تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
ساهم انتشار جائحة كوفيد-19 في العام 2020 في زيادة الحاجة إلى دعم المالي
وفقًا لمؤسسة “ديفكس”، المنصة الإعلامية المتخصصة بأعمال التطوير العالمية ومقرها واشنطن العاصمة، تم تحقيق استثمارات بقيمة 291.2 مليار دولار أمريكي عالميًا من خلال 1,489 برنامج و1,204 منحة مالية، حيث لم يتم إنفاق هذه الأموال على بحوث الرعاية الصحية وإنما تخصيص نسبة 86% من برامج التمويل بأهدافها الاقتصادية فيما عدا نسبة 3.1 % المخصصة بشكل واضح لأهداف صحية ونسبة 0.8% التي خُصصت للقاحات والعلاجات.
وقد تم على الرغم من ذلك استكمال بحوث الرعاية الصحية المتعلقة بالفيروس وخلال 9 أشهر تم إنتاج لقاحين، حيث يحتاج البحث والتطوير في مثل هذه الحالات إلى استثمارات كبيرة.
وقال الدكتور بافن سامبات، الأستاذ المشارك في قسم إدارة السياسة الصحية في جامعة كولومبيا: “يعتبر فهم جميع ما تم القيام به والأشخاص الذين قاموا بذلك أمرًا صعبًا نظرًا لعدم وجود قواعد بيانات مكتملة في مجال البحث والتطوير العالمي، فبعض المصادر مسجلة كحقوق ملكية وفي العديد من الحالات لا يتسم تمويلها بالشفافية.
ولكن، تبين البيانات التي جمعناها الصورة المنتظمة لدعم القطاع العام للبحث والتطوير والإنتاج”.
وقد توصل بحث الدكتور بافن إلى أن أكبر نسبة تمويل جاءت كاستجابة للفيروس كانت من الحكومة الأمريكية التي أنفقت ما يقارب 15 مليار دولار أمريكي من أصل 4 تريليون دولار أمريكي مخصصة لمواجهة كوفيد-19 وبالتحديد تم منحها للبحث والتطوير لإيجاد اللقاحات والعلاجات. وبدأت الجهود العالمية بالبحوث لإيجاد اللقاحات والعلاجات وقام الممول الأكبر في العالم للبحوث الطبية الحيوية وهو (المعاهد الوطنية للصحة) باتخاذ الخطوات اللازمة لتنسيق جهود الباحثين المحليين والدوليين بهدف التركيز على البحوث الواعدة والمبشرة وتفادي تكرار البحوث.
وأضاف بافن: “ساهمت بعض الجهات العالمية الأخرى بتقديم الدعم المالي للعلاجات واللقاحات، حيث ساهم الاتحاد الأوروبي بتوفير تمويل مقدم من بنك الاستثمار الأوروبي من خلال مساهمات الدول الأعضاء المتمثلة بكل من فرنسا وألمانيا اللتين قاما بتمويل البحوث، في حين لم ترد أي معلومات من الصين وروسيا اللتين قامتا باستثمارات كبيرة في البحث والتطوير نجم عنها إنتاج 7 لقاحات من أصل 14 لقاح في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية”
ساهم انتشار جائحة كوفيد-19 في دور الأعمال الخيرية
ولعبت مؤسسات الأعمال الخيرية دورًا بارزًا في الاستجابة لفيروس كوفيد-19 الذي قاموا بالتبرع لتطوير اللقاحات والعلاجات، كما ساهموا في عملية تنسيق وتسهيل التوسع في ذلك على نطاق عالمي. قال الدكتور بافن: “ساهمت مؤسسة كارلوس سليم في أمريكا اللاتينية بدعم تصنيع لقاحات أوكسفورد وأسترا زينيكا اللازمة في حالات الخطر في الأرجنتين والمكسيك”.
يمكن تعريف عقود حالات الخطر بأنها الالتزامات السوقية المسبقة، أي الوعود التي تم الاتفاق عليها لشراء المنتج والتي تتيح للمصنعين رفع نسبة التمويل بهدف بناء المنشآت اللازمة وتوظيف القوى العاملة الضرورية لحالات الإنتاج الطارئة. يتضمن تصنيع اللقاحات جانبًا تنظيميًا، حيث لاتزال لقاحات أسترازينيكا وأكسفورد تنتظر الموافقة، بمعنى أن المصنعين يقومون بتصنيع كميات كبيرة من الجرعات دون أن يتأكدوا من اجتيازهم الرقابة التنظيمية، وذلك يشكل مجازفة كبيرة.
استجابة سريعة؟
قال الدكتور تنغلونغ داي، أستاذ إدارة العمليات وتحليل الأعمال في جامعة جون هوبكنز: “تمكنت جائحة كوفيد-19 من اختبار قدرة المعاهد الوطنية للصحة في تمويل البحوث الحيوية لإيجاد الإجابات عن الأسئلة البحثية التي تؤثر بشكل ملحوظ على الصحة العامة وتتطلب وضوحًا علميًا طارئًا. ويركز بحث الدكتور تنغلونغ على منظومة الرعاية الصحية وإدارة عمليات الرعاية الصحية، كما تناول مسألة التمويل المقدم من المعاهد الوطنية للصحة لصالح البحوث المتمحورة حول كوفيد-19 ولاحظ أن ما نسبته 2% من المشاريع التي مولتها تلك المعاهد لا تمت بصلة ببحوث كوفيد-19 في العام 2020.
وأضاف تنغلونغ: “شكّلت بحوث كوفيد-19 في العام 2020 نسبة 5.3% من الميزانية السنوية للمعاهد الوطنية الصحية والتي بلغت 41.7 مليار دولار.
وفي الشهور الثلاثة الأولى للجائحة العالمية، تم منح بحوث كوفيد-19 ما مجموعه ست منح مالية، إضافة لإنفاق المعاهد الوطنية للصحة على بحوث كوفيد-19 بنسبة 0.1% من ميزانيتها السنوية، حيث ارتفعت هذه النسبة في نهاية العام 2020 لتصبح 5.3%”.
ولاحظ الدكتور تنغلونغ وزملاؤه الباحثون أن التعليم والبنية التحتية حظيا بدعم مالي بلغ نسبة 55.9% من الدعم المالي المقدم من المعاهد الوطنية للصحة لفيروس كوفيد-19، ولكن لاتزال العديد من الأسئلة التي تدور حول انتقال العدوى غير واضحة، مما أدى إلى ظهور مجموعة من التحديات التي تتطلب وضع القرارات القائمة على الأدلة والتي أثرت بطبيعة استجابة الأفراد لكوفيد-19 من خلال اتباع بعض الإجراءات كفرض ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي.
وأشار الباحثون كذلك إلى أن نقص التمويل السريع للبحوث السريرية الرامية لفهم انتشار الفيروس قد ساهم في تسييسه.
قال الدكتور تنغلونغ: “تشمل بعض أهم الأسئلة الأساسية التي سئل عنها المتخصصون الطبيون في بداية العام 2020 السؤال عن آلية انتشار الفيروس ومدى الحماية التي توفرها الكمامات للأفراد، ولكن لم تتم الإجابة عنها.
وبذلك، تمكنت الآراء السياسية من ملء ذلك الفراغ في غياب الإجابات التي تستند على أدلة واضحة.
وتتمتع المعاهد الوطنية للصحة، ذراع الحكومة الاتحادية الأكبر في مجال تمويل البحوث، بروح المسؤولية تجاه تمويل البحوث التي تعالج التضليل بالمعلومات من خلال الأدلة، حيث يتعين على منظومة الرعاية الصحية المرنة التركيز على تقديم المنح المالية التي تساهم في سد الثغرات الأساسية في المعرفة في أوقات الأزمات”.
ويرى تنغلونغ أنه يجب على المعاهد الوطنية للصحة أن تطور الآليات التي توفر التمويل السريع للقضايا العلمية المجهولة والمرتبطة بحالات الطوارئ الصحية المفاجئة واسعة النطاق، حيث قال: “تعتبر البحوث الطبية الرامية إلى تطوير التوصيات القائمة على الأدلة أمرًا في غاية الأهمية للسياسة العامة وتساهم في تعزيز ثقة الأفراد في الجانب الطبي خلال الجائحة”.
الاستعداد ووضع الأهداف للمنح المالية
تشير النصائح الرسمية التي تقترحها المعاهد الوطنية للصحة إلى أنه يجب البدء بالتخطيط للمنحة المالية قبل 9 أشهر من نهاية الموعد الموعد للمنحة، الأمر الذي يعتبر في أفضل الظروف أمرًا غير فعال، لكن قد يساهم عدم استباق الأمور في وقت الأزمات في حدوث العديد من التحديات في مجال توفير المنح.
أسس كل من باتريك كولينسن، الرئيس التنفيذي لشركة سترايب وتيلر كوين، الخبير الاقتصادي في جامعة جورج ميسون شركة “فاست غرانتس” كاستجابة للأزمات من خلال تمويل البحوث. أصدرت شركة فاست غرانتس دعوة في 7 أبريل 2020 لتقديم طلبات المنح المالية وجاء هذا القرار خلال مدة 48 ساعة لتتمكن الشركة بشكل سريع بتوفير منح مالية وصلت لـ 12 مليون دولار أمريكي في أقل من أسبوع، حيث كان معيار الأهلية لتقديم الطلبات بسيطًا وهو أن يكون مقدمو الطلبات باحثين بارزين في أي مؤسسة أكاديمية ويعملون في الوقت الراهن على مشروع بحثي في مجال جائحة كوفيد-19 خلال الستة أشهر القادمة وبحاجة لتمويل إضافي لاستكمال مشاريعهم.
ساهمت شركة فاست غرانتس في الأسبوع الأول بتقديم أكثر من 130 منحة مالية بشكل سريع جدًا، ذلك لأن عملية تقديم طلب المنح تتم في أقل من 30 دقيقة واتخاذ القرار يستغرق يومين فقط، حيث أن تيلر كوين هو من يصدر قراراته الأخيرة بشأن توزيع الأموال. ساهمت جميع تلك العوامل في وجود آلاف المشاريع التي تنتظر المال، لا سيما وأن أصحاب رؤوس الأموال الذي يدعمون فاست غرانتس لم يتوانوا عن زيادة ضخ المال في الشركة عند سماعهم لدعوتها الثانية في 12 يوليو 2020.
أوقفت الشركة بعد ذلك تقديم الطلبات نظرًا لاستقبال عدد كبير جدًا من الطلبات المؤهلة، وذلك وفقًا للموقع الإلكتروني لشركة فاست غرانتس، ولكن بدءًا من العام 2022 ساهمت الشركة بتقديم أكثر من 40 مليون دولار أمريكي لبحوث كوفيد-19 التي يمكن إكمالها خلال ستة أشهر.
نتائج سريعة
قد يكون تلقي الأموال سريع جدًا مقارنة بمؤسسات التمويل التقليدية، لكن ما طمحت إليه فاست غرانتس في المقابل هو الحصول على نتائج بأسرع وقت ممكن. ووفقًا لما ورد في موقع الشركة الإلكتروني: “تركز أكثر جهات التمويل على دعم المشاريع التي تستغرق وقتًا طويلًا. وفي ضوء الخسائر التي سببتها جائحة كوفيد-19 للإنسان، تعتبر السرعة معيارًا بالغ الأهمية”.
تم إكمال العديد من المشاريع التي ساهمت بشكل ملحوظ في التصدي للجائحة العالمية. وفي هذا الصدد، تعاون كل من واتارو أكاتا من جامعة كيوتو وإريك ستيبنس من مركز البحوث الألماني للسرطان في تطوير اللقاحات وقامت كارولين بيرتوزي من جامعة ستانفورد بتحديد العلامات الحيوية التنبؤية للإصابة بفيروس كوفيد-19 وقام ستيفين مارك فريدمان من جامعة تورنتو بدراسة اللعاب لفحص سارس-كوف-2، كما قام ألين تاونسند من جامعة أكسفورد ببحث الأجسام المضادة لبروتين الفيروس.
لجنة بحوث الدفاع الوطني
تأسست: 27 يونيو 1940 Read more›››
حُلّت في: 28 يونيو 1941
الدور: تنسيق، إشراف، إجراء بحوث علمية.
إنجازات: وفرت 6.5 مليون دولار للبحوث العلمية.
‹‹‹ Read less
وفي السياق، استمد كل من باتريك كولينسن وتيلر كوين آلية التمويل هذه من آلية سابقة تم اعتمادها أيام الحرب العالمية الثانية.
وتعد لجنة بحوث الدفاع الوطني مؤسسة تم تأسيسها في العام 1940 بهدف إجراء البحوث العلمية وتنسيقها والإشراف عليها في مجال المشكلات التي يقوم علاجها على إنتاج آليات الحرب وأجهزتها وتطويرها والاستفادة منها في الولايات المتحدة. ساهمت هذه اللجنة خلال 12 شهرًا بتمويل البحوث في بعض أهم التكنولوجيات المستخدمة في الحرب العالمية الثانية والتي تشمل الرادارات والقنابل الذرية وأصبحت في العام 1941 مكتبًا للبحوث العلمية والتطوير، حيث ساهمت خلال السنة الأولى من تأسيسها بتمويل البحوث العلمية بقيمة وصلت لـ 6.5 مليون دولار أمريكي، إلى أن تم وقف عملها في العام 1947.
وذكر فانيفار بوش في مذكراته، قائد المشروع في العام 1940: “تمكنت لجنة بحوث الدفاع الوطني، خلال أسبوع، من مراجعة المشروع. وفي اليوم التالي، تمكن المدير من تفويض المهام وقام مكتب العمل بإرسال رسالة النية للبدء في العمل الفعلي”.
ووضعت اللجنة جُلّ اهتمامها في تمويل البحوث المتعلقة بالرادارات وأجهزة الاستشعار، ولكن من أهم المشاريع التي أيضًا التي ركزت عليها هو “مشروع مانهاتن” الذي تطلب جهودًا كبيرة لإنتاج الأسلحة النووية دون الحاجة لدعم مالي من الجيش الأمريكي وإنما حظي بكل الدعم من لجنة بحوث الدفاع الوطني.
يتضح من ذلك أن الوقت كان عنصرًا جوهريًا في الصراع العالمي، وفي حالة جائحة كوفيد-19العالمية التي لعب الوقت في بداياتها دورًا محوريًا، كما شكل الوقت عنصرًا هامًا في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية .
الحاجة إلى السرعة
يعتبر عنصر الوقت عاملًا هامًا في المرحلة الأولى من انتشار الجائحة، حيث يمكن الاستفادة منه من خلال جمع الأموال للباحثين لإنقاذ حياة الملايين من سكان العالم. وفي هذا الإطار، يشير الباحثون من جامعة كولومبيا إلى أن الولايات المتحدة قامت بتطبيق التباعد الاجتماعي مبكرًا، الأمر الذي أنقذ حياة 36,000 فردًا في مايو 2020.
وكتب الدكتور جيفري شامان، خبير الأوبئة في جامعة كولمبيا في ورقته البحثية التي تم نشرها في العام 2020: “لاحظنا في المناطق الحضرية الرئيسة انخفاض ملحوظ في انتشار عدوى الفيروس عندما تم تطبيق التباعد الاجتماعي وغيره من الإجراءات الاحترازية. وتدل تجارب المحاكاة التي أجريناها على أن هذه الإجراءات الاحترازية نفسها تم فرضها في مرحلة مبكرة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين قبل انتشار الفيروس بشكل كبير، وهو ما ساهم في تفادي زيادة عدد الحالات والوفيات. ويسلط انخفاض معدلات حالات الإصابة والوفيات، الناجم عن تنفيذ الإجراءات الاحترازية في الوقت المناسب، الضوء على الاستجابة المبكرة لجائحة كوفيد-19”.
