تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
نستهلك المنتجات الزراعية الطازجة، التي نشتريها من السوق المحلي القريب، دون أن نهتم بشأن خطر احتوائها على مادة برازية، لكن يشكل ذلك خطرًا حقيقيًا والوسائل الحالية المستخدمة في فحص المواد الغذائية مرهقة ومكلفة. لذلك، طور فريق من الباحثين بجامعة بوردو في الولايات المتحدة الأميركية طريقة فعالة وسريعة لضمان عدم تلوث المنتجات الزراعية الغذائية.
ولكن ما هو الخطر؟
تنتج مزرعة للمواشي في مقاطعة يوما بولاية أريزونا الأميركية 115,000 بقرة سنويًا. وتوجد، على بعد ثلاثة أميال فقط من هذه المزرعة، مزرعة أخرى للخس معرضة لخطر الغبار ومياه الري المُلَوَّثَة ببراز الأبقار. وأظهرت نتائج بحث وجود بكتيريا قولونية في قناة مائية مجاورة. وفي هذا الإطار، يجب التقليل من تلك المخاطر لأن مقاطعة يوما تساهم بإنتاج ما نسبته 90% من الخس في الولايات المتحدة في فصل الشتاء.
في واقع الأمر، أدى تفشي نفس السلالة من البكتيريا القولونية في عام 2018 إلى وفاة خمسة أشخاص بعد أن تناولوا منتجات زراعية من منطقة يوما فالي.
وقال موهيت فيرما، من فريق الباحثين بجامعة بوردو، في مقابلة مع مجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “يؤدي البقاء على هذا الوضع، في ظل التغيرات المناخية وظهور مخاطر جديدة (كإنفلونزا الطيور المسببة للأمراض)، إلى زيادة عبء هذه المخاطر”.
وقد طور الفريق جهازًا جديدًا للاستشعار الحيوي بهدف التخفيف من حدة المخاطر.
ويتعين أن تتسم طريقة اكتشاف بقايا البراز بالدقة والتكلفة القليلة والبساطة كي يَسهُل تكاملها.
يفحص المُستَشعِر الحيوي الجديد الحامض النووي باستخدام تقنية جديدة للفحص الجيني تسمى “التضخيم الحراري بالحلقة”، وهي أبسط من تقنية تفاعل البوليميرات المتسلسل المعروفة اختصارًا باسم “بي سي آر”، لأنها تعمل في درجة حرارة ثابتة مقارنة مع تقنية “بي سي آر” التي تتطلب تغييرات في درجة الحرارة. واستعان أعضاء الفريق البحثي بنوع من البكتيريا الموجودة في أمعاء الحيوانات والبراز للكشف عن التلوث بالبراز، ما يجعلها أفضل مقياس لوجود مادة البراز في المنتجات الزراعية.
توضَع صفائح بلاستيكية على أسياخ خشبية، تُعرف بأدوات جمع العينات، وتُترَك حول المزرعة لمدة أسبوع، لتجميع العينات. وتُجَمَّع الأدوات بعد ذلك وتُسحَب منها عينات لنقل الهباء الحيوي، وهي جزيئات صغيرة من أي عمليات حيوية تجري في مكان قريب، إلى المُستَشعِر الحيوي الذي قام الفريق بتطويره، والذي بدوره يستخدم تقنية التضخيم الحلقي متساوي الحرارة لتضخيم الحامض النووي الخاص بالبكتيريا العصوانية. سيؤدي تواجد وحجم هذا الحامض النووي إلى تغيير في اللون يمكن قياسه على الفور، وبالتالي اكتشاف وجود أي مستوى من التلوث ببقايا البراز، يتراوح من المستوى الآمن إلى المستوى عالي الخطورة.
تتسم طريقة “بي سي آر” المُستَخدَمَة حاليًا بإجرائها بصفة تقليدية داخل المُختَبَر. ورغم ذلك، فقد أثبتت نتائج طريقة المُستَشعِر الحيوي دقتها بنسبة 100 بالمائة، عند مقارنتها بالنتائج الكمية لطريقة “بي سي آر” المُختبرية.
