تعتمد الباحثة في دولة الإمارات ليندا زو على تكنولوجيا النانو
لتطوير مواد جديدة لاستخدامها في تلقيح السحب›››
بفضل المجال المغناطيسي للأرض، فإن تعرضنا للإشعاع قد لا يشكل مصدر قلق بالنسبة لنا، ولكن بالنسبة لرواد الفضاء الذين يتجاوزون الطبقة الواقية لكوكب الأرض، فإن كريم الحماية من الشمس لن يكون كافيًا.
إلّا أن الفطريات التي عُثر عليها وهي تنمو في أعقاب حادثة تشيرنوبيل، قد تكون كذلك.
يعد فطر كلادوسبوريوم سبيروسبيرمم أحد هذه الأنواع الفطرية المحبة للإشعاع، والتي توجد على الأرض في الأماكن المتطرفة مثل بقايا محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا. في حين أن معظم النباتات تستمد الطاقة من الشمس في عملية البناء الضوئي، فإن هذا النوع من الفطريات يستمد طاقته من الإشعاع خلال عملية تسمى التصنيع الإشعاعي.
يعتقد الباحثون أن وجود كميات كبيرة من الميلانين في جدران خلايا هذه الفطريات قد يحمي الخلايا من التلف الإشعاعي، ويتم الآن استكشاف الميلانين كوسيلة تكنولوجية حيوية للحماية من الإشعاع.
بالنسبة للتطبيقات في الفضاء، يقدم الباحثون أساليب مختلفة:
تحث إيكاترينا داداتشوفا، دكتورة الصيدلة في جامعة ساسكاتشوان في كندا، رواد الفضاء على تناول المزيد من الفطر، ويفضل نيلز أفريش، مهندس البحوث في جامعة ستانفورد، زراعة طبقة سميكة من الفطريات على المركبات الفضائية وبيئات العيش المريخية أو القمرية المستقبلية. وهو ما يعتبره أمرًا ضروريًا، فمن أجل خفض التعرض للإشعاع والوصول إلى مستويات مشابهة للأرض، ستحتاج بيئة العيش على سطح المريخ إلى ما يقدر بـ “2.3 متر من الكتلة الحيوية الفطرية الميلانينية”.
تذكر: هذه الفطريات المحبة للإشعاع موجودة بالفعل في الفضاء، حيث كشفت دراسة للتلوث البيئي على متن محطة الفضاء الدولية عن وجود العديد من الأنواع الفطرية الموجودة على الأسطح وفي الهواء، بما في ذلك الفطور الرشاشية والبنيسيليوم وفطر الخميرة. وعلى الرغم من أن محطة الفضاء الدولية لا تزال تتمتع ببعض الحماية من الغلاف المغناطيسي للأرض، إلا أنها تتلقى مستويات مرتفعة من الإشعاع مقارنة بالأرض، كما يمكن لرواد الفضاء البقاء في المدار لمدة تصل إلى عام واحد فقط.
تقول داداتشوفا في مقالتها المنشورة في مجلة الرأي الحالي في علم الأحياء المجهرية: “ظهرت الحياة على الأرض في وقت كان فيه الإشعاع الطبيعي أعلى بكثير، ولابد أن أشكال الحياة المبكرة تتمتع بمقاومة كبيرة للإشعاع، وعلى الرغم من أن مستويات الإشعاع الطبيعي الحالية أقل بكثير مما كانت عليه في الأيام الأولى على كوكب الأرض، إلا أن الحياة على الأرض لا تزال قائمة في مجال الإشعاع.”
تسلط داداتشوفا الضوء على موقع “أخدود إيفوليوشن” في إسرائيل، حيث يمثل منحدرا الأخدود اللذان يفصل بينهما 200 متر فقط من الأراضي العشبية المفتوحة، بيئات حيوية مختلفة تمامًا. ويتلقى المنحدر المواجه للجنوب إشعاعًا شمسيًا بنسبة 200-800 بالمائة أكثر من المنحدر المواجه للشمال، وهو معتدل وظلي.
كما يسكن المنحدر المواجه للجنوب العديد من أنواع الفطريات الميلانينية مثل الرشاشية السوداء، والتي تحتوي على “ثلاثة أضعاف الميلانين الموجود في الأنواع نفسها التي تسكن المنحدر المواجه للشمال
عُثر على أصباغ الميلانين في جميع الممالك البيولوجية مما يشير إلى أن هذه المركبات هي جزيئات قديمة ظهرت في وقت مبكر من مسار التطور. يدرس بحث داداتشوفا التأثيرات الواقية من الإشعاع للفطريات الميلانينية لدى المرضى الذين يخضعون للعلاج الإشعاعي لعلاج السرطان، ويشير إلى إمكانية حماية الأفراد في رحلات الفضاء الطويلة.

وتقول داداتشوفا في حديثها عن الفئران التي غُذِّيت بالفطر الأسود فأصبحت محمية من جرعات عالية من الإشعاع الخارجي: “لا يمكن القول أنه يمكنك تناول الفطر والتمتع بالحماية إلى الأبد، غير أنك إذا واجهت تدفقًا إشعاعيًا أثناء وجود الميلانين الموجود في الفطر في جهازك الهضمي، فإن ذلك سيحميك من الجرعات العالية من الإشعاع، ولقد حصلنا مؤخرًا على الميلانين الفطري القابل للذوبان والذي يمكن إعطاؤه بعد التعرض للإشعاع للتخفيف من أضرار الإشعاع.”
أطعم فريق داداتشوفا الفئران التي تعرضت لجرعات عالية من إشعاع غاما، الألوميلانين القابل للذوبان، فوجدوا أن تأثيرات الإشعاع خفّت عندما أكلت الفئران الألوميلانين خلال 24 ساعة من التعرض للإشعاع.
تقول داداتشوفا: “بناءً على هذه النتائج، يمكن أن يكون الألوميلانين القابل للذوبان المشتق من مصدر فطري بمثابة إجراء مضاد غير مكلف ويسهل الحصول عليه وقابل للتطبيق عند التعرض العرضي للإشعاع . تُعتبر هذه خطوة مهمة في مسار هذا التحقيق فيما يخص الميلانين والإشعاع.”
كان أفريش من جامعة ستانفورد جزءًا من فريق البحث لدراسة إمكانية زراعة فطر “كلادوسبوريوم سبيروسبيرمم” في الفضاء، حيث أرسل الفريق أطباق مختبرية محملة بالفطر إلى محطة الفضاء الدولية ووجهها بحيث تكون بعيدة عن الأرض لمقارنتها بعدد من الأطباق التي تحتوي على الفطر نفسه والتي بقيت على كوكب الأرض.
وجد الفريق أن الفطريات الموجودة على متن محطة الفضاء الدولية تتمتع بميزة النمو الميكروبي، والتي يمكن أن ترتبط بزيادة الإشعاع في الفضاء. قد يكون للكتلة الحيوية الفطرية الميلانينية خصائص الوقاية الإشعاعية، ويمكن حتى استخدامها كجهاز لتخزين الطاقة في المركبات الفضائية.
يقول أفريش: “إن حلول مشكلة التعرض للإشعاع أثناء السفر بين الكواكب مقيدة بكتلة الحمولة أكثر من أي عامل آخر في مجال السفر عبر الفضاء، فكونها كائنات حية، يمكن للفطريات الدقيقة أن تتكاثر ذاتيًا من كميات مجهرية، والتي يمكن أن تسمح بتوفير كبير في الوزن. وبالتالي، ستثبت التكنولوجيا الحيوية بأنها ثروة لا تُقدر بثمن لدعم الحياة وإدارة الموارد للمستكشفين في المهمات المستقبلية إلى القمر والمريخ وما هو أبعد من ذلك.”