الصورة: عينات من حبوب القهوة المحمصة المصدر: كاريل مولاوا ريتشاردز_ جامعة معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا

يستهلك الأفراد في جميع أنحاء العالم 2.25 مليار كوب من القهوة يوميًا. لذلك، اتجهت أنظار الشركات والمقاهي والمستهلكين إلى استخدام أكواب وأغطية قابلة للتدوير ولإعادة الاستخدام للتقليل من حجم النفايات، لكن بقيت هناك مشكلة مخلفات القهوة التي تؤثر على البيئة أيضًا. وفي هذا الإطار، يسعى الباحثون إلى الابتكار ودراسة آلية إعادة تدوير تلك المخلفات.

تعتبر مخلفات القهوة قابلة للتحلل الحيوي بشكل كامل، حيث يتم تحويل 75% منها إلى مكبات النفايات لتبدأ بالتحلل بعد مدة زمنية تصل إلى ثلاثة أشهر. وعلى الرغم من أن القهوة قابلة للتحلل إلا أن عملية التحلل نفسها تطلق غاز الميثان الذي يؤثر في الاحتباس الحراري بمقدار 28 ضعف الأثر الذي يتسبب به غاز ثاني أكسيد الكربون.

ولكن، ماذا لو ساهمت مخلفات قهوتك في تأمين أساسات المبنى الذي تحتسي قهوتك فيه؟ قد يكون ذلك ممكنًا بفضل فريق الباحثين من معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا في أستراليا، الذين تمكنوا من إيجاد طريقة للاستفادة من مخلفات القهوة المعالجة في خرسانات البناء ولاحظوا بأنها تساهم في تعزيز متانتها بنسبة تصل إلى 30%.

الحل: تحويلها إلى فحم حيوي.


يعد الفحم الحيوي شبيهًا للفحم التقليدي من ناحية أن كليهما ناتج عن مصادر طبيعية كالنباتات والأشجار، إلا أن الفحم الحيوي يتكون عند حرق الكتلة الحيوية بغياب الأكسجين في درجات حرارة مرتفعة تتراوح ما بين 500 إلى 800 درجة سلسيوسية، وتُعرف هذه العملية باسم الانحلال الحراري.

العنوان: عينات من حبوب القهوة غير المحمصة والقهوة المحمصة والقهوة التي تم استهلاكها وعينة من الفحم الحيوي الناتج عن القهوة والذي طوره الفريق الصورة:كاريل مولاوا ريتشاردز_ جامعة معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا

وتتطلب العملية التي استعان بها الباحثون درجات حرارة أقل من المعتاد ليتم الاحتراق بطريقة معتدلة في استهلاك الطاقة عند درجة حرارة 350 سلسيوسية.

استخدمنا في هذه الدراسة معدات صغيرة الحجم وعملية الانحلال الحراري التي استمرت لساعتين، وقد تختلف مدتها وفقًا لحجم وحدتها”.

– الدكتور شانون كيلمارتن لينش، مشرف مشارك على هذه الدراسة

تحول عملية تحويل المادة النباتية إلى فحم حيوي دون إطلاق ثاني أكسيد الكربون وتحوله إلى مادة مسامية مستقرة وغنية بالكربون يُستفاد منها في الزراعة لزيادة نمو المحاصيل.

الجدير بالذكر أن المحاولات السابقة بإضافة الفحم الحيوي لتعزيز متانة الخرسانة لم تكن ناجحة، فقد تم إضافة 3% فقط من الفحم الحيوي إلى الخرسانة ونتج عن ذلك الحصول على خرسانة ضعيفة. وعلى صعيد آخر، أثبتت طريقة فريق معهد ملبورن الملكي القائمة على مخلفات القهوة أثرها الفعال على الصناعات الإنشائية.


وقال الدكتور شانون لمجلة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: “يوجد هناك العديد من المواد المتوفرة في الأسواق يمكن أن تساهم في تحسين فعالية الخرسانة، ولكن تكمن الفكرة الرئيسة في هذا البحث في تحويل مخلفات مادة، كان يتم إلقاؤها في مكبات النفايات مسببة انبعاثات مرتفعة لغازات الاحتباس الحراري، إلى منتج عالي القيمة يعزز فعالية الخرسانة”.

وساهم البحث من خلال ذلك بتقليل النفايات ودرجات الحرارة اللازمة للاحتراق، وقد تكون هذه العملية أقل تكلفة مقارنة بالخرسانة التقليدية.

وأضاف شانون: “لا نرى كفريق بحثي أي آثار تعيق الاستفادة من هذه الطريقة في التطبيقات العملية والتجارية، حيث تغني نسبة الزيادة في متانة الخرسانة التي تقارب 30% عن استخدام الإسمنت الذي يتم إنتاجه عند درجة حرارة 1,450 سلسيوس”.

CAPTION: أعضاء فريق معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا، من اليسار إلى اليمين: الأستاذ الدكتور كيفين زانغ والأستاذ الدكتور جي لي والدكتور راجيف رويتشاند والدكتور شانون كلمارتن لنتش والدكتور محمد صابريان، مجتمعين في غرفة الفحص المجهري والتحليل المجهري بعد أن قاموا بتحليل تركيب خرسانة القهوة التي طوروها. الصورة ويل رايت من جامعة معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا.

ويمضي الدكتور شانون وقتًا كبيرًا في إيجاد الحلول من الفضلات والنفايات والاستفادة منها كمواد للخرسانة بدلًا من إلقائها في مكبات النفايات، حيث تمكن حتى اليوم من اختبار الكمامات والمعاطف الطبية والقفازات وإطارات السيارات ومخلفات الطعام. وساهم النجاح في هذه الدراسة في تشجيع الفريق البحثي للبحث عن المزيد من النفايات والاستفادة منها في تصنيع مادة الخرسانة لتحقيق الاقتصاد الدائري في قطاع صناعة الخرسانة”.

يذكر أن الفريق البحثي يرى نجاح هذا المشروع من ناحيتين، تحقيق حل فعال لمشكلة النفايات الناتجة عن القهوة وعدم اللجوء لمكبات النفايات والحصول على مصدر مستدام في مجال صناعة الإنشاءات.

لنناقش ذلك أثناء شرب القهوة دون شعور بالذنب.

انضم لقائمتنا البريدية

احصل على آخر المقالات والأخبار والتحديثات الأخرى من مجلة
مراجعة جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا