تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
تشهد الأساليب التقليدية بعض التحديات، خاصة بعد دخول التكنولوجيا، لكن تمكن أفراد القبائل البدوية والسكان الرحل من التكيف مع التكنولوجيا الحديثة وفي نفس الوقت المحافظة على عادات أجدادهم التي تتنوع ما بين رعاية القطيع والصيد والإبحار والرياضة.
وهنا نشاهد أربعة أساليب تؤثر فيها التكنولوجيا.
الهواتف الخلوية والاتصالات الحديثة
“صرحت ليلى أبو لغد حول زيارتها للقبائل البدوية الموجودة على امتداد الحافة الشمالية للصحراء الغربية المصرية في العام 1984: “قبل أن أقوم ببحثي عند القبائل البدوية المصرية، كنت أتصور أن البدو هم أفراد متجولون في الصحراء يعيشون في خيم ويرعون الحيوانات، لكن وجدت أن الأشخاص الذين قاموا بوصف جمالية الحياة في الصحراء يقطنون في منازل ويرتدون ساعات اليد والأحذية البلاستيك ويستمعون إلى الراديو وأجهزة تشغيل الموسيقى ويتنقلون بشاحنات تويوتا الصغيرة”.
”

عملت ليلى أبو لغد، الأستاذة في العلوم الاجتماعية في جامعة كولومبيا، في العام 1984 على شهادة الدكتوراه في جامعة هارفارد، وقد عاشت مع أفراد قبيلة “أولاد علي” ووثقت خبراتها في العيش مع النساء البدويات والبحث في أشعارهن والقصص التي يروينها، وقالت أن معظم التغييرات الأكثر وضوحًا في أسلوب حياتهم لا تشير إلى تفكك ثقافتهم أو مجتمعهم.
بعد 39 سنة، زارت فاطمة الكالين مرسى مطروح في مصر، وتوصلت إلى نتيجة مشابهة. لاحظت الباحثة في كلية البنات في جامعة عين شمس في مصر أن معظم البدو الذين قابلتهم يمتلكون هاتفًا خلويًا وحساب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يحظى أكثر من ثلاثة أرباع السكان الذين أجريت عليهم الدراسة بأجهزة خلوية ويقضون وقتًا كبيرًا باستخدام الإنترنت. وتتوزع الأجهزة الخلوية بين الرجال والسيدات بشكل متساو مقارنة بشاحنات تويوتا الصغيرة التي كان يمتلكها الرجال أكثر من السيدات.
وساهم انتشار تكنولوجيا الاتصالات بتكلفة منخفضة في تحديث أسلوب حياة العديد من السكان البدو، ويُقصد بالتكلفة المنخفضة شحن الهواتف ليس من خلال محطات الكهرباء وإنما من الألواح الشمسية ذات التكلفة المنخفضة.
وبعيدًا عن الإنترنت، توجد هناك العديد من الفوائد التي يمكن جنيها من الثورة الخلوية. فمثلًا، تساهم مشاركة المعلومات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي غير الرسمية، والتي تتعلق بسعر الإنتاج وأنماط المناخ والرعي، في تعزيز دور أفراد القبائل البدوية في مضاعفة الإنتاج والأرباح والحد من الأخطار، وذلك وفقًا لما قاله مارك هاي، وهو كاتب مستقل يركز على المجتمعات البدوية وثقافتها.
قال مارك: “لجأت الحكومة الكينية خلال فترة الجفاف الكبيرة التي أصابت البلاد في العام 2010 إلى استخدام هذه الشبكات لمساعدة أفراد قبائل الماساي في تفادي حدوث الكوارث. ويوجد مشروع كيني آخر يتمثل بإتاحة الفرصة أمام حاملي الهواتف المتحركة للوصول إلى مئات المحامين المتطوعين للدفاع عن حقوقهم بأراضيهم من خلال الاستعانة بأدوات قانونية لم يكن ممكنًا الوصول إليها بالنسبة للعديد منهم”.
وأضاف: “تم جلب الألواح الشمسية إلى منغوليا بهدف شحن الهواتف، الأمر الذي منح السكان البدو إمكانية الوصول إلى الطاقة الشمسية الفعالة بسعر منخفض لإضاءة منازلهم في الأرياف، وبالتالي تقليل الحاجة لإشعال الشموع من أجل الحصول على الضوء. وأدى ذلك إلى الحد من خطر انتشار الأمراض المرتبطة بالتعرض للدخان وتمديد أوقات العمل، ويرجع ذلك كله إلى انتشار الهواتف الخلوية”.
مشروع كيني آخر يتمثل بإتاحة الفرصة أمام حاملي الهواتف المتحركة للوصول إلى مئات المحامين المتطوعين للدفاع عن حقوقهم بأراضيهم من خلال الاستعانة بأدوات قانونية لم يكن ممكنًا الوصول إليها بالنسبة للعديد منهم”
– مارك هاي
القوارب البحرية
تشهد المركبة البحرية العربية التقليدية، التي تعتبر رمزًا لعصر الاستكشاف الذهبي وصيد الأسماك والغوص للبحث عن اللؤلؤ، إعادة إحياء جذري جديد.

قد تبدو المركبات البحرية المستخدمة هذه الأيام كالسفن التي ربطت دول منطقة الخليج العربي بالعالم عبر القرون، وساهم التطور في المواد إلى بناء هذه السفن في الوقت الحاضر من الألياف الزجاجية بدلًا من الخشب. وقد أصبح إنتاج القارب الحديث المصنوع من الألياف الزجاجية ضعف إنتاج القوارب الخشبية التقليدية، كما أنها تتطلب نصف الصيانة التي تحتاجها القوارب الخشبية. إضافة لذلك، تحتاج القوارب الخشبية للصيانة بشكل دوري مرة كل ثلاثة أشهر، في حين يمكن للقارب المصنوع من الألياف الزجاجية الإبحار لمسافات أطول بكثير دون الحاجة للصيانة.
وحلت عملية التصفيح مكان استخدام زيت كبد سمك القرش وحلت مادة الإيبوكسي محل القطن، وأما الأعمدة فتتم صناعتها من الألياف الكربونية. لذلك، يمكن القول أن جميع المواد المستخدمة في مجال صناعة السفن والقوارب أصبحت أخف وزنًا وأكثر فاعلية من السابق، كما أصبحت الملاحة اللاسلكية والقائمة على الأقمار الصناعية هي معايير أساسية لبحارة القوارب الحديثة.
روبوتات سباقات الهجن
تعتبر سباقات الهجن من أهم أنواع الرياضات في جميع أنحاء دول منطقة الخليج، وقد أصبح اليوم التحكم بالجمل وضبط حركته في المسار يتم من خلال روبوت مخصص للقيام بهذه المهمة.
اعتمدت سباقات الهجن في كل من دولة الإمارات وقطر على استخدام روبوتات الهجن أكثر من اعتمادها على الإنسان منذ العام 2005، نظرًا لخفة وزن هذه الروبوتات وعدم إمكانية تعرضها للإصابات حال سقوطها.
بدأ التطوير في هذا المجال في أوائل العام 2000 من خلال الشركة السويسرية (كي تيم) التي صممت روبوتًا على شكل دمية حتى لا يتسبب بخوف الجمال، كما تحتاج هذه الروبوتات إلى أن تتحمل درجات الحرارة المرتفعة في الصحراء وتتكيف مع رحلة القيادة السريعة وغير المنتظمة. وتم إدخال هذا النوع من الروبوتات في هذه الرياضة لكنها عادت بنتائج سلبية أبرزها أنها مكلفة اقتصاديًا وثقيلة نسبيًا، حيث يتراوح وزنها من 16 إلى 18 كيلوغرام.

ساهم فريق من النادي العلمي القطري في تحسين النموذج من خلال الاستعانة بإطارات ألمنيوم لحماية صندوق الدائرة الكهربائية، وتم تصغير حجم النموذج ليصبح بحجم كتاب كبير. ويحتوي الروبوت على مروحة دوارة تتحكم بحركة الذراع الوحيد في الروبوت. يعتبر النموذج بسيطًا لأنه يقوم بشكل أساسي على المثقاب الكهربائي مع استبدال أداة الثقب الصغيرة بالسوط المستخدم في ركوب الخيل. يذكر أنه يتم التحكم بالروبوت عن بعد عن طريق المدرب أو المسؤول عن الجمل.
وتتميز هذه الروبوتات بقدرتها على تزويد المدربين بالمعلومات من خلال قياس الإشارات البيولوجية وإرسالها بشكل فوري طيلة فترة السباق.
