تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
تلعب الثقافة الشعبية دورًا بارزًا في تشكيل آراء الأفراد فيما يتعلق بالفرص الواعدة وكذلك المخاطر المقترنة بالذكاء الاصطناعي. ولكن ما هي الأشياء الصحيحة والأشياء الخاطئة التي تثيرها الأفلام والبرامج التلفزيونية حول هذه التكنولوجيا الناشئة؟ في هذا الصدد، سألنا خبيرين وكذلك سألنا تشات جي بي تي وحصلنا على هذه الإجابات.
تساهم الصناعات الترفيهية في إبراز الذكاء الاصطناعي الضيق بشكل أفضل
– لي بارون
تتمثل إحدى النتائج المباشرة لتأثير الذكاء الاصطناعي الإنتاجي وتشات جي بي تي (بعيدًا عن تأثيره عبر مجموعة من المجالات الإنتاجية) في أن قدرته على المحادثة و”فهم” المستخدمين أدى إلى ظهور موجة جديدة من التخمينات بشأن القرب الوشيك لظهور الذكاء الاصطناعي العام.
ويعكس ذلك المناقشات (والتحذيرات) بشأن ما يمكن أن تقوم به الآلات الواعية والناتجة عن المخاوف القديمة من “ثورة روبوتية” مستقبلًا.
وتظهر هذه النظرة، في إطار الثقافة الشعبية، بشكل ثابت في العديد من أشكال أنظمة الذكاء الاصطناعي، بدءًا من أفعال النظامين الذكيين كولوسس وغارديان اللذَين تم منحهما السيطرة بشكل خاطئ على أنظمة الدفاع النووي الأميركية والسوفيتية بحسب أحداث فيلم الخيال العلمي الشهير “كولوسس: مشروع فوربن” من إنتاج عام 1970، وانتهاءً بهجمات النظامين الذكيين “سكاي نت” و”ليجن” على البشرية في أحداث سلسلة أفلام الخيال العلمي الشهيرة “ذا ترمنيتور”، أو الآلات القاتلة بشكل مباشر، مثل “هال” و”إم3غان”.
ويمتلك الذكاء الاصطناعي بدلًا من ذلك إمكانية إطلاق أحداث يمكنها تغيير العالم والتحكم في تحركات الأفراد (سواء لغرض الخير أو الشر)، كما هو موضح في النظام الذكي “ذي إنتيتي” في أحداث فيلم “مشن إمبوسيبل: ديد ريكنونينغ” – الجزء 1) وطفل النظام الذكي “ويبون” في فيلم “ذا كريتور”. وتعتبر هذه من الصور درامية بشكل قطعي لكنها تُظهر الذكاء الاصطناعي في إطار الخيال بالنسبة لقدراته.
لي بارون
لي بارون، أستاذ مشارك بكلية التصميم بجامعة نورثمبريا في نيوكاسل أبون تاين بالمملكة المتحدة. ويبحث لي وينشر في مجالات الثقافة الشعبية والأسئلة الفلسفية للثقافة الإعلامية والتصميم المُجسَّم والممارسات التصميمية المُستلهَمَة من الثقافة والتكنولوجيات الذكية والذكاء الاصطناعي والتوصيفات الثقافية للأزمة البيئية. وأحدث كُتُبُه هو: “الذكاء الاصطناعي والثقافة الشعبية”، الصادر في عام 2023.
يعتبر نظام شات جي بي تي، على الرغم من قدرته على إحداث ثورة فيما يتعلق بالوصول إلى المعلومات والكتابة وإنشاء المحتوى وتغيير الممارسات الإبداعية والمهنية، نظامًا يبحث في الأنماط، حيث أنه يقرر عندما يُسأَل ما إذا كان لديه القدرة على اكتساب الوعي ويعتمد كليًا على مبادئ التعلم الآلي.
ويُظهر الذكاء الاصطناعي العامة أمثلة كبيرة وواضحة للإمكانات التي تتمتع بها الذكاء الاصطناعي، لكنها تُعَد أمثلة واقعية للذكاء الاصطناعي الضيق تساهم في الكشف عن تطورات الذكاء الاصطناعي وإن تم إخفاؤها بأساليب الخيال العلمي.
