تكنولوجيات جمع الماء تتيح للأفراد في المناخات الجافة إمكانية الحصول على مياه نظيفة›››
تشكيل الأمطار
تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانولتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب 21 مارس 2023
تعتمد ليندا زو، وهي باحثة من دولة الإمارات، على تكنولوجيا النانو لتطوير مواد جديدة واستخدامها في تلقيح السحب. وتُعرف عملية تلقيح السحب بأنها تكنولوجيا تغيير الطقس تساهم في تعزيز إنتاجية السحب للأمطار. وتحدثت الدكتور ليندا مؤخرًا إلى مجلة جامعة خليفة “ساينس آند تكنولوجي ريفيو” حول مشروعها البحثي ومستقبل تكنولوجيا تلقيح السحب.
ليندا زو، أستاذة في قسم هندسة البنية التحتية المدنية والبيئية في جامعة خليفة ورئيسة مختبر النانو والمياه. تم تعديل هذه المقابلة للتوضيح.
س: هل لك أن تشرحي لنا أساسيات تكنولوجيا تلقيح السحب وما يجب أن يعرفه الأفراد في هذا المجال؟
ج: عندما تصدر الشمس أشعتها تتبخر المياه على سطح الأرض ويرتفع البخار إلى أعلى إلى أن يتكاثف ويتحول إلى مطر أو ثلج.
ويتكاثف بخار الماء بوجود جسيمات صغيرة كالأنوية مكونًا أجزاء صغيرة من الرذاذ الذي يلتصق برذاذ آخر مشكلًا رذاذًا أكبر، ويستمر حجم الرذاذ بالنمو، حيث يكون حجم قطرات الماء عند وصولها إلى الجزء السفلي من الغلاف الجوي كبيرًا وثقيلًا جدًا تتساقط على شكل أمطار. وللأسف، لا يمكن الحصول على هذا النوع من الأنوية بشكل مستمر في الغلاف الجوي لعدم توفرها بشكل كبير، حيث أنها جسيمات تتكون بشكل طبيعي نتيجة رماد البراكين وجسيمات الغبار ، لكن لا يضمن ذلك توفرها وقت الحاجة إليها.
تحدث عملية تلقيح السحب عند نشر مواد اصطناعية عبر طائرات تحلق عند قاعدة السحب ومن ثم إطلاق المواد لتقوم التيارات الهوائية العالية بحملها وإدخالها في السحابة لبدء عمليات التكاثف وتحويل بخار الماء إلى قطرات بشكل اصطناعي.
س: ما مدى أهمية هذه التكنولوجيا للعالم؟
ج: قامت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بدراسة استقصائية خرجت من خلالها بتقرير يبين أن أكثر من 45 دولة تمارس نوعًا من أنواع تكنولوجيات تغيير الطقس، وتعتبر تكنولوجيا تلقيح السحب إحدى أهم تلك التكنولوجيات، بما في ذلك التقدم في المواد المستخدمة لتلقيح السحب والتي قد تساهم في مواجهة مشكلة نقص المياه عالميًا.
س: هل تسُتخدم تقنية تلقيح السحب بشكل أساسي في الدول الصحراوية فقط أم على نطاق واسع من الدول؟
ج: تعتمد تقنية تلقيح السحب بشكل كبير على التكنولوجيا، فهي تحتاج لسرب طائرات. وتعتبر دول كالولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وبعض الدول الأوروبية من الدول التي تعتمد هذه التقنية بشكل ملحوظ في مجال حماية المزروعات من التلف، وتستخدم روسيا هذه التقنية في الحد من تساقط البرد، أما الصين فتعاني من وجود مناطق جافة وتلجأ لهذه التقنية لحل المشكلة. وبما أن هذه العملية العلمية لم تشهد أية ابتكار وتطوير منذ عشرات السنين، فإن دولة الإمارات تساهم في الوقت الحالي في دفع عجلة الابتكار في هذا المجال من خلال برنامجها (برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار).