وفي السياق، شغل إحسان معروف منصب رئيس لتكنولوجيا المعلومات والروبوتات في أكاديمية قطر للروبوتات والابتكارات في العام 2005، حيث قام فريقه بمهمة تطوير روبوتات الهجن وتوصلوا إلى أن تكنولوجيا سباقات الجمال لا تتطلب التعقيد.
قال إحسان معروف: “يحتاج مالكو الجمال روبوتات بسيطة وسهلة وليس من الضروري أن تتمتع بذكاء فائق ومواصفات عالية، فالنموذج الأخير لأكاديمية قطر للروبوتات والابتكارات هو تصغير لتصميم شركة (كي تيم) وإعادة استخدام مفتاح سيارة إلكتروني قديم بهدف التحكم عن بعد. إضافة لذلك، يبلغ وزن الروبوت الذي طورناه 2 كيلوغرام”.
“يمكن لأي فني كهربائي أن يصنع ذلك، حيث قامت منهجيتنا هنا على الهندسة المبنية على التبسيط وفهم التقاليد المحلية. ومن جهة أخرى، تم نسخ تصميمنا في جميع أنحاء دول منطقة الخليج. كان مشروعًا متميزًا، فلم نتوقع أن يحظى بكل بهذا الاهتمام”
استخدام الطائرات بدون طيار للصيد (وليست طائرات بدون طيار)
كان بعض أفراد القبائل البدوية في شبه الجزيرة العربية يمارسون رياضة الصيد بالصقور منذ آلاف السنين كنوع مهم من أنواع الصيد في الأراضي شحيحة الموارد. وعلى الرغم من أن الموارد متوفرة بشكل كبير في دولة الإمارات اليوم، لا تزال هذه الرياضة محافظة على شعبيتها.
تحتاج الصقور إلى بعض التدريبات لتقوم بالصيد مع الإنسان، حيث يجب تعليمهم على الطيران لارتفاعات عالية والانقضاض على الفريسة، ويعتبر ذلك تحديًا بالنسبة للإنسان. لذلك، اتجهت أنظار الصقارين في الوقت الحاضر إلى الطائرات بدون طيار.
يمكن اعتبار الطائرة بدون طيار الأفضل أنها الأفضل إذا تمكنت من محاكاة سرعة الطائر وأنماط الطيران، كما يجب أن تكون متعددة الاستخدامات”.
– بول بوسيا

تتميز الطائرات بدون طيار الحديثة بسهولة طيرانها والتحكم بها بفضل نظام الاستقرار المتقدم وتكنولوجيا تحديد المواقع العالمي، كما تتمتع بفعالية عالية تمكنها من تحمل أثر الصقر الذي يستولي على الفريسة.
تحتاج الطائرة بدون طيار إلى بطارية تكفي للقيام بالعديد من التمارين ولتحقيق الاستقرار اللازم للتدريب في ظل ظروف الرياح المتنوعة، فقط لا غير.
وفي هذا الصدد، يوصي بول بوسيا، الذي يتخصص في اختبار الطائرات بدون طيار، باتّباع أسلوب البساطة في تصميم الطائرات بدون طيار المستخدمة للصيد كما هو الحال تمامًا في تصميم روبوتات الهجن.
قال بول: “استخدم صناع المركبات الجوية ذاتية التحكم العديد من الحيل لصناعة طائرات بدون طيار تستخدم للصيد، حيث لجأوا إلى اعتماد شكل شبيه بالطيور واعتمد بعضهم على استخدام الأجنحة وتصاميم مروحية مزدوجة على شكل الحرف V. ويمكن اعتبار الطائرة بدون طيار الأفضل أنها الأفضل إذا تمكنت من محاكاة سرعة الطائر وأنماط الطيران، كما يجب أن تكون متعددة الاستخدامات”.
من جهته، عارض نك فوكس من شركة (وينغبيت المحدودة) جميع ما سبق، واقترح بدلًا من ذلك تدريب الصقور على الالتقاط بالفريسة بمساعدة الطائرات بدون طيار، وصنعت شركة وينغبيت طائرات بدون طيار يمكن للصقر الإمساك بها، لا سيما وأنها تشبه الطيور الحقيقية. لاقى التصميم الذي قام به نك فوكس نجاحًا كبيرًا في منطقة الشرق الأوسط الذي يشهد نقصًا في توفر الفرائس المناسبة للصيد، ويعتبر طير الحبارى من أكثر الطيور عراقة في هذه اللعبة في المنطقة ولكن تشهد أعداده انخفاضًا ملحوظًا.
وقال نك فوكس: “تمثلت النتيجة النهائية بعدم وجود أي شيء ليصطادوه، حيث تم تصميم نموذجنا المسمى بـ (ربارى) كفريسة لصقور الصيد بشكل خاص. وخلال سنوات من التجارب، تبينت لنا الحاجة إلى فريسة تبدو تمامًا كفريسة حقيقية ذات نفس السلوكيات وتتمتع بخصائص أدائية مشابهة في الطيران وقابلة للتحكم في جميع الأوقات ويمكنها الطيران إلى ارتفاعات عالية وبشكل حرّ في السماء، إضافة لإمكانية الإمساك بها بشكل آمن وقدرتها على تحمل الهجمات المتكررة عليها وإنتاجها بكميات كبيرة بتكلفة اقتصادية معقولة”.
يبدو أنها مهمة في غاية الصعوبة!
ويشبه نموذج الربارى شكل طير الحبارى، كما أنه يطير بنفس الأسلوب ومصنوع من مادة البوليبروبيلين المتمدد ولديه أجنحة رفرافة تتميز بالمرونة ويمكن استبدال بعض أجزائه في حال تلفها. من الناحية التقنية، لا يمكن اعتبار هذا النموذج طائرة بدون طيار وإنما يمكن القول أنه طائرة مروحية تقوم على التحكم عن بعد، لأن المستخدمين هم من يتحكمون بطيرانها من خلال العين وليس من خلال البيانات التي يحصلون عليها من كاميرات الطائرات بدون طيار. ويعتبر هذا النوع من التصاميم شائعًا بين الصقارين في منطقة الشرق الأوسط.
اتجه بيتر بيرغ، الصقار المقيم في دبي، اتجاهًا مختلفًا، حيث ركز على تطوير طائرة بدون طيار تتخطى حدود الصقور من ناحية السرعة وخفة الحركة وأن تتمكن طيوره من الإمساك بها. فنموذج بيتر لا يشبه الصقر لكنه بلا شك طائرة بدون طيار. ويساهم نموذج بيتر الذي يُطلق عليه اسم (بيرغ وينغ) بتمكين الصقارين من تحليل بيانات الطيران التي يمكن الاستفادة منها في مجالات تحسين تدريباتهم.
نهدف من خلال هذا المشروع إلى الاستفادة من علاقات التعاون بين كل من جامعة خليفة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى لتطوير روبوت طائر الحبارى القادر على التنقل بحرية في مواطن الطائر للقيام بملاحظات سلوكية ومهام تفاعلية تتعلق بالحفاظ على طيور الحبارى”.
– لاكمال سينيرفيراتني
يذكر أن نموذج بيرغ وينغ يعمل بمحرك واحد يشبه الموجودة في قاذفة القنابل، ويتميز بثلاث خصائص هي، إمكانية الإطلاق خلال وجود الرياح والرجوع إلى المكان الأصلي وخاصية التحليق. وفيما عدا ذلك يمكن تحقيقه بين كل من المدرب والصقر.
يمكن القول بأن مجال الاستفادة من التكنولوجيا لم يقتصر على تدريب الصقور فحسب، حيث يسعى باحثون من جامعة خليفة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى في أبوظبي إلى استخدام الروبوتات للحفاظ على طيور الحبارى التي تُستخدم في تدريب الصقور والمعرضة للخطر نتيجة الصيد غير القانوني.
وتتمحور الفكرة الأساسية حول الاستفادة من التكنولوجيا لدراسة الطيور في البراري.
قال لاكمال سينيرفيراتني، مدير مركز الأنظمة الروبوتية ذاتية التحكم، في حديثه مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “نهدف من خلال هذا المشروع إلى الاستفادة من علاقات التعاون بين كل من جامعة خليفة والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى لتطوير روبوت طائر الحبارى القادر على التنقل بحرية في مواطن الطائر للقيام بملاحظات سلوكية ومهام تفاعلية تتعلق بالحفاظ على طيور الحبارى”.