا”.‹‹‹ Read less
بدأ لويس عيادته لعلاج السمنة في عام 1987 بعد أن أظهرت دراسة أن رعاية مرضى البدانة هي الأكثر تكلفة، حيث بلغت تكلفة رعايتهم الصحية ضعف تكلفة رعاية المرضى الآخرين.
أظهر لويس اهتمامًا شخصيًا لمعرفة الأسباب وراء استمرارية معاناة المرضى من زيادة أوزانهم على الرغم من اتباع تعليمات الأطباء، خاصة أن العديد من أفراد أسرته يعانون من مشاكل في الوزن وأمراض أخرى مصاحبة لها.
تلقى لويس دعوة،، بعد حوالي عام من بدء برنامج السمنة الخاص به من قبل باحث في مستشفى جامعة روكفلر في نيويورك لزيارته في مختبره لرصد نتائج تجربة إزالة دم من جسد فأر نحيل وإعطائه لفأر آخر بدين. وكانت النتيجة أن وزن الفأر البدين قد انخفض خلال ثلاثة أيام إلى الحد الطبيعي. وبذلك، ساهمت تجربة هذا الباحث في اكتشاف اللبتين، أول هرمون يتم إنتاجه من الخلايا الدهنية.
وقال لويس: “أثبتت التجربة أن الجسم يحتوي على نظام يساهم في تنظيم الوزن، وبدلًا من إرجاع أسباب السمنة إلى كمية السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم والخارجة منه ونقص الإرادة، قد يعود سبب السمنة إلى نوع من المشاكل الهرمونية”.
وتحاكي هذه الأدوية الهرمونات الناتجة عند تناول الطعام.
وأضاف لويس: “يدخل الطعام إلى أمعائك، فتقوم الخلايا في الأمعاء بإفراز الهرمونات التي تُمتَص في مجرى الدم وتنتقل إلى الدماغ وتخبره بكمية الطعام التي تناولتها، لكن قد لا يستجيب الجسم لذلك بسبب مقاومته لبعض تلك الإشارات وعدم إنتاج هرمونات كافية. وفي هذه الحالة، تقوم هذه الأدوية بتعزيز فعالية “جي إل بي-1″،وهو هورمون يؤدي دورًا هامًا في تنظيم نسبة السكر في الدم، وبالتالي يمنحك شعور بالشبع لوقت طويل”.
| تغيير المفاهيم
يقارن لويس بين طريقة تفكير المجتمع بشأن السمنة وبين المفاهيم السابقة عن الاضطرابات الحادة في الحالة المزاجية كالقلق والاكتئاب، حيث كان يُعتقد أنه يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات التغلب عليها بسهولة من خلال ممارسة التمارين الرياضية وتغيير سلوكهم وسيشعرون بتحسن. ويرى لويس أن هذه الأدوية ستغير مفهوم المجتمع تجاه الأفراد الذين يعانون من السمنة والمتمثل بربط الأسباب بإرادة الشخص.
وقال لويس: “سيحدث ذلك قطعًا”.
وأضاف في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “ندرك الآن أنها مشكلة جسدية يمكن علاجها طبيًـا، حيث اعتاد الناس الذين يعانون من اضطرابات عقلية حادة أن يدخلوا مصحات، إلا أن تلك المصحات قد أُغلِقَت لأنه أصبح العديد من المرضى يُعالَجون طبيًا. وينطبق الأمر على مرضى الحالات العقلية الأخرى الذين تمت معالجتهم بالأدوية بشكل ناجح الأدوية. ويحدث الأمر نفسه الآن في علاج حالات البدانة”.
وتابع بقوله: “تُعَد أدوية فقدان الوزن المتداولة حاليًا بالأسواق البداية فقط”. يعمل لويس وفريقه على أدوية أخرى تهدف السماح للمرضى بفقدان المزيد من الأوزان باستهداف المزيد من الهرمونات.
يتميز أحد عقاقير سيماغلوتايد (متداول تجاريًا باسم أوزمبيك أو ويغوفي) بنجاحه في محاكاة هرمون واحد بينما يحاكي تيرزيباتيد (متداول باسم مونجارو) هرمونين. لذا، يُنظَر إلى مونجارو على نطاق واسع باعتباره أكثر فاعلية.
وتتمثل البراعة في إيجاد الدواء السليم الذي يناسب المريض من حيث فقدان الوزن وقدرة المريض على التعامل مع الآثار الجانبية. يستجيب كل شخص لهذه الآثار على نحو مختلف عن الآخر، والبعض قد لا يتحملها على الإطلاق. فعلى سبيل المثال، الآثار الجانبية لعقار مونجارو أقل من آثار أوزمبيك أو ويغوفي.
تفرض الكُلفة تحديًا أيضًا، ذلك أن العديد من شركات التأمين لا تغطي هذه العقاقير. وتتراوح كُلفة توريد أوزمبيك لمدة شهر من 935 إلى 1023 دولار.
تُقدر دراسة، أجراها باحثون بكلية ييل للصحة العامة في عام 2024، أن تعزيز الوصول لهذه الأدوية يمكن أن يساهم في إنقاذ حياة أكثر من 42,000 إنسان في الولايات المتحدة وحدها، بما في ذلك الأشخاص المصابين بالنوع الثاني من مرض السكر وغيره من المشاكل الصحية التي قد تتفاقم بسبب البدانة.
وقالت أليسون بي. جالفاني، باحثة مشاركة في الدراسة:”يمكن التوسع في الوصول إلى هذه الأدوية من خلال تحسين خيارات العلاج واتّباع الإجراءات الأساسية الهامة في الصحة العامة”.
| وماذا بعد؟
لا تقتصر المخاوف حيال العقاقير برغم ذلك على الكُلفة والآثار الجانبية، والتي تشمل الغثيان والتقيؤ واضطرابات الجهاز الهضمي، وإنما تتعلق أيضًا بما يحدث بعد فقدان الوزن.
موجز تاريخ أوزمبيك
تمت الموافقة على دواء أوزمبيك في عام 2017 لعلاج داء السكري وسرعان ما صار معروفًا بآثاره في فقدان الوزن. ويعمل أوزمبيك كمستقبل لهرمون “جي إل بي-1″، فيولد تجاوبًا معه ويحاكي تعامل الجسم مع هرمون “جي إل بي-1”. Read more›››
طُوِّر أوزمبيك لعلاج النوع الثاني من داء السكري، وأصبح بعد ذلك أداة لفقدان الوزن.
يؤثر سيماغلوتايد، وهو المكون الرئيس ضمن مكونات أوزمبيك، في الشهية ومستويات السكر في الدم وتركيب الجسم. يرفع سيماغلوتايد مستويات الإنسولين، وهو ما يؤدي إلى خفض مستويات سكر الدم (الجلوكوز)، ويقلل كمية السكر التي تجري في الدم نتيجة هضم الغذاء ويبُطئ عملية الهضم، ما يجعل مستخدم العقار يشعر بالامتلاء لفترة أطول.
ويُعَد أوزمبيك واحدًا من عقاقير عديدة متداولة بالأسواق وتحقق فقدان في الوزن بنسب تتراوح من 15 إلى 20 بالمئة، بحسب الجرعة وتجاوب المريض. ويُطرَح المزيد من هذه الأدوية في الأسواق لغرض فقدان الوزن أكثر منه لعلاج السكري.‹‹‹ Read less
كيف نُبقي على الوزن منخفضًا؟
يقول لويس أن تقليل الجرعات يُعَد خيارًا جيدًا لكن التوقف عن تعاطي تلك الأدوية يُنهي مفعولها. لذا، بدلًا من تعاطيها مرة واحدة أسبوعيًا، وهذا هو الشائع، يمكن تناولها مرة كل 10 أيام أو بصفة شبه منتظمة.
وقال لويس: “نقترب بمرور الوقت من الحصول على حلول أفضل وأفضل. يُفترض أن يتوفر فعليًا 24 مركّبًا في الأسواق خلال السنوات السبع المقبلة”.
يعمل الباحثون على عدد من الدراسات عن أدوية فقدان الوزن. يجمع عقار جديد بين سيماغلوتايد وكاجريلينتايد (وهو نظير يدوم طويًلا لهرمون الأميلين الذي يفرزه البنكرياس)، وسيتيح تعاطي جرعات أقل من سيماغلوتايد وتحقيق نتائج ملحوظة لفقدان الوزن تتراوح نسبها بين 25 و30 بالمئة.
ويتم حاليًا إجراء دراسات على دواء بيمفيدوتايد، والذي يجمع بين هرمون “جي إل بي-1” وهرمون الغلوكاغون. ويقول لويس أن هرمون الغلوكاغون يزيد معدلات الأيض ويخلص الكبد من الدهون ويرفع مستويات السكر في الدم. وعند مزج هرمون الغلوكاغون مع هرمون “جي إل بي-1” الذي يخفض مستويات السكر في الدم، فقد يؤدي هذا المزيج إلى فقدان المزيد من الوزن. ويمكن أن يتسم الدواء بميزة إضافية لأولئك الذين يعانون من مرض دهون الكبد.
ولا يزال أمام هذه الأدوية طريق طويل قبل أن تصل إلى الأسواق، ولكن فريق لويس يرى إمكانية طرح أحد الأدوية الجديدة، وهو محاكي لهرمون “جي إل بي-1″من إنتاج شركة إيلي ليلي، إضافةً إلى دوائين آخرين جديدين، بحلول نهاية عام 2026، كما سيتم إجراء المزيد من التجارب الطبية على أدوية جديدة في العام 2027.
وقال لويس: “سيكون الأمر مدهشًا”.
| تطبيقات أخرى
يبحث الأطباء تطبيقات ممكنة أخرى لهذه الأدوية، بينما يركز لويس على مرضاه المصابين بالبدانة. يصف بعض الأطباء هذه العقاقير لأمراض لا علاقة لها بالبدانة أو داء السكري. وكان التجاوب إيجابيًا.
تشير دراسة أجراها باحثون صينيون في عام 2022 ونُشِرَت في قاعدة بيانات “بابميد” للدراسات الطبية، إلى فاعلية الأدوية التي تحتوي على هرمون “جي إل بي-1” في علاج الحالات الالتهابية كأمراض القلب والأوعية الدموية وداء الصدفية.
وقال لويس: “توجد مستقبلات لهرمون “جي إل بي-1″في كرات الدم البيضاء، وتعتبر آلية مباشرة يمكن بها تقليل الالتهاب، حيث أنها مركبات فريدة مضادة للالتهابات”. غيرت هذه العقاقير حياة العديد من المرضى، لكنها تحتاج المزيد من البحث. ويوجه لويس رسالة إلى مرضاه الذين يعانون من السمنة، قائلًا: “ليست غلطتكم”.