تساهم تقنية تلقيح السحب بزيادة معدلات الأمطار في منطقة ما، إلا أن معرفة الوقت المناسب والظروف الملائمة لتطبيق هذه التقنية تعد من الأمور الصعبة. Read more›››
ويرى الباحثون الذين حصلوا مؤخرًا على منحة مالية بقيمة 1.5 مليون دولار أمريكي من المركز الوطني للأرصاد في دولة الإمارات أنه يمكنهم التنبؤ بالظروف الملائمة لعملية تلقيح السحب باللجوء للذكاء الاصطناعي.
حصل لوكا ديللي موناشي، نائب مدير مركز الظروف الجوية الصعبة والمياه في المنطقة الغربية في معهد سكريبس لعلوم المحيطات التابع لجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، في شهر مارس الماضي على منحة مالية لمدة ثلاث سنوات من برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار لمشروعه الذي طوره بالاستعانة بنظام مختلط لتعلم الآلة يساهم في تعزيز عملية التنبؤ الفوري للقيام بعملية الاستمطار.
يتمحور دور عملية التنبؤ الفوري في علم الأرصاد الجوية حول التنبؤ بظروف الطقس والحالة الجوية في الوقت الحاضر أو في المستقبل القريب جدًا. وفي هذا الصدد، قام كل من الأستاذ إرنيستو دامياني والأستاذة الدكتورة ليندا زو والأستاذ حسام الحمادي، وجميعهم من جامعة خليفة، بجمع البيانات لتطوير نموذج أولي لنظام قائم على الذكاء الاصطناعي بهدف دمج البيانات والتنبؤ الفوري بالظروف الجوية.
وأكدت مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، علياء المزروعي، على أن هذا المشروع مكمل لدور المؤسسة المتمثل بتطوير تكنولوجيا الاستمطار وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز رئيس وبارز في بحوث الاستمطار ودعم العالم في التصدي للتحديات التي يفرضها نقص المياه النظيفة. ‹‹‹ Read less
س: يقودنا ذلك إلى السؤال التالي، ما المشكلات والقيود التي يسعى مشروعك لحلها؟
ج: تعتمد تقنية تلقيح السحب بشكل كبير يعتمد نوع المواد المتبعة في جميع أنحاء العالم على نسبة الرطوبة النسبية في الغلاف الجوي، ما يعني أن تلك المواد تنشط في ظروف عالية الرطوبة ولا فائدة من تلك المواد إن لم تتوفر الرطوبة. ولأنني أبحث في علوم التفاعلات بين المواد ونسبة الرطوبة في الغلاف الجوي، أجد أن هناك مجال للتحسين.
س: وهل يرتكز مشروعك على تغيير المواد المستخدمة في عمليات تلقيح السحب؟
ج: نعم، يتضمن مشروعي البحثي ثلاث أفكار بحثت فيها بشكل متعمق وتحققت من صحتها. تكمن الفكرة الأولى في تغيير سطح المادة لتصبح أكثر تفاعلية لتتمكن من تأدية وظيفتها في نسب رطوبة منخفضة نسبيًا، فبدلًا من 75% أو أعلى يمكن أن نستخدمها اليوم في درجة رطوبة 65%.
ولتحقيق ذلك، استعنا بتكنولوجيا النانو لهندسة مادة تنشط في نسب رطوبة واسعة النطاق لأن طبيعة المادة المسامية تسهل سيلان الماء مشكلة بذلك قطرات أكبر حجمًا، الأمر الذي سيساهم في نجاح هذه العملية.
ثانيًا، تم ابتكار نمط حيوي مائي وغير مائي في المادة لتعزيز التفاعل مع بخار الماء. وثالثًا، تم تطوير مادة نانوية مسامية ثلاثية الأبعاد لتعزيز نمو الأنوية الجليدية وبالتالي تحسين عملية تلقيح السحب في السحب الباردة.