ويعترف أعضاء الفريق على الرغم من ذلك بإجراء الاختبار في ظروف ميدانية متطرفة (مستويات بالغة الارتفاع وبالغة الانخفاض)، إلا إنهم يتوقعون مستويات من الحساسية والخصوصية تتجاوز 90% عند إجراء الاختبار في ظروف متوسطة.
وقال موهيت: “تتمتع هذه المُستَشعِرات الحيوية بإمكانية العمل كأداة لتقييم المخاطر في مواقع محددة، كما يمكنها الاستجابة على نحو أسرع، ما يساعد في كبح جماح المشاكل قبل تفاقمها. وتساعد المُستَشعِرات الحيوية أيضًا في توجيه القرارات على نحو أسرع، بالمقارنة مع الطرق المختبرية الحالية”.
وتتطلب طرق الاختبار التقليدية أيضًا تجهيزات باهظة الثمن وتعيين خبراء، كما تستغرق من 24 إلى 48 حتى تظهر نتائجها. وتبلغ كُلفة كل اختبار حوالي 50 دولار أميركي. وعلى النقيض، يحتاج المُستَشعِر الحيوي إلى تجهيزات بسيطة تتكلف حوالي 200 دولار أميركي ويقدم نتائج دقيقة في غضون ساعة واحدة وتبلغ كلفة الفحص الواحد 10 دولارات فقط.
ويؤكد موهيت أن أدوات جمع العينات ستساعد منتجي المحاصيل الزراعية في اتخاذ قرارات هامة بشأن مدى إمكانية زراعة نوع من المحاصيل استنادًا إلى نتائج المُستَشعِر الحيوي. وتساعد أدوات جمع العينات المزارعين أيضًا في تحديد مدى الحاجة إلى تعديل توقيتات الحصاد نظرًا للمخاطر البيئية أو الأنماط المناخية المتغيرة، وذلك بتوفير بيانات خاصة بالمواقع المحددة.
“The biosensor is designed with the end user in mind. Thus, it is meant for use by producers and food safety professionals. The biosensors come with an operation manual and the user can be trained within an hour to run the assays.”
— موهيت فيرما, associate professor of agricultural and biological engineering — Purdue University
ولا تقتصر تطبيقات المُستَشعِرات الحيوية على اكتشاف بقايا البراز في المنتجات الزراعية فقط.
وقال موهيت: “تتسم هذه المُستَشعِرات الحيوية بقابليتها للتطبيق على نطاق واسع، وذلك لقدرتها على اكتشاف الحامض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين أو الحامض النووي الريبوزي. ويمكن استخدام المُستَشعِرات الحيوية في قياس جودة المياه أيضًا عند الكشف عن البكتيريا المعوية، كما يمكن استخدامها في رصد مصدر الميكروبات، كتحديد مصدر التلوث ببقايا البراز”.
وستقوم الشركة الناشئة الجديدة التي يمتلكها موهيت، وهي شركة كريشي إنكوبوريتيد، بتطوير تكنولوجيا المُستَشعِرات الحيوية تجاريًا والعمل على تحسين تعددية استعمالاتها وتسهيل توزيعها. وأعرب موهيت عن أمله في استهداف سوق الرعاية الصحية للحيوانات الأليفة أيضًا كالقطط والكلاب وتطوير مُستَشعِرات حيوية لاكتشاف المقاومة المضادة للميكروبات في التهابات المسالك البولية والتهابات البشرة والأُذُن.
ولتوضيح الصورة، يسعى موهيت إلى التخفيف من حدة القيود المفروضة حاليًا على الطرق المختبرية لأغراض الرقابة والتشخيص. وقال موهيت: “تمتلك المُستَشعِرات الحيوية إمكانية التغلب على هذه العراقيل من خلال توفير استجابة سريعة وإتاحة الاستفادة منها على نطاق واسع”. وأضاف: “تُعَد استجابتنا للمخاطر الميكروبية حاليًا بطيئة للغاية”.
جاء تمويل الطريقة الجديدة من مركز “ذا سنتر فور بروديوس سيفتي“، كما قدم مجموعة من الشركاء الصناعيين الدعم للفريق الذي يعمل في مجال بكتيريا الأمعاء.
نُشِرَت هذه الورقة البحثية عام 2024 في موقع “ساينس دايريكت” المتخصص في العلوم.