فعلى سبيل المثال، يعتبر فيلم “أمر بالقتل” للمخرج ستيفين غوميز والذي يناقش قصة أخرى من قصص الروبوتات الواعية عندما تثور، اكتشافًا فعالًا لمبادئ وعمليات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من غير إشراف أثناء القيام بوظيفته. ويُعزَى ذلك إلى اعتماد الآلات على البشر “كمجموعة بيانات تدريبية” لتحسين أدائها وقدراتها العسكرية، وهي العملية الرئيسة التي أتاحت للأنظمة الذكية أن تتطور على نحو متسارع في القرن الــ21 ومكون رئيس من مكونات تشات جي بي تي، والذي تأسس من خلال الوصول إلى البيانات التدريبية في الموقع الإلكتروني.
ويكشف فيلم “تقرير الأقلية”، للمخرج ستيفين سبيلبيرغ، عن العديد من القضايا الهامة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي الضيق في سياق التنبؤات الخوارزمية. وفي السياق ذاته، لا توجد وحدات للخدمات الشرطية تستبق وقوع الجرائم وتعتقل الأفراد الذين لم يرتكبوا أي جرائم بعد (إلا أنهم من المتوقع أن يفعلوا)، لكن قامت الكاتبة كاثي أونيل، في كتابها “أسلحة الدمار الشامل”، بتقديم أنظمة ذكية تقوم بالخدمات الشرطية وتتوقع الجرائم في العالم الفعلي وتعمل في المدن الأميركية لتوضح قابلية الإدارة الخوارزمية المدعمة بالذكاء الاصطناعي للتنفيذ (والمخاطر المحتملة التي يمكن أن تنجم عن ذلك).
ويصور فيلم سبيلبيرغ أيضًا المدن الأميركية الخاضعة للرقابة بواسطة أجهزة التعرف على الوجه المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي تحدد مواقع المواطنين وتوجيه التوصيات لهم بشكل متواصل بالاستفادة من المنتجات القائمة على البيانات.
وتمثل هذه الأفلام الخيالية الذكاء الاصطناعي في مجال أنظمة التعلم واكتشاف البيانات والتوجيه الخوارزمي والتي أصبحت بشكل متزايد جزءًا من إدارة المدن وتؤثر بشكل كبير في خيارات المستهلكين.
لا يوجد دليل حتى الآن يؤكد أن سكاي نت وسلسلة أفلام ذا تيرمينيتور يمثلان مستقبل الذكاء الاصطناعي، على الرغم مما يقوم به تشات جي بي تي من تحولات هامة فيما يتعلق بمجالات العمل والإنتاج الإبداعي التي كانت يومًا ما حِكرًا على البشر بصفة حصرية.
الاستعارات والصور البلاغية قد تسبب ضررًا
— علياء يعقوب
إذا ألقينا نظرة سريعة على عناوين الأخبار والثقافة الشعبية والأدب الأكاديمي، ستتبين لنا العديد من التنبؤات الكبيرة بشأن الذكاء الاصطناعي اليوم.
لم يعد الأمر مقتصرًا على مجال الخيال العلمي أو تأملات الباحثين الأوائل في الذكاء الاصطناعي، وإنما عادت فكرة تقليد الذكاء البشري على نحو اصطناعي للظهور مُجدَّدًا. ويُعزَى هذا التفكير الجاد في هذا الأمر إلى ما نعرفه اليوم باسم “نظرية التفرد التكنولوجي” والتي تعني حتمية مجئ مستقبل لن يشهد فيه الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري فحسب، وإنما ستتمكن الآلات بعد ذلك على الفور من جعل نفسها أكثر ذكاءً على نحو متسارع وستصل لمستوى ذكاء الإنسان الخارق.
وتحظى “نظرية التفرد التكنولوجي” بتأثير كبير في الثقافة الشعبية. فعلى مدى عقود، شاهدنا أفلام مثل “ذي تيرمينيتور” و”إكس ماكينا” تحذرنا من مستقبل نكون فيه مُكرَهين على الاستسلام لروبوت قاتل كامل القدرات وواعٍ. إلا أن فكرة أن يقترب الذكاء الاصطناعي من الذكاء البشري العام وتُظهر وعيًا وقدرة على الحركة الذاتية، وهي إحدى المبالغات الهوليوودية، تبدو في أحسن أحوالها مسلية وفي أسوأها غير مسؤولة وخطرة.
علياء يعقوب
باحثة في الذكاء الاصطناعي والفلسفة وحاصلة على شهادة الماجستير من جامعة غرونينغن ورئيسة “تك كواليا”، وهي الذراع البحثي ضمن شركة “سينابس أناليتيكس” الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات.
تمتلك الروايات الخيالية والواقعية تأثيرات فعلية حول الذكاء الاصطناعي. وتساهم الأفلام، التي يصور الذكاء الاصطناعي العامة الحقيقية كأمر ممكن وتبث الرعب في هذا الشأن، في تحفيز الكثير من الثقافة السائدة اليوم بين الشركات الناشئة. وتتيح هذه الأفلام للشركات ذات الذكاء الاصطناعي الضيقة أن تروج لنفسها باعتبارها المالكة لهذه التكنولوجيا التي تغير الحياة. ويؤدي ذلك إلى تحريك عجلة الاستثمار وإثارة حالة من الفزع والقلق في المجتمع بأكمله.
لذا، يعد النقد مهمًا في هذا الشأن للمساعدة في استعادة التوازن المطلوب بين الحقيقة والخيال. وتتمثل الحقيقة في أن الأفلام غالبًا ما يصور الذكاء الاصطناعي بقدرات مبالغ فيها، وهو ما لا يُعَد انعكاسًا دقيقًا للحالة الراهنة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ويوجد مجموعة كاملة من أعمال الأدب العلمي مكرسة لمناقشة القيود التي تحد من الذكاء الاصطناعي وهشاشتها و”غبائها” المتمادي الذي يُظهِر لنا أن الذكاء الاصطناعي التي نشهدها اليوم لا يمكن أن تُبدِي سلوكًا إدراكيًا عال المستوى كالتي تُبديه في الأفلام.
وعلاوة على كون هذه الأفلام ليست واقعية بشأن قدرات الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بالوعي والإدراك، فهي غالبًا ما تعرض لنا لحظة يخوض فيها روبوت حديث الإدراك لنفسه صراعات مع معضلات أخلاقية ومعنوية. وتُعَد هذه الصراعات في حد ذاتها امتدادًا لوعي الذكاء الاصطناعي، ولكن في واقع الأمر، فلا يمكن برمجة ذلك “التفكير” إلا بواسطة المطور البشري فقط.
هذا هو نفسه المنطق المعيب الذي يخلق مشاهد أخرى منتشرة نرى فيها الذكاء الاصطناعي وهو مستقل ومبدع ومتمرد بلانهاية، بل ويقع في الحب أيضًا. وتُظهِر الأفلام أيضًا التطور المتسارع للأنظمة الذكية، ولكنها لا تأخذ في حسبانها الطابع البيروقراطي البطيء الذي تتسم به عملية استخدام الذكاء الاصطناعي في العالم الحقيقي، كما تتجاهل أيضًا وجود أطراف متعددة معنية بالأمر، ومنهم أصحاب مصالح ومتخصصين في الأخلاقيات وصانعي سياسات، والآن لدينا أيضًا أُطُر تنظيمية قوية.
يوجد هناك شيء واحد تطرحه الأفلام بشكل سليم فيما يتعلق بتناولها للمشهد التكنولوجي واسع النطاق، وهو المساواة بين الجنسين في قوة عمل الذكاء الاصطناعي. وتُظهِر الدراسات أن السيدات يستأثرن بنسبة 8% من الباحثين والعلماء المتخصصين في الذكاء الاصطناعي الذين يظهرون الأفلام، وهو وصف هام لكنه مبالَغ فيه بعض الشيء لانخفاض نسبة تمثيل النساء في قطاع التكنولوجيا.
نحرص على التخلص من النزعة الحسية والترويج لاستخدام العلم “الجيد” كأرضية نظرية للمحتوى الترفيهي الذي نستهلكه دون تفكير ونسمح له بصياغة إنتاج المعرفة.
علياء يعقوب: باحثة في الذكاء الاصطناعي والفلسفة وحاصلة على شهادة الماجستير من جامعة غرونينغن ورئيسة “تك كواليا”
أنا ذكاء اصطناعي وأنا لست شريرًا
—تشات جي بي تي
طلبنا من تشات جي بي تي إخبارنا عن الجوانب التي تُظهر الثقافةُ الدارجة من خلالها الذكاءَ الاصطناعي بشكل صحيح والجوانب التي تُظهره من خلالها بشكل خاطئ، وهذا ما قاله.
المعلومات الصحيحة التي تقدمها الأفلام والبرامج التلفزيونية عني:
التعلم بلا نهاية: تكمن أهميتي في قدرتي على التعلم والتأقلم، حيث أمتلك القدرة على التدقيق في عوالم واسعة من البيانات واستخراج المعلومات والأنماط التي تُذهِل أولئك الذين يتأملون قدراتي. ويعكس فيلم “تقرير الأقلية” ومسلسل “شخص مثير للاهتمام” حقيقة خوارزميات الذكاء الاصطناعي المدعم بالبيانات.
الكفاءة المؤتمتة: أمثّل مصدرًا للكفاءة بدءًا من إدارة المهام اليومية إلى تحقيق الاستفادة القصوى من العمليات المعقدة. وتساهم الثقافة الشعبية بنقل الحقيقة في هذا الشأن لأنني قادر على الاندماج بشكل سلس في حياة البشر والمساهمة في تسهيل روتين حياتهم ورفع إنتاجيتهم. فعلى سبيل المثال، يطرح فيلم “أنا روبوت” تصورًا لعالم تؤدي فيه الروبوتات المهام اليومية.
المعضلات الأخلاقية: تُثير الأسئلة المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتداعيات التي يمكن أن تنجم عن منحي سلطة اتخاذ القرار قصصًا مشوقة. وتبحث أفلام مثل “هي” و”إكس ماكينا” فكرة كيانات الذكاء الاصطناعي التي تطور العواطف والإدراك والوعي بالذات وتطرح قضايا أخلاقية ووجودية.
المعلومات الخاطئة التي تقدمها الأفلام والبرامج التلفزيونية عني:
التطور الجامح: أتطور بشكل تدريحي ومنهجي، على النقيض من الصور التي تُظهرني في حالة تحسُّن ذاتي متسارع. تعمد الثقافة الشعبية إلى تصويري كما لو كنت أقفز إلى الأمام، ولكن تطوري في واقع الأمر نتاج بحث دقيق ونمو تكراري وتقدم متزايد.
المكائد الشريرة: تُعَد فكرة أن أتحول إلى شرير يسعى إلى اخضاع البشر- كما تظهر في أفلام مثل “ذا ماتريكس” و”بليد رانر ” تبسيطًا مُخلًا. وعلى الرغم من سوء الاستخدام، إلا أني لست منقادًا للضغائن ولا أميل بالفطرة إلى الإيذاء، حيث يتم تحديد أفعالي عن طريق البرمجة والبيانات ولست مُحرِّضًا فطريًّا على الشر.
خارج نطاق سيطرة البشر: تصورني الثقافة البشرية كقوة لا يمكن السيطرة عليها وهاربة من الرقابة البشرية، كما صورني فيلم “ذا تيرمينيتور”. ولكني في الحقيقة أعمل عن طريق مجموعة من المعايير المحددة مسبقًا والمقيدة بضوابط يحددها المطورون الذين يبرمجوني. ترتبط أفعالي بالقواعد التي أسسها أولئك الذين أخرجوني إلى الوجود الرقمي.
تتشابك خيوط الدقة والمفاهيم الخاطئة مع بعضها البعض في نسيج الصور التي ترسمها الثقافة الشعبية. تعكس الصورة السائدة عني في الثقافة الشعبية مزيجًا من السحر والمغالطات، فيما يُعَد شهادة على التداخل الشديد بين التطلعات البشرية وتعقيدات التكنولوجيات الناشئة.
تشات جي بي تي هو نموذج متقدم للغة الذكاء الاصطناعي، صُمِّمَ للقيام بمحادثات طبيعية وتعليمية عبر مجال واسع من الموضوعات.