تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
كتب الممثل والكوميديان والمؤلف الإنجليزي ذو المواهب المتعددة، روان أتكينسون، في يونيو 2023، مقالةفي صحيفة “ذا غارديان” البريطانية شكك من خلالها بالفوائد البيئية للمركبات الكهربائية التي تعمل باستخدام بطاريات أيونات الليثيوم.
يسهل تفنيد الحُجَج والدراسات التي استند إليها أتكينسون، إلا أنه طرح وجهة نظر صحيحة هذه المرة تنادي بالمزيد من التركيز على المركبات التي تستمد الطاقة من الهيدروجين.
لا يزال الوقت مبكرًا جدًا للحديث عن المركبات التي تعمل بالهيدروجين، حيث لا يوجد حاليًا سوى 72 ألف مركبة فقط من هذا النوع على كوكب الأرض. ويبدو هذا الرقم بالتأكيد ضئيلًا للغاية إذا ما قورن بــ 14 مليون مركبة كهربائية بيعت على مستوى العالم خلال العام الماضي فقط. ولا يتناقض ذلك مع حقيقة غير قابلة للجدال مفادها أن المركبات التي تعمل بالهيدروجين ستكون واحدة من أهم وسائل النقل خلال الفترات المقبلة.
وبدأت شركة انتليجينت إينرجي الناشئة التي يقع مقرها الرئيس في مقاطعة لسترشير البريطانية بطرح وحدات خلايا الوقود الهيدروجيني قادرة على تزويد السيارات والشاحنات والحافلات بالطاقة. واستثمرت شركة بي إم دبليو لصناعة السيارات على نحو مكثف في المركبات التي تعمل بالهيدروجين، وبدأت في تسليم سيارتها الهيدروجينية (آي إكس-5) إلى عدد محدود من شركائها في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا. وبينما نتطلع إلى مستقبل المركبات الهيدروجينية، فثَمَّة اهتمام متزايد أيضًا باستخدام الهيدروجين كوقود في مجال الطيران.
وتُعَد صناعة الطيران عنصرًا حيويًا من عناصر قطاع النقل على مستوى العالم، حيث يساهم الطيران بقوة أيضًا في النمو الاقتصادي العالمي، إلا أنه يثير مشكلة كبيرة بسبب اعتماده الكثيف على الوقود الأُحفوري، وبالتالي مساهمته في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
مدثر أحمد ياتو
—حاصل على درجة الدكتوراه وباحث مشارك في إدارة المواد بكلية إمبريال كوليدج لندن ومستشار مستقل لدى شركة آوت سمارت إنسايت
وقد برز استخدام الهيدروجين كوقود باعتباره حلًا واعدًا للتصدي لهذه التحديات.
وتُعَد القدرة التي يتمتع بها الهيدروجين في تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة أحد الدوافع الأساسية للبحث في إمكانية استخدامه كوقود في صناعة الطيران، إذ أنه لا يُنتِج عند احتراقه سوى بخار الماء فقط كُمنتَج ثانوي، ما يعني أنه يمهد الطريق نحو تخفيف البصمة الكربونية الناجمة عن صناعة الطيران.
يجلب استخدام الهيدروجين كوقود في صناعة الطيران مزايا تشمل الاستدامة البيئية وكفاءة الطاقة وتعددية الاستعمالات فيما يتعلق بالإنتاج والقابلية للتوسع والتكامل مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى كطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
تُعَد خلايا الوقود وأنظمة تخزين الهيدروجين تكنولوجيتين قادرتين على تزويد مجال الطيران التجاري باحتياجاته من كثافة الطاقة والقدرة الناتجة.
وتمثل القدرة على تخزين كميات كبيرة من الطاقة في حيز ضئيل عاملًا حيويًا للرحلات الجوية ذات المسافات الطويلة والحمولات الثقيلة، حيث يبلغ محتوى الطاقة لكل وحدة كتلة من الهيدروجين 120 ميجا جول/ كيلوجرام، وهو الأعلى، إلا أن كثافة طاقته الحجمية منخفضة جدًا بسبب الانخفاض الاستثنائي في كثافته في درجات الحرارة وظروف الضغط الجوي العادية.
وتساهم التطورات التي تجري في تكنولوجيات خلايا الوقود ووسائل التخزين في تعزيز جدوى الاستفادة من الهيدروجين كوقود في مجال الطيران التجاري، على الرغم من كون كثافة الطاقة لكل وحدة حجمية في الهيدروجين أقل منها في الأنواع الأخرى من وقود المحركات النفاثة.
ولكن تبقى هناك تحديات هامة تتعلق بالبنية التحتية والتطور التكنولوجي والسلامة.
ويُعَد تأسيس بنية تحتية قوية للهيدروجين، بما في ذلك ضمان توافره في المطارات على مستوى العالم، تحديًا رئيسًا ضمن هذه التحديات.
وفي هذا السياق، يعتبر تطوير البنية التحتية الخاصة بتخزين ونقل وإعادة التزود بالهيدروجين ودمجها في المطارات الحالية أمرًا في غاية الأهمية.
يتطلب الهيدروجين عناية كبيرة في التعامل معه لضمان السلامة بسبب سرعة اشتعاله. وتتمثل الطريقة السليمة لمعالجة هذه المخاوف في اتخاذ تدابير السلامة الكافية واتباع التعليمات وتعلُّم الدروس من التطبيقات الحالية المتعلقة باستخدام الهيدروجين.
لذلك، يتعين منح الأولوية للتصدي للمخاوف المتعلقة بالسلامة وتعزيز الوعي العام بشأن استخدام الهيدروجين كوقود في مجال الطيران.
إضافة لذلك، يقتضي الأمر تضافُرًا في الجهود وتعاونات بين المؤسسات الحكومية والجهات المعنية بالصناعة والمؤسسات البحثية.
ولا يزال الطريق طويلًا قبل أن نصل إلى صناعة طيران تعتمد على الهيدروجين كوقود، إلا أن الدعم المتمثل في السياسات الحكومية والتمويل مع التركيز على تحقيق الأهداف المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية من شأنه أن يوفر حافزًا جيدًا للإسراع في تنفيذ هذا التحول الهام.
مدثر أحمد ياتو، حاصل على درجة الدكتوراه وباحث مشارك في إدارة المواد بكلية إمبريال كوليدج لندن ومستشار مستقل لدى شركة آوت سمارت إنسايت.