لم تكن استجابة الولايات المتحدة ملائمة بشكل كلي، لذلك تم تأسيس برنامج أُطلق عليه اسم “العمليات فائقة السرعة” ويهدف إلى تسريع عمليات تطوير لقاحات كوفيد-19 والعلاجات وأدوات التشخيص وتصنيعها وتوزيعها، حيث تمكن البرنامج من تعزيز إنتاج كميات كبيرة من اللقاحات المتنوعة والعديد من أنواع تكنولوجيات اللقاح، مما يتيح عمليات التوزيع بشكل أسرع في حال أثبتت التجارب السريرية فعالية أحد اللقاحات ودرجة سلامتها.
وأخذت الخطة بعين الاعتبار عدم فعالية بعض اللقاحات وعدم سلامتها، الأمر الذي ساهم في ارتفاع تكاليف عمليات البرنامج بشكل أكبر من عمليات تطوير اللقاحات التقليدية للخروج فيما بعد بلقاح فعال قبل أشهر من الجداول الزمنية التقليدية.
وضع برنامج العمليات فائقة السرعة في يناير 2021 ميزانية بقيمة 18 مليار دولار أمريكي للاستفادة منها في تمويل 5 من أصل 16 لقاح لفيروس سارس-كوف-2 في جميع أنحاء العالم في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية. وبذلك، تكون الولايات المتحدة قد استثمرت مبالغ كبيرة من الأموال في المشكلة لتقوم بالمقابل بإنتاج لقاحي موديرنا وفايزر/بيونتك.
الجدير بالذكر أن الكونغرس الأمريكي هو من أصدر قرار بتكليف المعاهد الوطنية للصحة بإنفاق أموالها على بحوث كوفيد-19 خلال إطار زمني يمتد لحوالي 5 سنوات، مما يعزز المزيد من التخطيط وتوفير البحوث طويلة الأمد ويلغي الحاجة لإحداث تغيير كبير في عمليات التمويل.
وبوجود مبادرات أخرى كبرنامج “العمليات فائقة السرعة”، لم تحتج المعاهد الوطنية للصحة إلى تغيير طريقتها في التمويل لا سيما بعد ضخ مليارات الدولارات في التعاونات مع القطاعات الحكومية والخاصة.
عندما يتعاون القطاعان الحكومي والخاص مع بعضهما
عانت حكومات الدول في جميع أنحاء العالم خلال استجابتها لكوفيد-19، إلا أن العلماء والباحثين تمكنوا من الاستفادة من معظم المصادر للتصدي للجائحة.
تم عقد الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص خلال أسابيع قليلة، وتشمل هذه الشراكات التعاونية جهات حكومية ومؤسسات حكومية دولية كمنظمة الصحة العالمية التي تمثل جميعها القطاع الحكومي وضم القطاع الخاص الجامعات والمعاهد البحثية وشركات الأدوية التجارية والمتخصصين، حيث ساهمت هذه الشراكات في تكامل الخبرات وجمعها.
من جانبه، قال الدكتور فيجاي بيريرا، الأستاذ المشارك في العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة خليفة: ” لقد شهدنا التشكيل السريع للشراكات الحكومية الخاصة بهدف تطوير اللقاحات الجديدة لفيروس كورونا المستجد، حيث قدم القطاع الخاص الدعم المالي واستفاد من قاعدة المعرفة لدى الشركاء من المؤسسات الأكاديمية والحكومية ومؤسسات القطاع الخاص بهدف حشد جهودهم تجاه تحقيق الهدف المشترك”.
وتتمتع الشراكات ما بين القطاع الأكاديمي والقطاع الصناعي بتميزها، حيث تحتاج العديد من المشكلات الاجتماعية إلى الحلول التكنولوجية ويسعى القطاع الصناعي إلى تقديم الأموال للحصول على هذه الحلول. ويمكن للباحثين الذين تتماشى تخصصاتهم مع توجهات القطاع الحكومي أن يساهموا في حل المشكلات ليقوم القطاع الصناعي بنشر هذه الحلول بين الأفراد.
وتهدف مؤسسات القطاع الصناعي إلى إنفاق الأموال للحصول على المزيد من الأموال، لذلك تسعى مؤسسات القطاع إلى الإنفاق على البحوث التي تعود عليها بالمزيد من الأموال.
ويمكن الاستفادة من ذلك في وقت الأزمات كجائحة كوفيد-19 ومشكلة تغير المناخ المتزايدة اللتان تعتبران خطرًا مركزيًا يهدد ازدهار الإنسان وصحته.ودعا ذلك الباحثين إلى اعتبار أن جميع العلوم التي لا تتوافق مع متطلبات القطاع الصناعي تشكل خسارة، خاصة أنه من الصعب الحصول على تمويل من جهة حكومية ولا يمكن الحصول على المال بمجرد البحث في التساؤلات العلمية الخفية.
تقوم مؤسسات القطاع الصناعي بتمويل العلوم التطبيقية القائمة على تطوير الحلول فقط وليس غيرها من أنواع العلوم التي لا تتطلب التطبيق.
– فيجاي بيريرا أستاذ مشارك في العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة خليفة
وعلى صعيد آخر، تقوم مؤسسات القطاع الصناعي بتمويل العلوم التطبيقية القائمة على تطوير الحلول فقط وليس غيرها من أنواع العلوم التي لا تتطلب التطبيق. فهل يمكن الاستفادة من البحث والتعمق في التساؤلات العلمية الخفية للحصول على لقاح (إم آر إن إيه)؟ يعتبر تحويل البحوث العلمية النظرية إلى أموال مشكلة أساسية في هذا السياق.
فإذا لم تكن عالمًا بحثيًا من أصحاب المليارات ستحتاج إلى تمويل خارجي للعمل في المشروع، وهذا يتطلب منك ومن أعضاء فريقك البحثي تقديم العروض للحصول على تمويل تشمل كتابة وثائق مطولة حول مشروعك وأفكارك والذي سيأخذ شهورًا عديدة للمراجعة والعمليات الإدارية، وفي حال الحصول على التمويل اللازم ستُمنح المشاريع مدة زمنية محددة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات.
ويعتمد منح التمويل للمشروع البحثي المقترح على مدى تقارب أهداف الباحث وانسجامها مع أولويات الشركات المانحة. وقد جسدت جائحة كوفيد-19 أفضل الأمثلة على أولوية التطبيق الفوري للعلوم والتحول الجذري في طريقة تمويل البحوث.
التعافي من جائحة كوفيد-19
تم توظيف جميع الأموال في بحوث كوفيد-19 خلال السنوات القليلة الماضية، وفي العديد من الحالات تم تجاهل المشاريع الأخرى بهدف التركيز على مشاريع الأزمات الطارئة.
وفي السياق، ساهم المعهد الوطني لبحوث الرعاية الصحية في المملكة المتحدة بدعم البحوث المتعلقة بكوفيد-19 إلى جانب مؤسسة البحث والابتكار في المملكة المتحدة، وهي هيئة حكومية غير إدارية تحظى برعاية وزارة التجارة والطاقة والاستراتيجية الصناعية، وعلى الرغم من أنها هيئة حكومية إلا أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوزارة التي تشرف على الأعمال التجارية والصناعية في المملكة المتحدة.
وفي نفس الوقت، يقع المعهد الوطني لبحوث الرعاية الصحية تحت مظلة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، ما يعني أن نتائج البحوث التي تمولها تذهب لصالح الأطباء والممرضين في الخدمات الصحية الوطنية للحد من انتشار كوفيد-19 وعلاجه.
وورد في الموقع الإلكتروني للمعهد الوطني لبحوث الرعاية الصحية: “في ظل استئناف إطار عمل المعهد الوطني لبحوث الرعاية الصحية، لا تزال بحوث الصحة العامة الطارئة والمتعلقة بكوفيد19 أولويتنا الأولى. ومن جهة أخرى، أدركنا أهمية الاستثمار في البحوث طويلة الأمد”.ويعد استكشاف الدروس المستفادة خلال فترة الجائحة جزءًا من البحوث طويلة الأمد، ويشمل ذلك آلية إدارة استعادة البحوث في حالات أخرى.
وذكر الموقع أيضًا: “ساهمت الجائحة في انخفاض معدل إنتاج البحوث المتمحورة حول الظروف الأخرى، لكن على الرغم من ذلك تمكنا من المحافظة على تنوع ملفنا وفعاليته”.تأثرت البحوث بشكل كبير بانخفاض القدرات والخدمات الصحية المصاحبة، إلا أنها في نفس الوقت واصلت مساراتها في العديد من الحالات الأخرى.
وفي ديسمبر من العام 2020، أعلن مركز بحوث السرطان في المملكة المتحدة عن انخفاض في ميزانية البحوث بقيمة بغلت 45 مليون باوند، علمًا بأن المركز مسؤول عمّا يقارب نصف البحوث الممولة في السرطان في المملكة المتحدة. ومن ناحية أخرى، تنبأت جمعية السرطان الكندية بأن الجائحة ستكلف 100 مليون دولار كندي، في حين لاحظت جمعية السرطان الأمريكية انخفاض في قيمة العائدات وصل إلى حوالي 200 مليون دولار أمريكي.
وتنبأت جمعية البحوث الطبية الخيرية بأن ضخ الأموال في قطاع البحوث يحتاج لأكثر من 4 سنوات ليعود إلى المستويات التي كان عليها قبل بدء الجائحة، كما يحتاج لعشر سنوات لإعادة بناء إمكاناته وفعاليته التي فقدها.
وعلى صعيد آخر، انخفضت نسبة تركيز المعاهد الوطنية للصحة على تمويل المشاريع المتعلقة بفيروس كوفيد-19، إلا أنها على من ذلك لم تقطع دعمها المالي لبحوث السرطان. وبمعنى آخر، واصلت تلك المعاهد تمويل بحوث الرعاية الصحية الأخرى التي لا تقل أهمية عن الوباء خلال فترة الجائحة، كما لم يتم تجاهل الأمراض الأخرى وغيرها من مشاكل الرعاية الصحية مع ظهور كوفيد-19.
الجدير بالذكر أنه تم إيقاف مجموعة كبيرة من بحوث الرعاية الصحية ليس بسبب نقص التمويل بل لأسباب تتعلق بالسلامة، وقال نائب مستشار جامعة كامبريدج: “سيتم إيقاف جميع البحوث التي يتم إجراؤها في الجامعة باستثناء المتعلق منها بفيروس كوفيد-19”. وتم أيضًا الإيعاز بإيقاف جميع التجارب السريرية في جميع أنحاء العالم وعدم السماح للمرضى بزيارة المستشفيات إلا للضرورة القصوى بهدف الحفاظ على سلامتهم، كما استدعت الحاجة وجود الكوادر الطبية في مناطق مختلفة لتقديم الدعم في الرعاية الصحية للمصابين بفيروس كوفيد-19، الأمر الذي ترتب عليه تأخر في إيجاد العلاجات المناسبة للأمراض الخطيرة الأخرى. ولايزال الهدف في استعادة هذه المشاريع لحالتها الطبيعية قبل الجائحة أمرًا لابد من دراسته والتركيز عليه.
وتؤكد المقاييس قصيرة الأمد على أثرها طويل الأمد، حيث ساهم انخفاض معدل تمويل مشاريع البحوث التي لا ترتبط بكوفيد-19 بوقف عمل الباحثين من أصحاب الكفاءة الذين أصبحوا بلا وظيفة، كما ساهم إغلاق المختبرات بعدم إكمال المشاريع في مواعيدها النهائية ونفاذ المنح المالية وعدم التمكن من دفع أجور أعضاء المختبرات، إضافة للتدهور الاقتصادي طويل الأمد كنتيجة للجائحة وانخفاض مستوى التبرعات التي شهدتها جمعيات السرطان الخيرية، والذي ساهم جميعه في إضعاف الاقتصاد.
وقام العديد من أكبر ممولي البحوث في العالم بالتعديل على سياسات التمويل لديهم كاستجابة للجائحة، لكن هذه التغييرات لم تعد تتمكن من المحافظة على جميع المشاريع.
مستقبل التمويل
سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على بحوث الرعاية الصحية ومسارات التمويل الخاصة بها، ويمكن لبحوث القطاع الأكاديمي أن تستفيد من إعادة الهيكلة للتمكن من التعامل مع التحديات العالمية التي تتطلب حلولًا سريعة.
وقال الدكتور تنغلونغ، الأستاذ في جامعة جون هوبكنز والخبير في قضايا تمويل بحوث كوفيد-19: “كشفت نتائجنا عن أخطاء أساسية في عمليات تمويل البحوث المتعلقة ببحوث الصحة العامة في الولايات المتحدة. وتعتبر الاستجابة البحثية بنية تحتية تتيح التعلم السريع العاجل في الوقت الفعلي فيما يخص الممارسة السريرية ومقاييس الصحة العامة وإدارة المفاهيم، وهي بعد في غاية الأهمية لتحقيق المرونة في مجال الرعاية الصحية”.
وأضاف: “تتطلب البنية التحتية البحثية مستقبلًا أن تكون مرنة وقابلة للتوسع بشكل سريع خلال وقت الأزمات لتحقيق الفهم الشامل للآثار والحلول. ومن جهة أخرى، يجب على البحوث الأخرى التي لا ترتبط بالأزمات أن لا تتوقف بل يتم استكمالها ببحوث الأزمات للحد من حدوث أي اختلالات في أولويات الرعاية الصحية والصحة العامة الأخرى، كما يجب تمويل البحوث المتعلقة بانتشار أي فيروسات جديدة أخرى قبل ظهورها لنكون على استعداد أفضل لأزمة جديدة”.
وتعتبر الاستجابة البحثية بنية تحتية تتيح التعلم السريع العاجل في الوقت الفعلي فيما يخص الممارسة السريرية ومقاييس الصحة العامة وإدارة المفاهيم.
– تنغلونغ داي
وقال الدكتور بافن من جامعة كولمبيا: “يمثل نظام ابتكار كوفيد-19 انتقالة نوعية من العمل المعتاد. وفي ضوء التقدم المحرز اليوم والمتعلق بتطوير اللقاح، يتبادر السؤال بمدى فعالية هذا النموذج في أوقات الأزمات الأخرى ومدى إمكانية دمج سياسة الابتكار الطبي الحيوي ببعض عناصر نموذج كوفيد-19”.
يمكننا جميعًا، في أعقاب الجائحة، أن نمعن التفكير في الجوانب الصحيحة وجوانب الخلل، حيث ساهم تمويل العلماء الباحثين في تعزيز آلية التعامل مع الأخطار الصحية العالمية بشكل ملحوظ، إلا أن الحجم الكبير لطلبات المنح المالية أثبت أهمية دور العلوم الفعال في أوقات الحاجة.
وفي سياق متصل، لعبت الحاجة إلى إجابات سريعة للأسئلة الملحة دورًا محوريًا في إلقاء الضوء على ثقل العبء الذي فرضته عمليات التقديم للمنح المالية للحصول على تمويل، حيث أن الجائحة أوقفت المشاريع البحثية وأثرت بشكل كبير على وظائف الباحثين، لاسيما من هم في مراحل مبتدئة.
وأضاف الدكتور بافن: “يتطلب تطبيق نموذج كوفيد-19 خارج نطاق الجائحة المزيد من التمويل للبحوث وللتجارب السريرية والتطوير والتصنيع. وأكدت الجائحة على أن فعالية سياسة البحوث الطبية الحيوية لا تنتهي عند إنتاج الأدوية واللقاحات وحدها”.