س: قد تكون مواد تلقيح السحب القائمة على التكنولوجيات القديمة ضارة بالبيئة، هل هذه مشكلة أخرى تسعين لحلها؟
ج: توجد أنواع مختلفة من مواد تلقيح السحب المستخدمة، حيث يتم استخدام العديد من أشكال الجسيمات الملحية للسحب الدافئة وآثارها البيئية لا تشكل ضررًا، لكن بالنسبة ليوديد الفضة الذي يُستخدم للسحب الباردة والجليد وصنع الثلج قد يساهم في ظهور بعض الآثار السامة. لذلك، لم أقم باستخدام يوديد الفضة في مشروعي البحثي لأني أسعى إلى تصميم مواد جديدة بعيدًة عن المواد التي يمكن أن تسبب أضرارًا.
ذات صلة: Climate change promises uncharted waters for scientists studying atmospheric rivers
س: استعنت بمواد تقوم على فكرة التكيف الطبيعي عند الكائنات الحيوية، ما أهمية الاستعانة بالطبيعة لحل المشكلات؟
ج: شهدت الطبيعة تطورًا خلال ملايين السنين وكل نظام حيوي متطور اليوم ما هو إلا نتيجة هذا التطور، حيث تساهم أدوات التحليل الحديثة في تمكين الباحثين من دراسة تفاصيل علم الأحياء على المستوى الكيميائي الحيوي وتعزيز فهمهم لآلية العمل، كما ساهمت المعرفة المكتسبة حديثًا في تعزيز قدرتنا على محاكاة الآلية الحيوية في مجال تصميم مواد نانوية. وبالرغم من عدم مقدرتنا على تكرار تلك الآليات بشكل تام، يمكننا في هذا الإطار أن نستمد الأفكار ونتعلم المبادئ.
بدأت عمليات الاستمطار في دولة الإمارات في التسعينات، حيث تم تطويرها بالتعاون مع مؤسسات دولية كوكالة الفضاء الأمريكية ناسا والمركز الوطني للبحوث الجوية. Read more›››
ووفقًا لبرنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، تحظى دولة الإمارات اليوم بأكثر من 60 محطة جوية وخمس طائرات متخصصة في مجال تلقيح السحب وشبكة رادارات متكاملة.
تشمل فوائد بحوث تلقيح السحب أيضًا زيادة مستوى فهم الفيزياء الدقيقة للسحب وديناميكياتها والديناميكيات الحرارية، وهي سلسلة فيزيائية من الأحداث التي تؤدي إلى تشكل السحب وهطول الأمطار، إضافة لفهم آلية تفاعل أنوية تكاثف السحب والأنوية الجليدية مع السحب.
ساهمت البحوث في الحصول على مواد تلقيح السحب المحسنة وأساليب مطورة، إضافة لتعزيز دور علماء الأرصاد في التنبؤ بالأحوال الجوية الراهنة والمستقبلية. ‹‹‹ Read less
س: ما هي أكبر التحديات في مجال تلقيح السحب؟
ج: تكمن إحدى المشكلات الرئيسة في مجال تلقيح السحب في العمليات التي تُنفذ جميعها في ظروف مناخية مفتوحة والتي لا يمكن التحكم التحكم فيها في إطار نظام مغلق.
ثانيًا، تختلف طبيعة السحب عن بعضها كما أنها جميعها متنوعة ولا يمكن التنبؤ بها، مما يصعّب تقييم الآثار الناجمة عن تلقيح السحب، لكن في حال تزايد فعالية المواد المستخدمة تكون احتمالية النجاح أكبر بغض النظر عن الظروف التي تشهدها السحب.
س: تركز بعض بحوثك على الجليد والثلج بدلًا من المطر، كيف تختلف هذه المنهجيات عن بعضها؟
ج: تختلف هذه المنهجيات في بعض المناطق وتتشابه في مناطق أخرى، حيث تصل درجة حرارة السحب التي تتشكل على بعد آلاف الأمتار عن سطح الأرض إلى ما دون الصفر ويكون الهطول في تلك الارتفاعات جليدًا، وعند سقوط الجليد في مناطق باردة فإنه يتحول إلى ثلج وإذا سقط في مناطق حارة كدولة الإمارات فإنه يذوب مشكلًا مطرًا.
وتتوفر العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها في مجال السحب التي تصل درجة حرارتها إلى ما دون الصفر والتي لها ظروف مختلفة، فعندما تتبخر المياه تدخل إلى السحب الباردة وتملأها بمعدل رطوبة نسبي يزيد عن 100%، وفي نفس الوقت تحافظ على حالتها كبخار ماء شديد البرودة. وفي هذه المرحلة، إذا التقى البخار شديد البرودة بنواة جليدية مناسبة تتكون حينها بلورات الجليد وتنمو بشكل سريع لتكون كتلة جليدية كبيرة.
وبحثت أيضًا في مجال تطوير هذا النوع من الأنوية الجليدية التي غالبًا ما تتكون من يوديد الفضة، وقد يرجع ذلك إلى الفرضية التي تقر بوجود شبه بين طبيعة هيكل الأنوية الجليدية البلورية والجليد، حيث يصعد البلور الجليدي فوق بعضه البعض نظرًا لتطابق أطرها البلورية المتشابكة. وبذلك، تختلف آلياتها بشكل كبير عن الرذاذ.
تحدثنا سابقًا حول يوديد الفضة ومشكلاته وعدم توفر الكثير من البدائل، لكن قمت بتصميم مادة بديلة قادرة على تكوين ثلج اصطناعي في منتجعات التزلج ويمكن الاستفادة منها في التجارب المتعلقة بالغرف السحابية.
س: هل يمكن أن تصفي لنا المادة؟?
ج: تتميز مادة تلقيح السحب الجديدة بشكلها الصدفي وتتكون نواتها من كلوريد الصوديوم ومغطاة بجسيمات التيتانيا النانوية، حيث يساهم هذا التركيب في توفير الأثر التبادلي خلال التكاثف في مستويات رطوبة أقل نسبيًا وتشكيل رذاذ أكبر حجمًا، وهما فائدتان هامتان لزيادة احتمالية سقوط الأمطار.
س: هل سيُستخدم هذا النوع من التكنولوجيا للتحكم في الأحوال الجوية غير المرغوب بها كالحد من البَرَد مثلًا؟
ج: نعم، ذلك هو الحال في بعض الدول الأوروبية لحماية القطاع الزراعي من الظروف الجوية السيئة كالبَرَد والصقيع.
س: في رأيك، ما هو الأثر الذي ستتركه تكنولوجيا تلقيح السحب على تغير المناخ؟
ج: هذا سؤال مهم جدًا، تقع عملية تلقيح السحب ضمن النطاق الأوسع لاستراتيجيات تغير المناخ، فإذا حصلنا على أمطار كثيرة من خلال تلقيح السحب، سيساهم ذلك في تبريد الجو وسد النقص في خزانات المياه الجوفية وسيقل الطلب على أجهزة تكييف الهواء وعلى عمليات التحلية، وهي آثار إيجابية وفعالة بشكل كبير.
س: ما هي المرحلة القادمة؟ ما هو التطوير المقبل؟
ج: تتمحور الخطوة التالية في تطوير الإنتاج الذي من شأنه توفير المزيد من مواد تلقيح السحب. وبعيدًا عن الطائرات، يمكن إطلاق المواد عبر وسائل عديدة تشمل البالونات والطائرات بدون طيار، كما يمكن الاستفادة منها في تطبيقات جمع المياه السطحية كشبكات جمع المياه.
س: هل هناك معلومات أخرى لم نغطيها وتودين ذكرها؟
ج: أثمن دور برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار الذي وفر لنا الدعم المالي اللازم للمشروع البحثي الذي ستعم فائدته على الجميع. من ناحية أخرى، نسعى إلى تحويل المواد الجديدة إلى منتج على نطاق تجاري واسع ليشمل أكبر قدر ممكن من التطبيقات، وقد بدأنا العمل على ذلك ويحتاج لدعم القطاعين الحكومي والصناعي في هذا الجانب لأنه إذا نجحت هذه التكنولوجيا على المستوى التجاري ستستفيد منها العديد من الدول.
احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا