: تصميم أنس البُنّي - مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا

تحتاج الحياة على كوكب الأرض بكل صورها إلى الماء.

تؤثر ندرة المياه على ثلث سكان العالم، أي حوالي 2.3 مليار إنسان، ومن المتوقع أن تصبح أزمة المياه هذه أكثر حدة على مدى السنوات الخمسين المقبلة مع تزايد عدد سكان العالم.

ومع أن المياه تغطي ما يقرب من ثلاثة أرباع الكوكب. إلّا أنها مالحة وغير صالحة للشرب، ولكن قد يكمن الحل لعطشنا الجماعي في عملية تحلية المياه العملية والنافعة من الناحية الاقتصادية.

تصميم: أنس البنّي

تُعتبر الطريقة الأكثر شيوعًا لتحلية المياه هي التناضح العكسي، حيث تُدفع كميات كبيرة من مياه البحر عبر غشاء شبه نفاذ لإزالة الملح من الماء، وفي حين أنها وسيلة فعالة للتصفية من الملح والشوائب الأخرى والتقاطها، إلا أنها عملية عالية الضغط وعالية التكلفة وتتطلب ضخًا قويًا ومعالجة مسبقة باهظة الثمن، كما أنها تستهلك قدرًا كبيًرا من الطاقة، وعلى الرغم من تحسن العملية وتطورها بشكل ثابت، إلا أن هناك مشاكل نظامية بما في ذلك المواد الكيميائية الملوثة وتلوث الأغشية ومحدودية القدرات ومواد البناء باهظة الثمن.

ومن ناحية أخرى، فإن تحلية المياه بالتجميد هي عملية طبيعية: فالثلج المصنوع من المياه المالحة خالٍ من الأملاح.

يقول عصام جناجرة، دكتور الهندسة الميكانيكية في مركز الأغشية وتكنولوجيات المياه المتقدمة بجامعة خليفة، تمتلك تكنولوجيا تحلية المياه بالتجميد القدرة على تجنب تحديات تحلية المياه الشائعة: “تحلية المياه هي الحل للأمن المائي في المناطق التي تعاني من نقص الموارد ولكن هذا يأتي بتكلفة عالية للطاقة، وتظهر تحلية المياه بالتجميد كبديل مثير للاهتمام لتوفير المياه العذبة، كونه يستهلك طاقة أقل ويتآكل بنسبة أقل أيضًا.

تجميد وتكرار

العملية بسيطة: جمد الماء جزئيًا بحيث تتشكل وتنمو بلورات الثلج مما يؤدي إلى إزاحة الشوائب إلى المحلول الملحي المتبقي، ثم افصل كتل الثلج عن المحلول الملحي، واغسلها بعد ذلك ثم قم بإذابتها مرة أخرى لتحصل على الماء النظيف.

ويمكن بعد ذلك تجميد المحلول الملحي مرة أخرى، ليشكل المزيد من الجليد ومحلولًا ملحيًا آخر أكثر تركيزًا. ومع زيادة الملوحة، تنخفض درجة التجمد حتى تصل إلى النقطة التي يتبلور فيها الملح مع الثلج في آن واحد.

اقتصرت العملية حتى الآن على المختبرات والمصانع التجريبية الصغيرة، ويقول جناجرة أن ذلك يرجع إلى تكلفة رأس المال وتعقيد العملية لفصل الجليد وإذابته.

“لا يزال من الصعب فهم عملية نبذ الملح أثناء العملية بشكل كامل خاصة عندما تتغير المعايير أو المقاييس، ويُعتبر انحباس الملح بين بلورات الجليد أحد أبرز هذه التحديات، مما يؤدي إلى تكوين جيب مياه مالحة للغاية في الجليد، وهذا يتطلب المزيد من المعالجة وإعادة البلورة، الأمر الذي لا يعني سوى رفع تكاليف التشغيل.

يقول عبد النجم، من المعهد الهندي للتكنولوجيا في بومباي، أن هذا هو المطلب الأساسي لتطوير التكنولوجيا، ألا وهو فهم عملية نمو البلورات لتجنب جيوب المياه المالحة.

ويضيف: “يصعب دراسة هذه العملية تحليليًا، حيث يمكن للنماذج العددية أن تُمكّن من تحليل وتصور عمليات النقل المختلفة، كما يمكن أن تكون نمذجة ديناميكا الموائع الحسابية أداة قيمة أيضًا.”

يقول النجيم أيضًا، أنه ينبغي توجيه الجهود نحو النماذج الهجينة، حيث تُجرى البلورة وفصل الجليد والذوبان في وحدة واحدة. وهذا يتطلب بلورات مستحدثة يمكن توسيع نطاقها إلى القدرة الصناعية – وهو التحدي الهندسي لهذا العصر، كما يجب أن يكون الانتقال من أسلوب الإنتاج المتقطع إلى إنتاج مياه الشرب دون انقطاع، محور البحث في هذا المجال.

قد تكون تحلية المياه بالتجميد عملية طبيعية، إلّا أن تحويلها إلى قطاع صناعي سيتطلب الكثير من الطاقة. يقول جناجرة أن تحلية المياه بالتجميد تحتاج فقط إلى نصف الطاقة التي يستهلكها نظام التناضح العكسي التقليدي، إلّا أن ذلك لا يزال يعتبر مهمة صعبة.

وفي حال اقتران العملية بالطاقة الباردة الناتجة عن إعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال فقد نتمكن من إيجاد حل، أو يمكن أيضًا الالتزام بالإنتاج المتقطع واستخدام الثلاجة/الفريزر المنزلي كما فعل فيكادو ميلاك.

إزالة الملوثات الأخرى

درس ميلاك، الدكتور المساعد في التكنولوجيا الحيوية البيئية بجامعة بحر دار بإثيوبيا، تحلية المياه بالتجميد كتكنولوجيا لمعالجة المياه في قطاع الدباغة باستخدام المجمدات المنزلية.

“تُعد المياه العادمة الناتجة عن دباغة الجلود أحد المصادر الرئيسة التي تساهم في تلوث المياه بالكروم. ومن بين طرق الدباغة المختلفة المستخدمة في جميع أنحاء العالم، تحتوي أكثر من 90% من الجلود المدبوغة عالميًا على الكروم، مع تسرب 30 إلى 50% من الكروم المستخدم في العملية إلى البيئة. يُعد التجميد والذوبان وإزالة الملوثات عملية فيزيائية بديلة يمكن استخدامها لتحلية المياه.

وقد وفّت بالغرض، فشهدت دراسة ميلاك كفاءة تصل إلى 85% في تنظيف مياه الصنبور الملوثة بالكروم، وبينما لا تزال هناك تحديات تقنية – بما في ذلك غسل الكروم الملتصق بسطح الجليد بعد التجميد – كانت تكلفة تحلية المياه بالتجميد أقل من طرق تنظيف المياه العادمة الأخرى بنسبة 50%.

وقال ميلاك: “تُعتبر تحلية المياه بالتجميد خيارًا مناسبًا لتكنولوجيا تحلية المياه فيما يتعلق بجودة المياه المنتجة وانخفاض تكلفتها”.
تكتسب تحلية المياه بالتجميد اهتمامًا بحثيًا، ولكن إلى أن تتمكن المشاريع من الارتقاء إلى المستويات الصناعية، يمكننا تطبيقها في المنزل.

انضم لقائمتنا البريدية

احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا