يقدم كل من الخشب والجاذبية والرمل وغيرهم حلولًا ممكنة›››
على الرغم من استخدام الروبوتات البشرية في عدة قطاعات كالطب وتطبيق القانون والضيافة وحتى الصيانة والإغاثة في حالات الكوارث، إلّا أن جامعة ستانفورد طورت روبوتًا بشريًا للغوص في أعماق البحار يغوص حاليًا في مسبح الروبوتات بجامعة خليفة ويهدف إلى استكشاف الروبوتات البحرية من أجل النظم البيئية المستدامة للمحيطات.
استغرق تصنيع الروبوت “أوشن ون كي”، الذي صممه وصنعه أسامة الخطيب وفريقه في جامعة ستانفورد، خمس سنوات وظهر لأول مرة في أبوظبي، فكانت مهمته الأولى استخراج النفايات البلاستيكية من مسبح الروبوتات البحرية بجامعة خليفة.
إلّا أن الفريق لديه خطط أكبر لـ “أوشن ون كي”، فبعد الانتهاء من الاختبار في مسبح الروبوتات في جامعة ستانفورد على ثلاثية تكامل الوظائف الروبوتية – الملاحة والتحكم بكلتا اليدين (حركات اليد التبادلية التي تتطلب وجود تباين بين حركات اليدين)، والرؤية والتحكم في الجسم – حان الوقت لأخذ “أوشن ون كي” إلى البحر.
قام الروبوت بعدة رحلات غوص حول البحر الأبيض المتوسط، لاستكشاف السفن الغارقة واستخراج القطع الأثرية، حيث وصل إلى أعماق قياسية وصلت لما يقرب من 1000 متر.
وتمكن أعضاء الفريق من رؤية ما كان يراه الروبوت ويشعرون بما كان يلمسه عندما قاموا بتشغيله من خلال واجهته التي تعمل باللمس (نظام الاتصال).
يقول أدريان بيدرا، طالب الدكتوراه في مختبر الخطيب في جامعة ستانفورد: “لقد كان شعورًا رائعًا جدًا أن نتمكن من تجربة شيء لا يمكن لأي إنسان آخر أن يلمسه، وعلى الرغم من أنها كانت تجربة غير مباشرة عن طريق واجهة التلامس، إلا أننا شعرنا باتصال مذهل”.

كانت إحدى السفن واسمها “لو فرانشيسكو كريسبي”، وهي باخرة إيطالية نسفها البريطانيون في طريقها من إيطاليا إلى فرنسا في عام 1943. ويقول الخطيب أن المرجان الأبيض الهش كان قد تشكل على الحطام، فكان الباحثون في علوم الأحياء البحرية المختصين في الغوص، متحمسين للغاية للمسه ثم جمعه كعينات، حيث لاحظوا وجود البكتيريا الآكلة للحديد”.
يقول الخطيب
كان الروبوت قادرًا على أداء مهام تتعلق بكل من علم الآثار والأحياء البحرية
يضيف ويسلي غو، وهو أحد طلبة الدكتوراه في جامعة ستانفورد المشاركين في المشروع: “نتحكم في الروبوت بطريقة مباشرة، مما يساعد المُشغل على التواصل معه بشكل تلقائي، ولعل أسهل طريقة للقيام بذلك هي أن يشبه جسم الروبوت البشري دون أن يبدو وكأنّه يشكل تهديدًا، خاصة أنّه سيعمل بالتعاون مع الغواصين البشريين في مواقع مختلفة.
يمكن للغواص الترفيهي التقليدي النزول بأمان إلى حوالي 30 مترًا، حيث يتطلب الغوص لأعماق أكبر تدريبًا ومعدات متخصصة. ويكون الضغط على عمق 30 مترًا حوالي أربعة أضعاف الضغط على السطح، فما يحدث لجسم الإنسان تحت هذه الأعماق يعتمد على مستويات الصحة واللياقة البدنية العامة للشخص. يوضح رئيس الفريق الخطيب أنه على عمق 1000 متر، يواجه الروبوت ضغطًا جويًا أعلى بـ100 مرة، وهذا ما يجعل مثل هذه الروبوتات المفتاح لاستكشاف المياه العميقة. ومع المزيد من الاستقلالية تزداد الحاجة لوجود عدد أكبر من المهارات.
يقول الخطيب أن استقلالية الروبوت في الماء تمثل تحديًا، ومن هنا يأتي دور الواجهة التي تعمل باللمس والتي يتحكم الإنسان بالروبوت من خلالها ، إلّا أن الهدف هو تقليل الحاجة إلى التدخل البشري قدر الإمكان.
تُعتبر روبوتات الغوص في المياه العميقة، والتي تسمى المركبات التي تعمل عن بعد أو المركبات التي تعمل عن بعد تحت الماء، نوعًا جديدًا من الروبوتات التي يمكنها جمع الكثير من البيانات على هيئة صور. يقول الخطيب: “تتطلب العمليات تحت الماء أذرعًا وأيدٍ بالإضافة إلى تنسيقٍ فيما بينهم، وهذا ما أحضرناه من خلال “أوشن ون”.
“تتجاوز الواجهة التي نستخدمها العناصر المرئية – فهي توفر استشعارًا باللمس باستخدام جهاز يعمل باللمس يسمح للبشر بلمس ما يتفاعل معه الروبوت والشعور به ويسمح للشخص بتوجيه الروبوت أثناء تنفيذ المهام الدقيقة. ويقول الخطيب لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “يفسر الروبوت الحركة ويؤثر عليها ويميز الأمر الذي يتلقاه ويحافظ على الاستقرار والوضعية كمرجع بشري، ثم يمرر المعلومات الحسية إلى الإنسان”.
تعد حركة الإنسان واحدة من الأمور التي تُؤخذ في عين الاعتبار عند بناء روبوت مثل “أوشن ون كي”. حيث يُعتبر من الضروري أيضًا أخذ بيئة العمل في الحسبان. وفي هذه الحالة يشمل ذلك الماء وحركته. فالتيارات على سبيل المثال، تُعطّل التنقّلات المقررة وهنا يأتي دور جامعة خليفة.
يستطيع مسبح الروبوتات في جامعة خليفة محاكاة بيئات كهذه، ولكن في ظل ظروف يمكن السيطرة عليها. يقول الخطيب: “يمكننا هنا التحكم في كمية واتجاه التيارات، ويمكننا التحكم في الأمواج وفي كل تلك التفاعلات في بيئة تضاهي المحيط، وهذا ما يجعله مثاليًا للتدريب والتعلم.”
وسيعمل فريق الروبوتات في جامعة خليفة أيضًا على إضافة المزيد من المهام التي يمكن لأيادي الروبوت القيام بها بمفردها.
CAPTION: صورة لمسبح الروبوتات بجامعة خليفة
من جهته يقول لاكمال سينيفيراتني، مدير مركز الأنظمة الروبوتية المستقلة ودكتور في قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة خليفة:
سيعمل البشر مع الروبوت على تنفيذ مهام مثل تدوير الصمامات وإدخال السدادات تحت الماء، كما نهدف إلى زيادة درجة استقلالية الروبوت مع تقليل مستوى التدخل البشري.
يقول الخطيب من جامعة ستانفورد إن هذه الأنظمة الحسية الميكانيكية تُستخدم أيضًا خارج الماء في قطاعات مثل الطب، حيث من الممكن أن يتفاعل الطبيب من خلال واجهة تعمل باللمس عندما لا يتمكن من التواجد في وحدة العناية المركزة، كما يمكن استخدام هذه الأنظمة للروبوتات التي تعمل على الشبكات الكهربائية أو المنصات البحرية.
ويضيف الخطيب: “نهدف في العديد من هذه التطبيقات إلى إبعاد البشر عن الخطر مع ربط مهاراتهم بالمهمة التي يجب تنفيذها في تلك البيئة”.
CAPTION: تعاون جامعة خليفة وجامعة ستانفورد في مجال الروبوتات
IMAGE: جامعة خليفة
“هناك الكثير من العمل المطلوب قبل أخذ هذه الروبوتات إلى الميدان، وتوفر جامعة خليفة بيئة فريدة لهذه الدراسة التحضيرية للروبوتات البحرية”. نحن نتعاون أيضًا بطرق أخرى، بما في ذلك تطوير المناهج والتدريس ومن خلال المجموعات والورش البحثية أيضًا، كما نتطلع إلى مزيد من التفاعل مع الباحثين وأعضاء الهيئة الأكاديمية والطلبة هنا.”
ومن بين المشاريع المشتركة المستقبلية: إنشاء مركز جامعة خليفة لأنظمة الروبوتات المستقلة ومختبر ستانفورد للروبوتات بهدف التعاون للبحث والتطوير فيما يتعلق بأنظمة الروبوتات البحرية لتطبيقات النظم البيئية البحرية المستدامة، والتي تشمل مراقبة المحيطات وتنظيفها.