تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
تُعد شبه الجزيرة العربية أحد المصادر الرئيسة للغبار في العالم على مدار العام، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على كمية الغبار في الهواء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، حيث تؤثر ما بين 15 و 20 عاصفة غبارية في شبه الجزيرة العربية سنويًا على كافّة جوانب الحياة البشرية والنظم البيئية البحرية والمناخ.
تسبب العواصف الرملية والغبارية بخسائر مادية تقدّر بـ13 مليار دولار أمريكي سنويًا نتيجة للأضرار التي تسببها للمحاصيل والماشية والبنية التحتية وصحة الإنسان وغيرها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أصبحت العواصف متواترةً أكثر وتمتد لفترات أطول وتنتشر في مناطق أوسع.
يعتبر التنبؤ بالعواصف الغبارية في مرحلة مبكرة أمرًا هامًا، لكن يحول التطور السريع للعواصف وانتشارها دون التمكن من التنبؤ بموعدها ومكانها وقوتها.
يدرس حسين هاشمي، من جامعة لوند السويدية، أسباب نشأة العواصف الغبارية واتجاهاتها ويقول أنه يمكننا تحديد المناطق التي تكون الأرض فيها أكثر عرضة لأن تولد مصادر جديدة للغبار باستخدام الذكاء الاصطناعي وبيانات الأقمار الصناعية.
وقد قام الفريق البحثي الذي قاده حسين برسم خريطة لمنطقة الشرق الأوسط تتيح لهم دراسة آلية تفاوت مصادر الغبار بمرور الوقت، وذلك من خلال الجمع بين الاستشعار عن بعد ونمذجة البيانات المتقدمة وخوارزميات التعلم الآلي.
كتب حسين في المجلة العلمية “أتموسفيريك بولوشن ريسيرش“: “أظهرت الدراسات السابقة الآثار المدمرة للعواصف الغبارية على الصحة والاقتصاد في دول الشرق الأوسط، فمن الضروري التنبؤ بقابلية تأثر المنطقة بمصادر العواصف الغبارية مع الأخذ في الاعتبار التباين الزماني المكاني وتقديم نظرة ثاقبة لآليات إنتاج الغبار، كما يمكن أن يكون التعلم الآلي أسلوبًا فعالًا، حيث حددت الدراسات التجريبية في شمال شرق إيران مصادر الغبار بدقة وصلت إلى 91%.”
الوصول إلى المصدر
ذكر فريق حسين بأن النتيجة يمكن أن تعزز دور صنّاع السياسات في تحديد المناطق المعرضة للخطر وتنفيذ إجراءات لخفض احتمالية حدوث عواصف غبارية.
يقول جيليلي أبو دويلي من الأكاديمية الصينية للعلوم: “يصعب التنبؤ بمصادر العواصف الرملية والغبارية، حيث لا تعتمد نشأة العواصف على العوامل المرتبطة بالأحوال الجوية كسرعة الرياح وهطول الأمطار ودرجة حرارة الهواء فحسب، بل تعتمد أيضا على العوامل الأرضية مثل الغطاء النباتي وخصائص التربة. وعلى الرغم من ذلك، قد يساعد دمج كل من بيانات الاستشعار عن بعد والبيانات المرتبطة بالأحوال الجوية ذات الدقة المكانية والزمانية المختلفة على التنبؤ بها.”

استخدم أبو دويلي أربعة أساليب للتعلم الآلي للتنبؤ باحتمالية تعرض المنطقة للعواصف الغبارية، وتوصّل من خلال البحث إلى أن سرعة الرياح لعبت الدور الأهم في النموذج، تليها ظروف الغطاء النباتي والخصائص الأخرى لسطح الأرض.
يُعتبر نقل الغبار حول العالم جزءًا لا يتجزّأ من دورة الغبار. لذا، تحتاج العاصفة الغبارية إلى العمليات الجوية التي تحدد كافّة جوانب العاصفة بدءًا من شدتها وصولًا إلى مدتها. ومن جهة أخرى، تلعب رياح الشمال دورًا هامًا في شبه الجزيرة العربية، ويُعتقد أن هذه الرياح الشمالية شبه الدائمة هي المحرك الرئيس المرتبط بالأحوال الجوية لانبعاثات الغبار على مدار العام، ولكن ديانا فرانسيس، رئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية بجامعة خليفة، مهتمة بأسباب ارتفاع انبعاثات الغبار فوق الأجزاء الجنوبية من شبه الجزيرة العربية في فصل الصيف.
قالت ديانا: “تشير هذه الذروة إلى وجود آلية غير معروفة ولكنها مهمة لانبعاثات الغبار، حيث أثبتت نشأة الأعاصير أنها آلية رئيسة لانبعاث الغبار في المناطق القاحلة الأخر وقادرة على إنتاج عواصف غبارية قوية. ولكن، لا يزال الاهتمام بنشاط الغبار المرتبط بنشأة الأعاصير في شبه الجزيرة العربية محدودًا.”
حاجة ماسّة
توصّلت ديانا من خلال بحثها إلى أن معظم النماذج تفشل في إعادة تمثيل الجوانب الرئيسة لدورة الغبار عند مقارنتها بالأقمار الصناعية وعمليات الرصد الأرضية، حيث توجد حاجة ماسّة لتحسين التمثيل العام لسلوك الغبار وتُستخدم هذه النماذج بشكل متزايد لمحاكاة المناخ في المستقبل.
قالت ديانا في المقابلة التي قامت بها مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “تُستخدم النماذج العالمية والإقليمية للطقس والمناخ لمحاكاة انبعاثات الغبار وتفاعلاتها مع المناخ، إلّا أن عدم التجانس الزماني المكاني الكبير لمصادر الغبار المتنوعة، والمتمثل في الكثبان الرملية العملاقة والتلال الصغيرة والأخاديد في حقل زراعي والزوابع الرملية قصيرة العمر والنقل العالمي للغبار، يجعل من الصعب للغاية تمثيل دورة الغبار باستخدام النماذج المناخية.”
أبدت ديانا رغبتها في الحصول على المزيد من القياسات في الموقع والقيام بعمليات رصد بالاستشعار عن بعد من خلال الأقمار الصناعية لفهم تأثير الغبار على المناخ بشكل أفضل.
مؤكدةً بأنّه يمكن أن تساهم المحاكاة عالية الدقة التي تمثل التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للغبار، في الكشف عن الآليات الفيزيائية المختلفة التي تكمن وراء تفاعلات الغبار مع المناخ.
قالت ديانا في حديثها مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “نحث المجتمع العلمي على الانتباه إلى هذه التفاصيل في النماذج المناخية العالمية والإقليمية وبذل الجهد لتحسينها لتتمكن من تمثيل آثار الغبار على المناخ في عمليات المحاكاة السابقة والحالية ومستقبلًا بشكل واقعي”.

يتنبأ نظام الاستشارات والتقييم للإنذار بالعواصف الرملية والغبارية التابع للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بالعواصف الرملية والغبارية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويتيح هذا الموقع الإلكتروني، الذي تديره الوكالة الوطنية للأرصاد الجوية في إسبانيا ومركز برشلونة للحوسبة الفائقة ومركز برشلونة الإقليمي للأتربة، إمكانية الاطلاع على التنبؤات وعمليات الرصد المتعلقة بالأتربة، إضافة إلى المعلومات المتعلقة بالتقدم المحرَز في مجال بحوث الغبار المعدني.
طوّر باحثون في جامعة كيوشو اليابانية نموذج نقل الإشعاع الطيفي للهباء الجوي بهدف محاكاة تأثيراته على النظام المناخي عالميًا، كما يمكن استخدامه لإنشاء نظام فعّال للرصد المبكر للعواصف الرملية والغبارية على الصعيدين المحلي والإقليمي والإنذار بها.