المصدر: Pixabay

شهدت السياحة إلى الفضاء إقبالًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من قبل عدد محدود من الأفراد المتخصصين، في حين نقف ثابتين على سطح الأرض. لكن تخيل أن تكون إجابة السؤال عن وجهتك القادمة لقضاء الإجازة هي “مدار الأرض المنخفض”.

شهدت السياحة إلى الفضاء إقبالًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من قبل عدد محدود من الأفراد المتخصصين، في حين نقف ثابتين على سطح الأرض. لكن تخيل أن تكون إجابة السؤال عن وجهتك القادمة لقضاء الإجازة هي “مدار الأرض المنخفض”.

يبدو ذلك خيالًا علميًا أو شيئًا قد يتحقق بعد سنوات طويلة، إلا أن السياحة في الفضاء ليست أمرًا جديدًا.

كان الروس أول من تمكن من تحقيق ذلك في العام 2001، حيث اصطحبوا معهم المليونير الأمريكي “دينيس تيتو” إلى محطة الفضاء الدولية لمدة أسبوع من خلال التعاون ما بين شركة سياحة الفضاء الأمريكية “سبيس آدفنتشرز” ووكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) لتحقيق ذلك.

ووفقًا لما قاله دينيس تيتولشبكة الأخبار (سي إن إن): “بلغت أسعار الرحلة والإقامة 20 مليون دولار أمريكي، وكانت الزيارة تستحق ذلك. شعرت بسعادة كبيرة جدًا، فقد كانت أجمل لحظة في حياتي حققت فيها هدفي في الحياة ولا شيء يمكن أن يضاهي هذا الشعور أبدًا”.

تعود نشأة المشروع بأكمله إلى حلم دام مدى الحياة وإلى حاجة روسكوسموس إلى ضخ الأموال، حيث أرسلت وكالة الفضاء الروسية 6 رحالة إلى الفضاء في العقد الأول من الألفية. وبعد أن قامت بزيادة عدد رواد الفضاء وزيادة فترة مهمات الاستكشاف على متن محطة الفضاء، تم إلغاء جميع الرحلات السياحية إلى الفضاء.

ذلك أن محطة الفضاء الدولية محجوزة بالكامل.

الصورة:آنا هازلت، مؤسسة ورئيسة شركة أزور إكس المصدر: أزور إكس

وفي هذا الصدد، قامت روسيا في العام 2018 بالانخراط مجددًا في رحلات الفضاء والنظر فيها مرة أخرى للتوصل إلى حل يتضمن زيارة اثنين من الرحالة المغامرين إلى محطة الفضاء الدولية.

أما وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، فلم تبد أي رغبة في اصطحاب المواطنين إلى الفضاء ووجهت أنظارها إلى تحسين محطة الفضاء الدولية. وفي العام 2020، منحت ناسا عقدًا لشركة أكسيوم، المتخصصة بتطوير البنية التحتية في الفضاء في الولايات المتحدة، بهدف تطوير وحدة سكنية صالحة للعيش يتبعها ثلاث وحدات إضافية. وعندما يتم إيقاف تشغيل المحطة، تنفصل هذه الوحدات عنها وتندمج مع بعضها لتشكل محطة فضائية جديدة منفصلة للزائرين. لكن لا تتمتع وكالات الفضاء الحكومية بهذه الامتيازات.

قالت آنا هازلت، مؤسسة ورئيسة شركة أزور إكس، وهي شركة استثمارية واستشارية تركز على الجهات التجارية الخاصة التي تهدف إلى اصطحاب عملائها إلى الفضاء: “نلاحظ وجود المزيد من الدول التي تسعى إلى تطوير برامجها الخاصة بالرحلات السياحية إلى الفضاء”.

تلعب الشركات الخاصة في هذا المجال دورًا هامًا من خلال إيجاد الفرص للأشخاص الذين لديهم الشجاعة والقدرة المادية على السفر إلى الفضاء.

وأشارت آنا إلى وجود مجموعة من الخيارات للسائحين المسافرين إلى الفضاء عن طريق الشركات الخاصة، حيث تتنوع تلك الخيارات ما بين الصعود على متن منطاد بطيء ومنخفض والصعود في رحلة قصيرة وسريعة على متن صاروخ والقيام بتجربة مدارية عن طريق زيارة محطة الفضاء الدولية.

وتعتبر الشركة الأمريكية (سبيس بيرسبيكتف) واحدة من العديد من الشركات التي توفر رحلات مريحة إلى الفضاء، حيث يصل ارتفاع المنطاد فيها إلى 700 قدم ويمكنه الطيران إلى ارتفاع 30 كيلو متر فوق سطح الأرض ويمضي المسافرون من خلاله ساعتين في الصعود إليه وساعتين للاستمتاع بمشاهدة الفضاء وساعتين للهبوط إلى الأرض. وقد تم تحديد موعد رحلته الأولى إلى الفضاء في نهاية العام 2024 بسعر 125,000 دولار أمريكي.

وتوفر الشركات الأخرى، كشركة (وورلد فيو) في ولاية أريزونا الأمريكية، رحلات إلى الفضاء عبر المنطاد بقيمة 50,000 دولار أمريكي، وتختلف التجارب عن بعضها اعتمادًا على التكلفة. وتؤكد آنا على أن المناطيد تساهم في استقطاب اهتمام المستهلك، وعلقت: “سيتم عقد العديد من الشراكات والتعاونات مع شركات الإعلام والضيافة والإنتاج الموسيقي لإقامة الفعاليات والأنشطة داخل هذه المناطيد الكبيرة على ارتفاعات عالية”.

CAPTION:تكشف وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات عن آليات لتطوير قطاع الفضاء. من اليسار إلى اليمين: معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم ومعالي عبدالله بن طوق، وزير الاقتصاد وفهد المهيري، الشريك الاستراتيجي في “أزور إكس” وإريك واغنر، مدير “بلو أوريجن” وبرينت شروود، نائب رئيس أول في “بلو أوريجن” وآنّا هازلت، مديرة “أزور إكس” وممثلة عن “بلو أوريجن” في منطقة الشرق الأوسط. الصورة وام

وعلى صعيد آخر، وفيما يتعلق قطاع سياحة الفضاء توجد رحلة إلى الفضاء بواسطة مركبة فضائية أو صاروخ فضائي، حيث يمكن للمسافرين عبرها الاستمتاع بانعدام الوزن لبضع دقائق قبل رجوعهم إلى كوكب الأرض. وتعد الرحلة شبه المدارية أسرع نوعًا ما مقارنة بغيرها من رحلات الفضاء، حيث ستؤثر بشكل كبير على محفظتك الاستثمارية، خاصة وأن تكلفة 11 دقيقة من هذه الرحلة تبلغ 450,000 دولار أمريكي.

توفر شركتا (فيرجين غلاكتك وبلو أوريجن) رحلات شبه مدارية سريعة، حيث واجهت فيرجين غلاكتك العديد من التحديات ليتسنى لها إرسال طائراتها إلى الفضاء وتمكنت بلو أوريجن من التقدم في هذا السباق ونقل 31 مسافرًا إلى الفضاء ما بين العامين 2021 و2022.

وهناك تجربة مدارية مطلقة تتمثل بالبقاء على متن محطة الفضاء الدولية، حيث تمكنت شركة (سبيس إكس) في العام 2022 من نقل ثلاثة سائحين إلى محطة الفضاء الدولية لمدة 10 أيام بسعر وصل إلى 55 مليون دولار أمريكي لكل سائح، شاملًا وجبات الطعام.

وأكدت آنّا على أنه يومًا ما سيكون هناك المزيد من الخيارات للسفر إلى الفضاء بأسعار معقولة للأفراد ذوي الدخل المحدود، ولا يعني ذلك زيارة فندق جيف بيزوس في مدار الكرة الأرضية المنخفض لكن سيتمكن المسافرون من الاستمتاع بتجربة السفر للفضاء إلى حد ما. فإذا أردت أن تحظى بلقب رائد فضاء، يجب عليك أن تقطع مسافات طويلة.

ويحظى بلقب رائد فضاء كل من قطع خط كارمان، وهو حد معتمد دوليًا يفصل ما بين الغلاف الجوي للكرة الأرضية والفضاء الخارجي، ويصل ارتفاعه إلى 100 كيلو متر عن مستوى سطح البحر ويعتبر نقطة البداية إلى الفضاء.

ووفقًا لوجهات نظرك الشخصية، سواء أنفقت القليل من المال أو ثروة كبيرة للسفر إلى الفضاء سيلازمك لقب رائد فضاء في سيرتك الذاتية. وإذا كان الوصول لخط كارمان يتطلب منك أكثر من قدرتك الاقتصادية، ستضطر لاختيار رحلات أخرى متاحة لنسبة 1% من سكان الكرة الأرضية.

وتركز وسائل الإعلام على أبرز الشركات في مجال سياحة الفضاء كشركة بلو أوريجن وسبيس بيرسبيكتيف، في الوقت الذي تقوم به شركة أزور إكس بتحسين عمليات التطوير التجاري.

CAPTION:مركبة “نيو شيبرد” في موقع الإطلاق الأول (إل إس-1) شمال مدينة فان هورن في ولاية تكساس. وتسعى شركة “أزور إكس” إلى إنشاء موقع إطلاق ثانٍ في دولة الإمارات. لصورة بلو أوريجن

وأضافت آنًا: “تتحمل الشركة مسؤولية أي شيء يتعلق بتطوير السياسات والاستراتيجيات وفقًا لاستراتيجيات السوق وتنفيذها ومسؤولية التطوير التجاري والمبيعات، حيث نعتبر الذراع الأساسي لعملائنا وشركائنا من خلال مجموعة الأنشطة التجارية التي نقوم بها ونقدمها لعدد كبير من شركات الفضاء والأقمار الصناعية”.

فإن كنت تسعى لتأسيس منصة إطلاق في دولة ما، فإن الشركة قد تساهم بدور بارز في مراقبة المهمة.

CAPTION: جيف بيزوس، مؤسس شركة “بلو أوريجن”، يقف أمام مركبة السياحة الفضائية، نيو شيبرد، التي تم صنعها في الشركة.
الصورة: Getty Images

وتعتبر دولة الإمارات خير مثال على ذلك، حيث تقوم حاليًا شركة أزور إكس في دبي بالتعاون مع شركة بلو أوريجن، التي يملكها جيف بيزوس، ودولة الإمارات بتعزيز مستويات الشراكة بينهم في مجال سياحة الفضاء، لا سيما أن التخطيط والإعداد اللوجستي لا يزال في مراحله الأولى.

وعلى الرغم من آنّا لم تكن قادرة على توفير معلومات قطعية حول هذه الشراكة، تمكنت مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا من الحصول على نظرة خاطفة حول هذا الموضوع.


وتطمح آنّا بأن تساهم جميع خيارات سياحة الفضاء التي تم ذكرها سابقًا في تعزيز برنامج السياحة في الفضاء في دولة الإمارات وجعله أكثر شمولية، وقالت: “أتطلع لرؤية البرنامج الذي سيشكل امتدادًا للسياحة في دبي وجميع الرفاهيات التي تعزز مكانة دولة الإمارات.

ستختلف الطموحات عن تلك التي اعتدنا عليها في هذا العالم، حيث ستتنوع الرفاهية ما بين الإقامات الفارهة ومراكز تدريب رواد الفضاء إلى مكان يمكن لعائلة سائح الفضاء وأصدقائه زيارته والحصول على جزء من التجربة.

ومع اقتراب تاريخ إيقاف تشغيل محطة الفضاء الدولية، والمقرر في العام 2030، تسعى الشركات الخاصة لإنشاء مساكن جديدة في مدار الأرض المنخفض للسياح الفضائيين. وأشارت آنا إلى ضرورة خفض التكلفة في هذا المجال، نظرًا لزيادة عدد الأماكن والوجهات وارتفاع حجم النمو في القطاع.

وأعرب الدكتور محمد المعري، مدير مركز الفضاء وعلوم الكواكب في جامعة خليفة، عن تفاؤله حيال مستقبل صناعة السياحة الفضائية، قائلًا: “لاحظنا، من خلال مشاريع أخرى عبر التاريخ، انخفاض التكلفة بشكل ملحوظ نتيجة تزايد الطلب في السوق والذي يعزز روح المنافسة. وعندما نمعن النظر في تاريخ الرحلات التجارية، سنجد أن التنافس في إرضاء العملاء سيؤدي إلى انخفاض التكلفة. وفي هذا الإطار، نسعى لأن يحظى قطاع سياحة الفضاء بالاهتمام الكافي ليتسنى لنا الحصول على المزيد من الخيارات المناسبة اقتصاديًا”.

تشير التقديرات في مجلة “فيوتشر ماركت إنسايتس” إلى أن سوق سياحة الفضاء سيصل إلى 683.5 مليون دولار أمريكي في نهاية العام 2023 و13.2 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2033.

انضم لقائمتنا البريدية

احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا