تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
تعتبر الإجابة على أمر ما بصيغة الرفض أسلوبًا غير مرغوب به على الإطلاق، إلا أننا قد نلجأ لاستخدامه بين الحين والآخر لأسباب عديدة. ويؤثر التنوع الثقافي بين المتحدثين على طريقة الاستجابة للرفض، فقد لا يتأثر أحد المتحدثين بالرفض في حين أن متحدث آخر قد يشعر بالاستياء حيال ذلك.
قام باحثان من جامعة خليفة وهم، الدكتور تانجو ديفيسي، أستاذ مشارك في قسم اللغة الإنجليزية والدكتورة جيسيكا مدراج، وهي أيضًا أستاذة مشاركة في نفس القسم، بدراسة للتعديل على ذلك الأسلوب من خلال البحوث التي تمحورت حول الطريقة التي يستخدمها الإماراتيون في رفض التقاط الصور مع السائحين.
وتعود أسباب ذلك للعديد من العوامل الاجتماعية والثقافية التي لم يتم التطرق لها بشكل عميق. وفي هذا الصدد، قام الدكتور تانجو والدكتورة جيسيكا بطرح سؤال على 94 طالبًا وطالبة حول كيفية الرد على التقاط صورة مع السائحين، وتم نشر بحثهم في المجلة العلمية المرموقة “رشن جيرنال أوف لنغويستكس”.
وقال الباحثان: “يعتبر الوعي بالقواعد الاجتماعية والثقافية أمرًا ضروريًا للتواصل الفعال مع الأشخاص من مختلف الثقافات، ويضم هذا الوعي العادات الاجتماعية والأساليب التي تُتَبع في استخدام اللغة لتحقيق أهداف التواصل”.
وفي ظل استخدام اللغة الإنجليزية للتواصل بين الأفراد من العديد من الثقافات والدول المختلفة، فإن المشكلة تظهر بشكل عام بسبب طريقة التعبير وليس إتقان القواعد والمفردات، فيجدر بالمتحدث التعبير عن نفسه بلغة مناسبة اجتماعيًا وثقافيًا.
وأضاف الباحثان: “نتفاعل مع الأشخاص من ثقافات أخرى بشكل متكرر أكثر من قبل نظرًا للتقدم التكنولوجي وزيادة فرص السفر إلى الدول الأخرى، ولا تزال الفروقات الثقافية بين الأفراد تشكل مجموعة من التحديات، حيث تعتمد الكفاءة اللغوية بشكل كبير على معرفتنا بالأسلوب اللغوي المناسب اجتماعيًا”.
ويغطي أخصائيو اللغويات الاجتماعية في بحثهم جميع الجوانب المجتمعية التي تؤثر على طريقة الكلام، ويشمل ذلك العادات الثقافية والتقاليد وسياق الحديث وطريقة تأثير السلوكيات الاجتماعية السائدة التي تحدد ما يمكن اعتباره استخدامًا مناسبًا للغة في إطار معين.
وقال الباحثان: “يعد استخدام اللغة بأساليب مناسبة اجتماعيًا ولغويًا أمرًا هامًا في الدول التي تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة أساسية بين سكانها من خلفيات ثقافية ولغوية متنوعة، ومثال ذلك دولة الإمارات التي تحظى بنسبة مقيمين على أرضها تصل إلى 88.52% من العديد من الدول”.
تشهد دولة الإمارات تزايدًا كبيرًا في عدد السياح. وأضاف الباحثان:”إضافة لعدد السياح المتزايد، حيث تساهم السياحة في دولة الإمارات في زيادة نسبة التنوع الثقافي في المنطقة، الأمر الذي يضاعف فرصة التفاعل بين الأشخاص من مختلف الثقافات وبالتالي ظهور التحديات اللغوية والثقافية لدى السياح والمقيمين والإماراتيين والذي يستدعي حلها توفر مهارات كفاءة الاتصال الثقافي المشترك والمهارات اللغوية”.
ويمكن تعريف كفاءة الاتصال الثقافي المشترك بأنها القدرة على التواصل مع الأفراد من ثقافات أخرى بشكل مناسب وفعال، ويمكن تعريفها أيضًا على أنها الوعي الثقافي الذي يؤدي نقصه إلى حدوث خلل في عملية التواصل كما هو الحال في التعبير عن صيغة الرفض لطلب معين.
واستعان الباحثان في دراستهم التي ضمت 94 طالبًا وطالبة إماراتيين ممن يجيدون اللغة الإنجليزية في الجامعة بالمثال التالي الذي يسأل فيه زوجان سائحان:
“يبدو لباسك الوطني مميزًا وأنيقًا، هل يمكنني أن ألتقط صورة معك؟”.
وركز البحث على دراسة استخدام الطلبة الإماراتيين للغة الإنجليزية في التعبير عن الرفض وآثاره السلبية المترتبة على كل من المتحدث والمستمع، حيث يمكن اعتبار الرفض على أنه صيغة كلامية غير لائقة، إلا أنها تعد سلوكًا ثقافيًا.
صعوبة الرفض
وفي هذا السياق، قال الباحثان: “قد تسبب صيغة الرفض الكلامي بعض الانزعاج بالنسبة للمتحدث، كما تشير إلى قلة الوعي في عمليات التواصل مع الآخرين والأساليب اللغوية الملائمة والذي يؤدي إلى شعور الطرف الآخر وهو المستمع بالاستياء والإحراج”.
وأكد المشاركون بالدراسة على شعورهم بالرضى حيال التحدث إلى الزوجَين السائحَين اللذين لم يسبق أن تم الالتقاء بهما من قبل لكن ظهرت الفروقات الجذرية عندما تم الرد على التقاط الصورة.
وأشار المشاركون الذكور من الطلبة إلى حقيقة أنهم يشعرون برضى أكبر من الطالبات لقبول التقاط الصورة، حيث أظهرت النتائج بأن نسبة 58.5% من الطلبة وافقوا على التقاط الصورة ورفضت ما نسبته 32% ذلك، في حين قامت نسبة 9.5% من المشاركين بتقديم الاقتراحات البديلة مع رفض قبول التقاط الصورة.
ويعتمد تأثير نوع الجنس، من ناحية التعبير عن الرفض، على مجموعة متنوعة من العوامل الاجتماعية الثقافية، حيث يمكن للذكور استخدام طرق لغوية مباشرة في الرفض كقول “لا”، بينما الإناث تبدي موافقة سلبية كقول “حسنًا، لكن سأغطي وجهي”.
من ناحية أخرى، أظهر عدد كبير من المشاركات رفضهن للطلب وقام بعضهن بتقديم اقتراح بديل لتصل نسبة صيغ الرفض التي تحتوي على كلام يعبر عن الأسف 31%، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالطالبات اللاتي أجبن بـ “لا” بشكل مباشر، إضافة إلى أن المشاركات هن الوحيدات اللاتي استخدم عبارات ظرفية تؤكد رفضهم مثل: جدًا وكثيرًا وحقًا وغيرها، كما في عبارة “أنا متأسفة جدًا”.
يذكر أن الرفض موجود في جميع اللغات، لكن تختلف طرق التعبير عنه من ثقافة لأخرى.
التخفيف من حدة الرفض
يقترح الباحثون الاستعانة بمجموعة من الخصائص اللغوية التي من شأنها تعزيز دور المستمع لتقبل فكرة رفض طلب معين بشكل سلس وتحفز المتحدث لاستخدام استراتيجيات لبقة وإيجابية تجذب اهتمام السائح وتعلقه بالمكان الذي زاره.
يلجأ المتحدث غالبًا للأساليب اللبقة في الكلام لكسب السائح والمحافظة على ارتباطه واهتمامه بالمكان الذي زاره، حيث يميل الرجال للتعبير عن أسفهم للرفض، فيما تقدم السيدات أعذارهن وشرح أسباب عدم الاستجابة للسائح، وهو ما يدعم صحة البحث السابق الذي يوضح أثر الظروف والعوامل الثقافية الاجتماعية في استجابات النوع الاجتماعي. الجدير بالذكر أنه لاتزال البحوث المتمحورة حول استخدام اللهجة الإماراتية غير كافية ولم يتم التوصل بعد إلى نتائج أخرى.
وتشير نتائج هذه الدراسة، على الرغم من محدوديتها، إلى بعض التوجهات اللغوية التي يستخدمها الشباب الإماراتيون المصحوبة بمجموعة القيم الثقافية. ومن جهة أخرى، قد تساهم البحوث الأكثر شمولية في مجال خطاب الرفض المتّبع من قبل السكان الإماراتيين في التركيز على المواقف المختلفة والفئات العمرية والبعد الاجتماعي بين المتحدثين، وبالتالي الحصول على المزيد من المعلومات حول استخدامات اللغة على مستوى ثقافة الدولة وفي نطاقات ثقافية مختلفة.
قال الباحثان: “يمكن أن تؤدي صيغة الرفض إلى حدوث بعض التوتر لدى الأشخاص الذين يمرون بهذا الموقف، وقد تكون الإجابة بـ “لا” أصعب وقعًا خلال التواصل مع أشخاص من ثقافات أخرى مختلفة. لذلك، يكمن الهدف من التواصل مع أفراد من ثقافات متنوعة في تطوير فهم حول الفروقات الدقيقة في التواصل وتقديم الإجابات الملائمة ليكون التواصل مريحًا”.
يُذكر أن المشاركين في الدراسة هم الطلبة المسجَّلين في محاضرات “مقدمة في اللغويات التطبيقية” التي يُشرف عليها الباحثان بهدف تعزيز عملية فهم الطلبة لمحتويات المساق الأكاديمي بشكل أفضل والمساهمة بتحقيق الوعي حول طريقة التعبير عن صيغ الرفض.